مشاهدة النسخة كاملة : مجلة صوت الأمة العدد 15 الافتتاحية
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:13 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
إشغال الأمّة بنفسها
اشغال الأمّة بنفسها هدف صممته دوائر صنع القرار الأميركي والتزمت به عواصم الغرب والشرق الكافرين، وذلك للحيلولة دون نهضة أمة الإسلام، حقداً من عند أنفسهم على إسلامنا العظيم، وإبعاداً للمسلمين عن قيادة العالم لو قدر للأمة أن تنهض من كبوتها؛ ولذلك يمعنون في إبعاد الأمّة عن دينها لتكريس فصله عن حياتها وتفريق كلمتها واحترابها وتدمير مقدرات بلادها بما يمكنهم من إبقائها تحت السيطرة الكاملة لقوى الكفر.
ففي كل شهر تفقد الأمّة من أبنائها ما بين أربعة إلى خمسة آلاف يُقتلون في العراق والشام، عدا عن أضعاف هذا العدد من الجرحى. وفي ليبيا واليمن أصبحت الأمّة تفقد ما يقارب نصف العدد السابق، وفي أفغانستان والباكستان وغيرها من بلاد المسلمين تفقد الأمّة من أبنائها كثيرين. ويسقط معظمهم بأيدي بعضهم بدفع وتحريض من الغرب الكافر.
وبعد سنوات من القتال بين أبناء الأمّة استنزفت الجيوش أو تم تدميرها، وغيرت ما تسمى بالعقيدة القتالية لجيوش الأمّة لتصبح محاربة أبناء الأمّة بحجة "مكافحة الإرهاب".
ونتيجة إشغال الأمّة بنفسها دُمِّرت أو خُرِّبت عشرات المدن، وفُقدت عشرات المليارات في شراء الأسلحة من الغرب الكافر ليذبح أبناء الأمّة أنفسهم بأنفسهم ويخربوا بيوتهم بأيديهم.
قتل أبناء الأمة، وتدمير بلاد المسلمين وتفتيتها ونهب ثرواتها، كل ذلك سيبقي الأمّة في انحدار وضعف على كافة المستويات يصل حد الانهاك ليبقوا تحت أقدام أميركا والغرب الكافرين.
لقد نجحت أميركا أيما نجاح في وضع المنطقة الإسلامية على صفيح ساخن، وباتت بلاد المسلمين تموج في الفتن التي تحصد أبناء المسلمين. وقد كان إحراق الطيار الأردني وذبح الأقباط وغيرهم من نتائج عبث أميركا في بلاد المسلمين.
فمتى ستصحو الأمّة وتنتفض في وجه من يتآمرون عليها، وينشرون الفتن بين أبنائها، فتسيل الدماء الطاهرة غزيرة، وتدمر البلاد أم سينتظر المنتظرون حتى تفنى هذه الأمّة على أيدي أعدائها؟!
وإذا كانت الأمّة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس، ومقابل هذا المكر والعداء الصارخين من قوى الكفر يبرز التساؤل الكبير:
لماذا ينقاد المسلمون إلى الكفار فيسفكون دماءهم ويخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي الكافرين وهم يدركون ما سيكون عليه المصير الأسود الذي يسوقهم إليه الكفار سوقاً؟!
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:16 AM
مفاهيم لا بد من توضيحها
أولاً: قتل النفس وحرمة الدماء
إن كل قارئ لكتاب الله، وباحث في سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم يلمس أعظم التشديد على حفظ حرمة النفس الإنسانية، وقد لوحظ أن هناك تساهلاً في هذا الأمر الجلل عند البعض، سواء بالقتل دون محاكمة شرعية، أو بحجة الإثخان رغم أن الإثخان يكون قبل الأسر وليس بعده، أو قتل الكافر غير الحربي.
يقول الله تعالى في حرمة قتل النفس {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً}، {ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله إلا بالحق}، {ولا يقتلون النفس التي حرَّم الله إلا بالحق}، ويقول رسولنا الكريم: "ألا انبئكم بأكبر الكبائر...وقتل النفس.."، "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه"، "اجتنبوا السبع الموبقات.... وقتل النفس.."، "لن يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً"، "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"، "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن من غير حق، ولو أن أهل سماواته وأهل ارضه اشتركوا في قتل مؤمن لأدخلهم الله النار".
ثانياً: البشاعة في القتل
إن ذبح الإنسان كما تذبح الشاة هو أمر بشع ومقزز، وهو في ذات الوقت لا يَجلب تأييد المسلمين فضلاً عن نفورهم الشديد من تلك المشاهد، ولا نريد أن ننقل ما سيكون عليه تصور الكفار الذين أمرنا أن نعمل على إيصال رسالة الإسلام إليهم لنقلهم من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام.
إن الإسلام الذي نعتنقه جميعاً هو دين الرحمة {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، ونحن مأمورون بالرحمة حتى في قتل الحيوانات "إذا قتلتم فأحسنوا القتلة"، ولم يرد عن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام أنه فعل في أسارى بدر أو حنين أو من قتلهم ممن غدروا به من بني قريظة أنه ذبح أحداً منهم كما تذبح الشاة، فضلاً عن حرقهم, وكان قد فادى أسارى بدر وأطلق سراح بعضهم ومنَّ على أهل مكة الذين أمعنوا أذى في الصد عن دعوته وكذبوه وعذبوه قائلاً لهم "اذهبوا فانتم الطلقاء" ومن على أسارى حنين. أما بني قريظة الذين غدروا به فقد نزل على حكم سعد رضي الله عنه فيهم وقتلهم ولم يذبحهم ذبح الشياه.
ثالثاً: الفتنة والصد عن الإسلام ومفهوم الخلافة
إن ذبح الناس ذبح الشياه فضلاً عن حرقهم, فيه صدٌّ وتنفيرٌ عن الدين ومفهوم الخلافة والعمل لتغيير أوضاع الامة. وإذا كانت الإطالة في الصلاة قد سماها رسول الهدى والرحمة فتنة عن الدين "أفتان أنت يا معاذ؟!" فكيف بمن يذبح الناس ويقتل ما بين يديه من الأسرى الذين أمرنا الإسلام برحمتهم والإحسان إليهم.
وفي هذه المناسبة نذكر بصنيع صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى حين عفا عن نصارى القدس، وكان صنيعه ذاك قد خلده التاريخ ضارباً المثل بتسامح المسلمين ورحمتهم في الوقت الذي ذم بعض حتى مؤرخي أوروبا صنيع قومهم بقتلهم المسلمين بوحشية شديدة.
وخلاصة القول أن تلك الكيفية من القتل تنفر الناس عن دين الله وتعرضهم للفتنة، ويلعن كثير من الناس من يفعلها وهم يشاهدون تلك المناظر البشعة. فإن كانت تلك الأساليب في القتل تنفر الناس، وتستجلب العداء فتزيد الأعداء ولا تشردهم، وتشوه صورة الدولة في الإسلام، وتنقل صورة سيئة حتى عن الإسلام، فبماذا يفسر الإصرار على الإبقاء على تلك الأساليب؟!
رابعاً: التفريق بين رأي الشرع والرأي الشرعي
إن من إحسان رعاية الأمّة عدم إلزام الناس برأي شرعي واحد يتم تبنيه من قبل الحاكم والتضييق به على الناس، وذلك أن هناك أمراً يجب الانتباه إليه في هذا الصدد هو:
إن الآراء الشرعية قسمان؛ أحدهما رأي لا يختلف فيه مسلمان مثل فرضية الصلاة والصيام والزكاة والحج، ويطلق على مثل هذه الآراء التي لا يختلف فيها المسلمون (رأي الشرع أو رأي الإسلام)، اما القسم الآخر فهو ما يمكن أن يختلف فيه المسلمون من الآراء الفقهية المستنبطة باجتهاد صحيح، وهذا النوع من الآراء يطلق عليه (رأي شرعي أو إسلامي)، ولذلك لا يصح أن يتم إلزام الناس برأي واحد في كل ما يختلفون به إلا ما يمكن أن يحدث نتيجة عدم تبني الخليفة لرأي من الآراء الخلافية تهديداً لاستقرار الدولة ووحدة المجتمع.
خامساً: توجيه الناس نحو قتال الكفار الفعليين:
هناك حجة في التوجه لقتال المسلمين او الخارجين على الدولة أو المرتدين دون الكفار الحربيين وهي حرب أبي بكر رضي الله عنه للمرتدين وقيام صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى هو وسلفه نور الدين زنكي بالعمل القتالي لتوحيد بلاد الإسلام، ثم بعد ذلك باشر قتال الكفار. وما يطرح في هذا الصدد أفكار تتعلق بمصلحة الأمّة في وقت من الأوقات ولا يعتبر ذلك من الأدلة الشرعية، وإن كانت تلك أدلة شرعية وهي ليست كذلك فإن أي كيان إسلامي سينشغل لعقود في قتال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها حتى تتحقق وحدة بلاد المسلمين!! فتوجيه مجموعات قتالية لمقارعة اليهود أو الأميركان أو غيرهم هو بالقطع أولى من الانشغال الدائم في قتال يريده الكفار ليوغل المسلمون في دماء بعضهم بفتح مسالك تزرع فيها الأحقاد بين المسلمين.
وعليه فإنه ينبغي توجيه الأنظار إلى ضرورة إعادة النظر في مثل هذه المفاهيم المدمرة للأمة حال دوام اعتبارها مسلمات غير قابلة للمساس بها.
وقد سبق لحزب التحرير أن وضع خطة حال نجاح إحدى محاولاته الإنقلابية سنة 1969م في الأردن وسوريا بأن يبادر الجيشان السوري والأردني بمهاجمة "إسرائيل" لمنع أميركا والإنجليز من تحريك عملائهم المحيطون بالدولة من حرب التدخل في ذلك الوقت الذي كانت فيه الأمّة معبأة بالثأر من يهود، ولم يكن حاكم أن يجرؤ حينها على تحريك أية قوة للتصدي للخلافة وهي منشغلة في قتال يهود.
سادساً: عدم التشتت والتوجه نحو جبهة واحدة
لقد كان رسولنا وقائدنا عليه أفضل الصلاة والسلام قائداً عسكرياً فذاً، ومن استراتيجياته أن لم يكن يعلن عن وجهته الحربية، وكان يواجه عدواً واحداً في معاركة إلا إن تحالف أعداؤه عليه، ومع ذلك كان يعمل على تفكيك حلف أعدائه، وحادثة ابن أم معبد بعد إسلامه واستثذان رسولنا الكريم للتخذيل عن المسلمين بالإيقاع بين بني قريظة وكفار قريش مشهورة.
والواقع يشهد أن الجبهات المفتوحة كفيلة بالإضعاف السريع والإنهاك لأية قوات مسلحة مهما كانت قوتها، وليس من الحنكة العسكرية بمكان فتح جبهات متعددة بشكل دائم بل لا بد من المسارعة بالعمل على إغلاق جبهة أو أكثر ليتسنى عدم تشتيت القوى.
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:17 AM
تهريب منصور هادي إلى عدن
هي الخطوة الثانية نحو الانفصال
وأخيراً تمكن الرئيس عبد ربه منصور هادي من مغادرة صنعاء إلى عدن عبر ترتيبات أمنية سرية، قيل أن الحوثيين لم يتمكنوا من معرفتها. والحقيقة أنه بعد أن فرض الحوثيون على الرئيس هادي الإقامة الجبرية لأكثر من شهر ونصف، أُريد لهروبه أن يكون بشكل سينمائي حتى يتم إظهاره كبطل قومي استطاع الفكاك من أسر الحوثيين له.
لكن التوقيت الذي خرج فيه الرئيس هادي إلى عدن، وهو قبل حلول موعد انتهاء فترة تقديم استقالته, وبعد خروج سفراء كثير من الدول من صنعاء، وشعور الحوثيين أنهم باتوا في مأزق بعد ضيق الخيارات أمامهم، يؤكد أن عملية "تهريب" هادي كانت نتاج تخطيط استخباراتي إقليمي ودولي، تمت بإرادة وعلم من زعماء الحوثيين أنفسهم.
فقد ذكرت مصادر إعلامية أن وساطة مشتركة من دولتي إيران وسلطنة عمان سمحت للرئيس هادي بمغادرة صنعاء والتوجه إلى محافظة عدن جنوبي البلاد. وهذا يؤكد مرة أخرى أن هروب هادي جاء في إطار استكمال دوره السياسي الذي بدأه مع الحوثيين وسوف تكون له نتائج خطيرة على الأرض، أهمها السير في مشروع تقسيم اليمن (الفدرالية) والتسريع في استقلال الجنوب.
ولذلك ليس غريباً أنه في الوقت الذي أُعلن فيه عن هروب هادي إلى عدن كان المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بن عمر، قد أعلن عن اتفاق القوى السياسية على تشكيل هيئة تشريعية من غرفتين تسمى المجلس الوطني الذي يضم البرلمان الحالي إضافة إلى مجلس الشعب الانتقالي. وقد جاء هذا الإعلان بدعم أميركي.
ففي الوقت الذي لم تعبر فيه أميركا عن موقف واضح من مسألة هروب منصور هادي إلى عدن سوى ما ورد سابقاً من مطالبة مجلس الأمن الدولي بإنهاء الإقامة الجبرية لهادي، نجد المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر ساكي، قالت في نفس اليوم (21/2) الذي أعلن فيه بن عمر عن تشكيل الهيئة التشريعية الجديدة: "نواصل دعمنا لجهود المبعوث الخاص (جمال بن عمر) للعمل مع الأطراف (اليمنية) للوصول إلى حل للأزمة السياسية، ونحن على اتصال منتظم معه (بن عمر) وفريقه فيما يتعلق بالوضع على الأرض".
أما ما أعلنه منصور هادي في بيانه بعد أن استقر في عدن فهو يصب في مصلحة تنفيذ المخططات الأميركية الرامية إلى تقسيم اليمن وفصل الجنوب. ورغم التعارض الظاهر في المواقف بينه وبين الحوثيين فإن ذلك هو آلية تنفيذ ما رسمته أميركا لكلا الطرفين من أجل تحقيق أهدافها.
فقد أعلن هادي باعتباره ما زال حسب توقيع البيان رئيساً للجمهورية "تمسكه باستكمال العملية السياسية المستندة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية كمرجعية رئيسية"، "بالإضافة لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومسودة الدستور لليمن الاتحادي الجديد".
وبعد أن اعتبر أن كل ما حصل منذ 21 أيلول/سبتمبر 2014 عملاً انقلابياً فإنه "يؤكد بصورة جلية أن كل الخطـوات والإجراءات والتعيينـات التي اتخـذت خارج إطار الشرعية منـذ ذلك التاريخ باطلـة لا شرعية لها".
أما الحل الذي اقترحه هادي فهو الدعوة إلى "انعقاد اجتماع للهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الحوار في مدينة عدن أو محافظة تعز لحين عودة العاصمة صنعاء إلى الحاضنة الوطنية كعاصمة آمنة لكل اليمنيين وخروج كافة المليشيات المسلحة منها".
وقبل أن يصدر هادي هذا البيان بساعات اعتبرت اللجنة الثورية العليا التابعة لجماعة الحوثيين أن ملابسات حادثة تهريب الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي إلى عدن، تؤكد "أن المقصود منها هو جر الوطن إلى الانهيار خدمة لقوى أجنبية، مما يؤكد صوابية الإجراءات التي اتخذتها اللجنة وعلى رأسها الإعلان الدستوري". وأضافت اللجنة في بلاغها: "ويعد هروب هادي تفنيداً للادعاءات والأكاذيب أنه كان محاصراً من قبل اللجان الشعبية".
ومن هنا فالمشهد اليمني يتجه نحو تمسك الحوثيين باستكمال انقلابهم ظاهراً بالتعاون مع أتباع علي صالح وبإغراء خفي من بعض دول الإقليم التي تقف خلفها أميركا.
والحوثيون الذين يعتبرون أن هادي قد فقد شرعيته بعد أن قدم استقالته وهرب إلى عدن، أخذوا يعانون من أزمة الشرعية بقوة بعد أن غادر صنعاء سفراء أميركا وبريطانيا وبعض الدول التي لها سفراء في اليمن قبل الإعلان عن هروب هادي، مما يفاقم من أزمات البلاد، وبخاصة بعد إعلان هادي عودته عن استقالته، واتخاذه عدن مركزاً فعلياً لسلطته، وتوجه الوفود لإعلان ولائها لشرعيته.
ومن خلال هذا التناقض في المواقف ظاهرياً بين الطرفين سوف يتمزق اليمن جغرافياً حسب مقتضى خطة أميركا في القضاء على وحدة اليمن.
ويتركز إضعاف البلاد في زيادة مبررات الاحتراب المذهبية والقبلية والجهوية، وسيتم التوجه إلى حل يقود فيه (بن عمر) البلاد إلى الدولة الاتحادية بعد أن تم زرع بذور الفتن بين أبناء الأمّة في اليمن، وبعد أن تصبح وحدة البلاد وتماسك أبناء الأمّة فيها أوهى من بيت العنكبوت _لا قدر الله_ رغم اتخاذ مظلة الدولة الاتحادية التي يتوهمها البعض أنها ستكون طوق النجاة رغم أنها وصفة لهلاك العباد وتمزيق البلاد، بعد أن تم تمرير تلك الوصفة الخبيثة من خلال مؤتمر الحوار الوطني الذي رعته الأمم المتحدة والتي يعلم القاصي والداني أنها أحد أهم أدوات أميركا الطيعة في تنفيذ مشاريعها وإرادتها.
ورغم انتشاء الحوثيين بتضخيم حجمهم السياسي وزيادة نفوذهم، إلا أن المخلصين منهم سيكتشفون متأخرين أنهم إنما اتُخِذوا أدوات طيعة في خدمة مشاريع أميركا التي يرفعون شعار الموت لها، وأن المكاسب المذهبية التي توهموها إنما كانت إحدى وسائل بذر الفتنة بين أبناء الأمّة واستكمالاً لمخطط خبيث يتقصد تعزيز وجود معسكرين مذهبيين يُراد لهما التناحر الذي يخدمان به مراد معسكر الكفر الذي تقوده أميركا المجرمة.
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:19 AM
الجدل حول زيارة نتنياهو إلى أميركا
أثارت دعوة رئيس مجلس النواب الأميركي، وزعيم الأغلبية الجمهورية، جون باينر إلى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لإلقاء خطاب أمام مجلسي الكونغرس ردود فعل كبيرة في الولايات المتحدة. ومن خلال متابعة الحدث يبدو أن الجدل الذي اُثير حول هذه الزيارة وذاك الخطاب كان أمراً مقصوداً من أجل تحقيق أربعة أهداف، ثلاثة منها تتعلق بصياغة الرأي العام الأميركي في نظرته لدولة إسرائيل، والهدف الرابع يتعلق بإسرائيل نفسها.
فأما الأهداف المتعلقة بصياغة الرأي العام الأميركي فهي كما يلي:
أولاً: تم اظهار حكام اسرائيل بأنهم يتدخلون في الشؤون الداخلية لأميركا، وهذا يبدو عند الرأي العام الشعبي والسياسي بمثابة تدخل خارجي يتعلق بسياسات أميركا وكيفية رعايتها لشؤون الشعب الأميركي في الخارج. فقد جاء نتنياهو إلى أميركا ليلقي كلمته أمام مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين من أجل عرقلة المباحثات الغربية مع إيران حول برنامجها النووي، معتبرًا أن الاتفاق الوشيك بشأن ذلك سيساعد طهران على تكثيف مساعي امتلاك السلاح النووي. وهذا هو منتهى التدخل في تحديد كيفية رعاية أميركا لمصالح شعبها في الخارج.
ولذلك ليس غريباً أن يرد البيت الأبيض "بـفتور" على زيارة ناتنياهو، بل إن الرئيس باراك أوباما عارض الزيارة لأنها لم تنسق مع البيت الأبيض قائلاً إن "البيت الأبيض غير معتاد على زيارات زعماء الدول غداة الانتخابات في بلدانهم وسط إصرار نتنياهو على الزيارة".
وكشف أوباما أنه لن يجتمع بنتياهو لأن زيارته تأتي قبل أسبوعين من الانتخابات العامة في إسرائيل، والتي يسعى خلالها زعيم حزب الليكود إلى الفوز بولاية جديدة. أما نائب الرئيس جو بايدن والذي يحضر تقليدياً خطابات القادة الأجانب في الكونغرس، فقد كان غائباً بسبب زيارة إلى الخارج نظمت في الوقت نفسه؛ وكذلك وزير الخارجية جون كيري الذي كان خارج البلاد مشغولاً بمفاوضات الملف النووي الإيراني.
ثانياً: اشعار الرأي العام الأميركي بأن ما قام به نتنياهو ليس خطراً فقط على فهم وتحديد المصالح الأميركية بل أيضاً خطر على الوحدة الوطنية للشعب الأميركي نفسه. فقد أحدثت زيارة ناتنياهو وما تبعها من جدل انقساماً في الوسط السياسي الأميركي، إذ صرَّح الناطق باسم البيت الأبيض "أنه يبدو أن الدعوة تتجاوز الأعراف الدبلوماسية". في حين قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري "إن نتنياهو مدعو لإلقاء كلمته في الأراضي الأميركية في أي وقت، لكنه استغرب أيضاً صدور الدعوة إلى نتنياهو عن مكتب رئيس مجلس النواب، وليس عبر القنوات الدبلوماسية المعروفة".
أما الرئيس أوباما فقد حث الكونغرس بعد خطاب نتنياهو على الانتظار حتى إكمال اتفاق نووي مع إيران ليمكنه تقييم الاتفاق، داعياً الجمهوريين إلى "عدم تسييس العلاقات بين أميركا وإسرائيل". وأضاف "نشاطر إسرائيل هواجسها بشأن طبيعة النظام الإيراني وطموحاته، ولكن المهم ألا يتم تشتيت انتباهنا"، مردفاً: "لدينا أدلة أن العقوبات لوحدها غير كافية لوقف طموحات إيران النووية".
ثالثاً: ايجاد جرأة غير مسبوقة على انتقاد حكام إسرائيل من قبل أعضاء في الحكومة والكونغرس بشكل علني وبأسلوب لاذع أيضاً. فقد حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري يوم (2/3) بنيامين نتنياهو من كشف أي تفاصيل في الخطاب الذي سيلقيه في الكونغرس الأميركي بشأن المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي.
وبعد القاء نتنياهو لخطابه قال الرئيس باراك أوباما للصحفيين مساء الثلاثاء (4/3) أنه "يستطيع القول بأنه لا يوجد جديد في خطاب نتنياهو، وأنه لم يقدم أي بدائل مجدية" (بخصوص الصفقة حول البرنامج النووي الإيراني). وقال أيضاً أن "نتنياهو لم يقدم بديلاً قابلاً للتطبيق. لم نتوصل إلى اتفاق بعد، لكن إذا نجحنا فسيكون ذلك أفضل اتفاق ممكن مع إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي".
أما أقوى الانتقادات فقد جاءت من زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، نانسي بيلوسي، التي وصفت أسلوب خطاب نتانياهو بالتعالي والاستخفاف بالعقول. وأضافت: "كواحدة تقدر العلاقات الإسرائيلية الأميركية وتقدر إسرائيل كدت على وشك البكاء طوال خطاب رئيس الوزراء، وحزينة للتحقير الموجه لذكاء الولايات المتحدة كعضو في مجموعة 5+1، وحزينة أيضاً للتعالي على معرفتنا بالخطر الذي تمثله إيران والتزامنا الشامل بمنع الانتشار النووي".
هذه هي الأهداف الثلاثة التي ترجو أميركا تحقيقها من وراء الجدل الذي سبق ورافق زيارة نتنياهو لإلقاء كلمته في الكونغرس.
أما الهدف المتعلق بإسرائيل نفسها فهو التالي:
رابعاً: تخويف إسرائيل من الخطر الإيراني، خاصة بعد أن قال نتنياهو إن سعي إيران لامتلاك سلاح نووي يهدد وجود ومستقبل الكيان الإسرائيلي، مضيفاً أن "الشعب اليهودي يواجه تهديدًا جديدًا من إيران التي تسعى لتدميره". واستغل السناتور الجمهوري ليندسي غراهام هذا الخوف ليصب الزيت على النار قائلاً: أتفق مع رئيس الوزراء بأن الاتفاق المطروح الآن هو إعادة إنتاج لكوريا شمالية جديدة"، وأضاف "أتفق معه أيضاً على أن صفقة أفضل أمر ممكن".
إن ما يقلق حكام إسرائيل ليس فقط برنامج إيران النووي بل إن خوفهم الأكبر هو سقوط أهميتهم ودورهم في المخططات الأميركية بالشرق الأوسط وحصول إيران على صفة الوكيل الأول في تنفيذ المخططات الأميركية وتحقيق مصالحها الكبرى، وبخاصة بعدما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" من تبادل للرسائل بين أوباما وخامنئي منذ تشرين أول/أكتوبر 2014.
ورغم أن إيران تقوم بدور كبير في خدمة المصالح الآنية والإستراتيجية لأميركا في الخليج والعراق واليمن وبلاد الشام، إلا أن قيام تعاون علني بين أميركا وإيران وما يعنيه من السير نحو تطبيع العلاقات بشكل رسمي بحجة القتال ضد "داعش" بعد التوصل إلى اتفاق في الملف النووي، هو الذي يقض مضاحع حكام إسرائيل.
ونختم بالقول أن نتنياهو عندما جاء إلى أميركا كان يريد رفع أسهمه في الإنتخابات باظهار نفسه للرأي العام الإسرائيلي بأنه رجل دولة بامتياز لأنه يدافع عن مصالح اسرائيل في العالم، لكنه وفر لحكام أميركا مسوغات لصياغة الرأي العام الأميركي في اتجاه معالجة تعنت حكام إسرائيل. ولهذا السبب جوبهت زيارة نتنياهو بمعارضة إسرائيلية داخلية ومن غالبية الأحزاب بعد أن رأت فيها محاولة من نتنياهو لكسب المزيد من المقاعد الانتخابية على حساب تدهور العلاقات مع الإدارة الأميركية.
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:20 AM
اتهام حماس بـ"الإرهاب" ودور السيسي في المنطقة
إن الحكم الذي أصدرته محكمة الأمور المستعجلة في القاهرة يوم 28/2/2015 بتصنيف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منظمة إرهابية، يدخل في اطار الضغوط الذي تقوم بها أميركا على حماس حتى تسير على نفس الخطوات التي سارت فيها منظمة التحرير في السبعينات. فقد كانت منظمة التحرير معنية بأن تثبت للعالم أنها منظمة "غير إرهابية" وهدفها الحصول على حقوق الفلسطينيين، والآن نرى حماس منهمكة في تبرئة نفسها من تهمة "الإرهاب" بعد أن أشغلتها أميركا بذلك.
وقد جاء هذا الحكم بعد أن سبق لهذه المحكمة أن أصدرت الشهر الماضي حكماً باعتبار كتائب القسام منظمة إرهابية، وقبل ذلك أصدرت في آذار/مارس 2014 حكماً بحظر أنشطة الحركة في مصر والتحفظ على جميع مقراتها.
وبهذا الحكم القضائي فإن حماس سوف تجد نفسها مضطرة بالتسريع في قضية تنفيذ بنود المصالحة مع منظمة التحرير كمقدمة لازمة من أجل الاشتراك في سلطة محمود عباس والاندماج في المنظمة. ذلك أن مسألة التمثيل الفلسطيني في المفاوضات قضية مهمة جداً في أي اتفاق قادم يتعلق بتصفية فلسطين من خلال القبول بحل إقامة دولتين.
وتدخل أيضاً عملية توصيف حماس بالمنظمة "الإرهابية"، وقبل ذلك توصيف حركة الإخوان المسلمين بالمنظمة "الإرهابية" في سياق السعي الأميركي لصياغة المنطقة فكرياً وسياسياً وجغرافياً عبر مشروع الشرق الأوسط الكبير.
وقد بات واضحاً الدور الجديد الذي يقوم به نظام السيسي في المنطقة عبر تقديم خدماته المخزية والخيانية لمصلحة المخططات الأميركية. ففي ليبيا يقوم السيسي بدعم جماعة حفتر وحكومة عبدالله الثني بالعتاد العسكري ورجال الاستخبارات وبالضربات الجوية.
وفي اليمن يحصل الحوثيون على "تفاهمات كبيرة" مع السفارة المصرية نتج عنها زيارة وفد رسمي من جماعة "أنصار الله" إلى القاهرة في نفس اليوم (1/3/2015) الذي كان فيه عبد الفتاح السيسي يلتقي الملك سلمان بن عبدالعزيز في الرياض.
وقد جاءت زيارة الحوثيين للقاهرة بعد أيام من قيام علي عبدالله صالح بإرسال وفد تابع له برئاسة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام "عارف الزوكا" للقاء مسؤولين مصريين والتنسيق معهم بشأن المرحلة الجديدة.
وهكذا تكون أميركا قد وزعت الأدوار على عملائها في المنطقة باحتضان وتبني طرفي الحكم في اليمن، الحوثيين وعلي صالح في صنعاء، وهادي منصور وأحزاب اللقاء المشترك في عدن.
وفي الوقت الذي تقوم فيه أميركا بإشغال الأوساط السياسية والحزبية والرأي العام بالحديث مجدداً عن المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار عبر مبعوثها غير الرسمي جمال بن عمر، يجري عملياً ترسيخ مركزي الحكم في كل من صنعاء وعدن، وما يعنيه ذلك من تثبيت واقع التقسيم الفعلي للبلاد.
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:22 AM
عملية "شارلي إيبدو" وتداعياتها
أحداث 11 سبتمبر جديدة بنسخة فرنسية
كشفت طريقة تحرك المسلحين الذين هاجموا صحيفة "شارلي إيبدو" في باريس الأربعاء 7/1/2015 أن العملية قام بها أشخاص تلقوا تدريباً عسكرياً عالياً. وقد تم التنفيذ بناء على معلومات دقيقة متعلقة بتوقيت اجتماع غرفة التحرير الأسبوعي في مقر فرعي للجريدة مخصص لكبار المحررين والرسامين فيها. وقد أظهر المهاجمان أريحية كبيرة أثناء التنفيذ، وتمكّنا من الفرار بكل بساطة من وسط باريس، فيما نجحت السلطات الأمنية الفرنسية في تحديد هويتهما بعد يوم واحد من العملية.
وفي النهاية تم قتل المشتبه فيهما (سعيد وشريف كواشي)، كما تم قتل العنصر الثالث (أحمدي كوليبالي) الذي قام بعملية احتجاز رهائن شرقي العاصمة. وهكذا تم اقفال الملف وطُمس الطابع المخابراتي على العملية كلها، تماماً كما حصل مع محمد مراح، منفذ هجمات تولوز التي أريد منها رفع أسهم نيكولا ساركوزي في الإنتخابات الفرنسية 2012.
وقد تبين لاحقاً أن محمد مراح الذي قتل على يد قوات النخبة الفرنسية كان ضابطاً في الإدارة العامة للإستعلامات الداخلية (dcri) كما شهد بذلك "إيف بوني" الرئيس السابق للمخابرات الفرنسية المعروفة باسم "دائرة مراقبة البلاد" (dst)، وكشفت عن ذلك أيضاً صحيفة إيطالية ذكرت بأن محمد مراح سافر إلى فلسلطين وسوريا تحت غطاء المخابرات الفرنسية.
ومنذ البداية قام الوسطين السياسي والإعلامي في فرنسا بربط عملية "شارلي إيبدو" بأنه انتقام من الصحيفة التي نشرت رسوماً مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في العام في 2006 وما بعدها. كما تم ربط هذه العملية بما أصدرته الصحيفة في عددها الأخير تحت عنوان "توقعات المنجم ويلبيك: في العام 2015 أفقد أسناني... وفي 2022 أصوم شهر رمضان!"، تزامناً مع صدور رواية خيالية للكاتب ميشال ويلبيك بعنوان "سوميسيون" (الاستسلام) يتحدث فيها عن أسلمة المجتمع الفرنسي ابتداءً من العام 2022 مع انتهاء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند في فرنسا.
وهكذا كشف المخططون للعملية التي وصفها البعض بأنها "11 سبتمبر فرنسا" بأن المقصود الأول من ورائها هو تخويف فرنسا وأوروبا من خطر الإسلام وتركيز سياسة الإسلاموفوبيا، بما يعنيه ذلك من زرع الكراهية ضد الإسلام والمسلمين وبناء حاجز كثيف أمام فئات كبيرة من الشعوب الأوروبية التي ملت من الرأسمالية وصارت تبحث في الإسلام عن حلول لمشاكلها الوجودية والمجتمعية.
هذا هو المقصود الأول لعملية "شارلي إيبدو" على مستوى صياغة الرأي العام الأوروبي والغربي الذي يراد له أن يبقى في حالة عداء مستمرة للإسلام والمسلمين من أجل التغطية على جرائم الغرب في العالم الإسلامي وتجييشه في المعركة السياسية والفكرية ضد المسلمين.
أما على مستوى الإستثمار السياسي فقد تداعى سياسيو فرنسا وأوروبا بسرعة إلى ما سمي بـ"مظاهرة الجمهورية" من أجل التأكيد على قيم العلمانية وبخاصة "حرية الصحافة والتعبير" والإدعاء بتفوق "الحضارة الغربية على البربرية" مع التهويل من خطر "الإرهاب الإسلامي" على تلك القيم.
ثم اندفع زعماء أوروبا وأميركا وقادة مخابراتها إلى الإجتماع من أجل وضع قوانين تحد من حركة المسلمين وتضيق عليهم معيشتهم بحجة "التصدي للإرهاب والوقاية منه"، فكان هذا هو المقصود الثاني من عملية "شارلي إيبدو".
إنهم يريدون وضع قوانين تشبه أو تفوق قوانين محاكم التفتيش الإسبانية ضد المسلمين في القرن الخامس العشر للميلاد. وقد تم اختيار فرنسا لأنها من أكثر المجتمعات الأوربية المتشبعة بأفكار الحرية وليس من السهل سن قوانين واتخاذ اجراءات تحد من هذه الحرية دون عملية مثل عملية "شارلي ايبدو" تكون بمثابة 11 سبتمبر لفرنسا، وبقية دول أوروبا، بعد أن يتم تضخيمها سياسياً والنفخ فيها اعلامياً.
فقد انبرى وزير الأمن الداخلي الأميركي في يوم "مظاهرة الجمهورية" ليعلن من باريس أن "أميركا سوف تعقد مؤتمراً دولياً حول الإرهاب يوم 18/2/2015". ثم سافر رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون إلى أميركا، وفي مؤتمر صحفي مشترك يوم 18/1 قال باراك أوباما أنه ناقش مع كاميرون "الإرهاب بعد الهجمات في باريس وما يحصل في بلجيكا"، وأضاف "نحن إلى جانب حلفائنا في فرنسا ومع كل الشركاء وسنفعل كل ما في وسعنا لمساعدة فرنسا في الحصول على العدالة والقضاء على الشبكات الإرهابية".
وأعلن أوباما: "علينا العمل معاً على استراتيجيات لمواجهة التطرف وتجنيد الشباب في المنظمات الإرهابية"، وتابع كلامه مفترياً على الإسلام والمسلمين فقال: "التشدد العنيف يتعاظم ويتغلغل في المجتمعات كما تكبر القدرة على تجنيد الشباب. وهذا تهديد سوف نحله لأننا الأكثر قوة ونمثل قيماً
أغلبية المسلمين تؤمن بها أبرزها التسامح. إنها مشكلة تسبب ألماً وفي النهاية سنهزمها، ليس فقط بالأسلحة، بل بخلق خطاب مضاد للعدمية وتقديم رسالة مضادة بالقوة نفسها التي تأتي بها رسالة المتطرفين. نحن نحصن أنفسنا ضد هذا النوع من التشدد وستكون طريقة بطيئة ومنهجية لكنني واثق بأننا سنصل إلى ما نريده".
أما كاميرون فقال من جهته: "رأينا في الأيام الماضية هجمات في باريس وبيشاور، والعالم سئم الإرهاب ونحن نعرف كيف نواجهه وكيف نفوز". وفي رده على الأوضاع الأمنية التي تعيشها أوروبا، قال كاميرون: "نواجه تهديداً إرهابياً في أوروباً والعالم وعلينا التصدي لخطاب الموت. وأيضاً نعمل مع شركائنا لتبادل المعلومات الاستخبارية لمنع حدوث أعمال إرهابية. الكفاح سيكون طويلاً، وستنتصر قيم الحرية والديمقراطية في نهاية الأمر".
ولم يكتف أوباما وكاميرون في المؤتمر الصحفي المشترك باستثمار "عملية شارلي إيبدو" على مستوى سن القوانين المضيقة لحياة المسلمين والترهيب من خطر الإسلام على قيم العلمانية والحضارة الغربية، بل إنهما ربطا عملية باريس بسياسة "مكافحة الإرهاب" على مستوى "الشرق الأوسط الكبير". فكان هذا هو المقصود الثالث من عملية "شارلي إيبدو".
والحقيقة أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد سبقهما إلى هذا الربط عندما قال بتاريخ 13/1 "إن فرنسا لن تركع أمام البربرية والهمجية، وستواصل كفاحها ضد كل ما يستهدف الفرنسيين بمختلف أطيافهم... إن المعركة لم تنته، وهناك تهديدات خارج الحدود.. ويجب أن يتحلى الفرنسيون بالوحدة لمواجهة كل الأخطار المحتملة".
أما باراك أوباما فقد أعلن في المؤتمر الصحفي المشترك مع دافيد كاميرون أن "قوات التحالف تدمر البنى التحتية لتنظيم داعش وتعزز تدريب القوات العراقية للقضاء على التنظيم". وفي الشأن السوري قال أوباما: "لا يوجد شك في أن الفراغ والفوضى في سورية يمكنان المقاتلين الأجانب من الدخول إليها والخروج منها. ونحن حالياً نعمل مع شركائنا لتنفيذ اجراءات لتحديد من يمكن أن يسافر إلى سورية للحصول على التدريب والقتال ولوضع خطط يتم تفعليها عند عودتهم إلى بلدانهم".
أما دافيد كاميرون فقال: "نحن نواجه أيديولوجيا تهاجم الإسلام وعلينا التصدي لها، ونقوم بضربات جوية في العراق ونعتزم نشر قوات على الأرض مدربة بشكل أفضل. وسنواصل دعم القوات العراقية وسنرفع مساهماتنا في عمليات التدريب".
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:23 AM
إن عملية "شارلي إيبدو" جاءت أيضاً لخدمة أغراض السياسة الخارجية الفرنسية في الغزو والإحتلال العسكري لبلاد المسلمين، وهذا هو المقصود الرابع من عملية باريس الأخيرة. فالسياسة الخارجية الفرنسية هي مجرد تابع للمخططات الأميركية في تفتيت الأمّة الإسلامية والسيطرة على ثرواتها. ولبيان ذلك نكتفي بضرب مثالين تزامن وقوعهما مع عملية "شارلي إيبدو".
المثال الأول:
صادق البرلمان الفرنسي أو ما يعرف بالجمعية الوطنية الفرنسية يوم الثلاثاء (13/1) بأغلبية ساحقة على مواصلة فرنسا تنفيذ ضربات جوية في العراق ضد مواقع "تنظيم الدولة الإسلامية"، وذلك بعد أيام من هجمات باريس. وقد جاء هذا التصويت بعد امتناع "جان جاك كاندليي" وحزبه من الجبهة اليسارية عن التصويت، وبرر ذلك بقوله: "لأن هذا التدخل لا يتم تحت مظلة مجلس الأمن الدولي، بل تحت حلف شمال الأطلسي، ولأننا نشك في فعالية الضربات الجديدة".
أما رئيس الوزراء مانويل فالس فقد دعا النواب إلى تمديد المهمة الفرنسية "لأنها لم تنته بعد"، وأضاف بـ"أنها حرب حقيقية ضد الإرهاب الذي نواجهه". وأكد على هذا المعنى أيضاً زعيم النواب الاشتراكيين (غالبية) "برونو لورو" فقال يوم التصويت: إن "محاربة الإرهاب على أرضنا تتطلب محاربة الإرهاب حيث ينتشر".
ومباشرة بعد تصويت البرلمان الفرنسي أبحرت في نفس اليوم حاملة الطائرات الفرنسية "شارل ديغول" من مدينة طولون (جنوب فرنسا) متوجهة إلى الخليج، حيث من غير المستبعد أن تشارك في عمليات بالعراق ضد "تنظيم الدولة الإسلامية" قبل التوجه إلى المحيط الهندي، كما أعلنت ذلك قيادة أركان الجيوش الفرنسية.
المثال الثاني:
قبل عملية "شارلي إيبدو" بأسبوع وتحديدا في رأس السنة الميلادية قام وزير الدفاع الفرنسي "جان إيف لودريان" بزيارة القاعدة العسكرية الفرنسية في نجامينا بتشاد، وبعد ذلك توجه يوم الخميس في زيارة تفقدية إلى قاعدة "ماداما" العسكرية التي أنشأتها فرنسا حديثا في شمال النيجر على بعد 100 كلم من الحدود الليبية. وتعتبر قاعدة "ماداما" هي الثانية التي تجهزها فرنسا في النيجر بعد القاعدة الجوية التي افتتحتها بالعاصمة نيامي في بداية 2013 إثر تدخل الجيش الفرنسي في شمال مالي.
وقد سبق لوزير الدفاع الفرنسي أن صرَّح عندما بدأت الأشغال في بناء قاعدة "ماداما" بالقول أن هذه القاعدة هي "الحلقة الأساسية في المقاومة الفرنسية للإرهاب في منطقة الساحل". أما رئيس القوات العسكرية الفرنسية في إفريقيا الجنرال "جون بيار بالاسي" فقد اعتبر أن هذه القاعدة "سوف تؤمن التحكم في الخط الرابط بين تيساليت في مالي وفيا لارجو في تشاد مرورا بمرتفعات شمال النيجر على مقربة من ليبيا".
وإضافة إلى القدرة على استعمال قاعدة "ماداما" للتدخل العسكري في منطقة الساحل والصحراء، فإن هذه القاعدة جاءت لتخدم أغراض حماية المصالح الإقتصادية لفرنسا. فمن المعلوم أن 75% من الطاقة المستهلكة في فرنسا هي طاقة نووية، ومن هنا تنبع أهمية اليورانيوم بالنسبة للاقتصاد الفرنسي والموجود في النيجر وقريبة من الحدود الجنوبية الليبية حيث تتمركز مناجم اليورانيوم والمواد الخام الأخرى.
وعلى إثر زيارة وزير الدفاع الفرنسي إلى تشاد والنيجر أدلى الرئيس فرانسوا هولاند في حوار مع إذاعة "فرانس أنتر" بتاريح 5 كانون ثاني/يناير، أي قبل شارلي إيبدو" بيومين ذكر فيه أن "فرنسا لن تتدخل في ليبيا لأنه يتعين أولاً على الأسرة الدولية تحمل مسؤولياتها والسعي لاطلاق حوار سياسي لا يزال غير قائم وثانيا إعادة النظام". ورداً على سؤال حول إمكانية أن تشارك فرنسا في تدخل محتمل للأمم المتحدة، قال هولاند إن مثل هذا المنحى ليس مطروحاً في الوقت الحالي، ولكن "إذا كان هناك تفويض واضح وتنظيم واضح ومحدد بالاضافة إلى توافر الشروط السياسية" فإن فرنسا يمكن أن تشارك.
وقد سبق لوزير الدفاع الفرنسي أن صرح بتاريخ 28/12/2014 قبل توجهه إلى تشاد والنيجر في مقابلة مع صحيفة "لو جورنال دي ديمانش" قائلاً: أن جنوب ليبيا "تحول إلى معقل للإرهابيين" لكنه أكد أن أي تدخل عسكري مباشر في هذه المنطقة غير وارد حتى الآن. ورأى الوزير أن "توجيه ضربة من دون حل سياسي لن يؤدي إلى نتيجة"، مضيفاً: "نشهد اليوم ظهور نقاط ترابط بين داعش ومجموعات كانت مرتبطة حتى الآن بالقاعدة في منطقة الساحل والصحراء، وخصوصاً في درنة بليبيا حيث يحاول داعش الإمساك بزمام الأمور". وتابع لودريان أن "وجود تنظيمات إرهابية منظمة على مسافة قريبة من المتوسط يهدد أمننا، وكذلك وجود فرنسيين يقاتلون إلى جانب داعش". وأضاف "إنه جيش يستطيع خوض حرب عصابات في المدن و(ممارسة) إرهاب كلاسيكي وحرب تقليدية. نعم، ندخل في بعد جديد هو عسكرة الإرهاب وهذا يتطلب ردًا عسكريًا".
ويبدو من خلال هذين التصريحين وتحركات وزير الدفاع الفرنسي في تشاد والنيجر أن التدخل العسكري الفرنسي في ليبيا مؤجَل حالياً بدعوى أنه يجب إعطاء فرصة للحلول السياسية والحوار من خلال مبادرة الأمم المتحدة. وهذا يعني أن القرار السياسي بالحرب وارد جداً في صورة فشل المبادرات السياسية في حل مشكلة الثنائية الحكومية والعسكرية الموجودة في ليبيا.
والراجح أن عملية التدخل العسكري أو الضربات الجوية في ليبيا سوف تحدث بحلول فصل الربيع عندما يتم افتتاح قاعدة "ماداما" التي ستكون قاعدة الإنطلاق في العمليات العسكرية من الجنوب الليبي، وهذا طبعاً متوقف على فشل "الحوار" الذي تقوده بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وما يرجح إمكانية التدخل أو الضربات هو ثلاثة أمور:
أولاً: أن كل هذه التحركات والتصريحات والإستعدادات الفرنسية قد تزامنت وجاءت بعد اجتماع الدول الخمس في منطقة الساحل وهي تشاد ومالي والنيجر وموريتانيا وبوركينا فاسو في نواكشوط بتاريخ 19 كانون أول/ديسمبر 2014. وقد دعت هذه الدول إلى تدخل دولي "لشل قدرات المجموعات المسلحة" في ليبيا حيث "تسهل الفوضى قيام معاقل جهادية تقوض الجهود لتأمين استقرار المنطقة"، بل إن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز حرض مباشرة على التدخل الدولي في ليبيا وتكلم نيابة عن الليبيين زوراً وبهتاناً عندما قال: إن الليبيين "باتوا مقتنعين بضرورة تدخل عسكري دولي لحماية المؤسسات وحفظ الممتلكات، ولحماية خيار الشعب الليبي".
ثانياً: بعد عملية "شارلي إيبدو" بيوم واحد، أي بتاريخ 8 كانون ثاني/يناير، أعلن آمر سلاح الجو العقيد صقر الجروشي، التابع لما يُعرف بعملية الكرامة التي تدعمها أميركا وأوروبا، أن السلطات الفرنسية أبلغته بتسرب سلاح من ليبيا إلى أراضيها. وأوضح الجروشي لــ"وكالة أنباء التضامن" أن هذا السلاح يتمثل في 300 بندقية نوع كلاشنكوف، وهو الآن منتشر في مدينة مرسيليا جنوبي فرنسا، بحسب ما أبلغته به الجهات المذكورة. وأشار آمر سلاح الجو التابع لعملية الكرامة إلى أن كشف السلطات الفرنسية هذه المعلومات له "تزامن مع الهجوم الإرهابي على صحيفة (شارلي أبدو) الفرنسية في العاصمة باريس". وللعلم فإن منفذي عملية "شارلي إيبدو" كانو قد استعملوا سلاح كلاشنكوف في قتل الصحافيين.
ثالثاً: في الوقت الذي كانت فيه عملية "شارلي إيبدو" تجري أحداثها في باريس وضواحيها كان مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة يقوم بجولة محادثات مع السياسين التابعين للمؤتمر الوطني العام بطرابلس والنواب التابعين لبرلمان طبرق. وفجأة ومن دون أي اتفاق نهائي على قائمة الذين سيشاركون في الحوار الوطني ولا على أجندة الحوار نفسها أعلنت البعثة الأممية في ليبيا من جانب واحد أنه تم الإتفاق على بدء الحوار في جنيف.
وقد لقي هذا الإعلان مباركة وتأييداً من قبل دول أميركا وأوروبا. وبعدها مباشرة صدرت تصريحات غربية متفرقة تهدد وتتوعد الليبيين في صورة عدم الحضور للمؤتمر. ولعل أهم هذه التهديديات ما قاله مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا برناردينو ليون الذي حذر من أن مفاوضات جنيف بين الفرقاء الليبيين قد تكون آخر فرصة للتوصل إلى تسوية سياسية. وقد جاء هذا التصريح بعد أن غاب ممثلو المؤتمر الوطني العام عن هذه المفاوضات في جولتها الأولى.
إن مثل هذه التصريحات من المبعوث الأممي أو ما صدر عن مجلس الأمن الذي بدأ يلوح بالعقوبات في صورة عدم حضور الجلسة الثانية للحوار ليدل صراحة على أن أميركا تريد فرض حلولها السياسية في ليبيا إما بفعل الحوار تحت رعاية الأمم المتحدة أو بسيف العقوبات من مجلس الأمن أو بقوة السلاح عن طريق التدخل العسكري أو الضربات الجوية التي سوف تكون فرنسا رأس حربة فيها.
ولذلك فإذا لم ينجح حوار جنيف ولم تؤت عقوبات مجلس الأمن نتائجها فإن التدخل العسكري أو الضربات الجوية في ليبيا من أجل فرض الأجندة الأميركية والغربية بقوة السلاح سيكون أمراً وارداً وبخاصة وأن "عملية الكرامة" لاقت فشلاً ذريعاً في بسط سيطرتها العسكرية على طرابلس وبنغازي رغم الدعم السري الذي تلقاه من المخابرات المصرية والفرنسية، وبخاصة أيضاً بعد أن تنتهي الإستعدادات العسكرية في قاعدة "ماداما" بحلول فصل الربيع.
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:23 AM
والآن وبعد أن تبينت لنا الأغراض السياسية والفكرية والعسكرية من وراء عملية "شارلي إيبدو" في باريس، لا بد لنا أن نلفت الإنتباه إلى أمرين هامين لهما علاقة بالموضوع:
أولاً: أن اثنين من المشتبه في قيامهما بعملية "شارلي إيبدو"، شريف كواشي وأحمدي كوليبالي، قد "أُعطيت!؟" لهما الفرصة في أن يتكلما لدقائق معدودة مع الإعلام عن طريق الهاتف وبعد يومين من المطاردة البوليسية ليعلنا أن ما قاما به كان انتقاماً للرسول صلى الله عليه وسلم وأن ذلك كان بأمر وتمويل من أنور العولقي عندما كانا في اليمن. ثم خرج تنظيم الدولة في العراق ليعلن مباركته لهذه العملية. وبعد أسبوع من عملية "شارلي إيبدو" أخرج تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية فيديو يعلن فيه رسمياً تبنيه للعملية كلها. إن تقاطع هذه المعلومات والأخبار مع تصريحات زعماء أميركا وأوروبا سواء بعد عملية باريس أو غيرها يلقي مزيداً من الشك والريبة حول هذه "التنظيمات الجهادية" التي توفر الذرائع السياسية والفكرية للغرب الكافر في شن الحرب على الإسلام والمسلمين بدعوى "مكافحة الإرهاب".
ثانياً: إن اختيار فرنسا بالذات من قبل دوائر الإستخبارات الأميركية والفرنسية للقيام فيها بعملية "شارلي إيبدو" ليس من قبيل الصدفة بل كان ذلك عن عناية فائقة وتخطيط مركز. فقد شهدت فرنسا في الفترة الأخيرة تدهوراً كبيراً على مستوى شعبية الرئيس فرانسوا هولاند الذي لم ينجح في تنفيذ وعوده الإنتخابية زيادة على أنه أدخل فرنسا في حروب خارجية وسياسات دولية وأوروبية بدأت تلقى انتقادات صارمة من جانب بعض الأوساط السياسية الرافضة لسير فرنسا في فلك السياسة الأميركية.
ولعل من أهم الانتقادات التي ضربت في الصميم تبعية فرنسا للمخططات الأميركية هي ما جاء على لسان رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق في عهد الرئيس جاك شيراك، والذي شغل أيضاً منصب وزير الخارجية أثناء الغزو الأميركي للعراق عام 2003 وعارض هذه الحرب، إنه الديغولي بحق "دومينيك دوفيلبان".
لقد اتهم دوفيلبان الغرب بصنع ما وصفه بـ"الإرهاب الإسلامي"، معتبراً "تنظيم الدولة الإسلامية" بأنه "وليد مشوه ونتاج للسياسة الغربية المتغطرسة والمتقلبة". وقال في مقابلة متلفزة مع قناة "بي اف أم تي في" الفرنسية الخاصة يوم الجمعة 9/1، تعقيباً على حادث الهجوم على صحيفة "شارلي إيبدو": "حان الوقت أن نتعلم في أوروبا والولايات المتحدة من تجربة الحرب على أفغانستان؛ ففي عام 2001 (موعد بدء الحرب الأميركية في أفغانستان) كان لدينا بؤرة إرهاب واحدة، أما الآن وبعد خوض عمليات عسكرية على مدار الـ 13 عام الماضية شملت أفغانستان والعراق وليبيا ومالي أصبح لدينا نحو 15 بؤرة إرهابية بسبب سياستنا المتناقضة".
وفي معرض انتقاده للسياسات الأميركية والغربية عمومًا في فتح جبهات عدة للحرب، قال دوفيلبان: "الغرب سيشن حربًا ضد خلافة تنظيم الدولة في العراق وسوريا اليوم وغدًا سنفتح بؤرة أخرى للإرهاب وسيكون علينا خوض حرب أخرى على الخلافة في ليبيا". وأضاف: "كل حرب سنخوضها علينا أن نخوض أخرى لمعالجة عجزنا وعدم كفاءتنا في الرد على التهديدات الإرهابية".
وفي مقال نشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية بتاريخ 10/1 تعجب دومينيك دوفيلبان قائلاً: أي مأزق ذاك الذي وضعت فيه فرنسا نفسها بانحيازها ودعمها لسياسة اللجوء إلى القوة. يجب علينا التحلي بالشجاعة لنقول حقيقة أولية ألا وهي لا يوجد في القانون الدولي حق بالأمان في مقابل حق بالاحتلال ناهيك عن حق بارتكاب مجازر. وشدد دوفيلبان على أن الوعي المشوه وعدم فهم المصالح الحقيقية والخضوع لقانون الأقوى هو ما سيخنق صوت فرنسا؛ صوت الجنرال ديغول الذي هز العالم غداة حرب 1967، صوت جاك شيراك بعد الانتفاضة الثانية.
وهنا لا بد من لفت النظر والتنويه إلى أنه منذ العام 2007، وهي سنة وصول نيكولا ساركوزي إلى الحكم، أصبحت السياسة الفرنسية في أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط وعلى مستوى السياسة الدولية تدور في فلك المخططات الأميركية. ومنذ ذلك التاريخ وإلى اليوم لا توجد أي قرائن أو أمارات تدل من قريب أو بعيد على وجود أية محاولة في السياسة الخارجية لفرنسا للإستقلال عن المخططات الأميركية، لا فرق في ذلك سواءً من يحكم فرنسا ساركوزي من اليمين الديغوليين أو هولاند من اليسار الإشتراكيين. ومن دون هذه القاعدة في الفهم السياسي فإنه يستحيل تفسير كل الحوداث الجارية محلياً واقليمياً ودولياً وتكون فرنسا جزءاً منها، سواء ما يجري في إفريقيا والشرق الأوسط وحتى على مستوى الإتحاد الأوروبي.
إن مستوى التنسيق الإستراتيجي بين فرنسا وأميركا لم يسبق له مثيل في تاريخ العلاقات بين الدولتين وخاصة في إفريقيا والشرق الأوسط. لقد وصل هذا التنسيق إلى درجة سماها أوباما خلال زيارة هولاند إلى أميركا العام الفائت بدور "الريادة الفرنسية"، وهو يعني أن تقوم أميركا بدور المراقبة والإستخبار والشحن الدولي إعلامياً ومالياً ودبلوماسياً بينما تتولى فرنسا التدخل العسكري بقواتها في المناطق التي يتم تحديدها أميركياً مثل ساحل العاج ومالي وإفريقيا الوسطى وقريباً ليبيا.
ولذلك فإن ما قاله باراك أوباما بمناسبة عملية "شارلي ابيدو" هو قول في محله ومطابق لواقعه. فقد صرح أوباما قائلاً: "نحن على تواصل مع المسؤولين الفرنسيين وأمرت إدارتي بتوفير أي مساعدة لازمة للمساعدة في إحالة هؤلاء الإرهابيين للعدالة"، وأضاف: "فرنسا هي أقدم حليف لأميركا وتقف كتفاً لكتف مع الولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب الذي يهدد أمننا المشترك في العالم".
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:24 AM
أميركا رائدة الإرهاب
في الساعة الرابعة والنصف فجر 13-02-1991.. قصفت طائرتا أف-117 أميركيتان تحملان قنابل "ذكية" الملجأ رقم خمسة وعشرين في حي العامرية غرب مدينة بغداد، نفذت القنبلة الثانية للطابق الأرضي حيث ينام الملتجئون إلى الأمان، فكان الانفجار وكان الحريق.
غلقت الأبواب، فلا يدخل منجد ولا يخرج طالب نجاة، جدران الملجأ صممت لتعزل من هم بالداخل من أي انفجار خارجي.. ولكنها حبستهم في داخل الملجأ ليلقوا حتفهم حرقاً وخنقاً وتفجيراً.
أربعمائة وثمانية أشخاص لقوا حتفهم، بينهم مائتان وإحدى وستون امرأة، اثنان وخمسون طفلاً رضيعاً، أصغرهم طفل عمره سبعة أيام، لم يعثر له على أي أثر.
كان الملجأ يتسع لألف وخمسمائة شخص، يمكن أن يلجأوا داخله لأيام دون الحاجة إلى العالم الخارجي، فهو مجهز بالماء والغذاء والكهرباء والهواء النقي. والبناء ذو طوابق ثلاثة، مساحة الطابق 500 متر مربع، سمك جداره يزيد على متر ونصف المتر وسقفه مسلح بعوارض حديدية سمكها أربعة سنتيمترات.. وهو محصن ضد الهجمات الجرثومية والكيماوية والإشعاع النووي، وتؤدي سلالمه الداخلية إلى الطابق تحت الأرضي حيث كان يقيم الملتجئون.
أميركا وجدت في قصف ذلك الملجأ فرصة لإظهار الإرهاب الذي ترعاه، وفرصة لتجربة تلك القنابل الخارقة والتي أسمتها بالذكية على أشلاء المدنيين العزل.
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:26 AM
الملك سلمان والانقلاب الجديد في السعودية
قبل أن يوارى جثمان الملك عبدالله الثرى أصدر الملك السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز مرسومًا ملكيًا بتعيين الأمير محمد بن نايف وليًّا لولي العهد. وهذا يعني أمرين في هذه المرحلة، الأول: هو قطع الطريق على تولي الأمير متعب بن عبد الله نجل الملك الراحل هذا المنصب، مثلما كان يخطط لذلك والده، والأمر الثاني: أن الملك سلمان بن عبد العزيز بدأ يؤسس لمرحلة جديدة يتولي فيها الحكم أحفاد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود.
ولم ينتظر الملك سلمان بن عبد العزيز مراسم دفن أخيه الراحل عبد الله، حتى قام بإقالة خالد التويجري رئيس الديوان الملكي والسكرتير الخاص للملك الراحل، وعين نجله محمد رئيساً للديوان ووزيراً للدفاع. وهذا أيضا يمثل إطاحة بخطة الملك الراحل التي رسمها مع سكرتيره التويجري حتى يستلم ابنه متعب منصب ولي لولي العهد.
وقد تحدثت أنباء أنه جرى تأخير اعلان وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز مدة ثلاثة أيام على الأقل لإكمال هذه الترتيبات الجديدة التي تضمن انتقال السلطة إلى الجيل الثاني من أحفاد الملك عبدالعزيز بن سعود. ومن الواضح أن هذه الترتيبات الجديدة في هيكلية الحكم وبخاصة منها تولي الأمير محمد بن نايف المركز الثالث على سلم الحكم قد جرى التوصل إليها بعد مشاورات لكبار أمراء الأسرة الحاكمة الذين اختاروا الإصطفاف إلى جانب حلف سلمان- ابن نايف ضد حلف متعب- التويجري.
فهل نحن اليوم أمام انهيار حلف متعب والتويجري وتشكل حلف بين سلمان وابن نايف؟ أي هل نحن أمام عودة لسيطرة السديريين على الحكم من جديد بعد أن نجح حلف الملك عبدالله في إضعافهم فترة حكمه؟ وهل سوف يتقبل متعب مسألة اقصائه من سلسلة الحكم؟ ثم ما هو الدور الأميركي وراء هذه الترتيبات الجديدة؟
وللجواب على هذه الأسئلة لا بد لنا من فهم بعض تفاصيل الصراع على الحكم والتحالفات داخل عائلة آل سعود.
أولا: الصراع على الحكم
لقد حاول الملك عبدالله من خلال استحداث منصب ولي ولي العهد تمهيد الأرضية أمام وصول ابنه متعب إلى الحكم. ورغم أن الملك عبدالله تجاوز بعض أشقائه مثل الأمير أحمد إلا أنه وضع الأمير مقرن في هذا المنصب لأن شخصية مقرن ضعيفة ومركزه في العائلة ضعيف وتربطه علاقة وثيقة بالأمير متعب.
لقد كانت خطة الملك عبدالله بعد استحداث منصب ولي لولي العهد وتعيين مقرن عليه أن يقوم في وقت لاحق بإقالة الأمير سلمان من منصب ولاية العهد بحجة إصابته بمرض الخرف، فيصير بذلك مقرن ولياً للعهد فيما يصبح متعب ولياً لولي العهد.
وقد كان الاتفاق بين الملك الراحل عبدالله وبين الأمير المقرن هو أن يقوم هذا الأخير في حال وصوله للعرش بتثبيت الأمير متعب في ولاية العهد، ولهذا السبب بالذات أكد الملك عبدالله في أمره الملكي على الإبقاء على الأمير مقرن كولي للعهد مهما كانت الظروف ولا يحق للملك القادم عزله، وهو ما اضطر الملك سلمان إلى الرضوخ لهذا الأمر والإبقاء على الأمير مقرن رغم أن الملك سلمان وأبناءه وأبناء أخوته السديريين لا يحبذون وصول مقرن للعرش بسبب أصول أمه اليمنية.
لقد جاءت الأوامر الملكية التي أصدرها الملك سلمان، بعد ساعات قليلة من اعتلائه العرش، لتظهر مدى الخلاف الذي يدور بين أبناء العائلة الحاكمة. فقد قام أولاً: باعفاء خالد التويجري من المنصب الذي كان يشغله في عهد الملك عبدالله وهو رئاسة الديوان الملكي، وثانياً: عين ابنه الأمير محمد بن سلمان وزيراً للدفاع ورئيساً للديوان الملكي، وأخيراً وهذا هو الأهم أمر بتعيين وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد.
وبهذه الأوامر الملكية يكون الملك سلمان، أولاً: تخلص من خالد التويجري الذي كان يعمل في الظل لوصول الأمير متعب وأبناء الملك عبدالله إلى العرش مستغلاً منصب ولي ولي العهد الذي استحدثه الملك عبدالله، وثانياً: أمّن وصول الأمير محمد بن نايف للعرش عبر تعيينه ولياً لولي العهد، وثالثاً: أعطى لابنه الأمير محمد قاعدة قوية للانطلاق نحو العرش، وهي منصب وزير الدفاع والتحالف مع محمد بن نايف. ومع كل ذلك فإن تفجر الخلافات في العائلة قد يكون أسرع بكثير مما يتوقعه البعض لثلاثة أسباب، أولاً: هو مرض الزهايمر الذي يعاني منه الملك الجديد البالغ من العمر 80 عاماً، وثانياً: امكانية تمرد متعب بن عبدالله على هذه الترتيبات بطريق الكيد والمؤامرات، وثالثاً: ضعف شخصية الأمير مقرن وعدم انتسابه للسديريين.
لقد بدأ الصراع على أشده بين جناح السديريين وجناح الملك عبدالله عندما مرض هذا الأخير ودخل المستشفى مع رأس السنة الميلادية 2015. فبعد يومين من دخول الملك عبدالله المستشفى أصدر الديوان الملكي في الثاني من كانون ثاني/يناير 2015 بأوامر مباشرة من الأمير سلمان بن عبدالعزيز بياناً يكشف فيه الوضع الصحي للملك عبدالله بن عبدالعزيز. وقد جاء في البيان أنه "بعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة لخادم الحرمين من قبل الفريق الطبي تبين وجود التهاب رئوي استدعى وضع أنبوب مساعد على التنفس بشكل مؤقت مساء هذا اليوم الجمعة". وأكد البيان: "تكلل هذا الإجراء ولله الحمد والمنة بالاستقرار والنجاح".
لقد كشف هذا البيان ضمنياً أن الملك عبدالله غائب عن الوعي وهو قاب قوسين أو أدنى من مفارقة الحياة، كما كشف البيان أن الخلافات داخل الأسرة السعودية بدأت تظهر إلى العلن تدريجياً. ولذلك تسبب هذا البيان في غضب كبير من الأمير متعب بن عبدالله الذي اتخذ قراراً منذ تلك اللحظة بمنع الزيارات عن والده، وضرب حصاراً على أي معلومات تخرج من المستشفى إلى درجة أنه لم يسمح للسناتور الأميركي جون كيري بالدخول على الملك.
ورغم أن منصب ولي ولي العهد قد صار من نصيب محمد بن نايف إلا أن الفترة القادمة قد تشهد العديد من المفاجآت وربما تكشف الكثير من الخفايا والمؤامرات التي تمت خلال الفترة الماضية بين "متعب والتويجري". وبعد التعديل الوزاري الكبير الذي أجراه الملك سلمان يوم 29 كانون ثاني/يناير 2015 خاصة فيما يتعلق باعفاء الأمراء مشعل بن عبدالله وتركي بن عبدالله وبندر بن سلطان من مناصبهم، فمن غير المستبعد أن يقوم الملك سلمان مدعوماً بحلف السديريين بإصدار أوامر ملكية لترتيب الهيكل الملكي لعل أخطرها هو عزل الأمير مقرن بن عبدالعزيز من منصبي ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء.
ومن الواضح أن الغاية من هذه القرارات الأخيرة التي أقدم عليها معسكر السديريين هي إزالة كل آثار التويجري والمتمثلة في تغيير السفراء والوزراء والعلماء ومسؤولي المؤسسات الدينية. وبهذا الشكل يصبح الطريق سالكاً أمام محمد بن نايف لتولي ولاية العهد. ويبقى السؤال هو: هل سيتولى محمد بن سلمان منصب ولي ولي العهد أم أن أميركا تتدخل لتعيين متعب في هذا المنصب تحاشياً لأي صراع قد يفجر العائلة كلها ويعرض الممكلة للإنقسام أو عدم الإستقرار في هذه المرحلة على الأقل؟.
والأكيد أن أن تعيين محمد بن نايف وليّاً لوليِّ العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، والإبقاء عليه بمنصبه وزيراً للداخلية قد تم بترتيب مع أبناء سلمان لقطع الطريق على متعب مقابل اختيار الملك سلمان لنجله الأمير محمد كوزير للدفاع، من أجل تعزيز سلطة أسرته داخل العائلة المالكة التي تمزقها المناورات السياسية.
وهنا يعتبر التخلص من خالد التوجري ليس مرتبطاً بشخصه وحسب، بقدر ما يمثل إطاحة لمخطط عمل عليه "جناح" الملك عبد الله والمقربين منه، وأبرزهم التويجري ومتعب الذي خسر منصب ولاية ولاية العهد أمام محمد بن نايف. ومع ذلك فإن من المبكر الحكم بأن إطاحة التويجري تمثل نهاية حقبة بأشخاصها وسياساتها أمام ملك جديد وجناح جديد مرافق له.
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:28 AM
ثانياً: عودة حلف السدريين
إن مضمون الحلف الجديد للسديريين هو أن يتولى محمد بن نايف منصب ولي ولي العهد فيما يتولى محمد بن سلمان منصب وزير الدفاع خلفاً لوالده، ومنصب رئاسة الديوان الملكي بعد أن تم التخلص من خالد التويجري الذي كان يسعى جاهداً مع الملك عبدالله لإيصال متعب إلى منصب ولي ولي العهد، لكن المنية لم تسعف الملك في تحقيق مراده بعد كل الإجراءات التي قام بها من أجل تقريب ابنه متعب من سدة الحكم.
وتشير هذه التعيينات التي لم تنتظر حتى انتهاء مراسم دفن الملك عبدالله إلى عودة الجناح السديري لإحكام قبضته على السلطة، ومحاصرة جناح الأمير متعب بن عبدالله ورئيس الديوان المعفي من منصبه خالد التويجري. ولذلك لاقت هذه التغييرات ترحيباً من السديريين، وبخاصة وأن الفترة الأخيرة شهدت خلافات كبيرة أحدثها وجود التويجري في الديوان الملكي، وصلت إلى حد التصريحات العلنية الغاضبة من أمراء في الأسرة المالكة يتهمون فيها خالد التويجري بأنه "رأس الفساد"، و"رائد المشروع التغريبي" في السعودية، و"حامي حمى العلمانيين" و"الداعم القوي لليبراليين".
إن الأوامر الملكية التي استهل بها الملك سلمان بن عبدالعزيز ساعات حكمه الأولى أغضبت الأمير متعب بن عبدالله؛ لأن حيلة ولي ولي العهد التي اخترعها أبوه لقطع الطريق على الأمير أحمد بن عبدالعزيز استخدمت ضده بكفاءة. كما كشفت هذه الأوامر الملكية عن تفاهمات كبيرة بين الأمير محمد بن نايف وأبناء عمومته من أبناء الملك سلمان، وربما تكون مقدمة للقضاء على معسكر كان طوال سنوات ذو ثقل كبير في العائلة السعودية. فالحديث الدائر حالياً أن الأمير مقرن بن عبدالعزيز المحسوب على معسكر متعب، والذي كان بمنزلة جسر لإيصال متعب إلى الحكم، سوف يقضي فترة قصيرة وربما تكون قصيرة جداً في منصبه كولي للعهد، ومن ثم سيتم إعفاؤه من المنصب ويكون محمد بن نايف ولي العهد في القريب العاجل. أما ثالثة الأثافي فهي إبعاد الأمير متعب واعفاؤه من وزارة الحرس الوطني. وإذا حصل ذلك فلا بد أن أميركا تكون وقتها قد حسمت أمرها نهائياً في متعب وعزلته من أجل منعه من أن يخوض صراعاً ضد ابن عمه محمد بن نايف. ورغم امكانية هذا الإحتمال فإن ذلك لا يمنع وجود احتمال آخر قد تنفذه أميركا وهو ازالة الأمير مقرن وتمكين متعب من تولي منصب ولي ولي العهد بعد محمد بن نايف.
ثالثاً: حلف متعب بن عبدالله
منذ العام 2010 عمل جناح الملك عبدالله على تقليص نفوذ السديريين ونفوذ أبنائهم وذلك عبر تعيين غير السديريين في المناصب الحساسة في الدفاع والحرس الوطني والاستخبارات. ومنذ العام 2013 نجح الملك عبدالله في تحويل الحرس الوطني إلى وزارة، وتعيين ابنه متعب وزيراً عليها بمرسوم ملكي، وذلك للمرة الأولى التي لا يكون فيها رئيس الحرس الوطني ولياً للعهد. وقد أخرج هذا القرار كل الخلافات بين الأجنحة في الأسرة المالكة إلى العلن مما حفز خالد التويجري أن يدفع بالملك ليصدر قراراً بإيجاد منصب ولي ولي العهد كخطوة تمهيدية من أجل وصول متعب إلى الحكم عن طريق الأمير مقرن.
وحتى يلمع صورة الأمير متعب دولياً قام التوجري بحملات ترويجية له في الإعلام الغربي وتمكينه من زيارات ومقابلات مع المسؤولين الأميركيين. وهذا الأمر أزعج كثيراً جناح السديريين. ومع بداية وقوع الملك عبدالله في المرض حاول جناحه القيام بمحاولات من أجل تمكين متعب من ولاية العهد لعل أهمها ثلاث محاولات:
1-/ التخلص من محمد بن نايف:
لقد حاول التويجري أن يقنع الملك بضرورة إقالة محمد بن نايف من منصبه؛ ولأن الملك كان متردداً أفهمه التويجري بأنه سيهيء للأمر وينتظر حتى يقع محمد بن نايف في سقطة قوية تكون سبباً في ازاحته من سباق التنافس على عرش السعودية. وللوصول إلى ذلك سمح التويجري لبعض وسائل الإعلام التابعة له بانتقاد وزارة الداخلية وأدائها في الأمن من أجل استدراج بن نايف للقيام بتصرفات تكون سبباً في اقالته بدعوى "تقصيره في حق آل سعود أو حق البلد". وبالتعاون مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد سمحت الإمارات لميساء العمودي ولجين هذول باستخراج رخصتي قيادة من الإمارات مع علمها أن القوانين السعودية تمنع قيادة النساء للسيارة. ثم في كانون أول/ديسمبر 2014 حصلت الفتاتان على ختم الخروج من المنفذ الإماراتي، وهو ما أدى إلى اعتقالهما على الحدود من قبل السلطات السعودية وهن يقدن سيارتيهما، فتم تحويلهما للمحكمة الجزائية في الإحساء، والتي قضت بعدم الاختصاص وحولت القضية إلى محكمة الإرهاب الجزائية المتخصصة بالرياض.
وقد كان واضحاً أن المسؤولين في دولة الإمارات كانوا يهدفون إلى إثارة هذه الأزمة للنيل من الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، وتشويه سمعته بين السعوديين وفي الأوساط الحقوقية في الخارج بهدف وضع العراقيل أمام طموحاته السياسية باعتباره كان مرشحاً محتملاً قوياً لوراثة الحكم بعد وفاة عمه الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ولعل ما يؤكد الدور الإماراتي في أزمة لجين وميساء، هي التصريحات النارية لعبد الخالق عبد الله، وهو المستشار السياسي لمحمد بن زايد، والذي رفض فيها تحويل لجين وميساء إلى محكمة الإرهاب، منتقداً منع السعودية لنسائها من قيادة السيارة، وداعياً إلى تنظيم حملة للضغط على المملكة لإفراج عن الفتاتين.
2-/ الإستنجاد بمحمد بن زايد:
إن تولي الأمير محمد بن نايف منصب ولي ولي العهد لم يغضب فقط متعب وحلفاءه في السعودية بل أغضب أيضاً حلفاءه في الإمارات وعلى رأسهم محمد بن زايد الرجل الأول في دولة الإمارات، والذي كان يأمل أن يتولى متعب هذا المنصب بسبب الصداقة الكبيرة التي تجمعهما والعداوة الكبيرة التي تفرق بين محمد بن زايد ومحمد بن نايف. فقد سبق لمحمد بن زايد، كما جاء في تسريبات ويكليكس (آذار/مارس 2014) أن وصف الأمير نايف بـ "القرد"، حيث قال لمدير مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، ريتشارد هاس، في عام 2003 وهما يتحدثان عن الأمير نايف: "إن أخلاقياته وتصرفاته اقنعتني بنظرية داروين التي تقول بأن الانسان يتطور من الأسفل إلى الأعلى".
ولذلك تشهد الإمارات حالة من التوتر والإستنفار بعد التطورات الأخيرة التي حصلت في السعودية. وقد ظهر ذلك في غياب كل من رئيس دولة الإمارات خليفة بن زايد، وشقيقه الحاكم الفعلي في الإمارات ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وحاكم دبي نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء محمد بن راشد عن حضور تشييع جنازة الملك عبدالله. ويبدو أن هذا الغياب بمنزلة رد فعل على طرد التويجري من الديوان الملكي وخسارة متعب بن عبدالله منصب ولي ولي العهد الذي فاز به محمد بن نايف.
3-/ إبقاء الملك عبدالله حياً:
وقد كانت آخر محاولات التويجري ومتعب بالصعود في سلم الحكم هو إخفاء الحالة الصحية للملك عبدالله والعمل على إبقائه في وضع صحي مقبول يمكنه بالتعاون مع التويجري من اصدار قرارات باسم الملك تقرب متعب من الحكم وتبعد محمد بن نايف عن الوصول لسلم العرش أو على الأقل تحجيم سلطته. ولذلك عندما أدرك جناح السديريين هذه اللعبة بادر ولي العهد وقتها الأمير سلمان إلى اصدار بيان يكشف فيه صحة الملك وبأنه يصارع الموت. وهو ما أغضب الأمير متعب وضرب حصاراً على أية معلومات تتعلق بصحة الملك عبدالله.
وقد سبق لرئيس الديوان الملكي السابق خالد التويجري أن أقنع الأمير متعب وأباه عبدالله بضرورة وجود قيادة مستقلة لقوات النخبة في الجيش السعودي وربطها بالملك عبدالله. وما التمارين العسكرية المشتركة مع فرنسا وآخرها التمرين المشترك "نمر3"، والذي جرى بأربع مناطق في البلاد بين الفترة 24/11-12/12/2014 إلا من أجل زيادة تأهيل هذه القوات وانتقاء أفضل عناصرها، وجعلها في يد متعب بن عبدالله في وقت لاحق.
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:30 AM
رابعاً: خفايا الدور الأميركي
إن متعب بن عبدالله ومحمد بن نايف يمثلان رأسي الجناحين الرئيسيين داخل العائلة المالكة، الأول جناح الملك عبد الله، والثاني جناح السديريين وأبناؤهم. والأميران متعب ومحمد يحظيان بالرعاية الأميركية ويسعيان إلى أن ينالا رضى أميركا عليهما. وإذا كان متعب بن عبدالله يمسك بزمام الأمور داخل أهم الوزرات السيادية في المملكة وهي وزارة الحرس الوطني ومتنفذ بقوة في القوات المسلحة السعودية، فإن محمد بن نايف له حضور كبير في أروقة السياسة الأميركية بسبب اشرافه على ملف "الإرهاب" منذ العام 1999 عندما عين مساعدا لوزير الداخلية، ثم تأكد هذا الدور الأمني للأمير محمد بن نايف بعد أن أصبح وزيراً للداخلية في تشؤين ثاني/نوفمبر 2012 بعد وفاة والده نايف بن عبدالعزيز.
وبشكل عام لا يوجد اختلاف بين الأميرين فيما يتعلق بعمالتهما لأميركا وخدمتهما لمصالحها الآنية والإستراتيجية، ولذلك كان عليها أن تختار بين أحد الأميرين من أجل تثبيت حكم الجيل الجديد في السعودية. ويبدو واضحاً أن أميركا فضلت محمد بن نايف بحكم معرفتها له من خلال أعماله في التنسيق الأمني معها، وبحكم أنه يحظى بقبول لدى القبائل السعودية الموالية للنظام وفي أوساط القطاع الأمني والحكومي وداخل الأسرة المالكة باعتباره من السديريين وأقواهم. ويبدو أن أميركا قد حسمت أمرها باختيار محمد بن نايف في الزيارة الأخيرة التي قام بها كل من الأميرين إلى الولايات المتحدة.
في البداية كانت زيارة الأمير متعب بن عبدالله يوم الثلاثاء 18 تشرين ثاني/نوفمبر 2014 تلبية لدعوة رسمية تلقاها من وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، والتقى خلالها أيضًا الرئيس بارك أوباما، ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارتن ديمبسي، وعدداً من كبار المسؤولين الأميركيين. كان ظاهر الزيارة هو "بحث تطوير منظومة التسليح والتدريب لدى الحرس الوطني"، ولكن حقيقتها هو حسم مسألة ولاية العهد واستجداء أميركا ضد الأمير محمد بن نايف. وقد عمل خالد التويجري خلال هذه الزيارة على الترويج عبر وسائل الإعلام العربية والأميركية أن متعب هو الملك السعودي القادم من الجيل الجديد.
وبعد ثلاثة أسابيع من زيارة متعب قام محمد بن نايف في 8 كانون أول/ديسمبر 2014 بزيارة رسمية إلى واشنطن التقى فيها بالرئيس باراك أوباما وبأركان الادارة الأميركية خصوصاً في وزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات. فقد اجتمع محمد بن نايف مع مدير المخابرات الأميركية جون برينان، ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس ووزير الخارجية جون كيري. وتعتبر هذه الزيارة وهي الثانية للأمير محمد بن نايف خلال عشر شهور بمنزلة "ختم رسمي" من الولايات المتحدة عليه، وكمن يقدم أوراق اعتماده حتى يحظى بالدعم الأميركي في خلافة الملك، وبخاصة وأنها جاءت في ظل تنافسه مع الأمير متعب على كرسي الحكم بعد الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
الخلاصة:
إن التغييرات الكبيرة التي شهدتها السعودية عقب وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز هي بمنزلة انقلاب كامل الأركان داخل مؤسسة الحكم في الرياض. فقبل أن يتم دفن الملك عبدالله تمت الإطاحة بمراكز قوى بالغة الأهمية، وتنحى عن مشهد القرار السياسي في المملكة خالد التويجري الذي كان الرجل القوي والمهم طوال عشر سنوات، فيما لا يزال مصير الأمير متعب بن عبدالله غامضاً.
صحيح أنه بتعيين الأمير محمد بن نايف في منصب ولي ولي العهد يكون موضوع الانتقال إلى الجيل الثاني قد حسم إلا أن مسألة "آلية انتقال السلطة" التي ستعتمد في المستقبل غير واضحة. ويبدو أن أمام أميركا خياران.
الخيار الأول: هو انتقال أفقي للسلطة شبيه بالنظام الحالي، وهو نظام وإن كانت تصعب إدارته لأن هناك المئات من الأمراء الذين يطمحون لتولي الحكم، إلا أنه يمكن أن يكون حلاً مؤقتاً عند أميركا ترضي به بعض المقربين جداً منها مثل الأمير متعب. وقد يكون السيناريو المقبل بناء على هذا الخيار هو أن يتم التخلص من مقرن ولي العهد الحالي بسبب أصول أمه اليمنية، ومن بعد ذلك يتم تعيين متعب ولياً لولي العهد. وتنبع أهمية هذا السيناريو بالنسبة لأميركا أنها أولاً سوف تتجنب الصراع الداخلي في العائلة السعودية في هذه المرحلة، وثانياً أنها سوف تركز سياستها في انتقال الحكم بيد الجيل الثاني من عائلة آل سعود.
الخيار الثاني: هو انتقال وراثي عبر الأب، وهذا يعني اقصاء جميع أجنحة الأسرة عن الجلوس في سدة الحكم وحصر ذلك في بيت واحد، وهو بالتحديد ما فعله الملك عبدالعزيز عندما حصر الخلافة في أبنائه. ويبدو أن هذا الخيار ما زال صعب التحقيق في هذه المرحلة. فما خطط له الملك عبدالله من إيصال ابنه متعب إلى منصب ولي ولي العهد، خلفاً لمقرن بعد وفاة الملك عبدالله قد انقلب عليه سلمان الذي عقد صفقة مع آل نايف، ومضمون الصفقة هو أن يتولى محمد بن نايف منصب ولي ولي العهد مع وزارة الداخلية مقابل تولي محمد بن سلمان منصب وزير الدفاع، ومن غير المستبعد أن يكون محمد بن نايف قد وعد سلمان بوصول ابنه محمد لولاية العهد بعد وفاة سلمان وبعد أن يتم التخلص من مقرن ومن منصب ولي لولي العهد. لكن يبقى السؤال: هل سيقبل متعب بهذا الخيار بعد أن فقد سلطان والده ونفوذ التويجري الذي كان يدير مشروع تهيئته للملك.
وبناءً على ما تقدم فإن كل الخيارات والسيناريوهات مفتوحة، ولكن يجب أن نعرف أن أهم شيء بالنسبة لأميركا في هذه المرحلة هو أن ينتقل الحكم إلي الجيل الثاني من آل سعود ويتم تركيز ذلك مع تجنب الصراع الداخلي في العائلة السعودية. ومن هنا تنبع أهمية الزيارة التي قام بها باراك أوباما إلى السعودية يوم الثلاثاء 27 كانون ثاني/يناير 2015 مع وفد كبير من الوزراء والأمنيين، مختصراً زيارته للهند من أجل التأكد من سير الترتيبات الجديدة على مقتضى خطة أميركا في الإنقلاب على ما خطط له الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
ومع ذلك فإن أميركا لا يضيرها وجود التنافس داخل العائلة السعودية من أجل الدفع من خلاله نحو ادخال الإصلاحات السياسية وعلى رأسها الملكية الدستورية والإصلاحات الفكرية المتمثلة في علمنة المجتمع. ولذلك فلا غرابة أنه في اليوم الذي توفي فيه الملك عبدالله أصدرت مجموعة من المعارضين في السعودية والجزيرة العربية بياناً أعلنوا فيه رفضهم لمبايعة سلمان على الحكم وطالبوا فيه بـ"تدشين مرحلة انتقالية يساهم فيها الشجعان من أبناء الوطن، لتحقيق إرادة الشعب عبر حكومة دستورية منتخبة بشكل كامل يختار الشعب فيها من يتولى قيادة البلاد، ويصوغ دستور يلبي طموحات الشعب".
وطالب المعارضون في بيانهم، صياغة دستور يُلبي طموحات الشعب السعودي، عبر إنشاء مجلس أمة ينتخب الشعب جميع نوابه من المواطنين، ويملك الصلاحيات الكاملة واللازمة لسن الأنظمة والقوانين وتعيين الحكومة، ومساءلة المسؤولين والرقابة على أعمال الحكومة وأدائها. كما طالبوا أيضاً بفصل السلطات الثلاث القضائية والتنظيمية والتنفيذية عن بعضها بما يحقق استقلاليتها ولا يمنع رقابتها على السلطات الأخرى ومساءلتها. وطالب بيان المعارضة أيضاً باستقلال القضاء وإنهاء كافة ملفات حقوق الإنسان المعلقة والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، وسن القوانين اللازمة التي تصون كرامة الإنسان وحقه في التعبير عن آرائه، وتأسيس مؤسسات المجتمع المدني من نقابات وجمعيات تعنى بحقوق الإنسان توعية ودفاعاً.
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:31 AM
قــــــــــراءات
(سمعتم عن موقعة موهاكس؟؟ إنها ليست معركة، بل كانت مذبحة.... جرت أحداثها في 21/11/932هـ.
باختصار:
ذهب مبعوث سليمان القانوني لأخذ الجزية من ملك المجر وزعيم أوروبا وقتها "فيلاد يسلاف الثاني".
وكانت المجر هي حامية الصليبية في أوروبا وقتها، فقام بذبح رسول سليمان القانوني بإشارة من البابا في الفاتيكان..
فقد استعدت الكنيسة وأوروبا جيداً.
جر خناق..
فجهز سليمان القانوني جيشه، وكان عبارة عن 100 ألف مقاتل، و350 مدفع، و800 سفينة.
وحشدت أوروبا جيشها، وكان عدده 200 ألف فارس.. منهم 35 ألف فارس مقنع بشكل كامل بالحديد، سار سليمان لمسافة حوالي 1000 كيلو (طول مصر)، وفتح معظم القلاع في طريقه لتأمين خطوط انسحابه، لو حدثت هزيمة لا قدر الله. واجتاز بقواته نهر الطولة الشهير، وانتظر في وادي موهاكس، جنوب المجر، وشرق رومانيا، منتظراً جيوش أوروبا المتحدة بقيادة فيلاد والبابا نفسه..
كانت مشكلة سليمان التكتيكية هي كثرة فرسان الرومان والمجر المقنعين بالحديد.. فتلك الفرسان لا سبيل لإصابتهم بالسهام أو الرصاص أو المبارزة، لتدريعهم الكامل..
فماذا يفعل؟
صلى الفجر، ووقف قائلاً لجنوده: وهم ينظرون لجيوش أوروبا المتراصة، التى لا يرى الناظر آخرها، قائلاً لهم بصوت باكٍ:
(إن روح النبي محمد تنظر إليهم بشوق ومحبة) فبكى الجنود جميعاً واصطفّ الجيشان..
اعتمدت خطة سليمان على الآتى:
وضع تشكيل جيشه بطريقة 3 صفوف على طول 10 كم..
ووضع قواته الانكشارية في المقدمة، وهم الصفوة، ثم الفرسان الخفيفة في الصف الثاني، معهم المتطوعة والمشاة.. وهو والمدفعية في الصف الأخير...
وهجم المجريون عقب صلاة العصر على حين غِرة، فأمر سليمان قوات الانكشارية بالثبات والصمود ساعة فقط، ثم الفرار...
وأمر الصف الثاني الفرسان الخفيفة والمشاة بفتح الخطوط والفرار من على الأجناب، وليس للخلف...
وبالفعل صمدت الانكشارية الأبطال، وأبادت قوات المشاة الأوروبية كاملة في هجومين متتاليين، بقوات بلغت عشرين ألف صليبي في الهجمة الوحدة..
وانقضَّت ( القوة الضاربة ) للأوربيين وهي قوات الفرسان المقنعة بالكامل، ومعها 60 ألفاً آخرين من الفرسان الخفيفة.. وحانت لحظة الفرار وفتح الخطوط.. وانسحبت الانكشارية للأجناب وتبعتها المشاة... وأصبح قلب الجيش العثماني مفتوحاً تماماً... ودخلت قوات أوروبا بقوة 100 ألف فارس مرة واحدة نحو قلب القوات العثمانية..
وكانت الكارثة..!
أصبحوا وجهاً لوجه أمام المدافع العثمانية مباشرة على حين غرة.. والتى فتحت نيرانها المحمومة وقنابلها عليهم من كل ناحية.. ولساعة كاملة انتهى الجيش الأوروبى..! وأصبح من التاريخ..
وحاولت القوات الأوروبية فى الصفوف الخلفية الهرب لنهر الطولة فغرقوا وداس بعضهم بعضاً، فغرق الآلاف منهم تزاحماً، وسقط الفرسان المقنعين، بعد أن ذاب الحديد عليهم من لهب المدافع.. وأراد الجيش الأوروبى الاستسلام.. فكان قرار سليمان الذي لن تنساه أوروبا له حتى الآن وللأتراك العثمانيين وتذكره بكل حقد: لا أسرى..!
وأخذ الجنود العثمانيون يناولون من يريد الأسر من الأوروبيين سلاحه ليقاتل أو يذبح حياً!
وبالفعل قاتلوا قتال الميئوس واليائس..
وانتهت المعركة بمقتل فيلاد، والأساقفة السبعة الذين يمثلون المسيحية، ومبعوث البابا، وسبعون ألف فارس... ورغم هذا، تم أسر 25 ألفاً كانوا جرحى...
وتم عمل عرض عسكري في العاصمة المجرية من قبل العثمانيين، وقبَّل الجميع يد سليمان تكريماً له، بما فيهم الصدر الأعظم، ونظم شؤون الدولة ليومين.. ورحل...
وانتهت أسطورة أوروبا والمجر..
وقد استشهد من العثمانيين 150 جندياً فقط، وجرح 3000، والجيش في كامل قوته، لم يُستنزَف أبداً...!
ملحوظة..
هذه المعركة أغرب معركة في التاريخ، من حيث سرعة الحسم، وما زالت تثير تساؤلات واستهجان وحقد ودهشة البعض من المؤرخين الأوربيين...
(شيء من تاريخنا الإسلامي، وللأسف لا نعلم عنه)!!!
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:32 AM
كذبة الإرهاب
تتلاعب الولايات المتحدة بفزاعة الإرهاب فتارة تشهرها بوجه الانظمة التي استُنفِذَ دورها الوظيفي فتتهمها بدعم الإرهاب أو تصفها بان استبدادها في شعوبها وفسادها يبعث على الإرهاب ويُغذّيه فترفع عنها الإسناد وتسقطها وتستبدلها بأخرى أشد خِسّة وعمالة ممن قبلها.
وتارة تبرّر إسنادها للأنظمة العميلة بدعوى مكافحتها للإرهاب.
وتارة توجه نشاط "الإرهابيين" ضدها لفرض إرادتها على العالم تحت شعارها المعروف "إما معنا وإما مع الإرهاب".
وتارة تستعمله ضد أوروبا وروسيا لإخافتهم وتذكيرهم بالفتوحات الإسلامية لتركيز زعامتها لهم ولدفعهم إلى الخطوط الأمامية لإبراء نفسها وعدم إفرادِها مع المسلمين في الصراع.
وتارة تستعمله لتعميق الشرخ الطائفي بين المسلمين أنفسهم لتمزيق صفوفهم وتشتيت قضاياهم.
وأحياناً تستر به بشاعة الرأسمالية المتوحشة التي أحالت حياة البشرية إلى غابة يسحق فيها الغني الفقير ويتغوّل فيها القوي على الضعيف.
فالإرهاب في كل الحالات وسيلة لفرض الولايات المتحدة سياستها وإرادتها على الأنظمة والشعوب بل على العالم كله.
كما تبرر الإدارة الأميركية من خلاله سياساتها أمام الرأي العام الداخلي خصوصاً عند تنفيذ مخطط خارجي وعند الحاجة للدعم المالي لميزانية الدفاع والأمن الذي يتطلب موافقة الكونجرس.
والإرهاب هو "لقطة" أميركا التي تستعملها للتعويض عن الإفلاس الفكري لإقناع العالم بالرأسمالية التي فقدت صلاحيتها وبان عوارها وأزكمت جرائمها الأنوف.
وهذا يعني أن عقيدة الغرب دخلت النزع الأخير لأنها لا تملك شيئاً تقدمه للبشرية ولم تجد سبباً لبقائها واستمرارها سوى بشاعة البديل عنها وهو ما توفره التنظيمات اللقيطة التي جرى تصنيعها في المعتقلات التي تخرّج منها قادة تنظيم الدولة كمعتقل بوكا في العراق.
ومتى ظهرت حقيقة الإرهاب بأنه فزاعة خلقتها أميركا ذاتها سيفقد مبدأها الشريان الذي يغذي بقاءها وسوف يؤول مصيرها إلى ما آلت إليه الشيوعية دون أدنى شك، وهذا هو مصدر قلق الغرب الرأسمالي وهو الباعث على تضخيمهم لخطر الإرهاب على هذا النحو غير المسبوق.
إن الرأسمالية هي مصدر الإرهاب لأنها تقوم على النفعية التي تجعل الحياة هي غاية الإنسان، ومتى أصبحت الحياة هي الغاية فَقَدَ السلوك البشري الرادع القيمي الذي يحفظ للناس حياتهم ودماءهم لأن الغاية تبرر الوسيلة حينما تكون النفعية هي مقياس الأعمال.
فأي شر أعظم فتكاً في الإنسانية من الرأسمالية التي تجعل السيادة للغني وتعطيه حق الإبادة والاستبداد بمنافسيه. وأي خيرٍ أعظم من الإسلام الذي يمنع السيادة الآدمية على الآخرين ويجعلها لله وحده.
{ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } [يوسف: الآية 40]
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:35 AM
تجديد الحملة على الإسلام
تتعرض الأمّة الإسلامية والعالم الإسلامي إلى حملة أميركية جديدة تستهدف الإسلام والمسلمين، حملة فكرية ودموية في آن واحد، هدفها ضرب تطلع المسلمين إلى عودة الإسلام إلى معترك الحياة والدولة والمجتمع.
وهذه الحملة الأميركية على الإسلام والمسلمين، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. فقد سبقتها حملتان الأولى قادتها الإدارة الأميركية في عهد الرئيس الديموقراطي الأسبق بيل كلينتون، وهي الحملة التي تأسست على ملأ الفراغ الأيديولوجي الذي تركه سقوط الاتحاد السوفييتي السابق، فوجهت أميركا حملتها ليس إلى الدول الشيوعية السابقة فحسب، بل إلى العالم بأسره وعلى رأسه منطقة العالم الإسلامي؛ لترسيخ مفاهيمها عن الحياة وبخاصة فيما يتعلق بالديموقراطية وحقوق الإنسان والحريات واقتصاد السوق وما شاكل ذلك.
غير أن هذه الحملة لم تكن لتنجح في جعل الرأسمالية دين شعوب العالم الإسلامي، بل واجهت فشلاً ذريعاً، وهي ترى مفاهيم الإسلام تنمو وتكبر في نفوس المسلمين، بل وأخذوا يتطلعون حقاً إلى جعلها موضع تطبيق في حياتهم. فوضع قادة الرأسمالية الأميركيين خطة جهنمية جديدة لغزو العالم الإسلامي لإخضاعه وضرب المسلمين فكرياً ونفسياً، حتى يستسلموا صرعى لمفاهيم الحضارة الغربية، ويتركوا مفاهيم الإسلام التي أصبح إيجادها في الحياة هدفاً لهم.
ذريعة مكافحة الإرهاب
واعتمد قادة الرأسمالية الأميركيين _ابتداءً_ لتنفيذ هذه الخطة على ذريعة "محاربة الإرهاب" التي يريدون من ورائها التركيز على ضرب الإسلام والمسلمين، بل وتكريس فكرة أن "الإرهاب" هو دين المسلمين، وشعارهم ودثارهم. وحتى تنجح هذه الخطة لا بد أن تتظاهر أميركا بأنها في حالة حرب دفاعية عن أمنها القومي، وذلك لا يكون إلا إذا تعرضت للخطر فعلاً، فتفتقت أذهان المخططين العسكريين عن خطة في منتهى الخبث والدهاء تعتمد على تعريض أميركا لهجمات تجري نسبتها إلى المسلمين، وهكذا كان قرار تنفيذ تدمير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وجزءاً من مبنى البنتاغون في عملية سميت حينها بعاصفة الطائرات، والتي نسبت منذ اللحظات الأولى لتنظيم القاعدة، مما مكن أميركا من حشد الراي العام الداخلي خلف الإدارة الأميركية التي صورت للأميركيين أنهم باتوا في حالة حرب دفاعية عن أنفسهم وبالتالي تبرير تدخل أميركا عسكرياً في بلاد المسلمين، بل ودفع دول العالم جميعاً إلى الاصطفاف معها في حربها هذه تحت شعار "من ليس معنا فهو ضدنا". وكان ذلك اللبنة الأساسية في البدء بمشروع الشرق الأوسط الكبير، وتفجيره من الداخل، وإعادة تركيبه بدعم داخلي ودون اعتراض من القوى الدولية الكبرى، وبخاصة وأن مصالحهم بل ومصالح العالم أجمع مرتبطة باستقرار الشرق الأوسط.
من أهداف التدخل العسكري الدموي
وهكذا قرع قادة الرأسمالية المجرمة في أميركا طبول الحرب في حملة عسكرية دموية على العالم الإسلامي، فاحتلت أميركا أفغانستان في أقل من شهر، باعتبار أنها تمثل الخاصرة الضعيفة للبلاد الإسلامية ومصدر "الإرهاب" الذي صنعته، واحتلت العراق بعد ذلك بسنة ونصف في ثلاثة أسابيع. وأحكمت استعمارها لهما، وارتكبت أفظع الجرائم بحق المسلمين. ثم أعقب ذلك تقسيم السودان تمهيداً للبدء بتفكيك الشرق الأوسط، بل وقامت بتصوير وتوثيق تلك الجرائم ونشرتها على الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة لتحويل القضية من قضية سياسية استعمارية إلى قضية أخلاقية وكي تلقي الرعب في قلوب المسلمين. وهذا بالضبط ما عبر عنه "تقرير ستراتفور" والذي ذكر أن الإصرار الأميركي على ضرب العراق على الرغم من معارضة معظم دول العالم، يهدف إلى خلخلة النفسية الإسلامية وإصابتها بالإحباط واليأس، وإشعارها بالعجز الشديد عن إمكانية تهديد المصالح الأميركية في المنطقة في العاجل أو الآجل، أو معارضة مشاريع الأمركة السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية.
وفي الاحتفالية الأولى لذكرى الحادي عشر من أيلول/سبتمبر سعى الإعلام الأميركي لإبراز التفوق الأميركي على العالم، وأنه لا يزال الأقوى والأقدر على مواجهة "الإرهابيين"، وأكد وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد في حوار له مع قناة (c.b. S) الإخبارية أن الحرب النفسية جـزء لا يتجزأ من أهداف الحملة الأميركية على الإرهاب، بغية تبرير الجرائم التي ارتكبوها وتسويغ ارتكاب المزيد منها كلما استلزم الهدف القيام بمثلها لإيجاد فراغ نفسي يُعجِز الآخرين عن التقدم أو المعارضة..!!
ولم تقتصر جرائم أميركا في العراق على نهب الثروات وانتهاك الحرمات، بل ومن شدة حقدها على الإسلام والمسلمين أشعلت بينهم فتنة مذهبية تأكل الأخضر واليابس، وترسم بالدم حدوداً نفسية بين أبناء الأمّة فوق الحدود السياسية. فقامت بتفجيرات في أوساط "الشيعة" وقتل لـ"السنة" على يد من تعاون معها من "الشيعة"، وبذلك أيقظت الفتنة من سُبات، وحركتها من رُقاد، وأشعلتها ناراً تحرق المسلمين، وتفجر حياتهم وتجعلهم شطريْن متخاصميْن متحاربيْن، يتربص كل منهما بالآخر، حتى أهلكوا ودمَّروا وخرَّبوا بلاد ال رافدين، بل وامتدت نارها لتحرق المسلمين في طول البلاد وعرضها بعدما حولت الفتنة المذهبية دم المسلمين مباحاً ورخيصاً.
مشروع الشرق الأوسط العظيم
بعد أن استطاعت أميركا إيجاد عرف عام دولي ضد الإرهاب، واستطاعت أن تفرض عرفاً آخر يتيح لها التدخل في شؤون الدول الأخرى بذريعة "مكافحة الإرهاب"، أرادت الولايات المتحدة الأميركية أن تشرك معها دول أوروبا في كيفية معالجة المنطقة الإسلامية فكرياً وحضارياً، وإلحاقها بعجلة الحضارة الغربية وإبعادها عن الإسلام.
لأجل ذلك درست المشروع الأوروبي المقدم من كل من فرنسا وألمانيا، والذي يتطابق في مفاصله الرئيسية والأهداف التي تسعى لها الولايات المتحدة، وتمخضت هذه الدراسة بعد التعديلات عن ولادة مشروع الشرق الأوسط العظيم والذي يهدف إلى دمج المنطقة العربية والإسلامية بركب الحضارة الغربية؛ لذلك تبنت اميركا المشروع وعرضته على أعضاء قمة مجموعة الثماني المنعقدة في سنة 2004م حيث انتزعت موافقة من الدول الأوروبية على السير معها في تنفيذه، بل إنها وضعته على رأس أولويات القمة العربية المنعقدة في تونس في تلك السنة لإقراره، مطالبة حكام المنطقة للمباشرة في إحداث إصلاحات في بنية الأنظمة، مما أثار هلع الحكام العرب وتحفظت عليه كل من مصر وسوريا والسعودية لما ينطوي عليه من تهديد لأنظمة حكمهم.
ومن الجدير ذكره أن أميركا والدول الأوروبية تذرعوا بفرض الإصلاحات على تقرير للتنمية في المنطقة العربية، وأن الاصلاحات المطلوبة تعالج مسائل التنمية التي تفسح المجال ظاهرياً للشعوب بالمشاركة في صنع القرار.
ثورات الربيع العربي
بعد فشل حكام المنطقة في تنفيذ الاصلاحات المطلوبة والتحضيرات لتنفيذ المشروع مستمرة، وبأساليب أميركية جديدة كان أبرزها تدريب أعداد كبيرة من الشباب في المنطقة على كيفية العمل على إسقاط الأنظمة بالأساليب والطرق السلمية، ومهدت لذلك بفضح الحكام بكشف فسادهم مالياً وسياسياً عبر شبكة ويكيليكس التي نشرت آلاف الوثائق السرية التي تفضح الحكام، مما زاد من نقمة الناس على الأنظمة، فحركت قواها المدرَّبة للبدء بثورات ضد الأنظمة لإسقاطها. وقد تحقق لها ذلك في تونس والتي كانت الشرارة التي انطلقت منها ما يسمى بثورات الربيع العربي، والتي سرعان ما حركتها نحو مصر وليبيا وسوريا واليمن.
لقد جرت خديعة الأمّة بمنتهى الحقد واللؤم عندما جرى دفعها لتثور على هذه الأنظمة لاستبدال أنظمة أكثر شعبية بها، فاندفعت الجماهير إلى الميادين والساحات العامة هاتفة بشعار "الشعب يريد إسقاط النظام" فجرى إسقاط بعض الأنظمة في فترة قياسية في كل من تونس ومصر بإسناد مباشر من الرئيس أوباما، حتى تشعر الأمّة بأن "إسقاط الأنظمة" أصبح في مقدورها وبسهولة لتندفع بكل قوة في هذه الثورات، بل في بعض الدول طاف السفراء الغربيون وعلى رأسهم السفير الأميركي على الناس في المدن مبشراً لهم بعهد جديد، حاثاً لهم على الثورة لإسقاط النظام، كما فعل السفير الأميركي في سوريا. وعندما بدأت الأمّة بالتحرك للثورة جرى قمع هذه التحركات قمعاً عنيفاً بلا هوادة، وفي المقابل قامت ماكينة الإعلام التي تهيمن عليها أصابع مرتبطة بالغرب لتغطي هذه التحركات في كل صغيرة وكبيرة، بل قامت هذه الجهات بتزويد الثوار بأجهزة بث فضائي لتغطية أنشطتهم لبقاء الزخم والاستمرار في هذه التحركات لتتحول إلى ما يشبه الثورة حقاً. وفعلاً استمرت هذه التحركات رغم القمع العنيف والشديد، ورغم القتل والتعذيب بأبشع صوره، حتى إذا ما أدرك الناس أن لا سلمية تنفع مع هذا النظام تحولوا إلى العمل العسكري بعد انشقاق بعض الضباط والجنود عن جيوش بلادهم، أو بالأحرى بعد أن دفعت الأوضاع داخل هذه الجيوش ببعض الضباط والعساكر إلى الانشقاق وتكوين نواة لجيش آخر موازٍ يدخل في حالة حرب مع النظام القائم. وهكذا دخلت البلاد في آتون حرب "أهلية" مدمرة، أزهقت فيها الأرواح ودمرت الممتلكات ونزح ملايين الناس من بيوتهم ولجأ ملايين منهم لدول الجوار، فضلاً عن حالة الفوضى واستباحة القتل التي أخذت تعم البلاد حتى بدت البلاد كساحة معركة تأكل الأخضر واليابس.
الفتن الدامية
في بعض الدول تحولت الثورات إلى فتنة مذهبية مقيتة بين ما يسمى "السنة" و"الشيعة"، وفي بعضها الآخر إلى فتنة مناطقية بغيضة؛ اي ان الفتن استُنهضت من سُبات، واستُدعيت على عجل، وولغ النـاس فيها حتى أصبح القتل على الهوية بالجملة دون مراعاة لحرمة الدين، واستمر هذا الحريق يعصف بالأمة إلى هذه الساعة في فتن لم يشهد تاريخ المسلمين لها مثيـلاً في حجمها ونتائجها الكارثيـة. ولم يكن للمسلمين أن يلغوا في دماء بعضهم بعضاً لولا التدخل الأجنبي في شؤونهم، وتحريض بعضهم على بعض، بل ودعم الطرفين عبر عملاء أو وكلاء لاستحرار القتل والتخريب في أهل الإسلام وبلادهم.
الحملة الفكرية والثقافية
وفي مقابل الحملة الدموية التي لم يسلم منها الشجر والحجر فضلاً عن البشر، كانت هناك حملة أخرى مسعورة على الإسلام، يقودها الغرب الكافر وعلى رأسه أميركا ويباشرها عملاء مضبوعون بحضارة الكافر المستعمر، من علمانيين حاقدين على الإسلام، ومن أفراخهم ممن يتأثر بمقولاتهم ويحملها ليهاجم بها الإسلام.
إن الحملة الدموية على الإسلام وإن كانت أعظم مسلكاً وأوضح أثراً، لكن الحملة الفكرية أشد خطراً وأبعد هدفاً. إذ تهدف إلى إفقاد المسلمين ثقتهم بدينهم، ومقدرته على معالجة مشاكل الإنسان!فقد استغل الغرب الكافر الوضع الذي آلت إليه الأمّة الإسلامية في القرون الأخيرة من تراجع فكري وهزيمة نفسية داخلية، ومن غشاوة على الأفهام في فهم الإسلام، فشن حملته على العالم الإسلامي، وكانت حملة استشراقية لاستكشاف قوة المسلمين وتأثيرهم؛ لينزعوا من الإسلام والمسلمين هذه القوة، كي تسهل السيطرة عليهم.
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:42 AM
حرمة الاستعانة بالكفار والقتال معهم
إن الأمة إن لم تسارع إلى الوقوف في وجه الدول التي ساندت الحلف الشيطاني بمنع أبنائها من المشاركة فيه، والأخذ على يد كل مسؤول في تلك الدول للكف عن المساندة أو المشاركة فيه، وتحذيرهم أنهم سيكونون فعلا مستهدفين من قبل استخبارات الدول الكبرى ليكونوا وقوداً لحرب على المسلمين، لا تخدم إلا الكفار.
يقول تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }المجادلة22
قال الإمام السرخسي في المبسوط في كتاب السِيَر: من حديث الضحاك رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم أُحد فإذا كتيبة حسناء أو قال خشناء فقال: من هؤلاء؟ قالوا: يهود كذا وكذا. فقال: لا نستعين بالكفار)، وتأويله أنهم كانوا متعززين في أنفسهم لا يقاتِلون تحت راية المسلمين، وعندنا إنّما نستعين بهم إذا كانوا يقاتلون تحت راية المسلمين، فأمّا إذا انفردوا براية أنفسهم فلا يستعان بهم، وهو تأويل ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تستضيئوا بنار المشركين)، وقال صلى الله عليه وسلم: (أنا بريء من كل مسلم قاتَل مع مشرك)، يعني إذا كان المسلم تحت راية المشركين.
على أن المسلم لا يحل له أن يسفك دمه في سبيل الكفار، ولا يجوز له أن يكون معيناً لهم على المسلمين، والكفار لن يتوانوا عن تسخير المسلين لتنفيذ مخططاتهم، وهذا يوجب على المسلمين الوعي على مخططاتهم، والعمل على التصدي لها، بكشفها، والتحريض عليها.
عبد الواحد جعفر
22-03-2015, 06:43 AM
الوجهة الصحيحة
* ان أميركا المجرمة وبريطانيا وفرنسا ودولة يهود هم من ينبغي توجيه الأنظار إلى محاربتهم، وهم الدخلاء على بلاد المسلمين، وهم من قتلوا مئات الآلاف من المسلمين مباشرة خلال أقل من ربع قرن وأصابوا وشردوا الملايين، واستعملوا أقصى درجات الوحشية مع أبناء الأمة بما لا يمكن مقارنته مع غيرهم.
واستعمال أميركا لليورانيوم المنضب الذي كان يذيب لحوم الجنود العراقيين وتعذيبهم للمعتقلين في سجون أبي غريب والبصرة وغيرها ينبغي أن يخرسهم عن الحديث عن أي سفاح أو مجرم في تاريخ البشرية فضلاً عن الحديث عن الذريعة المصطنعة التي يطلقون عليها مكافحة الإرهاب.
** أما أدوات أميركا والغرب الكافرين الرخيصة فليس غريباً من هؤلاء الحكام المجرمين أن يصمتوا صمت القبور على مجازر يهود بحق نساء وأطفال وشيوخ أهل غزة بالأمس، بل يصطف بعضهم إلى جانب يهود في عدوانهم على أهل غزة، وعندما استدعتهم أميركا لقتل أبناء المسلمين لبوا نداءها ولم يتخلف أحد منهم، ومن لم يساندها علناً ساندها بالخفاء.
فهذا شأن هؤلاء الحكام الرويبضات الذين اصطنعهم الغرب لحراسة مصالحه في بلاد المسلمين، وليكونوا حرباً على الأمة الإسلامية إذا ما أرادت الانعتاق من هيمنة الكفار على بلادها.
الاستعانة بالأجنبي
* الاستعانة بالأجنبي جريمة وخيانة. إذ أن أي استعانة بالأجنبي لقتل المسلمين سواء عن طريق التحالفات الدولية والإقليمية أو عن طريق الاستعانة بدولة أجنبية هو عمل حرام شرعاً، ويعد جريمة نكراء، ولا يجوز لأبناء الأمة المشاركة بأية أعمال فيها قتل للمسلمين سواء أكانوا أفراداً أم جماعات.
** لا بد من العمل على فضح أبواق الأنظمة من كتاب وإعلاميين ناعقين مؤيدين الاستعانة بالقوات الأجنبية لقتل المسلمين، وأن هذا التأييد يعد عملاً خيانياً يمكن الكفار من رقاب المسلمين.
ولذلك لا بد من تجريم كل من ينادي بالاستعانة بالأجنبي وفضحه أمام الناس والعمل على مخاطبة الجماهير لرفض مثل هذه الأعمال الخيانية.
*** مكافحة "الإرهاب" هي خديعة وكذبة أميركية تستعملها كذريعة للحرب على الإسلام وقتل المسلمين.
فلا بد من إدراك أن مكافحة "الإرهاب" ما هو إلا شعار ترفعه أميركا وحلفاؤها لخديعة الرأي العام العالمي والمحلي من أجل إيجاد المبررات للحرب على الإسلام.
فمكافحة "الإرهاب" هي خديعة وكذبة أميركية ساقتها وروجتها لإبقاء المبررات للتدخل في شؤون الدول والمؤسسات وحتى الأفراد.
vBulletin® v4.0.2, Copyright ©2000-2025, Jelsoft Enterprises Ltd.