عبد الواحد جعفر
10-12-2015, 07:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أجوبة اسئلة
السؤال الأول: دعا وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي يوم 2/12/2015 جمهورية الجبل الأسود للانضمام إلى الحلف؛ لتصبح العضو التاسع والعشرين بالحلف رغم الاعتراضات الروسية. فما هي ملابسات انضمام الجبل الأسود للحلف الأطلسي؟
الجواب: نالت جمهورية الجبل الأسود استقلالها في العام 2006 بعد تفكك يوغسلافيا، وقد بدأت محادثاتها للانضمام للحلف منذ العام 2012. ويعتبر الحديث عن ضم الجبل الأسود أول عملية توسع للحلف الأطلسي منذ العام 2009 حيث تم ضم كرواتيا وألبانيا بعد أن فشلت جهود الحلف في ضم جورجيا في العام 2008 بسبب حربها مع روسيا.
إنه ورغم التفاهم الكبير بين أميركا وروسيا في الملف السوري إلا أن ذلك لم يمنع الولايات المتحدة من الدفع قدماً بأجندة الحلف الأطلسي في التوسع شرقاً وبخاصة في هذه الظروف التاريخية التي تمر فيها روسيا. فقد توافرت ثلاثة عوامل جعلت الحلف الأطلسي يعلن عن دعوته لضم الجبل الأسود في هذا الوقت تحديداً.
أولها: انغماس روسيا في الحرب السورية بعيداً عن أراضيها.
ثانياً: أجواء التوتر بين روسيا وتركيا بسبب إسقاط سلاح الجو التركي للطائرة الحربية الروسية.
ثالثاً: إعلان أميركا أنها تدرس إمكانية فرض عقوبات جديدة ضد روسيا، ليس بسبب أوكرانيا هذه المرة بل بسبب انتهاكات روسية لاتفاقية الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى.
والجدير بالملاحظة أن دعوة الجبل الأسود للإنضمام إلى الحلف الأطلسي جاءت بعد يوم واحد من هذا الإعلان.
أما بالنسبة لرد الفعل الروسي حول دعوة الجبل الأسود للإنضمام إلى الحلف الأطلسي فقد استنكرت الدعوة وهددت بمستقبل العلاقات مع الجبل الاسود وبسحب المشاريع المشتركة.
وكانت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا سبق أن أعلنت أن القرار المرتقب حول مونتينيغرو "ضربة خطيرة من قبل الكتلة الأوروبية الأطلسية"، وأضافت إنها "ستزيد من تعقيد العلاقات بين روسيا والحلف الأطلسي". ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن فيكتور أوزيروف، رئيس لجنة الدفاع والسلامة بمجلس الاتحاد في البرلمان الروسي يوم الأربعاء 2 كانون أول/ديسمبر 2015 قوله إن روسيا ستوقف مشاريع مشتركة مع الجبل الأسود إذا انضم للحلف الأطلسي.
ومع أن الجبل الأسود بعيد جغرافياً من روسيا إلا أن هذه الأخيرة تتوجس خيفة من أي توسع يقوم به الحلف الأطلسي في البلقان وأروربا الشرقية إلى درجة أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شايغو وصف اقتراب الناتو من روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية في 14/9/2014 بأنه "الخطر الثاني الذي يهدد أمن روسيا بعد خطر الإرهاب".
ومع كل هذا التخوف فإن روسيا لا تزال تملك قدرات كبيرة للتصدي لأي تهديدات جدية من قبل الحلف الأطلسي. فروسيا لا يزال بمقدورها أن تنتج أسلحة جديدة للدفاع عن مصالحها، كما يمكنها إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع أميركا بخصوص الأسلحة في أوروبا لحماية مصالحها. وأخيراً تملك روسيا القدرة التقنية للوصول إلى أي دولة في أوروبا بالصورايخ بما فيها النووية إذا تفجر أي نزاع جدي بينها وبين الحلف الأطلسي.
وفيما يتعلق بالوسائل السياسية، فإن روسيا اتخذت من منظمة شنغهاي والإتحاد الجمركي مع بعض الدول المحيطة بها أدوات في تقوية التعاون العسكري والإقتصادي وبخاصة مع الصين وبعض دول الإتحاد السوفياتي السابق من أجل حماية بيضتها والدفاع عن حدودها ونفوذها السياسي.
وقد سبق لروسيا أن أظهرت حزماً كبيراً في التعامل مع الدول المحيطة بها التي تسعى للانضمام إلى الحلف الأطلسي؛ فلم تتأخر في ضم القرم والدخول في حرب مباشرة مع جورجيا أو حرب بالوكالة مع أوكرانيا. وفوق ذلك فهي تلوح بقدرتها على تحييد أي قوات تتحرش بها عسكرياً بما تملكه من منظومات الصواريخ التكتيكية "إسكندر-أم" للتدخل السريع المتواجدة في مقاطعة كاليننغراد، أو بتوجيه ضربات من القاعدة الجوية الروسية في روسيا البيضاء.
أما بالنسبة للحلف الأطلسي فإنه يفخر بضم الجبل الأسود إليه رغم صغر هذا البلد وبعده من الحدود الروسية لأنه يهدف من عملية الضم أن يبعث برسالة إلى روسيا مفادها أنه لا يمكنها الإعتراض على توسع الحلف شرقاً أو حتى توقيف هذا التوسع، مثلما حصل مع عضوية جورجيا التي تعقدت بسبب حربها مع روسيا في 2008 أو مع عضوية أوكرانيا التي توقفت بسبب وضعها الحيادي وحالة الإنقسام التي يعيشها البلد بعد ضم القرم إلى روسيا.
وقد حاولت أميركا امتصاص الغضب الروسي بتصريحات وزير الخارجية جون كيري من بروكسل يوم 2 كانون أول/ديسمبر 2015 عندما قال بأن "توسع الحلف الأطلسي شرقاً لا يستهدف روسيا"، وأضاف بخصوص ضم الجبل الأسود: "إن الدعوة ليست تركيزاً على روسيا في حد ذاتها أو أي شخص آخر.. إنه تحالف أمني عام على نطاق واسع".
ولبيان الكذب في تصريح كيري يكفي الإشارة إلى ما قاله الأمين العام للحلف الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، حيث ذكر بأن وزراء خارجية الأعضاء اتخذوا قراراً "تاريخياً" بالإجماع لبدء محادثات انضمام الجبل الأسود. ووسط تصفيق الحضور قال ستولتنبرغ "إنه يوم جيد لمونتينيغرو والبلقان والحلف بكامله" مضيفاً أن "هذه بداية تحالف جميل جداً". وبرر قرار ضم الجبل الأسود بأنه "يوجه رسالة واضحة بأن الحلف الأطلسي يبقي بابه مفتوحاً ويعزز رؤيتنا لأوروبا موحدة وفي سلام". أما وزير خارجية الجبل الأسود إيغور لوكسيتش فقال إن قرار الحلف يعكس الجهود الكبيرة التي بذلتها بلاده من أجل تطوير معايير المجتمع المدني، مضيفاً أنه "خبر جيد لغرب البلقان ووحدته وأمنه".
ومع كل الذي سبق ذكره فإن ما يجب أن يعلم هو أن أميركا لا تريد الدخول مع روسيا في حرب، ومن باب أولى القضاء على روسيا، بل تعمل فقط على إضعاف تأثيرها في أوروبا وفي محيطها السوفييتي وعدم تمكينها من أي نفوذ جدي في العلاقات الدولية إلا بالقدر الذي يخدم مصالح أميركا. والخلاصة أن ما تريده أميركا على المدى البعيد هو محاصرة روسيا في محيطها البلطيقي بحيث تكون دولة إقليمية مثلها مثل الصين حتى ولو كانت تمتلك السلاح النووي وتكنولوجيا الصواريخ وصناعة الآلات.
أجوبة اسئلة
السؤال الأول: دعا وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي يوم 2/12/2015 جمهورية الجبل الأسود للانضمام إلى الحلف؛ لتصبح العضو التاسع والعشرين بالحلف رغم الاعتراضات الروسية. فما هي ملابسات انضمام الجبل الأسود للحلف الأطلسي؟
الجواب: نالت جمهورية الجبل الأسود استقلالها في العام 2006 بعد تفكك يوغسلافيا، وقد بدأت محادثاتها للانضمام للحلف منذ العام 2012. ويعتبر الحديث عن ضم الجبل الأسود أول عملية توسع للحلف الأطلسي منذ العام 2009 حيث تم ضم كرواتيا وألبانيا بعد أن فشلت جهود الحلف في ضم جورجيا في العام 2008 بسبب حربها مع روسيا.
إنه ورغم التفاهم الكبير بين أميركا وروسيا في الملف السوري إلا أن ذلك لم يمنع الولايات المتحدة من الدفع قدماً بأجندة الحلف الأطلسي في التوسع شرقاً وبخاصة في هذه الظروف التاريخية التي تمر فيها روسيا. فقد توافرت ثلاثة عوامل جعلت الحلف الأطلسي يعلن عن دعوته لضم الجبل الأسود في هذا الوقت تحديداً.
أولها: انغماس روسيا في الحرب السورية بعيداً عن أراضيها.
ثانياً: أجواء التوتر بين روسيا وتركيا بسبب إسقاط سلاح الجو التركي للطائرة الحربية الروسية.
ثالثاً: إعلان أميركا أنها تدرس إمكانية فرض عقوبات جديدة ضد روسيا، ليس بسبب أوكرانيا هذه المرة بل بسبب انتهاكات روسية لاتفاقية الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى.
والجدير بالملاحظة أن دعوة الجبل الأسود للإنضمام إلى الحلف الأطلسي جاءت بعد يوم واحد من هذا الإعلان.
أما بالنسبة لرد الفعل الروسي حول دعوة الجبل الأسود للإنضمام إلى الحلف الأطلسي فقد استنكرت الدعوة وهددت بمستقبل العلاقات مع الجبل الاسود وبسحب المشاريع المشتركة.
وكانت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا سبق أن أعلنت أن القرار المرتقب حول مونتينيغرو "ضربة خطيرة من قبل الكتلة الأوروبية الأطلسية"، وأضافت إنها "ستزيد من تعقيد العلاقات بين روسيا والحلف الأطلسي". ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن فيكتور أوزيروف، رئيس لجنة الدفاع والسلامة بمجلس الاتحاد في البرلمان الروسي يوم الأربعاء 2 كانون أول/ديسمبر 2015 قوله إن روسيا ستوقف مشاريع مشتركة مع الجبل الأسود إذا انضم للحلف الأطلسي.
ومع أن الجبل الأسود بعيد جغرافياً من روسيا إلا أن هذه الأخيرة تتوجس خيفة من أي توسع يقوم به الحلف الأطلسي في البلقان وأروربا الشرقية إلى درجة أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شايغو وصف اقتراب الناتو من روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية في 14/9/2014 بأنه "الخطر الثاني الذي يهدد أمن روسيا بعد خطر الإرهاب".
ومع كل هذا التخوف فإن روسيا لا تزال تملك قدرات كبيرة للتصدي لأي تهديدات جدية من قبل الحلف الأطلسي. فروسيا لا يزال بمقدورها أن تنتج أسلحة جديدة للدفاع عن مصالحها، كما يمكنها إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع أميركا بخصوص الأسلحة في أوروبا لحماية مصالحها. وأخيراً تملك روسيا القدرة التقنية للوصول إلى أي دولة في أوروبا بالصورايخ بما فيها النووية إذا تفجر أي نزاع جدي بينها وبين الحلف الأطلسي.
وفيما يتعلق بالوسائل السياسية، فإن روسيا اتخذت من منظمة شنغهاي والإتحاد الجمركي مع بعض الدول المحيطة بها أدوات في تقوية التعاون العسكري والإقتصادي وبخاصة مع الصين وبعض دول الإتحاد السوفياتي السابق من أجل حماية بيضتها والدفاع عن حدودها ونفوذها السياسي.
وقد سبق لروسيا أن أظهرت حزماً كبيراً في التعامل مع الدول المحيطة بها التي تسعى للانضمام إلى الحلف الأطلسي؛ فلم تتأخر في ضم القرم والدخول في حرب مباشرة مع جورجيا أو حرب بالوكالة مع أوكرانيا. وفوق ذلك فهي تلوح بقدرتها على تحييد أي قوات تتحرش بها عسكرياً بما تملكه من منظومات الصواريخ التكتيكية "إسكندر-أم" للتدخل السريع المتواجدة في مقاطعة كاليننغراد، أو بتوجيه ضربات من القاعدة الجوية الروسية في روسيا البيضاء.
أما بالنسبة للحلف الأطلسي فإنه يفخر بضم الجبل الأسود إليه رغم صغر هذا البلد وبعده من الحدود الروسية لأنه يهدف من عملية الضم أن يبعث برسالة إلى روسيا مفادها أنه لا يمكنها الإعتراض على توسع الحلف شرقاً أو حتى توقيف هذا التوسع، مثلما حصل مع عضوية جورجيا التي تعقدت بسبب حربها مع روسيا في 2008 أو مع عضوية أوكرانيا التي توقفت بسبب وضعها الحيادي وحالة الإنقسام التي يعيشها البلد بعد ضم القرم إلى روسيا.
وقد حاولت أميركا امتصاص الغضب الروسي بتصريحات وزير الخارجية جون كيري من بروكسل يوم 2 كانون أول/ديسمبر 2015 عندما قال بأن "توسع الحلف الأطلسي شرقاً لا يستهدف روسيا"، وأضاف بخصوص ضم الجبل الأسود: "إن الدعوة ليست تركيزاً على روسيا في حد ذاتها أو أي شخص آخر.. إنه تحالف أمني عام على نطاق واسع".
ولبيان الكذب في تصريح كيري يكفي الإشارة إلى ما قاله الأمين العام للحلف الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، حيث ذكر بأن وزراء خارجية الأعضاء اتخذوا قراراً "تاريخياً" بالإجماع لبدء محادثات انضمام الجبل الأسود. ووسط تصفيق الحضور قال ستولتنبرغ "إنه يوم جيد لمونتينيغرو والبلقان والحلف بكامله" مضيفاً أن "هذه بداية تحالف جميل جداً". وبرر قرار ضم الجبل الأسود بأنه "يوجه رسالة واضحة بأن الحلف الأطلسي يبقي بابه مفتوحاً ويعزز رؤيتنا لأوروبا موحدة وفي سلام". أما وزير خارجية الجبل الأسود إيغور لوكسيتش فقال إن قرار الحلف يعكس الجهود الكبيرة التي بذلتها بلاده من أجل تطوير معايير المجتمع المدني، مضيفاً أنه "خبر جيد لغرب البلقان ووحدته وأمنه".
ومع كل الذي سبق ذكره فإن ما يجب أن يعلم هو أن أميركا لا تريد الدخول مع روسيا في حرب، ومن باب أولى القضاء على روسيا، بل تعمل فقط على إضعاف تأثيرها في أوروبا وفي محيطها السوفييتي وعدم تمكينها من أي نفوذ جدي في العلاقات الدولية إلا بالقدر الذي يخدم مصالح أميركا. والخلاصة أن ما تريده أميركا على المدى البعيد هو محاصرة روسيا في محيطها البلطيقي بحيث تكون دولة إقليمية مثلها مثل الصين حتى ولو كانت تمتلك السلاح النووي وتكنولوجيا الصواريخ وصناعة الآلات.