Abu Taqi
22-02-2017, 04:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
مؤامرة المناطق الآمنة في سوريا
منطقة أو مناطق آمنة؟
حدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بتاريخ 25/1/2017 م، مدة تسعين يوم لكلٍ من وزارتي الخارجية والدفاع أن يضعا خطة لإنشاء "مناطق آمنة" للمدنيين في بعض دول المنطقة.
وقد جاءت هذه المبادرة لتطرح من جديد قضية المناطق الآمنة في سوريا، وبخاصة من حيث مساحتها وكيفية تنفيذها.
كما نثرت هذه المبادرة مخاوف من أن طرح إدارة ترمب لهذه الخطة، بعد أن سبق ورفضتها إدارة أوباما، ما هو إلا مقدمة لتقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة، وبخاصة بعد أن ظهرت بوادر صمود اتفاق وقف إطلاق النار.
والسؤال المهم هو هل خطة المناطق الآمنة هي استمرار للاتفاق الأميركي الروسي حول الملف السوري أم هي أولى ثمرات التعاون الروسي مع إدارة ترمب؟
ثم ما هو رد الفعل التركي على هذه الخطة الأميركية التي تبدو في ظاهرها استجابة لمطلب تركيا بإقامة منطقة آمنة منذ سنوات؟ ثم هل سوف تقبل تركيا بأن تكون المناطق الكردية في سوريا، والتي يديرها فعلًا حزب العمال الكردستاني جزءًا من هذه المناطق الآمنة، وبخاصة و أن عملية درع الفرات ما وجدت إلا من أجل إنشاء منطقة عازلة بين شرق الفرات ومنطقة عفرين لمنع قيام كيان كردي في الشمال السوري؟؟
ثم حتى وبعد أن يتم السير في تطبيق مشروع المناطق الآمنة تبقى هناك أسئلة عالقة تخص ساكني تلك المناطق، فهل سوف يسمح للنازحين والمهجرين بالعودة إلى مناطقهم الأصلية التي كانوا فيها قبل التهجير؟ وهنا يتم التعويل فقط على القوة العسكرية الحاكمة في تلك المنطقة، أم أن ذلك سوف لن يتم لأنه يتناقض مع خطة النقاء العرقي والتوطين الطائفي التي طالما سارت فيها أميركا بتنفيذ من المليشيات الشيعية والكردية؟!
وفي انتظار أن تصدر هذه الخطة ويتم الكشف عن بعض تفاصيلها الإجرائية قام ترمب بجملة من المحادثات مع بعض حكام المنطقة حول موضوع المناطق الآمنة.
فقد ذكر بيان للبيت الأبيض أن الرئيس ترمب خلال اتصال هاتفي مع الملك سلمان بن عبد العزيز مساء الأحد 30/1/2017 "طلب دعم المناطق الآمنة في سورية واليمن، بالإضافة إلى دعم أفكار أخرى تتعلق بمساعدة اللاجئين"، وأضاف أن "العاهل السعودي وافق على ذلك". ما أجرى ترمب اتصالًا في نفس الموضوع مع ولي العهد الإماراتي وناقش أيضًا إمكانية إقامة مناطق آمنة في سورية مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
لقد كانت تركيا هي أول من نادى بالمناطق الآمنة منذ العام 2013م ودعمتها فرنسا في هذا المطلب رغم اختلاف الهدف من وراء انشائها بين كل من الدولتين. فتركيا وقتها كانت تريد من هذه المناطق على الحدود الشمالية في سوريا أن تكون قاعدة خلفية للمعارضة من أجل إسقاط نظام بشار وفي نفس الوقت الحيلولة دون توسع الوجود الكردي في الشمال على حساب العرب والتركمان.
أما فرنسا فقد رأت في هذه المناطق أسلوبًا ناجعًا لوقف تدفق اللاجئين نحو القارة العجوز التي تعاني من صعود اليمين المتطرف ونبرة العداء للمهاجرين.
ولكن إدارة أوباما كانت ترفض إقامة تلك المناطق الآمنة بحجة أن إقامة تلك المناطق تستلزم تهيئة تجهيزات عسكرية وإقامة حظر جوي وتدخل بري على الأرض، زيادة على أن من أهداف تلك الإدارة هو إغراق أوروبا في أزمة المهاجرين للضغط عليها في ملف المفاوضات التجارية بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية.
توزيع المناطق الآمنة..
ظاهر الهدف المعلن من خطة الرئيس دونالد ترمب من إقامة مناطق آمنة هو إبقاء السكان المدنيين داخل أراضيهم أو نقلهم إلى سوريا داخل المناطق الحدودية مع دول الجوار، وفي هذا قطع للطريق على عمليات اللجوء والهجرة غير الشرعية نحو الغرب. ولكن لا يعرف إلى حد الآن عدد هذه المناطق ولا تعريف معناها أو مساحاتها.
فهل سوف توجد هذه المناطق بمقتضى قرار من مجلس الأمن يتم فيها حظر الطيران العسكري؟
أم أنها سوف توجد فقط بناءً على توافق بين القوى الدولية روسيا وأميركا وبتفاهم مع دول الإقليم وبخاصة تركيا وإيران والأردن؟ ثم ما هي طبيعة هذه المناطق؟ هل سوف تكون مناطق آمنة بحظر الطيران والقصف الناري؟
أم أنها سوف تكون مناطق عازلة بين أطراف الصراع ومن ثم تكون استمرار لوقف إطلاق النار الذي ضمنته روسيا وتركيا؟.
وإذا كان يصعب الإجابة بشكل حاسم على هذه الأسئلة حاليًّا لكن من الواضح أن دول الخليج وبخاصة السعودية والإمارات سوف يكون لها دور كبير في تمويل إقامة هذه المناطق بينما يكون للأردن دور في تأمين المنطقة الجنوبية ودور لتركيا في تأمين مناطق شمال سوريا في غرب الفرات.
إن النظر في خارطة الصراع وموازين القوى الحالية في سوريا وإذا ما تم ربطها باتفاقية وقف إطلاق النار يساعدنا على القول أن ما تخطط له إدارة ترمب وبالتنسيق مع روسيا أنه يجري العمل على إيجاد أربعة "مناطق آمنة" يتم خلالها رسم توزيع النفوذ للقوى المحلية كل واحدة منها مدعومة بقوة إقليمية أو دولية. ويتوقع أن يكون توزيع المناطق كما يلي:
أولًا: منطقة في شمال غرب سوريا المسماة بمنطقة "درع الفرات"، وهي المنطقة التي تمتد من غرب نهر الفرات إلى مدينة إعزاز وعمقًا باتجاه الجنوب حتى الحدود الإدارية لمدينة حلب. وهذه المنطقة هي منطقة نفوذ تركية مع الفصائل العسكرية التابعة للجيش السوري الحر والتي تحظى بحماية تركية على جميع المستويات. وتسعى تركيا أن تكون هذه المنطقة بعرض 95 كلم، تمتد من جرابلس شرقًا وحتى إعزاز غربًا، وبعمق يصل إلى 40 كلم، من الباب شرقًا إلى منبج غربًا.
وتستفيد تركيا من وجود هذه المنطقة في أنها توفر لها ضمانًا في منع تمدد الكيان الكردي من شرق الفرات وربطه بمنطقة عفرين غربي النهر. ويبقى الإشكال الوحيد في هذه المنطقة هو تواجد قوات الحماية الكردية في منطقة منبج التي تصر تركيا على استرجاعها من القوات الكردية المتواجدة فيها.
ثانيًّا: منطقة في شرق الفرات المسماة "روج آفا"، وهي تمتد من الحدود الشرقية لسوريا مع العراق إلى حدود نهر الفرات غربًا. وسيتم فيها الاعتماد على قوات سورية الديمقراطية التي تشكل فيها قوات الحماية الكردية 90% منها، ولكن يبقى حزب العمال الكردستاني هو العمود الفقري والعقل الموجه لهذه القوات. وبالإضافة إلى الدعم الأميركي، تحظى هذه المنطقة أيضًا بدعم عملياتي واستخباري ولوجسيتي من القوات الألمانية.
ويبقى الإشكال في هذه المنطقة هو إمكانية الإحتكاك بين هذه المنطقة الكردية ومنطقة درع الفرات التركية وبخاصة لو أصرت أميركا على بقاء الكرد في منبج أو سمحت لهم بضم مناطق من الرقة تحت مسمى عملية "غضب الفرات".
ثالثًا: منطقة في جنوب سوريا مع الحدود الأردنية ممثلة بخاصة في درعا والسويداء، حيث سيتم ترتيب هذه المنطقة من خلال التحضير لإدارة ذاتية تسير شؤونها يكون للأردن فيها دور كبير. وهنا يجري العمل للضغط على الفصائل العسكرية المتنوعة لاندماج عسكري منظم يتم تطويره ليكون قوة عسكرية ضابطة لشؤون الأمن في تلك المنطقة.
وسوف تكون هذه القوة تحت إشراف غير مباشر من قبل أميركا وإشراف مباشر من الأردن الذي سيخف عليه الضغط بعد عودة اللاجئين إلى هذه المنطقة، وبخاصة من أبناء الجنوب السوري. وما يؤكد أن للأردن دورًا كبيرًا في إدارة هذه المنطقة هو مشاركته لأول مرة في محادثات أستانة (كازخستان) يوم 6/2/2017 وكذلك اجتماع يوم 15/2/2017 ضمن لجنة متابعة آليات تثبيت وقف إطلاق النار مع الخبراء من روسيا وإيران وتركيا والأمم المتحدة.
وكان الناطق باسم الحكومة الأردنية، وزير الدولة لشؤون الإعلام، محمد المومني، قد أكد في تموز/يوليو 2015 على "ضرورة أن يكون هناك غطاءٌ أممي لإنشاء منطقة آمنة جنوب سوريا"، وبذريعة محاربة "الإرهاب" تحدث عن خيار تدريب أبناء العشائر السورية ومدهم بالأسلحة بناءً على طلبهم باعتبار الأردن جزءًا من التحالف الدولي لمحاربة "الإرهاب".
رابعًا: منطقة الساحل أو ما يسمى بـ"سوريا المفيدة" التي يسيطر عليها النظام بدعم مباشر من القوات الإيرانية والمليشيات الشيعية التابعة لها، وهي منطقة سوف تكون تحت حماية القوات الروسية بشكل مباشر. وما يهم أميركا وروسيا في هذه المنطقة هو بقاء النظام بيد الطائفة العلوية، أما مستقبل بشار الأسد أو عائلته فهو خاضع للمتغيرات السياسية. وما يجب أن يعلم أن منطقة النظام وإن توسعت بعد سقوط حلب ولكنه لن يسمح لها بالتمدد أكثر مما يحق لها بموجب الاتفاق الروسي الأميركي؛ أي الساحل والوسط والعاصمة.
وهناك ايضًا مناطق أخرى في سوريا لا تزال محل صراع، فهناك المنطقة الشرقية المحاذية للعراق مثل دير الزور حتى الرقة فهذه لا تزال محل صراع مع تنظيم الدولة ولم يتضح بعد من سوف يحكم السيطرة عليها بعد طرد التنظيم منها. ولكن الأكيد أن تركيا وفصائل المعارضة لا يريدون أن تسيطر عليها التنظيمات الكردية، ولذلك تريد تركيا أن تسيطر على الرقة مثلًا من دون مشاركة الأكراد في قتال التنظيم حتى تستطيع ضمها إلى المنطقة الآمنة التابعة لها في مجال "درع الفرات"، وإن كان يبدو أن أميركا تدفع بالأكراد للسيطرة على الرقة ومنع القوات التركية من أخذها وبخاصة بعد إمداد قوات سوريا الديموقراطية بالمدرعات مما يعزز موقفها القتالي.
أما منطقة إدلب فيراد لها أن تكون منطقة حشر واستقطاب لكل الفصائل الرافضة للسير في اتفاق وقف إطلاق النار أو السير في المفاوضات أو القبول بمشروع المناطق الآمنة. وسيجري العمل على محاصرة هذه المنطقة وخلق حالة توتر مستمر ومن ذلك دفع الفصائل فيها إلى الاقتتال البيني الى أن يتم الانتهاء من فرض مشاريع الفدرالية والتقسيم في بقية المناطق الأخرى.
متابعة سياسية
مؤامرة المناطق الآمنة في سوريا
منطقة أو مناطق آمنة؟
حدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بتاريخ 25/1/2017 م، مدة تسعين يوم لكلٍ من وزارتي الخارجية والدفاع أن يضعا خطة لإنشاء "مناطق آمنة" للمدنيين في بعض دول المنطقة.
وقد جاءت هذه المبادرة لتطرح من جديد قضية المناطق الآمنة في سوريا، وبخاصة من حيث مساحتها وكيفية تنفيذها.
كما نثرت هذه المبادرة مخاوف من أن طرح إدارة ترمب لهذه الخطة، بعد أن سبق ورفضتها إدارة أوباما، ما هو إلا مقدمة لتقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة، وبخاصة بعد أن ظهرت بوادر صمود اتفاق وقف إطلاق النار.
والسؤال المهم هو هل خطة المناطق الآمنة هي استمرار للاتفاق الأميركي الروسي حول الملف السوري أم هي أولى ثمرات التعاون الروسي مع إدارة ترمب؟
ثم ما هو رد الفعل التركي على هذه الخطة الأميركية التي تبدو في ظاهرها استجابة لمطلب تركيا بإقامة منطقة آمنة منذ سنوات؟ ثم هل سوف تقبل تركيا بأن تكون المناطق الكردية في سوريا، والتي يديرها فعلًا حزب العمال الكردستاني جزءًا من هذه المناطق الآمنة، وبخاصة و أن عملية درع الفرات ما وجدت إلا من أجل إنشاء منطقة عازلة بين شرق الفرات ومنطقة عفرين لمنع قيام كيان كردي في الشمال السوري؟؟
ثم حتى وبعد أن يتم السير في تطبيق مشروع المناطق الآمنة تبقى هناك أسئلة عالقة تخص ساكني تلك المناطق، فهل سوف يسمح للنازحين والمهجرين بالعودة إلى مناطقهم الأصلية التي كانوا فيها قبل التهجير؟ وهنا يتم التعويل فقط على القوة العسكرية الحاكمة في تلك المنطقة، أم أن ذلك سوف لن يتم لأنه يتناقض مع خطة النقاء العرقي والتوطين الطائفي التي طالما سارت فيها أميركا بتنفيذ من المليشيات الشيعية والكردية؟!
وفي انتظار أن تصدر هذه الخطة ويتم الكشف عن بعض تفاصيلها الإجرائية قام ترمب بجملة من المحادثات مع بعض حكام المنطقة حول موضوع المناطق الآمنة.
فقد ذكر بيان للبيت الأبيض أن الرئيس ترمب خلال اتصال هاتفي مع الملك سلمان بن عبد العزيز مساء الأحد 30/1/2017 "طلب دعم المناطق الآمنة في سورية واليمن، بالإضافة إلى دعم أفكار أخرى تتعلق بمساعدة اللاجئين"، وأضاف أن "العاهل السعودي وافق على ذلك". ما أجرى ترمب اتصالًا في نفس الموضوع مع ولي العهد الإماراتي وناقش أيضًا إمكانية إقامة مناطق آمنة في سورية مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
لقد كانت تركيا هي أول من نادى بالمناطق الآمنة منذ العام 2013م ودعمتها فرنسا في هذا المطلب رغم اختلاف الهدف من وراء انشائها بين كل من الدولتين. فتركيا وقتها كانت تريد من هذه المناطق على الحدود الشمالية في سوريا أن تكون قاعدة خلفية للمعارضة من أجل إسقاط نظام بشار وفي نفس الوقت الحيلولة دون توسع الوجود الكردي في الشمال على حساب العرب والتركمان.
أما فرنسا فقد رأت في هذه المناطق أسلوبًا ناجعًا لوقف تدفق اللاجئين نحو القارة العجوز التي تعاني من صعود اليمين المتطرف ونبرة العداء للمهاجرين.
ولكن إدارة أوباما كانت ترفض إقامة تلك المناطق الآمنة بحجة أن إقامة تلك المناطق تستلزم تهيئة تجهيزات عسكرية وإقامة حظر جوي وتدخل بري على الأرض، زيادة على أن من أهداف تلك الإدارة هو إغراق أوروبا في أزمة المهاجرين للضغط عليها في ملف المفاوضات التجارية بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية.
توزيع المناطق الآمنة..
ظاهر الهدف المعلن من خطة الرئيس دونالد ترمب من إقامة مناطق آمنة هو إبقاء السكان المدنيين داخل أراضيهم أو نقلهم إلى سوريا داخل المناطق الحدودية مع دول الجوار، وفي هذا قطع للطريق على عمليات اللجوء والهجرة غير الشرعية نحو الغرب. ولكن لا يعرف إلى حد الآن عدد هذه المناطق ولا تعريف معناها أو مساحاتها.
فهل سوف توجد هذه المناطق بمقتضى قرار من مجلس الأمن يتم فيها حظر الطيران العسكري؟
أم أنها سوف توجد فقط بناءً على توافق بين القوى الدولية روسيا وأميركا وبتفاهم مع دول الإقليم وبخاصة تركيا وإيران والأردن؟ ثم ما هي طبيعة هذه المناطق؟ هل سوف تكون مناطق آمنة بحظر الطيران والقصف الناري؟
أم أنها سوف تكون مناطق عازلة بين أطراف الصراع ومن ثم تكون استمرار لوقف إطلاق النار الذي ضمنته روسيا وتركيا؟.
وإذا كان يصعب الإجابة بشكل حاسم على هذه الأسئلة حاليًّا لكن من الواضح أن دول الخليج وبخاصة السعودية والإمارات سوف يكون لها دور كبير في تمويل إقامة هذه المناطق بينما يكون للأردن دور في تأمين المنطقة الجنوبية ودور لتركيا في تأمين مناطق شمال سوريا في غرب الفرات.
إن النظر في خارطة الصراع وموازين القوى الحالية في سوريا وإذا ما تم ربطها باتفاقية وقف إطلاق النار يساعدنا على القول أن ما تخطط له إدارة ترمب وبالتنسيق مع روسيا أنه يجري العمل على إيجاد أربعة "مناطق آمنة" يتم خلالها رسم توزيع النفوذ للقوى المحلية كل واحدة منها مدعومة بقوة إقليمية أو دولية. ويتوقع أن يكون توزيع المناطق كما يلي:
أولًا: منطقة في شمال غرب سوريا المسماة بمنطقة "درع الفرات"، وهي المنطقة التي تمتد من غرب نهر الفرات إلى مدينة إعزاز وعمقًا باتجاه الجنوب حتى الحدود الإدارية لمدينة حلب. وهذه المنطقة هي منطقة نفوذ تركية مع الفصائل العسكرية التابعة للجيش السوري الحر والتي تحظى بحماية تركية على جميع المستويات. وتسعى تركيا أن تكون هذه المنطقة بعرض 95 كلم، تمتد من جرابلس شرقًا وحتى إعزاز غربًا، وبعمق يصل إلى 40 كلم، من الباب شرقًا إلى منبج غربًا.
وتستفيد تركيا من وجود هذه المنطقة في أنها توفر لها ضمانًا في منع تمدد الكيان الكردي من شرق الفرات وربطه بمنطقة عفرين غربي النهر. ويبقى الإشكال الوحيد في هذه المنطقة هو تواجد قوات الحماية الكردية في منطقة منبج التي تصر تركيا على استرجاعها من القوات الكردية المتواجدة فيها.
ثانيًّا: منطقة في شرق الفرات المسماة "روج آفا"، وهي تمتد من الحدود الشرقية لسوريا مع العراق إلى حدود نهر الفرات غربًا. وسيتم فيها الاعتماد على قوات سورية الديمقراطية التي تشكل فيها قوات الحماية الكردية 90% منها، ولكن يبقى حزب العمال الكردستاني هو العمود الفقري والعقل الموجه لهذه القوات. وبالإضافة إلى الدعم الأميركي، تحظى هذه المنطقة أيضًا بدعم عملياتي واستخباري ولوجسيتي من القوات الألمانية.
ويبقى الإشكال في هذه المنطقة هو إمكانية الإحتكاك بين هذه المنطقة الكردية ومنطقة درع الفرات التركية وبخاصة لو أصرت أميركا على بقاء الكرد في منبج أو سمحت لهم بضم مناطق من الرقة تحت مسمى عملية "غضب الفرات".
ثالثًا: منطقة في جنوب سوريا مع الحدود الأردنية ممثلة بخاصة في درعا والسويداء، حيث سيتم ترتيب هذه المنطقة من خلال التحضير لإدارة ذاتية تسير شؤونها يكون للأردن فيها دور كبير. وهنا يجري العمل للضغط على الفصائل العسكرية المتنوعة لاندماج عسكري منظم يتم تطويره ليكون قوة عسكرية ضابطة لشؤون الأمن في تلك المنطقة.
وسوف تكون هذه القوة تحت إشراف غير مباشر من قبل أميركا وإشراف مباشر من الأردن الذي سيخف عليه الضغط بعد عودة اللاجئين إلى هذه المنطقة، وبخاصة من أبناء الجنوب السوري. وما يؤكد أن للأردن دورًا كبيرًا في إدارة هذه المنطقة هو مشاركته لأول مرة في محادثات أستانة (كازخستان) يوم 6/2/2017 وكذلك اجتماع يوم 15/2/2017 ضمن لجنة متابعة آليات تثبيت وقف إطلاق النار مع الخبراء من روسيا وإيران وتركيا والأمم المتحدة.
وكان الناطق باسم الحكومة الأردنية، وزير الدولة لشؤون الإعلام، محمد المومني، قد أكد في تموز/يوليو 2015 على "ضرورة أن يكون هناك غطاءٌ أممي لإنشاء منطقة آمنة جنوب سوريا"، وبذريعة محاربة "الإرهاب" تحدث عن خيار تدريب أبناء العشائر السورية ومدهم بالأسلحة بناءً على طلبهم باعتبار الأردن جزءًا من التحالف الدولي لمحاربة "الإرهاب".
رابعًا: منطقة الساحل أو ما يسمى بـ"سوريا المفيدة" التي يسيطر عليها النظام بدعم مباشر من القوات الإيرانية والمليشيات الشيعية التابعة لها، وهي منطقة سوف تكون تحت حماية القوات الروسية بشكل مباشر. وما يهم أميركا وروسيا في هذه المنطقة هو بقاء النظام بيد الطائفة العلوية، أما مستقبل بشار الأسد أو عائلته فهو خاضع للمتغيرات السياسية. وما يجب أن يعلم أن منطقة النظام وإن توسعت بعد سقوط حلب ولكنه لن يسمح لها بالتمدد أكثر مما يحق لها بموجب الاتفاق الروسي الأميركي؛ أي الساحل والوسط والعاصمة.
وهناك ايضًا مناطق أخرى في سوريا لا تزال محل صراع، فهناك المنطقة الشرقية المحاذية للعراق مثل دير الزور حتى الرقة فهذه لا تزال محل صراع مع تنظيم الدولة ولم يتضح بعد من سوف يحكم السيطرة عليها بعد طرد التنظيم منها. ولكن الأكيد أن تركيا وفصائل المعارضة لا يريدون أن تسيطر عليها التنظيمات الكردية، ولذلك تريد تركيا أن تسيطر على الرقة مثلًا من دون مشاركة الأكراد في قتال التنظيم حتى تستطيع ضمها إلى المنطقة الآمنة التابعة لها في مجال "درع الفرات"، وإن كان يبدو أن أميركا تدفع بالأكراد للسيطرة على الرقة ومنع القوات التركية من أخذها وبخاصة بعد إمداد قوات سوريا الديموقراطية بالمدرعات مما يعزز موقفها القتالي.
أما منطقة إدلب فيراد لها أن تكون منطقة حشر واستقطاب لكل الفصائل الرافضة للسير في اتفاق وقف إطلاق النار أو السير في المفاوضات أو القبول بمشروع المناطق الآمنة. وسيجري العمل على محاصرة هذه المنطقة وخلق حالة توتر مستمر ومن ذلك دفع الفصائل فيها إلى الاقتتال البيني الى أن يتم الانتهاء من فرض مشاريع الفدرالية والتقسيم في بقية المناطق الأخرى.