المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة



عابر السّبيل
16-05-2009, 12:59 AM
السلام عليكم و بعد،

ورد في الشخصية الجزء الأول في موضوع جمع القرآن ما نصه:

(و قال الله تعالى:

" كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة "

أي أن هذه التذكرة مثبتة في صحف مكرّمة عند الله مرفوعة المقدار منزّهة عن أيدي الشياطين قد كتبت بأيدي كتبة أتقياء.)

بنسبة إلى المقصود من "سفرة كرام بررة" لقد إختلفوا المفسرين فيه و على سبيل المثال قال الفراء و مجاهد: السفرة هنا الملائكة، و من الذين قالوا خلاف ذلك نجد وهب بن منبه يقول: هم أصحاب النبي (ص).

و لما يقول الحزب أن الصحف المكرمة قد كتبت بأيدي كتبة أتقياء يقصد من الصحابة أم الملائكة ؟

أرجوا المزيد من التوضوح و جزاكم الله خير الجزاء.

muslem
16-05-2009, 07:05 AM
﴿كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ﴾
1-كَلاَّ كلمة ردعٍ وردٍ وإبطال، تشعر بأن ما قبلها غير موافَقٌ عليه، ويكون المراد إبطال ذلك الفعل المعاتب عليه، أو ما يمكن أن يقع في النفس من المعاتبة على عرض الآيات على القوم.
2-إِنَّهَا التأكيد بـ (إن) دليل اهتمام بالكلام بعدها.
3-الضمير في (إنها) إما أن يعود على الحادثة والواقعة، أو على الآيات (القرآن) التي يسأل عنها الأعمى، أو التي يعرضها النبي  على الكفار، والآيات هنا أكثر ظهوراً بدلالة الأوصاف بعدها، فإنها تخص القرآن، وتقترن به، فيكون المراد: إنها (أي: آيات القرآن) تذكرة.
4- ذكر مادة (التذكير) تذكره يتناسب مع ما سبق من تكرار هذه اللفظة.
يقول ابن عاشور: "يجوز عندي أن يكون ﴿كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ﴾ استئنافاً ابتدائياً موجهاً إلى من كان النبي  يدعوه قُبيل نزول السورة، فإنه كان يَعرض القرآن على الوليد بن المغيرة ومَن معه، وكانوا لا يستجيبون إلى ما دعاهم، ولا يصدقون بالبعث، فتكون (كلاّ) إبطالاً لما نَعتوا به القرآن من أنه أساطير الأولين أو نحوِ ذلك.
فيكون ضمير (إنها تذكرة) عائداً إلى الآيات التي قرأها النبي  عليهم في ذلك المجلس، ثم أعيد عليها الضمير بالتذكير للتنبيه على أن المراد آيات القرآن، ويؤيد هذا الوجهَ قولُه تعالى عَقبه: ﴿قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾ الآيات، حيث ساق لهم أدلة إثبات البعث، فكان تأنيث الضمير نكتةً خصوصية لتحميل الكلام هذه المعاني"( ).

﴿فَمَن شَاء ذَكَرَهُ﴾
المراد: الله سبحانه، وهنا سؤال، لما أُنِّث الضمير في (إنها)، وذُكِّرَ في ﴿ذكرَه﴾؟ قد يكون الجواب أن المراد من الضميرين مختلف؛ فالأول يراد بها الآيات، والثاني الله سبحانه، ويحتاج الأمر إلى بحث.

﴿فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ﴾
1- حرف الجر ﴿في﴾ حدّد مكان الذكر وهو الصحف المكرمة، وهو يشعر بعظم شأن المذكَّر به.
2- في قوله ﴿صحف﴾ دون غيرها للإشارة إلى التوثيق، وذلك لأن "الصحيفة تطلق على ما يكتب فيه"( ).
3- وصفها بـ ﴿مكرمة﴾ يدل على عظم مكانتها، لأن التكريم يدل على التعظيم.

﴿مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ﴾
1- ﴿مرفوعة﴾ هذا الوصف الثاني لها، وهو يدل أيضاً على التعظيم.
2- ﴿مطهرة﴾ هذا هو الوصف الثالث لتلك الصحف، وهو يدل على النقاء.
وبهذا تكون أوصاف تلك الصحف ثلاثة (التكريم، الرفع، التطهير)، ولعل في ذلك إشارة إلى أن هذا ما ينبغي استحضاره في التعامل مع القرآن العظيم، لأنه مصدر التذكرة.

﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾
1- تلك الصحف ﴿بأيدي سفرة﴾ وهم الملائكة، والإسفار يعني نوراً يعلو وجوههم، "قال الزجاج: وإنما قيل للكتاب سِفْر (بكسر السين)، وللكاتب سَافر؛ لأن معناه أنه يُبيِّن الشيء، ويوضحه؛ يقال: أسفر الصبح، إذا أضاء، وقاله الفراء"( )، يقول ابن عاشور: "وفي وصفهم بالسفرة ثناء عليهم؛ لأنهم يبلغون القرآن للناس، وهم حُفَّاظه ووعاته، قال تعالى: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ [العنكبوت: 49] فهذا معنى السفرة، وفيه بشارة بأنهم سينشرون الإِسلام في الأمم، وقد ظهر مما ذكرنا ما لكلمة ﴿سفرة﴾ من الوقع العظيم المعجز في هذا المقام"( ).
2- ذكر اليد يدل على الحفظ والرعاية ممن هذا وصفهم.
3- ﴿كرام﴾ هذا وصفهم الأول، وهو يتناسب مع وصف مكرمة قبل ذلك، فهم كرام يكرمون تلك الصحف؛ أي: يعظمونها.
4- ﴿بررة﴾ هذا هو الوصف الثاني، وهو يدل على كثرة الخير وهذا شأن من يتعامل مع القرآن العظيم، "ووصف البرَرة ورد صفةً للملائكة في الحديث الصحيح قوله: "الذي يقرأ القرآن وهو ماهِر به مع السَفرة الكرام البرَرَة"، والبررة: جمع بَرّ، وهو الموصوف بكثرة البرور، وأصل بَرّ مصدر بَرَّ يبَرّ من باب فَرح، ومصدره كالفَرح، فهذا من باب الوصف بالمصدر، مثل: عَدل، وقد اختص البررة بجمع بَرّ، ولا يكون جمع بارّ، والغالب في اصطلاح القرآن أنَّ البررة الملائكةُ، والأبرارَ الآدميون، قال الراغب: «لأنَّ بررة أبلغ من أبرار، إذ هو جمع بَرّ، وأبرار جمع بَار، وبَرّ أبلغ من بار، كما أن عَدلا أبلغ من عادل»"( ) . وهذا تنويه بشأن القرآن؛ لأن التنويه بالآيات الواردة في أول هذه السورة من حيث إنها بعض القرآن، فأثني على القرآن بفضيلة أثَره في التذكير والإِرشاد، وبرفعة مكانته، وقدس مصدره، وكرم قراره، وطهارته، وفضائل حَمَلَتِه ومبلغيه، فإن تلك المدائح عائدة إلى القرآن بطريق الكناية"( ).

( ) التحرير والتنوير - (ج 16 / ص 100).

عابر السّبيل
16-05-2009, 01:11 PM
السلام عليكم يا أخي المسلم،

وأشكرك على هذا النقل المفيد و لكن سؤالي متعلق بالجملة التي وردت في شرح الآية من كتاب الشخصية حيث قال أن الصحف كتبت بين أيدي كتبة أتقياء فأردت أن أعرف من قصد تقي الدين رحمة الله عليه الملائكة أم الصحابة و لكن عموما أعتقد كذلك أن القول الراجح في المقصود من سفرة هم الملائكة و بارك الله فيك و أنا في إنتظار مشاركتكم الطيبة.

مؤمن
16-05-2009, 05:50 PM
الرجاء وضع الموضوع في المكان المخصص به و هو قسم التفسير.

عابر السّبيل
16-05-2009, 06:10 PM
أخي المحترم مؤمن،

عين المسألة هنا لا تتعلق بفهم الآية و لو أن ذلك ضروري و لكن متعلقة بوجه الإستدلال في موضوع جمع القرأن و كل ذلك تعتبر من الثقافة الإسلامية .

مودتي.

ابو العبد
17-05-2009, 12:43 AM
بوركت اخي الكريم عابر السبيل ونرجو ان لا تبخل علينا بمداخلاتك القيمة التي تلفت فيها نظرنا الى ثقافة الحزب

أبو محمد
23-05-2009, 06:00 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بحث جمع القرآن منصب على أن القرآن كان مكتوبا بين يدي الرسول عليه السلام ومتفرق بين أيدي الصحابة، فلذلك يأتي الحزب ويورد الآية الكريمة من باب التدليل على أن القرآن كتب بأيدي كتبة أتقياء فيكون فهم الحزب بأن الكرام البررة هم الصحابة، ولو كان الموضوع على خلاف عند المفسرين، إلا أننا نتكلم برأي الحزب فنقول أن القرآن كتب بأيدي الصحابة وبحضور الرسول عليه السلام فهم الوارد الثناء عليهم بالآية الكريمة.

فالله سبحانه وتعالى يتكلم عن الصحف المطهرة الموجودة بين يدي الصحابة التي كتبت يقينا بأيدي كتاب الوحي ويصفهم بأنهم "سفرة كرام بررة".

والله تعالى أعلم

تحياتي

عابر السّبيل
24-05-2009, 06:03 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,


جازاك الله خيرا يا أخي أبو محمد إذا لاحظت وصف كرام البررة ورد في حديث صحيح كذلك و هو "الذي يقرأ القرآن وهو ماهِر به مع السَفرة الكرام البرَرَة"
هل نستطيع القول بأن في هذا الحديث السَفرة الكرام البرَرَة هم الصحابة لأن هذا الوصف دقيق جدا إذا في الآية ينطبق على الصحابة فهو ينطبق كذلك عليهم في الحديث. ما رأيك يا طيب؟

أبو محمد
24-05-2009, 06:56 PM
السلام عليكم

معنى السفرة هو الرسل لأنهم يسفرون للناس وقيل معناها الكتبة، فأيهما صحيح فقارئ القرآن الماهر مع الأنبياء والرسل أو مع الكتبة الأتقياء البررة الذين كتبوا القرآن واعتنوا به. وعلى ضوء الخلاف في فهم معنى "السَفرة الكرام البرَرَة" هل هم الملائكة أم الصحابة، قال القاضي : يحتمل أن يكون معنى كونه مع الملائكة أن له في الآخرة منازل يكون فيها رفيقا للملائكة السفرة لاتصافه بصفتهم من حمل كتاب الله تعالى ، قال ويحتمل أن يراد أنه عامل بعملهم وسالك مسلكهم.

والله تعالى أعلم

عابر السّبيل
24-05-2009, 08:43 PM
السلام عليكم,

بارك الله فيك لقد إستفدت من أجوبتك