المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غسيل الادمغة والاحتواء



ابن التحرير
26-03-2013, 02:13 PM
غسيل الأدمغة والاحتواء

أدى تركيز سلطة اتخاذ القرار في أيدي القطاع الخاص في الحياة الأميركية إلى استخدام آليات السوق لتوجيه وضبط الأفكار والمشاعر العامة بحيث اقتصر دور رجل الشارع في كونه مستهلكاً ومتفرجاً وليس مشاركاً، وحيث إن صوت الشعب يجب أن يسمع في المجتمعات الديمقراطية فلقد تمكن أصحاب المصالح الأميركية من تجاوز هذه الإشكالية من خلال غسيل أدمغة مستمر. تؤدي عملية غسيل الأدمغة إلى أن يصبح حديث المواطن العادي متمشياً تماماً مع مفاهيم النخبة الاقتصادية والسياسة، ضمن ما عرف باسم "هندسة الموافقة" فعمليات السيطرة على العقل العام الأميركي تتم بشكل مستمر ومتكرر وتصل إلى ذروتها في فترات الأزمات بحيث يساق الشعب بشكل دائم إلى إدراك أن الحرب لم تنته وبأن بلاده تحارب (وهي بالأحرى ترتكب مجازر) من أجل قضية نبيلة.

ويقابل غسيل الأدمغة في الداخل عملية "الاحتواء" في الخارج، وهما عمليتان متكاملتان ومتشابكتان حيث يلزم تعبئة المواطنين بالداخل لدفع فاتورة سياسة الاحتواء الخارجية. وإلى جانب الاحتواء تسعى الإدارة الأميركية إلى تقسيم العالم إلى مناطق اقتصادية نوعية تخدم كل منها أغراض الشركات الأميركية: فنزويلا والمكسيك والخليج العربي لشفط النفط، أميركا الوسطى والكاريبي لاستعباد العمالة الرخيصة وتجميع المنتجات، الصين للاستهلاك وترويج المنتجات الأميركية.

وعلى هذا النحو فإن ما يريده النظام الأميركي في حقيقة الأمر ليس التجارة الحرة، بل احتكار المستقبل لصالح منظمة "الشركة الأميركية" في حرية دخول الأسواق واستغلال الموارد واحتكار التكنولوجيا والاستثمار والإنتاج العالمي، فهي تطالب لشركاتها بحقوق الملكية في مجال الدواء والزراعة (البذور، المبيدات ... الخ) والتي سيدفع ثمنها الفقراء في الدول النامية متجاهلة الأرباح التي تحققها شركاتها من خلال الحصول "مجاناً" على أسرار أدوية الأعشاب وطرق العلاج الطبيعية الأخرى التي تراكمت خبراتها لدى العالم النامي عبر مئات السنين.

متناسية أن الدول المتقدمة لم تطبق نظم براءة الاختراع في مجال الدواء إلا حديثاً (إيطاليا في عام 1982 واليابان في عام 1976 وألمانيا في عام 1966) بل إن الولايات المتحدة نفسها رفضت في القرن التاسع عشر دعاوى حقوق الملكية بحجة أنها ستعوق التطور الاقتصادي. وفي النهاية فإن حالة من الإحباط قد تتسرب إلى نفس القارئ من تلك الشبكة العالمية المهيمنة على مستقبله ومن التآمر الذي يحيق به من كل جانب،


ملحوظة أرى أن هذا العرض مهم جدا فى ظل ما يحدث فى غزة حاليا ، للتأكيد على أن ماهو موجه للعالم الاسلامى هو جزء من مؤامرة (حقيقية ) أشمل وأكبر ضد العالم الفقير بعامة لانتهاكه واغتصاب ثرواته ، وأن مواجهاتها لا يكون بالشعارات والعواطف وحدها ، ولكن بعد الاستعانة بالله يكون بالتكاتف ووضع الخطط العملية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية أيضا طويلة الأمد لتكون لنا كلمة مسموعة ونخرج من حالة الهوان التى نحن فيها حاليا ، ونحن لسنا بأقل من تركيا أو ايران ، والله المستعان