المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جواب سؤال حول أحداث أوكرانيا



عبد الواحد جعفر
13-03-2014, 09:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أجوبة أسئلة
حول الأزمة الأوكرانية

أولاً: إن الأزمة الأوكرانية الحالية مثل سابقتها الأزمة الجورجية قد كشفت عن حجم الخلافات التي توجد بين أميركا وروسيا فيما يتعلق بتحديد مجال نفوذ هذه الأخيرة. كما كشفت هذه الأزمة عن مدى استعداد روسيا للدفاع عن نفسها بكل الوسائل الممكنة عندما يتعلق الأمر بتهديد مصالحها الحيوية في مجالها الجيوستراتيجي داخل فضاء الجمهوريات السوفييتية السابقة.
ومن هنا فالنزاع حول أوكرانيا ناشئ عن تهديد أميركا للنطاق الحيوي لروسيا والرد الروسي المقابل للتهديد الأميركي، وهو ليس صراعاً دولياً بين روسيا وأميركا من أجل المنافسة على الموقف الدولي. حيث أن روسيا لا تملك ما يؤهلها حالياً على إنهاء تفرد أميركا بالموقف الدولي أو مزاحمتها عليه.
ثانياً: إن أقصى ما سوف تعمله روسيا هو أن تستميت في البقاء (ولو عن طريق الحرب) في شبه جزيرة القرم وربما تتوغل شرقاً في أوكرانيا إذا لزم الأمر إذا لم يتم تحقيق مطالبها. هذا من الناحية الإقليمية، أما على المستوى الدولي، فإذا استمر هجوم أميركا الإعلامي عليها فقد تعمل روسيا على تعزيز التباين الأوروبي حول المسألة الأوكرانية وتأليب الرأي العام في ألمانيا وبريطانيا بخاصة لما قد ينعكس من آثار سلبية عميقة على اقتصاد كلا البلدين حال اتخاذ قرار أوروبي بمقاطعة اقتصادية جزئية أو كلية للاقتصاد الروسي. كما قد تعمد روسيا إلى فضح مخططات أميركا، وإظهار بشاعة جرائمها ضد شعوب العالم والتركيز على رفع القناع عن وجه أميركا الاستعماري القبيح، وقد بثت قناة روسيا اليوم هذا اليوم برنامجاً بعنوان (الكتاب الأسود لحروب واشنطن العدوانية).
أما تعرض بوتين لذكر تدخلات أميركا العسكرية في العراق وليبيا وغيرها فهو إسقاط لحجة أميركا الضعيفة ضد التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا التي تقع ضمن المجال الحيوي لروسيا.
ثالثاً: بدأ التحضير لاتفاق الشراكة التجاريّة مع الاتّحاد الأوروبي منذ العام 2007 في أيام حكم الموالين للغرب بعد نجاح "الثورة البرتقالية". وكان المفروض في هذا الاتفاق أن يفتح الحدود الأوروبيّة أمام السلع الأوكرانيّة، وأن يخفّف قيود سفر الأوكرانيّين إلى أوروبا. إلا أنه عندما أعلن الرئيس فكتور يانوكوفييش قراره بتعليق عملية إعداد اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2013 شهدت العاصمة الأوكرانية كييف يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر من نفس العام أكبر مظاهرة احتجاجية منذ "الثورة البرتقالية" التي جرت عام 2004.
ومنذ ذلك اليوم بدأت المعارضة الأوكرانية ما سمته بثورة "يورو ميدان"، وهي التظاهرة المطالبة بتوقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في "ميدان الاستقلال" بالعاصمة كييف. وكان واضحاً منذ البداية أن المظاهرات والاحتجاجات انفجرت في كييف بتمويل ودعم سياسي وإعلامي من الغرب. مما جعل المحتجين والمعارضة يتقوون بهذا الدعم المباشر والعلني من أميركا وأوروبا.
فقد صرَّح باراك أوباما في خطابه السنوي حول حالة الاتحاد أن الشعب الأوكراني يجب أن يكون قادراً على تقرير مستقبله، قائلاً: "في أوكرانيا، ندافع عن مبدأ أن يكون للشعب الحق في التعبير بكل حرية وسلمياً".
أما قادة أوروبا فقد عبروا في لقائهم بفلادمير بوتين في بروكسل بتاريخ 28/1/2014 بشكل مستفز أن "قطار الشراكة الشرقية سوف يصل إلى مولدافيا وجورجيا". ومن الواضح أنهم يريدون قطع الطريق على توسع التحالف الجمركي المكون من روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان والذي تسعى روسيا أن يكون إطاراً اقتصادياً تضم فيه دول الإتحاد السوفيتي السابق ودول البلطيق والبحر الأسود وآسيا الوسطى بما في ذلك أوكرانيا نفسها.
رابعاً: الذي جعل أميركا وأوروبا تدفعان بالمعارضة إلى طرد يانوكوفيتش من الحكم والانقلاب على اتفاق تقاسم السلطة عبر حكومة وحدة وطنية أمران:
أولهما: الخوف من تدخل الجيش الأوكراني في الأزمة لمصلحة يانوكوفيتش، وقد فهم ذلك من التصريحات الصادرة عن وزارة الدفاع التي ذكرت فيها أنها ستعمل ضمن القانون، وأنه من الممكن إشراك الجيش في حال إعلان حالة الطوارئ، ولو قدر للجيش أن يفعل ذلك لصارت خيارات المعارضة الأوكرانية ومن ورائها الغرب محدودة جداً. حيث كان سيحرم المحتجين والمتظاهرين من تلك الحواجز التي يتمترسون وراءها وسيعمل على إجلائهم من المقرات الحكومية التي كانوا يحتلونها.. وهذا من شأنه أن يفقدهم أحد أهم أدوات الضغط الميداني على الرئيس يوناكوفيتش.
ثانيهما: وضع روسيا أمام الأمر الواقع واستباق تحركاتها: حيث كانت روسيا قد بدأت في تحريض يوناكوفيتش على إحباط "محاولة الانقلاب" تقودها المعارضة بدعم من "يد طويلة" كما سماها وزير الخارجية سيرغي لافروف.
خامساً: من خلال التحركات العسكرية لروسيا على الأرض وتصريحات فلادمير بوتين، يتضح الموقف الروسي بما فيه من استعداد قيادته السياسية في الدفاع عما تراه مصالح حيوية لروسيا ولو عبر خوض حرب تراها ضرورية لأنها تتعلق بوجودها الجيوسياسي في تلك المنطقة من أجل التصدي لـ"خطة تطويق روسيا" التي تتبعها الولايات المتحدة الأميركية وتسخر معها أوروبا في تنفيذ هذه الخطة. ومع ذلك فإن روسيا لن تتسرع بالدخول في حرب مباشرة على أوكرانيا ما لم تبادر هذه الأخيرة أو يتم الزج بها في إجراءات (من قبيل الانضمام إلى حلف الناتو) تعتبرها روسيا بمثابة نقطة اللاعودة؛ أي النقطة التي تفيض بها الكأس.
وفي انتظار أن يصل الوضع السياسي والعسكري إلى تلك المرحلة فسوف يظل الوجود العسكري الروسي في شبه جزيرة القرم والتهديد بالتوغل في الشرق الأوكراني بمثابة الحرب النفسية على حكام أوكرانيا الجدد وعلى الدول الغربية.

عبد الواحد جعفر
13-03-2014, 09:42 PM
سادساً: أما ما الذي يجعل فلادمير بوتين لا يعبأ بالتهديدات الأميركية والغربية ضد روسيا ويرفع من درجة التصعيد ضد أوكرانيا بشكل جعل من تصريحات حكام أميركا وأوروبا وبخاصة في بدايتها تبدو أقرب إلى تصريحات هستيرية أكثر منها تصريحات سياسية؟ والجواب على ذلك أن روسيا تملك أوراقا كثيرة للضغط على أوكرانيا وعلى الدول الغربية. وأهم هذه الأوراق:
أولاً: الغاز والديون الروسية على أوكرانيا، وعمق ارتباط اقتصاد أوكرانيا بالاقتصاد الروسي
ذلك أن إمكانيات روسيا الاقتصادية، الناجمة عن صناعاتها الثقيلة واحتياطياتها الهائلة من النفط والغاز الطبيعي قد جعلت من أوكرانيا بلداً تابعاً لها في مجال الصناعة والاحتياجات النفطية. والواقع أن معظم الصناعات الإستراتيجية الثقيلة في أوكرانيا ترتبط بنظيراتها الروسية كصناعات الطيران والأسلحة والحديد والصلب. ولذلك فإنه من الصعب على أوكرانيا في الوقت الحالي أن تقطع علاقاتها مع روسيا من أجل شراكة مع الاتحاد الأوروبي وبشروط قاسية ستدمّر الاقتصاد المحلي.
ومن أهم أدوات ضغط روسيا على أوكرانيا أيضا هو مسألة الديون المترتبة على تصدير الغاز إليها، وقد بلغت هذه الديون حاليا قرابة 2 مليار دولار، هذا بالإضافة إلى 3 مليارات دولار كانت روسيا سلمتها إلى أوكرانيا في كانون الثاني/ديسمبر 2013 كدفعة أولى من قرض بقيمة 15 مليار دولار. وكذلك فإن أوكرانيا بحاجة إلى روسيا لتصريف سلعها ومنتوجاتها الزراعية وبخاصة من القمح، بالإضافة أن روسيا تستقطب حوالي 3 مليون من العمالة الأوكرانية في أسواق العمل الروسية.
ثانياً: ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، والتي سلخت من الدولة العثمانية سنة 1783م وتم ضمها إلى روسيا القيصرية، ثم اتبعها خروتشوف ذي الأصول الأوكرانية إلى أوكرانيا سنة 1954م بعد أن سبق أن تم تهجير أعداد كبيرة من الروس جعلت من سكانها التتر المسلمين أقلية فيها.
والجزيرة التي تبلغ مساحتها 27000 كيلومتر مربع، ذات أهمية إستراتيجية لروسيا التي استأجرت فيها قاعدة بحرية من أوكرانيا سنة 1991 لنصف قرن قابلة للتجديد خمس سنوات اخرى لتحتفظ بممر لها الى المياه الدافئة ، هذا فضلاً عن وجود ثروات طبيعية كبيرة ومهمة فيها.
وكان إعلان الحكومة المحلية لشبه الجزيرة عن إجراء استفتاء بالانضمام لروسيا في 30 /3 رداً على انقلاب أميركا وأوروبا على اتفاق 21 شباط/فبراير. وبما أن أميركا وأوروبا صعدت من الضغط على روسيا عبر طلب تقدم به الحكام الجدد في كييف بانضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو بتاريخ 5 آذار/مارس، دفعت روسيا بالحكومة المحلية في القرم بعد يوم واحد من ذلك إلى تقديم موعد الاستفتاء ليوم 16 آذار/مارس كخطوة استباقية لتشريع الوجود الروسي في القرم ومن ثم الدفع بعدد أكبر من القوات الروسية وتجهيزها للقيام بأية أعمال قتالية في المستقبل في المناطق الشرقية.
ثالثاً: احتياج أوروبا إلى الغاز الروسي والتجارة البينية: رغم تهديدات زعماء أوروبا بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا إلا أن زعماء شركات الدول الأوروبية رفضوا السير في اتجاه تصريحات الساسة الأوروبيين لما في ذلك من انعكاسات سلبية خطيرة على وضع شركاتهم العملاقة. محذرين في ذات الوقت من التأثيرات السلبية العميقة على اقتصاد دول أوروبا، وتعتمد أوروبا على روسيا في إمدادها بـ30% لاحتياجاتها من الغاز.
وبالإضافة إلى احتياج أوروبا للغاز الروسي، فإن روسيا تمثل الشريك الأول للإتحاد الأوروبي في المبادلات التجارية بنسبة 50%. فألمانيا لديها 6 آلاف شركة تعمل على الأراضي الروسية، وهناك 300 ألف وظيفة في ألمانيا مرتبطة بالعلاقات الاقتصادية مع روسيا. كما أن روسيا تعتبر سوقاً مهماً جداً لشركات ألمانيا كبرى مثل "سيمنس"و"مترو"و"اديداس"و"ايون"وغيرها .
أما بالنسبة لبريطانيا فإنها أيضا سوف تتضرر كثيراً مثل ألمانيا لو وقع تنفيذ أية عقوبات اقتصادية على روسيا. فشركات النفط العملاقة مثل "غازبروم" و"روس نفط" و"لوكويل" وشركة التلفونات مثل "ميغافون" ومصرف "سبربنك"(Sberbank) وأكثر من 70 شركة روسية، تعمل جميعها في بورصة لندن. ولو قدر لهذه الشركات الروسية أن تنسحب فجأة فإن انهيار سوق الأسهم والسندات في المملكة المتحدة سوف يكون بأسرع من انهيار أحجار الدومينو. هذا بالإضافة إلى أن سوق العقارات في بريطانيا يعتمد في نجاحه واستقراره حالياً على أغنياء الروس. ولهذا السبب فإن روسيا ليست قلقة كثيراً من تهديدات الغرب الاقتصادية لها؛ لأن الأضرار ستقع على الطرفين.
رابعاً: انقسام الدول الأوروبية حول العقوبات على روسيا: لعل من أهم العوامل التي تسمح لروسيا بمقدار من المناورة السياسية خلال الأزمة الأوكرانية هو حالة الإنقسام الموجودة بين أميركا وأوروبا من ناحية وبين الدول الأوروبية نفسها من ناحية أخرى وبخاصة في مسألتي العقوبات الاقتصادية وضم أوكرانيا إلى حلف الناتو. وقد نجحت روسيا منذ البداية في زرع هذا الإنقسام بعد أن قامت بنشر تسجيل صوتي على اليوتويب بتاريخ 6 شباط/فبراير بين مساعدة وزير الخارجية الأميركية، فكتوريا نولاند، والسفير الأميركي في أوكرانيا جيفري بيات حيث قالت له، وهما يتناقشان في الوضع السياسي لأوكرانيا: "فليذهب الاتحاد الأوروبي إلى الجحيم". وقد تسبب هذا التسجيل في امتعاض بعض الدول الأوروبية وإحراج الإدارة الأميركية وعزز الاتهامات التي تشير إلى أن المعارضة الأوكرانية مجرد أداة لتنفيذ المخططات الأميركية في تطويق روسيا داخل الجمهوريات السوفياتية السابقة.
ورغم تصاعد نبرة بعض الدول الأوروبية في تهديد روسيا مثل فرنسا فإن اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسل يوم 3 آذار/مارس لم يتعد قرار خفض ظروف إعطاء التأشيرات للمواطنين الروس. وهذا يعكس حالة الإنقسام التي تعيشها أوروبا من ناحية المواقف والعقوبات التي يجب اتخاذها تجاه روسيا. ففي الوقت الذي يبدو فيه الموقف الفرنسي ودول شمال أوروبا قريباً من أميركا نجد دولاً مثل ألمانيا وبريطانيا تدعو إلى التهدئة بسبب خوفها من ارتداد العقوبات الاقتصادية ضد روسيا عليها مباشرة.

عبد الواحد جعفر
13-03-2014, 09:44 PM
سابعاً: منذ وصول فلادمير بوتين للحكم لوحظ أنه عمل على تحقيق أربعة أهداف استراتيجية لروسيا، أولها: تحصين روسيا داخلياً من العملاء الموالين للغرب سواء كانوا أفراداً أم منظمات في مجالات الإعلام والمال والسياسة. وثانيها: التحكم بموارد الطاقة وشبكة خطوط أنابيبها في روسيا وداخل الفضاء السوفيتي لمنع وصول أميركا وأوروبا إلى مناطق الطاقة في بحر قزوين وآسيا الوسطى. وثالثها: ترسيخ سيادة روسيا ونفوذها على الجمهوريات السوفيتية السابقة لقطع الطريق على توسع حلف الناتو شرقاً. ورابعها: العمل على استعادة مكانة روسيا على المسرح الدولي ولو بالعمل ضمن المعالجات الأميركية للمشاكل الدولية.
ولذلك فما أقدمت عليه روسيا في أوكرانيا إنما هو رد على تهديد مجالها الحيوي وترسيخ لسيادة روسيا ونفوذها على الجمهوريات السوفيتية السابقة لقطع الطريق على توسع حلف الناتو شرقاً، ويلاحظ ذلك من خلال ردة فعلها العنيفة كلما تم المساس بدولة تقع ضمن مجالها الحيوي، ويلمس كذلك من إصرارها على توجيه رسالة قوية في كل مرة إلى أميركا وأوروبا لأن يعترفوا لها بوصايتها ونفوذها على منطقة مجموعة الدول المستقلة باعتبارها مجالاً حيوياً خالصاً لها.
ومن هنا فما تقوم به روسيا مع أوكرانيا رسالة مضمونة الوصول كذلك إلى بقية دول المجموعة السوفيتية بأنها سوف تتعرض للاحتلال والتقسيم إذا ما حاولت المساس بالمصالح الحيوية لروسيا من خلال الاصطفاف إلى جانب المشاريع السياسية والعسكرية لأميركا، وما جورجيا عنهم ببعيد.
ولكن من الواضح أن كلاً من أميركا وأوروبا رفضتا الإقرار لروسيا بنفوذها في الفضاء السوفيتي كمجال حيوي لها بل وفضلتا اللجوء إلى مجلس الأمن ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي للتدخل في حل النزاع داخل أوكرانيا عبر ما سمي بالمراقبين الدوليين. ومع ذلك فلا يوجد أي مؤشر يوحي بأن العالم مقبل على حرب باردة بين روسيا وأميركا . كما لا يفهم أن أميركا تستهدف مجال الإتحاد السوفيتي السابق بغية انتزاع تعاونها في أية قضايا دولية أو مناطق إقليمية مثل الشرق الأوسط.
ولذلك فإن الربط بين ما يجري في أوكرانيا بما يجري في الشرق الأوسط وبخاصة في سوريا هو من باب الخيال السياسي الذي لا يستند إلى دليل، فضلاً عن أنه يفتقد إلى أبسط قواعد الفهم السياسي الصحيح فيما يتعلق بالموقف الدولي والعلاقات الدولية وصعيد بحث القضايا الدولية والإقليمية.
ثامناً: المتوقع أن لا تتراجع روسيا عن وجودها العسكري في شبه جزيرة القرم وستعمل على الاستعانة بوسائل الضغط الناعمة المتعلقة بالعلاقات الاقتصادية، بالإضافة إلى الاستمرار في المفاوضات الدبلوماسية العلنية والسرية مع أميركا وبقية الدول الأوروبية دون الاعتراف حالياً بالحكام الجدد في كييف كما تريد منها أميركا ذلك.
وفي هذا السياق أوردت بعض الصحف أن مفاوضات سرية تجري بين روسيا وأميركا عبر وساطة ألمانية من أجل إنهاء النزاع في أوكرانيا. ووفقاً لهذه المصادر فإن موسكو ما زالت تصر على إبقاء تواجدها في شبه جزيرة القرم ولكنها مستعدة لمناقشة وقف تقدم قواتها تجاه شرق أوكرانيا الذي يضم عدداً كبيراً من السكان الذين يتحدثون اللغة الروسية. وتؤكد المعلومات الواردة عن المفاوضات أن للرئيس الروسي عدة مطالب، وهي أن تمتنع أية حكومة أوكرانية قادمة عن التوقيع على إقامة علاقات مع حلف شمال الأطلسي وأن تمتنع الولايات المتحدة أو قوات حلف شمال الأطلسي عن نشر محطات الرادار "اكس باند" و"بي.اكس.ون" في أوكرانيا سواء على الأرض أو البحر أو الجو، مما يمنح روسيا ضمانة دولية بعدم تواجد الدرع الصاروخية المضادة للصواريخ البالستية على مرمى الأراضي الروسية، وأخيراً التحكم بتسليح الجيش الأوكراني.
ولا يتصور أن تخرج المناقشات بين أميركا وروسيا عن الإطار الدبلوماسي وقد تأكد هذا المنحى الدبلوماسي في المفاوضات الأميركية الروسية حول أوكرانيا في المناقشة التي دارت بين فلادمير بوتين وباراك أوباما يوم 6 آذار/مارس. فقد جاء في بيان صادر عن الدائرة الصحفية للكرملين أنه رغم وجود اختلاف بين أميركا وروسيا في المواقف وفي تقييمات أسباب نشوب الأزمة والتطورات الحالية إلا أن الرئيس فلادمير بوتين شدد خلال المكالمة أنه "لا يجوز التضحية بهذه العلاقات بسبب خلافات حول قضايا دولية معينة وإن كانت مهمة جداً". أما البيت الأبيض فقد أعلن في بيان له أن أوباما أكد لبوتين وجود إمكانية لتسوية الوضع في أوكرانيا بالسبل الدبلوماسية. وجاء في بيان البيت الأبيض: "أكد الرئيس أوباما أن هناك سبيلاً لتسوية الوضع بطريقة دبلوماسية يضمن مصالح روسيا والشعب الأوكراني والمجتمع الدولي".

11/جمادى الأولى/1435هـ
12/3/2014م