ابو العبد
18-06-2009, 07:40 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
التفجير النووي الثاني لكوريا الشمالية
أصدر مجلس الأمن بتاريخ 12/6/2009 وبإجماع الأعضاء الخمسة عشر القرار رقم 1874 الذي تقدمت به بريطانيا وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، بفرض عقوبات جديدة وموسعة على كوريا الشمالية. وتحتوي هذه العقوبات الجديدة على عمليات تفتيش على الشحنات التي يشتبه بأنها تحمل مواد محظورة تتعلق بنشاطات كوريا الشمالية النووية والبالستية، وتشدد هذه العقوبات الحظر على الأسلحة باستثناء الأسلحة الخفيفة، كما تشتمل على قيود مالية جديدة لوقف مصدر مهم من عائدات كوريا الشمالية من القطاعين النووي والصاروخي. لقد جاء هذا القرار رداً من أميركا على إعلان كوريا الشمالية عن إجرائها تجربة نووية جديدة في 25 أيار/مايو 2009، وهو ما جعلها تدخل بقوة هذه المرة إلى نادي الدول التي تملك الأسلحة النووية.
لقد سبق لكوريا الشمالية في 9 تشرين أول/أكتوبر 2006 أن قامت بتفجير نووي متواضع بعد أن اتهمتها أميركا بأن لها برنامجاً نووياً سرياً، فيما اتهمت كوريا الشمالية أميركا بالنكوص عن وعودها بتقديم مفاعلين نوويين يعملان بالماء الخفيف؛ وذلك بموجب اتفاق حصل بين أميركا وكوريا الشمالية عام 1994 نص على أن توقف كوريا الشمالية برنامجها النووي، وتغلق مفاعلها النووي في يونغبيون مقابل أن تزودها أميركا بمفاعلين نوويين يعملان بالماء الخفيف. ورداً على تفجير عام 2006 أصدر مجلس الأمن الدولي في 14 تشرين أول/أكتوبر 2006 قراره 1718 الذي نص على عقوبات ترمي إلى تصفية قدرات كوريا الشمالية الصاروخية والنووية. وحسب وثيقة القرار، فقد فرض مجلس الأمن حظراً على تجهيز أو بيع أو تسليم كوريا الشمالية كافة أنواع المعدات الحربية التقليدية وكذلك كافة المواد والأجهزة والبضائع والتكنولوجيات التي من الممكن استخدامها في برامج أسلحة الدمار الشامل الكورية الشمالية.
لقد تفاجأت الدول الغربية بإعلان كوريا عن تفجيرها النووي الجديد، ولذلك لجأت أميركا فوراً إلى مجلس الأمن لتشديد العقوبات المفروضة على كوريا منذ فترة طويلة. وكان الموقف الأميركي واضحاً على لسان باراك أوباما الذي قال: "إن برنامجي كوريا الشمالية النووي والصاروخي يشكلان تهديداً خطيراً للسلام والأمن في العالم. إنني أدين بشدة عملهم الطائش هذا. إن أعمال كوريا الشمالية تهدد سكان شمال شرق آسيا. كما تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وتتعارض مع التزامات كانت أعطتها كوريا الشمالية سابقاً. الآن يجب على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي اتخاد إجراءات رداً على ذلك. إن أفعال كوريا الشمالية تمثل تحدياً لقرارات الأمم المتحدة. وكنتيجة فإنها لم تعمق من عزلتها وحسب، بل هي ستعرضها للمزيد من الضغوط الدولية".
وهنا لم تجد روسيا والصين بداً من دعم أميركا في هذا المسار، فقد أصدرت وزارة الخارجية الروسية بياناً جاء فيه: "إننا ندعوا شركاءنا فى كوريا الديمقراطية على إبداء موقف مسؤول من أجل تحقيق الاستقرار فى المنطقة، وتدمير أسلحة الدمار الشامل، واحترام قرارات مجلس الأمن الدولي. وما زلنا نعتقد أن المشكلة النووية لشبه الجزيرة الكورية يمكن أن يتم حلها فقط فى المفاوضات السداسية". وأضاف البيان "إن الخطوات الأخيرة التى اتخذتها كوريا الديمقراطية تفاقم من التوترات فى شمال شرق آسيا وتعرض الأمن والاستقرار فى المنطقة للخطر. إننا نعترف بالمخاوف الشرعية لكوريا الديمقراطية ولا نرى أي بديل حقيقى لتوفير الأمن لها سوى الجهود السياسية والدبلوماسية وتشكيل مؤسسات إقليمية ذات صلة بمشاركة جميع الجوانب المعنية". أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية كين غانغ فقد قال في تصريح نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة بعد صدور القرار1874: "إن القرار الذي اتخذه مجلس الأمن بالإجماع يؤكد بوضوح معارضة المجموعة الدولية للتجربة النووية التي أجرتها جمهورية كوريا الشعبية والديموقراطية". وأضاف: "إن الصين تدعم مجلس الأمن الدولي الذي تصرف بطريقة ملائمة ومتوازنة وشارك في مفاوضات مهمة تؤكد موقفه المسؤول والبناء".
مما لا شك فيه أن التفجير النووي الكوري قد أحدث تغييراً في ميزان القوى في جنوب شرق آسيا، وسيصبح هذا التغيير أكثر تعقيداً إذا ما نجحت كوريا الشمالية في تطوير صواريخ عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس نووية بعد امتلاكها قوة الردع النووي. لقد أصبحت منطقة شرق آسيا تحتوي على أربع قوى نووية هي أميركا التي توفر غطاءً نووياً لكوريا الجنوبية واليابان وتايوان، والصين التي ما زالت تبني المزيد من الترسانة النووية والصواريخ العابرة للقارات، وروسيا وكوريا الشمالية. لقد كان الاتحاد السوفييتي يمثل غطاءً سياسياً كبيراً لكوريا الشمالية إبان فترة سياسة الوفاق الدولي، إلا أنه بعد انتهاء هذه السياسة وتفرد أميركا بالموقف الدولي منذ العام 1991، لم يبق أمام كوريا الشمالية سوى الدعم الصيني. إلا أن كوريا الشمالية لا تثق كثيراً في الصين بسبب عدم امتلاكها القدرات النووية الكافية لتتوازن مع القدرات الأميركية، وبسبب ارتهانها لأميركا في قضية تايوان. وبما أن كوريا الجنوبية واليابان هما عبارة عن مستعمرات أميركية يتواجد فيها عشرات آلاف من الجنود الأميركيين المنتشرين في أنحاء
التفجير النووي الثاني لكوريا الشمالية
أصدر مجلس الأمن بتاريخ 12/6/2009 وبإجماع الأعضاء الخمسة عشر القرار رقم 1874 الذي تقدمت به بريطانيا وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، بفرض عقوبات جديدة وموسعة على كوريا الشمالية. وتحتوي هذه العقوبات الجديدة على عمليات تفتيش على الشحنات التي يشتبه بأنها تحمل مواد محظورة تتعلق بنشاطات كوريا الشمالية النووية والبالستية، وتشدد هذه العقوبات الحظر على الأسلحة باستثناء الأسلحة الخفيفة، كما تشتمل على قيود مالية جديدة لوقف مصدر مهم من عائدات كوريا الشمالية من القطاعين النووي والصاروخي. لقد جاء هذا القرار رداً من أميركا على إعلان كوريا الشمالية عن إجرائها تجربة نووية جديدة في 25 أيار/مايو 2009، وهو ما جعلها تدخل بقوة هذه المرة إلى نادي الدول التي تملك الأسلحة النووية.
لقد سبق لكوريا الشمالية في 9 تشرين أول/أكتوبر 2006 أن قامت بتفجير نووي متواضع بعد أن اتهمتها أميركا بأن لها برنامجاً نووياً سرياً، فيما اتهمت كوريا الشمالية أميركا بالنكوص عن وعودها بتقديم مفاعلين نوويين يعملان بالماء الخفيف؛ وذلك بموجب اتفاق حصل بين أميركا وكوريا الشمالية عام 1994 نص على أن توقف كوريا الشمالية برنامجها النووي، وتغلق مفاعلها النووي في يونغبيون مقابل أن تزودها أميركا بمفاعلين نوويين يعملان بالماء الخفيف. ورداً على تفجير عام 2006 أصدر مجلس الأمن الدولي في 14 تشرين أول/أكتوبر 2006 قراره 1718 الذي نص على عقوبات ترمي إلى تصفية قدرات كوريا الشمالية الصاروخية والنووية. وحسب وثيقة القرار، فقد فرض مجلس الأمن حظراً على تجهيز أو بيع أو تسليم كوريا الشمالية كافة أنواع المعدات الحربية التقليدية وكذلك كافة المواد والأجهزة والبضائع والتكنولوجيات التي من الممكن استخدامها في برامج أسلحة الدمار الشامل الكورية الشمالية.
لقد تفاجأت الدول الغربية بإعلان كوريا عن تفجيرها النووي الجديد، ولذلك لجأت أميركا فوراً إلى مجلس الأمن لتشديد العقوبات المفروضة على كوريا منذ فترة طويلة. وكان الموقف الأميركي واضحاً على لسان باراك أوباما الذي قال: "إن برنامجي كوريا الشمالية النووي والصاروخي يشكلان تهديداً خطيراً للسلام والأمن في العالم. إنني أدين بشدة عملهم الطائش هذا. إن أعمال كوريا الشمالية تهدد سكان شمال شرق آسيا. كما تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وتتعارض مع التزامات كانت أعطتها كوريا الشمالية سابقاً. الآن يجب على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي اتخاد إجراءات رداً على ذلك. إن أفعال كوريا الشمالية تمثل تحدياً لقرارات الأمم المتحدة. وكنتيجة فإنها لم تعمق من عزلتها وحسب، بل هي ستعرضها للمزيد من الضغوط الدولية".
وهنا لم تجد روسيا والصين بداً من دعم أميركا في هذا المسار، فقد أصدرت وزارة الخارجية الروسية بياناً جاء فيه: "إننا ندعوا شركاءنا فى كوريا الديمقراطية على إبداء موقف مسؤول من أجل تحقيق الاستقرار فى المنطقة، وتدمير أسلحة الدمار الشامل، واحترام قرارات مجلس الأمن الدولي. وما زلنا نعتقد أن المشكلة النووية لشبه الجزيرة الكورية يمكن أن يتم حلها فقط فى المفاوضات السداسية". وأضاف البيان "إن الخطوات الأخيرة التى اتخذتها كوريا الديمقراطية تفاقم من التوترات فى شمال شرق آسيا وتعرض الأمن والاستقرار فى المنطقة للخطر. إننا نعترف بالمخاوف الشرعية لكوريا الديمقراطية ولا نرى أي بديل حقيقى لتوفير الأمن لها سوى الجهود السياسية والدبلوماسية وتشكيل مؤسسات إقليمية ذات صلة بمشاركة جميع الجوانب المعنية". أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية كين غانغ فقد قال في تصريح نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة بعد صدور القرار1874: "إن القرار الذي اتخذه مجلس الأمن بالإجماع يؤكد بوضوح معارضة المجموعة الدولية للتجربة النووية التي أجرتها جمهورية كوريا الشعبية والديموقراطية". وأضاف: "إن الصين تدعم مجلس الأمن الدولي الذي تصرف بطريقة ملائمة ومتوازنة وشارك في مفاوضات مهمة تؤكد موقفه المسؤول والبناء".
مما لا شك فيه أن التفجير النووي الكوري قد أحدث تغييراً في ميزان القوى في جنوب شرق آسيا، وسيصبح هذا التغيير أكثر تعقيداً إذا ما نجحت كوريا الشمالية في تطوير صواريخ عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس نووية بعد امتلاكها قوة الردع النووي. لقد أصبحت منطقة شرق آسيا تحتوي على أربع قوى نووية هي أميركا التي توفر غطاءً نووياً لكوريا الجنوبية واليابان وتايوان، والصين التي ما زالت تبني المزيد من الترسانة النووية والصواريخ العابرة للقارات، وروسيا وكوريا الشمالية. لقد كان الاتحاد السوفييتي يمثل غطاءً سياسياً كبيراً لكوريا الشمالية إبان فترة سياسة الوفاق الدولي، إلا أنه بعد انتهاء هذه السياسة وتفرد أميركا بالموقف الدولي منذ العام 1991، لم يبق أمام كوريا الشمالية سوى الدعم الصيني. إلا أن كوريا الشمالية لا تثق كثيراً في الصين بسبب عدم امتلاكها القدرات النووية الكافية لتتوازن مع القدرات الأميركية، وبسبب ارتهانها لأميركا في قضية تايوان. وبما أن كوريا الجنوبية واليابان هما عبارة عن مستعمرات أميركية يتواجد فيها عشرات آلاف من الجنود الأميركيين المنتشرين في أنحاء