ابو العبد
05-02-2013, 09:35 PM
قرغيزستان - حزيران/يونيو 2010
اندلع العنف الإثني في جمهورية قرغزستان في آسيا الوسطى في شهر حزيران/يونيو 2010. وقد نُقلَ على نطاق واسع أن قناصة مجهولين فتحوا النار على أعضاء الأقلية الأوزبكية في قرغزستان. وقد نقل موقع "يوريشا":
"في عدد من المحلات الأوزبكية, يقدم السكان شهادة مقنعة على مسلحين يستهدفون أحياءَهم من أماكن مطلة على هذه الأحياء. فقد شهد رجال متمترسون في حي أريغالي نيازوف, على سبيل المثال, أنهم شاهدوا مسلحينَ في الطوابق العليا من فندق معهد طبي مجاور التي تطل على الشوارع الضيقة في الحي. وقالوا إنه في ذروة أحداث العنف, كان هؤلاء المسلحون يغطون المهاجمين وناهبي المحلات, حيث كانوا يمطرون المنطقة بنيران قناصاتهم. وقد سرد رجال في أحياء أوزبكية أخرى قصصاً مشابهة.
"من بين الشائعات والتقارير غير المؤكدة التي انتشرت في قرغزستان بعد الأحداث العنيفة في سنة 2010 وجود خطة لتسميم مصادر المياه التي تزود المناطق الأوزبكية. وقد تم الترويج لشائعات مماثلة ضد نظام تشاوشسكو في رومانيا أثناء الانقلاب المدعوم من "سي آي إيه" في سنة 1989." ويتابع الموقع:
"الكثير من الناس مقتنعون أنهم شاهدوا مرتزقة أجانب يعملون كقناصة. ويتميز هؤلاء المقاتلون الأجانب بمظهرهم؛ إذ قال السكان إنهم رؤوا قناصة سود, وقناصة نساء طويلات وشقراوات من دول البلطيق. كما شاعت فكرة القناصة الإنكليز الذين كانوا يجوبون شوارع أوشو ويطلقون النار على الأوزبكيين. ولكن لم تحصل أية تأكيدات مستقلة لهذه المشاهدات من قبل الصحفيين الأجانب أو الممثلين عن المنظمات الدولية."
لم يتم التحقيق في أي من هذه التقارير بشكل مستقل. ولذلك من المستحيل بناء أية نتائج على هذه القصص.
اندلع العنف الإثني ضد المواطنين الأوزبكيين بالتساوق مع انتفاضة شعبية ضد النظام المدعوم من الولايات المتحدة, والتي عزاها العديد من المحللين لمخططات موسكو.
جاء نظام باكييف إلى السلطة في انقلاب شعبي مدعوم من "سي آي إيه" عرفه العالم باسم "ثورة التوليب" في 2005.
تستضيف قرغزستان, الكائنة إلى الغرب من الصين وعلى حدود أفغانستان, واحدة من أهم القواعد العسكرية الأمريكية في آسيا الوسطى, "قاعدة ماناس الجوية", وهي حيوية لاحتلال الناتو لأفغانستان المجاورة.
على الرغم من القلق القائم, إلا أن العلاقات الأمريكية – القرغزستانية بقيت جيدة في ظل نظام روزا أوتونباييفا. وليس هذا مفاجئاً لأن أوتونباييفا شاركت في "ثورة التوليب" التي أطلقتها الولايات المتحدة في سنة 2004, حيث احتلت منصب وزيرة الخارجية.
لم يتم إجراء أي تحقيق حتى الآن في أسباب العنف الإثني الذي انتشر في أرجاء جنوب قرغزستان في سنة 2010, كما لم يتم تحديد هوية عصابات القناصة المجهولين أو اعتقالهم.
إذا أخذنا بالاعتبار الأهمية الجيو – إستراتيجية والجيو – سياسية لقرغزستان بالنسبة إلى الولايات المتحدة وروسيا, وتاريخ الولايات المتحدة في استخدام فرق الموت لتقسيم وإضعاف الدول بهدف ترسيخ الهيمنة الأمريكية, لا يمكننا استبعاد التورط الأمريكي في نشر الإرهاب في قرغزستان. إذ إن إحدى الطرق الفعالة في استمرار الهيمنة على بلدان آسيا الوسطى تتمثل في إذكاء التوترات الإثنية.
في 6 آب/أغسطس 2008, أشارت الصحيفة الروسية "كومرسات" إلى اكتشاف مخبأ أسلحة في منزل في العاصمة القرغيزية بيشكيك كان يستأجره مواطنان أمريكيان. وقد ادعت السفارة الأمريكية أن الأسلحة كانت تستخدم في تدريبات "مكافحة الإرهاب". لكن السلطات القرغيزية لم تؤكد ذلك.
أثبت الدعم العسكري الأمريكي السري للمجموعات الإرهابية في جمهورية يوغوسلافيا الفدرالية السابقة أنه إستراتيجية فعالة في خلق شروط القصف "الإنساني" في سنة 1999. إذ إن إحدى الوسائل الفعالة التي تساعد في الحفاظ على تعاون الحكومة في بيشكيك مع أمريكا تتمثل في الإصرار على التواجد الأوروبي و الأمريكي في البلاد للمساعدة في "حماية" الأقلية الأوزبكية.
دعت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى تدخل عسكري شبيه بالتدخل الذي حصل في يوغوسلافيا السابقة من قبل "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا", حيث حملت مقالتها المضللة حول أعمال الشغب في 24 حزيران/يونيو 2010 حملت العنوان التالي: "قرغزستان تطلب ‘فرقاً بوليسية’ من ‘المنظمة الأمنية الأوروبية’". المقالة مضللة لأن العنوان يناقض التقرير الفعلي الذي يقتبس القولَ التالي لأحد المسؤولين القرغيزيين:
"قال متحدث باسم الحكومة إن المسؤولين ناقشوا وجود قوات بوليس خارجية مع ‘منظمة الأمن والتعاون في أوروبا’, لكنه قال إنه لا يستطيع تأكيد التقدم بطلب لنشر هذه القوات."
ليس هناك أي دليل في المقالة على أي طلب تقدمت به الحكومة القرغيزية للتدخل العسكري. وفي الحقيقة, تقدم المقالة دلائلَ كثيرة على النقيض من ذلك. ومع ذلك, قبل أن يتمكن القارىء من قراءة توضيح الحكومة القرغيزية, يقدم كاتب ‘نيويورك تايمز’ ذلك السرد المرعب المألوف الآن حول الناس المقهورين الذين يستجدون الغرب ليأتي وقصفَ بلدهم أو يحتلها:
"تداعى الأوزبكيون في الجنوب مطالبين بالتدخل الدولي. وقال العديد من الأوزبكيين إنهم تعرضوا للهجوم في أحيائهم ليس فقط من قبل الرعاع المدنيين بل أيضاً من قبل الجيش القرغيزي وضباط الأمن."
في نهاية المقالة فقط نكتشف أن السلطات القرغيزية ألقت اللومَ على الدكتاتور المدعوم من الولايات المتحدة في إذكاء العنف الإثني في البلاد, وذلك من خلال استخدام الجهاديين الإسلاميين في أوزبكستان. إن سياسة استخدام التوتر الإثني لخلق بيئة من الخوف بهدف دعم دكتاتورية مرفوضة شعبياً, سياسة استخدام الجهاديين الإسلامويين كأداة سياسية لخلق ما أسماه مستشار الأمن الأمريكي السابق زبجنيو بريجنسكي "منحنى الأزمة", تتقاطع مع تاريخ التورط الأمريكي في آسيا الوسطى منذ إنشاء القاعدة في أفغانستان وحتى يومنا هذا.
ومرة أخرى يبقى السؤال: من هم أولئك "القناصة المجهولون" الذين زرعوا الرعب في قلوب السكان الأوزبكيين, ومن أين جاءت أسلحتهم, ومن هو المستفيد من العنف الإثني في هذه المنطقة الجيوسياسية الساخنة في آسيا الوسطى؟
اندلع العنف الإثني في جمهورية قرغزستان في آسيا الوسطى في شهر حزيران/يونيو 2010. وقد نُقلَ على نطاق واسع أن قناصة مجهولين فتحوا النار على أعضاء الأقلية الأوزبكية في قرغزستان. وقد نقل موقع "يوريشا":
"في عدد من المحلات الأوزبكية, يقدم السكان شهادة مقنعة على مسلحين يستهدفون أحياءَهم من أماكن مطلة على هذه الأحياء. فقد شهد رجال متمترسون في حي أريغالي نيازوف, على سبيل المثال, أنهم شاهدوا مسلحينَ في الطوابق العليا من فندق معهد طبي مجاور التي تطل على الشوارع الضيقة في الحي. وقالوا إنه في ذروة أحداث العنف, كان هؤلاء المسلحون يغطون المهاجمين وناهبي المحلات, حيث كانوا يمطرون المنطقة بنيران قناصاتهم. وقد سرد رجال في أحياء أوزبكية أخرى قصصاً مشابهة.
"من بين الشائعات والتقارير غير المؤكدة التي انتشرت في قرغزستان بعد الأحداث العنيفة في سنة 2010 وجود خطة لتسميم مصادر المياه التي تزود المناطق الأوزبكية. وقد تم الترويج لشائعات مماثلة ضد نظام تشاوشسكو في رومانيا أثناء الانقلاب المدعوم من "سي آي إيه" في سنة 1989." ويتابع الموقع:
"الكثير من الناس مقتنعون أنهم شاهدوا مرتزقة أجانب يعملون كقناصة. ويتميز هؤلاء المقاتلون الأجانب بمظهرهم؛ إذ قال السكان إنهم رؤوا قناصة سود, وقناصة نساء طويلات وشقراوات من دول البلطيق. كما شاعت فكرة القناصة الإنكليز الذين كانوا يجوبون شوارع أوشو ويطلقون النار على الأوزبكيين. ولكن لم تحصل أية تأكيدات مستقلة لهذه المشاهدات من قبل الصحفيين الأجانب أو الممثلين عن المنظمات الدولية."
لم يتم التحقيق في أي من هذه التقارير بشكل مستقل. ولذلك من المستحيل بناء أية نتائج على هذه القصص.
اندلع العنف الإثني ضد المواطنين الأوزبكيين بالتساوق مع انتفاضة شعبية ضد النظام المدعوم من الولايات المتحدة, والتي عزاها العديد من المحللين لمخططات موسكو.
جاء نظام باكييف إلى السلطة في انقلاب شعبي مدعوم من "سي آي إيه" عرفه العالم باسم "ثورة التوليب" في 2005.
تستضيف قرغزستان, الكائنة إلى الغرب من الصين وعلى حدود أفغانستان, واحدة من أهم القواعد العسكرية الأمريكية في آسيا الوسطى, "قاعدة ماناس الجوية", وهي حيوية لاحتلال الناتو لأفغانستان المجاورة.
على الرغم من القلق القائم, إلا أن العلاقات الأمريكية – القرغزستانية بقيت جيدة في ظل نظام روزا أوتونباييفا. وليس هذا مفاجئاً لأن أوتونباييفا شاركت في "ثورة التوليب" التي أطلقتها الولايات المتحدة في سنة 2004, حيث احتلت منصب وزيرة الخارجية.
لم يتم إجراء أي تحقيق حتى الآن في أسباب العنف الإثني الذي انتشر في أرجاء جنوب قرغزستان في سنة 2010, كما لم يتم تحديد هوية عصابات القناصة المجهولين أو اعتقالهم.
إذا أخذنا بالاعتبار الأهمية الجيو – إستراتيجية والجيو – سياسية لقرغزستان بالنسبة إلى الولايات المتحدة وروسيا, وتاريخ الولايات المتحدة في استخدام فرق الموت لتقسيم وإضعاف الدول بهدف ترسيخ الهيمنة الأمريكية, لا يمكننا استبعاد التورط الأمريكي في نشر الإرهاب في قرغزستان. إذ إن إحدى الطرق الفعالة في استمرار الهيمنة على بلدان آسيا الوسطى تتمثل في إذكاء التوترات الإثنية.
في 6 آب/أغسطس 2008, أشارت الصحيفة الروسية "كومرسات" إلى اكتشاف مخبأ أسلحة في منزل في العاصمة القرغيزية بيشكيك كان يستأجره مواطنان أمريكيان. وقد ادعت السفارة الأمريكية أن الأسلحة كانت تستخدم في تدريبات "مكافحة الإرهاب". لكن السلطات القرغيزية لم تؤكد ذلك.
أثبت الدعم العسكري الأمريكي السري للمجموعات الإرهابية في جمهورية يوغوسلافيا الفدرالية السابقة أنه إستراتيجية فعالة في خلق شروط القصف "الإنساني" في سنة 1999. إذ إن إحدى الوسائل الفعالة التي تساعد في الحفاظ على تعاون الحكومة في بيشكيك مع أمريكا تتمثل في الإصرار على التواجد الأوروبي و الأمريكي في البلاد للمساعدة في "حماية" الأقلية الأوزبكية.
دعت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى تدخل عسكري شبيه بالتدخل الذي حصل في يوغوسلافيا السابقة من قبل "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا", حيث حملت مقالتها المضللة حول أعمال الشغب في 24 حزيران/يونيو 2010 حملت العنوان التالي: "قرغزستان تطلب ‘فرقاً بوليسية’ من ‘المنظمة الأمنية الأوروبية’". المقالة مضللة لأن العنوان يناقض التقرير الفعلي الذي يقتبس القولَ التالي لأحد المسؤولين القرغيزيين:
"قال متحدث باسم الحكومة إن المسؤولين ناقشوا وجود قوات بوليس خارجية مع ‘منظمة الأمن والتعاون في أوروبا’, لكنه قال إنه لا يستطيع تأكيد التقدم بطلب لنشر هذه القوات."
ليس هناك أي دليل في المقالة على أي طلب تقدمت به الحكومة القرغيزية للتدخل العسكري. وفي الحقيقة, تقدم المقالة دلائلَ كثيرة على النقيض من ذلك. ومع ذلك, قبل أن يتمكن القارىء من قراءة توضيح الحكومة القرغيزية, يقدم كاتب ‘نيويورك تايمز’ ذلك السرد المرعب المألوف الآن حول الناس المقهورين الذين يستجدون الغرب ليأتي وقصفَ بلدهم أو يحتلها:
"تداعى الأوزبكيون في الجنوب مطالبين بالتدخل الدولي. وقال العديد من الأوزبكيين إنهم تعرضوا للهجوم في أحيائهم ليس فقط من قبل الرعاع المدنيين بل أيضاً من قبل الجيش القرغيزي وضباط الأمن."
في نهاية المقالة فقط نكتشف أن السلطات القرغيزية ألقت اللومَ على الدكتاتور المدعوم من الولايات المتحدة في إذكاء العنف الإثني في البلاد, وذلك من خلال استخدام الجهاديين الإسلاميين في أوزبكستان. إن سياسة استخدام التوتر الإثني لخلق بيئة من الخوف بهدف دعم دكتاتورية مرفوضة شعبياً, سياسة استخدام الجهاديين الإسلامويين كأداة سياسية لخلق ما أسماه مستشار الأمن الأمريكي السابق زبجنيو بريجنسكي "منحنى الأزمة", تتقاطع مع تاريخ التورط الأمريكي في آسيا الوسطى منذ إنشاء القاعدة في أفغانستان وحتى يومنا هذا.
ومرة أخرى يبقى السؤال: من هم أولئك "القناصة المجهولون" الذين زرعوا الرعب في قلوب السكان الأوزبكيين, ومن أين جاءت أسلحتهم, ومن هو المستفيد من العنف الإثني في هذه المنطقة الجيوسياسية الساخنة في آسيا الوسطى؟