المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التدرج في الكتاب والسنة



عبد الواحد جعفر
23-08-2012, 07:14 PM
سلسلة من الكلمات ألقاها شباب حزب التحرير في المساجد في الأردن خلال شهر رمضان المبارك من عام 1433هـ


التدرج في الكتاب والسنة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبيّنا الكريم، وعلى آل بيته، وصحبه، ومن سار على دربه
أما بعد،
يقول الحق، تعالى ذِكره، وجلَّ ثناؤه: ﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ﴾
إخوة الإسلام
أنزل الله القرآن العظيم، على نبيه الكريم، وجعلَ أحكامَ القرآن وحدها هي الهُدى والحق، وما عداها هي الباطل والضلال، لقوله تعالى: ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلاَّ الضَّلاَلُ﴾، فكان القرآن وحدَه هو الحَكَمُ الحق على كل الأقوال.. كل الأفعال.. كل الأشخاص؛ ورحم الله الإمام الشافعي حين قال: إذا رأيتم الرجلَ يمشي على الماء، أو يطيرُ في السماء، فلا تغترّوا به، حتى تَعرِضوا أمره على الكتاب والسنّة".
هكذا كان سلفُنا الصالح يقيّم الأشخاص والأفعال والأفكار، بعرضِها على الكتاب والسنّة، فما كان منضبطاً بهما، فنعمَّا هو. وما كان مخالفاً لهما، فلا اعتبارَ له، ولا قيمة.
وإن أمّتنا الإسلامية اليوم تمر بمرحلة خطِرة، تتعرض فيها لخديعة كبرى، لحرفها عن منهج ربها، لحرفها عن الكتاب والسنّة.
لذا، سنتناول واحدة من أبرز الأفكار المتداولة في هذه الأيام، وهي: فكرة "التدرج في تطبيق أحكام الإسلام"، بحجة وجود علمانيين أو أقباط أو قوى عظمى تمنع تطبيق الإسلام. سنتناولها لنعرضها على الكتاب والسنّة، فماذا نجد؟
في السنّة المطهَّرة، أن رجلاً جاء يبايع محمداً عليه الصلاة والسلام على أن يَشهد الشهادتين، وأن يصلّي ويصومَ ويحج. فإذا برسول الله يَقبضُ يده عنه، ويرفضُ مبايعته! لماذا؟ لأن الرجلَ اعتذرَ عن البيعة على الزكاة والجهاد. فأبى عليه الصلاة والسلام مبايعته. ولم يقُم رسول الله بالتدرّج معه، فيَقبل منه الشهادتين وأن يصلي ويصوم، وفي هذه الأثناء يُركَّزُ فيه التقوى والإيمان، إلى أن تتهيأ نفسه لبذل المال والتضحية بالنفس في سبيل الله. لم يتدرّج معه رسول الله، وأبى أن يبايعَه.
ويتكـرر هذا الإجراء الحازم من رسولنا عليه الصلاة والسلام مـع أفراد وجماعات، في مواقف عـدة، لا يسمح الوقت بذِكرها.
وكأني بقدوتنا وأسوتنا عليه الصلاة والسلام يريد أن يركِّزَ فينا فكرة في غاية الأهمية، وهي: أن هذا الدين لا يقوم به بحق، إلاّ مَن أخذه من جميع جوانبه.
فمن أين استمدّ رسولُنا إصراره على هذا الإجراء الحازم؟ من رأيه الشخصي وتقديره للظروف المحيطة به؟ أم من صحابته؟ لا من هذا، ولا من ذاك، وإنّما استمدّه من الله، فإن الله تعالى أنزل آية تُتلى إلى يوم القيامة، وجَّـه فيها نبيَّه –وأمّتَه مِن بعدِه- آمراً وناهياً ومحذّراً، فقـال عزَّ مِن قائل: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾. نزلت هذه الآية بمناسبة أن وفداً من أحبار يهود أتَوا رسول الله فقالوا له: "يا محمد، قد عرفت أنّا أحبارُ اليهود، وإنْ اتبعناك لم يتخلّف عنك أحد منهم، وإن بيننا وبين قومٍ خصومة، فدعنا نحاكمُهم إليك، فتقضي لنا عليهم، فإن فعلتَ ذلك، آمنّا بك.
مسألة واحدة فقط، إذا قضى فيها رسول الله بغير شرعِ الله، سيكسبُ إلى صفّه قوماً ذوو عددٍ وعُدّة، ولهم وزنهم في المجتمع.
مسألة واحدة فقط، إذا حكم فيها رسول الله بغير ما أنزل الله، سيزداد عدد المسلمين، وتقوى شوكتهم أمام أعدائهم.
ولكن الله تعالى يأبى أن يحيدَ نبيَّه، وأمَّتَه مِن بعده، عن المنهج الحق، ويحذّرنا أن نُفتَن عن الحق ﴿وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾.
هذا هو منهج الكتاب والسنّة. هذا هو حكمُ الإسلام في مسألة "التدرج في تطبيق أحكام الإسلام".
فلنتّقِ الله، إذن، في أمّتنا، ولنحذَر أن نكون أداة في أيدي أعدائنا، يُضلّ بها أمّتنا باسم الإسلام. ولنعمل صفاً واحداً لردّ كيد أعدائنا، وأن نركز في أمّتنا المطالبة بتطبيق الإسلام، تطبيقاً كاملاً، شاملاً كل مناحي الحياة.
فبالإسلام وحدَه نحيا، وبتطبيق أحكام الإسلام وحدَه نَسعَد، وتَسعَد معنا البشرية جمعاء.
وأختـم كلمتـي بقـول المولى جلّ وعَلا: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾.
سائلاً الله العلي العظيم، في خواتيم هذا الشهر الكريم، أن يثبّتَ قلوبنا وأقدامنا، وأن يعيننا على ردّ كيد أعدائنا، وأن يعزّنا بالإسلام، وأن يعزّ الإسلام بنا.

عبد الله الشامي
23-08-2012, 10:02 PM
جزاهم الله خير الجزاء

سيتم نشر هذا الموضوع بإذن الله كما البقية بعد أن تدرجها أخي