المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه



عبد الواحد جعفر
05-05-2013, 11:06 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

كل المسلم على المسلم حرام
دمه وماله وعرضه
أودت أحداث الشغب التي نتجت عن مشاجرة بين طالبين في جامعة الحسين في معان بحياة 4 أشخاص وجرح العشرات، في أسوأ شغب جامعي يحدث في الجامعات الأردنية. وقد شهدت كثير من هذه الجامعات مؤخراً أحداث عنف شبيهة، حيث كانت تمتد إلى خارج الجامعة، وتستعمل فيها الحجارة والهروات وتصل إلى حد استعمال الأسلحة الأوتوماتيكية. والملاحظ تصاعد هذه الموجة من العنف، والتي هي امتداد لعنف آخر يمارس على نطاق واسع بين أبناء المجتمع، من خلافات تتحول سريعاً إلى مشاجرات عنيفة، تحمل في غالبها طابعاً عشائرياً، تمتد لتشمل بلدات وقرى. وهذا الوضع الجديد ناتج حتماً عن سياسة الدولة في شحن المجتمع بأسباب هذه الخلافات والمشاجرات.
أما على صعيد العنف في الجامعات، فإنه وإن كان ناتجاً في الأساس عن أسباب العنف في المجتمع بعامة إلا أن سياسة الدولة تجاه التعليم الأساسي والجامعي كان لها الأثر العظيم في شحن النفوس وربطها بما يفرق لا بما يجمع. أما التعليم الأساسي فإنه يغلب على مناهجه ما يسمى بالتربية الوطنية، التي تحصر الولاء والإنتماء لهذا النظام بمفاهيمه وقيمه التي يستند إليها في وجوده وهي مفاهيم وقيم الغرب الكافر التي تتناقض صراحة مع مفاهيم وقيم الإسلام دين هذه الأمة، فضلاً عما تتبعه من سياسات تعليمية يفرضها عليها الغرب الكافر لإفساد التعليم، وإخراج جيل من الطلبة خال من أية وجهة نظر في الحياة، خلا وجهة نظر الغرب الكافر التي تحشى بها عقول طلابنا. ونظرة سريعة إلى مناهج التعليم، وأساليب التدريس تري بوضوح حجم المأساة التي يعيشها التعليم الأساسي والجامعي في الأردن، وهاهي نتائجه ماثلة للعيان، في إخراج جيل مشبع بثقافة الغرب وخال من ثقافته الإسلامية، فضلاً عن الجهل بالقراءة والكتابة وسياسة الترفيع التلقائي وضرب العملية التربوية والتعليمية بتدمير شخصية المعلم في نظر الطلاب.
أما التعليم الجامعي فإنه أصبح يقوم على الواسطة والمحسوبية وليس على التنافس، فضلاً عن تدخلات الأجهزة الأمنية في الحياة الجامعية وإشاعتها أجواء الخوف والرعب من تسلطها على الطلاب ومنعهم من اختيار ممثليهم في مجالس الطلبة فضلاً عن فرضها تيارات معينة من مؤيدي النظام. وتعزيز الناحية العشائرية الضيقة لإضعاف نفوذ الحركات السياسية داخل هذه الجامعات. علاوة على أسس القبول الجامعي وأسس المنح التي تعطيها الدولة للموالين حتى ولو كانوا لا يستحقونها، وتحرمها من غير الموالين وحتى ولو كانوا يستحقونها، علاوة على التساهل الكامل مع متسببي هذه المشاجرات وعدم اتخاذ عقوبات رادعة في حقهم. وقد أدت مثل هذه السياسات إلى استفحال ظاهرة العنف الجامعي ووصولها إلى مراحل تنذر بالخطر على المجتمع كله، بعد ما حدث في جامعة الحسين في معان التي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى وتدمير لمنشآت الجامعة؛ لتمتد إلى خارج الجامعة من أعمال شغب وقطع للطرق.
كما أن سياسة فرض الاختلاط على الجامعات كانت سبباً من أسباب هذه المشاجرات، وبخاصة وأن كثيراً منها يندلع بين شباب لخلافهم على فتاة!!
ثم إن ما يقوم به مجلس النواب من عقد جلسة لمناقشة هذه الظاهرة الخطيرة لا يعدو كونه خطابات رنانة تكرس المشكلة ولا تحلها، فضلاً عن كون المجلس نفسه سبباً في تعاظم هذه الظاهرة، وقد رأينا هؤلاء النواب أنفسهم وهم يهددون بالأسلحة بعضهم بعضاً أمام عدسات المصورين!!
فالدولة هي المسؤول الأول عن هذه الأحداث الغريبة على المجتمع، وبخاصة وأنها لطالما تغنت بنعمة الأمن والأمان التي كانت تخفي خلفها سياسة مجرمة لتعزيز وجودها عبر سياسات التحشيد وتشجيع الجهوية وربط الولاء بالحاكم وحده، وتعزيز العصبيات الضيقة.
وبناءً على ذلك كله فإن المسؤول عن تفشي هذه الظاهرة؛ ظاهرة العنف والمشاجرات بين الطلاب التي تمتد لتصبح مشاجرات بين عشائر كبيرة هو هذا النظام، فهو المتسبب الأول في هذه الظاهرة، وهو من شجعها عبر اتباع سياسات تنتج العنف حتماً.
كما أن جميع المحاولات التي تتبعها الدولة لمعالجة هذه المشكلة هي محاولات فاشلة لأنها لا تعمد إلى الأسباب الحقيقية وتحلها من جذورها، وإنما تقوم بعقد ندوات وورشات عمل لمعالجة هذه الظاهرة معالجة آنية مؤقتة، سرعان ما تزول وتعود الأحداث الأليمة إلى البروز مرة أخرى.
إن الله عز وجل يقول: {إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم} ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" وقد جعل الشرع حرمة دم المسلم أغلى عند الله من الكعبة المشرفة. فكيف تراق دماء المسلمين بينهم لأسباب واهية تافهة، إما لعصبية جاهلية، أو لنزوة شهوانية، أو لمصالح مادية؟!!
لذلك ندعو أهل الأردن ليدركوا أن هذه المشكلة _العنف في المجتمع والجامعات_ جزء من مشاكل كثيرة يعانونها، وسبب هذه المشاكل جميعاً هو تسليمهم أمورهم لحكام يحكمونهم بغير دينهم الإسلام، وفوق ذلك مرتبطون بالغرب الكافر وعملاء له، ويحرصون على مصالحه أكثر مما يحرصون على مصالح أمتهم. وندعوهم أيضاً إلى العمل الجاد على التخلص منهم وإنهاء هذه المهازل التي نعيشها بسببهم، والمشاكل العميقة التي أوجدوها في حياتنا وأرغمونا على التعايش معها واقعاً لنظل في حال من الضعف والتفكك والتشرذم، حتى لا نعود أمة قوية ومصدر تهديد لهذا الغرب الكافر ولمصالحه في بلادنا.


قال تعالى {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من وال}

22/جمادى الآخرة/1434هـ حزب التحرير
3/5/2013م ولاية الأردن