المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسار الربيع العربي - الجزء الثالث



أسيد
04-11-2013, 08:12 PM
إن استعداد النظام السوري للتفريط بالسلاح الكيماوي يدل على تخلي نظام الأسد عن سياسة التنقل بين تهديد المصالح وتأمين المصالح التي اتخذها وسيلة للحفاظ على بقائه خصوصاً بعد التجريف السياسي الذي تقوم به الولايات المتحدة فيما يسمى بالربيع العربي، كما يدل على استسلامه ورضوخه للخروج الآمن بعد انقضاء فترة رئاسته منتصف العام القادم ما لم يتطلب بقاؤه مدة أطول لتمهيد الطريق أمام نظام موال لأمريكا، وفي هذه الأثناء تكون الولايات المتحدة قد أعدت نظاماً توافقياً بين كافة أطياف المجتمع وتياراته الفكرية والسياسية يمنع وصول من يسمون بالقوى الراديكالية إلى الحكم.

وتغيير النظام في سوريا سيكون فتحاً سياسياً لأمريكا على صعيد مشروع الشرق الأوسط الجديد لأن المانع من تمرير عملية سلام متكاملة مع اليهود قد انتفى باستعادة سوريا إلى الحظيرة الأمريكية بعدما انفلت نظام بشار من عقاله خصوصا بعد إذلاله وإخراجه من لبنان، لقد كان النظام السوري الطائفي يبرر وجوده وبقاءه بشعار الممانعة والمقاومة التي تطلبت منه احتضان التنظيمات المسلحة ودعمها لعرقلة مشروع التسوية في المنطقة واستخدامها كورقة للتلاعب بها على حبال المصالح الغربية لضمان بقائه في الحكم، وإعادة صياغة النظام السوري من قبل أمريكا على أساس التوافق الديمقراطي ومفاهيم السلام وحسن الجوار سيجعل من شعارات الممانعة والمقاومة جزءا من الماضي وسيفتح الطريق أمام تسوية قضية الجولان إلى جانب باقي القضايا ذات الصلة بمسار التسوية في المنطقة ومنها قضية الأكراد التي تعيق الترتيبات السياسية في تركيا وتأهيلها للانضمام إلى أوروبا بالإضافة إلى تفكيك التحالف مع نظام المالكي وحزب الله الذي فرض واقعا سياسيا مكن إيران من نفوذ يقوي موقفها الإقليمي ويجنبها الإذعان لإرادة أمريكا عند تضارب المصالح في الإقليم خصوصا في البعد المذهبي والقومي الذي يهدد استقرار المنطقة سياسيا، أما ما يتراءى للبعض من احتمال بقاء بشار في السلطة بعدما تنفس الصعداء بعدول أمريكا عن ضربه عسكريا، فليس صحيحا، لأن بقاءه سيخل بالأساس الذي يقوم عليه مشروع الشرق الأوسط كما سيعيد لإيران حساباتها السياسية ويبقيها مصدر قلق على مستقبل المنطقة التي تمثل الركيزة الأهم في زعامة أمريكا وتفوقها الاقتصادي على العالم، كما لا نتوقع أن يتمرد بشار على إرادة أمريكا مجددا بعدما أصبحت تجف الروافد الإيديولوجية والسياسية والعسكرية لبقائه خصوصا أنه يمتاز بالجبن وسرعان ما ينبطح عندما يشعر بجدية أمريكا في معاقبته كما حصل في إخراجه ذليلا مهانا من لبنان. وأما تظاهر السعودية بالغضب والحرد عن تسلم موقعها في مجلس الأمن فإنها تعبر عن عدم رضاها عن سياسة أمريكا في مشروع الشرق الأوسط الجديد لأنها ستبدو معزولة في وسط عالم من الحرية والديمقراطية من حولها وكأنها نظام فظ غليظ يعيش خارج التاريخ ومن شأن ذلك أن يؤجج السخط الشعبي والمطالبة بالتغيير للتنعم بالربيع الذي هبت نسائمه على شعوب المنطقة كما يشاع، لذلك قامت مع الإمارات بدعم الدولة العميقة في مصر وكافة القوى العلمانية في دول "الربيع العربي" لتعكس الصورة في ذهن مواطنيها عن مفهوم التغيير الذي سقطت أوراقه في الربيع. ولكنها وهي تقدم احتجاجها لأمريكا إنما تقدمه بصورة تخدم مصالح الولايات المتحدة، فاعتراضها على التعامل الليّن بدل العصا الغليظة مع بشار وإيران في هذا التوقيت بالذات وهو وصول روحاني للحكم في إيران ومغازلته أمريكا وإسرائيل بالإضافة إلى إذعان بشار لإرادة أمريكا من شأنه أن يعزز التقارب المطلوب من إيران وسوريا مع الولايات المتحدة ويوفر لبشار وروحاني غطاءا سياسيا وانتصارا دبلوماسيا على السعودية ومعسكر السنة أمام الرأي العام في بلدانهم، باعتبار السعودية وأهل السنة هدفا لأعمالهم السياسية الخارجية. وهذا يسير على قاعدة إخراج الجميع منتصرا وفق الفلسفة الأمريكية لا سيما في التعامل مع عبد آبق كبشار الأسد من أجل إعادته الى الحظيرة والتخلص منه في الوقت المناسب بعد الاستفادة منه في ملفات المنطقة خاصة الملف اللبناني.

يتبع إن شاء الله