المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطوط سياسية عريضة (الموقف الدولي)



shareff
19-05-2009, 05:05 PM
خطوط سياسية عريضة
الموقف الدولي

الموقف الدولي هو الحالة التي عليها الدولة الأولى والدولة أو الدول التي تزاحمها أو تشاركها التأثير في السياسات الدولية . وعلى هذا فالأساس في فهم الموقف الدولي هو معرفة الدولة الأولى في العالم ، والإلمام بجوانب قوتها ، ومدى نفوذها ، وإدراك الخطط والأساليب التي تتبعها في تأمين مصالحها وتحقيق أهدافها في سياساتها الدولية ، مع ملاحظة أن موقف أية دولة لا يظل ثابتاً إلى ما لا نهاية ، بل هو قابل للتغير استنادا إلى ما قد يطرأ على وضع الدولة في الداخل وعلى علاقاتها بالدول الأخرى من قوة أو ضعف .
وقوة الدولة تعتمد بالدرجة الأولى على تماسكها ومدى تأثير المبدأ الذي تعتنقه فيها ، وعلى ما لديها من إمكانات اقتصادية وعسكرية وثروات طبيعية ، وعلى نفوذها الدولي ، أي قدرتها على جعل دول أخرى تسير معها في سياساتها الدولية وفي تأمين مصالحها وتحقيق أهدافها .


ولا جدال في أن التقدم التقني الذي يتوفر لأية دولة له دور حاسم في تأمين مستلزمات قوتها العسكرية والاقتصادية على حدِّ سواء ، وفي جعلها دولة ذات مكانة مرموقة في العالم .
والتقدم التقني له أثره البالغ في تحديد مقاييس الدولة العظمى . وهذا التقدم أمر نسبي ويختلف من عصر إلى عصر . فقد مرت عصور طويلة اعتمدت مواصفات الدولة العظمى فيها على امتلاكها للقوى العسكرية التقليدية . غير أنه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ، واستسلام اليابان نتيجة ضربها بالقنابل الذرية ، صار للتقدم التقني والأبحاث والتجارب العلمية المرتبطة به الأثر الحاسم في ضمان أية دولة لمستلزمات القوة بكل أشكالها .
فمنذ أواخر الأربعينات تسابقت الدول الطامعة في أن يكون لها شان دولي على امتلاك ما تُسمى بأسلحة الدمار الشامل ، فبعد القنبلة الذرية جاء دور القنبلة الهيدروجينية ، ثم الأسلحة النووية بشتى أشكالها . ولما كان امتلاك مثل هذه الأسلحة يعتمد على معرفة أسرار صنعها ، وعلى القدرة على تمويل أبحاثها والتجارب التي تجري عليها ، فإن دولاً محدودة جداً كانت قادرة على مواصلة السباق فيها .
غير أنه منذ نهاية الخمسينات وبروز دور الصواريخ العابرة للقارات ، ليس فقط في نقل الأسلحة النووية إلى أهدافها ، وإنما في اختراق الغلاف الغازي المحيط بالأرض والولوج إلى الفضاء الخارجي ، سواء حملت هذه الصواريخ أقماراً صناعية أو مركبات فضائية تحمل حيوانات أو بشراً ، أو حملت محطات فضائية ، أو مكوكات ، فإن مواصفات الدولة العظمى تغيرت جذرياً ، وأصبح لا يكفي أن تكون الدولة العظمى ذات إمكانات اقتصادية وقوة عسكرية تقليدية أو حتى نووية ، بل يجب أن يكون لها باع في إرسال المركبات والمحطات والمكوكات إلى الفضاء الخارجي وإعادتها إلى الأرض ، نظراً للميزات العسكرية الهائلة التي تضيفها هذه الوسائل للدولة التي تمتلك ناصيتها .
وبهذه المواصفات لم يعد في العالم دول عظمى سوى أميركا والاتحاد السوفيتي . ونظراً للموارد الهائلة التي يتطلبها امتلاك هـذه الوسائل ، فإن سباق الفضاء بين العملاقين استنزف الكثير جداً من طاقاتهما . وفيما صمدت الولايات المتحدة ، واستطاعت تحمّل عواقب هذا السباق ، فإن الاتحاد السوفيتي لم يصمد ، مما ساهم إلى حد كبير في انهياره .
وتبرز الدولة الأولى في العالم من خلال دورها في التعامل مع القضايا والمسائل الدولية ، فإذا انفردت بمعالجتها ، سواء بمبادرة منها أو بسعي الأطراف المعنية بهذه القضايا والمسائل إلى الدولة الأولى لتتولى معالجتها ، فإن الدولة الأولى في هذه الحالة تكون متفرّدة بالموقف الدولي .وأما إن كانت عاجزة عن معالجة القضايا الدولية بمفردها ، واضطرت لإشراك غيرها من الدول النافذة معها فإنها لا تكون متفردة ، حتى وإن كانت لها اليد العليا في لمعالجة .
ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم والولايات المتحدة هي الدولة الأولى في العالم ، غير أن الموقف الدولي من حيث الشكل تغيّر أكثر من مرة .
فحتى أوائل الستينـات ظلت القضايا الدولية تعالَج من خلال مؤتمرات تعقدها ما أطلق عليها الدول الأربع الكبرى : أميركا ، والاتحاد السوفيتي ، بريطانيا ، وفرنسا . وفي هذا الإطار عُقدت عدة مؤتمرات من أبرزها مؤتمر برلين ومؤتمر باريس . وهذا يعني أن أميركا وهي الدولة الأولى لم تكن في تلك الفترة متفرّدة بالموقف الدولي .
وفي عام 1961 عقد جون كينيدي رئيس الولايات المتحدة ونيكيتا خروتشيف الزعيم السوفيتي مؤتمراً في فينا كانت محصلته اتفاق الدولتين العظميين على حصر النظر في القضايا الدولية بهما ، وعلى إسقاط بريطانيا وفرنسا من الحساب ، كما اتفقا على أمور أخرى عديدة بعضها صدرت تصريحات وجرت أعمال كشفتها ، وبعضها الآخر تسرب لبعض السياسيين في العالم ( مثل جورج باباندريو رئيس وزراء اليونان الأسبق ) ولمَّحوا إليها .
ومنذ ذلك التاريخ نشأت حقبة في العلاقات الدولية عُرفت باسم الوفاق الدولي أو الانفراج الدولي . ونظراً لأن أميركا كانت زعيمة المعسكر الغربي بينما كان الاتحاد السوفيتي زعيم المعسكر الشرقي ، فقد كان يُنظر للوفاق على أنه قائم بين المعسكرين وليس بين الدولتين فقط . فالعالم كله كان ينظر للوفاق على أنه اتفاق على التعايش السلمي بين الشرق والغرب ( المعسكر الشيوعي والمعسكر الرأسمالي ) يقضي بحل النزاعات والمشاكل بينهما بالطرق السلمية من خلال الحوار والتفاوض ، وبتخفيف حدة الصراع العقيدي بين الشيوعية والرأسمالية وعدم إعطائه الأولوية القصوى كما كان الحال إبان ذروة الحرب الباردة في الخمسينات .
أما حقيقة الوفاق وجوهره فإنه اتفاق سري بين العملاقين على معالجة جميع القضايا الخلافية بينهما بالحوار ، وعلى تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ بينهما ، والتعاون على استئصال الاستعمار الأوروبي التقليدي من مختلف بقاع العالم ، وعلى الضغط على الصين داخلياً وخارجياً حتى تَقبل بالتعايش السلمي بمفهومه الرأسمالي ، وعلى قلع إنجلترا بوجه خاص من الشرق الأقصى ومن الشرق الأوسط ومن إفريقيا ، كما اتفقا على مساعدة كل من الدولتين للأخرى ضد أي طرف ثالث ، بغض النظر عن هويته العقيدية ( سواء أكان رأسمالياً أم شيوعياً ) ، وعلى مساعدة كل دولة منهما للأخرى في مناطق نفوذها . وبذلك فإنهما صارا حليفين يشكلان قوة عالمية واحدة ، الأمر الذي غيًّر وضع العالم ، وغيَّر الموقف الدولي ، بحيث لم يعد ( كما كان الحال قبل 1961 ) معسكرين يستعدان للدخول في صراع عسكري مصيري ، بل ظل المعسكران قائمين فكرياً فقط ، وزال وجودهما الفعلي دولياً ، وأصبح العالم كله قوة واحدة تتمثل في أميركا والاتحاد السوفيتي ، وهذه القوة هي التي تتحكم بالعالم كله ، وتحصر معالجة القضايا والمسائل والمشاكل الدولية بها وحدها .
وبالفعل شهدت الثلاثون عاماً من الوفاق اتفاقات متنوعة بين العملاقين ، من بينها اتفاقات حول التجارب النووية ، وأخرى حول الحد من التسلح النووي ، إلى جانب اتفاقات تجارية وغيرها ، كما لعب الوفاق دوراً بارزاً في تحجيم الصين وحصر مجالهـا الحيوي في أضيق نطاق ، مما اضطرها في النهاية إلى القبول بمبدأ التعايش السلمي حسب المفهوم الرأسمالي . وأما الاستعمار الأوروبي التقليدي في آسيا وإفريقيا فإنه انتهى تماماً ، وخسرت فرنسا وبريطانيا معظم نفوذهما في القارتين . وكان من أبرز المؤشرات على ذلك ما قررته بريطانيا عام 1968 من الانسحاب من شرق السويس ، وتخليها عن مستعمرتين استراتيجيتين هما سنغافورة وعدن . وكان الدولتان تتعاونان معاً بشكل لا نظير له في السياسات الدولية ، لدرجة أن الاتحاد السوفيتي لعب دوراً مهماً في التغطية على عملاء أميركا وخاصة في الشرق الأوسط وإفريقيا . فعميل أميركا في سوريا حافظ أسد كان محسوباً على الاتحاد السوفيتي ، وكذلك عميلها في الحبشة هايلي ماريام ، وعميلها في أنغولا دوس سانتوس .
وكان لتظاهر العملاقين بالعداء أثره في حصر القضايا الدولية بينهما ، على اعتبار أن الاتحاد السوفيتي يمثل المعسكر الشرقي ، بينما مثلت أميركا دور خصم الاتحاد السوفيتي كزعيمة للمعسكر الغربي ، مع أن بعض القضايا لم يكن للاتحاد السوفيتي فيها لا ناقة ولا جمل كقضية الشرق الأوسط . وبذلك أبعدت أميركا الدول الغربية الأخرى ذات العلاقة بهذه القضية وبغيرها عن معالجتها ، واستفادت كثيراً في جعل القضية عملياً بيدها وحدها ، وإن كان الاتحاد السوفيتي في الظاهر شريكاً لها في المعالجة .
وما حرب فيتنام ووقوف الاتحاد السوفيتي ظاهرياً فيها إلى جانب فيتنام الشمالية ، ودخول القوات السوفيتية إلى أفغانستان بهدف إرهاب دول الخليج ودفعهـا للاحتماء بأميركا ، إلا نموذجين على المناورات المشتركة التي قام بها العملاقان . وصحيح أن مناورة فيتنام أدت غرضها في ترويض الصين ، بينما فشلت مناورة أفغانستان في دفع دول الخليج للارتماء في أحضان أميركا ، إلا أن العالم كان ينظر للمناورتين على انهما صراع فعلي بين أميركا والاتحاد السوفيتي مع أنهما ليستا كذلك .
بل إن الاتحاد السوفيتي غطى على عملاء أميركا في نصف الكرة الغربي كذلك ، حينما اعتمدت سياسات الولايات المتحدة في بعض دول أميركا اللاتينية على افتعال الصراع والنزاع مع عملائها . فقد غطى الاتحاد السوفيتي كاسترو في كوبـا ، والساندينيين في نيكاراغوا ، وأليندي في تشيلي ، حيث ظهر هؤلاء العملاء بمظهر الاشتراكيين الموالين لموسكو بينما هم في الحقيقة عملاء لأمريكا .
واستفادت أميركا من جو العداء الظاهري مع الاتحاد السوفيتي وتضخيم خطره العسكري على الغرب في إبقاء أوروبا تحت حمايتها ، نظراً لحاجة الأخيرة للمظلة النووية الأميركية ، وفي تقليص أدوار دولها في السياسات الدولية ، وترتيب أوضاع هذه القارة بما يخدم مصالحها . فأوروبا كما هو معلوم تظل مصدر الخطر الوحيد في العالم حتى الآن على زعامة أميركا الدولية ، لأن لديها الإمكانات الاقتصادية والعسكرية والتقنية إلى حد ما لتشكل ، فيما لو هيمنت فيها قوة واحدة على القارة ، نداً لأميركا . كذلك فإن أميركا عملت منذ القرن التاسع عشر على الحيلولة دون هيمنة قوة أوروبية واحدة على القارة كلها ، لأن أمن أميركا يعتمد على أوروبا متوازنة .

shareff
19-05-2009, 05:06 PM
هذا كله قبل انهيار الاتحاد السوفيتي . أما بعد هذا الانهيار عام 1991 ، فإن الموقف الدولي تبدل مرة أخرى . وذلك ليس لتغير زعامة الموقف الدولي التي ظلت بيد أميركا ، وإنما من حيث تناول القضايا الدولية .
صحيح أن أميركا جعلت روسيا الوارث الشرعي للاتحاد السوفيتي في مجلس الأمن وفي المحافل الدولية عموماً ، وصحيح كذلك أن روسيا بقيت عملاقاً نووياً ، وعملاقاً في ارتياد الفضاء ، إلا أن تحولها من النظام الاشتراكي نحو الرأسمالية ، وحقيقة أن قوتها الاقتصادية تداعت ، حالا بينها وبين التظاهر بأنها لا تزال نداً وشريكاً لأميركا في الموقف الدولي . وبالتالي كان لا بد من أن تعلن الولايات المتحدة تغير النظام الدولي ، وهو ما أطلقت عليه ولادة النظام الدولي الجديد .
والنظام الدولي الجديد وإن كان يعني في محتواه الفكري انتصار الرأسمالية على الاشتراكية وانفرادها في العالم ، إلا أنه يعني من ناحية السياسات الدولية انفراد أميركا بالموقف الدولي ، وهذا الانفراد واضح للعيان .
إذ صحيح أن أميركا تشرك معها بعض الدول التي تسمى بالكبرى ، وهي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ، في معالجة بعض القضايا والمسائل والمشاكل الدولية حين يحلو لها ذلك ، إلا أن هذه الشراكة شكلية ، ومن أجل إضفاء الشرعية الدولة على سياساتها المصممة لخدمة أهدافها ومصالحها فأمريكا هي التي تقرر أي القضايا تُعرض على الأمم المتحدة ومجلس الأمن وأي القضايا لا تُعرض ، وذلك طبقاً لمقتضيات مصالحها وأهدافها .
فحين نشأت أزمة الخليج الثانية باحتلال العراق للكويت ، لجأت واشنطن إلى مجلس الأمن بعد أن ضمنت أن كل شيء سيتم حسب مشيئتها . وكانت مناورة قيادة التحالف الذي خاض الحرب ضد العراق من أبرع المناورات الدولية التي أظهرت للعالم أجمع أن أميركا تقود العالم كله بما في ذلك الدول التي تُسمى بالكبرى في خطة ضخمة لتحقيق مصالحها ، وفي الواقع كانت تلك المناورة التجسيد الحيّ للنظام الدولي الجديد حسب المفهوم الأميركي لهذا النظام .
وتفرّد أميركا بالموقف الدولي لا يعني أن الدول الأخرى قد فقدت نفوذها بالكامل ، وإنما يعني أن الدول التي بقي لها بعض النفوذ كإنكلترا وفرنسا لم تعد تشارك عملياً في توجيه السياسات الدولية .
ومن أجل ضمان عدم قيام الدول الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن بما من شأنه أن يعرقل سياسات أميركا الدولية حين تلجأ إلى المجلس للنظر في قضية ما أو مسألة ما أو مشكلة ما ، فإن واشنطن تحرص على أن تمسك بيدها أوراقاً تلوح بها لكل دولة من هذه الدول . فهي تبقي لبعضها مصالح لا تستطيع التفريط بها بمعاداة أميركا كما هو حال بريطانيا ، التي أبقت لها واشنطن مصالح حيوية في الخليج ، كما أنها تتظاهر بمساعدتها في حل مشكلة ايرلندا الشمالية . وبالنسبة لروسيا ، فإنها تقدم لها مساعدات اقتصادية ضخمة ، سواء من خلال البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، أو من خلال بعض الدول الأوروبية التي لأميركا فيها نفوذ فاعل كما هو شأن ألمانيا ، أو من مالها الخاص ، بالإضافة إلى الحفاظ على هيبة روسيا في مجالها الحيوي الذي بات يقتصر على أقطار الاتحـاد السوفيتي السابق . وبالنسبة لفرنسا ، فإن أميركا تحرص على جعل عملائها يعقدون معها صفقات تجارية ما كانت لتتم لولا أن واشنـطن تسمح بها ، وذلك كما هو الحال في منطقة الخليج والجزيرة العربية ، وفي إيران وسوريا . بل إن أميركا ميّزت فرنسا على سائر الدول الأوروبية حيث سمحت لها بأن يكون لها دور ظاهر بارز في لبنان وفي اللجنة التي شُكلت في أعقاب عملية عناقيد الغضب العام الماضي للإشراف على الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أعقاب تلك العملية بين الأطراف المباشرة في النزاع .
أما الصين فلا يخفى على أحد مدى انفتاح الصين على الولايات المتحدة ، التي ما تفتأ تلوّح لها بمسألة حقوق الإنسان وحادثة تيان آن مين ، وتقيم معها علاقات تجارية وتقنية بلغت مؤخراً حد تزويد الصين بالتقنية النووية الأميركية . كما أن الصين تعلم أن الكثير من الدول التي تستفيد من التعامل معها كاليابان وإيران وباكستان وغيرها ما كان لهذا التعامل أن يؤتي أكله لولا رضا الولايات المتحدة .
والخلاصة أن أميركا تهيمن في الوقت الحالي ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي على العالم بشكل ظاهر وبارز ، فهي المُبادِرة لمعالجة القضايا الدولية ، وهي التي تحدد إطار هذه المعالجة ومكان المعالجة سواء داخل الأمم المتحدة ( وجهازها التنفيذي مجلس الأمن ) أو خارجها . ولا تجرأ أية دولة من الدول ذات النفوذ على تحديها جدّياً ، بل هي تتظاهر بأنها تسير معها ، حتى لو لم تكن كذلك .
وفي أسلوب تعاملها مع القضايا والمسائل والمشاكل الدولية استبدلت أميركا عملاءها بالاتحاد السوفيتي . وصارت تحصر العداء والتفاوض بينها وبينهم . ومن ذلك ما ترفعه في الخليج من شعار الاحتواء المزدوج ضد إيران والعراق ، بينما الاحتواء في الحقيقة ليس لإيران ولا للعراق وإنما هو لدول الخليج . ومثل تظاهرها في المفاوضات المنبثقة عن عملية مدريد أنها مع إسرائيل وضد الفلسطينيين وسوريا مع أن الواقع هو العكس .
هذه نبذة موجزة عن الموقف الدولي من حيث ماهيته ، ومن حيث واقعه منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم ، إلى جانب بعض المعلومات عن سياسات أميركا الدولية وأسلوبها الماكر للانفراد بمعالجة القضايا الدولية .

في 3 من رجب 1418 هـ
3/11/1997 م