عبد الواحد جعفر
18-06-2013, 04:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
نداء
إلى عقلاء الأمة الإسلامية
عقدت رابطة علماء المسلمين نهاية الأسبوع الماضي 13/6/2013م مؤتمراً في القاهرة تحت عنوان "موقف علماء الأمة من أحداث سوريا" وحشدت لهذا الاجتماع عدداً كبيراً من العلماء والمشايخ، ناقش فيه المؤتمرون ثورة سوريا وسبل دعمها في وجه الطاغية بشار الأسد، كما ناقشوا التطورات التي طرأت من خلال التدخل العلني لـ"حزب الله" الذراع العسكرية لإيران على حد تعبير البيان. وفي ختام المؤتمر تلا الشيخ محمد حسان البيان الختامي للمؤتمر والذي جاء فيه دعوة الأمة للنفير والجهاد في سورية بالمال والنفس والسلاح، وبكل أنواع الجهاد والنصرة ، ولم يكتف المؤتمرون بإعلان الجهاد في سورية، بل دعوا أيضاً إلى تشكيل كتائب تابعة لاتحاد علماء المسلمين كما جاء على لسان الدكتور صفوت حجازي. وكان الشيخ يوسف القرضاوي قبيل انعقاد المؤتمر قد دعا إلى الجهاد في سوريا، وأعلن عن تكفيره لـ"الشيعة" وحرّض من يسميهم بأهل السنة على قتال "الشيعة" معتبراً أن ألفاً وسبعماية مليون سني لا ينبغي لمائة مليون شيعي أن يهزموهم!!
إن دعوة هؤلاء العلماء إلى الجهاد في سورية؛ لقتال النظام وجيشه ومن يقاتل معه، وما سبقها من دعوات لزعماء وعلماء ولتيارات تنتمي للمذهب الجعفري لقتال المسلمين إلى جانب النظام السوري وكان من آخرها خطاب زعيم حزب الله حسن نصر الله في 14/6/2013م إنما هي دعوات لاقتتال المسلمين فيما بينهم؛ فالجيش السوري ومن يقاتل معه من المسلمين إنما يقاتلون ويقتلون مسلمين مثلهم، في سبيل الدفاع عن نظام علماني بعثي كافر لطالما كان بيدقاً بيد أميركا مسخراً لخدمة الكفار أعداء هذه الأمة، يحركونه لخدمة مصالحهم كلما اقتضت الحاجة إلى ذلك، فبالأمس أرسل حافظ الأسد كتائب جيشه لتشارك في العدوان الثلاثيني على العراق تحت قيادة أميركا، ولطالما ادعى هو وولده الذي ورث الحكم بعد والده بُعده عن الغرب وخدمة مصالحه في بلاد المسلمين، ولطالما ادعى المقاومة ولم تشهد حدوده مع كيان يهود إطلاق رصاصة واحدة على مدى أربعين عاماً.
والثوار إنما يقاتلون جيشاً ومليشيات جلهم من المسلمين وهو جيش بلد مسلم أنفق المسلمون عليه المليارات، ولطالما جهد الكفار لتحطيم كل قوة يمتلكها المسلمون مهما كان شأنها. وها هم ينجحون في تحطيم قوى المسلمين قوة بعد قوة، لخدمة مصالحهم وتحقيق أهدافهم. فبعد حصار العراق لسنين طوال إذا بهم ينقضُّون على جيشه فيقتلون ويدمرون، ثم يحلون ما بقي من فرق وألوية ليشكلوا جيشاً ضعيفاً لحفظ ما أرساه الغرب من أوضاع جديدة في بلادهم. وما حدث في العراق يحدث وبنفس الطريقة في سوريا ولكن من دون أن تراق للكفار قطرة دم واحدة، ودون أن يتكلفوا دولاراً واحداً.
أيها المسلمون..
إن القرارات التي خرجت بها رابطة علماء المسلمين وتصريحات القرضاوي والظواهري إنما جاءت لتذكي نار الفتنة بين المسلمين، وتُحرِّض المسلمين ليقتل بعضهم بعضاً. فإذا كان الذي حرّك العلماء في الرابطة لعقد هذا المؤتمر هو فظائع القتل والتعذيب والاعتقال والحصار والتهجير والتي لم تستثن شيخاً ولا طفلاً ولا امرأة ولا وليداً فضلاً عن الشباب والرجال على حد تعبير البيان! فأين كان أولئك العلماء حين نكلت أميركا في أهل العراق، بل أفتى بعضهم للأسف بـ"حرمة" الجهاد في العراق؟!!بل لماذا دعا القرضاوي إلى جمعة غضب لنصرة غزة عام 2009م ولم يدع حينذاك إلى إعلان الجهاد ضد اليهود؟!!
وأين هم مما فعلته "إسرائيل" بأهل فلسطين مراراً وتكراراً؟!! وأين هم من مآسي المسلمين في بورما وهم يقتلون ويحرقون أحياء؟!! وأين هم من المسلمين في نيجيريا ومالي وغيرها من بلاد المسلمين ؟!!.
ولا يختلف خطاب زعيم حزب الله حسن نصر الله الذي ألقاه في اليوم التالي بمناسبة يوم الجريح في حقيقته عن قرارات رابطة علماء المسلمين المنعقد في القاهرة ، فهو ما يزال يصر على القتال حتى النهاية نصرة لنظام الطاغية بشار الأسد بذريعة الوقوف في وجه المشروع الأميركي الصهيوني التكفيري على حد تعبيره، وأنه ضد تحويل الحرب إلى حرب مذهبية، وتناسى أن بشار ونظامه ووالده من قبله لم يرحموا أهل سوريا، بل أمعنوا في الظلم والقتل والتعذيب دون أي رادع، وأنه ووالده لو كانوا ضد ما ذكره من المشروع الخطير "الأميركي الصهيوني التكفيري" لقام بتوجيه كل تلك الأسلحة وألقى عشرات آلاف الأطنان من الذخائر على العدو "الصهيوني" بدل أن يطلقها على "الجزء الكبير من شعبه" _ممن يعترض على نظام بشار حسب تعبيره_، بل لو كان قائداً سياسياً مخلصاً وليس عدواً لشعبه لقام بإحراج خصومه وجعل معركته مع "الصهاينة" ودكهم بصواريخ جيشه بدل تدمير بلاده على رؤوس أهلها، وتأجيجه للفتنة الطائفية في البلاد، والفتنة المذهبية في المنطقة الإسلامية كلها.
أيها المسلمون..
إن المشروع الذي ينفذ في المنطقة هو مشروع أميركي فعلاً، وما يجري في سوريا هو جزء منه بل هو الأخطر فيه، ويهدف المشروع إلى ضمان خضوع بلاد المسلمين لإرادة أميركا في هذا القرن، ومما يضمن لهم خضوع المسلمين في هذا القرن هو تبعية المسلمين لأفكار الغرب العلمانية وأنظمتهم التي كرَّس وجودها ما يسمى بالربيع العربي، ومما يضمن لهم كذلك هو تحويل العداء من عداء لأميركا والغرب الكافرين وأتباعهم إلى العداء بين المسلمين أنفسهم، ولذلك عمدوا إلى استعداء المسلمين على بعضهم بالعمل على التفريق بينهم مذهبياً وعرقياً في غفلة من المسلمين وخيانة أو جهل من بعض زعمائهم وعلمائهم.
وكان ما يجري في سوريا هو الجزء الأخطر؛ لأنه يركز على تعميق الاستعداء المذهبي _"سنة" و"شيعة"_ على مستوى العالم الإسلامي ولا يقتصر على الفرز الطائفي في سوريا وحسب.
لقد ضمنت أميركا إلى الآن تنفيذ جزء كبير من مشروعها (الشرق الأوسط الكبير/العظيم)، فهي من كانت وراء إنجاح ما سمي بثورات الربيع العربي والتي طالبت بما يسمى بـ"الدولة المدنية" وهي ذات الدولة العلمانية الحاضرة وإن كان الحاكم قد ظهر أنه جاء بإرادة الشعب، وألبس على الناس اختياره من تيار إسلامي.
وهي الآن في طريقها إلى ضمان ضعف المسلمين واحترابهم لعقود قادمة بعد أن استطاعت بواسطة خداع كثيرين من رموز الأمة واستخدامهم هم وبعض الخونة والعملاء لتركيز الفصل المذهبي والذي سيشطر المنطقة إلى هلال "شيعي" وقوس "سني" بعد أن يوهموا كل طرف بكفر الطرف الآخر وخروجه من الملة.
ومن هنا جاءت خطورة فتوى القرضاوي بخاصة وغيره من العلماء ودعوته هو ورابطة علماء المسلمين مؤخراً إلى الجهاد في سوريا.
ومن هنا كذلك جاءت خطورة قرار زعيم حزب الله حسن نصر الله في الوقوف إلى جانب نظام الطاغية بشار الأسد، وذلك أنه لم يكترث لما يخلفه قراره من ضرر بليغ على العلاقة بين "السنة" و"الشيعة" باعتبار شعبيته عند جزء كبير منهم.
أيها المسلمون..
لقد حصدت الحرب بين العراق وإيران في ثمانينات القرن الماضي أكثر من مليون ونصف المليون من المسلمين ممن يطلق عليهم "سنة" و "شيعة" واستغرقت تلك الحرب ثماني سنوات، ولم تكن الحرب حينذاك معلنة بين "السنة" و"الشيعة"، فكم يا ترى ستستغرق الحرب التي دعا إليها القرضاوي ورابطة علماء المسلمين وبعض زعماء وعلماء المذهب الجعفري ومنهم زعيم حزب الله حسن نصر الله والتي لن تقتصر على ساحة الحرب في سوريا؟
إن تلك الفتنة السوداء إذا لم يتداركها العقلاء من المسلمين ستحصد ملايين الأرواح، وستدمر بلاد المسلمين، وستستمر لعقود قادمة، ولن يحصد نتائجها إلا أميركا الفاجرة بخاصة ومعسكر الكفر بعامة.
أيها المسلمون..
أما ما ورد في البيان الختامي لرابطة علماء المسلمين من الدعوة إلى الجهاد في سوريا، وما أكد عليه زعيم حزب الله من اصطفافه إلى جانب نظام بشار الطائفي وقتاله معه حتى النهاية، فإن تلك الدعوة إلى الجهاد وذلك التأكيد على القتال إنما هو إصرار على قتال الفتنة.
فالإسلام جعل اقتتال المسلمين فيما بينهم بغياً وعدواناً قتالَ فتنة، بل إن الإسلام جعل سِبابَ المسلم فسوقاً وقتاله كفراً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سِباب المسلم فسوق وقتاله كفر" فكيف يكون هذا القتال من الجهاد في سبيل الله؟!! ألم يُعرِّف فقهاء المسلمين الجهاد بأنه بذل الوسع لقتال الكفار إعلاءً لكلمة الله؟! فهل يقاتلُ المسلمون في سورياً كفاراً أم مسلمين؟! وهل من يقتل في تلك المعارك من الجنود السوريين النظاميين وغير النظاميين هل هم من الكفار أم من المسلمين؟! وهل الجيش السوري هو جيش بلد كافر أم جيش بلد مسلم رغم أن نسبة العلويين فيه لا تزيد عن 10- 15% منه ؟! وهل وصل الحال ببعض علماء المسلمين إلى هذا الحد من الاستهتار بالأحكام الشرعية ومن جعل قتل المسلمين بعضهم بعضاً جهاداً في سبيل الله؟! بدلاً من أن يقوموا بواجبهم في حمل الأمة على الوعي على أهداف الكفار ومخططاتهم التي يريدون من خلالها أن يقتل المسلمون بعضهم بعضاً لإبقائهم مشغولين بأنفسهم لزيادة إضعافهم؟!! وبدلاً من أن يدفعوهم لنبذ الفرقة والعمل لتوحيد بلاد المسلمين في دولة واحدة لها راية واحدة يحكمها حاكم واحد، هي دولة الخلافة الإسلامية؟!.
أيها المسلمون في سوريا..
إننا ندرك حجم المأساة التي تعيشونها، وندعوكم لحقن دمائكم؛ لأن الدم لا يجلب عادة إلا دماً، وإن استمرار الاحتراب سيوسع رقعة القتال وقد يتعدى إلى كل بلاد المسلمين المحيطة بكم، ولن يستفيد من هذا القتال إلا أميركا ومعسكر الكفر الذي لا يرقب في المسلمين إلَّا ولا ذمة، ولا يكترث لو سالت دماء المسلمين في كل بقاع الأرض أنهاراً، بل سيبقي على تزويد كل أطراف النزاع بالسلاح الذي يجعله يستمر في القتال، ولن تكون الغلبة لأحد لأن معسكر الكفر هو من يذكي الحرب وهو من تسبب بها لخدمة مشاريعه الهادفة إلى إضعاف المسلمين.
وإننا ندعوكم إلى اقتناص أي فرصة لوقف الاقتتال؛ لأنه لا يُعوَّل على الدول القائمة في بلاد المسلمين لإيقافه لأنهم أدوات أميركا ومعسكر الكفر في إذكائه.
ونطلب منكم أن تتركوا للعقل دوراً، وأن تبادروا بالكف عن البدء بقتال بعضكم جيشاً وشعباً. فتمتنعوا عن الهجوم ونصب الكمائن، والقيام بالعمليات العسكرية، فالخسارة هي من أبنائكم ومقدرات بلادكم .
وإن مما قد يوقف القتال بينكم هو تحويل المعركة مع كيان يهود، فوجهوا أسلحتكم، وأسلحة من وفد إليكم نحو كيان يهود، وليعمل كل عسكري في الجيش على فتح المعركة مع كيان يهود وإحراج نظام الطاغية للدخول إلى المعركة التي يكون فيها من يقتل من الجيش أو الشعب في قتال يهود شهيداً حقاً.
وإننا وإن كنا نحث على ما سبق بكل قوة فإننا نقول لكل من يُعتدى على عرضه أن يقوم بواجب الدفاع عنه، والشرع يجيز القتال عن النفس والمال والأهل، ويوجب الدفاع عن العرض من قبيل دفع الصائل، ولن ينجو بإذن الله من يتعدى على المسلمين وأموالهم وإعراضهم.
نداء
إلى عقلاء الأمة الإسلامية
عقدت رابطة علماء المسلمين نهاية الأسبوع الماضي 13/6/2013م مؤتمراً في القاهرة تحت عنوان "موقف علماء الأمة من أحداث سوريا" وحشدت لهذا الاجتماع عدداً كبيراً من العلماء والمشايخ، ناقش فيه المؤتمرون ثورة سوريا وسبل دعمها في وجه الطاغية بشار الأسد، كما ناقشوا التطورات التي طرأت من خلال التدخل العلني لـ"حزب الله" الذراع العسكرية لإيران على حد تعبير البيان. وفي ختام المؤتمر تلا الشيخ محمد حسان البيان الختامي للمؤتمر والذي جاء فيه دعوة الأمة للنفير والجهاد في سورية بالمال والنفس والسلاح، وبكل أنواع الجهاد والنصرة ، ولم يكتف المؤتمرون بإعلان الجهاد في سورية، بل دعوا أيضاً إلى تشكيل كتائب تابعة لاتحاد علماء المسلمين كما جاء على لسان الدكتور صفوت حجازي. وكان الشيخ يوسف القرضاوي قبيل انعقاد المؤتمر قد دعا إلى الجهاد في سوريا، وأعلن عن تكفيره لـ"الشيعة" وحرّض من يسميهم بأهل السنة على قتال "الشيعة" معتبراً أن ألفاً وسبعماية مليون سني لا ينبغي لمائة مليون شيعي أن يهزموهم!!
إن دعوة هؤلاء العلماء إلى الجهاد في سورية؛ لقتال النظام وجيشه ومن يقاتل معه، وما سبقها من دعوات لزعماء وعلماء ولتيارات تنتمي للمذهب الجعفري لقتال المسلمين إلى جانب النظام السوري وكان من آخرها خطاب زعيم حزب الله حسن نصر الله في 14/6/2013م إنما هي دعوات لاقتتال المسلمين فيما بينهم؛ فالجيش السوري ومن يقاتل معه من المسلمين إنما يقاتلون ويقتلون مسلمين مثلهم، في سبيل الدفاع عن نظام علماني بعثي كافر لطالما كان بيدقاً بيد أميركا مسخراً لخدمة الكفار أعداء هذه الأمة، يحركونه لخدمة مصالحهم كلما اقتضت الحاجة إلى ذلك، فبالأمس أرسل حافظ الأسد كتائب جيشه لتشارك في العدوان الثلاثيني على العراق تحت قيادة أميركا، ولطالما ادعى هو وولده الذي ورث الحكم بعد والده بُعده عن الغرب وخدمة مصالحه في بلاد المسلمين، ولطالما ادعى المقاومة ولم تشهد حدوده مع كيان يهود إطلاق رصاصة واحدة على مدى أربعين عاماً.
والثوار إنما يقاتلون جيشاً ومليشيات جلهم من المسلمين وهو جيش بلد مسلم أنفق المسلمون عليه المليارات، ولطالما جهد الكفار لتحطيم كل قوة يمتلكها المسلمون مهما كان شأنها. وها هم ينجحون في تحطيم قوى المسلمين قوة بعد قوة، لخدمة مصالحهم وتحقيق أهدافهم. فبعد حصار العراق لسنين طوال إذا بهم ينقضُّون على جيشه فيقتلون ويدمرون، ثم يحلون ما بقي من فرق وألوية ليشكلوا جيشاً ضعيفاً لحفظ ما أرساه الغرب من أوضاع جديدة في بلادهم. وما حدث في العراق يحدث وبنفس الطريقة في سوريا ولكن من دون أن تراق للكفار قطرة دم واحدة، ودون أن يتكلفوا دولاراً واحداً.
أيها المسلمون..
إن القرارات التي خرجت بها رابطة علماء المسلمين وتصريحات القرضاوي والظواهري إنما جاءت لتذكي نار الفتنة بين المسلمين، وتُحرِّض المسلمين ليقتل بعضهم بعضاً. فإذا كان الذي حرّك العلماء في الرابطة لعقد هذا المؤتمر هو فظائع القتل والتعذيب والاعتقال والحصار والتهجير والتي لم تستثن شيخاً ولا طفلاً ولا امرأة ولا وليداً فضلاً عن الشباب والرجال على حد تعبير البيان! فأين كان أولئك العلماء حين نكلت أميركا في أهل العراق، بل أفتى بعضهم للأسف بـ"حرمة" الجهاد في العراق؟!!بل لماذا دعا القرضاوي إلى جمعة غضب لنصرة غزة عام 2009م ولم يدع حينذاك إلى إعلان الجهاد ضد اليهود؟!!
وأين هم مما فعلته "إسرائيل" بأهل فلسطين مراراً وتكراراً؟!! وأين هم من مآسي المسلمين في بورما وهم يقتلون ويحرقون أحياء؟!! وأين هم من المسلمين في نيجيريا ومالي وغيرها من بلاد المسلمين ؟!!.
ولا يختلف خطاب زعيم حزب الله حسن نصر الله الذي ألقاه في اليوم التالي بمناسبة يوم الجريح في حقيقته عن قرارات رابطة علماء المسلمين المنعقد في القاهرة ، فهو ما يزال يصر على القتال حتى النهاية نصرة لنظام الطاغية بشار الأسد بذريعة الوقوف في وجه المشروع الأميركي الصهيوني التكفيري على حد تعبيره، وأنه ضد تحويل الحرب إلى حرب مذهبية، وتناسى أن بشار ونظامه ووالده من قبله لم يرحموا أهل سوريا، بل أمعنوا في الظلم والقتل والتعذيب دون أي رادع، وأنه ووالده لو كانوا ضد ما ذكره من المشروع الخطير "الأميركي الصهيوني التكفيري" لقام بتوجيه كل تلك الأسلحة وألقى عشرات آلاف الأطنان من الذخائر على العدو "الصهيوني" بدل أن يطلقها على "الجزء الكبير من شعبه" _ممن يعترض على نظام بشار حسب تعبيره_، بل لو كان قائداً سياسياً مخلصاً وليس عدواً لشعبه لقام بإحراج خصومه وجعل معركته مع "الصهاينة" ودكهم بصواريخ جيشه بدل تدمير بلاده على رؤوس أهلها، وتأجيجه للفتنة الطائفية في البلاد، والفتنة المذهبية في المنطقة الإسلامية كلها.
أيها المسلمون..
إن المشروع الذي ينفذ في المنطقة هو مشروع أميركي فعلاً، وما يجري في سوريا هو جزء منه بل هو الأخطر فيه، ويهدف المشروع إلى ضمان خضوع بلاد المسلمين لإرادة أميركا في هذا القرن، ومما يضمن لهم خضوع المسلمين في هذا القرن هو تبعية المسلمين لأفكار الغرب العلمانية وأنظمتهم التي كرَّس وجودها ما يسمى بالربيع العربي، ومما يضمن لهم كذلك هو تحويل العداء من عداء لأميركا والغرب الكافرين وأتباعهم إلى العداء بين المسلمين أنفسهم، ولذلك عمدوا إلى استعداء المسلمين على بعضهم بالعمل على التفريق بينهم مذهبياً وعرقياً في غفلة من المسلمين وخيانة أو جهل من بعض زعمائهم وعلمائهم.
وكان ما يجري في سوريا هو الجزء الأخطر؛ لأنه يركز على تعميق الاستعداء المذهبي _"سنة" و"شيعة"_ على مستوى العالم الإسلامي ولا يقتصر على الفرز الطائفي في سوريا وحسب.
لقد ضمنت أميركا إلى الآن تنفيذ جزء كبير من مشروعها (الشرق الأوسط الكبير/العظيم)، فهي من كانت وراء إنجاح ما سمي بثورات الربيع العربي والتي طالبت بما يسمى بـ"الدولة المدنية" وهي ذات الدولة العلمانية الحاضرة وإن كان الحاكم قد ظهر أنه جاء بإرادة الشعب، وألبس على الناس اختياره من تيار إسلامي.
وهي الآن في طريقها إلى ضمان ضعف المسلمين واحترابهم لعقود قادمة بعد أن استطاعت بواسطة خداع كثيرين من رموز الأمة واستخدامهم هم وبعض الخونة والعملاء لتركيز الفصل المذهبي والذي سيشطر المنطقة إلى هلال "شيعي" وقوس "سني" بعد أن يوهموا كل طرف بكفر الطرف الآخر وخروجه من الملة.
ومن هنا جاءت خطورة فتوى القرضاوي بخاصة وغيره من العلماء ودعوته هو ورابطة علماء المسلمين مؤخراً إلى الجهاد في سوريا.
ومن هنا كذلك جاءت خطورة قرار زعيم حزب الله حسن نصر الله في الوقوف إلى جانب نظام الطاغية بشار الأسد، وذلك أنه لم يكترث لما يخلفه قراره من ضرر بليغ على العلاقة بين "السنة" و"الشيعة" باعتبار شعبيته عند جزء كبير منهم.
أيها المسلمون..
لقد حصدت الحرب بين العراق وإيران في ثمانينات القرن الماضي أكثر من مليون ونصف المليون من المسلمين ممن يطلق عليهم "سنة" و "شيعة" واستغرقت تلك الحرب ثماني سنوات، ولم تكن الحرب حينذاك معلنة بين "السنة" و"الشيعة"، فكم يا ترى ستستغرق الحرب التي دعا إليها القرضاوي ورابطة علماء المسلمين وبعض زعماء وعلماء المذهب الجعفري ومنهم زعيم حزب الله حسن نصر الله والتي لن تقتصر على ساحة الحرب في سوريا؟
إن تلك الفتنة السوداء إذا لم يتداركها العقلاء من المسلمين ستحصد ملايين الأرواح، وستدمر بلاد المسلمين، وستستمر لعقود قادمة، ولن يحصد نتائجها إلا أميركا الفاجرة بخاصة ومعسكر الكفر بعامة.
أيها المسلمون..
أما ما ورد في البيان الختامي لرابطة علماء المسلمين من الدعوة إلى الجهاد في سوريا، وما أكد عليه زعيم حزب الله من اصطفافه إلى جانب نظام بشار الطائفي وقتاله معه حتى النهاية، فإن تلك الدعوة إلى الجهاد وذلك التأكيد على القتال إنما هو إصرار على قتال الفتنة.
فالإسلام جعل اقتتال المسلمين فيما بينهم بغياً وعدواناً قتالَ فتنة، بل إن الإسلام جعل سِبابَ المسلم فسوقاً وقتاله كفراً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سِباب المسلم فسوق وقتاله كفر" فكيف يكون هذا القتال من الجهاد في سبيل الله؟!! ألم يُعرِّف فقهاء المسلمين الجهاد بأنه بذل الوسع لقتال الكفار إعلاءً لكلمة الله؟! فهل يقاتلُ المسلمون في سورياً كفاراً أم مسلمين؟! وهل من يقتل في تلك المعارك من الجنود السوريين النظاميين وغير النظاميين هل هم من الكفار أم من المسلمين؟! وهل الجيش السوري هو جيش بلد كافر أم جيش بلد مسلم رغم أن نسبة العلويين فيه لا تزيد عن 10- 15% منه ؟! وهل وصل الحال ببعض علماء المسلمين إلى هذا الحد من الاستهتار بالأحكام الشرعية ومن جعل قتل المسلمين بعضهم بعضاً جهاداً في سبيل الله؟! بدلاً من أن يقوموا بواجبهم في حمل الأمة على الوعي على أهداف الكفار ومخططاتهم التي يريدون من خلالها أن يقتل المسلمون بعضهم بعضاً لإبقائهم مشغولين بأنفسهم لزيادة إضعافهم؟!! وبدلاً من أن يدفعوهم لنبذ الفرقة والعمل لتوحيد بلاد المسلمين في دولة واحدة لها راية واحدة يحكمها حاكم واحد، هي دولة الخلافة الإسلامية؟!.
أيها المسلمون في سوريا..
إننا ندرك حجم المأساة التي تعيشونها، وندعوكم لحقن دمائكم؛ لأن الدم لا يجلب عادة إلا دماً، وإن استمرار الاحتراب سيوسع رقعة القتال وقد يتعدى إلى كل بلاد المسلمين المحيطة بكم، ولن يستفيد من هذا القتال إلا أميركا ومعسكر الكفر الذي لا يرقب في المسلمين إلَّا ولا ذمة، ولا يكترث لو سالت دماء المسلمين في كل بقاع الأرض أنهاراً، بل سيبقي على تزويد كل أطراف النزاع بالسلاح الذي يجعله يستمر في القتال، ولن تكون الغلبة لأحد لأن معسكر الكفر هو من يذكي الحرب وهو من تسبب بها لخدمة مشاريعه الهادفة إلى إضعاف المسلمين.
وإننا ندعوكم إلى اقتناص أي فرصة لوقف الاقتتال؛ لأنه لا يُعوَّل على الدول القائمة في بلاد المسلمين لإيقافه لأنهم أدوات أميركا ومعسكر الكفر في إذكائه.
ونطلب منكم أن تتركوا للعقل دوراً، وأن تبادروا بالكف عن البدء بقتال بعضكم جيشاً وشعباً. فتمتنعوا عن الهجوم ونصب الكمائن، والقيام بالعمليات العسكرية، فالخسارة هي من أبنائكم ومقدرات بلادكم .
وإن مما قد يوقف القتال بينكم هو تحويل المعركة مع كيان يهود، فوجهوا أسلحتكم، وأسلحة من وفد إليكم نحو كيان يهود، وليعمل كل عسكري في الجيش على فتح المعركة مع كيان يهود وإحراج نظام الطاغية للدخول إلى المعركة التي يكون فيها من يقتل من الجيش أو الشعب في قتال يهود شهيداً حقاً.
وإننا وإن كنا نحث على ما سبق بكل قوة فإننا نقول لكل من يُعتدى على عرضه أن يقوم بواجب الدفاع عنه، والشرع يجيز القتال عن النفس والمال والأهل، ويوجب الدفاع عن العرض من قبيل دفع الصائل، ولن ينجو بإذن الله من يتعدى على المسلمين وأموالهم وإعراضهم.