عبد الواحد جعفر
03-04-2016, 11:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعات سياسية
"العراق"
ذكرت أخبار مسربة أن حيدر العبادي تسلم الخميس 4/2/2016، رسالة أميركية تقضي بتسريح جزء من الحشد الشعبي خلال أسبوعين فقط. وبناء على ذلك حضر حيدر العبادي يوم 9/2/2016 اجتماعات عدّة مع بعض المسؤولين الأميركيين ومنهم السفير الأميركي، وطلب منهم الدعم لاتخاذ خطوات لحل الحشد الشعبي. وقد شرح له الأميركان بأن تفكيك الحشد يجب أن يكون من داخله وعلى مراحل، بدءاً بقطع الرواتب عن بعض وتخفيضها عن بعض آخر وانتهاءً بمنع عناصر الحشد الشيعي من المشاركة في المعارك المهمة كتحرير الأنبار والموصل.
أما الأمر الثاني الذي طلبته أميركا من العبادي في لقائه مع مسؤولين أميركيين يوم 9/2/2016، فهو مسألة "التعديل أو التغيير الحكومي". فهذه المسألة تعتبر أمراً ضرورياً يجب حسمه قبل البدء في معركة الموصل وما سوف يتبعها من السعي في إنشاء "الإقليم السني". وبالفعل فقد أعلن حيدر العبادي في نفس اليوم أنه سيجري تغييرات وزارية على الحكومة لتعيين تكنوقراط بدلاً من الوزراء الذين عينوا على أساس انتماءاتهم السياسية. وقال في كلمة يوم 9/2 بثها التلفزيون العراقي: "أدعو إلى تغيير وزاري جوهري يضم شخصيات مهنية وتكنوقراط ومهنيين وأدعو في هذا الإطار مجلس النواب الموقر وجميع الكتل السياسية للتعاون معنا في هذه المرحلة الخطيرة".
"الممثلية السنية" في أميركا
وبعدها بيومين أعلن محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، بتاريخ 11/2/2016 عن افتتاح "الممثلية السنية" في أميركا بالتعاون مع وزير المالية العراقي الأسبق رافع العيساوي والشيخ خميس الخنجر، ثم أضاف النجيفي أن "الهدف من إنشاء الممثلية هو نقل معاناة وظلم أهل السنة في العراق للمجتمع الدولي". وذكر النجيفي أنه "لم يسمع بطرح الجانب الأميركي لشرط إقامة القواعد العسكرية مقابل دعم إنشاء الإقليم السني". وهنا كشف النجيفي بهذا الإعلان أن الممثلية هي عبارة عن نواة قنصلية أو سفارة لـ"لإقليم السني" الذي تريد أميركا تأسيسه في العراق.
خطاب العبادي في ميونخ
وبسبب هذا الدعم الأميركي لتحركاته، كان الخطاب الذي ألقاه العبادي في مؤتمر الأمن بميونخ يوم 12/2/2016 متناغماً مع سياق القرارات التي اتخذها فيما يتعلق بالحشد الشعبي الذي تم تشكيله بعد فتوى من المرجع الشيعي علي السيستاني "بالجهاد الكفائي" لتحرير العراق من تنظيم الدولة الإسلامية، وهي كانت مجرد غطاء للتطهير المذهبي وتغيير ديمغرافية المناطق "السنية" من أجل دفع "العرب السنة" في العراق إلى قبول فرض الفدرالية تحت حراب السلاح "الشيعي".
وكان من أهم ما قاله العبادي في ميونيخ: "أعتقد أن هناك مجموعات أفرزها الحشد الشعبي، وهي مجموعات خارج إطار الدولة وسيطرتها، نحن لن نسمح بذلك، ولن نسمح بوجود أي جماعات خارج إطار الدولة، نحن نحاربها وسيتم القضاء عليها". بل إن رئيس الحكومة حيدر العبادي، بعد أن اعترف خلال مؤتمر ميونخ بارتكاب مليشيات "الحشد الشعبي" جرائم ضد الإنسانية، وأنها أفرزت جماعات خارجة عن إطار الدولة، طالب المجتمع الدولي بالتدخل لمكافحتها.
مقتدى الصدر ومقترحات العبادي
وبعد يوم من خطاب العبادي أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عن دعمه لمقترح العبادي ودعا يوم السبت 13/2/2016، إلى تشكيل حكومة تكنوقراط "بعيدة عن حزب السلطة والتحزب" برئاسة حيدر العبادي وهدد الصدر بـ"سحب الثقة" من حكومة العبادي في حال عدم تشكيل الحكومة خلال 45 يوماً.
والحقيقة أنه منذ أن أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي عن حزمة الإصلاحات منذ العام 2015 والكتل السياسية متذبذبة في مواقفها المعلنة والسرية ما بين الدعم الكامل والدعم المشروط، إلى أن وصلت الأمور إلى الطلب من العبادي الإستقالة كجزء من الإصلاحات. فالعبادي الذي ينتمي إلى حزب الدعوة الذي يحكم البلاد منذ عام 2005 اشتكى كثيراً من شركائه السياسيين محملاً إياهم مسؤولية عرقلة إجراء الإصلاحات التي طالب بها وذلك خوفاً من أن يفقدوا "امتيازاتهم" المالية ونفوذهم في الحكم.
وهنا تحركت أميركا وكان ذلك اللقاء في 9/2 حيث أدخلت مسألة الحد من نفوذ الحشد الشيعي، والقيام بتعديل في تشكيلة الحكومة. وحتى تستعين أميركا بقوى داخلية من خارج كتلة حيدر العبادي نفسه وبخاصة خصمه الشديد نوري المالكي، جاء دور مقتدى الصدر ليقوم نيابة عن أميركا بالضغط على هذه الكتل السياسية ودعماً لحيدر العبادي فيما يشبه التحالف الجديد بين الرجلين. ولذلك فالصدر لا يضغط على العبادي بل يضغط على خصوم العبادي، وأولهم ائتلافه الحاكم ومن حزبه حزب الدعوة. ومنذ يوم 25/3 بدأ أنصار الصدر اعتصاماً أمام بوابات المنطقة الخضراء.
اعتصامات أنصار الصدر
وبمجرد أن انقضت المهلة التي طرحها مقتدى الصدر في يوم الأحد 27/3 دون الإعلان عن تشكيل حكومة التكنوقراط بدأ الصدر وبتنسيق مع القوى الأمنية اعتصاماً داخل المنطقة الخضراء وطلب من المعتصمين البقاء في خيمهم أمام بوابات الخضراء. وكان دخول مقتدى الصدر على خط الإعتصام من داخل المنطقة الخضراء يحمل مخاوف كبيرة من انفلات الأوضاع الأمنية كما حصل في مظاهرات صلاح الدين والأنبار وما آلت إليه من احتكاك بين المتظاهرين وقوى الأمن والجيش، وبخاصة بعد ذكرت مصادر مطلعة أنه تم البدء بتشكيل مجاميع مسلحة تحت إمرة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لحفظ الأمن والنظام في حال اقتحم المعتصمون المنطقة الخضراء وما يعنيه من دخول البلاد في الفوضى.
ثم إن الجميع يعرف أن الفساد المالي والإداري ينخر جسد الدولة العراقية، خاصة منذ أن أرست أميركا نظام المحاصصة الحزبية كأساس للعملية السياسية نفسها. فالقوى والأحزاب التي دعمت وصول العبادي للحكم هي نفسها التي تتحكم بإدارة الفساد في البلاد، وهي تخشى اليوم من تحركات العبادي "الإصلاحية" ومن إزاحتها عن التشكيلة الحكومية القادمة.
ولذلك جاء موقف التيار الصدري عبر الاعتصامات والبيانات المستمرة والكلمات المتلفزة لزعيمه مقتدى الصدر لتعطي دعماً مضافاً لإصلاحات حيدر العبادي، تضاف إليها دعم التحركات الشعبية ودعم المرجعية الشيعية. وهذا ما أكدته النائبة عن التيار الصدري زينب الطائي، عندما قالت: "نحن مستمرون بالاعتصام لحين تنفيذ البرنامج الإصلاحي الذي يتضمن اختيار وزراء تكنوقراط ومكافحة الفساد وإصلاح القضاء والوضع الاقتصادي للبلاد".
ومما يجب الإنتباه إليه أيضاً أن دعم العبادي لا يأتي من التيار الصدري فقط بل كذلك أطراف من "السنة العرب" وتحديداً جبهة التوافق العراقية التي يمثلها في البرلمان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري. فقد عقد الجبوري لقاءً مع رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بحثاً فيه المستجدات السياسية والأمنية بالإضافة لملف الاصلاحات والتغييرات الوزارية المرتقبة.
بيان مكتب الجبوري
وذكر بيان لمكتب الجبوري بتاريخ 28/2 "أن الجانبين بحثا خلال اللقاء أيضاً حرص جميع الأطراف على اتمام الإصلاحات خلال فترة زمنية محددة وبما يحقق مطالب وتطلعات الشعب ويؤسس لمنهج جديد بعيداً عن المحاصصة". وأكد الجبوري ومعصوم خلال اللقاء "أن التعديل الوزاري هو إصلاح أولي لا بد من أن يتبع بإصلاحات شاملة في مكافحة الفساد وإصلاح كافة مؤسسات الدولة بالإضافة لمعالجة أوضاع النازحين وكل ما يرتبط بالحفاظ على هيبة الدولة في الحفاظ على مواطنيها". بل إن سليم الجبوري خلال جلسة لمجلس النواب أن "الخميس القادم هو الموعد النهائي للحكومة لتقديم التشكيلة الوزارية، التي تعتبر مرحلة أولى لعملية اﻻصلاح". وهدد الجبوري في حال عدم تقديم العبادي التشكيلة الجديدة "باستجواب رئيس الوزراء الأسبوع القادم لتأخره في تقديم التشكيلة الوزارية".
تعديلات العبادي الوزارية
وبالفعل قدم العبادي تعديلاته الوزارية على البرلمان يوم 31/3 وتم رفع الجلسة إلى السبت القادم دون التصويت عليها. وعلى إثر ذلك طالب مقتدى الصدر المعتصمين بإنهاء اعتصامهم من أمام بوابات المنطقة الخضراء بعد أن اعتبر أن المهمة التي خرج من أجلها قد أنجزت، ولكنه أمر أنصاره باستمرار التظاهرات الحاشدة للضغط على البرلمان حتى يصوت على الحكومة الجديدة.
ومما يجب أن يعلم أن موضوع الإصلاحات التي يطالب بها العبادي منذ العام 2015 والتشكيلة الحكومية الجديدة تدخل في سياق تحضير الأرضية من أجل إرساء نظام الأقاليم في المناطق "السنية" و"الشيعية"، وهي المقدمة نحو الفدرالية. ولهذا السبب سبق وأن جاءه الدعم لهذه العملية من الإدارة الأميركية نفسها عندما أبدت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية، أليسا سميث، في شهر آب/أغسطس 2015 تأييد الوزارة للإجراءات التي يقوم بها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لإصلاح الحكومة ومعالجة الفساد.
25/جمادى الآخرة/1437هـ
3/4/2016
متابعات سياسية
"العراق"
ذكرت أخبار مسربة أن حيدر العبادي تسلم الخميس 4/2/2016، رسالة أميركية تقضي بتسريح جزء من الحشد الشعبي خلال أسبوعين فقط. وبناء على ذلك حضر حيدر العبادي يوم 9/2/2016 اجتماعات عدّة مع بعض المسؤولين الأميركيين ومنهم السفير الأميركي، وطلب منهم الدعم لاتخاذ خطوات لحل الحشد الشعبي. وقد شرح له الأميركان بأن تفكيك الحشد يجب أن يكون من داخله وعلى مراحل، بدءاً بقطع الرواتب عن بعض وتخفيضها عن بعض آخر وانتهاءً بمنع عناصر الحشد الشيعي من المشاركة في المعارك المهمة كتحرير الأنبار والموصل.
أما الأمر الثاني الذي طلبته أميركا من العبادي في لقائه مع مسؤولين أميركيين يوم 9/2/2016، فهو مسألة "التعديل أو التغيير الحكومي". فهذه المسألة تعتبر أمراً ضرورياً يجب حسمه قبل البدء في معركة الموصل وما سوف يتبعها من السعي في إنشاء "الإقليم السني". وبالفعل فقد أعلن حيدر العبادي في نفس اليوم أنه سيجري تغييرات وزارية على الحكومة لتعيين تكنوقراط بدلاً من الوزراء الذين عينوا على أساس انتماءاتهم السياسية. وقال في كلمة يوم 9/2 بثها التلفزيون العراقي: "أدعو إلى تغيير وزاري جوهري يضم شخصيات مهنية وتكنوقراط ومهنيين وأدعو في هذا الإطار مجلس النواب الموقر وجميع الكتل السياسية للتعاون معنا في هذه المرحلة الخطيرة".
"الممثلية السنية" في أميركا
وبعدها بيومين أعلن محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، بتاريخ 11/2/2016 عن افتتاح "الممثلية السنية" في أميركا بالتعاون مع وزير المالية العراقي الأسبق رافع العيساوي والشيخ خميس الخنجر، ثم أضاف النجيفي أن "الهدف من إنشاء الممثلية هو نقل معاناة وظلم أهل السنة في العراق للمجتمع الدولي". وذكر النجيفي أنه "لم يسمع بطرح الجانب الأميركي لشرط إقامة القواعد العسكرية مقابل دعم إنشاء الإقليم السني". وهنا كشف النجيفي بهذا الإعلان أن الممثلية هي عبارة عن نواة قنصلية أو سفارة لـ"لإقليم السني" الذي تريد أميركا تأسيسه في العراق.
خطاب العبادي في ميونخ
وبسبب هذا الدعم الأميركي لتحركاته، كان الخطاب الذي ألقاه العبادي في مؤتمر الأمن بميونخ يوم 12/2/2016 متناغماً مع سياق القرارات التي اتخذها فيما يتعلق بالحشد الشعبي الذي تم تشكيله بعد فتوى من المرجع الشيعي علي السيستاني "بالجهاد الكفائي" لتحرير العراق من تنظيم الدولة الإسلامية، وهي كانت مجرد غطاء للتطهير المذهبي وتغيير ديمغرافية المناطق "السنية" من أجل دفع "العرب السنة" في العراق إلى قبول فرض الفدرالية تحت حراب السلاح "الشيعي".
وكان من أهم ما قاله العبادي في ميونيخ: "أعتقد أن هناك مجموعات أفرزها الحشد الشعبي، وهي مجموعات خارج إطار الدولة وسيطرتها، نحن لن نسمح بذلك، ولن نسمح بوجود أي جماعات خارج إطار الدولة، نحن نحاربها وسيتم القضاء عليها". بل إن رئيس الحكومة حيدر العبادي، بعد أن اعترف خلال مؤتمر ميونخ بارتكاب مليشيات "الحشد الشعبي" جرائم ضد الإنسانية، وأنها أفرزت جماعات خارجة عن إطار الدولة، طالب المجتمع الدولي بالتدخل لمكافحتها.
مقتدى الصدر ومقترحات العبادي
وبعد يوم من خطاب العبادي أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عن دعمه لمقترح العبادي ودعا يوم السبت 13/2/2016، إلى تشكيل حكومة تكنوقراط "بعيدة عن حزب السلطة والتحزب" برئاسة حيدر العبادي وهدد الصدر بـ"سحب الثقة" من حكومة العبادي في حال عدم تشكيل الحكومة خلال 45 يوماً.
والحقيقة أنه منذ أن أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي عن حزمة الإصلاحات منذ العام 2015 والكتل السياسية متذبذبة في مواقفها المعلنة والسرية ما بين الدعم الكامل والدعم المشروط، إلى أن وصلت الأمور إلى الطلب من العبادي الإستقالة كجزء من الإصلاحات. فالعبادي الذي ينتمي إلى حزب الدعوة الذي يحكم البلاد منذ عام 2005 اشتكى كثيراً من شركائه السياسيين محملاً إياهم مسؤولية عرقلة إجراء الإصلاحات التي طالب بها وذلك خوفاً من أن يفقدوا "امتيازاتهم" المالية ونفوذهم في الحكم.
وهنا تحركت أميركا وكان ذلك اللقاء في 9/2 حيث أدخلت مسألة الحد من نفوذ الحشد الشيعي، والقيام بتعديل في تشكيلة الحكومة. وحتى تستعين أميركا بقوى داخلية من خارج كتلة حيدر العبادي نفسه وبخاصة خصمه الشديد نوري المالكي، جاء دور مقتدى الصدر ليقوم نيابة عن أميركا بالضغط على هذه الكتل السياسية ودعماً لحيدر العبادي فيما يشبه التحالف الجديد بين الرجلين. ولذلك فالصدر لا يضغط على العبادي بل يضغط على خصوم العبادي، وأولهم ائتلافه الحاكم ومن حزبه حزب الدعوة. ومنذ يوم 25/3 بدأ أنصار الصدر اعتصاماً أمام بوابات المنطقة الخضراء.
اعتصامات أنصار الصدر
وبمجرد أن انقضت المهلة التي طرحها مقتدى الصدر في يوم الأحد 27/3 دون الإعلان عن تشكيل حكومة التكنوقراط بدأ الصدر وبتنسيق مع القوى الأمنية اعتصاماً داخل المنطقة الخضراء وطلب من المعتصمين البقاء في خيمهم أمام بوابات الخضراء. وكان دخول مقتدى الصدر على خط الإعتصام من داخل المنطقة الخضراء يحمل مخاوف كبيرة من انفلات الأوضاع الأمنية كما حصل في مظاهرات صلاح الدين والأنبار وما آلت إليه من احتكاك بين المتظاهرين وقوى الأمن والجيش، وبخاصة بعد ذكرت مصادر مطلعة أنه تم البدء بتشكيل مجاميع مسلحة تحت إمرة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لحفظ الأمن والنظام في حال اقتحم المعتصمون المنطقة الخضراء وما يعنيه من دخول البلاد في الفوضى.
ثم إن الجميع يعرف أن الفساد المالي والإداري ينخر جسد الدولة العراقية، خاصة منذ أن أرست أميركا نظام المحاصصة الحزبية كأساس للعملية السياسية نفسها. فالقوى والأحزاب التي دعمت وصول العبادي للحكم هي نفسها التي تتحكم بإدارة الفساد في البلاد، وهي تخشى اليوم من تحركات العبادي "الإصلاحية" ومن إزاحتها عن التشكيلة الحكومية القادمة.
ولذلك جاء موقف التيار الصدري عبر الاعتصامات والبيانات المستمرة والكلمات المتلفزة لزعيمه مقتدى الصدر لتعطي دعماً مضافاً لإصلاحات حيدر العبادي، تضاف إليها دعم التحركات الشعبية ودعم المرجعية الشيعية. وهذا ما أكدته النائبة عن التيار الصدري زينب الطائي، عندما قالت: "نحن مستمرون بالاعتصام لحين تنفيذ البرنامج الإصلاحي الذي يتضمن اختيار وزراء تكنوقراط ومكافحة الفساد وإصلاح القضاء والوضع الاقتصادي للبلاد".
ومما يجب الإنتباه إليه أيضاً أن دعم العبادي لا يأتي من التيار الصدري فقط بل كذلك أطراف من "السنة العرب" وتحديداً جبهة التوافق العراقية التي يمثلها في البرلمان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري. فقد عقد الجبوري لقاءً مع رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بحثاً فيه المستجدات السياسية والأمنية بالإضافة لملف الاصلاحات والتغييرات الوزارية المرتقبة.
بيان مكتب الجبوري
وذكر بيان لمكتب الجبوري بتاريخ 28/2 "أن الجانبين بحثا خلال اللقاء أيضاً حرص جميع الأطراف على اتمام الإصلاحات خلال فترة زمنية محددة وبما يحقق مطالب وتطلعات الشعب ويؤسس لمنهج جديد بعيداً عن المحاصصة". وأكد الجبوري ومعصوم خلال اللقاء "أن التعديل الوزاري هو إصلاح أولي لا بد من أن يتبع بإصلاحات شاملة في مكافحة الفساد وإصلاح كافة مؤسسات الدولة بالإضافة لمعالجة أوضاع النازحين وكل ما يرتبط بالحفاظ على هيبة الدولة في الحفاظ على مواطنيها". بل إن سليم الجبوري خلال جلسة لمجلس النواب أن "الخميس القادم هو الموعد النهائي للحكومة لتقديم التشكيلة الوزارية، التي تعتبر مرحلة أولى لعملية اﻻصلاح". وهدد الجبوري في حال عدم تقديم العبادي التشكيلة الجديدة "باستجواب رئيس الوزراء الأسبوع القادم لتأخره في تقديم التشكيلة الوزارية".
تعديلات العبادي الوزارية
وبالفعل قدم العبادي تعديلاته الوزارية على البرلمان يوم 31/3 وتم رفع الجلسة إلى السبت القادم دون التصويت عليها. وعلى إثر ذلك طالب مقتدى الصدر المعتصمين بإنهاء اعتصامهم من أمام بوابات المنطقة الخضراء بعد أن اعتبر أن المهمة التي خرج من أجلها قد أنجزت، ولكنه أمر أنصاره باستمرار التظاهرات الحاشدة للضغط على البرلمان حتى يصوت على الحكومة الجديدة.
ومما يجب أن يعلم أن موضوع الإصلاحات التي يطالب بها العبادي منذ العام 2015 والتشكيلة الحكومية الجديدة تدخل في سياق تحضير الأرضية من أجل إرساء نظام الأقاليم في المناطق "السنية" و"الشيعية"، وهي المقدمة نحو الفدرالية. ولهذا السبب سبق وأن جاءه الدعم لهذه العملية من الإدارة الأميركية نفسها عندما أبدت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية، أليسا سميث، في شهر آب/أغسطس 2015 تأييد الوزارة للإجراءات التي يقوم بها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لإصلاح الحكومة ومعالجة الفساد.
25/جمادى الآخرة/1437هـ
3/4/2016