ابو العبد
20-10-2013, 05:13 PM
هل تكون القضية أو الورقة الكردية، هي وليس كل الهزات الراهنة في المشرق العربي، العامل الأول الذي سيفجِّـر خرائط سايكس - بيكو، ويُعيد رسم اللوحة الجيو - سياسية الجديدة في الشرق الأوسط؟ هذا السؤال الدقيق قفز إلى الواجهة مع سلسلة التطوّرات المفاجئة على صعيد كل الديموغرافيا الكردية، التي تحتلّ مساحات شاسعة، تخترق أربع دول، هي تركيا وسوريا والعراق وإيران.
نقطة البداية، كما سنرى بعد قليل، كانت في تركيا التي أبرمت اتِّفاق سلام مع حزب العمّال الكردستاني، الذي يقاتلها منذ ثلاثة عقود في حرب غوار متّصلة، كما كانت في التحالف الاقتصادي (والأمني غير المُعلَن) بين أنقرة وإقليم كردستان العراق.
بيْد أن نقطة التفجير الدّافعة إلى احتمال تغيير الخرائط، كانت في سوريا أو ما يسميه الأكراد غرب كردستان. فماذا يجري هناك؟
أكراد سوريا
في الآونة الأخيرة، بات واضحاً أن المناطق الكردية، العراقية والسورية، دخلت مرحلة جديدة وخطِرة من التصعيد، تنبِّئ باحتمال تمدّد الحرب الأهلية السورية إلى شمال العراق، بعد أن تمدّدت أصلاً إلى غربه وعاصمته عبْر المنظمات الأصولية المتطرّفة.
فالتدفّـق الأخير والهائل للاجئين الأكراد السوريين، والذي لم يسبق له مثيل (30 ألفاً خلال أيام قليلة بعد فتح المعابر في شهر سبتمبر 2013)، معطوفاً على تهديد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود برزاني بـ "استخدام كل طاقات حكومة الإقليم للدفاع عن النساء والأطفال والمواطنين الأكراد في غرب كردستان (أي شمال شرق سوريا)"، قد أدخل كردستان العراق رسمياً ومباشرة في أتون الأزمة السورية.
ثم جاءت الإنفجارات الإرهابية في أربيل يوم 29 سبتمبر الماضي، والتي يُعتقد أن وراءها منظمات إسلامية متطرفة، لتؤكد مدى خطورة المرحلة التي دخلتها المناطق الكردية في كلٍ من سورية والعراق، وإلى حد ما في تركيا وإيران.
وتلفت مصادر سياسية كردية إلى أن أوضح المؤشرات على ذلك، هو بيان صالح مسلم محمد، رئيس حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا يوم 17 أغسطس 2013، الذي ألمح فيه إلى تغيير موقِفه الرّافض لدخول قوات البيشمركة لكردستان العراق إلى شمال غرب سوريا لوقف هجمات المنظمات الأصولية المتطرِّفة على الأكراد هناك. ومعروف أن الإتحاد الديمقراطي، رفض في السابق عروض برزاني لمساعدة كردستان السورية، كما عرقل عودة مجموعة من الأكراد السوريين الذين درّبتهم قوات البيشمركة في كردستان العراق. بيد أن مسلم قال في اتصال هاتفي لصحيفة "واشنطن بوست"، إنه "قد يسمح لقوات البيشمركة بالدخول إلى سوريا، إذا ما تطلب الأمر ذلك".
جدير بالذكر أن أكراد سوريا، الذين يشكّلون نحو 10% من سكان البلاد (زهاء 22 مليونا)، وقفوا حتى الآونة الأخيرة على هامش الحرب الأهلية السورية وركّزوا على بناء أسُس إقليمٍ إداري - أمني يتمتّع بالحُكم الذاتي في المنطقة الشمالية الغربية من البلاد. لكن القتال مع بعض المنظمات السُنّية المتطرِّفة، تصاعد خلال الفترة الماضية في ما وصفه المحلِّلون الغربيون بأنه "صِدام أيديولوجيات ونزاع على السلطة والموارد"، حيث أن الأكراد السوريين يقبعون فوق حقول غنية بالنفط ويشرفون على معابِر حدودية مهمّة.
في الأثناء، تتساءل مصادر دبلوماسية عن موقف تركيا، التي تُعتبر الآن اللاّعب الإقليمي الأول في الشأن الكردي العام في المنطقة، في حال قرّرت حكومة كردستان العراق بالفعل التدخّل العسكري في سوريا، خاصة وأن تركيا مُتّهمة من بعض الفصائل الكردية بتسهيل تمويل وتسليح بعض المنظمات الإسلامية عبْر الحدود مع شمال سوريا.
بيْد أن أنقرة كانت حريصة في الآونة الأخيرة على بناء جسور عدّة مع حزب الإتحاد الديمقراطي، حيث استقبلت رئيسه مسلم مرّتين خلال شهر واحد، الأمر الذي دفع هذا الأخير إلى التصريح بأن "تركيا غيَّرت موقِفها بشكل جِذري من قضيتنا". كما لُوحظ أن أنقرة كانت تبذل جهوداً متّصلة لدفع الإتحاد الديمقراطي إلى التقارب مع الإئتلاف السوري المعارض.
نفس المصادر تُشير إلى أنه، في حال قرّرت حكومة كردستان التدخّل، فهذا سيتمّ بتنسيق كامل مع أنقرة، التي ستحدِّد حينذاك "قواعد اللّعبة" الجديدة في المنطقة، بما يضمن استمرار مشروعها الإقليمي الطموح ،الخاص بإقامة ما وصفته صحيفة "فايننشال تايمز" الرزينة مؤخراً بـ "منطقة النفوذ التركية المُزدهِرة، التي تضم أمّتيْن (الأكراد والأتراك) في دولة واحدة، يدفعها ويحفِّزها الإندماج الإقتصادي".
وتضيف إلى ذلك دوائر أبحاث استراتيجية أمريكية القول، أن تمدّد الحرب السورية إلى كردستان العراق، سيكون أيضاً مؤشّراً فاقعاً على استحالة إعادة بناء دولة سورية واحدة وموحّدة، وعلى أن موسم إعادة النظر بخرائط سايكس - بيكو قد أزف. لكن كيف سيتم ذلك؟ ولماذا؟
نقطة البداية، كما سنرى بعد قليل، كانت في تركيا التي أبرمت اتِّفاق سلام مع حزب العمّال الكردستاني، الذي يقاتلها منذ ثلاثة عقود في حرب غوار متّصلة، كما كانت في التحالف الاقتصادي (والأمني غير المُعلَن) بين أنقرة وإقليم كردستان العراق.
بيْد أن نقطة التفجير الدّافعة إلى احتمال تغيير الخرائط، كانت في سوريا أو ما يسميه الأكراد غرب كردستان. فماذا يجري هناك؟
أكراد سوريا
في الآونة الأخيرة، بات واضحاً أن المناطق الكردية، العراقية والسورية، دخلت مرحلة جديدة وخطِرة من التصعيد، تنبِّئ باحتمال تمدّد الحرب الأهلية السورية إلى شمال العراق، بعد أن تمدّدت أصلاً إلى غربه وعاصمته عبْر المنظمات الأصولية المتطرّفة.
فالتدفّـق الأخير والهائل للاجئين الأكراد السوريين، والذي لم يسبق له مثيل (30 ألفاً خلال أيام قليلة بعد فتح المعابر في شهر سبتمبر 2013)، معطوفاً على تهديد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود برزاني بـ "استخدام كل طاقات حكومة الإقليم للدفاع عن النساء والأطفال والمواطنين الأكراد في غرب كردستان (أي شمال شرق سوريا)"، قد أدخل كردستان العراق رسمياً ومباشرة في أتون الأزمة السورية.
ثم جاءت الإنفجارات الإرهابية في أربيل يوم 29 سبتمبر الماضي، والتي يُعتقد أن وراءها منظمات إسلامية متطرفة، لتؤكد مدى خطورة المرحلة التي دخلتها المناطق الكردية في كلٍ من سورية والعراق، وإلى حد ما في تركيا وإيران.
وتلفت مصادر سياسية كردية إلى أن أوضح المؤشرات على ذلك، هو بيان صالح مسلم محمد، رئيس حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا يوم 17 أغسطس 2013، الذي ألمح فيه إلى تغيير موقِفه الرّافض لدخول قوات البيشمركة لكردستان العراق إلى شمال غرب سوريا لوقف هجمات المنظمات الأصولية المتطرِّفة على الأكراد هناك. ومعروف أن الإتحاد الديمقراطي، رفض في السابق عروض برزاني لمساعدة كردستان السورية، كما عرقل عودة مجموعة من الأكراد السوريين الذين درّبتهم قوات البيشمركة في كردستان العراق. بيد أن مسلم قال في اتصال هاتفي لصحيفة "واشنطن بوست"، إنه "قد يسمح لقوات البيشمركة بالدخول إلى سوريا، إذا ما تطلب الأمر ذلك".
جدير بالذكر أن أكراد سوريا، الذين يشكّلون نحو 10% من سكان البلاد (زهاء 22 مليونا)، وقفوا حتى الآونة الأخيرة على هامش الحرب الأهلية السورية وركّزوا على بناء أسُس إقليمٍ إداري - أمني يتمتّع بالحُكم الذاتي في المنطقة الشمالية الغربية من البلاد. لكن القتال مع بعض المنظمات السُنّية المتطرِّفة، تصاعد خلال الفترة الماضية في ما وصفه المحلِّلون الغربيون بأنه "صِدام أيديولوجيات ونزاع على السلطة والموارد"، حيث أن الأكراد السوريين يقبعون فوق حقول غنية بالنفط ويشرفون على معابِر حدودية مهمّة.
في الأثناء، تتساءل مصادر دبلوماسية عن موقف تركيا، التي تُعتبر الآن اللاّعب الإقليمي الأول في الشأن الكردي العام في المنطقة، في حال قرّرت حكومة كردستان العراق بالفعل التدخّل العسكري في سوريا، خاصة وأن تركيا مُتّهمة من بعض الفصائل الكردية بتسهيل تمويل وتسليح بعض المنظمات الإسلامية عبْر الحدود مع شمال سوريا.
بيْد أن أنقرة كانت حريصة في الآونة الأخيرة على بناء جسور عدّة مع حزب الإتحاد الديمقراطي، حيث استقبلت رئيسه مسلم مرّتين خلال شهر واحد، الأمر الذي دفع هذا الأخير إلى التصريح بأن "تركيا غيَّرت موقِفها بشكل جِذري من قضيتنا". كما لُوحظ أن أنقرة كانت تبذل جهوداً متّصلة لدفع الإتحاد الديمقراطي إلى التقارب مع الإئتلاف السوري المعارض.
نفس المصادر تُشير إلى أنه، في حال قرّرت حكومة كردستان التدخّل، فهذا سيتمّ بتنسيق كامل مع أنقرة، التي ستحدِّد حينذاك "قواعد اللّعبة" الجديدة في المنطقة، بما يضمن استمرار مشروعها الإقليمي الطموح ،الخاص بإقامة ما وصفته صحيفة "فايننشال تايمز" الرزينة مؤخراً بـ "منطقة النفوذ التركية المُزدهِرة، التي تضم أمّتيْن (الأكراد والأتراك) في دولة واحدة، يدفعها ويحفِّزها الإندماج الإقتصادي".
وتضيف إلى ذلك دوائر أبحاث استراتيجية أمريكية القول، أن تمدّد الحرب السورية إلى كردستان العراق، سيكون أيضاً مؤشّراً فاقعاً على استحالة إعادة بناء دولة سورية واحدة وموحّدة، وعلى أن موسم إعادة النظر بخرائط سايكس - بيكو قد أزف. لكن كيف سيتم ذلك؟ ولماذا؟