المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعاناة بسبب تطبيق النظام العلماني



عبد الواحد جعفر
25-08-2012, 01:43 AM
سلسلة من الكلمات ألقاها شباب حزب التحرير في المساجد في الأردن خلال شهر رمضان المبارك من عام 1433هـ


المعاناة بسبب تطبيق النظام العلماني

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبيّنا محمد
أما بعد،
يقول المولى عزّ وجلّ: ﴿حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾
إخوة الإسلام
أنزل الله عزّ وجلّ كتابه بالحق، ليَحكم به بين الناس فيما اختلفوا فيه، وقد احكم الله آياته، فبيّن لنا أن الخالق هو الله، وأن الغاية من الخلق هي عبادة الواحد القهار، وأن الإنسان محاسَب على أعماله يوم القيامة، وأن الله يحم ما يريد، ثم فصَّل لنا أحكاماً تنظم حياتنا ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ فبين لنا الحلال والحرام.
ولقد كان العالم أجمع يعيش في عيش رغيد، عندما كان الإسلام موضع التنفيذ والتطبيق، فقد روي أن الخليفة (نورالدين محمود) رأى رجلاً يحدِّث آخر ويومئ إليه، فبعث الحاجب ليسأله ما شأنه فإذا هو رجل معه رسول من جهة الحاكم ويزعم أن له على نورالدين حقاً يريد أن يحاكمه عليه عند القاضي. فلما رجع الحاجب إلى نورالدين وأعلمه بذلك، أقبل مع خصمه ماشياً إلى القاضي، وأرسل نورالدين إلى القاضي أن لا تعاملني إلاّ معاملة الخصومة والحكومة، فحين وصلا وقف نورالدين مع خصمه بين يدي القاضي حتى انفصلت الخصومة والحكومة، ولم يثبُت على نورالدين حق بل ثبت الحق للسلطان على الرجل.
فلما تبين ذلك قال السلطان: إنّما جئتُ معه لئلا يتخلف أحد عن الحضور إلى الشرع إذا دعي إليه، فإنّما نحن معاشر الحكام أعلانا وأدنانا خدمٌ لرسول الله ولشرعه. فنحن قائمون بين يديه طوع مراسيمه، فما أمَرَ بما امتثلناه، وما نهانا عنه اجتنبناه.
عباد الله
لقد وضع الله لنا ميزاناً دقيقاً، ندرك من خلاله متى نتخلص من حالة الذل التي نعيشها، قائلاً: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾
إذن، فما نعانيه اليوم، هو جراء تطبيق المبدأ العلماني الرأسمالي الذي يفصل الدين عن الحياة، ويجعل السيادة للشعب لا للشرع. والحل لا يكمن بتغيير حاكم لآخر يطبق نفس النظام ونفس الدستور، فهذه ليست إلاّ خديعة كبرى للمسلمين، وإن الحل يكون بأن نبذل أرواحنا وأموالنا رخيصة في سبيل إعزاز دينه، وإعلاء كلمته، وتحكيم شرعه، وبغير ذلك ينبقى رازحين تحت أحكام الكفر، وتحت إرادة الكافر المستعمر.
وأختم كلمتي بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا إن رحى الإسلام دائرة، فدوروا مع الكتاب حيث دار، ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقـوا الكتاب. ألا إنه سيكون عليكم أمـراء يقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم، فإن عصيتموهم قتلوكم وإن أطعتموهم أضلوكم". قالوا : يا رسول الله كيف نصنع؟ قال : "كما صنع أصحاب عيسى بن مريم، نُشِّروا بالمناشير وحُمِلوا عل الخُشُب. موتٌ في طاعة الله خير من حياة في معصية".