سليمان بن يحيى
04-08-2014, 07:57 PM
- نتنياهو يعاند أوباما مثلما فعل مع كلنتون "الديموقراطي" بمنتصف التسعينيات حيث كلفه ذلك العناد سقوطه وخروج الليكود من الحكم، حيث لعب اللوبي الصهيوني الأمريكي حينها دوراً بارزاً ضد نتنياهو بسبب إعاقته مسار "التسوية" الذي قادته إدارة كلنتون، وقد أنهى نتنياهو أيضاً مستقبل الأمير حسن في الأردن بسبب التنسيق بينهما قبيل وفات الملك حسين بأيام. حيث اكتشفت المخابرات الأمريكية اللقاء الذي جمع نتنياهو بالأمير حسن في غور الأردن للتنسيق بشأن المفاوضات وعرقلة مساعي كلنتون مما اضطر الإدارة الأمريكية لإرسال مستشار الأمن القومي ساندي بيرغر لإبلاغ الملك حسين قرارها بعدم الموافقة على بقاء الأمير حسن خليفة له وطلبت استبداله بابنه عبدالله وهددته أثناء علاجه على أراضيها من عواقب وخيمة على الأسرة الهاشمية إن لم يبعد الأمير حسن عن ولاية العهد، فاضطر الملك حينها إلى تغيير الدستور وإبعاد أخيه عن ولاية العهد وتعيين نجله البكر عبدالله بتوصية من الولايات المتحدة وخسر الأمير حسن الحكم ومستقبله السياسي بسبب رهانه على نتنياهو وتجديفه بعكس التيار. هذا المثال يقودنا إلى إدراك حقيقة أن الولايات المتحدة هي الفاعل الاقوى في معادلة الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط وليست إسرائيل أو القوى الدولية الاخرى كما يظن البعض بدليل أنها وضعت حداً لإسرائيل في أكثر من قضية منها إفشال الهجوم الثلاثي من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على عميلها عبد الناصر سنة 1956، وكسر نظرية التفوق الإسرائيلي في حرب 1973 من أجل تحريك قطار السلام الذي أفضى إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل سنة 1979، وإجبار إسرائيل كذلك على الانسحاب من لبنان سنة 1982، ومنعها من الرد على صواريخ صدام حسين سنة 1991. وها هو نتنياهو يكرر عناده للولايات المتحدة من خلال توسيع العدوان على غزة لتجريد حماس من سلاحها أو إضعافها وإخضاعها لسلطة عباس دون أي استعداد لإزالة العقبات من طريق تحريك المفاوضات مستغلاً فزع حكام السعودية والإمارات ومصر من المشروع الأمريكي للشرق الاوسط الجديد ورغبة السعودية والإمارات بتصفية العمل الإسلامي لأنه يقوض أنظمتهم الفاسدة. صحيح أن أنظمة المنطقة تابعة للولايات المتحدة ولا تخرج عن إرادتها لكنها تعاند التغييرات في الشرق الأوسط لأنها تجد في القوى الإسلامية "الوسطية" بديلاً يهدد بقاءها. فقد ذكر موقع "كونتر بينش" الأمريكي للأخبار: "أنه في 22 أبريل 2011، أحضر محمد بن زايد، ولي عهد الإمارات العربية المتحدة، أجهزة المخابرات وقادة الأجهزة الأمنية للقاء الملك عبد الله ملك المملكة العربية السعودية ومسؤوليه الأمنيين لمناقشة تداعيات الربيع العربي، حيث حذر بن زايد من أنه ما لم تضع دول مجلس التعاون الخليجي سياسة استباقية لوقف موجة الانتفاضات الشعبية التي تجتاح العالم العربي في ذلك الوقت، فلن يبقى أي من ملوك المنطقة على قيد الحياة" وأضاف الموقع ذاته بأنه قد تم تكليف الأمير بندر بن سلطان رئيس الاستخبارات السعودية ومحمد بن زايد ولي عهد الامارات بوضع خطة للتصدي "للربيع العربي" وبالتالي فإن تجديف عملاء الولايات المتحدة خصوصاً في الامارات والسعودية بعكس السياسة الأمريكية في بعض الأحيان له أسبابه الموضوعية وهذا ما يزيد التعقيدات على الأرض لأن الأزمة لا تقع مع خصوم الولايات المتحدة ولكن مع عملائها وهو ما يفسر تعقيدات الموقف في سوريا والعراق لأن بشار والمالكي وإن كانا يرعيان مصالح الولايات المتحدة لكنهما العائق أمام الدمقراطية التشاركية المطلوبة للشرق الأوسط أمريكياً . الحقيقة أن الولايات المتحدة ترغب مرحليا في إبقاء حماس بمستوى محدود من القوة ولا تريد إخراجها من معادلة الصراع كي تبقى فزاعة للرأي العام الإسرائيلي إلى أن يرضخ اليمين المتطرف لاستحقاقات "السلام" الذي تتحقق معه المصالح الأمريكية في دول الخليج المقيمة على حدود القضية الفلسطينية، لذلك تعمل الولايات المتحدة بخفاء لمنع إسرائيل من الإجهاز على حماس باعتبار أن ما تقوم به إسرائيل يؤذيها ويضر بمصالح الولايات المتحدة بل إن محاصرتها لخيارات نتنياهو ودفعه نحو إعلان وقف إطلاق النار من طرف واحد يعكس الرغبة الأمريكية بإفشاله وتأليب الرأي العام الإسرائيلي على أجندة اليمين المتطرف بشأن العملية "السلمية"، وعلى الطرف الفلسطيني تعمل من أجل دمج الأجنحة المسلحة بأجهزة السلطة ومنظمة التحرير وتحويل الفصائل الفلسطينية إلى حركات سياسية لإضفاء شرعية على مخرجات "العملية السلمية" لأن شرعية الحل تظل منقوصة بدون موافقة ممثلي الشعب الفلسطيني. فالولايات المتحدة تغض الطرف عن التصعيد والمجازر الإسرائيلية بينما تقف خلف التحريض الإعلامي العالمي على إسرائيل لعزلها وإلجائها للتعاطي مع تصورات كيري للتهدئة، ومن الواضح أن أمريكا تتعمد إطالة الحرب من خلال لعبة المبادرات بهدف تحقيق ضغط مزدوج على إسرائيل وحماس لقبول التنازلات بشأن رفع الحصار وبشان الأمن الإسرائيلي القلِق من بقاء سلاح "المقاومة" خارج إطار السلطة الفلسطينية.
بينما تريد إسرائيل ومعها السعودية والإمارات التخلص من كل تنظيم يبعث في الشعوب العربية المشاعر الدينية التي تهدد الكيان الاسرائيلي وأنظمة المنطقة، فإسرائيل ومعها السعودية والإمارات تراهن على تآكل قدرة "المقاومة " وتقلص مخزونها من السلاح مع دوام القتال وإطالة المعركة كما تراهن على نفاذ صبر الناس وقدرتهم على تحمل أعداد الضحايا من المدنيين لكن الوضع الميداني لا يسعف إسرائيل بسبب ازدياد عدد القتلى في جنودها وبسبب الرأي العام العالمي الناقم على خروقاتها للقيم الإنسانية . لقد بات من الواضح أن أمريكا تعيق فرض المبادرة المصرية على صيغتها الحالية لإخراج نتنياهو خاسراً لأن فشله يعني فشل المشروع السياسي لليمين الإسرائيلي وإتاحة المجال للتصور اليساري بشأن العملية "السلمية". وأما المواقف المعلنة للإدارة الأمريكية والمؤيدة لإسرائيل فهي للاستهلاك الإعلامي خصوصاً أن أوباما والحزب الديمقراطي أمام انتخابات نصفية ولا يريد خسارة أصوات اليهود ودعمهم لأن تنفيذ برامجه الإصلاحية التي تحقق للديمقراطيين التقدم على منافسيهم تتوقف على الفوز بأغلبية برلمانية .
يتبع
بينما تريد إسرائيل ومعها السعودية والإمارات التخلص من كل تنظيم يبعث في الشعوب العربية المشاعر الدينية التي تهدد الكيان الاسرائيلي وأنظمة المنطقة، فإسرائيل ومعها السعودية والإمارات تراهن على تآكل قدرة "المقاومة " وتقلص مخزونها من السلاح مع دوام القتال وإطالة المعركة كما تراهن على نفاذ صبر الناس وقدرتهم على تحمل أعداد الضحايا من المدنيين لكن الوضع الميداني لا يسعف إسرائيل بسبب ازدياد عدد القتلى في جنودها وبسبب الرأي العام العالمي الناقم على خروقاتها للقيم الإنسانية . لقد بات من الواضح أن أمريكا تعيق فرض المبادرة المصرية على صيغتها الحالية لإخراج نتنياهو خاسراً لأن فشله يعني فشل المشروع السياسي لليمين الإسرائيلي وإتاحة المجال للتصور اليساري بشأن العملية "السلمية". وأما المواقف المعلنة للإدارة الأمريكية والمؤيدة لإسرائيل فهي للاستهلاك الإعلامي خصوصاً أن أوباما والحزب الديمقراطي أمام انتخابات نصفية ولا يريد خسارة أصوات اليهود ودعمهم لأن تنفيذ برامجه الإصلاحية التي تحقق للديمقراطيين التقدم على منافسيهم تتوقف على الفوز بأغلبية برلمانية .
يتبع