من تونس
08-01-2013, 12:46 AM
تنفرد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم و تقوم بدورها هذا معتمدة على كل ما تتوفر عليه من قوة و سطوة و دهاء ترسم للبشرية خط التمثل الحضاري قائما على نزعات الفرد منفلتا في حياته الدنيا من كل ضابط يرطبت بما قبل حياته الدنيا و بعدها و قد شيدت تلكم الحضارة بناءا على ارث القارة العجوز و في غياب دولة العدل الموصولة بحبل الوحي أمكن لها السيطرة على الانسانية و قيادتها فكرا و سلوكا مأمنة لنفسها جانب القيادة و القوامة فتصيغ المخططات و توجه الرأي العام و تنفرد بالموقف المأثر دوليا و تجعل من بقية الأمم حقل تجارب و موضع تشكيل حسب الظرف و من هذه الأمم بل أهما أمة الاسلام التي من المفترض أن تنازعها بمبدئها على قيادة الانسانية غير أنها لم تتلتئم بعد لاعتلاء مكانتها الحقيقية في المشهد العالمي على جدارتها الأكيدة بذلك و هو أمر معلوم لدى الولايات المتحدة سواء باستقرائها للتاريخ أو بمعاينتها الآن للتحفز الجاري في جسم الأمة للنهوض الجديد و هي لعلمها بهذا تحاول استباق الزمن و جرف التربة الخصبة متمثلة في الأمة و النأي بها عن امكانية اكتشاف النفس بما يعنيه من اكتشاف قدرة الفعل و قدرة الانبعاث بل أكثر من ذلك تأكّد فيها جانب الضعف و التخلف الواقع من جهة ما يفترضه منطقيا من ضرورة الاعتماد عليها في الوقوف على ممكنات النهوض سياسيا و حضاريا و هذا الذي يفسر و يا للأسف ارتماء بعض من زعماء الأمة على نيل رضاها و الربط معها في نخاسة الأفكار و منهم من يرفع شعار الاسلام هو الحل و هي أي الولايات المتحدة لها أن تترجل في ساحات التغيير (الثورات) و تملي على الأشهاد خطة الانتقال الديمقراطي و تحرك لغياتها تلك جملة المضبوعين من أبناء الأمة في اطار حرب الأفكار التي أعلنتها و أعدت عدتها لخوضها بل جعلتها قضية حياة أو موت بالنسبة لها و قد عبّر ساساتها بمن في أبوما عن ذلك جهارا نهارا و انّه و ان كانت الحرب هذه تتمّ بين دولة عظمى (أمريكا) و أمة عظيمة في غياب دولتها و هي أمتنا الاسلامية المجيدة لا يبدو فيها التكافؤ من حيث القوة المادية الداعمة و الممثلة عيانا لعظمة الاسلام الخالد مجسدا اليوم في دولة الخلافة الاّ أنّ جدارة الاسلام بالقيادة يبرز في نظمه الرائعة و رجالاته المفكرين القادة في مبدئيتهم و وعيهم بطبيعة الصراع بوصفه صراع بين الكفر و الاسلام و انّه و حتى و ان استمرّ مسلسل التلاعب بالأمة و قيادتها قيادة الأنعام منذ القرن التاسع عشر و الى اليوم بداية بالشعوبية فالوطنية فالاعتدال فانّ الذي لا ينكره عاقل هو أنّ الكافر المستعمر قد أتى على كل مشاريع التتويه كاملة و هو اليوم يقدم ذخيرة الأخيرة الباقية في جعبته ثورات الربيع باسلامها المعتدل و فاته أنّ المصطنع و المركّب لا يستقرّ لأنّه لا أساس له يقوم عليه ثم لأنّ الأمة اليوم قد دبّ فيها الوعي و ان كان لم يجسد حركة انقلابية واعية حتى الآن غير أنّ الحقيقة التي لا مراء فيها أنّ أمتنا اليوم دبّت فيها مفاهيم الاسلام الناظمة للحياة و أضحى الواعون قادة الأمة بالمرصاد لخطط الكافر المستعمر و الوعي بالاسلام العظيم و الذي كان مقصورا على أفراد صار اليوم يشمل الآلاف من أبناء الأمة بل الملايين منهم فالأمة و ان ابتليت بالمضبوعين دهرا غير أنّها اليوم تحمل في أحشائها وليدها الذي ينتظر أيام الله لكي يبعث من جديد دولة ترعى الشؤون و تحفظ بيضة الاسلام و تحمله نورا للعالمين