سليمان بن يحيى
04-08-2014, 08:00 PM
- أما بالنسبة للموقف السياسي للدول الناشطة في المنطقة فإن قطر تزاحم السعودية في خدمة الولايات المتحدة وهذا لم ينكره رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم في أكثر من لقاء له على قناة الجزيرة التي تقوم بدور هام في صناعة مفاهيم الشعوب العربية والتأثير على أنظمة المنطقة لضبط أداءها السياسي على إيقاع المصالح الأمريكية ومشاريعها وقد ذكر في حينه وبكل صراحة أن وزراء الخارجية العرب كلهم رهن إشارة من كونداليزا رايس وإذا دعتهم لاجتماع فإنهم يلبون دعوتها دون إبطاء. وقطر تملك الوصاية على قادة حماس ورصيدها الشعبي في فلسطين وثروتها المادية وتأثيرها الإعلامي يؤهلها لتسويق الرؤية الأمريكية المتعلقة بمسار "التسوية". أما تركيا فلا تَخْفى علاقتها بأمريكا فهي تدير الائتلاف الوطني السوري العميل على أراضيها وتنسق إدخال "المجاهدين" والسلاح لتقويض سلطة بشار ضمن مخطط الشرق الأوسط الذي يراد منه إعادة إنتاج أنظمة المنطقة، فقد أعلن أردوغان صراحة أنه شريك في مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أعلنته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس"، حيث قال في مؤتمر حزب العدالة والتنمية في بلدة "بايرام باشا" عام 2006، : "أنا رئيس مشارك في مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقيا، ونحن ماضون في تنفيذه." ، كما نشرت صحيفة الواشنطن بوست في 7 آب 2003 ورقتين تتضمنان 9 بنود للاتفاق الذي تم بين بوش وأردوغان بخصوص مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يفتت المنطقة على أسس طائفية وعرقية لتسهيل الهيمنة عليها ومنع تحررها ونهضتها. وأردوغان متهم بالعمالة لأمريكا من قوى سياسية تركية حيث وصفه رئيس اتحاد الشباب التركي "إلكير يوجيل" بأنه "ممثل الدقيقة الواحدة" في إشارة إلى موقفه من شيمون بيريز في مؤتمر دافوس ، وقد أخذ ذلك الموقف ألباب المسلمين ولم يلتفتوا إلى تناقض ذلك الموقف مع حقيقة العلاقة بين النظام التركي والإسرائيلي في أرض الواقع حيث شهدت التجارة والتعاون الدبلوماسي والاستخباراتي والعسكري بينهما في ظل حكومة أردوغان تنامياً ملحوظاً، لذلك فإن الاندفاع العاطفي تجاه أردوغان يعبر عن حجم السذاجة والغفلة التي تتعامل بها مجتمعاتنا مع الأحداث ويكشف عن مدى قابلية الأمة ونخبها الثقافية والسياسية للتضليل والخداع . أما عن علاقة أردوغان بالعميل الأمريكي الشهير فتح الله كولن ورجل المخابرات الأمريكية في تركيا غراهام فولار فإنها ليست خافية على الوسط السياسي والإعلام التركي ومن المعروف أن فتح الله كولن هو الذي أمّن وصول أردوغان إلى الحكم، وقد نشرت صحيفة إدينيليك التركية مقالاً بتاريخ 20 تشرين الاول سنة 1996 أشارت فيه إلى تهيئة السفير الامريكي أبراموفيتش لأردوغان كي يصبح رئيساً للوزراء في المستقبل، وبالتالي فإن تركيا ليست دولة مستقلة ولا تقوم بالأعمال السياسية بمعزل عن الإرادة الأمريكية كما يتوهم البعض، ولا أدل على ارتباطها بالولايات المتحدة من سياستها تجاه سوريا ورعايتها لعملاء أمريكا في الائتلاف الوطني السوري وتأييدها للاحتلال الأمريكي للعراق، فهي تمارس دوْر حصان طروادة الأمريكي في المنطقة وفي أوروبا إذْ تقدم نفسها لأوروبا باعتبارها جسراً للعالم الإسلامي ونموذجاً مُلْهِما في التعايش بين الإسلام والعلمانية ومثال التصالح بين المسلمين والغرب. كما أنها تمثل عنصراً هاماً في التوازن الاستراتيجي الذي يحفظ المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط فضلاً عن دورها في دول وسط آسيا الإسلامية ضد المصالح الروسية لصالح الولايات المتحدة بالإضافة إلى عضويتها في حلف الناتو ونشاطها لحسابه في أفغانستان وأوروبا المركزية. إن ما يثير الدهشة هو وجود من يُغمض عينيه عن هذه المعطيات وعن واقع النظام التركي العلماني وينبري للدفاع عن تركيا وزعيمها الذي لم يقم بعمل حقيقي وفعّال لصالح المسلمين، ففي الوقت الذي يدرب فيه "المجاهدين" ويقدم لهم كافة التسهيلات للانخراط في المشروع الأمريكي الصهيوني الأسدي في سوريا لم يرسل مجاهداً واحداً الى غزة التي تحتاج لمن يوقف قتل أبنائها لا من يرسل لها الدواء ويصفق للشهداء ويبكي عليهم، فعلى من يدافع عمن تخاذل عن نصرة دينه وأمته وهو قادر ولا يحكم بما أنزل الله أن يبحث عن إجابة لله الذي قال : "ولا تكن للخائنين خصيماً" .
أما إيران فهي الأخرى فاعلة في تأجيج الصراع القومي والطائفي لتفكيك المنطقة وإضعافها من خلال الفوضى التي تتوسل الولايات المتحدة منها التدخل لإعادة تشكيل الشرق الأوسط ، غير أن طبيعة النظام الإيراني القائم على "ولاية الفقيه" استعصى على التفكيك لتجذره عقائدياً مما فرض على قادة إيران الأخذ بعين الاعتبار النواحي القومية والمذهبية في تنفيذهم لسياسات الولايات المتحدة مما أعاق الترتيبات الأمريكية في العراق وسوريا ولبنان وأثار مخاوف السعودية من النوايا الأمريكية في الشرق الأوسط خصوصاً بعد التفاهم الأمريكي مع إيران بشأن الملف النووي وبعد وصول الإصلاحي حسن روحاني المنفتح على الولايات المتحدة إلى الحكم، والذي جعل القيادات الإيرانية تتجاوز الإرادة الأمريكية في شؤون العراق وسوريا ولبنان في بعض الأمور هو تعاطي إيران مع تلك البلدان على أنها شأن ايراني داخلي لاتصاله بنظام ولاية الفقيه وهذا مما تحتمله علاقة التبعية بين الدولة التابعة والدولة الكبرى الراعية لها. إلا أن وصول روحاني إلى الحكم وإعلانه أن السياسة الإيرانية ستقوم على قاعدة إيران أولا من شأنه أن ينعكس على الترتيبات الأمريكية في المنطقة ويسهل بناء الشرق الأوسط الجديد الذي تعتبر بلاد الشام نقطة ارتكازه .
وأما بشأن الوضع المأزوم في ليبيا منذ سقوط القذافي فإنه يكشف عن ترابط الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، فالوضع يسير في ليبيا نحو التفتيت الفدرالي على أسس قبلية ومناطقية ومن المحتمل أن تنقسم إلى أربعة مناطق وهي برقة وفزان وطرابلس ومصراته، وقد ازدادت حدة التوتر بعد انقلاب امريكا على حكم الإخوان في المنطقة حيث أصبح الصراع على السلطة ومراكز النفوذ يشكل وقوداً لتمزيق البلدان وتبرير تدخل الدول الكبرى وعلى رأسهم الولايات المتحدة، فأمريكا تقود الصراع الداخلي في ليبيا من خلال قطر الداعمة للإخوان والإمارات الداعمة لحفتر ومحمود جبريل والليبراليين وبقايا النظام السابق. لكن الأحداث الاخيرة التي قامت فيها قوات الدروع التابعة لمصراته والقوى الإسلامية والتي استهدفت كتائب القعقاع والصواعق لإخراجهم من مطار طرابلس تنبئ بدفع الدولة إلى العنف والفوضى المُفضية إلى التقسيم ، والذي يشير إلى ذلك هو أن الذي دعا قوات الدروع لإخراج الصواعق والقعقاع من المنشآت التي تسيطر عليها هو رئيس الوزراء المحسوب على الإمارات عبدالله الثني، مما يعني إعطاء المبرر لدعاة الفدرالية كي تبدأ بفرض التقسيم المناطقي والقبلي على الأرض بحجة سيطرة الإخوان على الدولة وهذا سيقود إلى نزاع على السيطرة على الثروات والمناطق ويدخل المجتمع في أتون حرب أهلية تعطي الفرصة للغرب من أجل التدخل وفرض وصايتهم وتشكيل الدولة بما يحقق مصالحهم ويحفظ نفوذهم خصوصاً أن ليبيا لا تزال تحت البند السابع .
أما إيران فهي الأخرى فاعلة في تأجيج الصراع القومي والطائفي لتفكيك المنطقة وإضعافها من خلال الفوضى التي تتوسل الولايات المتحدة منها التدخل لإعادة تشكيل الشرق الأوسط ، غير أن طبيعة النظام الإيراني القائم على "ولاية الفقيه" استعصى على التفكيك لتجذره عقائدياً مما فرض على قادة إيران الأخذ بعين الاعتبار النواحي القومية والمذهبية في تنفيذهم لسياسات الولايات المتحدة مما أعاق الترتيبات الأمريكية في العراق وسوريا ولبنان وأثار مخاوف السعودية من النوايا الأمريكية في الشرق الأوسط خصوصاً بعد التفاهم الأمريكي مع إيران بشأن الملف النووي وبعد وصول الإصلاحي حسن روحاني المنفتح على الولايات المتحدة إلى الحكم، والذي جعل القيادات الإيرانية تتجاوز الإرادة الأمريكية في شؤون العراق وسوريا ولبنان في بعض الأمور هو تعاطي إيران مع تلك البلدان على أنها شأن ايراني داخلي لاتصاله بنظام ولاية الفقيه وهذا مما تحتمله علاقة التبعية بين الدولة التابعة والدولة الكبرى الراعية لها. إلا أن وصول روحاني إلى الحكم وإعلانه أن السياسة الإيرانية ستقوم على قاعدة إيران أولا من شأنه أن ينعكس على الترتيبات الأمريكية في المنطقة ويسهل بناء الشرق الأوسط الجديد الذي تعتبر بلاد الشام نقطة ارتكازه .
وأما بشأن الوضع المأزوم في ليبيا منذ سقوط القذافي فإنه يكشف عن ترابط الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، فالوضع يسير في ليبيا نحو التفتيت الفدرالي على أسس قبلية ومناطقية ومن المحتمل أن تنقسم إلى أربعة مناطق وهي برقة وفزان وطرابلس ومصراته، وقد ازدادت حدة التوتر بعد انقلاب امريكا على حكم الإخوان في المنطقة حيث أصبح الصراع على السلطة ومراكز النفوذ يشكل وقوداً لتمزيق البلدان وتبرير تدخل الدول الكبرى وعلى رأسهم الولايات المتحدة، فأمريكا تقود الصراع الداخلي في ليبيا من خلال قطر الداعمة للإخوان والإمارات الداعمة لحفتر ومحمود جبريل والليبراليين وبقايا النظام السابق. لكن الأحداث الاخيرة التي قامت فيها قوات الدروع التابعة لمصراته والقوى الإسلامية والتي استهدفت كتائب القعقاع والصواعق لإخراجهم من مطار طرابلس تنبئ بدفع الدولة إلى العنف والفوضى المُفضية إلى التقسيم ، والذي يشير إلى ذلك هو أن الذي دعا قوات الدروع لإخراج الصواعق والقعقاع من المنشآت التي تسيطر عليها هو رئيس الوزراء المحسوب على الإمارات عبدالله الثني، مما يعني إعطاء المبرر لدعاة الفدرالية كي تبدأ بفرض التقسيم المناطقي والقبلي على الأرض بحجة سيطرة الإخوان على الدولة وهذا سيقود إلى نزاع على السيطرة على الثروات والمناطق ويدخل المجتمع في أتون حرب أهلية تعطي الفرصة للغرب من أجل التدخل وفرض وصايتهم وتشكيل الدولة بما يحقق مصالحهم ويحفظ نفوذهم خصوصاً أن ليبيا لا تزال تحت البند السابع .