مشاهدة النسخة كاملة : مذهب بوتين ! هل يسعى بوتين لدور في السياسة العالمية!!!!
بوفيصيل
14-09-2013, 08:21 AM
لأكثر من عقد – منذ خلافته بوريس يلتسين في الكرملين، وحتى خلال الفترة التي اضطُرّ فيها إلى تولّي رئاسة الحكومة في عهد الرئيس ديمتري ميدفيديف (الذي كان تحت وصايته)، انتهج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشكل ثابت ومنهجي، سياسةً يمكن أن تُدعى "مذهب بوتين". فباختصار، يسعى بوتين إلى استعادة مكانة روسيا وتأثيرها في السياسة الإقليمية والدولية على حدٍّ سواء وجعل روسيا الفدرالية قوة عظمى مجدّدًا. ولتحقيق هدفه، يتحدى ويُفسِد المواقف والمصالح الأمريكية، مستندًا إلى ثلاثة عوامل أساسية.!
أوّلًا، أشرف بوتين على عملية تعزيز شامل للقوات المسلحة الروسية، مستخدمًا الدخل المتزايد من موارد الطاقة في البلاد، وعلى رأسها الغاز الطبيعي والنفط الخام. خلال معظم فترة التسعينات من القرن الماضي، كان صانعو القرار الروس منشغلين بإبقاء الدولة على أقدامها سياسيًّا واقتصاديًّا، فيما كانت المؤسسة الدفاعية أحد القطاعات الرئيسية التي تضررت. لم تكن الأجور تُدفَع، كان التدريبُ قليلًا، تُركت المعدّات الحاسمة ليأكلها الصدأ، وكان الاستعداد العملياتي في الحضيض. ولكن منذ أوائل سنوات الألفَين، مع وصول بوتين إلى سدة الرئاسة، تضاعفت الموازنة العسكرية الروسية ثلاثة أضعاف، وفقًا لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام العالمية، وهي تشكّل حاليًّا 4.4% من الناتج القومي الإجمالي في روسيا، أي أكثر من 90 بليون دولار.
ثانيًا، استطاع بوتين استخدام عددٍ من البرامج التأسيسية لإحباط وإفشال المبادرات الأمريكية التي اعتبرها تلحق الأذى بالمصالح الروسيّة. فعام 2003، قبل حرب العراق، على سبيل المثال، نجحت روسيا في إعاقة إدارة بوش من الحصول على قرار من الأمم المتحدة يفوّضها باستخدام القوة ضدّ صدّام حسين. واليوم، فيما تطفو الأزمة السورية على السطح، ويسعى الرئيس أوباما للحصول على موافقة الكونغرس على ضربة تأديبية محدودة ضدّ سوريا، تستخدم روسيا حق النقض في مجلس الأمن الدولي لتعرقل بشكل استباقيّ أية محاولة أمريكية لإضفاء شرعية دولية على هجوم كهذا. وتنتهج روسيا السياسة نفسها في الوكالة الدولية للطاقة الذرية عند مناقشة البرنامج النووي الإيراني.
ثالثًا، أنشأ بوتين اتّحادًا من الدول التي تشترك في رفضها الرؤية الاستراتيجية للنظام العالمي. وأصبحت الصين حليفة روسيا الرئيسية في إحباط أهداف أوباما في السياسة الخارجية. سواء كان الموضوع إيران، سوريا، مؤتمر كوبنهاغن للتغيرات المناخية عام 2009، أو الأزمة الاقتصادية العالمية، فإنّ بكين وموسكو تتفقان عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة. تسعى روسيا والصين بكل دأب إلى نظام قوى عالمي متعدد الأقطاب، يعني بشكلٍ أساسي تآكل فائض القوة والهيمنة السياسية الأمريكيَّين.
واستثمر بوتين أيضًا الخلاف الدبلوماسي بين الولايات المتحدة وحلفائها. فعام 2003، على سبيل المثال، خلال حرب العراق، التقى المستشارَ الألماني غيرهارد شرودر والرئيس الفرنسي جاك شيراك مراتٍ عديدةً للتنسيق بشأن خطواتهم المضادة للحرب داخل الأمم المتحدة وخارجها.
في بداية عهده الرئاسي، سعى أوباما إلى إعادة العلاقات بين واشنطن وموسكو "إلى سابق عهدها". حتى إنّه عدّل خططًا مثيرة للخلاف لنشر أنظمة صاروخية في أوروبا الشرقية، كبادرة لبناء الثقة استرضاءً لبوتين. لكنّ الأهداف الجوهرية لمذهب بوتين أفقدت هذه البوادر الأمريكية فاعليتَها، ولم تفعل، في الواقع، سوى دعم تصميم بوتين وصلابته.
يعتقد بوتين أنّ الولايات المتحدة على شفير انهيار اقتصادي وسياسيّ، وأنّها تتفسّخ اجتماعيًّا أيضًا. حقًّا، يرى بوتين الحذر لدى الشعب الأمريكي وممثليه السياسيين في الشأن السوري، ويظنّ أنّ هذا مؤشر آخر على الضعف والتردّد الأمريكيَّين وسطَ تزايد قوة روسيا وتأثيرها.
بغضّ النظر عن آفاق العرض الروسي لتفكيك مخزون الأسلحة الكيميائية السورية – مبادرة يظنّ بعض المُراقبين أنها تهدف إلى إحداث انقسام بين البيت الأبيض، الكونغرس، والشعب الأمريكي – فإنّ بوتين أبدى براعة دبلوماسية ومصالح استراتيجية لاسترداد الدور الروسي في سياسات الشرق الأوسط. فبوضع روسيا إلى جانب حكومة بشار الأسد وإجبار أوباما على التفكير أكثر من مرة، أعرب بوتين عن قيادة شخصية، تصميم، ورغبة في مواجهة الولايات المتّحدة. علينا توقّع رؤية المزيد من مذهبه على أرض الواقع، ربّما في الشأن الإيرانيّ.
انتهت الحرب الباردة منذ أكثر من عقدَين، لكنّ بوتين أحيا بعضًا من سمات الإمبراطورية السوفياتية، ومذهبه هو مفتاح نجاحه. على إدارة أوباما أن تدرك أنّ أهداف بوتين تناقض تمامًا معظم المصالح الأمريكية، ما يلزمها باتّباع مذهب خاصّ بها للتعامل معه إذا رغبت في الإبقاء على المصالح القومية الأمريكية البعيدة المدى.
**من الجدير بالذكر أنّ مقالة الرأي هذه نُشرت للمرة الأولى في صحيفة لوس أنجلس تايمز
إيلاي ز. سالتزمان هو مساعد بروفسور زائر في العلوم السياسية في كلية كلاريمونت ماكينا وعضو مجلس إدارة متفيم، المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية، لجنة استشارية متقدِّمة
بوفيصيل
22-09-2013, 04:41 AM
أصبح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صانع الأخبار الرئيسي لليوم الرابع والأخير من أعمال نادي "فالداي" للنقاش الدولي في 19 من شهر أيلول/سبتمبر الجاري. حيث تبادل رئيس الدولة في حوار مفتوح بين وجهات النظر مع كبار الخبراء حول القضايا الرئيسية من السياسات المحلية والدولية. وكما كان متوقعاً فقد احتلت الأزمة السورية جل اهتمام الحاضرين. وعلى الرغم من الإجماع الظاهري بين موسكو وواشنطن، إلا أن الوضع ما زال متوتراً هناك. ومع ذلك، دار الحديث حول قضايا عالمية أكثر أهمية، بما في ذلك مسائل الامتثال للقانون الدولي والتعايش السلمي بين الأمم والشعوب في العالم المعاصر
وفي خطابه، تحدث بوتين عن موقف روسيا بالتفصيل حول أهم التحديات في العالم الحديث. وصرح على وجه الخصوص، أن كل بلد له الحق المطلق في السيادة الإقليمية والروحية والسياسية، وأن العالم أحادي القطب وغياب المنافسة يشكل تهديداً عالمياً. وبحسب قوله فإنه ينبغي أن تكون الدولة قوية عسكرياً وتكنولوجياً واقتصادياً. ولكن الأهم من ذلك، برأي الرئيس، هو أن وعي ومهنية الناس والمجتمع هي من تحدد النجاح الحقيقي.
لكن، ومع ذلك، أصبحت المسألة السورية واحدة من المسائل الرئيسية. اليكم تعليق الرئيس الروسي حول سيناريو استخدام القوة بحق نظام الرئيس بشار الأسد:
إن التهديد باستخدام القوة ليس حلاً سحرياً لجميع المشاكل الدولية. ونحن ننسى جوهر القضية عندما نتحدث عن التهديد باستخدام القوة خارج إطار القانون الدولي القائم. فالكونغرس الأمريكي يناقش الآن قضية إجراء العملية العسكرية أم لا. ولكن هذه المسألة ينبغي أن تناقش في مجلس الأمن الدولي حصرياً. وأكثر من ذلك، هل سيكون بإمكاننا إقناع الأسد أم لا؟ لا أعرف. ولكن حتى الآن، كل شيء يبدو أن سوريا وافقت على اقتراحنا وهي على استعداد للعمل وفقاً للخطة التي يصيغها المجتمع الدولي في الأمم المتحدة. وفي هذا الاطار صرحت سوريا انها قد انضمت إلى الاتفاقية الدولية لحظر انتشار الأسلحة الكيميائية. وهذه هي خطوات عملية قامت بها الحكومة السورية بالفعل.
جدير بالذكر أن شخصيات مرموقة أوروبية شاركت في أعمال النادي مثل رئيس الوزراء الفرنسي السابق فرانسوا فيون، ووزير الخارجية الألماني السابق هانز ديتريش غينشر، والرئيس السابق للمفوضية الاوروبية رومانو برودي، والمخرج البولندي كريستوف زانوسي، ومن بين الضيوف الروس حضر بعض ممثلي المعارضة. وهذا الحضور المتنوع من المشاركين الذين تبادلوا لوحة كاملة من الآراء، بدءً من انهيار سياسة التعددية الثقافية وأطماع العالم الغربي إلى أعمال الشغب التي جرت في موسكو في السادس من شهر أيار/مايو 2012، كل هذا يشير إلى أن نادي " فالداي" قام بمهماته على أكمل وجه.
تعليق
على ما يبدو ان بوتين مصر على ان يكون لروسيا دور في السياسة العالمية والمشاركة فيها وهذا الامر وهو موضوع المشاركة سبق وان اعلنه اوباما في فترة حكمة الاولى وهو المشاركة في ادارة العالم !!!!!!
بوفيصيل
25-09-2013, 05:48 AM
في تفسير بروز النجم الروسي على الساحة الدوليّة، استندت حجج الكثيرين إلى وقائع عدّة كان أبرزها محاولة روسيا لملمة أوضاعها والنهوض في وجه منافستها التاريخيّة، أي الولايات المتّحدة، وفي وجه القوّة الأوروبية المتمثّلة بالاتّحاد الأوروبي، ولاسيما بعدما شهدت تسعينيّات القرن الماضي تدخلاً أميركيّاً في البلقان وتفكيك يوغسلافيا، قبل أن يلي ذلك انضمام 10 دول من أوروبا الوسطى والشرقية إلى الاتّحاد الأوروبي، مثل إستونيا، ليتونيا، ليتوانيا،بولندا، تشيكيا، سلوفاكيا،المجر، سلوفينيا، في العام 2004، ثم بلغاريا ورومانيا العام2007، والذي شكّل آنذاك جزءاً أساسيّاً من الاستراتيجيّة الأميركية التي كان مستشار الأمن القومي الأميركي السابق زبغنيف برجنسكي قد لخّصها العام 1997، بالحؤول دون اتّحاد أورواسيا ضمن حلف اقتصادي وعسكري موحّد، على اعتبار أن "الدولة التي ستسود في أورواسيا ستتحكّم أوتوماتيكياً بالشرق الأوسط وإفريقيا، وأن لا معنى بعد الآن لوضع سياسة لأوروبا وأخرى لآسيا، بعدما أصبحت أورواسيا تحتلّ الموقع المقرّر في رقعة الشطرنج. سيكون لعمليات توزيع السلطة في مناطق أورواسيا أهمية حاسمة لتفوّق أميركا عالمياً"؛ ما عزّز غزو العراق وأفغانستان لإحكام سيطرة الولايات المتّحدة على مسارات خطوط الأنابيب الحيوية التي تنقل الغاز من دول الاتّحاد السوفييتي السابق إلى الجنوب والغرب، ناهيك بالعلاقات المميّزة لروسيا في الشرق الأوسط، وخصوصاً الدول العربيّة وإيران والهند والصين وتركيا وإسرائيل وغيرها من الدول القويّة في أنحاء أخرى من العالم كالبرازيل مثلاً. غير أن القوّة الروسيّة الصاعدة لا تعني أنها يمكن أن تستعيد دورها كقوّة وحيدة منافسة للولايات المتّحدة كما كان عليه الحال خلال الحرب الباردة. فلا روسيا أو الولايات المتّحدة بقيتا على أحوالهما السابقة، ولا الشرق الأوسط السابق هو الشرق الأوسط الحالي. وبالتالي، لا يتلخّص الدور الروسي بالصراع مع الولايات المتّحدة للتفرّد في الهيمنة على العالم، بل في منع الولايات المتّحدة من الاستمرار في لعب هذا الدور. لذا عمدت روسيا إلى استعادة نفوذها ودورها الإقليمي، وخصوصاً في الدول التي كانت تحت هيمنتها في السابق، وبناء علاقات استراتيجيّة مع أوروبا الموحّدة للحؤول دون تفرّد الولايات المتّحدة بتلك العلاقات، ولدعم أوروبا كمنافسة للولايات المتّحدة. وقد شكّل الغاز أبرز أدوات هذا الدور الروسي الجديد أو مضامينه، والذي لخّصته عبارة إيغور تومبيرغ، الباحث العلمي في معهد الاقتصاد التابع لأكاديمية العلوم الروسية:"إن استقرار تصدير موارد الطاقة إلى أوروبا في العقود القادمة يتوقف على العلاقات مع روسيا".
في هذا السياق فسّر محلّلون كثر الاهتمام الروسي بسورية، ليس على خلفية الأجواء الحربيّة والسياسيّة السائدة في المنطقة، بل في إطار الدور الروسي الساعي إلى التحالف مع كتلة استراتيجية حديثة التشكّل في المنطقة، مؤلفة من إيران وتركيا وسوريا ولبنان، وغيرها من الدول مستقبلاً، ربما يكون العراق مثلاً إحداها. فقد تمّ الكشف مؤخراً عن محادثات جارية بين روسيا وإيران لبناء منشأة تحت الأرض لتخزين الغاز قرب طهران في ظلّ العقوبات الاقتصادية الغربية على إيران، فيما يسعى كلّ من الولايات المتّحدة الأميركية والاتّحاد الأوروبي إلى حمل إيران على تقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي.
حروب الغاز
الردّ الأساسي لروسيا من ضمن هذه المناورات، تجلّى منذ العام 1995 مع فلاديمير بوتين و"شركة غاز بروم" التي ستمكّن روسيا من السيطرة على الغاز في مناطق إنتاجها أو نقلها وتسويقها على نطاق واسع، ومشروعيّ السيل الشمالي، الممتدّ من روسيا إلى ألمانيا، عبر قاع بحر البلطيق، ومنها إلى عدد من دول شمال أوروبا، والسيل الجنوبي، الممتدّ من روسيا إلى بلغاريا، عبر قاع البحر الأسود، ومنها إلى دول شرق وجنوب أوروبا. فهذان المشروعان سيُحكِما السيطرة على الاقتصاد الأوروبي الذي سيعتمد على الغاز بما يفوق اعتماده على النفط، والذي جرى التوقّع بأن حجم استهلاكه للغاز الطبيعي سيزيد من 336 مليار متر مكعب في العام 2005 إلى 536 مليار متر مكعب في العام 2015 وأن روسيا ستتمكّن من تصدير 170 مليار متر مكعب سنوياً إلى الاتّحاد بعد تشغيل خط السيل الشمالي(بحسب ما جاء في كتاب "إمبراطور الغاز"، للصحافية الروسية ناتاليا غريب). ما دفع أميركا نحو "مشروع نابكو" الموازي، الممتدّ من آسيا الوسطى إلى تركيا، ومنها إلى بلغاريا ورومانيا وهنغاريا والنمسا، والذي يمكنه أن يخفض اعتماد الاتّحاد الأوروبي على الغاز الروسي إلى حدّ كبير، سواء تكرّست خيبة أمل دول أوروبا الشرقية والوسطى من الاتّحاد الأوروبي أم لم تتكرّس، خصوصاً أن هناك من توقّع، مع تجاوز التحديات التي واجهها الاتّحاد، ولاسيما الاقتصاديّة منها، أن "ترى شعوب أوروبا الشرقية والوسطى من جديد الاتّحاد الأوروبي جزءاً من الحلّ، وليس جزءاً من المشكلة"(جوزيف بيتر مارتن، خيبة أمل بلدان أوروبا الوسطى والشرقية إزاء الاتّحادالأوروبي، من كتاب "أوضاع العالم2012"، مؤسّسة الفكر العربي). فقد أدّى احتكار الغاز الروسي من قبل عملاقة الشركات الروسية "غاز بروم" إلى رفد ميزانيّة البلاد بخمس الدخل القومي؛ فوصل مثلاً حجم عائدات الشركة من التصدير في العام 2008 إلى 64 مليار دولار، على الرغم من أن ثلثيّ الغاز المستخرج لدى الشركة يبقى في روسيا ويعزّز اقتصاد البلاد.
الشرق الأوسط ولغة المصالح المشتركة
انطلاقاً من كلّ هذه التغييرات التي واكبت الدور الروسي الجديد في مرحلة ما بعد سقوط الاتّحاد السوفييتي، وبعدما اكتسب الصراع الراهن أبعاداً استراتيجية على المستوى الجيوسياسي، رأى كثير من المحلّلين والمراقبين، ولاسيما مؤلفة كتاب "إمبراطورية الغاز"، أن روسيا باتت "دولة رأسمالية تسعى بشكل براغماتي تماماً إلى تحقيق مصالحها في إطار الصراع الرأسمالي– الاحتكاري الدولي على مصادر الطاقة وتوسيع النفوذ الاقتصادي والعسكري". ولعلّ ذلك يقودنا إلى التساؤل عن تأثير هذا الصراع على الغاز وتداعياته مع كلّ استكشاف لحقول غاز أو نفط ، ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط، حيث اعتبر "حقل لوثيان" الواقع على بعد 130 كيلومتراً قبالة ميناء حيفا، أكبر اكتشاف للغاز في المياه العميقة في العالم خلال العقد الماضي، وحيث منطقة حوض دول الشام باتت من مناطق الغاز الطبيعي المهمّة في العالم؛ كما سيقودنا ذلك كلّه إلى التساؤل عن مصير العلاقة الروسيّة التركية، وخصوصاً بعدما فترت علاقات تركيا بالاتّحاد الأوروبي بسبب تضارب المصالح التي لخصّها ألكسندر أبـي يونس(في مقاله"العلاقات الحائرة بين تركيا والاتّحاد الأوروبي"، مجلة الدفاع الوطني،2011) في حاجة تركيا الى عضوية كاملة في الاتّحاد الأوروبي وليس إلى شراكة مميّزة، وحاجة الاتّحاد الأوروبي إلى شراكة مميّزة مع تركيا، وليس إلى عضوية كاملة. فهل ينبئ ذلك، وخصوصاً في ظلّ التعقيدات التركيّة-الفرنسيّة الأخيرة، بتحوّلات إيجابية في علاقات روسيا بتركيا التي قد تكسب تركيا من خلالها تسهيلات في استيراد الغاز الروسي من خلال "السيل الجنوبي"؟
أسئلة كثيرة ومقاربات أكثر، منها مقاربات عدد من المتفائلين بلغة المصالح المشتركة في زمن تعدّد الأقطاب، وبالتقارب الروسي التركي الذي من شأنه أيضاً دعم العلاقة الإيجابية، ليس بين تركيا وسورية فحسب، بل من شأنه دعم العلاقات السياسيّة بين كلّ من سورية وتركيا وإيران وروسيا، عبر وقاية سورية من أيّ تدخل عسكري أجنبي محتمل. وهو الأمر الذي قد يؤدّي بحسب هؤلاء المتفائلين إلى تفادي الحرب العسكريّة الماثل شبحها في الشرق الأوسط.
بوفيصيل
27-09-2013, 05:19 AM
بوتين.. رجل مخابرات في الكرملين
بوتين نجح عبر الاستعانة بآراء كيسنجر
المصدر: تأليف: فيونا هِل وكليفورد جادي
التاريخ: 15 سبتمبر 2013
صورة : 1 / 2 1 2
يجمع هذا الكتاب بين نهج الرصد السياسي لتطورات الأوضاع في روسيا، وخاصة في مرحلة فلاديمير بوتين الراهنة، التي يري المؤلفان أنها بدأت مع السنة الأولى من هذا القرن الجديد، وبين استخدام أساليب التحليل النفسي، التي ترى في الرئيس الروسي شخصية مركبة بمعني أنها تجمع بين أبعاد متعددة ما بين بوتين رجل الاستخبارات المحترف.
وبوتين الذي دخل مضمار العمل العام من باب بلدية بطرسبورغ، ومن ثم بوتين الذي اقتحم ساحة السياسة والشأن القومي العام في بلاده، مما أوصله، كما هو معروف، إلى منصب رئيس الوزراء، ومنها إلى منصبه الحالي وهو الموقع رقم واحد في قصر الكرملين.
وإلى جانب هذا البعد الاستخباري، يمضي الكتاب إلى تصوير فلاديمير بوتين قارئاً جيداً للتاريخ، وسياسياً يصدر عن نهج عملي ونفعي أو براغماتي بحيث لا يتورع عن استثمار الدروس المستفادة من أيام حكم القياصرة، أو أيام الحقبة السوفييتية من أجل تطبيقها على حكم روسيا المعاصرة، خاصة..
وقد وضع الرئيس الروسي نصب عينيه هدفه المحوري متمثلاً في العمل على استعادة دور روسيا بوصفها قطباً يحسب حسابه في مضمار العلاقات الدولية، بعد ما عاناه هذا القطب عقب انهيار الاتحاد السوفييتي في حقبة غورباتشوف وكذلك من تداعٍ لدرجة شارفت الإفلاس الاقتصادي في حقبة بوريس يلتسين. ولقد بلغت هذه الأبعاد المختلفة في شخصية بوتين الحد الذي جعلته يجمع بين ميراث الحقبة السوفييتية وبين إيمانه باقتصادات السوق الرأسمالية.
كان التاريخ هو 7 مايو من عام 2000. يومها تناقلت وكالات الأنباء وسائر وسائل الإعلام خبراً محورياً صادراً عن العاصمة الروسية موسكو. والخبر يقول: دخل إلى قصر الكرملين في موسكو رئيس جديد لروسيا. يومها تسامع العالم باسم الرجل، وهو فلاديمير بوتين. يومها أيضاً لم تتورع أوساط الغرب، سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة عن إضافة أوصاف ونعوت صاحبت الرئيس الروسي الجديد.
ومنهم من قال: "إن روسيا وقعت في غرام بوتين بعد أن ذاقت مرارات الانكسار في حقبة ميخائيل غورباتشوف مع انتهاء عقد الثمانينات، ناهيك بعلقم الفساد في مرحلة بوريس يلتسين خلال عقد التسعينات. لكن الأوساط المدقِّقة في عالم السياسة الدولية كانت لها أوصاف ونعوت أخرى لاحقت بها رئيس روسيا المستجد، فكان أن أطلقت العبارات التالية:
دخل الكرملين كادر متمرس مقبل من زوايا العالَم السري في الكي. جي. بي (لجنة أمن الدولة). وكان بديهياً أن هذا العالَم السري هو عالم الاستخبارات الروسية بجلالة قدرها وضراوة منافساتها مع نظيراتها في الغرب وفي مقدمتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي. آي. إيه) بطبيعة الحال.
كان المعني المقصود بإيجاز شديد هو: بوتين جاسوس داخل الكرملين. وهذا هو بالضبط عنوان الكتاب الذي نعرض له من منظور الطرح والتحليل في هذه السطور.
أبعاد الشعار الثلاثي
ولعل أهم ما يميز هذا الكتاب أنه صادر عن مطبعة مؤسسة بروكنغز، وهي المجمع العلمي الفكري الشهير الذي يشارك، كما هو معروف، في صنع السياسة وفي هندسة القرار تمهيداً لصنع واتخاذ القرار عند أعلى مستويات المسئولية بالولايات المتحدة، هذا فضلاً عن الخبرة التخصصية في الشأن الروسي التي يصدر عنها مؤلفاً كتابنا وهما: يونا هِل وزميلها كليفورد جادي
كان بديهياً أن ينطلق الكتاب من تاريخ السابع من مايو الذي ألمحنا إليه، موضحاً أن بوتين تولي مقاليد الرئاسة الأولى في بلاده تحت شعار يصفه مؤلفا الكتاب بأنه كان ثلاثي الأبعاد على النحو التالي:
(1) تحقيق الإصلاح الاقتصادي.
(2) دفع خطي التحديث في روسيا.
(3) محاربة آفة الفساد الذي استشرى في مرافق البلاد موروثاً بالذات من حقبة يلتسين في عقد التسعينات.
وبعقلية رجل الاستخبارات لم تفت على لماحية بوتين أن يستهل رياسته بلفتة أو حركة بارعة أرضت جموع المثقفين في بلاده بل وعلى مستوى العالم كله.
وكان عنوان اللفتة هو: " أرخبيل الجولاج" هو عنوان الكتاب الذي استمد شهرته من واقع تجربة مؤلفه ألكسندر سولجنستين في معسكرات الاعتقال الرهيبة خلال حقبة الديكتاتور الشيوعي جوزيف ستالين (1879- 1953). ثم زادت أهمية الكتاب بفعل مصادرته على مدار 30 سنة أو أقل قليلاً منذ صدوره في عام 1973 لدرجة أن كان الناس يتداولونه تهريباً مثل المخدرات.
لكن ها هو بوتين يصدر أول قراراته بحكم الإفراج عن الكتاب المذكور، بل ويقرر إصدار طبعة مدرسية من الكتاب ليصبح من النصوص المقررة على طلبة المدارس في طول روسيا وعرضها.
مقابلات وحوارات مع بوتين
من مميزات كتابنا أن المؤلفين لم يركنا فقط إلى ملفات التقارير، ولا إلى الدراسات الأكاديمية التي تناولت الشأن الروسي، لقد أجرت المؤلفة يونا هِل وزميلها كليفورد جادي لقاءات تخللتها بالطبع حوارات مع بوتين شخصياً وهو ما عبرا عنه في فصول الكتاب من تقدير لسيرته ومن ثم للمواهب التي يتمتع بها خصوصاً وقد بدأ حياته عاملا، أو عميلاً حسب المصطلح المهني، في سلك الاستخبارات، وكان ذلك عند المستوى الوظيفي المتوسط، حيث أوفدوه للعمل لحساب هيئة الاستخبارات السوفييتية في ألمانيا الشرقية.
بيد أن الرجل ما لبث أن استجمع قدراته ومواهبه، فإذا به يخوض ساحة العمل العام في بلاده. بهذا أعاد فلاديمير بوتين اختراع نفسه كما يقول مؤلفا الكتاب: تحوّل من عالَم الأسرار، عالَم العباءة والخنجر كما يصفه الاختصاصيون إلى حيث أصبح نائباً لعمدة العاصمة التاريخية بطرسبورغ، ومنها نزح إلى العاصمة الرسمية موسكو، خلال عقد التسعينات.
وهناك تجلت كفاءته السياسة والإدارية بعد أن وضع نصب عينيه- كما يوضح كتابنا- مقولة منسوبة إلى خصم عنيد لروسيا اسمه هنري كيسنجر، والمقولة هي: كل الأذكياء المرموقين بدؤوا حياتهم الوظيفية من سلك الاستخبارات.
عن معارك الرئيس
ويمضي كتابنا ليوضح أيضاً كيف أن معركة بوتين الأولى كانت مع الأوليجاركيين، وهم الأقلية المحظوظة التي استطاعت السيطرة على مقاليد الاقتصاد الروسي الموروث عن تركة الاتحاد السوفييتي الذي انقضّ بنيانه، كما هو معروف مع مطلع التسعينات، يومها انفتحت مغاليق الثروة مشروعةً والأغلب غير مشروعة أمام هذه الأقلية مِنَ الذين نهبوا شركات القطاع العام (السوفييتي) السابق وسيطروا على موارد روسيا.
فيما بعد الحقبة السوفييتية، ثم تحالفوا مع المافيا الروسية التي نشأت ناتجة عن ذلك الزواج الشرير غير المشروع بين الثروة والسلطة تحت رئاسة يلتسين ولدرجة أن كانوا يملون على الرجل سياساته وقراراته وخاصة في قطاعات النفط والغاز الطبيعي وكانا من أهم موارد الخزانة القومية الروسية.
يرى محللو هذا الكتاب أن فصوله وسطوره لم تقدم ترجمة لسيرة بوتين بقدر ما قدمت صورة سيكولوجية لرجل قفز من الصفوف الوسطى في "الكي. جي. بي"، إلى حيث أصبح رئيساً لوزراء بلاده في عام 1999.
وأهم ما يميز هذه الصورة حقيقة أن بوتين كان موهوباً بمهارة الاستمرار أو البقاء على قيد الحياة برغم ظروف بالغة القسوة كادت تودي به في سابق الأيام: هو الابن الوحيد الباقي على قيد الحياة لأبوين كابدا ويلات حصار لينينغراد خلال الحرب العالمية، حيث أودى الحصار الرهيب بحياة أكثر من 670 ألف مواطن روسي، لكن الفتى فلاديمير بقي حياً وصامداً بوجه ما صادفه من مجاعات ومعارك ومهالك.
وكأنما تعدّه أقداره لأدوار يضطلع بها في مستقبل الأيام. يصور الكتاب شخصيته المحورية على أنه لم ينحدر من أسرة كانت تُعد من صفوة الاستخبارات الماركسية أو من النخبة ذات النفوذ أيام النظام الشيوعي، وعلى الرغم من ذلك فقد طرق بإلحاح أبواب الاستخبارات الموسكوفية بحثاً عن وظيفة. وخلال إيفاده إلى ألمانيا الشرقية فاته أن يشارك في شعارات وممارسات غورباتشوف .
وفي مقدمتها كما أصبح معروفاً- شعار إعادة البناء (بريسترويكا) وشعار الإفصاح أو الشفافية (غلاسنوست). يسترعي اهتمامنا أيضاً أن مؤلفيْنا يذهبان إلى أن الرئيس الروسي يُعد من المؤمنين بحرية الاقتصاد وقوانين حركة السوق القائمة، كما هو معروف على عُنصري العرض والطلب، وهو ما يتنافى بداهة، وإلى حد التناقض أيضاً، مع تركه المفاهيم والممارسات الاقتصادية التي سادت الفضاء الروسي على مدار السنوات السبعين الفاصلة بين عقدي العشرينات والتسعينات من القرن الماضي.
يتبع
2013
بوفيصيل
27-09-2013, 05:19 AM
يذهب المؤلفان أيضاً إلى أن الرئيس بوتين لا يريد إعادة بناء أو إعادة إنتاج الاتحاد السوفييتي، ولكنه يعتمد على استخدام الدروس المستفادة من الحقبة السوفييتية بل ومن مواريث وتجارب القياصرة من آل رومانوف، الذين كانوا يحكمون روسيا حتى قيام الثورة البلشفية في أكتوبر من عام 1917، فيما يتمثل هدفه المحوري في بناء روسيا الجديدة.
مسارات متعددة ومبتكرة
هنالك تتعدد الطرائق والمسارات التي يسلكها بوتين كما يوضح الكتاب- ليحقق هذا الهدف المأمول، ومن هذه المسالك ما يتمثل في إعادة الاعتبار كما يقول مؤلفا كتابنا- لفكرة ونزعة القومية التي طالما ندد بها حكام روسيا الشيوعية، باعتبار أن مذهبهم الشيوعي يدعو إلى الأممية تحت شعارات "يا عمال العالم اتحدوا".
وعلى حساب الانتماء القومي بطبيعة الحال، إن بوتين لا يتورع أيضاً- كما يضيف هذا الكتاب- عن تجاهل منظمات المجتمع المدني العاملة في العواصم والحواضر، وبدلاً من ذلك فهو يحرص على مخاطبة جماهير الأرياف والأقاليم والمناطق النائية التي يجيد بحق مهارة التواصل معها.
في هذا السياق يخلص مؤلفا هذا الكتاب إلى أن الرئيس الروسي يعزف على أوتار متعددة، يستفيد من الطروحات السوفيتية الماركسية، إن شئت فيما يؤمن باقتصاد السوق، وهو جوهر الطروحات الرأسمالية، يتواصل مع دواخل الكيان الإقليمي الروسي.
فيما يعمل جاهداً على أن تستعيد موسكو مكانتها أو بعض مكانتها بوصفها عاصمة لقطب عالمي محوري كان يحسب له ألف حساب في سالف الأيام، هذه الجوانب المتعددة من شخصية بوتين تظل موضع متابعة صبورة ودؤوبة من جانب مؤلفي هذا الكتاب لدرجة أن هناك من النقاد المحللين من يذهب إلى أن كتابنا لا يتناول شخصية فلاديمير بوتين الواحدة بقدر ما تدور فصول الكتاب حول بوتينات متعددة إن صح التعبير تحكم حاليا من قصر الكرملين.
ويبدو أن حل هذه المعضلة على نحو ما يقول روبرت ليغفولد، ناقد مجلة "فورين أفيرز" يكمن في اعتبار أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصدُر في سلوكياته وآرائه وتوجهاته السياسية عن شخصية مركبة تضم هوّيات متعددة بحيث تجمع، كما يضيف الناقد المذكور، بين بوتين الذي يصوره.
مؤلفا هذا الكتاب على أنه رجل السياسة الهادئ الرصين الذي وضع نصب عينيه استعادة مكانة روسيا + بوتين العاكف دوماً على وعي الدروس المستفادة من تاريخ روسيا، الشيوعية أو القيصرية الإمبراطورية.
ومن ثم استغلال هذه الدروس لصالح الأهداف المرسومة حاليا + بوتين الماهر في البقاء على قيد الحياة أو في الطفو على سطح موجات الأحداث العاتية والقادر على توّقع واتقاء أعاصير المتغيرات السياسية التي طالما عصفت بزعامات وقيادات شتى، وصولاً في نهاية المطاف على نحو ما يصوره الكتاب- إلى بوتين- رجل الاستخبارات المحترف الذي يجيد عمليات التجنيد والسيطرة واستخدام العناصر البشرية لخدمة ما يرمي إلى تحقيقه من أهداف.
هكذا يجمع بوتين في مواقفه الراهنة بين رئيس مجلس إدارة الدولة في الكرملين وبين قيصر روسيا الحديثة الراهنة.
من هنا يمكن القول بأن هذا الكتاب يفيد كثيراً متابعي ومحللي السياسة الروسية الحالية، وخاصة من منظور إطلالة موسكو على قضايا العالم المعاصر، ومنها قضايا شديدة الحساسية والالتهاب ( على نحو ما يشهده المشرق العربي والشرق الأوسط بشكل عام على سبيل المثال)، إن تركيز الكتاب على شخصية بوتين ومن ثم أنماط سلوكياته المتوقعة، يطلع القارئ على أنه بإزاء شخصية متعددة الأبعاد.
ومن ثم يظل من الصعب التنبؤ بما عسى أن تتخذه من مواقف وما يصدر عنه من رؤى وتصورات في غمار اختلاف وتطورات الأحداث. بل إن سطور الكتاب خاصة في الفصول الأخيرة- لا تلبث تؤكد أن الرئيس الروسي يخرج على الناس بوجه لا يمكن قراءة ملامحه ومن ثم فلا سبيل لفهم أو استشعار الأحاسيس التي تساور صاحبه، ولدرجة يجوز معها القول بأن بوتين هو رجل بلا وجه، أو بلا ملامح.
حيث إن حركاته وسكناته لا تتغير سواء كان رئيساً للوزراء أو كان رئيساً للجمهورية، وإنما هو رجل استطاع بمهارة أن يجيد بحذق فن الأداء السياسي على مدار سنوات متعددة خاصة وأنه محاط كما يبيّن الكتاب- بفريق متخصص في ميدان العلاقات العامة.
ومن ثم فقد أمكن طرح تصورات شتى حول بوتين سواء بوصفه ماهراً في رياضة الصيد والقنص، أو أنه في طليعة أنصار البيئة وأخلص الداعين إلى حفظ مواردها، أو أنه غواص ماهر في رياضة أعماق البحر، أو أنه أمهر من يجيد قيادة الدراجات النارية، بل وصل الفريق الدعائي إلى طرح صورة أكثر خفة لرجل الكرملين القوي، وهي صورة الباحث عن قضاء وقت ممتع في مراتع اللهو بالنوادي الليلية !
على كل حال- يصل المؤلفان بعد هذه الصور المتشابكة لشخصية وأداء الرئيس الروسي، إلى خلاصة نراها من الأهمية بمكان، وفيها يقول المؤلفان باختصار شديد: أياً كانت التنوعات والأبعاد في شخصية الرئيس بوتين فإن البعد المحوري الذي لابد وأن يوضع بكل جدية في نظر الاعتبار يتمثل فيما يلي: إن فلاديمير بوتين هو رئيس مجلس إدارة شركة مساهمة عملاقة ولابد أن يحسب لها ألف حساب واسمها.. روسيـا.
المؤلفان في سطور
الدكتور كليفورد ج. جادي حاصل على دكتوراه الاقتصاد الاختصاصي في الدراسات الروسية، وهو بحكم إجادته اللغة الروسية إلى جانب اللغة الألمانية، يعمل أستاذاً لعلم الاقتصاد في جامعة جونز هوبكنز بالولايات المتحدة فضلاً عن موقعه كزميل باحث أقدم في مركز دراسات الولايات المتحدة وأوروبا بمؤسسة بروكنغز. ومن أعماله السابقة إصدارها كتابه بعنوان "لعنة سيبيريا" وكتابه بعنوان "اقتصاد روسيا الافتراضي".
أما زميلته في تأليف الكتاب فيونا هِل فهي تشغل موقع مدير مركز دراسات الولايات المتحدة وأوروبا فضلاً عن كونها زميلاً باحثاً أقدم في برنامج السياسة الخارجية بمؤسسة بروكنغز الشهيرة. وقد حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة هارفارد ومن قبلها نالت درجة الماجستير من جامعة سان أندروز في اسكوتلندا بإنجلترا، حيث جمعت اهتماماتها العلمية والبحثية بين فروع عدة يأتي في مقدمتها الدراسات المتعلقة بروسيا ومنطقة القوقاز وأقاليم آسيا الوسطى.
عدد الصفحات: 400 صفحة
تأليف: فيونا هِل وكليفورد جادي
عرض ومناقشة: محمد الخولي
الناشر: مطبعة مؤسسة بروكنغز- نيويورك-2013
بوفيصيل
26-10-2013, 06:42 PM
"تكلم بلطف وأحمل عصا غليظة". من الجمل المأثورة للرئيس الأمريكى الراحل دثيودور روزفلت والتى طبقها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى محاولاته لحل الأزمة السورية حيث وجد أن الدبلوماسية وحدها لا تجدى فاتبع طريق الدبلوماسية المدعومة بالعصا مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما.
ووفقا لصحيفة "هافنجتون بولست" الأمريكية فقد وجه بوتين رجل المخابرات الروسى المخضرم الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى بدلا من الإسراع إلى حرب جديدة فى الشرق الأوسط كانت ستشعل الصراع فى المنطقة بشكل واسع النطاق.
وأضافت الصحيفة أن الأزمة السورية فتحت المجال للمجتمع الدولى لمحاولة منع انتشار الأسلحة النووية والكيماوية وغيرها من الأسلحة المحرمة دوليا بالإضافة للتعقل والتحرك فى اتجاه التوصل إلى حل سلمى وأن تدرك واشنطن إنها ليست وصية على دول العالم.
ورأى مركز "جلوبال ريسرش" الكندى أن خطوات بوتين الثابتة والقوية خلال السنوات الماضية يجعله فى طريق القيادة العالمية بجدارة وخاصة إنه لم تبق أى مؤسسة دولية لم تفسدها واشنطن وما فعله بوتين منع أوباما من مهاجمة سوريا ونبح أعداد لا تحصى من السوريين باسم حقوق الإنسان والتى تتحول تلك الشعارات الأمريكية الكاذبة بعد ذلك إلى مذابح جماعية تزيد من أرياح مقاولى الحرب وجداول أعمالهم وأوضحت الأزمة أن بوتين زعيم العالم الحر والمدافع عن سيادة القانون والذى يقف لأوباما رئيس الدولة التى ينعدم فيها القانون والحكومة الغير خاضعة للمساءلة التى تروج للأكاذيب لارتكابها جرائم حرب.
وأشار المركز إلى خطاب بوتين الموجه للشعب الأمريكى فى صحيفة نيويورك تايمز والذى فضح فيه خطاب أوباما وما قاله عن الاستثنائية الأمريكية لتبرير الخروج عن القانون وهو يشبه بالضبط ما قاله هتلر للألمان وأنهم من جنس اخر غير باقى الشعوب لتبرير زج بلاده فى حرب عالمية فالولايات المتحدة هى الدولة الوحيدة فى العالم التى هاجمت 8 دول فى 12 عاما وارتكبت ابشع الجرائم بها وتطارد الملايين من المسلمين فى جميع انحاء العالم بحجة الحرب على الإرهاب.
ووفقا للمركز فقد حذر بوتين من أن واشنطن تقوم بدعم المتشددين فى الشرق الأوسط وهى مسالة مثيرة للقلق العميق لأنها تؤدى إلى زعزعة الاستقرار فى المنطقة وهو بالضبط الهدف الرئيسى لحروب واشنطن فى الشرق الأوسط وتدخلها فى شئونه الداخلية بل وتعتزم تنفيذ تلك الطريقة فى كل من روسيا والصين واستخدام منظمة هـيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات الحقوقية للتنديد بروسيا والصين عندما تحاول وقف تعدياتها لتقحم المجتمع الدولى كما تفعل فى دول الشرق الأوسط منذ عقود وذلك لوقف الدب الروسى والنمر الأسيوى من النمو الاقتصادى والريادة الدولية وخاصة أن حلف شمال الاطلسى أصبح دمية واشنطن والتى تستخدمه فى الوقت المناسب للدعوة للحرب ومحاولة تغيير الأنظمة فى معظم الدول بما يخدم مصالحها ومصالح إسرائيل.
بوفيصيل
26-10-2013, 06:50 PM
الجزء من مقال الرأي الأخير للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في صحيفة نيويورك تايمز عن سوريا الذي أثار ضجة كبيرة بين الأوساط الفكرية، هو الخاتمة التي أشار فيها إلى أن الأمريكيين ليسوا استثناء، حيث كتب قائلاً:" من الخطير جدّاً تشجيع الناس على رؤية أنفسهم استثناء، مهما كانت الدوافع. هناك بلدان كبيرة وبلدان صغيرة، فقيرة وغنية، مع تقاليد ديمقراطية منذ زمن بعيد أو تلك التي لا تزال تبحث عن طريقها إلى الديمقراطية. تختلف سياساتها، أيضاً. جميعنا مختلفون، لكننا عندما نطلب بركات الرب، علينا أن لا ننسى أن الله خلقنا متساويين".
م.ك. بهادراكومار, خاص لروسيا ما وراء العناوين
8/10/2013
بوتين لم يشر، صراحة، إلى الحقائق التي تثبت ادعاء أمريكا الاستثنائية، لكن بالواقع هذه هي القضية الجوهرية. فلنأخذ تفاوت الدخل على سبيل المثال. مؤخراً في إحدى حلقات " سي إن إن ماني" عن التفاوت وعدم المساواة في المجتمع الأمريكي، أبدى روبرت ريتش، وزير العمل السابق في الولايات المتحدة وأستاذ في جامعة بيركيلي بكاليفورنيا، دهشته من واقع أن أغنى 400 شخصا في الولايات المتحدة يملكون ثروة تعادل أكثر من ما يملك 150 مليون شخصا من الطبقة السفلى في المجتمع. هذا ليس فقط بسبب تفاوت الدخل. بل يتعلق أيضاً بالأمد الطويل للتفاوت، وتفاوت التعليم أيضاً. ونماذج عدم المساواة، تتكاثر بسرعة عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين الأعراق في الولايات المتحدة. فالحقيقة هي أن التعصب العنصري لا يزال متفشياً في المجتمع الأمريكي.
بوتين يدعو للحذر في موضوع سوريا في افتتاحية "نيويورك تايمز"
اعتزاز الأمريكان بأنهم استثنائيون لا يصمد طويلاً عند قليل من التدقيق. حيث تُرتكب في الولايات المتحدة 87 جريمة قتل يومياً بالمتوسط. كما سجلت الولايات المتحدة رقماً قياسياً في عدد الحروب التي شنتها والاعتداءات التي ارتكبتها. وهي البلد الوحيد الذي استخدم السلاح النووي. كل ما سبق يجعل الولايات المتحدة "استثناء" فقط بالمعنى السلبي.
انظروا إلى النتائج التي ترتبت على تبعات سياسة "الاستثنائية". فمعظم العالم يعتقد أن الولايات المتحدة منغمسة في النفاق عندما تتحدث عن الاستثنائية مما تراجع هيبة أمريكا في أنحاء العالم. وحديث أمريكا عن "القيم" هو حديث انتقائي. فللولايات المتحدة معيار لإيران وآخر للمملكة العربية السعودية؛ واستجابتها لما يحدث في البحرين مختلف عن استجابتها لما يحدث في سوريا؛ إضافة إلى موقفها الصارم تجاه غزة وتساهلها مع أعمال العنف التي ترتكبها إسرائيل- وجميعها كيانات موجودة في منطقة واحدة.
وتقوم السياسة الأمريكية على زيادة قهر الدول الصغيرة مع تزايد الشعور بالخطر لتلفيق رادع إستراتيجي بحجة درء خطر هجوم محتمل على الولايات المتحدة، مما يؤثر بدوره على بنية الأمن العالمي بشكل سلبي. في هذه الأثناء، تدفع فكرة الاستثنائية الولايات المتحدة إلى العمل خارج إطار القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وهذا يؤسس لتبعات خطيرة ويضعف بنية الهيئة الدولية، التي على الرغم من ضعفها لا تزال الهيئة الوحيدة المتاحة لتعزيز السلام والتنمية في العالم.
عقيدة الاستثنائية الأمريكية، تجسدت بشكل سيئ في أفغانستان والعراق، حيث فشل النهج الذي فرضته الولايات المتحدة في إقناع السكان المحليين المتأصلين في تاريخهم، وثقافتهم وتقاليدهم، بغير ذلك. ومن المفارقات، أن مقياس نجاح تدخل الولايات المتحدة في هذين البلدين يأتي اليوم من قدرتها على سحب قواتها دون فوضى أو ارتباك من منطقة الحرب. وبقى الشك قائما في قدرة هذين البلدين على ممارسة الديمقراطية وفق الأعراف الأمريكية.
ادعاء الرئيس الأمريكي أن المثل والمبادئ الأمريكية تجعل البلاد "مختلفة" و"استثنائية" هي عقيدة خطيرة. وهي عقيدة تثير ذكريات أفكار طُرحت في أوروبا منذ ثمانين عام تقريبا والتي أدّت إلى عواقب وخيمة. اعتقاد الذات بـ"استثنائيتها" دائما محفوفة بمخاطر تدفع إلى إجراءات مبالغ بها. خليج غوانتانامو وأبو غريب هي ذكريات لا زالت حية عن جرائم رهيبة ارتكبتها الولايات المتحدة تحت ذريعة تعبير "الاستثنائية".
إقرأ أيضا:
النخبة الروسية وسؤال الديمقراطية والغرب
لا قوة ولا تهديد، لماذا هذا الاستفزاز لروسيا؟
وغالباً، تنتهي التدخلات العسكرية التي تقوم بها الولايات المتحدة في البلدان ذات السيادة إلى تفاقم حالات معقدة بالفعل- هايتي، وليبيريا والصومال وأفغانستان والعراق، هي أمثلة على ذلك. وهذا ما يجعل الأزمة السورية قضية ذات أهمية استثنائية. وذلك بفضل مبادرة دبلوماسية روسية طرحت في الوقت المناسب، وأوقفت تدخل إدارة أوباما العسكري المباشر تحت ذريعة الاستثنائية. ويتوجب، الآن، إيجاد وسيلة لاستعادة الهوية السورية التي تقوم على مجتمع تعددي علماني استثنائي حيث تتعايش عدد من الهويات الدينية والعرقية بسلام.
م.ك. بهادراكومار دبلوماسي هندي سابق، معلق ومحلل في الشؤون الدولية، خاصة فيما يتعلق بالتطورات في روسيا، وآسيا الوسطى، والصين، وأفغانستان، وباكستان، وإيران، والشرق الأوسط. ويكتب عموداً منتظماً في آسيا تايمز أونلاين، والمؤسسة الثقافية الإستراتيجية (موسكو)، وذا هيندو أند ديكان هيرلاند، و Rediff.com.
بوفيصيل
15-11-2013, 04:46 AM
انقل للأخوة الكرام بعض التساؤلات من احد الأخوة الأفاضل من الفيس بوك لتسليط الضوء على الدور الذي تلعبه روسيا ومشاركتها في تحقيق مصالح الأمريكان في المنطقة العربية !!!!!
الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط**
بمناسبة وصول الطراد الروسي "فارياغ" إلى الإسكندرية، وما يعقب ذلك من لقاءات بين وزيري الخارجية والدفاع الروسيين يومي 13 و14 تشرين ثاني/نوفمبر الحالي مع مسؤولين رفيعي المستوى في مصر، نطرح هذا الموضوع لتسليط الضوء على الدور الذي تلعبه روسيا في منطقة الشرق الأوسط:
1_ هل حرص القيادة الروسية على دعم النظام السوري تعكس حرصاً حقيقياً على مصالحها في المنطقة، أم أن هذا دوراً تريد أميركا من روسيا أن تلعبه، أم لا تعارض بين الأمرين؟
2_ هل اقتناص الفرص التي تقوم بها روسيا للبقاء في المنطقة والاستماتة في الدفاع عن هذا البقاء يعني إدراكاً من قبل الروس بضرورة التواجد في منطقة الشرق الأوسط، بل والمزاحمة على دور طليعي فيها؟
3_ هل تعتبر الخطوات الروسية خطراً على المصالح الأميركية في المنطقة، وهل يأتي هذا في سياق التنافس الدولي على المنطقة، أم في سياق التنسيق والقيادة التي تنتهجها الإدارة الأميركية، أم أن الموضوع لا يعدو كونه مصالح اقتصادية لروسيا سكتت عنها أميركا مقابل مواقفها الدولية؟
4_ هل تهدد روسيا مصالح أميركا بالتقارب مع مصر، وبخاصة وأن مصر هي ركيزة المصالح الأميركية في المنطقة؟
نأمل من الأخوة الأعضاء إثراء هذا الموضوع بمناقشاتهم القيمة..
vBulletin® v4.0.2, Copyright ©2000-2025, Jelsoft Enterprises Ltd.