ابو العبد
14-01-2014, 01:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الوعي السياسي بين التفكير والتحليل والعمل
أتحدث إليكم في موضوع يقصد منه بلورة مفاهيم تتعلق بالتفكير والتحليل والعمل السياسي ، من خلال عرض بعض المفاهيم التي ترتبط بالوعي السياسي، وعرض نماذج من العمل السياسي التي تسهم في نشر ثقافة الوعى السياسي بين ابناء الامة وتحول دون وقوعها في الفخاخ السياسية التي نصبها وما زال ينصبها الغرب الكافر واعداء الاسلام والمسلمين. وحتى لا يفقد حملة الدعوة بوصلة الفهم السياسي وبخاصة من يسعى لاخذ قيادة الامة. ويرغب في تسلم قيادة المسلمين ليغير واقعهم ويغير بهم واقع غيرهم ، فالحديث يدور حول بلورة مفاهيم تتعلق بالتفكير والتحليل والعمل السياسي لتكون الأعمال في الأمة بناءاً تصاعدياً ارتقائياً .
والوعي السياسي هو النظر للأحداث من زاوية خاصة، بحيث تكون هذه النظرة عالمية المدى غير إقليمية أو محلية، والزاوية الخاصة تنطلق من المبدأ، وبخاصة من عقيدته، فالنظرة العامة التي ينطلق منها السياسي المسلم هي عقيدة "لا اله إلا الله"، وعليه فالوعي السياسي هو وعي مبدئي على أمور واقعية، هي الأحداث. والمسلم الواعي سياسيا يشتغل بالأحداث الواقعية: تحليلا لفهمها، وتفكيرا للحكم عليها من زاويته الخاصة، وعملا منتجا لتسييرها باتجاه غايات الأمة، ولكي تكون رعايتها على أساس الإسلام ومصالحه الحيوية.
ومن هذا المنطلق، لا بد للسياسي وهو يتلبس بالعمل السياسي من التفريق بين التفكير السياسي والتحليل السياسي والعمل السياسي لئلا تختلط لديه هذه الأبعاد وهو منخرط ميدانيا في الأمة بحيث يفقد بوصلة الفهم السياسي مما يؤدي الى ان يكون ضحية للتضليل السياسي وكذلك حتى يؤتي عمله السياسي أكله الصحيح، وحتى يكون الفكر والعمل السياسي لديه منتجا، لا ترفا فكريا، ولا رياضة ذهنية لمتعة التفكير والتحليل، ولا إثباتا لقدرة الذات على الفهم والإبداع. وإنما هي لدى المسلم سعي لمنفعة المسلمين ومصلحتهم، ولنيل رضوان الله ، بحيث تذوب الذات لدى ممارسة السياسة في إناء الأمة، وتكون العملية كلها امتثالا لقول الرسول صلّى الله عليه وسلم: "من بات ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".
وقبل تعريف التفاصيل تجدر الإشارة إلى بعض الأمثلة على هذه الأبعاد من أجل أن يتم تصورها في الذهن، من خلال تأمل ما يلي:
- مقولة" الديمقراطية نظام حكم": هي فكر سياسي، بينما مقولة "الديمقراطية نظام كفر": هي فكر سياسي إسلامي.
- مقولة "الحكم في فرنسا ديمقراطي": هي تحليل سياسي لواقع فرنسا، لا مدحا ولا قدحا. وهذا ما يتفق عليه المسلم والكافر.
- القيام بتظاهره للمطالبة بالديمقراطية: هو عمل سياسي، يكون مقبولا لدى من يحمل المبدأ الديمقراطي، بينما هو حرام لدى المسلم. أما توزيع بيان على الناس يوضح أن الديمقراطية نظام كفر فهو عمل سياسي إسلامي.
فالتفكير السياسي وما ينتج عنه من فكر سياسي هو كأي تفكير وأي فكر، من حيث كونه حكما على واقع، إلا أن هذا الواقع هنا عبارة عن حدث يرتبط بشؤون الناس ومصالحهم، والحكم عليه هنا يكون بحسب المبدأ الذي يحمله الإنسان، أي أن المفكر السياسي لا يكون "موضوعيا" أو "حياديا" في الحكم على الحق والباطل والخطأ والصواب في السياسة، وإنما ينطلق من مبدئه في الحكم على شؤون السياسة، فالتفكير السياسي لا بد أن يكون مبدئيا من حيث الحكم، مع أنه في نفس الوقت واقعي من حيث ضرورة التعامل مع وقائع عملية لا أمور خيالية أو تاريخية، فيتم ذلك بحسب المفاهيم المنبثقة عن العقيدة دون أدنى انحراف عن ذلك.
بينما التحليل السياسي يبقى عملا موضوعيا لا يرتبط بالمبدأ الذي يحمله المحلل، لأنه قراءة للواقع، وقراءة الواقع هي عملية تشخيصية تتم من خلال ربط الأحداث ببعضها، والغوص في الغايات المرجوة من القائمين بها ودوافعهم، ومعرفة العلاقات التي تربط أطراف الموضوع وما إلى ذلك من معلومات واقعية. ولذلك فهي تحتمل الحيادية والموضوعية عند القيام بعملية التحليل. فضمن إطار التحليل السياسي، قد يتفق الصيني والمسلم (مثلا) على أن إحدى غايات أمريكا من مشروعها شرق اوسط كبير هو تفتيت المنطقة على اسس طائفية واثنية ، وان احد الاساليب في تنفيذ مشروعها ما يسمى بالثورات الملونة من خلال تثوير الشعوب لاسقاط الانظمة ونشر الفوضى السياسية وايجاد حالة من الفلتان الامني والسياسي وتاجيج التناحر الفكري والسياسي بين ابناء البلد الواحد مما يؤدي الى التفتيت والتقسيم وتدمير البلاد والعباد ، وقد يتفق الروسي والمسلم في ان امريكا هى من وراء اشعال الحرب التي تدور رحاها بين ابناء المسلمين في سوريا تمهيدا وتوطئة لتقسيمها على اسس طائفية وعرقية ، أما ما يتوجب العمل في هذه الحالة، فإن على المسلم ان ينطلق بحسب الحكم الشرعي من خلال كشف سبب المأساة في سوريا وتوضيح واقعها ونتائجها وتبيان ان الانقاذ من هذه المأساة في متناول الايدي اذا تغلب على النفوس الاخلاص الخالص وروعيت تقوى الله فعلى الاطراف كلها بوصفها الاداة التي يستعملها الامريكان وبوصفهم الذين بيدهم انقاذ البلاد وانقاذ الناس من القتل والتدمير ان يمتنع كل بدوره عن القيام باى عمل من الاعمال التي تجري في سوريا فلا هجوم ولا دفاع ولا خصام ولا جدل بل تتوجه هذه الصواريخ والمدافع لتحرير فلسطين كل فلسطين من نهرها الى بحرها من براثن يهود ، الى ان يهىء الله الظرف الذي تسود فيه ثقافة الوعى السياسي عند الامة ويتمكن فيه اهل سوريا من اسقاط النظام بقواهم الذاتية وبدافع ذاتي .
بينما الصيني او الروسي قد يتجه في موقفه اتجاه المشروع الامريكي وبخاصة في سوريا إلى الاستنكار والاعتراض لدى الأمم المتحدة او استخدام الفيتو مثلا أودعم النظام في سوريا لوجستيا وبالعتاد حتى يحول دون سقوطه، ومثل هذا الموقف العملي لا يصح من المسلم الملتزم بأحكام مبدئه، وهنا يختلف العمل السياسي (التطبيقي) باختلاف المبدأ والأحكام العملية المنبثقة عنه، حتى وإن حصل اتفاق على تحليل سياسي. فالعمل السياسي لدى المسلم يتعلق برعاية شؤون الأمة على أساس الأحكام الشرعية، ولذلك فارتباطه بالمبدأ وبالفكر السياسي هو ارتباط وثيق، لا يصح أن ينفك عنه، شأنه في ذلك شأن كافة الأفعال التي يقوم بها المسلم وحسب القاعدة الأصولية: "الأصل بالأفعال التقيد بالحكم الشرعي"، وذلك بغض النظر عن طبيعة هذه الأفعال: سياسية كانت أو اجتماعية أو تعبدية. وعلى عكس المثل السابق: فإن العمل الذي يتوجب على المسلمين القيام به إزاء كيان يهود هو العمل على اجتثاثه بغض النظر عن اتفاق المسلمين على تحليل واقع العلاقة بين أمريكا وإسرائيل مثلا، من حيث أن اسرائيل اداة بيد الامريكان وحكامها عملاء كحكام المسلمين سواء بسواء ، أو أن إسرائيل تدور في فلك السياسة الخارجية الامريكية ، فالتحليل السياسي قد يختلف بين المسلمين إلا أن العمل على أساس الأحكام الشرعية واحد (إلا في الاختلاف الشرعي في استنباط الأحكام الشرعية فيما يحتمل الخلاف، والخلاف في هذه الحالة يبقى ضمن دائرة الإسلام). وعليه
فالفكر والعمل السياسي لا بد وأن ينطلقا من المبدأ ويرتبطا به سواء بعقيدته كمنطلق، أو بأحكامه كمعالجات تتمثل بالأعمال السياسية، أما التحليل السياسي فهو عمليه ذهنية تتعلق بفهم الأحداث الواقعية بحيث ترى من خلالها الحقائق كما هي، مع الحذر من تلوينها باللون الذي يهواه السياسي، وعليه أن يحرص على عدم تدخل ميوله في فهم الآراء والأنباء السياسية، بل تدرك الوقائع إدراكا حسيا كما هي لا كما يرغب أن تكون. ومما لا شك فيه ان التحليل السياسي هو احد مستلزمات معرفة الواقع السياسي وفهم مجريات الاحداث بالتحديد؛ حيث بالتحليل السياسي تكشف النوايا والاهداف، وهذا لا يتأتى الا من خلال التتبع السياسي والوقوف على التفاصيل لفهم الاحداث. لكن ذلك لا يكون كتتبع الصحفي؛ لمعرفة الاخبار، بل بالنظرة اليها من زاوية خاصة لاصدار الحكم الذي ينطبق عليه.
اى بمعنى انه لا يجوز باى حال من الاحوال إهمال تعاطي التحليل السياسي ، أو التفاعل العاطفي البحت مع الأحداث بما يرضي الأمة، دون وعي على ما يجري في العالم، فإن ذلك عمل السطحيين الذين لا يمكن لهم أن يقودوا أمة. بل إن للتحليل السياسي وفهم العلاقات الدولية بين الدول، وتبيان الموقف الدولي وتغيّره، وكشف الخطط والأساليب التي تستخدمها الدول الكافرة في حربها على الإسلام، وتحليل مراكز الدول بالنسبة للدولة الأولى من تابعة أو مستقلة أو دائرة في الفلك، وما إلى ذلك من معلومات عن الواقع السياسي في العالم إلزامي على المسلمين كونهم قد كلّفوا بحمل الدعوة للعالم مما يحتم عليهم الاتصال به وهم واعين لمشاكله ودوافعه، ويتوجب عليهم أيضا إدراك الموقف الحالي في العالم الإسلامي على ضوء فهم الموقف الدولي العالمي ليتمكنوا من التحرك المنتج نحو إقامة الخلافة لا أن يقعوا في المصائد التي تنصب لهم.حيث الارتماء في احضان قيادات عميلة للامريكان رأس الكفر والانسياق ورائها لانجاز جرائم امريكا النكراء، ومن أمثلة ما يتوجب كشفه للأمة أن ما يسمى "الاسلام المتطرف" "والاسلام المعتدل" يأتي في سياق ضرب ما تبقى من المنظومة الثقافية عند ابناء الامة ، وان اثارة النعرات الطائفية والاثنية مثل "سنة" و "شيعة" او "اكراد" و"عرب" او "شمال" و "جنوب" يعني حفر خنادق بين ابناء الامة لا يمكن عقد جسور فوقها تمهيداً وتأسيساً لتغيير الجغرافيا السياسية في منطقة العالم الاسلامي على اسس طائفية واثنية ، وأن الترويج للديمقراطية والدولة المدنية يعني صرف المسلمين عن العمل لإقامة الدولة الإسلامية ، وان المظاهرات والاحتجاجات او العصيان المدني هى اساليب خبيثة ملتوية يدعو لها الامريكان امثال بيتر اكرمان مهندس العصيان المدني ومخطط الحروب الناعمة والثورات البرتقالية والوردية والقرمزية في العالم ، حيث تتوكأ عليها امريكا وعملائها في تنفيذ مخططاتها وجرائمها النكراء كالمشروع الامريكي "شرق اوسط كبير" وبخاصة انها اى امريكا تمتلك ادوات التأثير ومفاتيح الحكم في ما يسمى منطقة العالم الاسلامي....
الوعي السياسي بين التفكير والتحليل والعمل
أتحدث إليكم في موضوع يقصد منه بلورة مفاهيم تتعلق بالتفكير والتحليل والعمل السياسي ، من خلال عرض بعض المفاهيم التي ترتبط بالوعي السياسي، وعرض نماذج من العمل السياسي التي تسهم في نشر ثقافة الوعى السياسي بين ابناء الامة وتحول دون وقوعها في الفخاخ السياسية التي نصبها وما زال ينصبها الغرب الكافر واعداء الاسلام والمسلمين. وحتى لا يفقد حملة الدعوة بوصلة الفهم السياسي وبخاصة من يسعى لاخذ قيادة الامة. ويرغب في تسلم قيادة المسلمين ليغير واقعهم ويغير بهم واقع غيرهم ، فالحديث يدور حول بلورة مفاهيم تتعلق بالتفكير والتحليل والعمل السياسي لتكون الأعمال في الأمة بناءاً تصاعدياً ارتقائياً .
والوعي السياسي هو النظر للأحداث من زاوية خاصة، بحيث تكون هذه النظرة عالمية المدى غير إقليمية أو محلية، والزاوية الخاصة تنطلق من المبدأ، وبخاصة من عقيدته، فالنظرة العامة التي ينطلق منها السياسي المسلم هي عقيدة "لا اله إلا الله"، وعليه فالوعي السياسي هو وعي مبدئي على أمور واقعية، هي الأحداث. والمسلم الواعي سياسيا يشتغل بالأحداث الواقعية: تحليلا لفهمها، وتفكيرا للحكم عليها من زاويته الخاصة، وعملا منتجا لتسييرها باتجاه غايات الأمة، ولكي تكون رعايتها على أساس الإسلام ومصالحه الحيوية.
ومن هذا المنطلق، لا بد للسياسي وهو يتلبس بالعمل السياسي من التفريق بين التفكير السياسي والتحليل السياسي والعمل السياسي لئلا تختلط لديه هذه الأبعاد وهو منخرط ميدانيا في الأمة بحيث يفقد بوصلة الفهم السياسي مما يؤدي الى ان يكون ضحية للتضليل السياسي وكذلك حتى يؤتي عمله السياسي أكله الصحيح، وحتى يكون الفكر والعمل السياسي لديه منتجا، لا ترفا فكريا، ولا رياضة ذهنية لمتعة التفكير والتحليل، ولا إثباتا لقدرة الذات على الفهم والإبداع. وإنما هي لدى المسلم سعي لمنفعة المسلمين ومصلحتهم، ولنيل رضوان الله ، بحيث تذوب الذات لدى ممارسة السياسة في إناء الأمة، وتكون العملية كلها امتثالا لقول الرسول صلّى الله عليه وسلم: "من بات ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".
وقبل تعريف التفاصيل تجدر الإشارة إلى بعض الأمثلة على هذه الأبعاد من أجل أن يتم تصورها في الذهن، من خلال تأمل ما يلي:
- مقولة" الديمقراطية نظام حكم": هي فكر سياسي، بينما مقولة "الديمقراطية نظام كفر": هي فكر سياسي إسلامي.
- مقولة "الحكم في فرنسا ديمقراطي": هي تحليل سياسي لواقع فرنسا، لا مدحا ولا قدحا. وهذا ما يتفق عليه المسلم والكافر.
- القيام بتظاهره للمطالبة بالديمقراطية: هو عمل سياسي، يكون مقبولا لدى من يحمل المبدأ الديمقراطي، بينما هو حرام لدى المسلم. أما توزيع بيان على الناس يوضح أن الديمقراطية نظام كفر فهو عمل سياسي إسلامي.
فالتفكير السياسي وما ينتج عنه من فكر سياسي هو كأي تفكير وأي فكر، من حيث كونه حكما على واقع، إلا أن هذا الواقع هنا عبارة عن حدث يرتبط بشؤون الناس ومصالحهم، والحكم عليه هنا يكون بحسب المبدأ الذي يحمله الإنسان، أي أن المفكر السياسي لا يكون "موضوعيا" أو "حياديا" في الحكم على الحق والباطل والخطأ والصواب في السياسة، وإنما ينطلق من مبدئه في الحكم على شؤون السياسة، فالتفكير السياسي لا بد أن يكون مبدئيا من حيث الحكم، مع أنه في نفس الوقت واقعي من حيث ضرورة التعامل مع وقائع عملية لا أمور خيالية أو تاريخية، فيتم ذلك بحسب المفاهيم المنبثقة عن العقيدة دون أدنى انحراف عن ذلك.
بينما التحليل السياسي يبقى عملا موضوعيا لا يرتبط بالمبدأ الذي يحمله المحلل، لأنه قراءة للواقع، وقراءة الواقع هي عملية تشخيصية تتم من خلال ربط الأحداث ببعضها، والغوص في الغايات المرجوة من القائمين بها ودوافعهم، ومعرفة العلاقات التي تربط أطراف الموضوع وما إلى ذلك من معلومات واقعية. ولذلك فهي تحتمل الحيادية والموضوعية عند القيام بعملية التحليل. فضمن إطار التحليل السياسي، قد يتفق الصيني والمسلم (مثلا) على أن إحدى غايات أمريكا من مشروعها شرق اوسط كبير هو تفتيت المنطقة على اسس طائفية واثنية ، وان احد الاساليب في تنفيذ مشروعها ما يسمى بالثورات الملونة من خلال تثوير الشعوب لاسقاط الانظمة ونشر الفوضى السياسية وايجاد حالة من الفلتان الامني والسياسي وتاجيج التناحر الفكري والسياسي بين ابناء البلد الواحد مما يؤدي الى التفتيت والتقسيم وتدمير البلاد والعباد ، وقد يتفق الروسي والمسلم في ان امريكا هى من وراء اشعال الحرب التي تدور رحاها بين ابناء المسلمين في سوريا تمهيدا وتوطئة لتقسيمها على اسس طائفية وعرقية ، أما ما يتوجب العمل في هذه الحالة، فإن على المسلم ان ينطلق بحسب الحكم الشرعي من خلال كشف سبب المأساة في سوريا وتوضيح واقعها ونتائجها وتبيان ان الانقاذ من هذه المأساة في متناول الايدي اذا تغلب على النفوس الاخلاص الخالص وروعيت تقوى الله فعلى الاطراف كلها بوصفها الاداة التي يستعملها الامريكان وبوصفهم الذين بيدهم انقاذ البلاد وانقاذ الناس من القتل والتدمير ان يمتنع كل بدوره عن القيام باى عمل من الاعمال التي تجري في سوريا فلا هجوم ولا دفاع ولا خصام ولا جدل بل تتوجه هذه الصواريخ والمدافع لتحرير فلسطين كل فلسطين من نهرها الى بحرها من براثن يهود ، الى ان يهىء الله الظرف الذي تسود فيه ثقافة الوعى السياسي عند الامة ويتمكن فيه اهل سوريا من اسقاط النظام بقواهم الذاتية وبدافع ذاتي .
بينما الصيني او الروسي قد يتجه في موقفه اتجاه المشروع الامريكي وبخاصة في سوريا إلى الاستنكار والاعتراض لدى الأمم المتحدة او استخدام الفيتو مثلا أودعم النظام في سوريا لوجستيا وبالعتاد حتى يحول دون سقوطه، ومثل هذا الموقف العملي لا يصح من المسلم الملتزم بأحكام مبدئه، وهنا يختلف العمل السياسي (التطبيقي) باختلاف المبدأ والأحكام العملية المنبثقة عنه، حتى وإن حصل اتفاق على تحليل سياسي. فالعمل السياسي لدى المسلم يتعلق برعاية شؤون الأمة على أساس الأحكام الشرعية، ولذلك فارتباطه بالمبدأ وبالفكر السياسي هو ارتباط وثيق، لا يصح أن ينفك عنه، شأنه في ذلك شأن كافة الأفعال التي يقوم بها المسلم وحسب القاعدة الأصولية: "الأصل بالأفعال التقيد بالحكم الشرعي"، وذلك بغض النظر عن طبيعة هذه الأفعال: سياسية كانت أو اجتماعية أو تعبدية. وعلى عكس المثل السابق: فإن العمل الذي يتوجب على المسلمين القيام به إزاء كيان يهود هو العمل على اجتثاثه بغض النظر عن اتفاق المسلمين على تحليل واقع العلاقة بين أمريكا وإسرائيل مثلا، من حيث أن اسرائيل اداة بيد الامريكان وحكامها عملاء كحكام المسلمين سواء بسواء ، أو أن إسرائيل تدور في فلك السياسة الخارجية الامريكية ، فالتحليل السياسي قد يختلف بين المسلمين إلا أن العمل على أساس الأحكام الشرعية واحد (إلا في الاختلاف الشرعي في استنباط الأحكام الشرعية فيما يحتمل الخلاف، والخلاف في هذه الحالة يبقى ضمن دائرة الإسلام). وعليه
فالفكر والعمل السياسي لا بد وأن ينطلقا من المبدأ ويرتبطا به سواء بعقيدته كمنطلق، أو بأحكامه كمعالجات تتمثل بالأعمال السياسية، أما التحليل السياسي فهو عمليه ذهنية تتعلق بفهم الأحداث الواقعية بحيث ترى من خلالها الحقائق كما هي، مع الحذر من تلوينها باللون الذي يهواه السياسي، وعليه أن يحرص على عدم تدخل ميوله في فهم الآراء والأنباء السياسية، بل تدرك الوقائع إدراكا حسيا كما هي لا كما يرغب أن تكون. ومما لا شك فيه ان التحليل السياسي هو احد مستلزمات معرفة الواقع السياسي وفهم مجريات الاحداث بالتحديد؛ حيث بالتحليل السياسي تكشف النوايا والاهداف، وهذا لا يتأتى الا من خلال التتبع السياسي والوقوف على التفاصيل لفهم الاحداث. لكن ذلك لا يكون كتتبع الصحفي؛ لمعرفة الاخبار، بل بالنظرة اليها من زاوية خاصة لاصدار الحكم الذي ينطبق عليه.
اى بمعنى انه لا يجوز باى حال من الاحوال إهمال تعاطي التحليل السياسي ، أو التفاعل العاطفي البحت مع الأحداث بما يرضي الأمة، دون وعي على ما يجري في العالم، فإن ذلك عمل السطحيين الذين لا يمكن لهم أن يقودوا أمة. بل إن للتحليل السياسي وفهم العلاقات الدولية بين الدول، وتبيان الموقف الدولي وتغيّره، وكشف الخطط والأساليب التي تستخدمها الدول الكافرة في حربها على الإسلام، وتحليل مراكز الدول بالنسبة للدولة الأولى من تابعة أو مستقلة أو دائرة في الفلك، وما إلى ذلك من معلومات عن الواقع السياسي في العالم إلزامي على المسلمين كونهم قد كلّفوا بحمل الدعوة للعالم مما يحتم عليهم الاتصال به وهم واعين لمشاكله ودوافعه، ويتوجب عليهم أيضا إدراك الموقف الحالي في العالم الإسلامي على ضوء فهم الموقف الدولي العالمي ليتمكنوا من التحرك المنتج نحو إقامة الخلافة لا أن يقعوا في المصائد التي تنصب لهم.حيث الارتماء في احضان قيادات عميلة للامريكان رأس الكفر والانسياق ورائها لانجاز جرائم امريكا النكراء، ومن أمثلة ما يتوجب كشفه للأمة أن ما يسمى "الاسلام المتطرف" "والاسلام المعتدل" يأتي في سياق ضرب ما تبقى من المنظومة الثقافية عند ابناء الامة ، وان اثارة النعرات الطائفية والاثنية مثل "سنة" و "شيعة" او "اكراد" و"عرب" او "شمال" و "جنوب" يعني حفر خنادق بين ابناء الامة لا يمكن عقد جسور فوقها تمهيداً وتأسيساً لتغيير الجغرافيا السياسية في منطقة العالم الاسلامي على اسس طائفية واثنية ، وأن الترويج للديمقراطية والدولة المدنية يعني صرف المسلمين عن العمل لإقامة الدولة الإسلامية ، وان المظاهرات والاحتجاجات او العصيان المدني هى اساليب خبيثة ملتوية يدعو لها الامريكان امثال بيتر اكرمان مهندس العصيان المدني ومخطط الحروب الناعمة والثورات البرتقالية والوردية والقرمزية في العالم ، حيث تتوكأ عليها امريكا وعملائها في تنفيذ مخططاتها وجرائمها النكراء كالمشروع الامريكي "شرق اوسط كبير" وبخاصة انها اى امريكا تمتلك ادوات التأثير ومفاتيح الحكم في ما يسمى منطقة العالم الاسلامي....