عبد الواحد جعفر
03-01-2014, 07:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أجوبة أسئلة
أولاً: أحداث تركيا
بالنسبة لفضيحة قضايا الفساد التي أدت إلى استقالة وزراء من حكومة أردوغان وتغييرات وزارية كبيرة، يبدو أن أمريكا وبعض الدول الغربية تقف وراءها من أجل تخفيض نسبة نجاح حزب العدالة والتنمية في الإنتخابات القادمة في آذار/مارس من هذا العام، وما صرح به أردوغان من وجود "مؤامرة أجنبية غامضة" كلام صحيح. لكن السؤال هو لماذا؟
والجواب على ذلك هو أن أميركا تريد تحجيم حزب العدالة والتنمية بعد فوزه في ثلاث انتخابات متوالية وهو ما أدى إلى ارتفاع شعبيته بين الناس.
إن أميركا تخشى من وراء ذلك تمدد التيار الإسلامي مقابل انحسار كبير للتيار العلماني بعد الضربات التي تلقاها جراء تراجع نفوذ العسكر ومحاكمة الإنقلابيين وتفكيك شبكة أرغينيكون المعروفة بـ"الدولة العميقة"، وما يجري في تركيا من إنعاش للتيار العلماني وتضخيم حجمه لإيجاد بعض التوازن مع الحجم الكبير للتيار الإسلامي هو توجه واضح للسياسة الأميركية ينسجم تماماً مع ما يسمى بالديمقراطية التشاركية التي باتت تروج لها بقوة.
وفي اتهام أردوغان للسفير الأميركي في تركيا بالقيام بنشاطات معادية ما يؤكد الدور الأميركي وراء كشف قضايا الفساد داخل الحكومة والإدارة.
ومن الواضح أن جماعة فتح الله غولن التي تحالفت مع حزب العدالة والتنمية مدة السنوات العشر الماضية من أجل التصدي للعلمانيين الإستئصاليين في الجيش والإعلام والإدارة قد أنهت تحالفها هذا. ويبدو أنها تلقت أوامر بذلك من أميركا حيث أن زعيم هذه الجماعة يقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية وهناك علامات استفهام كبيرة حول علاقته بأميركا.
ولعل من أهم الأفكار التي تتبناها هذه الجماعة التي تنشط في إنشاء مدارس التعليم الديني هو الإبتعاد عن "الإسلام السياسي". وقد سبق لهذه الجماعة أن تحالفت في السابق مع تورغوت أوزال وبولنت أجاويد.
ولذلك فإنه من المتوقع أن تتجه الجماعة في الإنتخابات القادمة إلى تأييد حزب الشعب الجمهوري أو أحزاب المعارضة الأخرى مما يؤثر على نسبة التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية. ويبدو أن الحملة الإنتخابية ضد حزب أردوغان قد بدأت بنزول معارضيه إلى الشارع مطالبين باستقالة حكومته كلها وليس مجرد إحداث تغييرات وزارية أو تقديم بعض الوزراء لاستقالاتهم .
ثانياً: أحداث السودان الجنوبي
يبدو أن ما يجري من صراع بين الرئيس سيلفا كير ونائبه السابق رياك مشار لا علاقة له بأي تدخل أجنبي لدعم هذه الفصيل أو ذاك وليس محاولة انقلابية أيضاً رغم أن سلفا كير أراد تصوير الأمر كذلك لجمع الدعم الخارجي حوله.
ما يجري هو صراع داخلي بين طرفين على السلطة. فسيلفا كير سبق وأن عزل رياك مشار من منصبه في تموز/يوليو الماضي بعد أن علم أن هذا الأخير يعد نفسه لخوض الإنتخابات الرئاسية بعد عامين ، فأراد إزاحته من هذا السباق ومن صفوف الحركة الشعبية حتى يقلص حظوظه في الوصول للحكم.
ويعتمد الصراع بين سيلفا كير ورياك مشار على البعد القبلي لكل منهما بشكل أساسي، ففي الوقت الذي تقف فيه قبيلة الدينكا التي تتزعمها أرملة جون قرنق خلف سيلفا كير، تصطف قبيلة النوير وراء أريك مشار حيث يتهم هذا الأخير وباقان أموم سيلفا كير بالدكتاتورية والاستبداد بالقرار والخروج على رؤية الحركة الشعبية.
وقد سارعت أميركا إلى احتواء الصراع بتحريك البعثة الإفريقية وبعض الوزراء الأفارقة من أجل التوفيق بين الطرفين وهددت بوقف المساعدات على دولة الجنوب في حالة عدم التوافق. ولذلك من المتوقع أن يتم احتواء الصراع رغم سيطرة قوات تابعة لرياك مشار على بعض المدن وبخاصة في ولاية الوحدة الغنية بالنفط، وهو لا يريد من وراء ذلك سوى تحسين أوراق تفاوضه مع سيلفا كير. وعليه فالأمر كما يبدو لا يعدو أن يكون صراعاً من أجل الحكم وبخاصة مع اقتراب الإنتخابات الرئاسية.
ثالثاً : أحداث اليمن
أحداث دماج واقتحام مقر وزارة الدفاع، تسلط الأنظار نحو ما تجره القاعدة من مشاكل على اليمن لصرف الانتباه عن بدء تنفيذ خطة الحوار الوطني التي توصلت إلى جعل النظام الإتحادي وتقسيم البلد إلى أقاليم خياراً لحل مشاكل البلاد الرئيسية وأهمها مشكلة جنوب اليمن.
فما تريده أميركا هو حشر الجميع للدخول في العملية السياسية والقبول بنتائج المؤتمر الوطني للمصالحة.
فأحداث دماج التي بادر فيها الحوثيون بالهجوم على أماكن السلفية الجهادية كانت بدعوى أن القاعدة تريد تغيير التركيبة السكانية وإيواء جهاديين من خارج اليمن بحجة التعليم والتدريس.
ومن الواضح أن الحوثيين لا يتحركون من أنفسهم بل بتوجيه واضح من إيران.
أما اقتحام مقر وزارة الدفاع فقد انصب على المستشفى العسكري. وقد برز التشويه الشديد بإبراز القاعدة أنها لا تراعي حتى حرمة المرضى.
وإذا علمنا أن الكثير من عناصر السلفية الجهادية في اليمن كانوا مرتبطين بنظام علي عبد الله صالح الذي ما زال يملك نفوذاً كبيراً داخل البلد، تبين لنا أن الغرض من وراء ذلك تأليب الرأي العام عليهم باعتبار أن أعمالهم تعرقل سير البلاد نحو الإستقرار السياسي وفق الخطة التي تمخض عنها مؤتمر الحوار الوطني، ويروج لها بن عمر في وثيقته.
وما يجري في اليمن هو تنفيذ دقيق لأهداف مشروع الشرق الأوسط الكبير التي ترمي إلى زيادة إضعاف المسلمين بالإمعان في شرذمتهم، وزرع العداوة والبغضاء بينهم.
29/صفر/1435هـ
1/ 1/ 2014م
أجوبة أسئلة
أولاً: أحداث تركيا
بالنسبة لفضيحة قضايا الفساد التي أدت إلى استقالة وزراء من حكومة أردوغان وتغييرات وزارية كبيرة، يبدو أن أمريكا وبعض الدول الغربية تقف وراءها من أجل تخفيض نسبة نجاح حزب العدالة والتنمية في الإنتخابات القادمة في آذار/مارس من هذا العام، وما صرح به أردوغان من وجود "مؤامرة أجنبية غامضة" كلام صحيح. لكن السؤال هو لماذا؟
والجواب على ذلك هو أن أميركا تريد تحجيم حزب العدالة والتنمية بعد فوزه في ثلاث انتخابات متوالية وهو ما أدى إلى ارتفاع شعبيته بين الناس.
إن أميركا تخشى من وراء ذلك تمدد التيار الإسلامي مقابل انحسار كبير للتيار العلماني بعد الضربات التي تلقاها جراء تراجع نفوذ العسكر ومحاكمة الإنقلابيين وتفكيك شبكة أرغينيكون المعروفة بـ"الدولة العميقة"، وما يجري في تركيا من إنعاش للتيار العلماني وتضخيم حجمه لإيجاد بعض التوازن مع الحجم الكبير للتيار الإسلامي هو توجه واضح للسياسة الأميركية ينسجم تماماً مع ما يسمى بالديمقراطية التشاركية التي باتت تروج لها بقوة.
وفي اتهام أردوغان للسفير الأميركي في تركيا بالقيام بنشاطات معادية ما يؤكد الدور الأميركي وراء كشف قضايا الفساد داخل الحكومة والإدارة.
ومن الواضح أن جماعة فتح الله غولن التي تحالفت مع حزب العدالة والتنمية مدة السنوات العشر الماضية من أجل التصدي للعلمانيين الإستئصاليين في الجيش والإعلام والإدارة قد أنهت تحالفها هذا. ويبدو أنها تلقت أوامر بذلك من أميركا حيث أن زعيم هذه الجماعة يقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية وهناك علامات استفهام كبيرة حول علاقته بأميركا.
ولعل من أهم الأفكار التي تتبناها هذه الجماعة التي تنشط في إنشاء مدارس التعليم الديني هو الإبتعاد عن "الإسلام السياسي". وقد سبق لهذه الجماعة أن تحالفت في السابق مع تورغوت أوزال وبولنت أجاويد.
ولذلك فإنه من المتوقع أن تتجه الجماعة في الإنتخابات القادمة إلى تأييد حزب الشعب الجمهوري أو أحزاب المعارضة الأخرى مما يؤثر على نسبة التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية. ويبدو أن الحملة الإنتخابية ضد حزب أردوغان قد بدأت بنزول معارضيه إلى الشارع مطالبين باستقالة حكومته كلها وليس مجرد إحداث تغييرات وزارية أو تقديم بعض الوزراء لاستقالاتهم .
ثانياً: أحداث السودان الجنوبي
يبدو أن ما يجري من صراع بين الرئيس سيلفا كير ونائبه السابق رياك مشار لا علاقة له بأي تدخل أجنبي لدعم هذه الفصيل أو ذاك وليس محاولة انقلابية أيضاً رغم أن سلفا كير أراد تصوير الأمر كذلك لجمع الدعم الخارجي حوله.
ما يجري هو صراع داخلي بين طرفين على السلطة. فسيلفا كير سبق وأن عزل رياك مشار من منصبه في تموز/يوليو الماضي بعد أن علم أن هذا الأخير يعد نفسه لخوض الإنتخابات الرئاسية بعد عامين ، فأراد إزاحته من هذا السباق ومن صفوف الحركة الشعبية حتى يقلص حظوظه في الوصول للحكم.
ويعتمد الصراع بين سيلفا كير ورياك مشار على البعد القبلي لكل منهما بشكل أساسي، ففي الوقت الذي تقف فيه قبيلة الدينكا التي تتزعمها أرملة جون قرنق خلف سيلفا كير، تصطف قبيلة النوير وراء أريك مشار حيث يتهم هذا الأخير وباقان أموم سيلفا كير بالدكتاتورية والاستبداد بالقرار والخروج على رؤية الحركة الشعبية.
وقد سارعت أميركا إلى احتواء الصراع بتحريك البعثة الإفريقية وبعض الوزراء الأفارقة من أجل التوفيق بين الطرفين وهددت بوقف المساعدات على دولة الجنوب في حالة عدم التوافق. ولذلك من المتوقع أن يتم احتواء الصراع رغم سيطرة قوات تابعة لرياك مشار على بعض المدن وبخاصة في ولاية الوحدة الغنية بالنفط، وهو لا يريد من وراء ذلك سوى تحسين أوراق تفاوضه مع سيلفا كير. وعليه فالأمر كما يبدو لا يعدو أن يكون صراعاً من أجل الحكم وبخاصة مع اقتراب الإنتخابات الرئاسية.
ثالثاً : أحداث اليمن
أحداث دماج واقتحام مقر وزارة الدفاع، تسلط الأنظار نحو ما تجره القاعدة من مشاكل على اليمن لصرف الانتباه عن بدء تنفيذ خطة الحوار الوطني التي توصلت إلى جعل النظام الإتحادي وتقسيم البلد إلى أقاليم خياراً لحل مشاكل البلاد الرئيسية وأهمها مشكلة جنوب اليمن.
فما تريده أميركا هو حشر الجميع للدخول في العملية السياسية والقبول بنتائج المؤتمر الوطني للمصالحة.
فأحداث دماج التي بادر فيها الحوثيون بالهجوم على أماكن السلفية الجهادية كانت بدعوى أن القاعدة تريد تغيير التركيبة السكانية وإيواء جهاديين من خارج اليمن بحجة التعليم والتدريس.
ومن الواضح أن الحوثيين لا يتحركون من أنفسهم بل بتوجيه واضح من إيران.
أما اقتحام مقر وزارة الدفاع فقد انصب على المستشفى العسكري. وقد برز التشويه الشديد بإبراز القاعدة أنها لا تراعي حتى حرمة المرضى.
وإذا علمنا أن الكثير من عناصر السلفية الجهادية في اليمن كانوا مرتبطين بنظام علي عبد الله صالح الذي ما زال يملك نفوذاً كبيراً داخل البلد، تبين لنا أن الغرض من وراء ذلك تأليب الرأي العام عليهم باعتبار أن أعمالهم تعرقل سير البلاد نحو الإستقرار السياسي وفق الخطة التي تمخض عنها مؤتمر الحوار الوطني، ويروج لها بن عمر في وثيقته.
وما يجري في اليمن هو تنفيذ دقيق لأهداف مشروع الشرق الأوسط الكبير التي ترمي إلى زيادة إضعاف المسلمين بالإمعان في شرذمتهم، وزرع العداوة والبغضاء بينهم.
29/صفر/1435هـ
1/ 1/ 2014م