المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلم والظن



الفاروق
26-08-2012, 11:10 PM
السلام عليكم
هل في القران ظن في الدلالة وهل الله عندما انزل القران اراد لنا ان نفسر الايات باكثر من معنى حتى يعم الخلاف بفهم النصوص ام ان ما يحدث هو عبارة عن عجز واجه البشر بفهم اية ما فصعب عليهم فهم مدلولاتها واصبحوا يتبعوا ما تشابه من الظن . هل يجوز للمسلم اتباع الظن وهل تقوم بالظن الحجة على الدين؟

العلم والظن
بسم الله الرحمن الرحيم
( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا )
العلم والظن
إن المفردات المستخدمة في القرآن الكريم لها معاني وهي إما معاني لغوية وإما معاني شرعية.
أولاً:المعنى اللغوي:
ويمكن معرفة المعنى اللغوي بإرجاع المفردة إلى أصلها الثلاثي أو الرباعي المجرد, ثم نبحث في المعاجم عن ذلك الأصل فنجد ما يلي:
1: المعنى الأصلي الذي وُضعت له المفردة, وهذا المعنى هو الذي يجب أن نأخذه لفهم معنى الآية, فإذا تعذر فهم النص على ذلك الوجه ننتقل إلى أحد المعاني الأخرى, والقرآن هو الذي يحدد المعنى من خلال أحد طرق البيان في القرآن.
2: معاني أخرى للأصل الثلاثي أو الرباعي أُخذت بأحد طريقين:
الأول: الاشتقاق اللغوي (القواعدي):
وهذا يكون بزيادة حرف أو حرفين أو ثلاثة أحرف على الفعل المجرد, وهذه الزيادة تندرج على تصريفات الفعل كما تندرج على الفعل المجرد.
والزيادة في الأحرف يستفاد منها زيادة في المعنى عن معنى الفعل المجرد وهذا المعنى يكون موجوداً في المعجم, كما يكون موجوداً في معاني الزيادة على الأفعال.
الثاني: الاشتقاق المعنوي (أي له علاقة بالمعنى):
وهو استخدام نفس المفردة لأداء معنى جديد وهو على ضربين:
الضرب الأول: يكون المعنى الجديد بنفس سياق المعنى الأصلي مع وضع معنى جديد للمفردة, وذلك لوجود قاسم مشترك بينهما مثل لفظة النكاح, ومعناها الأصلي الوطء, ثم استخدمت عند العرب بمعنى الزواج, والقاسم المشترك بينهما هو الوطء, فالوطء يحصل في الزواج ويحصل بدون زواج وهو الزنا, وقد وردت في القرآن بالمعنيين. ومنها الأسماء المشتركة مثل العين, والمعنى الأصلي لها العين الباصرة, وأطلقت على عين الماء وعلى الجاسوس.
الضرب الثاني: يكون المعنى الجديد للمفردة عكس المعنى الأصلي للكلمة وهو ما يسمى بالأضداد, وذلك أيضاً لوجود قاسم مشترك بينهما, مثل القرء ومعناها الحيض ثم استخدمت عند العرب بمعنى الطهر والقاسم المشترك بينهما هو الوقت أو العد, فالحيض يُعد له أياماً والطهر يُعدُ له أياماً, وقد وردة كلمة القرء في القرآن لمرة واحدة فقط بمعنى الحيض ولم يأتِ ما يخرجها عن المعنى الأصلي.
إن الاشتقاق المعنوي بنوعيه يخضع للاشتقاق اللغوي باستخدام أحرف الزيادة التي تؤدي معنى, والزيادة هنا أيضاً يستفاد منها زيادة في المعنى عن معنى الفعل المشتق اشتقاق معنوي.
ثانياً: المعنى الشرعي:
وهو أن يضع الشارع معنى شرعي للكلمة أو المفردة مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج والجهاد وغيرها بحيث يعطيها أوصاف محددة وواضحة.
وعند إعطاء المفردة معنى شرعي يبقى المعنى اللغوي للمفردة موجوداً ولا يختفي مثل كلمة الصوم لها معنى لغوي ولها معنى شرعي: أما المعنى اللغوي فهو:
فالصوم لغةً هو الإِمساك والامتناع عن .... وقد ورد هذا المعنى اللغوي في القرآن في قول الله تعالى: (فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا), , والصوم شرعاً هو الإمساكُ عن الطعَام والشراب وسائرِ ما مُنِعَ لوقت محدد في شهر محدد.

والآن سوف نبدأ الحديث عن موضوع اليوم وهو العلم والظن, وسوف يأتي شرح وتفصيل المعنى اللغوي والاشتقاق اللغوي وكذلك المعنى الشرعي للمفردات المستخدمة في موضوع العلم والظن في القرآن.
يقول الله تعالى في آيات عديدة:
( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ), ويقول: ( وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ),
ويقول : ( قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ).
فما معنى يتَّبِعُون وما معنى العلم وما معنى الظن؟


أولاً: اتَّبَعَ
--------------------------------------------
إن الأصل الثلاثي المجرد لكلمة يَتَّبِعْ هو تَبِعَ, وهذا الأصل ومشتقاته حيثما وردت في القرآن وردت بالمعنى اللغوي وبالاشتقاق اللغوي.
ولنأخذ معاني الأصل تَبِعَ وبعض تلك المشتقات:
اتَّبَعَ أصلها الثلاثي تَبِعَ, واشتق منها عن طريق الزيادة المفردات أتْبَعَ واتَّبَعَ
تَبِعَ له عدة مصادر, تُبوعاً وتِباعاً وتَبَعاً وتَباعاً وتَباعةً, وكذلك الكلمات المشتقة منها مثل أتْبَعَ واتَّبَعَ أيضاً لها عدة مصادر وحسب هذه المصادر تكون معانيها.
--------------------------------------------
1: تَبِعَ الشيءَ تُبوعاً: سَارَ في إِثْرِه. واسْتَتْبَعَه: طلَب إِليه أَن يَتبعه.
--------------------------------------------
2: وتَبِعَ القومَ تَبَعاً وتَباعةً: إِذا مشى خَلفَهُم أَو مَرُّوا به فمضَى معهم.
--------------------------------------------
3: تابِعْ جمعها تَبَعْ مثل: خادِمٌ وخَدَم, سالِفٌ وسَلَفٌ, حارِسٌ وحَرَسٌ, عاسٌّ وعَسَسٌ. وأَتْبَعه الشيءَ: جعله له تابعاً.
قال تعالى: ( إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا)
وقال: ( أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ)

--------------------------------------------
4: والتِّباعُ: الوِلاءُ. يقال: رميته فأَصبته بثلاثة أَسهم تِباعاً أَي وِلاء.
وتَتابَعَتِ الأَشياءُ: تَبِعَ بعضُها بعضاً. والتابِعُ: التَّالي، والجمع تُبَّعٌ وتُبَّاعٌ وتَبَعة
قال تعالى: ( فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ), وقال: (خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ), وقال: ( ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ ), وقال: ( فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا).
--------------------------------------------
5: تَبِعَ الشيءَ تَبَعاً وتَباعاً في الأَفعال. أي أن يتبعه فيفعل مثل فعله
قال تعالى: ( فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )
وقال: ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
وقَالَ: ( لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ )
وقال: ( وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ )
--------------------------------------------
6: وأَتْبَعَ لها ثلاث معاني:
الأول: أَتبَعَ الرجلَ سبْقَهُ فلَحِقَه, أَتْبَعَ القومَ مثل أَفْعلَ إِذا كانوا قد سبقوهُ فَلَحِقَهُم.
الثاني: أصبح الفعل متعدياً لمفعولين بدل واحد بسبب زيادة حرف الألف مثل قول الله تعالى: ( وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً )
وقال: ( إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ )
الثالث: وأَتْبَعَ فلانٌ فلاناً: إِذا تَبِعَه يريد به شرّاً, أصبح الفعل يدلل على الغاية
قال تعالى: ( فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ ) وقال: ( فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ )
--------------------------------------------
7: وأَمَّا التتَبُّع: فلها معنيان:
الأول: أَن تتتَبَّعَ في مُهْلةٍ شيئاً بعد شيء.
والثاني: فلان يتَتبَّعُ مَساوِيَ فلان وأَثرَه ويَتتبَّع مَداقَّ الأُمور ونحو ذلك.
قال تعالى: ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ). فَيَتَّبِعُونَ تعني يتتبعون.
--------------------------------------------
8: اتَّبَعَ: (اتَّبَعَ على وزن افْتَعَلَ: و افْتَعَلَ تفيد الاجتهاد والمبالغة مثل كَسَبَ واكْتَسَبَ). ولها أربع معاني:
المعنى الأول لكلمة إِتَّبَعَ: يتَّبِعْهُ: أي يسير خلفه.
وقال تعالى: ( فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ).
وقال: ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ )
--------------------------------------------
المعنى الثاني لكلمة اِتَّبَعَ: اِتَّبَعَهُ: أي سار معه وائتمر بأمره. / مع القادة والأمراء
قال تعالى: ( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ).
وقال: ( لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ ).
وقال: ( قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ).
وقال: ( فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ).

المعنى الثالث لكلمة إِتَّبَعَ:
يَتَّبِعْ الرَسُولَ: يئْتَمُ به ويعَمَل بما جاء به من شريعة. / ليس مذكور في المعجم
وقال: ( فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
وقال: ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ )
وقال: ( رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ )
--------------------------------------------
المعنى الرابع لكلمة إِتَّبَعَ: يَتَّبِعْ القرآنَ: يَئْتَمُ به ويَعَمَل بما فيه.
وقال: ( اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ).
وقال: (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ ).
وقال: ( وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ).
وقال: ( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ )
وقال: ( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )
--------------------------------------------
تَبِعَ ومشتقاتها وردت في القرآن بالمعاني اللغوية فقط.
أهم معنى هو الثامن إِتَّبَعَ القران أو الرسول: وهي أن يَئْتَمُ به ويَعَمَل بما فيه.

-------------------------------------------
ثانياً: العِلْمْ

فلنتعرف على المعنى اللغوي والمعنى الشرعي للعلم:
أولا: المعنى اللغوي لكلمة العلم :
أ:- المعنى اللغوي لكلمة العلم كما ورد في معاجم اللغة
العِلْمُ: نقيضُ الجهل, وعَلِمْتُ الشيءَ أَعْلَمُه عِلْماً: عَرَفْتُه.
وعَلِمَ الأمرَ وتَعَلَّمَه: أَتقنه. عَلِمْتُ الشيء بمعنى عَرَفْته وخَبَرْته.
وعَلِمَ بالشيء: شَعَرَ. مُعلَّم مَجنون أي له مَنْ يُعَلِّمُه.
ورجل عالمٌ وعَلِيمٌ من قومٍ عُلماءَ.
عَلِمَ وفَقِهَ أَي تَعَلَّم وتَفَقَّه، وعَلُم وفَقُه أي سادَ العلماءَ والفُقَهاءَ.
وعَلَّمه العِلْم وأَعْلَمه إياه فتعلَّمه، وعَلَّمْته الشيءَ فتَعلَّم.
اسْتَعْلِمْ لي خَبَر فلان وأَعْلِمْنِيه حتى أَعْلَمَه، واسْتَعْلَمَني الخبرَ فأعْلَمْتُه إياه.
وعَلِمَ الرَّجُلَ: خَبَرَه، وأَحبّ أن يَعْلَمَه أي يَخْبُرَه.
إذاً معنى العلم في المعاجم هو المعرفة, ومن يعلم شيء فهو يعرفه وهو نقيض الجهل.

يتبع