المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرة سياسية من واشنطن



بوفيصيل
30-10-2013, 04:33 AM
نظرة على "اللجنة الطارئة من أجل إسرائيل"
مروة عبد العزيز –تقرير واشنطن
على الرغم من إعتقاد البعض بخبو نجم المحافظين الجدد في أعقاب رحيل إدارة جورج بوش الإبن وتولى باراك أوباما سدة الحكم في الولايات المتحدة , لكن هذا الاعتقاد يبدو خاطئا . وذلك لأن تراجع تأثيرهم بدأ في النصف الثاني من إدارة بوش عام 2006 وحتى عام 2008, بسبب فوزالديمقراطيين بأغلبية الكونجرس والتحولات التي طرأت على سياسة إدارة بوش خاصة تجاه الإهتمام بشكل أكبر بالقضايا الخاصة بالتعاون الدولي متعدد الأطراف ; بالإضافة لوجود إدارة ديمقراطية محل الإدارة الجمهورية السابقة لها توجهات مختلفة لايعني إنتهاء تأثيرهم الفكري على عملية صنع السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية . وتعزى إستمرارية وبقاء هذا التيار على الساحة السياسية الأمريكية إلى أن لديه رؤية وتوجه شامل للسياسات الأمريكية , ويتوقف مدى قوة وضعف نفوذه على الظروف والأحوال الموجودة على الساحة السياسية ; ومدى ارتباط أي موقف أو توجه يتخذونه بمصالحهم. كذلك من أهم العوامل التي تؤثر في طبيعة وحجم نفوذ هذا التيار الأدوات والآليات التي يطوعها لترويج أفكاره , ومن أهم هذه الأدوات : المراكز والمؤسسات البحثية التي تروج وتدافع عن فكر هذا التيار مثل : معهد أمريكان إنتربرايز , ومؤسسة هيرتيج , ومشروع القرن الأمريكي الجديد والذين أنشيء بالأساس من قبل أقطاب المحافظين الجدد عام 1997 لحث إدارة كلينتون على غزو العراق وإسقاط نظام صدام حسين . بالإضافة أن هذا التيار يتسم بالتنظيم االدقيق في نشر أفكاره ومبادئه في الساحة السياسية الأمريكية وتوصيلها أيضا للرأي العام من خلال الصحف والمجلات التي يسطيرون عليها مثل : "مجلة كومنتري , والويكلي ستاندرد , وناشونال ريفيو , و نيو ريبابلك "بالإضافة للظهور في المحطات التلفزيونية المختلفة كمحللين ومعلقين على الأحداث. وكذلك العمل على نشر كوادرهم في أماكن صنع القرار المختلفة للترويج لمبادئهم من خلال الاستفادة من خاصية " الباب الدوار" التي تسمح لخبراء مراكز الأبحاث بالتأثير على عملية صنع السياسات حتى بعد خروجهم من مناصبهم القيادية في مؤسسات صنع القرار المختلفة وعودتهم مرة أخرى للمراكز التي جاءوا منها, وهذا ينطبق بشكل كبير على المحافظين الجدد.

ونجد أن الأفكار السياسية التي يؤمن بها من ينتمي لهذا التيار لاتقتصر فقط على الجمهوريين وإنما تمتد إلى الديمقراطيين أيضا , فيوجد داخل الحزب الديمقراطي ما يسمى ب " الديمقراطي - الديمقراطيون الجدد" أو "الديمقراطيون المحافظون الجدد" وهو جناح يتبني أفكارا قريبة من أفكار المحافظين الجدد مثل الدعوة إلى زيادة القوات في أفغانستان ومعارضة الانفتاح الأمريكي والحوار مع إيران، ومعارضة فتح تحقيقات في إساءات وانتهاكات إدارة بوش الابن لحقوق الإنسان في حربها على الإرهاب. والكثير منهم قريب من أقرانهم في الحزب الجمهوري (معقل الفكر المحافظ). وكثير من متبني أفكارهم أضحوا مسئولين كبار في إدارة أوباما مثل وزيرة للخارجية "هيلاري كلينتون" التي تصف نفسها أنها "صقر عسكري" ونائبه "جوزيف بايدن" والسفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة "سوزان رايس"، فعلي سبيل المثال هم يدعون إلى ضرب السودان عسكريا بدلا من التركيز على الحل الدبلوماسي، ويدعون إلى أكبر حشد لمعارضة حكومة البشير. ناهيك عن دعوة بايدن لتقسيم العراق إلى ثلاث دول منفصلة. بالإضافة إلى "دينس روس" و"رتشارد هولبروك" اللذين أنشا مجموعة "متحدون ضد إيران النووية" ".( منار الشوربجي , جريدة البيان الإماراتية, يوليو,2010, منقولا عن http://www.islamweb.net/media/print.php?id=159861)


وانطلاقا من رؤية المحافظين الجدد بأن العالم مليء بالمخاطر والتهديدات للأمة الأمريكية , فهم يرون أنه لابد من تشكيل سياسات لصد هذه المخاطر. ولذلك أنشأ آباء هذا التيار في السبعينات لجنة تسمى " لجنة الخطر الراهن " , والتي كانت تهدف لمواجهة ومعارضة سياسة الوفاق التي تبناها بعض الساسة الأمريكيون للتعامل مع الإتحاد السوفيتي, من منطلق أن الشيوعية يبنغي القضاء عليه بشتى الوسائل. وفي عام 2000, قام الجيل الثاني من هذا التيار بإصدار كتاب " الخطرالراهن" والذي صدر قبيل تولي جورج بوش الإبن السلطة وكان الهدف منه هو حث الإدارة على استغلال فرصة الهيمنة الأمريكية- التي ظهرت بانهيار الاتحاد السوفيتي- وتحويلها إلى هيمنة على العالم. ووضع المحافظون الجدد في هذا الكتاب خلاصة أفكارهم التي أخذت بها إدارة بوش فيما بعد مثل: الحرب الاستباقية , وتغيير النظم - والتي نفذت من خلال الحرب على العراق - " وقد احتوى الكتاب كذلك على أفكار حول إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط تحديداً، وتسوية القضية الفلسطينية وفق الشروط الإسرائيلية وحدها". ( منار الشوربجي,2010).

وقبيل انتهاء فترة جورج بوش الإبن , وتحديدا في عام 2006 , بدأ نفوذ المحافظين الجدد يتراجع شيئا فشيئا , وبلغت ذروة هذا التراجع عندما أعلن فرانسيس فوكوياما أحد أقطاب هذا التيار عن تراجعه عن كل مايؤمن به من مباديء المحافظين الجدد , بالإضافة إلى تقديم أقطاب المحافظين الجدد الذين عينهم بوش في فترته الأولى استقالاتهم من مناصبهم , إلى أن خبا نجم هذا التيار قي عام 2008 مع وصول إدارة أوباما إلى سدة الحكم.

ولكن سرعان ما عاد هذا التيار إلى الساحة مرة أخرى لممارسة تأثيره ونفوذه على إدارة أوباما , من خلا ل إنشاء مايعرف ب" اللجنة الطارئة من أجل إسرائيلThe Emergency Committee for Israel". وهذه اللجنة تم إنشاؤها على غرار اللجان والمشاريع والمبادرات السابقة التي تم إنشائها اعتقادا منه أقطابه بوجود خطر يهدد المصالح الأمريكية ; وأن الخطر الحقيقي على إسرائيل تمثله إدارة أوباما . وتضم هذه الجنة أعضاء من التيار المحافظ الجديد والتيار اليمني الأصولي اللذان يؤيدان إسرائيل بشدة رغم اختلافاتهما الفكرية . وتهدف هذه المنظمة إلى مهاجمة إدارة أوباما بسبب سياستها في التعامل مع إسرائيل ,والتي يصفها أعضاء المنظمة بأنها عدوانية, بسبب المطالبات القوية من إدارة أوباما لحكومة نيتنياهو بوقف وتجميد المستوطنات والبدء في محادثات السلام مع الفلسطينيين. وتعتبر هذه اللجنة أول حملة علنية لمهاجمة مؤسسة الرئاسة تقم بها منظمات مؤيدة لإسرائيل –والتي تفضل العمل في سرية – ولكن يبدو أن المستهدفين من هذه الحملة ليست الإدارة الأمريكية وحدها ولكن كل التيارات والمؤسسات التي لاتدعم إسرائيل بشكل قوي مثل رموز الحزب الديمقراطي من الليبراليين , وبعض المنظمات اليهودية مثل "جي ستريت" . ووفقا لموقع اللجنة على الإنترنت , يؤكد مؤسسوها على أن الهدف منها هو تعريف وتوعية الرأي العام الأمريكي - الذي بدأ يتزايد سخطه من السياسات والممارسات الإسرائيلية الوحشية- وتزويدهم بالمعلومات التي يحتاجونها ليتأكدوا بأن المسئولين المنتخبين من قبلهم يعملون على تقوية علاقات الولايات المتحدة بإسرائيل .

ويتحدث مؤسسو اللجنة عن الأخطار والتحديات التي تواجهها إسرائيل في الوقت الراهن –وبخاصة الإرهاب- المدعوم من الدول المعادية لإسرائيل التي ترفض الإعتراف بها, فإيران مستمرة في تصنيع أسلحتها النووية وتدعم الجماعات المسلحة –وعلى رأسها حماس في قطاع غزة- التي ترفض الرجوع عن العنف وكذلك ترفض الأعتراف بإسرائيل . وبالنسبة لسوريا فهي مستمرة في دعم إرهابيي حزب الله في لبنان . وعلى حسب قول مؤسسي اللجنة فإنه بالرغم من هذه التهديدات , فإن إسرائيل قدمت تنازلات غير مسبوقة من أجل السلام من خلال الإنسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة, ودعم إقامة دولة فلسطينية , وعرضها الدخول في مفاوضات غير مشروطة مع الفلسطينيين . ومع ذلك , مازلت الإدارة الأمريكية الحالية تطالب إسرائيل بمزيد من التنازلات وتضعط الحكومة الإسرائيلية في ذلك ; ولكن –على حد قولهم- فإن سياسة وضع مطالب على طرف واحد من أطراف القضية لن يحقق أي تقدم في عملية السلام ويجعل " أعداء إسرائيل" أكثر جرأة.
ولذلك فإن "اللجنة الطارئة من أجل إسرائيل" سوف تعمل على دعم المرشحين في إنتخابات التجديد النصفي للكونجرس الذين يسعون للحفاظ على قوة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية والملتزمين بالحفاظ على أمن إسرائيل . وستعمل اللجنة على المشاركة في نقاش عام حول السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل , وستعلم الرأي العام بكل ما يتعلق بالتصويت والدعم لمرشحيهم, وتصريحاتهم , وكل ما يخص نشاطهم ليكونوا مسئولين أمام ناخبيهم المؤيدين لإسرائيل.
وعلى رأس المؤسسين لهذه اللجنة ويليام كريستول William Kristol محرر الويكلي ستاندرد – لسان حال المحافظين الجدد – و جاري بايورGary Bauer وزير التعليم في عهد ريجان ومستشاره للشئون الداخلية, ومن أشد مناصري إسرائيل . وهو مرشح رئاسي سابق , ويرأس حاليا جماعة تتكون من مجموعة من المحافظين الجدد والمسيحيين الصهيونيين تسمى ب " القيم الأمريكيةAmerican Values’". ومن أهم المؤسسين لهذه اللجنة أيضا , راشيل إبرامز Rachel Abrams – زوجة إليوت إبرامز الصقر المحافظ الشهير –والكاتبة بالويكلي ستادرد والوول ستريت جورنال والناشطة السياسية, وغيرهم من أقطاب هذا التيار.

وكان الهدف الأساسي لللجنة هو مهاجمة كل من لايدعم إسرائيل أو ينتقد سياساتها. فلقد شنت اللجنة هجوما ضاريا على المرشح الديمقراطي لعضوية مجلس النواب عن ولاية بنسلفانيا جو سيستك Joe Sestak’s والذي وقع على خطاب للكونجرس يحث إسرائيل على فك حصارها على غزة ولم يوقع خطابا آخر يؤكد على قوة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية . كذلك من ضمن الإتهامات الموجهة إليه إقامة علاقات مع مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية " كير" CAIR, the Council on American-Islamic Relations – والتي يرى المحافظون الجدد أنها معادية لإسرائيل وتدعم حماس- وتقديم تمويلا لها. وكان هذا الهجوم من خلال إعلان تلفزيوني أذيع يوم 13 يوليو2010 ينتقد دعم سيستك لمنظمة كير وتوقعيه على خطاب الكونجرس الذي يتهم إسرائيل بممارسة " عقابا جماعيا" على شعب غزة من خلال الحصار . ويتساءل المعلق على الإعلان : " هل يفهم النائب سيستك أن إسرائيل حليف للولايات المتحدة؟ تحدث إلى النائب واطلب دعمه لإسرائيل وتقديم التمويل اللازم لللجنةالطارئة من أجل إسرائيل".

وفي رد فعله على على هذا الإعلان, أكد سيستك ومساعدوه على أن ماجاء بهذا الإعلان ليس صحيحا وأنه –أي سيستك- لم يقدم دعما ماديا لمجلس العلاقات الإسلامية " كير" ; وإنما قام بإلقاء خطاب في حفل لها عام 2007 . كذلك فإن هذه المنظمة لم تكن يوما جبهة داعمة لحماس ولم تتهم بدعم الإرهاب. وبالنسبة للخطاب الخاص بانتقاد إسرائيل لممارسة العقاب الجماعي على شعب غزة من خلال الحصار, أكد أنه وقع على خطاب به جملة " العقاب الجماعي " لكنه لم يحتوى على أيه إدانة لإسرائيل ; وأنه أيضا يردد في كثير من المناسبات على أن إسرائيل هي حليف حيوي للولايات المتحدة وأنه وقع على كثير من خطابات الكونجرس التي تؤكد على ذلك .

ويرى المعلقون , أن هذا الإعلان ماهو إلاهجوما بالوكالة proxy fight على إدارة أوباما وسياستها تجاه الشرق الأوسط ; وأن الجمهور المستهدف من هذا الإعلان ليسوا الناخبين اليهود في فيلادليفيا وضواحيها , الذين يريدون أن يكونوا دائرة ديمقراطية معتمد عليها ومصدر مهم للتبرعات للحملة الإنتخابية . لكن الهدف هو دعم المحافطين الجدد والمسيحين الأصوليين " الإنجليين" للمرشح الجمهوري المنافس لسيستك بات تومي Pat Toomey .

وفي المقابل , قامت منظمة " جي ستريت J Street " بعمل إعلان مضاد يدافع عن سيستك والذي أكد أن اليمين المتشدد هاجم سيستك على حساب إسرائيل و أنهم تغافلوا دوره في دعمه من خلال تصويته على المعونة المقدمة لها. ويؤكد الإعلان أن النائب يؤيد جهود الإدارة الأمريكية لإنهاء الصراع الفلسطيني –الإسرائيلي كما يؤيد حل الدولتين.

بوفيصيل
30-10-2013, 04:38 AM
ويرى المعلقون أن هذا الإعلان الذي قدمته جي ستريت نجح في الدفاع عن جوسيستك ; كما أن إظهار تأييده لسياسة الرئيس الأمريكي بشأن القضية الفلسطينية يعتبر شيئا إيجابيا يدعم موقفه في الإنتخابات القادمة -وفقا للمنظمة- .

وفي النهاية , هل ينجح المحافظون الجدد في تعبئة الرأي العام الأمريكي ضد إدارة أوباما , وقلب الطاولة واستعادة النفوذ الجمهوري على الكونجرس ليتم تقييد إدارة أوباما فيما تتخذهمن سياسات وخاصة فيما يتعلق بالتعامل إسرائيل والقضية الفلسطينية.

بوفيصيل
17-11-2013, 04:52 AM
كيفية إصلاح الاتفاق النووي مع إيران
دينيس روس
نيو ريبليك
11 تشرين الثاني/نوفمبر 2013
مع وصول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ووزراء آخرين إلى جنيف في نهاية الأسبوع الماضي، ارتفعت التوقعات بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق محدود حول البرنامج النووي الإيراني. وذلك لم يحدث، غير أن الاجتماع التالي تقرر انعقاده بالفعل في 20 تشرين الثاني/نوفمبر، ورغم أن النقاش سوف يحتدم على الأرجح حول ما إذا كان التوصل إلى اتفاق محدود له معنى في الوقت الراهن، إلا أن هناك فائدة من الرجوع خطوة إلى الوراء والسؤال عما يمكن تحقيقه في هذه المرحلة وما يمكن أن يجعل ذلك الاتفاق مقبولاً.
وبادئ ذي بدئ، تجدر الإشارة إلى أن سياسة "التجميد مقابل التجميد" كانت اقتراحاً تقدم به خافيير سولانا، الذي كان ممثلاً للاتحاد الأوروبي وسعى إلى بدء محادثات مع نظرائه الإيرانيين في عام 2007. وكانت الفكرة تقوم على أن يجمد الإيرانيون تطوير برنامجهم النووي - أي تخصيب اليورانيوم وإنتاج أجهزة الطرد المركزي - مقابل تجميد العقوبات على إيران. وفي ذلك الوقت، لم يكن البرنامج النووي الإيراني قد نجح في تجميع مواد تكفي لصنع حتى ولو قنبلة واحدة وكان عدد أجهزة الطرد المركزي لديها ضئيل مقارنة بالأجهزة المركبة والعاملة اليوم - وفي حين دعمت إدارة بوش ذلك الاقتراح، إلا أنه لم يكن جزءاً من المفاوضات الأوروبية الثلاث المباشرة مع الإيرانيين.

ولم يقبل الإيرانيون مطلقاً فكرة "التجميد مقابل التجميد"، رغم أنه كان متصوراً لها أن تكون خطوة أولى في عملية للتوصل إلى اتفاق أوسع. واليوم، فإن إدخال تغيير على فكرة التجميد مقابل التجميد، أيضاً كخطوة أولى في عملية، قد تكون وشيكة. ويقيناً إن الحقائق مختلفة كثيراً عما كانت عليه منذ ستة أعوام. فاليوم إن الولايات المتحدة منخرطة بقوة في المفاوضات؛ وقد جمعت إيران يورانيوم مخصب يكفي لتصنيع ست قنابل، وأنتجت نحو 19000 جهاز طرد مركزي، من بينها ما يزيد عن ألف من الجيل المقبل من أجهزة الطرد المركزي ir-2 ، التي ربما تكون فعاليتها خمسة أضعاف فعالية الأجهزة السابقة ir-1؛ وهي تبني محطة مياه ثقيلة قادرة على إنتاج البلوتونيوم. وبطبيعة الحال، وعلى عكس السنوات الست السابقة، يرزخ الإيرانيون تحت وطأة العقوبات الاقتصادية غير المسبوقة.

إن الاتفاق الذي تم التمهيد له في جنيف والذي قد يظهر للنور قريباً ربما لا يوصف بأنه تجميد مقابل تجميد وإنما "سقف مقابل سقف" - بمعنى أنه سيكون هناك سقف على البرنامج النووي الإيراني وسقف على العقوبات الجاري فرضها على الإيرانيين. وسوف يعلق الإيرانيون بصفة أساسية تخصيب اليورانيوم حتى 20 في المائة، ثم سيبدأون في عملية تحويله إلى وقود أو تخفيفه إلى شكل آخر أقل نقاءً، مع عدم زيادة عدد الأجهزة الطرد المركزي العاملة. وفي حين يُشغِّل الإيرانيون نحو 10,000 جهاز طرد مركزي، وهو عدد أكثر قليلاً من نصف ما أنتجوه بالفعل، إلا أنهم لن يزيدوا من العدد الإجمالي. بيد أنهم سيكونون قادرين على استبدال أجهزة الطرد المركزي التي تتعطل، وهذا يعني أنه سوف يُسمح للإيرانيين بمواصلة تخصيب اليورانيوم عند مستوى من 3.5 إلى 5 في المائة. وهكذا سوف يوضع سقف للتخصيب فقط على مستوى اليورانيوم الذي تمت تنقيته وليس على الكمية التي لا يزال من الممكن إنتاجها.

وهناك جانب هام آخر في البرنامج النووي الإيراني الذي لا يزال يمثل مشكلة الآن في الاتفاق الجاري الإعداد له. ويتمثل ذلك في محطة المياه الثقيلة التي يشيدها الإيرانيون في أراك. ويبدو أن المشكلة هي حول ما إذا كان سيتم تعليق العمل فيها بالكامل خلال فترة الستة أشهر من اتفاق "الخطوة الأولى". إن المياه الثقيلة قادرة على تمكين الإيرانيين من تحقيق انفراجة أخرى في الطريق لإنتاج قنبلة نووية - سواء من خلال البلوتونيوم أو من خلال تخصيب اليورانيوم إلى درجة تصنيع الأسلحة. وبالتأكيد، أنه إذا لم يتم وقف العمل في مفاعل أراك، فسوف يكون بوسع الإيرانيين الاستمرار في الطريق الذي يمكنهم من إنهاء بناء المحطة بحلول نهاية عام 2014؛ وحالما تدخل تلك المحطة إلى الخدمة فإنه سيتعذر الهجوم عليها دون تسرب إشعاعات من النوع الذي حدث في مفاعل تشرينوبيل، في المنطقة المحيطة والغلاف الجوي. وفي الواقع إن تجنب احتمالية تسرب الإشعاعات كان السبب وراء قيام الإسرائيليين بمهاجمة مفاعل أوزيراك في العراق عام 1981 والمفاعل السوري في الكبار عام 2006 قبل دخولهما مرحلة التشغيل.

وباختصار، فإن الاتفاق الناشئ سيضع سقفاً لكنه لن يضع حداً للبرنامج النووي الإيراني برمته. وفي مقابل ذلك، لن يتم رفع نظام العقوبات، وإنما تخفيف جزءاً منه فقط. وفي حين أن العقوبات التي تحد من قدرة الإيرانيين على بيع النفط وإجراء المعاملات المالية المعتادة لن يتم الاقتراب منها، إلا أنه سوف يُسمح للإيرانيين بحرية الوصول إلى نحو 15 مليار دولار من عملتهم الصعبة في المصارف الأجنبية، وتداول الذهب والمعادن النفيسة، بما يمكنهم على ما يبدو من استيراد مواد محدودة لبعض من صناعاتهم المحلية.

وهناك ملاحظة أخرى بشأن هذا الاتفاق الناشئ: أن الهدف منه أن يكون الخطوة الأولى التي تسبق ما يمكن أن يوصف بأنه تعريف متفق عليه للطاقة النووية المدنية التي سوف يسمح لإيران بامتلاكها. ومن جانبها، ترى الولايات المتحدة أن العامل الرئيسي هو التأكد من أن البرنامج النووي الإيراني لا يضع إيران على طريق امتلاك قدرات تجاوز العتبة النووية التي تسمح لها بالتحرك بسرعة أو في وقت من اختيارها لإنتاج أسلحة نووية. وبالنسبة للإيرانيين، فإنه سيكون بوسعهم التخصيب، كما أن القيود على برنامجهم لن تكون انتقائية ولن تقضي على الإنجازات الأساسية التي حققوها. ومن الناحية النظرية، يجب أن يكون هناك سبيل لتجسير الفجوات إذا كانت لدى الإيرانيين رغبة فعلية في امتلاك قدرات نووية سلمية يمكن التحقق منها.

وفي هذه المرحلة، يبدو أن إدارة أوباما وشركائها في المفاوضات يؤمنون بأن الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية ظريف مستعدان للحد من برنامج إيران النووي لكنهما لا يستطيعان في هذه المرحلة الذهاب بعيداً عما تحتاجه الولايات المتحدة في هذا الصدد والذي يتمثل بتراجع بلادهما كثيراً عن بنيتها التحتية النووية - ولا تستطيع واشنطن رفع العقوبات المكبلة عن الإيرانيين ما لم يفعلا ذلك. فمن ناحية، تحتاج الولايات المتحدة إلى الوقت للتفاوض على اتفاق أبعد نطاقاً، أو على الأقل اختبار ما إذا كان ذلك ممكناً؛ ومن ناحية أخرى، لا تريد أن يستمر الإيرانيون في تعزيز برنامجهم النووي خلال الفترة البينية. وبالتالي فإن ما يُطلق عليه اتفاق الخطوة الأولى مصمم بهدف كسب الوقت لصالح واشنطن من خلال وضع سقف أو تقييد البنية التحتية النووية الإيرانية وتطويرها؛ وفي مقابل القبول بذلك السقف سوف يحصل الإيرانيون على تخفيف محدود للعقوبات. وترى الإدارة أن الولايات المتحدة تحتفظ بنفوذها لأن نظام العقوبات الأساسية سيظل سارياً وأن الاقتصاد الإيراني لا يستطيع استعادة عافيته دون إنهاء ذلك النظام.

وهنا تكمن المعضلة مع الإسرائيليين وغيرهم في الشرق الأوسط: إنهم يخشون من أن يؤدي التخفيف المحدود للعقوبات إلى إضعاف نظام العقوبات سريعاً. وعلى الرغم من إدعاءات الولايات المتحدة بأن هيكل العقوبات سيظل مطبقاً، إلا أن هناك اعتقاد واسع النطاق في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن العديد من الحكومات والقطاعات الخاصة سوف ترى انفراجة وسوف تكون مقتنعة بقدرتها على بدء مزاولة الأعمال التجارية مرة أخرى. ومع بدء التعامل مع الإيرانيين، سوف يرى الإيرانيون أن العقوبات ستنتهي وأنهم ببساطة بحاجة إلى التمسك بموقفهم وعدم تقديم أي تنازلات. ومن وجهة النظر الإسرائيلية، فإن الخطوة الأولى ستكون هي الأخيرة وأن البرنامج الإيراني، حتى لو وُضع سقف له، سيكون عند عتبة مرتفعة جداً تمكنه من امتلاك قدرات تجاوز العتبة النووية. وهم لا يرون أي سبب لتنازل الولايات المتحدة عن نفوذها وإطلاقها العنان للإيرانيين.

ومن جانبها، تؤمن الإدارة الأمريكية أنها لا تفعل ذلك. فهي ترى أن الاحتياجات الاقتصادية الإيرانية لا تزال كبيرة، وأن التخفيف المحدود يمكن روحاني كسب مساحة سياسية أكبر وكذلك السلطة لخوض مفاوضات إضافية - وهذا شئ يجب عليه أن يفعله لكي تتعافى إيران اقتصادياً في وقت تتنامى فيه التوقعات مرة أخرى بين عامة الإيرانيين. إن تحطيم تلك التوقعات لن يضعف روحاني فقط لكنه سوف يهدد النظام ذاته في النهاية - أو هكذا تعتقد الإدارة الأمريكية على ما يبدو. وعلى هذا النحو، ترى أن الاتفاق المحدود لن يضعف الموقف التفاوضي الذي تتخذه واشنطن ولا هيكل العقوبات. [والسؤال هو] هل يمكن تجسير هذه الفجوة بطريقة تخدم كذلك هدف إضعاف البرنامج النووي الإيراني؟

أعتقد ذلك. أولاً، يجب على الولايات المتحدة أن تكون واضحة في أن تخفيف العقوبات سيكون محدوداً في الواقع ولن يؤثر على تطبيقها للعقوبات القائمة ومن يحاولون مراوغتها. وسوف تستمر واشنطن في السعي بقوة للوصول إلى جميع الثغرات والمساعي الرامية لمراوغة العقوبات. وهذا يعني كذلك أنه يجب على الولايات المتحدة أن تواصل التأكيد على التكاليف التي ستلحق بسمعة أي شركات تسعى لاستئناف نشاطها التجاري بشكل مباشر أو غير مباشر مع إيران.

ثانياً، في الوقت الذي طلبت فيه الإدارة الأمريكية من الكونغرس الإحجام عن تبني عقوبات جديدة في الوقت الراهن حتى لا يؤدي ذلك إلى إضعاف موقف روحاني، أعتقد أنه يجب على واشنطن أن تعترف ايضاً بأهمية بعث رسائل إلى الإيرانيين وغيرهم مفادها أنه سيكون هناك تشديد للعقوبات إذا ما فشلت الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق نهائي. لقد أصبح روحاني رئيساً بسبب التكلفة المرتفعة للعقوبات. يجب أن لا تكون هناك أية أوهام حول ما سيحدث حال فشل الدبلوماسية في الحد بشكل كبير من البرنامج النووي الإيراني. ولا تُسدي واشنطن أي معروف لروحاني إذا ترسخ اعتقاد بأنه لن تكون هناك أي عقوبات إضافية - حتى لو لم تكن هناك أي اتفاقات أخرى. ومن هذا المنطلق لماذا لا تقبل الولايات المتحدة نهجاً يقوم على إقرار الكونغرس للموجة التالية من العقوبات لكنه يوافق على عدم تطبيقها إلا بعد انتهاء فترة الستة أشهر من مدة اتفاق الخطوة الأولى أو وجود فشل واضح للدبلوماسية.
ثالثاً، ينبغي على الولايات المتحدة أن تكون أكثر وضوحاً حول ما تعنيه بالحد من البرنامج النووي الإيراني وذلك على الأقل مع أصدقائها المشغولين بما يرونه تحمساً من جانب واشنطن لأي اتفاق مع الإيرانيين - وهذا التصور أكثر رسوخاً لدى أصدقائها العرب منه لدى الإسرائيليين. إنني أدرك عدم رغبة المسؤولين الأمريكيين في التفاوض مع أنفسهم وعدم التنازل عن النتائج النهائية، لكن أحد الأسباب التي تجعل اتفاق الخطوة الأولى يبدو مزعجاً للإسرائيليين وغيرهم هو أنهم لا يعرفون ما تقصده واشنطن من الاتفاق السيئ في نهاية المطاف. يبدو أنهم يعتقدون أن الولايات المتحدة متحمسة لتجنب استخدام القوة، في ضوء الرأي العام، لدرجة أنها ستقبل بأي شيء. تحتاج واشنطن إلى توعية الآخرين، وإن سراً على الأقل، بأن الوقاية تظل الهدف وأن ذلك معناه دائماً أنه حال فشل الدبلوماسية فإن استخدام القوة هو النتيجة المحتملة. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي عليها أن توضح أيضاً أن لديها عدداً من المتطلبات المطلقة للتوصل إلى اتفاق نووي نهائي. يجب على إيران أن تخفض من عدد أجهزة الطرد المركزي لديها بشكل كبير، وأن تشحن جميع اليورانيوم المخصب إلى خارج البلاد، وأن تقوم، كحد أدنى، بتحويل محطة المياه الثقيلة إلى مفاعل يعمل بمياه خفيفة. وباختصار، يجب على الولايات المتحدة أن تكون أكثر وضوحاً بأنها تعرف طريقها في المسألة النووية مع إيران.
وتكمن مزايا الوضوح في هذه الطريقة أنها لا تبعث برسائل تحذير للإيرانيين فحسب بل تُطمئن أيضاً أصدقاء واشنطن في المنطقة. وقد يمثل ذلك أهمية خاصة في الوقت الذي تحتاج فيه الإدارة الأمريكية إلى إرسال رسالة باستثناء ما تقوم به من تقليل مصالح الولايات المتحدة ورهاناتها في المنطقة وأن لديها هدفاً أكثر أهمية تسعى إليه في أماكن أخرى من العالم.
دينيس روس هو مستشار في معهد واشنطن.