المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دردشات سياسية حول تطورات الأحداث في ليبيا ونتائج مؤتمر جنيف 2



عبد الواحد جعفر
26-02-2014, 11:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

دردشات سياسية
أولاً: أحداث ليبيا
مع اقتراب موعد انتهاء أعمال المؤتمر الوطني في 7/2/2014م بدأت دعوات وأصوات تتعالى بضرورة تمديد مدة صلاحياته إلى نهاية 2014م من أجل إنهاء الدستور. وفي المقابل يرفض بعضهم ذلك ويطالب بإنهاء أعمال المؤتمر الوطني في موعده. وتتزامن هذه الدعوات المتضاربة حول مدة بقاء المؤتمر مع دعوات أخرى تطالب بضرورة إسقاط حكومة علي زيدان وتشكيل حكومة إنقاذ وطني من شخصيات مستقلة.
لقد جاء الهجوم على حكومة علي زيدان هذه المرة من أقرب حلفائه العلمانيين، رئيس تحالف القوى الوطنية. ففي لقاء له مع عدد من القنوات الفضائية الليبية بتاريخ 25/12/2013 اعتذر محمود جبرﯾل للﯾبﯾﯾن عن دعم حزبھ لرئﯾس الحكومة المؤقتة علي زﯾدان، مؤكداً أنھ أخطأ في ذلك، واصفاً إياه بالمستأثر بالقرار. وقال جبرﯾل إن زﯾدان ﻻ ﯾتشاور مع الكﯾانات السﯾاسﯾة، وكذلك تشاوره مع أطراف خارجﯾة ﻻ ﯾُعلم شيء عنھا، وأن التحالف ﻻ ﯾقر ممارساتھ وﻻ ﯾدعمھا، ونختلف كثﯾراً معھ.
ولكن يبدو أن ما صرَّح به محمود جبريل من امتعاض حول حكومة علي زيدان وما صرَّح به قبله بأيام رئﯾس الھﯾئة التسﯾﯾرﯾة العلﯾا لتحالف القوى الوطنﯾة عبد المجﯾد ملﯾقطة الذي قال أن زﯾدان لم ﯾعد قادراً على إدارة المرحلة وعلﯾھ الرحﯾل، جاء من باب المناورة السياسية من أجل الإستعداد للإنتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة وكذلك من أجل الضغط على الإسلاميين من حركة وفاء وحزب العدالة والبناء المرتبط بالإخوان المسلمين في المؤتمر الوطني من أجل رفض التمديد ومراجعة قانون العزل السياسي الذي حرم محمود جبريل من الترشح للمناصب السياسية.
إلا أن المؤتمر الوطني العام نجح في تمديد ولايته حتى كانون الأول/ديسمبر 2014 م رغم معارضة كثيرين لذلك في الشارع، كما تبنى أيضاً "خارطة طريق" تنص على تنظيم انتخابات عامة نهاية العام في حال أنجزت لجنة صياغة الدستور، التي تنتخب يوم 20/2 مهمتها خلال أربعة أشهر. وفي حال تعذر الالتزام بهذه المهلة، فعلى المؤتمر أن يدعو لانتخابات تشريعية ورئاسية استعداداً لفترة انتقالية جديدة تستغرق 18 شهراً. وكرد فعل على هذه القرارات تظاهر آلاف الليبيين مجدداً بدعم من تحالف القوى الوطنية، وبخاصة يومي 13-14/2، في مناطق عدة احتجاجاً على التمديد لأعضاء المؤتمر الوطني العام. وقد تزامنت هذه التحركات الشعبية مع خروج الضابط المتقاعد خليفة حفتر الفرجاني بشريط فيديو يوم 14/2 يؤكد فيه أن "قيادة الجيش الوطني الليبي" تطرح مبادرة هي "خارطة طريق مؤلفة من خمسة بنود". وقال إن هذه المبادرة تنص على تعليق عمل المؤتمر الوطني العام والحكومة الانتقالية وتشكيل لجنة رئاسية وتجميد العمل بالإعلان الدستوري، من أجل إعداد الظروف المناسبة للانتخابات.
وبعد يومين من التحركات الشعبية والبيان الإنقلابي للواء خليفة حفتر قرر المؤتمر الوطني بكافة كتله بتاريخ 16/2 العدول عن تمديد ولايته والتوافق على إجراء انتخابات مبكرة، على أن يُسلم قانون الانتخابات إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في مدة أقصاها شهر آذار/مارس المقبل. كما وافق 150 عضواً من أعضاء المؤتمر على إجراء تعديل دستوري يضمن تمثيل المكونات الثقافية في الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور. وقد جاء هذا التوافق رغم أن الخلاف ما زال مستمراً حول الاختيار بين تنظيم انتخابات برلمانية تؤدي إلى تغيير المؤتمر الحالي بمؤتمر جديد، مما يعني الدخول في مرحلة انتقالية ثالثة أو انتخابات برلمانية ورئاسية تؤدي إلى إيجاد مؤسسات حكم جديدة. كما ذكرت بعض التسريبات بتاريخ 16/2، أن المؤتمر الوطني العام يسعى إلى سحب الثقة من حكومة علي زيدان والدخول مباشرة في التصويت على رئيس حكومة جديد؛ وبخاصة وأن المؤتمر الوطني سبق له أن عقد بتاريخ 11/2 جلسة استعرض فيها أسماء الأشخاص الذين سيتم ترشيحهم لرئاسة الحكومة المؤقتة.
ويبدو أن وجود علي زيدان على رئاسة الحكومة يسبب مشاكل كثيرة في سير عملية الانتقال الديمقراطي ويمثل عبئاً على تحالف القوى الوطنية نفسها، وبخاصة بعد أن رفض مراراً تشكيل حكومة أزمة لتحل محل الحكومة الحالية التي فشلت في معالجة الملفات الأساسية، وعلى رأسها الملف الأمني وتكوين الجيش والشرطة وتوفير الخدمات الأساسية للناس. ونتيجة إخفاق المؤتمر في سحب الثقة من زيدان مراراً جاء إعلان اللواء خليفة حفتر عن انقلابه الإعلامي متزامناً مع التحركات الشعبية ليتم التسريع في سحب الثقة من رئيس الوزراء والتوافق على إجراء انتخابات جديدة تمتص حالتي الغضب والإحباط السائدة في المجتمع من فشل المؤتمر الوطني وحكومة زيدان على حد سواء بسبب حالة الصراع الدائم بين الإسلاميين والعلمانيين.
ولا يجب أن ننسى أن اللواء خليفة حفتر هو من الضباط الذين تولوا مقاليد الحكم مع القذافي بعد انقلاب 1969، وكان مقرباً منه جداً. وخلال الحرب الليبية التشادية، والتي هي في حقيقتها حرب بالوكالة بين أميركا وفرنسا، قاد خليفة حفتر القوات المسلحة الليبية في هذه الحرب وانتصر فيها. وبعد أن طلب الدعم من القذافي لبسط سيطرته على تشاد خاف القذافي أن يعود حفتر منتصراً إلى ليبيا ويستولي على الحكم، فتركه من غير دعم مما أدى إلى أسره مع مئات الجنود الليبيين في معركة وادي الدوم بتاريخ 22/3/1987.
ومن داخل السجن قرر حفتر مع مجموعة من الضباط وضباط صف وجنود ومجندين الانخراط في صفوف "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا" المعارضة، وأعلنوا في 21/ 6/ 1988م عن إنشاء "الجيش الوطني الليبي" كجناح عسكري تابع لها تحت قيادة حفتر. إلا أنه سرعان ما انتهى أمر هذا "الجيش" الذي كونه خليفة حفتر، وقامت مروحيات أميركية بنقله مع بقية الضباط والجنود واستقر داخل الولايات المتحدة الأميركية، حيث بقي حفتر معارضاً لنظام القذافي مدة عشرين عاماً. وبعد اندلاع ما سمي "ثورة 17 فبراير" عاد حفتر إلى ليبيا ليشارك في توجيه العمليات العسكرية قبل سقوط القذافي، وفي 18/11/2011م عين من قبل مجموعة من الضباط والعسكريين رئيساً لأركان "الجيش الليبي".
وبناءً على ما تقدم فإن ما أعلن عنه خليفة حفتر من انقلاب لا يعدو أن يكون فقاعة إعلامية يراد منها الضغط على المؤتمر الوطني العام وبخاصة الإسلاميين فيه لتسريع عملية الانتقال الديمقراطي ومنها كتابة الدستور وتغيير الحكومة وإجراء الانتخابات. وهذا ليس بغريب على رجل مثل حفتر استعملته أميركا لتمثيل مصالحها سواء كان في الحكم مع القذافي أو بعد الانشقاق عليه حيث وفرت له أميركا الحماية الكافية. وبعد أن أشعلت أميركا "ثورة 17 فبراير" أوعزت له بالعودة إلى البلاد ليتولى مهام الجيش الليبي فترة من الزمن. وها هو الآن رغم تقاعده ما زال وفياً لخدمة أميركا عند الطلب. وبالإضافة إلى ذلك فإن الضابط حفتر لم يعد جزءاً من المؤسسة العسكرية ولا يتمتع فيها بنفوذ يذكر، وهي ما زالت في طور التشكيل ويطلق مجازاً عليها اسم الجيش الليبي.. ثم أخيراً أي انقلاب عسكري هذا الذي سوف يقوم به حفتر في بلد يعج بالجماعات والكتائب المسلحة المتنافسة فيما بينها حول النفوذ الميداني والسياسي؟!..
والراجح أن يستمر الضغط السياسي والتهديد باستعمال السلاح من قبل تحالف القوى الوطنية والكتائب العسكرية التابعة له من أجل انتزاع ما يرونه مكاسب سياسية تلبي مصالح أميركا المرحلية والإستراتيجية. فبعد الإعلان الانقلابي الذي قام به حفتر بدعم خفي من أميركا وتحالف القوى الوطنية، قامت كتيبة القعقاع وهي اللواء الأول لحرس الحدود وكتيبة الصواعق التابعة لوزارة الدفاع بإعلان بيان يطالبان فيه المؤتمر الوطني "بتسليم السلطة إلى الشعب" في مهلة مدتها خمس ساعات. ومن المعلوم أن كتيبة القعقاع هي التي تتولى الحماية الشخصية لمحمود جبريل ويرأسها عماد الطرابلسي، أما كتيبة الصواعق فيتولى رئاستها عثمان مليقطة وهو أخ رئﯾس الھﯾئة التسﯾﯾرﯾة العلﯾا لتحالف القوى الوطنﯾة عبد المجﯾد ملﯾقطة. وهاتان الكتيبتان تتبعان كتيبة الزنتان التي تدين بالولاء لتحالف القوى الوطنية لمحمود جبريل.
ولم تتأخر ردود الأفعال من قبل حركة الإخوان المسلمين ورئيس المؤتمر الوطني نوري بوسهمين وبقية كتائب الثوار المناوئة لكتائب الزنتان في إدانة ما أعلنت عنه كتيبتا الصواعق والقعقاع، باعتباره حركة انقلاب على الشرعية وجر البلاد إلى حرب أهلية. وكانت كتائب مصراتة والمجلس المحلي بها قد ردت بقوة عندما دعت كل ثوار ليبيا إلى "النفير العام من أجل حماية ثورة 17 فبراير".
وبعد أن مرت مهلة الساعات الخمس دون أن يحدث شيء ظهر محمود جبريل يوم 18/2/ 2014م ليذيع بياناً على قناة العاصمة الليبية يعلن فيه تبنيه وتبريره لما أقدمت عليه كتيبتا الصواعق والقعقاع رغم محاولته التبرؤ كذباً من العنف واستعمال السلاح في الصراع السياسي، كما جاء في بيانه الأخير. وجاء في البيان أيضاً: "إن تحالف القوى الوطنية أيد ويؤيد الحراك السياسي السلمي الرافض لأداء المؤتمر ومد فترته، وعلى المؤتمر أن يستجيب لمطالب الشارع بتسليم السلطة إلى جسم منتخب مما يضمن استمرار الشرعية التي ولدت في 7/7/2012، وبالتالي التحالف لا يؤيد أي عمل مسلح يهدد الشرعية التي خلقها الليبيون بإرادتهم الحرة في السابع من يوليو".
وأخيراً يكشف محمود جبريل عن الجهة التي تقف وراء كل هذه التحركات والغاية التي تريد تحقيقها بالقول: "بناءً على كل ذلك حصل تواصل من السيد طارق متري ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بي بعد صدور البيان مباشرة، وقد طلبت منه أن يبادر بتوجيه نداء ودعوة لجميع الأطراف إلى حوار عاجل للخروج بوفاق يلبي مطالب الشارع الليبي من ناحية، ويكفل للشرعية استمراريتها على أن يكون هذا الاتفاق ملزماً لجميع الأطراف ...".
وبهذا يتضح أن أميركا تريد من خلال عملائها إقحام الأمم المتحدة لرعاية حوار وطني يكون الغرض منه مراقبة العملية السياسية في ليبيا عن قرب حتى تتم صياغة الحياة السياسية والفكرية والدستورية للدولة والمجتمع بكيفية لا تخرج عن الإطار العام الذي وضعته لثورات الربيع العربي كجزء من إعادة صياغة المنطقة سياسياً وفكرياً ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير.
وللوصول إلى هذه الأهداف تلوح أميركا للرأي العام وللقوى السياسية التي تتمنع في السير معها بشبح الحرب الأهلية والاقتتال الداخلي كما هو الحال في سوريا وبفزاعة الانقلاب العسكري كما هو الحال في مصر، وفي نفس الوقت ترغبهم في الإقتداء بالنموذج التونسي الذي مدحه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في زيارة خاطفة لتونس يوم 18/2 أي في نفس اليوم الذي أذاعت فيه كتيبتا القعقاع والصواعق بيان تهديد من المؤتمر الوطني "بتسليم السلطة للشعب".

عبد الواحد جعفر
27-02-2014, 12:00 AM
ثانياً: نتائج الجولة الثانية من مؤتمر جنيف2
انتهت الجولة الثانية من مؤتمر جنيف2 دون نتائج تذكر. إلا أن أميركا نجحت في جلب معظم القوى الأساسية في المعارضة للحوار مع نظام بشار رغم كل اعتراضاتها السابقة، ورسخت في أذهانهم أن الحل في سوريا لن يكون سوى حلاً سياسياً. ولعل الإنجاز الوحيد الذي يمكن الحديث عنه هو إظهار عدم جدية النظام في الخوض في موضوع هيئة الحكم الانتقالي.
وقد ظهر ذلك من خلال تحميل الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي وفدَ النظام جزءاً كبيراً من مسؤولية فشل هذه الجولة لإصراره على تقديم مناقشة البند المتعلق بما يسميه مكافحة الإرهاب على مقترح تشكيل هيئة الحكم الانتقالية الذي تتمسك المعارضة بمناقشته أولاً. أما أميركا وبريطانيا وفرنسا فقد اتهمت بشكل مباشر النظام السوري بإفشال محادثات جنيف2، وذلك بمجرد إعلان الإبراهيمي انتهاء تلك المحادثات في 16/2 .
وفي نفس اليوم الذي أعلن فيه الإبراهيمي انتهاء جولة محادثات جنيف2، قام المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر بإقالة اللواء سليم إدريس من مهامه كرئيس لهيئة الأركان، وأعلن عن تعيين العميد الركن عبد الإله البشير مكانه. وبرر المجلس العسكري سبب إقالة اللواء إدريس إلى أخطائه الكبيرة في تدبير المعارك ضد النظام وهو ما أدى إلى حالة الإرباك الشديد التي مرت بها المعارضة المسلحة على الأرض.
لكن السبب الحقيقي وراء القرار هو إعلان أكثر من ثلاثين فصيلاً من المعارضة في أيلول/سبتمبر 2013 انفصالهم عن الائتلاف وجناحه العسكري، مؤكدين رفضهم صراحة لترؤس اللواء إدريس للمجلس العسكري الأعلى. ومن الواضح أن أميركا تريد التضحية باللواء إدريس من أجل تجميع أكبر عدد ممكن من المعارضة السياسية والعسكرية تحت غطاء واحد حتى تنجح في تمرير النتائج السياسية لمؤتمر جنيف2 في جولته الثالثة.
وأمام ذلك رفض اللواء سليم إدريس قرار الائتلاف السوري المعارض بإقالته، مشدداً، في بيان، على أنه ومن سماهم قادة النواحي والمناطق العسكرية، يفكون الارتباط بالائتلاف السوري المعارض، ووزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة. وقال المنسق السياسي والإعلامي للجيش الحر لؤي المقداد إن "كل الجبهات رفضت القرار" الذي وصفه بـ"قرار غير شرعي ولا يمثل سوى الجهة التي أصدرته". ورداً على ذلك أصدر المجلس العسكري الأعلى بياناً الأربعاء جاء فيه أن المجلس قرر في اجتماعه برئاسة "رئيس الائتلاف وحضور وزير الدفاع ورئيس الأركان" تسليم مهام قيادة الأركان إلى العميد عبد الإله البشير، والبدء بتنظيم وإعادة هيكلة الجيش الحر من قبل وزارة الدفاع وقيادة الأركان وتوفير كافة المستلزمات لتحقيق ذلك خلال فترة محددة.
وقد اعتبر برهان غليون الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري أن أمر إقالة سليم إدريس هو جزء من الترتيبات الداخلية ومحاولة لتفادي الصراعات القائمة داخل هيئة أركان الجيش الحر، الذي شهد بعض الضعف والتراجع في الفترة السابقة ولم يعد له نفوذ واسع، وهو ما استوجب إعادة هيكلته. وأضاف بأن المجلس العسكري الأعلى حاول أن يستبدل رئيس الأركان السابق الذي سجلت عليه بعض الأخطاء، ونقاط ضعف مما سرّع من مسار إعادة هيكلته، لامتصاص التململ الحاصل داخل الجيش الحر، الذي يتراجع داخل مناطق بسبب غياب التنسيق، والتمويل، ولغياب قيادة عسكرية موحدة.
وبناءً على ما تقدم فإنه من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة صراعات سياسية وربما حتى عسكرية بين الموالين للواء إدريس والموالين للمجلس العسكري الأعلى للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة.
وإذا صح ما تناقلته بعض التسريبات فإنه من الممكن أن تقوم أميركا بتزويد الجناح العسكري للائتلاف بقيادة العميد الركن عبد الإله البشير بالسلاح من أجل تقويتها أمام النظام وزيادة فاعليتها القتالية، وإخافة وإضعاف من لم ينضووا تحت قيادة الائتلاف، كما سوف تعمل على تجميع قوى المعارضة السياسية والعسكرية.
ولعل ما يؤشر على ذلك ما يلي:
أولاً: ما أشار إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عندما قال إن هناك "أدلة على أن بعض داعمي المعارضة بدؤوا ينشئون كياناً جديداً" يضم خصوماً للأسد انسحبوا من الائتلاف الوطني المعارض. وأضاف في مؤتمر صحافي "بعبارة أخرى ثمة سبيل يرسم للابتعاد عن مسار التفاوض والمراهنة من جديد على سيناريو عسكري".
وقد جاء هذا التصريح في معرض رده على انتقاد وزير الخارجية الأميركي جون كيري عندما قال من جاكرتا خلال جولة في آسيا: "لقد عرقل النظام المحادثات. لم يفعل شيئاً غير الاستمرار في إلقاء البراميل المتفجرة على شعبه ومواصلة تدمير بلده. ويؤسفني أن أقول إنهم يفعلون ذلك مستندين إلى دعم متزايد من إيران ومن حزب الله ومن روسيا". وأضاف مطالباً موسكو بحمل الأسد على اتخاذ موقف أكثر مرونة: "ينبغي لروسيا أن تكون جزءاً من الحل".
ثانياً: بعض التسريبات الصحفية تشير إلى أن وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف خلف رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان في عملية تسليح المقاتلين في سوريا. ويبدو أن اختيار الأمير محمد يُراد منه العمل على محاصرة (العناصر الجهادية) في سوريا والتي توصف بـ"الإرهابية" ولا تريد السير في الحلول المترتبة عن محادثات جنيف؛ ذلك أن عمل محمد بن نايف كوزير للداخلية يجعله محيطاً ودائم التنسيق في ما يسمى "عملية مكافحة الإرهاب"، وبالتالي فهو على تواصل دائم مع وكالة الاستخبارات الأميركية ووكالات الاستخبارات الغربية الأخرى.
ثالثاً: ما كشفته بعض الصحف من أن اجتماعاً تم في منتصف شباط/فبراير ضم كلاً من الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا وقطر والسعودية واتفقوا على خطة موحدة لتقديم الدعم للجماعات المعارضة في سوريا، عن طريق تصنيفهم إلى جماعات يجب أن تتلقى إمدادات السلاح والمساعدات الأخرى، وآخرين غير مؤهلين لتلقي هذه الإمدادات بسبب ارتباطهم الواضح "بالإرهاب"، وأخيراً هؤلاء الذين تتطلب شرعيتهم مزيداً من النقاش، بحسب مسؤولين أميركيين وحلفاء.
وإضافة إلى المبادرات الجديدة التي طرحتها الولايات المتحدة وغيرها لزيادة شحنات الأسلحة والتدريب للمعارضة السورية، وغيرها من أشكال الدعم مثل المعلومات الاستخبارية، فإن هذه الخطة التي وضعت خلال اجتماع قادة الاستخبارات الذي رأسته الولايات المتحدة تهدف إلى التغلب على الانقسامات بين الحكومات بشأن أي جماعات المعارضة تستحق للحصول على المساعدة والتدريب.
رابعاً: ما صرَّح به برهان غليون الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري عن وجود مساعٍ لتزويد المعارضة السورية بأسلحة نوعية وذات كفاءة، تتضمن مضادات للطائرات، سيتم إدخالها إلى الأراضي السورية قريباً؛ لتكون المعركة القادمة هي دمشق. وشدد غليون على أن المعارضة عادت بعد فشل جنيف إلى نقطة الصفر؛ أي إلى المواجهة المفتوحة مع النظام، وهي مضطرة لتغيير الموقف العسكري ميدانياً، ومن دونه لن يكون هناك أي حديث عن حل سياسي.
وأشار إلى أن أهم مكسب تحقق مما سبق، هو تحفيز أصدقاء سوريا المترددين حيال دعم الثوار بالسلاح، نتيجة مخاوف زرعت في قلوبهم حول سيطرة ما يوصف بالتيارات المتشددة عليه، وأيضاً لرغبة بعض الأطراف بمنح الفرصة أمام الحلول السياسية حتى نهاية المطاف.
ويعتقد غليون أن تزويد الجيش الحر أو بعض كتائبه بالسلاح النوعي لم يعد موضع نقاش. ويؤكد أن القرار، حسب ما تشير العديد من المصادر، قد اتخذ، وهو قيد التنفيذ، وفي مرحلة الترتيبات اللوجستية لإدخال التعزيزات إلى سوريا، بتقديم سلاح ذي كفاءة عالية، ويتضمن مضادات الطائرات لمواجهة النظام. وأشار إلى أن هذا يأتي في سياق تنفيذ الإستراتيجية الجديدة لمنح جرعة دعم قوية للثورة، وتكريس ضوابط مرحلة جديدة قوامها تأهيل قوات قادرة على القيام بعمليات نوعية، تجبر النظام على التفاوض حول نقل السلطة الذي يرفضه حالياً.
ورغم إعلان الأخضر الإبراهيمي أنه تم الاتفاق على جدول أعمال لجولة ثالثة وافق عليها الطرفان، (ويتضمن أربع نقاط وهي: العنف، والإرهاب، وهيئة الحكم الانتقالي والمؤسسات الوطنية، والمصالحة الوطنية) إلا أنه مع ذلك من المتوقع أيضاً أن تشهد الفترة القادمة بعض التحركات الدبلوماسية من الدول المؤيدة للائتلاف السوري المعارض بما في ذلك اللجوء إلى مجلس الأمن من أجل الدفع بقرار دولي ملزم لتوصيل المساعدات الإنسانية داخل سوريا، حتى ولو اقتضى الأمر إيجاد منطقة حظر طيران على المناطق المنكوبة جداً.
فقد ذكرت تقارير إستخبارية أن الإدارة الأميركية تنوي المضي قدماً في دعم مشروع إقامة حزام أمني عازل في جنوب سوريا يمنع قوات النظام السوري والجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيم النصرة والدولة الإسلامية في الشام والعراق من توجيه تهديد للحدود الأردنية أو هضبة الجولان المحتلة. وتتضمن الترتيبات الأمنية منح جماعات المعارضة المسلحة المعتدلة القدرة على السيطرة على جيب أمني يمتد على طول حدود هضبة الجولان المحتلة على مساحة 60 كيلومتراً، وفي نهاية المطاف يتم ربط جميع المناطق العازلة في حزام أمني واحد يضم أكثر من 120 قرية يسكنها أكثر من 180 ألفاً من رجال العشائر.
ويتوقع أيضاً في ضوء مراوغة النظام بخصوص بحث مسألة هيئة الحكم الانتقالي في الجولة الثانية من جنيف2، أن تبدأ أميركا في التلويح باستعمال العصا الغليظة. فقد ذكر جون كيري أن السفن والطائرات الأميركية لا تزال في البحر المتوسط، وأنها متاحة للرئيس إذا احتاج إلى الخيار العسكري. أما باراك أوباما فذكر في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره فرانسوا هولاند بواشنطن في معرض حديثه عن الوضع في سوريا "لا أحد ينكر أن هناك قدراً كبيراً من الإحباط"، ولمّح إلى أنه قد يعيد التفكير في سياسته. وأضاف "لا نعتقد في الوقت الراهن بوجود حل عسكري في حد ذاته لهذه المشكلة، إلا أن الموقف متقلب ونحن نواصل استكشاف كل سبيل ممكن لحل هذه المشكلة".
ويبدو أن غارة الطيران الإسرائيلي هذا اليوم على شاحنات حزب الله وتدمير ثلاث منها في جنوب لبنان تأتي في سياق الضغط على النظام السوري بتهديد حلفائه الذين يؤمنون له دعماً عسكرياً، فضلاً عن وصول بعض الأسلحة النوعية التي ظهر تأثيرها قي مقاومة الدبابات السورية وينتظر في القريب العاجل وصول شحنات سلاح من الباكستان تمولها السعودية من المقرر مرورها عبر الحدود الأردنية تشمل أسلحة مضادة للطيران يتوقع أن تقلص من تأثير الطيران الحربي السوري، ويرجح أن تشهد الأسابيع القادمة معارك دامية يتوقع أن تحدث تغييرات على الأرض لصالح المعارضة فضلاً عن ضغوطات متعددة على نظام الأسد تمهيداً للجولة الثالثة من جنيف2.
ولعله مما يدمي القلب أن يتمكن أعداء هذه الأمة العظيمة وأدواتهم الرخيصة من حكام المنطقة من تسخير أبناء المسلمين ليقتل بعضهم بعضاً ويدمرون مقدرات بلادهم بأيديهم، ولا ينتبه أبناء الأمة للبغضاء التي بدت من أفواه أعدائهم وأن ما تخفي صدورهم أكبر.
نعم لم ينتبهوا إلى أن الكافر المستعمر هو من يوجههم ويمدهم بالمال والسلاح لذبح بعضهم مباشرة أو من خلال أدواته الرخيصة، تنفيذاً لمخططات رسمها أعداء الله لإضعاف الأمة، عبر استعداء بعضها على بعض، وتدمير جيوشها، وتفتيت بلدانها، والأخطر من ذلك كله استبعاد دينها من أن يكون أساس نهضتها بوصمه بالإرهاب، وإظهار الإعلام للإسلام بصورة همجية بشعة حال تطبيقه، وتشويه مفاهيمه الراقية مقابل إبراز مفاهيم الحضارة الغربية الزائفة ودفع أبناء الأمة لاعتناقها واعتبارها العلاج الناجع لقضايا الأمة.
إن هذه الأمة العظيمة قادرة لو أدركت عظمة ما تعتنقه من عقيدة التوحيد، وما وهبها الله من إمكانيات أن تزلزل الأرض تحت أقدام أعدائها، وتحبط كل ما يمكرونه لإضعافها، بل وترضخهم أن يخطبوا ودها، لو وجهوا جهودهم لبناء الدولة التي توحدهم والتي يعمل أعداء الإسلام جاهدين للحيلولة دون أن يخطوَا المسلمون هذه الخطوة الفاصلة التي ستحدد مصير الأمة وعلاقتها بالعالم من جديد، وتنهي بإذن الله تحكم أميركا والغرب الكافرين بالمسلمين وسيطرتهم على بلاد الإسلام.

25/ربيع الثاني/1435هـ
25/2/2014م

بوفيصيل
27-02-2014, 03:53 AM
جزاك الله خير اخي عبد الواحد
الا انه هناك ما يريب الامر من انه في حالة ضمان الغرب من التخلص من السلاح الكيماوي سوف يكون الضغط على النظام مباشرة وخاصة انه تم الإعلان عن تزويد بعض قوى المعارضة بصواريخ السهم الأحمر النوعي في محاولة لتغيير القوة على الارض فما كان من النظام الا الإعلان عن إقامة منطقة عازلة على الحدود الاردنية والعراقية لمنطقة عازلة من وجهة نظر النظام البعثي في سورية لقطع الطريق على المعارضة وخاصة بعد الإعلان من ان ما يسمى بالجيش الحر من استيلائه على ٨٠٪من منطقة القنيطرة المحاذية لفلسطين المحتلة !!!!