عبد الواحد جعفر
15-01-2014, 11:46 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
دردشات
حول سوريا ومصر والعراق
1/ - سوريا:
يبدو أن ما يجري من معارك عسكرية بين فصائل المعارضة السورية وبين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) هو جزء من استحقاقات المرحلة القادمة في سوريا. وأول هذه الاستحقاقات هو مؤتمر جنيف2 والحوار مع نظام بشار.
ورغم نفي وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن تكون بلاده التقت بممثلين عن الجبهة الإسلامية التي باتت تمثل العمود الفقري للمعارضة المسلحة ضد النظام، إلا أن سفير أميركا في سوريا كشف أنه يسعى للقاء بعض قادة الجبهة الإسلامية في إطار الإعداد لمؤتمر جنيف2.
صحيح أن رئيس الهيئة السياسية للجبهة الإسلامية حسان عبود نفى أن يكون هناك لقاء قد تم مع السفير الأميركي، وسواء كان هناك اتصال مباشر بالسفير أو لم يكن فإنه لم يعد خافياً أن السعودية وهي الخادم المطيع للبيت الأبيض هي من دعمت تشكيل الجبهة الإسلامية لاحتواء وتنظيم الفصائل المقاتلة وبخاصة التي ترفع الإسلام شعاراً لها، وتوجيه أنظار الناس إليها لتكون بديلاً عن الحركات المصنفة بأنها حركات إرهابية مثل داعش والنصرة.
والجبهة الإسلامية التي أصبحت أكبر المجموعات المقاتلة وتخوض المعارك ضد تنظيم (داعش) على الأرض لم توصف بالإرهاب بل تحاربه إلى جانب الجيش الحر وفصائل أخرى يشكلون بمجموعهم الحجم الأكبر من المقاتلين ضد النظام. ومع استمرارهم بمحاربة (داعش) فإنهم بذلك يسقطون الورقة الأساسية التي يحملها النظام والروس والإيرانيون، وهي أنهم قادمون إلى المؤتمر لبحث (محاربة الإرهاب). وقد سبق لوليد المعلم أن صرح: "أن المؤتمر سيكون هدفه الأساسي محاربة الإرهاب" وهي الرغبة ذاتها لدى الروس والإيرانيين، وتتجاوب هذه الرغبة مع مشاعر الكراهية لـ"الإرهاب" وخطره لدى الجانب الأوروبي. وذلك كله يستدعي إسقاط تلك الورقة بإبعاد مخاوف الأوروبيين بعد محاربة المعارضة ذاتها " للإرهاب" والدخول¬¬¬ إلى البحث الذي يراد توجيه المؤتمر إليه وهو تنفيذ أهم مقررات جنيف1 والقاضي بتشكيل (هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة).
وقد وجه الأمين العام للأمم المتحدة دعوة رسمية للائتلاف الوطني لحضور المؤتمر، ورغم التصدعات وبخاصة التي ظهرت للعلن مؤخراً بانسحاب 40 عضواً من الائتلاف الذي يضم 121عضواً، وبخاصة بعد فوز أحمد الجربا المدعوم من السعودية برئاسة الائتلاف على منافسه رياض حجاب رئيس الوزراء السوري السابق، إلا أن الائتلاف ما زال هو الطرف الأساسي الذي تركز عليه الأطراف الدولية ليمثل المعارضة في المؤتمر، وإن كان ذلك لا يمنع من حضور أطراف أخرى من المعارضة بشكل فردي أو غير فردي.
أما عن العلاقة بين الجبهة الإسلامية الوليدة والائتلاف الوطني ومدى تمثيل الائتلاف الذي يمثل الواجهة السياسية الرسمية المعترف بها دولياً للمعارضة السورية المقاتلة في الداخل، فرغم أن هناك تباينات حادة في الآراء على تمثيل الائتلاف للمعارضة، وحتى على حضور الائتلاف لمؤتمر جنيف2، بين الداخل والخارج وحتى بين الائتلاف نفسه، إلا أن القرار على حضور المعارضة للمؤتمر بالتأكيد ليس للائتلاف أو للمقاتلين، بل تخضع لرغبات إقليمية توجهها مصالح دولية، وذلك ليس مستغرباً لأن تلك الهيئات والتنظيمات لا تستطيع البقاء دون الدعم المالي والإمداد بالسلاح.
أما عن العلاقة بين الجبهة الإسلامية والائتلاف الوطني، فقد حظي هجوم الجبهة الإسلامية على (داعش) بتأييد الائتلاف الوطني، واعتبره خطوة لإظهار حسن نوايا الثورة، مما يشير إلى محاولة تمهيد الطريق لربط التمثيل السياسي في الخارج بالقوى المقاتلة في الداخل حتى يسهل تمرير العملية السياسية.
والجبهة الإسلامية، وهي أكبر تشكيل يقاتل في الداخل، تضم ست جماعات رئيسية مقاتلة تحت مظلتها هي الجيش الإسلامي ولواء التوحيد وأحرار الشام وصقور الشام وكتائب أنصار الشام ولواء الحق، وانضمت أخيراً الجبهة الإسلامية الكردية. وكانت قد أعلنت أن هدفها كما تقول هو“إسقاط النظام إسقاطاً كاملاً وبناء دولة إسلامية تكون السيادة فيها لشرع الله وحده مرجعاً وحاكماً وموجهاً وناظماً لتصرفات الفرد والمجتمع والدولة".
وبالطبع فإن هذا الهدف لا يرضي أميركا التي طالما تحدثت عن وجوب قيام دولة مدنية كبديل لنظام بشار إلا أن ذلك لا يمنعها بطبيعة سياستها البراغماتية من تحقيق أهداف مرحلية (مثلما فعلت ذلك مع طالبان)، ولذلك فمن المتصور أن تؤدي الجبهة دوراً مرحلياً، ويرجح أن ينضم الجيش الحر للجبهة، متخذين من إسقاط النظام هدفاً مرحلياً، وانضمام الجيش الحر سيضفي على الجبهة طابعاً "وطنياً" وسيخفف من الطابع الديني لها، وقد سبق للناطق الرسمي باسم الجيش الحر لؤي المقداد أن رحب بخطوة توحيد التنظيمات بالجبهة الإسلامية، وتمنى على الجبهة أن لا تفرض أجندتها على السوريين، في إشارة منه إلى استهدافها إقامة دولة إسلامية بديلة عن النظام القائم.
أما معالجة تباين الاتجاهات الفكرية بين المعارضة السياسية والتنظيمات المقاتلة الذي يشكل العقبة الكبرى أمام حسم الموقف بشأن شكل وجوهر النظام المقبل فمن المتوقع مثلاً فيما يتعلق بالجبهة الإسلامية الوليدة أن يتم إنتاج قادة "معتدلين" من الجبهة لإشراكهم في تمثيل الثورة. وليس من المتوقع أن تخرج الجبهة الإسلامية عن إطار الحل المنتظر لأنها تتلقى الدعم والتمويل والتوجيه من عملاء أميركا، ولا قدرة للجبهة على البقاء والاستمرار إذا رفضت ما تمليه عليها راعيتها السعودية لاسيما أن الجبهة تحتاج إلى عشرات الملايين من الدولارات شهرياً، بل ليس من المستغرب أن تُوظّفَ الجبهةُ لضرب جبهة النصرة مستقبلاً رغم تنسيقها معها ميدانياً حالياً وتقوم بمحاربتها بنفس المستوى الذي ستنفذ فيه طرد مليشيات "الشيعة " الداعمة لبشار.
أما عن الخلافات بين أعضاء الائتلاف أنفسهم وبين الائتلاف وبين الجيش الحر، فسببه أن أغلب قادة الجيش الحر والمجلس الوطني مرتبطون بقطر والائتلاف الوطني تسيطر عليه السعودية، وهناك خلافات حقيقية بين أعضاء الائتلاف يغذيها التنافس السعودي القطري للقبض على زمام الأمور برغم أن ملف "الربيع العربي" قد خرج من السيطرة شبه الكاملة لقطر بإيعاز من أميركا وتم إسناده للسعودية والإمارات لكبح التوجه الجماهيري نحو الإسلام والحركات الإسلامية وتعزيز موقف العلمانيين الذين خرجوا من التأثير في الحياة السياسية بفعل التيار الإسلامي الجارف في "الربيع العربي".
إن إضعاف أميركا لتنظيم (داعش) في سوريا لا يعني أنها قد تركت استخدام ورقة الإرهاب كذريعة للتدخل في شؤون الدول كعادتها، بل لأن مصالحها اقتضت أن يكون تنظيم داعش كبش الفداء على مذبح الحل السياسي في سوريا؛ أي حتى لا يتم استعمال أو تضخيم ورقة الإرهاب في جنيف2، هذا فضلاً عن أنها قامت باستغلال أخطاء النهج الذي يسير عليه ذلك التنظيم المنسوب إلى التيار السلفي وبخاصة استسهاله لسفك الدماء والإمعان في ذلك في تشويه صورة الإسلام الذي تطالب الأمة بتطبيقه؛ أي تشويه الغاية التي تريدها الأمة ويطالب بها التنظيم وهي إقامة الخلافة وتطبيق الإسلام، فضلاً عن تشويه الجهاد بعد نشر بعض ممارسات التنظيم التي تعكس صورة منفرة في هذا الجانب كذلك.
إن من يراقب تصرفات أميركا والغرب الكافرين يلمس لمس اليد مدى الحقد على الإسلام والمسلمين، فقد شفوا صدورهم بإزهاق أرواح عشرات الآلاف من أبناء المسلمين، ولا يلمس منهم اكتراث يذكر وهم يشاهدون مئات الآلاف من الجرحى والمعاقين والمعتقلين من شباب المسلمين وأطفالهم وشيوخهم، هذا فضلاً عن تدمير بلاد المسلمين وقدراتها الاقتصادية والعسكرية، وقد استطاعوا أن يجعلوا من سوريا موضعاً لحرب ضروس بين المسلمين في المنطقة على أساس مذهبي، واستطاعوا أن يؤسسوا لتقسيم سوريا مستقبلاً على أساس عرقي ومذهبي، واستطاعوا أن ينفروا ولو جزئياً من تطبيق أحكام الإسلام وبالتالي من الخلافة وهي شكل الحكم في الإسلام، كما عملوا على تشويه صورة الجهاد، بل صوروا أن الإسلام قد يفرِّق حتى الأمة الإسلامية ولا يجمعها، بخلاف الديمقراطية التي تسمح بالتعددية السياسية، وتحترم رأي الآخر!
لكن المشكلة تكمن بشكل أساسي في مستوى وعي أمتنا على دينها ووعيها على ما يكيده لها أعداء هذا الدين العظيم.
دردشات
حول سوريا ومصر والعراق
1/ - سوريا:
يبدو أن ما يجري من معارك عسكرية بين فصائل المعارضة السورية وبين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) هو جزء من استحقاقات المرحلة القادمة في سوريا. وأول هذه الاستحقاقات هو مؤتمر جنيف2 والحوار مع نظام بشار.
ورغم نفي وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن تكون بلاده التقت بممثلين عن الجبهة الإسلامية التي باتت تمثل العمود الفقري للمعارضة المسلحة ضد النظام، إلا أن سفير أميركا في سوريا كشف أنه يسعى للقاء بعض قادة الجبهة الإسلامية في إطار الإعداد لمؤتمر جنيف2.
صحيح أن رئيس الهيئة السياسية للجبهة الإسلامية حسان عبود نفى أن يكون هناك لقاء قد تم مع السفير الأميركي، وسواء كان هناك اتصال مباشر بالسفير أو لم يكن فإنه لم يعد خافياً أن السعودية وهي الخادم المطيع للبيت الأبيض هي من دعمت تشكيل الجبهة الإسلامية لاحتواء وتنظيم الفصائل المقاتلة وبخاصة التي ترفع الإسلام شعاراً لها، وتوجيه أنظار الناس إليها لتكون بديلاً عن الحركات المصنفة بأنها حركات إرهابية مثل داعش والنصرة.
والجبهة الإسلامية التي أصبحت أكبر المجموعات المقاتلة وتخوض المعارك ضد تنظيم (داعش) على الأرض لم توصف بالإرهاب بل تحاربه إلى جانب الجيش الحر وفصائل أخرى يشكلون بمجموعهم الحجم الأكبر من المقاتلين ضد النظام. ومع استمرارهم بمحاربة (داعش) فإنهم بذلك يسقطون الورقة الأساسية التي يحملها النظام والروس والإيرانيون، وهي أنهم قادمون إلى المؤتمر لبحث (محاربة الإرهاب). وقد سبق لوليد المعلم أن صرح: "أن المؤتمر سيكون هدفه الأساسي محاربة الإرهاب" وهي الرغبة ذاتها لدى الروس والإيرانيين، وتتجاوب هذه الرغبة مع مشاعر الكراهية لـ"الإرهاب" وخطره لدى الجانب الأوروبي. وذلك كله يستدعي إسقاط تلك الورقة بإبعاد مخاوف الأوروبيين بعد محاربة المعارضة ذاتها " للإرهاب" والدخول¬¬¬ إلى البحث الذي يراد توجيه المؤتمر إليه وهو تنفيذ أهم مقررات جنيف1 والقاضي بتشكيل (هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة).
وقد وجه الأمين العام للأمم المتحدة دعوة رسمية للائتلاف الوطني لحضور المؤتمر، ورغم التصدعات وبخاصة التي ظهرت للعلن مؤخراً بانسحاب 40 عضواً من الائتلاف الذي يضم 121عضواً، وبخاصة بعد فوز أحمد الجربا المدعوم من السعودية برئاسة الائتلاف على منافسه رياض حجاب رئيس الوزراء السوري السابق، إلا أن الائتلاف ما زال هو الطرف الأساسي الذي تركز عليه الأطراف الدولية ليمثل المعارضة في المؤتمر، وإن كان ذلك لا يمنع من حضور أطراف أخرى من المعارضة بشكل فردي أو غير فردي.
أما عن العلاقة بين الجبهة الإسلامية الوليدة والائتلاف الوطني ومدى تمثيل الائتلاف الذي يمثل الواجهة السياسية الرسمية المعترف بها دولياً للمعارضة السورية المقاتلة في الداخل، فرغم أن هناك تباينات حادة في الآراء على تمثيل الائتلاف للمعارضة، وحتى على حضور الائتلاف لمؤتمر جنيف2، بين الداخل والخارج وحتى بين الائتلاف نفسه، إلا أن القرار على حضور المعارضة للمؤتمر بالتأكيد ليس للائتلاف أو للمقاتلين، بل تخضع لرغبات إقليمية توجهها مصالح دولية، وذلك ليس مستغرباً لأن تلك الهيئات والتنظيمات لا تستطيع البقاء دون الدعم المالي والإمداد بالسلاح.
أما عن العلاقة بين الجبهة الإسلامية والائتلاف الوطني، فقد حظي هجوم الجبهة الإسلامية على (داعش) بتأييد الائتلاف الوطني، واعتبره خطوة لإظهار حسن نوايا الثورة، مما يشير إلى محاولة تمهيد الطريق لربط التمثيل السياسي في الخارج بالقوى المقاتلة في الداخل حتى يسهل تمرير العملية السياسية.
والجبهة الإسلامية، وهي أكبر تشكيل يقاتل في الداخل، تضم ست جماعات رئيسية مقاتلة تحت مظلتها هي الجيش الإسلامي ولواء التوحيد وأحرار الشام وصقور الشام وكتائب أنصار الشام ولواء الحق، وانضمت أخيراً الجبهة الإسلامية الكردية. وكانت قد أعلنت أن هدفها كما تقول هو“إسقاط النظام إسقاطاً كاملاً وبناء دولة إسلامية تكون السيادة فيها لشرع الله وحده مرجعاً وحاكماً وموجهاً وناظماً لتصرفات الفرد والمجتمع والدولة".
وبالطبع فإن هذا الهدف لا يرضي أميركا التي طالما تحدثت عن وجوب قيام دولة مدنية كبديل لنظام بشار إلا أن ذلك لا يمنعها بطبيعة سياستها البراغماتية من تحقيق أهداف مرحلية (مثلما فعلت ذلك مع طالبان)، ولذلك فمن المتصور أن تؤدي الجبهة دوراً مرحلياً، ويرجح أن ينضم الجيش الحر للجبهة، متخذين من إسقاط النظام هدفاً مرحلياً، وانضمام الجيش الحر سيضفي على الجبهة طابعاً "وطنياً" وسيخفف من الطابع الديني لها، وقد سبق للناطق الرسمي باسم الجيش الحر لؤي المقداد أن رحب بخطوة توحيد التنظيمات بالجبهة الإسلامية، وتمنى على الجبهة أن لا تفرض أجندتها على السوريين، في إشارة منه إلى استهدافها إقامة دولة إسلامية بديلة عن النظام القائم.
أما معالجة تباين الاتجاهات الفكرية بين المعارضة السياسية والتنظيمات المقاتلة الذي يشكل العقبة الكبرى أمام حسم الموقف بشأن شكل وجوهر النظام المقبل فمن المتوقع مثلاً فيما يتعلق بالجبهة الإسلامية الوليدة أن يتم إنتاج قادة "معتدلين" من الجبهة لإشراكهم في تمثيل الثورة. وليس من المتوقع أن تخرج الجبهة الإسلامية عن إطار الحل المنتظر لأنها تتلقى الدعم والتمويل والتوجيه من عملاء أميركا، ولا قدرة للجبهة على البقاء والاستمرار إذا رفضت ما تمليه عليها راعيتها السعودية لاسيما أن الجبهة تحتاج إلى عشرات الملايين من الدولارات شهرياً، بل ليس من المستغرب أن تُوظّفَ الجبهةُ لضرب جبهة النصرة مستقبلاً رغم تنسيقها معها ميدانياً حالياً وتقوم بمحاربتها بنفس المستوى الذي ستنفذ فيه طرد مليشيات "الشيعة " الداعمة لبشار.
أما عن الخلافات بين أعضاء الائتلاف أنفسهم وبين الائتلاف وبين الجيش الحر، فسببه أن أغلب قادة الجيش الحر والمجلس الوطني مرتبطون بقطر والائتلاف الوطني تسيطر عليه السعودية، وهناك خلافات حقيقية بين أعضاء الائتلاف يغذيها التنافس السعودي القطري للقبض على زمام الأمور برغم أن ملف "الربيع العربي" قد خرج من السيطرة شبه الكاملة لقطر بإيعاز من أميركا وتم إسناده للسعودية والإمارات لكبح التوجه الجماهيري نحو الإسلام والحركات الإسلامية وتعزيز موقف العلمانيين الذين خرجوا من التأثير في الحياة السياسية بفعل التيار الإسلامي الجارف في "الربيع العربي".
إن إضعاف أميركا لتنظيم (داعش) في سوريا لا يعني أنها قد تركت استخدام ورقة الإرهاب كذريعة للتدخل في شؤون الدول كعادتها، بل لأن مصالحها اقتضت أن يكون تنظيم داعش كبش الفداء على مذبح الحل السياسي في سوريا؛ أي حتى لا يتم استعمال أو تضخيم ورقة الإرهاب في جنيف2، هذا فضلاً عن أنها قامت باستغلال أخطاء النهج الذي يسير عليه ذلك التنظيم المنسوب إلى التيار السلفي وبخاصة استسهاله لسفك الدماء والإمعان في ذلك في تشويه صورة الإسلام الذي تطالب الأمة بتطبيقه؛ أي تشويه الغاية التي تريدها الأمة ويطالب بها التنظيم وهي إقامة الخلافة وتطبيق الإسلام، فضلاً عن تشويه الجهاد بعد نشر بعض ممارسات التنظيم التي تعكس صورة منفرة في هذا الجانب كذلك.
إن من يراقب تصرفات أميركا والغرب الكافرين يلمس لمس اليد مدى الحقد على الإسلام والمسلمين، فقد شفوا صدورهم بإزهاق أرواح عشرات الآلاف من أبناء المسلمين، ولا يلمس منهم اكتراث يذكر وهم يشاهدون مئات الآلاف من الجرحى والمعاقين والمعتقلين من شباب المسلمين وأطفالهم وشيوخهم، هذا فضلاً عن تدمير بلاد المسلمين وقدراتها الاقتصادية والعسكرية، وقد استطاعوا أن يجعلوا من سوريا موضعاً لحرب ضروس بين المسلمين في المنطقة على أساس مذهبي، واستطاعوا أن يؤسسوا لتقسيم سوريا مستقبلاً على أساس عرقي ومذهبي، واستطاعوا أن ينفروا ولو جزئياً من تطبيق أحكام الإسلام وبالتالي من الخلافة وهي شكل الحكم في الإسلام، كما عملوا على تشويه صورة الجهاد، بل صوروا أن الإسلام قد يفرِّق حتى الأمة الإسلامية ولا يجمعها، بخلاف الديمقراطية التي تسمح بالتعددية السياسية، وتحترم رأي الآخر!
لكن المشكلة تكمن بشكل أساسي في مستوى وعي أمتنا على دينها ووعيها على ما يكيده لها أعداء هذا الدين العظيم.