المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشروع الشرق الاوسط ليس لقيطا



ابو الارقم
16-11-2013, 10:32 PM
مشروع الشرق الاوسط الكبير ليس لقيطاَ .
اتخذت الولايات المتحدة من احداث سبتمبر سنة 2001 ، ذريعة للهجوم على الاسلام وشنت حربين مدمرتين على افغانستان والعراق بحجة تجفيف منابع الارهاب ، واعتبرت ان التربة الفكرية في الشرق الاوسط هي التي انبتت الارهاب الدولي وأن الحل يكمن بإعادة صياغة الشرق الاوسط على اساس قيم الغرب ووجهة نظره في الحياة . وقد اعلن جورج بوش في خطاب النصر على العراق بان الولايات المتحدة ستغير "إيديولوجيا الشرق الاوسط" ، وبطبيعة الحال لا يقصد إيديولوجيا الانظمة لانها لا تحكم بالإسلام ولكنه يقصد تغيير عقيدة المسلمين . وبالتالي فإن مشروع الشرق الاوسط الكبير ليس مشروعا لقيطا وانما جرى التحضير له من قبل الولايات المتحدة، حيث قدمت مبادرتها للدول الصناعية الثماني تحت عنوان واضح وصريح وهو "مبادرة الاصلاح السياسي للشرق الاوسط الكبير" ، وطلبت بنفس الوقت من القمة العربية المنعقدة بتونس سنة 2004 ان ترد على تلك المبادرة ، وتحفظت حينها انظمة كل من مصر والسعودية وسوريا على مضمون الاصلاح لانه يستهدف الأساس الذي تقوم عليه بلدانهم . بل ظهرت مؤشرات من قبل مبارك والقذافي وعلي عبدالله صالح تفصح عن نيتهم توريث السلطة لأبنائهم وهو ما زاد في احتقان الاجواء السياسية الملبدة والمأزومة اصلا بسبب ما خلفته سياسة مكافحة الارهاب من تداعيات على المنطقة. ولم يستجب مبارك للمطلب الامريكي بتوسيع مشاركة الاخوان في الحياة السياسية من خلال البرلمان وزوّر الانتخابات النيابية سنة 2010 بشكل فاضح حيث بثت قناة الجزيرة كيف وظف النظام "البلطجية" لمنع مؤيدي الاخوان في التوجه لصناديق الاقتراع ، في حين تلكأ النظام السوري في الاصلاحات ولم يتقدم الا بخطوات خجولة لا تتجاوز الدعاية الاعلامية لبشار ، في تلك الاثناء كانت امريكا تُعد ادوات التغيير من طاقات شبابية وجمعيات وهيئات اعلامية ومثقفين واكاديميين بواسطة مشروع الشراكة الامريكية الشرق اوسطية ، حيث انفقت المبادرة ما يزيد على 600 مليون دولار للأكثر من الف مشروع تديرها مكاتب المبادرة في واشنطن وابوظبي وتونس وتصب جميعها في برامج ترسيخ القيم الديموقراطية مثل حرية التعبير وحرية العقيدة والمساواة وحقوق المرأة وغيرها ، وقد نشط في دول "الربيع العربي" ما يقارب 11 الف ممن استفادوا من تلك المبادرة وفي طليعتهم توكل كرمان من اليمن واسراء عبد الفتاح "فتاة الفيس بوك" والدكتورة عزة كامل من مصر ، بالاضافة للعشرات الذين لمعت اسماؤهم في اجواء "الربيع العربي" . الا ان الاخطر من ذلك هو تواطئ القوى الاسلامية "الوسطية والمعتدلة" من الاخوان المسلمين والتيار السلفي التقليدي "العلمي" على مشروع اقتلاع الاسلام وتوطين العلمانية في بلاد المسلمين ، فصوّروا خريف الحكام الذين استهلكوا في العمالة والخيانة بانه ربيع لشعوب المنطقة مختزلين بذلك قضية الامة باستبدال الحاكم وليس النظام وخلاص الامة بوصولهم الحكم وليس الاسلام . وبالتالي ادخلوا الامة في معركة ليست هي معركتها وقضية ليست قضيتها وزجوها بكفاح رخيص لا يوصل الى شهادة في سبيل الله وانما الى فتنة واقتتال بين ابناء الامة كما رأينا في ليبيا واليمن، بل واباحوا الاستعانة بالكفار لقتل ابناء دينهم دون اكتراث للإملاءات التي ستفرضها امريكا على المنطقة ومستقبلها . ولا يظنن احد اننا نرفض تحرك الامة لاسترداد سلطانها ولكن نريد ان تثور الامة من اجل سيادة الشرع وليس سيادة الشعب وأن ترتكز في ثورتها على إفراد القيادة لمن تعطيه بيعتها ليقيم دولتها، وبغير ذلك لا تكون قد سارت بالطريق الشرعي القويم الموصل الى الغاية . ما يجب ان يعلمه المسلمون ان الحركات "الوسطية" هي شريك للغرب في توطين الكفر في بلاد الاسلام ، وان تلك الحركات لا تستحق قيادتهم ، لانها غُرّبتْ عن دينها ويراد لها ان تحرف الامة عن عقيدتها ، فقد طوعّت الاسلام ليتفق مع عقيدة فصل الدين عن الحياة ، ولا ادل على ذلك من اقرار الاخوان المسلمين لدستور توافقي علماني في مصر وتعريف النهضة لنفسها بانها حركة ديمقراطية مدنية ، اما حزب العدالة والتنمية في المغرب فأدهى وأمرّ، فقد اقر في مؤتمره السادس في تموز 2012 ، بانه ينظر الى الدولة بانها "دولة مدنية ذات مرجعية اسلامية .... وقانون مرجعيته العليا المرجعية الاسلامية والمعايير الكونية للحقوق والحريات المتعارف عليها عالميا والمقررة دستوريا وصياغته صياغة بشرية وضعية تتغير بتغير الظروف والاحوال ويتطور مع التطورات الحياتية البشرية" ويكفي "الحركات الوسطية الاسلامية" خزيا أنها استحقت ثناء القوى العلمانية حيث وصفوها بأنها تمكّنتْ من " وضْعَنة الشريعة الاسلامية" .
16\11\2013
abu usaid