المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دردشات سياسية حول أحداث اليمن والتدخل العسكري المصري في ليبيا



عبد الواحد جعفر
25-02-2015, 10:27 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

دردشات سياسية

أولاً: تهريب منصور هادي إلى عدن هي الخطوة الثانية نحو الانفصال
وأخيراً تمكن الرئيس عبد ربه منصور هادي من مغادرة صنعاء إلى عدن عبر ترتيبات أمنية سرية، قيل أن الحوثيين لم يتمكنوا من معرفتها. والحقيقة أنه بعد أن فرض الحوثيون على الرئيس هادي الإقامة الجبرية لأكثر من شهر ونصف، أُريد لهروبه أن يكون بشكل سينمائي حتى يتم إظهاره كبطل قومي استطاع الفكاك من أسر الحوثيين له.
لكن التوقيت الذي خرج فيه الرئيس هادي إلى عدن، وهو قبل حلول موعد انتهاء فترة تقديم استقالته, وبعد خروج سفراء كثير من الدول من صنعاء، وشعور الحوثيين أنهم باتوا في مأزق بعد ضيق الخيارات أمامهم، يؤكد أن عملية "تهريب" هادي كانت نتاج تخطيط استخباراتي إقليمي ودولي، تمت بإرادة وعلم من زعماء الحوثيين أنفسهم.
فقد ذكرت مصادر إعلامية أن وساطة مشتركة من دولتي إيران وسلطنة عمان سمحت للرئيس هادي بمغادرة صنعاء والتوجه إلى محافظة عدن جنوبي البلاد. وهذا يؤكد مرة أخرى أن هروب هادي جاء في إطار استكمال دوره السياسي الذي بدأه مع الحوثيين وسوف تكون له نتائج خطيرة على الأرض، أهمها السير في مشروع تقسيم اليمن (الفدرالية) والتسريع في استقلال الجنوب.
ولذلك ليس غريباً أنه في الوقت الذي أُعلن فيه عن هروب هادي إلى عدن كان المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بن عمر، قد أعلن عن اتفاق القوى السياسية على تشكيل هيئة تشريعية من غرفتين تسمى المجلس الوطني الذي يضم البرلمان الحالي إضافة إلى مجلس الشعب الانتقالي. وقد جاء هذا الإعلان بدعم أميركي.
ففي الوقت الذي لم تعبر فيه أميركا عن موقف واضح من مسألة هروب منصور هادي إلى عدن سوى ما ورد سابقاً من مطالبة مجلس الأمن الدولي بإنهاء الإقامة الجبرية لهادي، نجد المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر ساكي، قالت في نفس اليوم (21/2) الذي أعلن فيه بن عمر عن تشكيل الهيئة التشريعية الجديدة: "نواصل دعمنا لجهود المبعوث الخاص (جمال بن عمر) للعمل مع الأطراف (اليمنية) للوصول إلى حل للأزمة السياسية، ونحن على اتصال منتظم معه (بن عمر) وفريقه فيما يتعلق بالوضع على الأرض".
أما ما أعلنه منصور هادي في بيانه بعد أن استقر في عدن فهو يصب في مصلحة تنفيذ المخططات الأميركية الرامية إلى تقسيم اليمن وفصل الجنوب. ورغم التعارض الظاهر في المواقف بينه وبين الحوثيين فإن ذلك هو آلية تنفيذ ما رسمته أميركا لكلا الطرفين من أجل تحقيق أهدافها.
فقد أعلن هادي باعتباره ما زال حسب توقيع البيان رئيساً للجمهورية "تمسكه باستكمال العملية السياسية المستندة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية كمرجعية رئيسية"، "بالإضافة لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومسودة الدستور لليمن الاتحادي الجديد".
وبعد أن اعتبر أن كل ما حصل منذ 21 أيلول/سبتمبر 2014 عملاً انقلابياً فإنه "يؤكد بصورة جلية أن كل الخطوات والإجراءات والتعيينات التي اتخذت خارج إطار الشرعية منذ ذلك التاريخ باطلة لا شرعية لها".
أما الحل الذي اقترحه هادي فهو الدعوة إلى "انعقاد اجتماع للهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الحوار في مدينة عدن أو محافظة تعز لحين عودة العاصمة صنعاء إلى الحاضنة الوطنية كعاصمة آمنة لكل اليمنيين وخروج كافة المليشيات المسلحة منها".
وقبل أن يصدر هادي هذا البيان بساعات اعتبرت اللجنة الثورية العليا التابعة لجماعة الحوثيين أن ملابسات حادثة تهريب الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي إلى عدن، تؤكد "أن المقصود منها هو جر الوطن إلى الانهيار خدمة لقوى أجنبية، مما يؤكد صوابية الإجراءات التي اتخذتها اللجنة وعلى رأسها الإعلان الدستوري". وأضافت اللجنة في بلاغها: "ويعد هروب هادي تفنيداً للادعاءات والأكاذيب أنه كان محاصراً من قبل اللجان الشعبية".
ومن هنا فالمشهد اليمني يتجه نحو تمسك الحوثيين باستكمال انقلابهم ظاهراً بالتعاون مع أتباع علي صالح وبإغراء خفي من بعض دول الإقليم التي تقف خلفها أميركا.
والحوثيون الذين يعتبرون أن هادي قد فقد شرعيته بعد أن قدم استقالته وهرب إلى عدن، أخذوا يعانون من أزمة الشرعية بقوة بعد أن غادر صنعاء سفراء أميركا وبريطانيا وبعض الدول التي لها سفراء في اليمن قبل الإعلان عن هروب هادي، مما يفاقم من أزمات البلاد، وبخاصة بعد إعلان هادي عودته عن استقالته، واتخاذه عدن مركزاً فعلياً لسلطته، وتوجه الوفود لإعلان ولائها لشرعيته.
ومن خلال هذا التناقض في المواقف ظاهرياً بين الطرفين سوف يتمزق اليمن جغرافياً حسب مقتضى خطة أميركا في القضاء على وحدة اليمن.
ويتركز إضعاف البلاد في زيادة مبررات الاحتراب المذهبية والقبلية والجهوية، وسيتم التوجه إلى حل يقود فيه (بن عمر) البلاد إلى الدولة الاتحادية بعد أن تم زرع بذور الفتن بين أبناء الأمة في اليمن، وبعد أن تصبح وحدة البلاد وتماسك أبناء الأمة فيها أوهى من بيت العنكبوت _لا قدر الله_ رغم اتخاذ مظلة الدولة الاتحادية التي يتوهمها البعض أنها ستكون طوق النجاة رغم أنها وصفة لهلاك العباد وتمزيق البلاد، بعد أن تم تمرير تلك الوصفة الخبيثة من خلال مؤتمر الحوار الوطني الذي رعته الأمم المتحدة والتي يعلم القاصي والداني أنها أحد أهم أدوات أميركا الطيعة في تنفيذ مشاريعها وإرادتها.
ورغم انتشاء الحوثيين بتضخيم حجمهم السياسي وزيادة نفوذهم، إلا أن المخلصين منهم سيكتشفون متأخرين أنهم إنما اتُخِذوا أدوات طيعة في خدمة مشاريع أميركا التي يرفعون شعار الموت لها، وأن المكاسب المذهبية التي توهموها إنما كانت إحدى وسائل بذر الفتنة بين أبناء الأمة واستكمالاً لمخطط خبيث يتقصد تعزيز وجود معسكرين مذهبيين يُراد لهما التناحر الذي يخدمان به مراد معسكر الكفر الذي تقوده أميركا المجرمة.

عبد الواحد جعفر
25-02-2015, 10:28 AM
ثانياً: حلف شيطاني دولي جديد على ليبيا بزعامة عبدالفتاح السيسي
على غرار حادثة حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة تعيد أميركا عن طريق عملائها في تنظيم الدولة إنتاج فيلم جديد زُعم أنه تم تصويره على شاطئ البحر المتوسط في ليبيا. وقد جاء الإصدار الهوليودي لفيلم داعش الجديد وهو يتضمن مقتل 21 رجلاً من "نصارى مصر" تم اختطافهم منذ شهر كانون أول/ديسمبر الفائت.
وبغض النظر عن صحة مكان تصوير هذا الفيلم لكنه كان واضحاً أن عناصره الذين قاموا بالقتل هم أقرب لأن يكونوا جنود مارينز، ويظهرذلك من خلال أشكال أجسامهم التي لا علاقة لها بالملامح العربية ومن خلال البيان الذي تلي بلغة إنكليزية فصيحة.
ولم تمض ساعات على نشر هذا الفيلم حتى قام الطيران المصري بضربة جوية على مدينة درنة في شرق ليبيا، مع أن القتل المنسوب في الفيلم إلى تنظيم داعش اُدعي أنه تم تصويره في غرب ليبيا على ساحل طرابلس أو سرت.
وبعد أن سقط عدد من الأطفال والنساء والمدنيين جرَّاء هذه الغارة الجوية التي وقعت في مناطق سكنية بمدينة درنة، زعم بيان الجيش المصري أن الضربة استهدفت عناصر من تنظيم داعش ومخازن أسلحة لهم.
إنها ليست المرة الأولى التي يقوم فيها الطيران المصري بضربات جوية على ليبيا فقد سبق وأن قام بذلك في آب/أغسطس وتشرين أول/أكتوبر 2014 رغم نفي مصر رسمياً لذلك. وقد جاءت تلك الضربات في وقت كانت تعاني فيه "عملية الكرامة" بقيادة الضابط خليفة حفتر تقهقراً على الأرض.
فقد اندحرت القوات التابعة لحفتر من طرابلس ومناطق كثيرة في الغرب الليبي، وهي تعاني صعوبات أمام صمود قوات مجلس شورى ثوار بنغازي ودرنة والبيضاء في مناطق الشرق رغم القصف الجوي من مصر والإمارات. وكانت مصر تنقي في المرات السابقة تلك الضربات ولكن هذه المرة أقر السيسي بالضربات العسكرية الجديدة على ليبيا بشكل علني بعد أن وجد "الذريعة" التي كان يبحث عنها.
لقد صرَّح السيسي بأنه لا يستبعد القيام بغارات ثانية على ليبيا بل إنه دعا في كلمة متلفزة مساء أول أمس الأحد إلى إنشاء قوة عربية لمواجهة الظروف المحيطة بالمنطقة بعد تبريره لغارات الطائرات المصرية على الأراضي الليبية، وهذا يؤكد أن أميركا تريد استعماله لتحقيق حزمة من الأهداف تتعلق بعملية صياغتها للوضع السياسي والفكري والجغرافي في ليبيا حتى لو أدى لتدخل بري بغطاء أو مشاركه إقليمية أو دولية. فما هي تلك الأهداف؟
أولاً: تمكين جماعة خليفة حفتر المكونة من قوات تابعة لمحمود جبريل وبقايا القذافي من السيطرة على الحكم في شرق ليبيا وغربها أو على الأقل أن تكون موازين القوى في صالحهم. فقد عجزت "عملية الكرامة" عن تحقيق أهدافها أمام نجاح قوات فجر ليبيا في طرد كتائب القعقاع والصواعق من طرابلس وكثير من المناطق التي كانت تسيطر عليها.
أما في شرق البلاد فقد تمكن مجلس شورى ثوار بنغازي ودرنة والبيضاء من الصمود أمام قوات حفتر رغم الدعم العسكري الذي يجدونه من مصر والإمارات. ولذلك طالب السيسي في حوار له يوم (17/2) مع راديو أوروبا 1 بتوفير الأسلحة للحكومة الليبية المعترف بها دولياً، والتي فرَّت إلى طبرق عقب سيطرة قوات فجر ليبيا المنافسة لها على العاصمة طرابلس.
وفي الوقت الذي صرَّح فيه العميد صقر الجروشي التابع لقوات حفتر أن مصر منحت قوات "عملية الكرامة" 400 حاوية مليئة بالذخائر، أعلن مصدر سيادي في مصر أن أجهزة الأمن تدرس إرسال قوات برية خاصة من "المجموعة 999" المكلفة بمكافحة الإرهاب الدولى، موضحاً أن هناك اتصالات مكثفة مع حكومة عبدالله الثني بقصد الموافقة على إرسال هذه القوات إلى ليبيا حتى "تشارك القوات الليبية فى القضاء على الإرهاب".

ثانياً: زيادة الاستثارة للشعوب الأوروبية بخاصة وتحفيزها لتقف خلف زعمائها لمواجهة (الإرهاب الإسلامي) الذي أصبح على الضفة الأخرى من المتوسط والذي يتوعد الأوروبيين بغزو روما. والتمهيد لإيجاد موطىء قدم لتدخل عسكري بري إقليمي ودولي بغطاء من مجلس الأمن في مناطق من الجنوب الليبي حيث تعمل المخابرات المصرية والفرنسية بقوة، وبالتعاون مع قوات حفتر في طرد قوات الدروع الليبية التابعة لسلطة المؤتمر الوطني في طرابلس برئاسة نوري بوسهمين.
وفي هذا السياق أرسل عبدالفتاح السيسي وزير خارجيته يوم (16/2) إلى نيوريورك لطلب عقد جلسة لمجلس الأمن لبحث الأوضاع الأمنية في ليبيا، ثم دعا السيسي يوم (17/2) الأمم المتحدة إلى استصدار قرار يسمح بتدخل قوات دولية في ليبيا بعد ان تحادث مع الرئيس فرانسوا هولاند بخصوص صياغة قرار مشترك حول ليبيا في مجلس الأمن، ورغم عدم توصل مجلس الأمن لقرار تدخل قوات دولية، إلا أن اصطناع مبررات لاستصداره بزيادة عدم الاستقرار في ليبيا واستهداف غير الليبيين ستجعل المبررات لدى مجلس الأمن بالتدخل الأكيد قوية، وسيعطي تمدد تنظيم الدولة في ليبيا ودول إفريقية قريبة منها المبرر لتواجد قوات أطلسية وانشاء قاعدة أو قواعد للقوات الأميركية والأطلسية في الأراضي الليبية.
ومما يشير إلى شرعنة التدخلات الأجنبية بالذريعة التي وفرتها حادثة ذبح الأقباط على الضفة الأخرى من المتوسط، والتوعد بغزو روما كما تم توصيفه، هو إعلان وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي في مقابلة مع صحيفة أل ميساجيرو يوم (15/2)، أن "إيطاليا مستعدة لقيادة ائتلاف في ليبيا من دول المنطقة، شمال إفريقيا وأوروبا، لوقف تقدم داعش الذين باتوا على مسافة 350 كلم من سواحلنا".
ثالثاً: الضغط السياسي على حكام طرابلس من المؤتمر الوطني وحلفائهم في قوات فجر وشروق ودروع ليبيا، وبخاصة بعد أن نجح هؤلاء في فرض مسألة انعقاد مؤتمر الحوار في ليبيا وليس في جنيف وبعد أن رفضوا أي تقاسم للسلطة مع ما يسمى بـفلول "الدولة العميقة".
وبالإضافة إلى ذلك فإن أميركا تخشى من أن يسير الحوار في اتجاه لا تريده ويأتي بمخرجات لا تتفق مع الصياغة الفكرية والسياسية والإقتصادية التي ترسمها لليبيا بالتعاون مع فرنسا بخاصة. ولذلك بدأت الإستخبارات الفرنسية والمصرية بالتعاون مع عناصر حفتر والقذافي منذ مدة بالقيام بعمليات اختطاف وتفجير من أجل ارباك الوضع الأمني في طرابلس والمناطق التابعة لسيطرة المؤتمر الوطني.
ففي الجنوب الليبي تقوم الإستخبارات المصرية مدعومة بالإمكانيات اللوجستية للمخابرات الفرنسية وبتنفيذ من أتباع حفتر بخطف جنود القوة الثالثة و قتلهم بطرق بشعة ثم الإيهام عبر بيانات بأن "جماعات إسلامية" تقوم بذلك.
وهذا يدخل في إطار إيجاد مناخ دولي بأن "الإرهاب" يتكاثر في الجنوب الليبي مع أن الأطماع الفرنسية والأميركية في خيرات حوض مرزق الذي يحتوي على حقل الفيل النفطي العملاق بالإضافة إلى الذهب وبقية المعادن باتت أمراً جلياً.
رابعاً: ترويض الرأي العام في مصر للإصطفاف خلف السيسي في حربه على المسلمين في ليبيا نيابة عن أميركا والدول الغربية تحت عنوان الإقتصاص من "داعش" والقضاء على ما يسمى "بؤر الإرهاب". فمنذ انقلاب 3 تموز/يوليو 2013 والسيسي يصرح من حين لآخر بوجوب محاربة "الإرهاب" في ليبيا والقيام بأعمال عسكرية هناك.
وقد جاءت مسرحية مقتل "نصارى مصر" لتعطيه المبرر أمام الشعب في مصر ليقوم بحربه القذرة على مسلمي ليبيا، في الوقت الذي لم يحرك فيه ساكناً أو ينبس ببنت شفة أمام توغل الطيران الإسرائيلي في سيناء وقصف المسلمين هناك.
ورغم أن "نصارى مصر" تم اختطافهم منذ أكثر من خمسين يوماً إلا أن أجهزة السيسي لم تحرك ساكناً بالعمل للإفراج عنهم بالطرق المعروفة في إطلاق سراح الرهائن والمخطوفين. بل إن هناك مصريين آخرين مختطفين حالياً في ليبيا وموجودين في المعسكر 204 دبابات التابع لخليفة حفتر ولا يبدو على الحكومة المصرية أي سعي لإطلاق سراحهم من يد خاطفيهم!!
إن فتح السيسي لجبهة جديدة تحت عنوان "محاربة الإرهاب في ليبيا" بعد حربه الشرسة على المسلمين في سيناء، تعتبر من أهم الوسائل في اسكات الناس في مصر وصرف أذهانهم عن التفكير بتغيير الأوضاع الآسنة التي يعيشونها غير آمنين على دينهم وأرواحهم وأرزاقهم وأعراضهم وكرامتهم.
أن ما أقدم عليه عبد الفتاح السيسي من ضربات جوية في ليبيا ما كان ليتم بدون موافقة أميركية ودعم دولي من الدول الأوروبية. فقد جاءت هذه الضربات بعد أيام قليلة من زيارة الرئيس الروسي فلادمير بوتين للقاهرة وكان الموضوع الليبي أحد محاور النقاش بين السيسي وبوتين.
وفي اليوم الذي قام فيه الطيران المصري بالضربات الجوية على ليبيا وصل للقاهرة يوم (16/2) وفد عسكرى فرنسي برئاسة وزير الدفاع، جون إيف لودريان، لتوقيع اتفاقية بشأن شراء مصر 24 طائرة "رافال" المقاتلة بقيمة 5.2 مليار يورو. وهذا يؤكد أن فرنسا تدعم مصر في الضربات الجوية على ليبيا وهي جزء من أي حلف عسكري دولي قادم بحجة "محاربة الإرهاب".
ومع ذلك فإن الراجح في هذه المرحلة هو أن تعطي أميركا للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة "برناردينو ليون" في ليبيا الفرصة للقيام بسلسلة اجتماعات مع المتحاورين بهدف التوصل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قاعدة سياسية يتم من خلالها الإنطلاق في صياغة الدستور والقوانين والأعراف التي يجب أن تحكم العملية السياسية. وهذا هو الإتجاه الذي يسير فيه قرار مجلس الأمن في الجلسة الخاصة بالأوضاع في ليبيا يوم (18/2).
فقد دعت يوم (17/2) حكومات كل من أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا في بيان مشترك إلى تشكيل حكومة وطنية في ليبيا لأنها بزعمهم "تشكل الأمل الأفضل بالنسبة إلى الليبيين"، وشدد البيان المشترك على ضرورة إيجاد "حل سياسي" للأزمات في البلاد. وأكد البيان أيضاً أن أولئك الذين لن يشاركوا في عملية المصالحة هذه سيتم استبعادهم "من الحل السياسي في ليبيا". وأضاف أنه "بعد أربعة أعوام على الثورة لن يكون مسموحاً لمن يحاول منع العملية السياسية والانتقال الديموقراطي في ليبيا بجر البلاد إلى الفوضى والتطرف".
وعلى هذا الأساس حاول وزير الخارجية الإيطالي، باولو جينتيلوني، يوم (18/2) في كلمة له أمام البرلمان الإيطالي التلطيف من تصريحات وزيرة الدفاع الإيطالية وتناغماً مع الإرادة الأميركية القول: أن "الوضع في ليبيا يتدهور ويحتاج إلى تغيير المقاربة، وما تدعو الحاجة إليه الآن هو جهد دبلوماسي؛ لأن الحل الوحيد الممكن للأزمة هو سياسي الطابع". ولفت الوزير إلى أن "إيطاليا لا تريد خوض حروب صليبية ولا مغامرات" في إشارة إلى ما تردد عن إمكانية التدخل العسكري في ليبيا.
وبناءً على ما تقدم فإن دور عبدالفتاح السيسي في هذه المرحلة هو القيام ببعض الضربات الجوية من أجل اسناد قوات حفتر وحكومة عبدالله الثني وأيضاً من أجل الضغط على حكومة عمر الحاسي في طرابلس لتقديم تنازلات في جلسات الحوار الوطني. أما على المدى المتوسط فتمثل ضربات السيسي الجوية على المسلمين في ليبيا تمهيداً لأي تدخل عسكري بري محتمل في حالة فشل الحوار حسب تخطيط أميركا لمخرجاته.

5/جمادى الأولى/1436هـ
24/2/2015م