Abu Taqi
03-01-2017, 10:15 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
ارفعوا أيديكم عن مساجد الله
لقد بات واضحًا لكل ذي بصر أن وزارة الأوقاف تختطف المساجد وتُوظفها في تثبيت أركان النظام والفصل بين الدين والحياة على حساب دين وهيبة العلماء والأئمة ومنهم خطباء المساجد.
ففضلًا عن القوانين التي أصدرتها الحكومات المتعاقبة في البلاد، والتي تتعلق بدور المسجد والتعليمات التي أصدرتها وتصدرها وزارة الأوقاف في تلك الحكومات، والتي هي بمجملها _القوانين والتعليمات_ تحاصر دور المسجد والذي هو في حقيقته بيت الله وليس بيت الحكومة {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا}، وذلك بتقييد الإمام فيما يلقيه من خطب ودروس، وحظر إلقاء الدروس والكلمات إلا بإذن من الأوقاف، ثم وصل الحال إلى توجيه تعليمات وأفكار وخطب ملزمة في بعض الأحداث الداخلية حتى غدا معظم الخطباء يرددون كالببغاوات خطبة الأوقاف المكتوبة بنفس مخابراتي علماني مما يثير سخرية كثيرين، وبخاصة من الذين باتوا يتجرأون على وصف الخطباء والوعاظ بألفاظ تنم عن مسخ لصورتهم في عيون الناس.
والحقيقة أن من يتصدر للخطابة والوعظ هو في العادة شخص متدين اختار دراسة الشريعة ليخدم دين الله الذي ارتضى لعباده، وقد نهل من الثقافة الشرعية بما استبشر أنه يمكنه من أن يؤديَ ما استؤمن عليه من علم "العلماء ورثة الانبياء"، ولا أظن أكثرهم كان يدور بخلده أنه سيضيق عليه في أداء رسالة ربه في تعليم وتثقيف وتوجيه الناس، ثم يجد نفسه في ابتلاء بين لقمة عيشه وعيش عياله أو الرضوخ لما يُكرهه عليه السلطان مما ينال به غضب ربه.
لقد نال خطباءنا وعلماءنا وأئمتنا ما نالهم من الابتلاء في دينهم حتى غدت هيبة كثيرين منهم في مهب الريح، وذلك بلجوئهم إلى أن يخطبوا في مواضيع مفصولة عن الواقع الذي يعيشه المسلمون تحاشيًا لأذى السلطات الظالمة، أو بتأويلهم للنصوص الشرعية لتتوافق مع ما تريده الحكومة، أو بترديد بعضهم كالببغاوات توجيهات وزارة الأوقاف التي غدت وكأنها أحد فروع المخابرات العامة، حتى غدا بعض الأئمة نتيجة خوفهم من أذى الدولة في أنفسهم؛ _ لتكرار استدعائهم لمراجعة المراكز الأمنية_ وخوفهم على رزق عيالهم، أدوات طيعة، بل ووصل الحال ببعضهم إلى أن يعمل مخبرًا رخيصًا يتجسس على الناس، عوض أن يكون قدوة لهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والوقوف وقفة العلماء الصادقين في قيادتهم أبناء أمتهم للتخلص من الظلم.
وكمثال على ما نال خطباء مساجدنا من الأذى في دينهم وهيبتهم بين الناس في الأشهر القليلة الماضية، وصول تعليمات بالخطابة حول مواضيع تطلبها الدولة وتحاول من خلال تلك المواضيع تضليل الرأي العام وتسميمه بتصورات ومفاهيم بعيدة عن ما يطلبه الشرع من مثل:
- دفع الخطباء للحديث المتكرر عن الأمن والأمان في البلاد، ورغم أن الأمن والأمان هو مطلب كل عاقل، ولكن معظم الخطباء يدركون أن الله تعالى قد ربط الأمن والأمان بالإيمان والالتزام بشرع الله وليس بالبعد عن تطبيق الإسلام كما هو حاصل في البلاد {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن}، بل ويدرك الخطباء أن مدحهم لأمن البلد يسوغ للناس الرضا، بل والحرص على النظام القائم الذي لا يطبق شرع الله، وهم يعلمون أن البلاد التي تكفر بأنعم الله سيذيقها الله الجوع والخوف؛ أي عدم الأمان، وهل من نعمة أعظم من الإسلام؟! وهل من نقمة نستحقها من الله أكبر من نبذ شرعه وفصل دينه عن حياتنا؟! قال تعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}.
- دفع الخطباء للدعوة للرابطة الوطنية رغم أن الإسلام يدعو إلى الأخوة على أساس الدين وليس الوطن أو القوم، والرابطة الوطنية هي غير الحنين إلى الوطن؛ أي إلى المكان الذي وُلد ونشأ وتربى به الإنسان أو آباؤه وأجداده، فالحنين إلى الوطن هو أمر غريزي وهو جائز شرعًا، ولكن لا يصح أن تكون صلة الناس ببعضهم بتعيين عدوهم من صديقهم وتحديد ما يصلح لهم وما يفسد علاقاتهم قائمة على أساس الرابطة الوطنية، فالمسلم أخو المسلم وليس أخًا للكافر ولو كان من نفس الوطن، والحلال والحرام وليس مدى الوطنية هما مقياس المسلم في الحياة.
- دفع الخطباء لمدح "الدولة المدنية" وتزيين صورتها لدى الناس، رغم أن "الدولة المدنية" هي الدولة العلمانية التي يجري فيها فصل الدين عن الحياة. وهي ليست نقيضًا للدولة البوليسية، ولا يتعلق اسمها بالمدينة أو القرية، ولكنها الدولة التي لا يتحكم فيها الدين في حياة الناس، وهي الدولة التي وجدت في أوروبا بعد التخلص من تحكم رجال الدين المسيحي في سلطات الأمراء والملوك في أوروبا، ولا يصح أن يطلق هذا الاصطلاح على الدولة الإسلامية لأنها الدولة التي تتحكم أوامر الشرع الإسلامي في علاقات الناس بها ولا يمكن أن يتم فيها فصل الدين عن الحياة.
- دفع الخطباء إلى دعوة الناس لطاعة النظام القائم بحجة طاعة ولي الأمر رغم إدرك كل ذي عينين أن ذلك يتناقض مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي من أعظم أعمال المسلم في الحياة، بل إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هما سر خيرية الأمة الأسلامية، قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر...}، فضلًا عن أن الآية التي يستشهدون بها لفرض طاعة الحاكم حتى لو كان يحكم بغير ما أنزل الله تشير صراحة أن الطاعة هي للحاكم الذي هو من المؤمنين المكلفين على سبيل الإلزام بطاعة الله ورسوله، فالآية تخاطب المؤمنين بأن يطيعوا أولي الأمر منهم؛ أي من المؤمنين {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.
- التلبيس على الناس في قضية أبنائهم الذين التحقوا بتنظيم الدولة (داعش)، ورغم انحراف منهجهم، وبشاعة أعمالهم، إلا أن الخطباء يدفعون إلى مهاجمتهم والدعوة إلى قتلهم ووصفهم بالخوارج مع السكوت عمن تسبب في دفعهم للالتحاق بالتنظيم المنحرف نتيجة ترك تلك الدول القائمة في بلاد المسلمين تطبيق الإسلام الذي يتوق أولئك الشباب لرؤيته متحكمًا في علاقات الناس ببعضهم وبدولتهم. على أن العلاج لا يكون بفتح أبواب البلاد لخروجهم ثم منع عودتهم، بل بنقاشهم بما يحملون من أفكار منحرفة، ونقاشهم بعد عودتهم لا سجنهم أو قتلهم وهم أبناء الأمة الذين باتوا محلًا وهدفًا لتدريب طياري أميركا والغرب والشرق الكافرين، واختبار أسلحتهم.
- وإذا كان الخوارج قد خرجوا على إمام المسلمين فكيف بمن حارب أن يكون للمسلمين إمامًا بل وخرج عن أوامر دين الله ونبذ شرعه الذي أمر المسلمين أن يحكموه كاملًا دون ترك أي جزء منه؟! قال تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ غ– فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ غ— وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُون}.
خطباؤنا وأئمتنا الكرام..
إن من دهاء هذه الدولة البوليسية أنها وضعت مكافأة للخطبة المميزة (50) دينارًا، ولكن تلك الخطبة حتى يحكم بتميزها ينبغي أن تكون مسجلة حتى تعرض على اللجان التي ستحكم على تميزها وذلك مما يزيد في تخويف كثير من الأئمة بتسجيل خطبهم بعلمهم أو من دون علمهم، ويلجؤونهم للتحفظ على كل كلمة يمكن أن تفسر أنها ستكون سببًا لاستدعائهم إلى دوائر الأمن.
وإننا إذ نذكركم أيها الأئمة الأفاضل، أنكم من يُعلم أبناء الأمة أن الرزاق والمحيي والمميت هو الله تعالى، فأنتم أحرى الناس بالأخذ بحقيقة ما تعلمونا إياه، وأنتم من يجب أن تعلموا الناس خلفكم كيف تكون مواقف الأئمة والعلماء الذين ينبغي أن يوصوا الأمة وأنفسهم بالحق والصبر.
أيها المسلمون..
بناءً على ما لحق ائمتنا وخطباءنا وعلماءنا من الأذى فإننا مطالبون جميعًا أن نقف بجانبهم لرد تطاول الدولة على العلماء، واستهتارها بكرامتهم، وتدميرها الممنهج لهيبتهم وتأثيرهم الإيجابي على الناس بزجهم في خدمة سياساتها غير القائمة على شرع الله وحمل رسالة رب العالمين، ونطالب كل غيور على دين الأمة أن يأخذ على يد من يظلمون الأئمة والخطباء وعلماء الدين؛ ليكفوا أذاهم عنهم، ومنه تهديدهم في أنفسهم وأرزاقهم، وأن يتركوهم يعلمون الناس أوامر دينهم، وليكونوا قادة الناس في المحاسبة على الظلم وتجاوز شرع الله تعالى.
{وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون}
3/ربيع الآخر/1438هـ حزب التحرير
2/1/2017م ولاية الأردن
ارفعوا أيديكم عن مساجد الله
لقد بات واضحًا لكل ذي بصر أن وزارة الأوقاف تختطف المساجد وتُوظفها في تثبيت أركان النظام والفصل بين الدين والحياة على حساب دين وهيبة العلماء والأئمة ومنهم خطباء المساجد.
ففضلًا عن القوانين التي أصدرتها الحكومات المتعاقبة في البلاد، والتي تتعلق بدور المسجد والتعليمات التي أصدرتها وتصدرها وزارة الأوقاف في تلك الحكومات، والتي هي بمجملها _القوانين والتعليمات_ تحاصر دور المسجد والذي هو في حقيقته بيت الله وليس بيت الحكومة {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا}، وذلك بتقييد الإمام فيما يلقيه من خطب ودروس، وحظر إلقاء الدروس والكلمات إلا بإذن من الأوقاف، ثم وصل الحال إلى توجيه تعليمات وأفكار وخطب ملزمة في بعض الأحداث الداخلية حتى غدا معظم الخطباء يرددون كالببغاوات خطبة الأوقاف المكتوبة بنفس مخابراتي علماني مما يثير سخرية كثيرين، وبخاصة من الذين باتوا يتجرأون على وصف الخطباء والوعاظ بألفاظ تنم عن مسخ لصورتهم في عيون الناس.
والحقيقة أن من يتصدر للخطابة والوعظ هو في العادة شخص متدين اختار دراسة الشريعة ليخدم دين الله الذي ارتضى لعباده، وقد نهل من الثقافة الشرعية بما استبشر أنه يمكنه من أن يؤديَ ما استؤمن عليه من علم "العلماء ورثة الانبياء"، ولا أظن أكثرهم كان يدور بخلده أنه سيضيق عليه في أداء رسالة ربه في تعليم وتثقيف وتوجيه الناس، ثم يجد نفسه في ابتلاء بين لقمة عيشه وعيش عياله أو الرضوخ لما يُكرهه عليه السلطان مما ينال به غضب ربه.
لقد نال خطباءنا وعلماءنا وأئمتنا ما نالهم من الابتلاء في دينهم حتى غدت هيبة كثيرين منهم في مهب الريح، وذلك بلجوئهم إلى أن يخطبوا في مواضيع مفصولة عن الواقع الذي يعيشه المسلمون تحاشيًا لأذى السلطات الظالمة، أو بتأويلهم للنصوص الشرعية لتتوافق مع ما تريده الحكومة، أو بترديد بعضهم كالببغاوات توجيهات وزارة الأوقاف التي غدت وكأنها أحد فروع المخابرات العامة، حتى غدا بعض الأئمة نتيجة خوفهم من أذى الدولة في أنفسهم؛ _ لتكرار استدعائهم لمراجعة المراكز الأمنية_ وخوفهم على رزق عيالهم، أدوات طيعة، بل ووصل الحال ببعضهم إلى أن يعمل مخبرًا رخيصًا يتجسس على الناس، عوض أن يكون قدوة لهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والوقوف وقفة العلماء الصادقين في قيادتهم أبناء أمتهم للتخلص من الظلم.
وكمثال على ما نال خطباء مساجدنا من الأذى في دينهم وهيبتهم بين الناس في الأشهر القليلة الماضية، وصول تعليمات بالخطابة حول مواضيع تطلبها الدولة وتحاول من خلال تلك المواضيع تضليل الرأي العام وتسميمه بتصورات ومفاهيم بعيدة عن ما يطلبه الشرع من مثل:
- دفع الخطباء للحديث المتكرر عن الأمن والأمان في البلاد، ورغم أن الأمن والأمان هو مطلب كل عاقل، ولكن معظم الخطباء يدركون أن الله تعالى قد ربط الأمن والأمان بالإيمان والالتزام بشرع الله وليس بالبعد عن تطبيق الإسلام كما هو حاصل في البلاد {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن}، بل ويدرك الخطباء أن مدحهم لأمن البلد يسوغ للناس الرضا، بل والحرص على النظام القائم الذي لا يطبق شرع الله، وهم يعلمون أن البلاد التي تكفر بأنعم الله سيذيقها الله الجوع والخوف؛ أي عدم الأمان، وهل من نعمة أعظم من الإسلام؟! وهل من نقمة نستحقها من الله أكبر من نبذ شرعه وفصل دينه عن حياتنا؟! قال تعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}.
- دفع الخطباء للدعوة للرابطة الوطنية رغم أن الإسلام يدعو إلى الأخوة على أساس الدين وليس الوطن أو القوم، والرابطة الوطنية هي غير الحنين إلى الوطن؛ أي إلى المكان الذي وُلد ونشأ وتربى به الإنسان أو آباؤه وأجداده، فالحنين إلى الوطن هو أمر غريزي وهو جائز شرعًا، ولكن لا يصح أن تكون صلة الناس ببعضهم بتعيين عدوهم من صديقهم وتحديد ما يصلح لهم وما يفسد علاقاتهم قائمة على أساس الرابطة الوطنية، فالمسلم أخو المسلم وليس أخًا للكافر ولو كان من نفس الوطن، والحلال والحرام وليس مدى الوطنية هما مقياس المسلم في الحياة.
- دفع الخطباء لمدح "الدولة المدنية" وتزيين صورتها لدى الناس، رغم أن "الدولة المدنية" هي الدولة العلمانية التي يجري فيها فصل الدين عن الحياة. وهي ليست نقيضًا للدولة البوليسية، ولا يتعلق اسمها بالمدينة أو القرية، ولكنها الدولة التي لا يتحكم فيها الدين في حياة الناس، وهي الدولة التي وجدت في أوروبا بعد التخلص من تحكم رجال الدين المسيحي في سلطات الأمراء والملوك في أوروبا، ولا يصح أن يطلق هذا الاصطلاح على الدولة الإسلامية لأنها الدولة التي تتحكم أوامر الشرع الإسلامي في علاقات الناس بها ولا يمكن أن يتم فيها فصل الدين عن الحياة.
- دفع الخطباء إلى دعوة الناس لطاعة النظام القائم بحجة طاعة ولي الأمر رغم إدرك كل ذي عينين أن ذلك يتناقض مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي من أعظم أعمال المسلم في الحياة، بل إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هما سر خيرية الأمة الأسلامية، قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر...}، فضلًا عن أن الآية التي يستشهدون بها لفرض طاعة الحاكم حتى لو كان يحكم بغير ما أنزل الله تشير صراحة أن الطاعة هي للحاكم الذي هو من المؤمنين المكلفين على سبيل الإلزام بطاعة الله ورسوله، فالآية تخاطب المؤمنين بأن يطيعوا أولي الأمر منهم؛ أي من المؤمنين {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.
- التلبيس على الناس في قضية أبنائهم الذين التحقوا بتنظيم الدولة (داعش)، ورغم انحراف منهجهم، وبشاعة أعمالهم، إلا أن الخطباء يدفعون إلى مهاجمتهم والدعوة إلى قتلهم ووصفهم بالخوارج مع السكوت عمن تسبب في دفعهم للالتحاق بالتنظيم المنحرف نتيجة ترك تلك الدول القائمة في بلاد المسلمين تطبيق الإسلام الذي يتوق أولئك الشباب لرؤيته متحكمًا في علاقات الناس ببعضهم وبدولتهم. على أن العلاج لا يكون بفتح أبواب البلاد لخروجهم ثم منع عودتهم، بل بنقاشهم بما يحملون من أفكار منحرفة، ونقاشهم بعد عودتهم لا سجنهم أو قتلهم وهم أبناء الأمة الذين باتوا محلًا وهدفًا لتدريب طياري أميركا والغرب والشرق الكافرين، واختبار أسلحتهم.
- وإذا كان الخوارج قد خرجوا على إمام المسلمين فكيف بمن حارب أن يكون للمسلمين إمامًا بل وخرج عن أوامر دين الله ونبذ شرعه الذي أمر المسلمين أن يحكموه كاملًا دون ترك أي جزء منه؟! قال تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ غ– فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ غ— وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُون}.
خطباؤنا وأئمتنا الكرام..
إن من دهاء هذه الدولة البوليسية أنها وضعت مكافأة للخطبة المميزة (50) دينارًا، ولكن تلك الخطبة حتى يحكم بتميزها ينبغي أن تكون مسجلة حتى تعرض على اللجان التي ستحكم على تميزها وذلك مما يزيد في تخويف كثير من الأئمة بتسجيل خطبهم بعلمهم أو من دون علمهم، ويلجؤونهم للتحفظ على كل كلمة يمكن أن تفسر أنها ستكون سببًا لاستدعائهم إلى دوائر الأمن.
وإننا إذ نذكركم أيها الأئمة الأفاضل، أنكم من يُعلم أبناء الأمة أن الرزاق والمحيي والمميت هو الله تعالى، فأنتم أحرى الناس بالأخذ بحقيقة ما تعلمونا إياه، وأنتم من يجب أن تعلموا الناس خلفكم كيف تكون مواقف الأئمة والعلماء الذين ينبغي أن يوصوا الأمة وأنفسهم بالحق والصبر.
أيها المسلمون..
بناءً على ما لحق ائمتنا وخطباءنا وعلماءنا من الأذى فإننا مطالبون جميعًا أن نقف بجانبهم لرد تطاول الدولة على العلماء، واستهتارها بكرامتهم، وتدميرها الممنهج لهيبتهم وتأثيرهم الإيجابي على الناس بزجهم في خدمة سياساتها غير القائمة على شرع الله وحمل رسالة رب العالمين، ونطالب كل غيور على دين الأمة أن يأخذ على يد من يظلمون الأئمة والخطباء وعلماء الدين؛ ليكفوا أذاهم عنهم، ومنه تهديدهم في أنفسهم وأرزاقهم، وأن يتركوهم يعلمون الناس أوامر دينهم، وليكونوا قادة الناس في المحاسبة على الظلم وتجاوز شرع الله تعالى.
{وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون}
3/ربيع الآخر/1438هـ حزب التحرير
2/1/2017م ولاية الأردن