عبد الواحد جعفر
20-11-2012, 04:02 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
التعليق السياسي
يمثل العدوان "الإسرائيلي" الجاري على غزة في ظاهره اختباراً عسيراً للنظام الجديد في مصر حتى يثبت صدق ما أعلنه محمد مرسي من أن "مصر اليوم ليست هي مصر بالأمس".
أما في باطنه فإن أميركا تريد من هذا العدوان تحقيق هدف أساسي وهو وضع إطار جديد لشكل العلاقة بين مصر و"إسرائيل"، ودور مصر في المنطقة، وبخاصة فيما يخص كيفية وحدود احتضان القضية الفلسطينية. وبخصوص هذا الأمر الأخير فقد سبق للرئيس محمد مرسي أن أعلن بعد ساعات من فوزه رئيساً لمصر أنه يؤيد مراجعة اتفاقات السلام التي وقعتها مصر مع "إسرائيل" قائلاً: "سنقوم بالنظر في جميع الاتفاقيات؛ كامب ديفيد وغيرها، التي تمت بين مصر و"إسرائيل" من أجل تحقيق مصلحة مصر وفلسطين أولاً".
وكانت زيارة أمير قطر التي كسرت حاجز الحصار السياسي على غزة قد مهدت عملياً للدور المصري الجديد حيث صرَّح أمير قطر أن زيارته ما كانت أن تتم لولا الدور الذي لعبته مصر.
ولقد كان من نتائج هذا العدوان على غزة تلك الزيارات التي قام بها وفدا مصر وتونس إلى غزة لإظهار التضامن وإبراز أن قيادات الربيع العربي وأبرزها القيادة المصرية تختلف في تعاملها مع قضية فلسطين عن سابقاتها.
والظاهر أن مما تسعى القيادة المصرية إلى تحقيقه وبدعم عربي وتركي ورغبة "إسرائيلية" هو الوصول إلى تحقيق هدنة طويلة المدى تشبه الهدنة التي وُقعت بين "إسرائيل" وحزب الله في جنوب لبنان. وكل التحركات من مثل سحب السفير المصري والاتصالات التي قام بها مرسي مع ملك الأردن وملك السعودية وباراك أوباما، ولقاءاته في القاهرة مع أردوغان وأمير قطر، تصب في هذا الإتجاه، وقد ذكرت الصحافة "الإسرائيلية" أن أحد الشروط "الإسرائيلية" للتهدئة توقيع هدنة مدتها خمسة عشر عاماً.
أما على الأرض فالزيارة التي قام بها رئيس الوزراء المصري هشام قنديل إلى غزة والجهود التي يقوم بها اللواء رأفت شحاته مدير الاستخبارات المصرية في القاهرة مع خالد مشعل وموسى أبو مرزوق فإنها تصب في اتجاه تقديم حزمة اقتراحات إلى حماس تتضمن وقف إطلاق النار مع "إسرائيل" مقابل موافقة مصر على إعادة فتح معبر رفح أمام البضائع المتجهة إلى غزة، كما ستقوم القاهرة بالتباحث حول خطة إعادة الإعمار الاقتصادي في القطاع، والتي سيتم تمويلها من خلال قطر التي تعهدت بمنح غزة مساعدات بقيمة 400 مليون دولار، وفي مقابل ذلك ستكون حماس مطالبة بإعداد خطة عمل يمكن من خلالها مجابهة التنظيمات العسكرية العاملة في سيناء والمتمركزة في غزة.
وإذا ما نجحت مصر في ذلك، وهذا أغلب الظن فإن أميركا تكون قد حققت تأكيد الدور الجديد لمصر "الثورة" باعتبارها نصيراً للقضية الفلسطينية ( لن نترك غزة وحدها) على خلاف ما كان عليه الحال مع حسني مبارك، وفي نفس الوقت لم تتخلَّ مصرُ عن اتفاقية السلام مع "إسرائيل" _مع إمكانية إحداث تعديلات عليها_ بل على العكس من ذلك يكون محمد مرسي قد ركّز هذه الإتفاقية وكسبت "إسرائيل" الأمان لحدودها من جهتي سيناء وغزة.
وتستفيد أميركا مما يحدث في تحريك القضية الفلسطينية على مسرح السياسة الدولية مع عودة أوباما لفترة حكم ثانية وتأهب السلطة الفلسطينية للتقدم بطلب جعل فلسطين عضواً مراقباً في الأمم المتحدة في أواخر هذا الشهر تشرين ثاني/نوفمبر.
ورغم إظهار أميركا محاولتها التملص من هذا الاستحقاق الدولي إلا أنها تتخذ من ذلك فعلياً أداة للضغط على "إسرائيل" للعودة إلى المفاوضات.
ومما يزيد في الضغوط على "إسرائيل" أن ما يجري على الأرض يوجه رسالة مضمونة الوصول إلى الرأي العام في "إسرائيل" أن تفوقهم العسكري (بما في ذلك امتلاك نظام القبة الحديدية) لن يجلب لهم الأمن بعد أن نجحت الفصائل الفلسطينية في قصف تل أبيب والقدس بصواريخ فجر5، وبالتالي فلا أمن لـ"إسرائيل" إلا من خلال الاتفاقات والسير في عملية السلام وبخاصة بعد "تحرر العرب من الدكتاتوريات القديمة"، حيث شكلت زيارة الوفدين المصري والتونسي ثم الوفد العربي إلى غزة ثمرة لثورات الربيع العربي التي أنتجت حكاماً يتناغمون مع تطلعات شعوبهم في نصرة القضية الفلسطينية بالفعل لا بالقول ولكن بعيداً عن إعلان الجهاد!
والظاهر أن حصول هدنة تلعب فيها مصر الدور الرئيس أمر متوقع الحصول قريباً، بل إن خالد مشعل صرَّح اليوم أن نتانياهو قد طلب الهدنة من خلال أميركا ومصر، ولا يستبعد أن يكون نتانياهو قد فعل ذلك بعد أن ضمن تذكير الرأي العام بأجواء حرب جنوب لبنان سنة 2006م وما يمكن أن يجرُّه الاستمرارُ في العدوان من ورطة جديدة تزيد في عزلة دولتهم فضلاً عن خسائر معنوية ومادية لجيشهم أمام مليشيات، وبخاصة أن الجيش قد تقصد إظهار استدعاء عدد هائل من الاحتياطي (75000) وتم الحديث عن معارك قد تستمر لسبعة أسابيع، مما يزيد في رعب الشارع "الإسرائيلي"، ويدفعه لقبول مفاوضات السلام.
أيها المسلمون..
إن اليهود الذين أظهرت الفضائيات رعبهم وهلعهم وهم يركضون فزعين إلى الملاجئ هرباً من صواريخ تعتبر بدائية الصنع إنما هم فعلاً وهمٌ كبيرٌ قد صنعه الكافر المستعمر ورعاه وصوره أكبر من حجمه بكثير.
وأن جيوشَ الأمة المحيطة بكيان يهود قادرة فعلاً _لو كانت هناك قيادات مخلصة وغير مرعوبة بوهم قدرات جيش يهود المبالغ في حجمها_ على إزالة كيان يهود دون أن تقع كل تلك المآسي لأطفال ونساء وشيوخ المسلمين الذين مزقتهم وتمزقهم أسلحة اليهود أشلاءً، وقادة وضباط الجيوش ينظرون متوهمين عجزهم عن رد أولئك القتلة الجبناء.
والذي ينبغي أن توصله قيادات الأمة الواعية والمؤثرين فيها للقيادة السياسية الجديدة في مصر أن العلاقة مع أميركا والخوف من سطوة دول الكفر لن تفيدها كما لم تفد من كان قبلها، وأن أميركا إنما تخطط لتخدم مصالحها وحسب، ولن يكون لدور مصر أو تركيا الإقليمي أية فائدة للأمة ما لم يجري الانعتاق من أي خضوع أو ترتيبات مع دول الكفر وبخاصة رأس الكفر أميركا. وأن الاستناد إلى الأمة وطاقاتها هو البديل الشرعي والصائب عن الاستناد للأجنبي. وأن الإسلام الذي كان ينبغي عليكم تطبيقه منذ أول يوم وصلتم به إلى الحكم كواجب شرعي يقتضي منكم أن تأمروا الجيش المصري للقيام بنصرة أبناء الأمة في غزة، لا أن يقوم ذلك الجيش بتمشيط سيناء من المسلحين، وكأنه يقوم بتحرير جزء من أرض فلسطين، واليهود على مرمى حجر من مواقع جيش الأمة في مصر.
قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم}
6/محرم/1434هـ حزب التحرير
20/11/2012م
التعليق السياسي
يمثل العدوان "الإسرائيلي" الجاري على غزة في ظاهره اختباراً عسيراً للنظام الجديد في مصر حتى يثبت صدق ما أعلنه محمد مرسي من أن "مصر اليوم ليست هي مصر بالأمس".
أما في باطنه فإن أميركا تريد من هذا العدوان تحقيق هدف أساسي وهو وضع إطار جديد لشكل العلاقة بين مصر و"إسرائيل"، ودور مصر في المنطقة، وبخاصة فيما يخص كيفية وحدود احتضان القضية الفلسطينية. وبخصوص هذا الأمر الأخير فقد سبق للرئيس محمد مرسي أن أعلن بعد ساعات من فوزه رئيساً لمصر أنه يؤيد مراجعة اتفاقات السلام التي وقعتها مصر مع "إسرائيل" قائلاً: "سنقوم بالنظر في جميع الاتفاقيات؛ كامب ديفيد وغيرها، التي تمت بين مصر و"إسرائيل" من أجل تحقيق مصلحة مصر وفلسطين أولاً".
وكانت زيارة أمير قطر التي كسرت حاجز الحصار السياسي على غزة قد مهدت عملياً للدور المصري الجديد حيث صرَّح أمير قطر أن زيارته ما كانت أن تتم لولا الدور الذي لعبته مصر.
ولقد كان من نتائج هذا العدوان على غزة تلك الزيارات التي قام بها وفدا مصر وتونس إلى غزة لإظهار التضامن وإبراز أن قيادات الربيع العربي وأبرزها القيادة المصرية تختلف في تعاملها مع قضية فلسطين عن سابقاتها.
والظاهر أن مما تسعى القيادة المصرية إلى تحقيقه وبدعم عربي وتركي ورغبة "إسرائيلية" هو الوصول إلى تحقيق هدنة طويلة المدى تشبه الهدنة التي وُقعت بين "إسرائيل" وحزب الله في جنوب لبنان. وكل التحركات من مثل سحب السفير المصري والاتصالات التي قام بها مرسي مع ملك الأردن وملك السعودية وباراك أوباما، ولقاءاته في القاهرة مع أردوغان وأمير قطر، تصب في هذا الإتجاه، وقد ذكرت الصحافة "الإسرائيلية" أن أحد الشروط "الإسرائيلية" للتهدئة توقيع هدنة مدتها خمسة عشر عاماً.
أما على الأرض فالزيارة التي قام بها رئيس الوزراء المصري هشام قنديل إلى غزة والجهود التي يقوم بها اللواء رأفت شحاته مدير الاستخبارات المصرية في القاهرة مع خالد مشعل وموسى أبو مرزوق فإنها تصب في اتجاه تقديم حزمة اقتراحات إلى حماس تتضمن وقف إطلاق النار مع "إسرائيل" مقابل موافقة مصر على إعادة فتح معبر رفح أمام البضائع المتجهة إلى غزة، كما ستقوم القاهرة بالتباحث حول خطة إعادة الإعمار الاقتصادي في القطاع، والتي سيتم تمويلها من خلال قطر التي تعهدت بمنح غزة مساعدات بقيمة 400 مليون دولار، وفي مقابل ذلك ستكون حماس مطالبة بإعداد خطة عمل يمكن من خلالها مجابهة التنظيمات العسكرية العاملة في سيناء والمتمركزة في غزة.
وإذا ما نجحت مصر في ذلك، وهذا أغلب الظن فإن أميركا تكون قد حققت تأكيد الدور الجديد لمصر "الثورة" باعتبارها نصيراً للقضية الفلسطينية ( لن نترك غزة وحدها) على خلاف ما كان عليه الحال مع حسني مبارك، وفي نفس الوقت لم تتخلَّ مصرُ عن اتفاقية السلام مع "إسرائيل" _مع إمكانية إحداث تعديلات عليها_ بل على العكس من ذلك يكون محمد مرسي قد ركّز هذه الإتفاقية وكسبت "إسرائيل" الأمان لحدودها من جهتي سيناء وغزة.
وتستفيد أميركا مما يحدث في تحريك القضية الفلسطينية على مسرح السياسة الدولية مع عودة أوباما لفترة حكم ثانية وتأهب السلطة الفلسطينية للتقدم بطلب جعل فلسطين عضواً مراقباً في الأمم المتحدة في أواخر هذا الشهر تشرين ثاني/نوفمبر.
ورغم إظهار أميركا محاولتها التملص من هذا الاستحقاق الدولي إلا أنها تتخذ من ذلك فعلياً أداة للضغط على "إسرائيل" للعودة إلى المفاوضات.
ومما يزيد في الضغوط على "إسرائيل" أن ما يجري على الأرض يوجه رسالة مضمونة الوصول إلى الرأي العام في "إسرائيل" أن تفوقهم العسكري (بما في ذلك امتلاك نظام القبة الحديدية) لن يجلب لهم الأمن بعد أن نجحت الفصائل الفلسطينية في قصف تل أبيب والقدس بصواريخ فجر5، وبالتالي فلا أمن لـ"إسرائيل" إلا من خلال الاتفاقات والسير في عملية السلام وبخاصة بعد "تحرر العرب من الدكتاتوريات القديمة"، حيث شكلت زيارة الوفدين المصري والتونسي ثم الوفد العربي إلى غزة ثمرة لثورات الربيع العربي التي أنتجت حكاماً يتناغمون مع تطلعات شعوبهم في نصرة القضية الفلسطينية بالفعل لا بالقول ولكن بعيداً عن إعلان الجهاد!
والظاهر أن حصول هدنة تلعب فيها مصر الدور الرئيس أمر متوقع الحصول قريباً، بل إن خالد مشعل صرَّح اليوم أن نتانياهو قد طلب الهدنة من خلال أميركا ومصر، ولا يستبعد أن يكون نتانياهو قد فعل ذلك بعد أن ضمن تذكير الرأي العام بأجواء حرب جنوب لبنان سنة 2006م وما يمكن أن يجرُّه الاستمرارُ في العدوان من ورطة جديدة تزيد في عزلة دولتهم فضلاً عن خسائر معنوية ومادية لجيشهم أمام مليشيات، وبخاصة أن الجيش قد تقصد إظهار استدعاء عدد هائل من الاحتياطي (75000) وتم الحديث عن معارك قد تستمر لسبعة أسابيع، مما يزيد في رعب الشارع "الإسرائيلي"، ويدفعه لقبول مفاوضات السلام.
أيها المسلمون..
إن اليهود الذين أظهرت الفضائيات رعبهم وهلعهم وهم يركضون فزعين إلى الملاجئ هرباً من صواريخ تعتبر بدائية الصنع إنما هم فعلاً وهمٌ كبيرٌ قد صنعه الكافر المستعمر ورعاه وصوره أكبر من حجمه بكثير.
وأن جيوشَ الأمة المحيطة بكيان يهود قادرة فعلاً _لو كانت هناك قيادات مخلصة وغير مرعوبة بوهم قدرات جيش يهود المبالغ في حجمها_ على إزالة كيان يهود دون أن تقع كل تلك المآسي لأطفال ونساء وشيوخ المسلمين الذين مزقتهم وتمزقهم أسلحة اليهود أشلاءً، وقادة وضباط الجيوش ينظرون متوهمين عجزهم عن رد أولئك القتلة الجبناء.
والذي ينبغي أن توصله قيادات الأمة الواعية والمؤثرين فيها للقيادة السياسية الجديدة في مصر أن العلاقة مع أميركا والخوف من سطوة دول الكفر لن تفيدها كما لم تفد من كان قبلها، وأن أميركا إنما تخطط لتخدم مصالحها وحسب، ولن يكون لدور مصر أو تركيا الإقليمي أية فائدة للأمة ما لم يجري الانعتاق من أي خضوع أو ترتيبات مع دول الكفر وبخاصة رأس الكفر أميركا. وأن الاستناد إلى الأمة وطاقاتها هو البديل الشرعي والصائب عن الاستناد للأجنبي. وأن الإسلام الذي كان ينبغي عليكم تطبيقه منذ أول يوم وصلتم به إلى الحكم كواجب شرعي يقتضي منكم أن تأمروا الجيش المصري للقيام بنصرة أبناء الأمة في غزة، لا أن يقوم ذلك الجيش بتمشيط سيناء من المسلحين، وكأنه يقوم بتحرير جزء من أرض فلسطين، واليهود على مرمى حجر من مواقع جيش الأمة في مصر.
قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم}
6/محرم/1434هـ حزب التحرير
20/11/2012م