المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال



المعتز بالله
24-07-2012, 07:55 AM
ماهو العرف العام وماهي الية صرعه وماهي اكثر العلاقات البي لابد من ضربها

عبد الواحد جعفر
24-07-2012, 12:48 PM
من كتاب
"محاولة أخذ قيادة الأمة"
لحزب التحرير الصادر سنة 1999




الرأي العام المنبثق عن الوعي العام

الرأي العام أو العرف العام هو الأفكار التي يحملها مجموع الناس عن مصالحهم، والمشاعر المتيقظة لديهم عن هذه المصالح، وبعبارة أخرى هو الأفكار والمشاعر السائدة في الجماعة بوصفها جماعة. وكون الرأي عاما لا يعني الغموض أو الإبهام أو الافتقار إلى البلورة، وإنما يعني أن هذا الرأي سائد في الجماعة بوصفها جماعة. والعمل لإيجاد الرأي العام يكون بكيفية محددة وهي إيجاد الوعي العام عند الأمة على الإسلام، فالحزب لا يعمل لإيجاد رأي عام للإسلام بشكل مطلق وإنما يعمل لإيجاد وعي عام ينبثق عنه رأي عام للإسلام.
والأفكار هي حكم على واقع، والمشاعر هي إحساسات الطاقة الحيوية ويثيرها إما أفكار تتداعى عن الشيء الذي يثير المشاعر للإشباع أو واقع محسوس يثير المشاعر للإشباع، وأما المفاهيم فهي أفكار ارتبط التصديق بها بمشاعر الناس، وبتعبير آخر هي الأفكار التي لها واقع مُتَصوَّر في ذهن الناس ويصدقونها، فلا تخرج عن كونها أفكارا ومشاعر لذلك لم تدخل في تعريف الرأي العام. والفكر حتى يصير فكرا عاما لا بد أن يكون الواقع الذي عبَّر عنه واقعا محسوسا من قِبَل المجموع لا من قِبَل فرد أو أفراد أو جماعات معيَّنة، بغض النظر عن تفاوت المجموع في دركات الإحساس، وكما لا بد أن يكون هذا الفكر مُعبِّرا عن مصلحة من مصالح المجموع لا عن مصلحة خاصة لفرد أو أفراد أو جماعات معيَّنة فقط. وما ينطبق على الأفكار ينطبق كذلك على المشاعر.
وكَمَثَل على الأفكار التي تصلح لأن تصبح رأيا عاما العقيدة العقلية أو الفكرة الكلية عن الكون والإنسان والحياة وعن علاقتها جميعها بما قبل الحياة الدنيا وبما بعدها، فمن ناحية فإن الفكرة الكلية تعبِّر عن واقع محسوس هو الكون والإنسان والحياة، ومن ناحية ثانية فإن الفكرة الكلية هي التي تحل العقدة الكبرى عند الإنسان، ومتى حُلَّت هذه العقدة حُلَّت باقي العقد، لأنها جزئية بالنسبة لها، أو فروع عنها. فهي القاعدة الفكرية التي يبنى عليها كل فكر فرعي عن السلوك في الحياة وعن أنظمة الحياة. من هنا كانت العقيدة العقلية أو الفكرة الكلية من أكثر الأفكار قابلية لأن تصير رأيا عاما بل وعالميا أيضا.
ومن الأمثلة على هذه الأفكار فكرة الأخوة الإسلامية، أو رابطة العقيدة الإسلامية والنظام المنبثق عنها كرباط جامع للأمة الإسلامية، لأن هذه الفكرة تُعبِّر عن واقع محسوس وهو ارتباط الإنسان بالإنسان في شؤون الحياة. هذا الواقع المحسوس له مساس بمصالح الناس، لأنه يعبِّر عن حاجة الإنسان للارتباط بجماعة الناس بدافع من شعوره بالبقاء وبقاء النوع لأن الإنسان لا يستطيع أن يحيا بمعزل عن غيره من بني الإنسان.
ومن الأمثلة على هذه الأفكار، فكرة الجهاد، وذلك لأن الواقع الذي تعبر عنه هو مصالح الأمة في الخارج، وأما التعبير عن هذا الواقع المحسوس فهو حمل المبدأ بالقوة المادية للعالم. فالجهاد هو الأساس أو المقياس لعلاقة الأمة مع غيرها من الشعوب والأمم.
ومن الأمثلة على الأفكار التي يوجد فيها القابلية لأن تصير رأيا عاما فكرة الخلافة الإسلامية، لأن الواقع الذي تُعَبِّر عنه فكرة الخلافة هو مصالح الأمة كلها في الداخل وفي الخارج، وهو واقع محسوس يقع عليه حس كل مسلم في كل شأن من شؤون حياته، وأما التعبير عن هذا الواقع المحسوس فهو أن الخلافة هي الطريقة الدائمة لرعاية مصالح الأمة سواء بتطبيق الإسلام في الداخل أو بحمل الدعوة بالجهاد إلى الخارج.
وأما الأمثلة على المشاعر التي تصلح لأن تصبح شعورا عاما، فهي المشاعر المتصلة بالأفكار التي تصلح لأن تصبح رأيا عاما كجميع الأفكار المذكورة.
أما مدلول الوعي العام، فإن كلمة العام تعني عموم الناس أي مجموع الناس لا أن الوعي يكون غامضا أو مبهما أو غير محدَّد، فكلمة العام هنا ليست وصفا لحقيقة الوعي، بل إن غموض الفكرة يتناقض مع وجود الوعي عليها، فلأجل فهم الفكر يجب أن يدرك واقعه كما هو إدراكا يحدده ويميزه من غيره كما يوجب أن يتصور هذا الواقع تصورا صحيحا يعطي الصورة الحقيقية عنه، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن فهم الفكر لأخذه، لا بد أن يجري التصديق به إلى جانب إدراك واقعه وتصور مدلوله.
والوعي المطلوب إيجاده عند الأمة هو أن تدرك الأمة بمجموعها مبدأ الحزب وأن تعتنقه عقيدة عقلية ينبثق عنها نظامها، وأن توجد القناعة عندها بصحة أفكار الإسلام وأحكامه وبصدقها، فتحصل عندها الثقة بالأفكار والنظم المنبثقة عن العقيدة الإسلامية باعتبارها وحيا من الله علاجا لأفعال العباد لتحقيق السعادة لهم.
إلا أن القناعة بصحة أفكار الإسلام وأحكامه وبصدقها لا توجد إلا إذا أدركت الأمة بمجموعها الواقع الذي تدل عليه هذه الأفكار والأحكام وصدقت بها. ويكون ذلك بتنزيل الأفكار والأحكام المنبثقة عن العقيدة الإسلامية على الوقائع الملموسة والحوادث الجارية. وأما صحة وصدق هذه الأفكار والأحكام فآتية من صحة العقيدة التي انبثقت عنها، أي من حيث كونها أحكاما شرعية، بالإتيان بالدليل الشرعي لكل فكر ولكل حكم من الكتاب أو السنة أو مما أرشد إليه من أدلة. فإذا تكرر ثبوت صحة أفكار الإسلام وأحكامه وصدقها وجدت القناعة بها وتولدت عن هذه القناعة الثقة بها وحدها دون سائر الأفكار والأحكام الموجودة في العالم. فالمطلوب هو أن تعتنق الأمة العقيدة الإسلامية فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة، عقيدة سياسية تتخذ أساسا ما بعده أساس للبحث عن رعاية شؤون الدنيا، وقاعدة فكرية تبنى عليها الأفكار وتنبثق عنها أنظمة الحياة، وقيادة فكرية تقود معتنقها إلى وجهة نظر معينة في الحياة وإلى نمط معين من العيش، وإلى الحكم على الأفكار والوقائع والأحداث من منظار معين يصور الحياة على أنها الحلال والحرام.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن حصول القناعة بصحة وصدق النظام المنبثق عن العقيدة الإسلامية لا يعني حصول القناعة بصحة وصدق معالجات الإسلام لمشاكل الحياة فحسب بل يعني كذلك أن توجد القناعة عند الأمة بالكيفية التي جاء بها الإسلام لتنفيذ أحكامه. وهذا يعني أن توجد القناعة عند الأمة بمجموعها بالخلافة باعتبارها الطريقة الدائمة لتطبيق الإسلام في الداخل ولحمل دعوته بالجهاد إلى الخارج، فيدرك واقعها من حيث هي كيان تنفيذي لمجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات الإسلامية ومن حيث القواعد التي يقوم عليها سلطان الإسلام فتلمس الأمة بمجموعها ضرورة وجودها.
وأما الجهاد فإنه بذل الوسع في القتال في سبيل الله مباشرة أو معاونة بمال أو رأي أو تكثير سواد أو غير ذلك. فالقتال لإعلاء كلمة الله هو الجهاد. والجهاد هو الطريقة الدائمة لحمل الإسلام إلى العالم بقتال الكفار قتالا ماديا، وسببه كون الذين نقاتلهم كفارا رفضوا الإسلام بعد عرضه عليهم عرضا يلفت النظر. أي أن توجد الحالة التي يعرض فيها الإسلام عرضا يلفت النظر ثم يحصل الجهاد. فواقع الجهاد أنه قتال الكفار لإزالة الحواجز المادية من أمام الدعوة الإسلامية لجعل الشعوب تعتنق الإسلام وتكون مع سائر المسلمين أمة واحدة لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى. فيركز الجهاد في سبيل الله في النفوس وتوجد القناعة به بهذا الوصف وعلى هذا الاعتبار.
>> يتبع

عبد الواحد جعفر
24-07-2012, 12:49 PM
<< تابع
هذه الأفكار الأساسية الثلاثة هي التي يجب أن يعمل لتركيزها عند الأمة بمجموعها حتى يجري تركيز الإسلام عند الأمة بوصفه عقيدة عقلية ينبثق عنها نظامها، وحتى تربط الفكرة الإسلامية في أذهان الناس بطريقة تنفيذها. إذ أن توحيد هذه الأفكار عند الأمة يؤدي إلى توحيد هدف الأمة بإقامة الخلافة وحمل الدعوة إلى العالم عن طريق الجهاد، وتوحيد عقيدتها بربطها في واقع الحياة ووقائعها المتجددة، وببعث الحيوية فيها، وتوحيد وجهة نظرها في الحياة بأن يجعل مقياسها الكفر والإيمان، والحلال والحرام. فإذا توحّد هدف الأمة وتوحّدت عقيدتها السياسية ووجهة نظرها في الحياة فقد وجدت النظرة إلى المصالح، والتي تتمثل بوجود القناعة عند الأمة بمجموعها بثلاثة أمور: أولها أن رعاية مصالحها كلها سواء في الداخل أو الخارج يجب أن تتم بأحكام الإسلام، وثانيها أن الخلافة هي الكيفية الدائمة لرعاية مصالحها كلها في الداخل بتطبيق الإسلام وفي الخارج بحمل الدعوة بالجهاد، وثالث هذه الأمور أن الجهاد هو الكيفية الدائمة لحمل المبدأ للعالم أجمع.
أما الأفكار الفرعية والأحكام التي تعالج الأعمال فإنها نتيجة لتركيز الأفكار الأساسية وتعميقها، فلا بد من غرس البذور وسقيها بما يحميها وينميها، أي إيجاد العقيدة بأهم أفكارها وربطها بما يوجدها في معترك الحياة من سلطة وبما يحملها إلى العالم من قوة. أما تكرار تنزيل الأفكار والأحكام على الوقائع الملموسة والحوادث الجارية فليس المقصود منه جزئية هذه الأفكار والأحكام، بل المقصود تركيز أفكار الإسلام الأساسية عن الحياة أي وجهة النظر الإسلامية في الحياة أو طريقة الإسلام الخاصة في الحياة عن طريق ربط معالجات الوقائع الجارية بالعقيدة الإسلامية مباشرة لإيجاد البرهان العقلي والشعوري الذي يوجِد القناعة بصحة أفكار الإسلام وأحكامه من حيث هي وحي من الله تعالى، وبناء على ذلك تحصل الثقة عند الأمة بأفكار الإسلام وأحكامه باعتبارها أفكارا إسلامية مستنبطة من الكتاب أو السنة أو ما يرشد إليه الكتاب أو السنة من أدلة.
فالغاية هي جعل وجهة النظر الإسلامية في الحياة هي السائدة، وجعل طريقة الإسلام في الحياة هي طريقة الناس في العيش سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين. وهذا لن يتأتى إلا بجعل العقيدة الإسلامية وحدها الأساس للحياة وجعل الحلال والحرام المقياس الوحيد للأعمال. وهذه العملية الصهرية التي يتولاها الحزب في الأمة هي " السعي بشكل مقصود لتوحيد الأفكار والآراء والمعتقدات على وجه يجعل هذا التوحيد لها مؤديا إلى توحيد هدف الأمة بإقامة الخلافة وحمل الدعوة إلى العالم عن طريق الجهاد، وتوحيد عقيدتها بربطها في واقع الحياة ووقائعها المتجددة، وببعث الحيوية فيها، وتتوحد وجهة نظرها في الحياة بأن يجعل مقياسها الكفر والإيمان، والحلال والحرام ". فالغاية منها هي تركيز أفكار الإسلام الأساسية عن الحياة وهدم ما يناقضها على وجه يزيل الأفكار العرضية الطارئة حين يجري تركيز هذه الأفكار الأساسية.
وأما الكيفية العملية للوصول إلى ذلك فيجب أن يتحقق فيها أمران: أحدهما تمكين الناس من وضع الأصبع على الواقع المحسوس الذي يدل عليه الفكر المراد هدمه والفكر المراد إعطاؤه. وثانيهما ربط الأفكار والأحكام المنزلة على واقع بالعقيدة الإسلامية من جهة، وبالخلافة وحمل الدعوة إلى العالم بالجهاد من جهة أخرى. وبهذا يكون الحزب بوتقة تصهر الأمة، فينقيها من الأدران والمفاسد التي أدت إلى انحطاطها والتي هي " الضعف الشديد الذي طرأ على الأذهان في فهم الإسلام " أو تولدت عندها أثناء انحطاطها والتي هي " أساس فكرة الغرب عن الحياة، وهي فصل الدين عن الحياة، ومنه فصل الدين عن الدولة ". يضاف إليها " ما سمم به الجو من آراء سياسية وفلسفية أفسد بها وجهة نظر المسلمين عن الحياة، وبلبل الفكر الذي لدى المسلمين، وما سمم به المجتمع من الوطنية والاشتراكية والقومية والديمقراطية ".
إن الرأي العام المنبثق عن وعي عام له مدلول تصوَّره البعض أنه عمل عام وليس رأيا عاما أي انضباط بالإسلام من قبل مجموع الناس، والحقيقة أن معنى هذا القول أن تلمس الأمة بمجموعها ضرورة الاحتكام إلى الإسلام ضرورة لا تدفعهم إليها عاطفة عاصفة أو رغبة آنية ملحة وإنما يدفعهم إدراكهم بأن حياتهم وولاءهم يجب أن يكون للإسلام وحده وهو أمر لا يعني أن يباشر الناس تطبيق الأحكام الشرعية على أنفسهم، وإنما معناه أن يوجد الولاء للإسلام لا لغيره وهذا لا يظهر أثره ملموسا في الحياة العملية إلا في التطبيق. ذلك أن المجتمع هو العلاقات الدائمية بين الناس، والعلاقات إنما تنشأ على المصالح، وأما الذي يحدد نوع العلاقات فهو الأفكار التي يحملها الناس عن مصالحهم والمشاعر المتيقظة لديهم عن هذه المصالح، ثم النظام الذي ينظم هذه العلاقات بين الناس. وعليه فإن العلاقات الدائمية لا توجَد على أساس ما يحمل الناس من أفكار ومشاعر فقط، وإنما توجَد أيضا من النظام المطبق على الناس، أي أن المفاهيم السائدة في المجتمع لا توجِد وحدها علاقات دائمية بين الناس، إذا لم توجَد منهم سلطة تسيطر على هذه العلاقات وتسيرها. فلا يمكن أن يتم عمليا تغيير العلاقات القائمة فعلا بعلاقات أخرى من غير إزالة السلطة التي تسيطر على هذه العلاقات وتسيرها، حتى لو حصل بالفعل الانقلاب في الأفكار والمشاعر الموجودة في المجتمع.
ووجود الوعي العام عند الأمة على الإسلام من شأنه أن يوجِد الدافع عند الناس لتغيير العلاقات القائمة فعلا واستبدالها بعلاقات تتفق مع ما يحملون من أفكار وتجاوب مع ما لديهم من أحاسيس. ذلك أن وجود الوعي العام فوق أنه يوجِب أن تكون العقيدة الإسلامية متركزة في نفوس المسلمين فإنه يعني أيضا حصول الانقلاب الفكري والشعوري في المجتمع، أي أن تصبح الأفكار التي يحملها الناس عن مصالحهم إسلامية، فيوجد بذلك تناقض بين أنظمة الكفر المطبقة على الناس وبين أفكارهم ومشاعرهم، وهذا التناقض يثير في الأمة مشاعر الغضب أو مشاعر السخط، ومشاعر الغضب إذا وجدت في الأمة، وجد عندها حينئذ الدافع أو الحافز للتحرك الجماعي لإزالة العامل المثير لغضبها.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن وجود الوعي العام يحتم أن توجد عند الأمة المفاهيم التي تعين لها المسؤولية عن حمل الدعوة لإقامة الدولة كالمفاهيم المتعلقة بالخلافة سواء من حيث أنها الطريقة الدائمة لتطبيق الإسلام في الداخل وحمل دعوته بالجهاد إلى الخارج أو من حيث القواعد التي يقوم عليها نظام الحكم في الإسلام، كقاعدة السلطان للأمة، وكقاعدة أن نصب رئيس دولة واحد فرض على المسلمين.
فإذا وجد الوعي العام عند الأمة على الإسلام فإن ذلك يعني أن يوجد عند الأمة بمجموعها الاستعداد للتحرك لتحويل السلطان الحاضر إلى سلطان إسلامي، وهذا الاستعداد وإن كان لا بد من وجوده حتى توجد الإرادة في مجموع الأمة لحمل الدعوة لإقامة الدولة، إلا أنه بدون أن يباشر الحزب محاولة أخذ قيادة الأمة فإن الأمة لن تندفع بوصفها أمة لتحويل السلطان القائم إلى سلطان إسلامي. وذلك لأن تلبس الأمة بمجموعها بالقيام بالأعمال التي من شأنها أن تؤدي إلى هدم أنظمة الكفر القائمة وإقامة الخلافة على أنقاضها يتطلب وجود قيادة تثق بها الأمة وتلتف حولها وتسير وراءها. فقوى الأمة بمجموعها لا تتوحد من تلقاء نفسها كما أن مجموع الناس لا يستطيعون بوصفهم جماعة رسم الطريق الذي يؤدي إلى الوصول للغاية. فالناس لا تتحرك كجماعة بدون قائد يرسم لها الطريق ويوجهها إلى الأعمال التي تؤدي إلى قيام سلطان الإسلام.

عبد الواحد جعفر
24-07-2012, 12:50 PM
<< تابع

ووجود الرأي العام المنبثق عن الوعي العام عند الأمة على الإسلام يدل عليه ثلاثة أمور هي:
أولا: حصول الانقلاب الفكري والشعوري في المجتمع.
ثانيا: توحيد هدف الأمة وتوحيد عقيدتها السياسية ووجهة نظرها في الحياة.
ثالثا: بدء تحول فكرة إيجاد الإسلام في واقع الحياة من قوة روحية في الأمة إلى قوة مادية.

أولا: الانقلاب الفكري والشعوري:
الفكر كفكر يظهر إلى حيز الوجود إذا عُبِّرَ عنه باللسان أو القلم، وعند ذلك يجري إدراك وجوده ومن ثم ترد إمكانية قياسه. وقياس الأفكار التي يحملها الناس عن مصالحهم يكون بملاحظة الأفكار التي تصدر عن الناس أنفسهم، وملاحظة موقف الناس من الأفكار التي توجَّه إليهم.
أما قياس ما يصدر عن الناس فيكون بتسجيل الأفكار التي تسيطر على أحاديث الناس سواء في الأماكن الخاصة أو الأماكن العامة، وسواء في أحاديثهم العادية أو أحاديثهم تعليقا على ما يدور بينهم من مناقشات ومحاضرات وندوات ولا يتأتى ذلك إلا عن كريق الاتصال الحي بالناس. وعن هذا الطريق يمكن معرفة أفكار الناس وآرائهم في الوقائع الملموسة والحوادث الجارية، خاصة البارزة منها. كما أن قياس ما يصدر عن الناس يكون بتسجيل الأفكار التي تظهر فيما يكتبه الناس في الكتب أو الصحف والمجلات بشكل تلقائي أو نتيجة وجود حافز دفع الناس للتغيير عن آرائهم في قضايا من خلال وسائل النشر أو حالة الطلب من الناس بشكل مباشر للتعبير عن آرائهم في مسائل معينة تعرض عليهم.
أما قياس الأفكار عن طريق رصد موقف الناس من الأفكار الموجَّهة إليهم عبر وسائل النشر المسموعة أو المقروءة، فيكون بملاحظة إقبال الناس عليها أو إعراضهم عنها، وذلك مثل إقبالهم على الاستماع لندوة أو محاضرة يتحدث فيها مفكر إسلامي أو يكون موضوعها له علاقة بالإسلام والمسلمين، وعدم اكتراثهم بالمحاضرات أو الندوات التي لا تبحث في قضايا ذات صلة بالإسلام أو المسلمين، ومثل إقبال الناس على شراء الكتب الإسلامية، وإعراضهم عن الكتب التي تتحدث عن الفكر الاشتراكي أو الرأسمالي أو القومية. كما يدخل في هذا القياس رصد موقف الناس من المنظمات الفكرية في المجتمع كالأحزاب والتكتلات التي تقوم على أسس فكرية. فيلاحظ إقبال الناس على المنظمات الإسلامية وأن هذه المنظمات قد صار لها امتداد بين جمهرة الناس، وفي مقابل ذلك يلاحَظ إعراض الناس عن المنظمات التي تقوم على غير أساس الإسلام، وأن هذه المنظمات قد أصبحت هامشية، سواء على الصعيد الفكري أو على الصعيد السياسي مما أفقدها القدرة على استقطاب جمهرة الناس، أي صارت منفصلة عنهم. وعند قياس ما يصدر عن الناس سواء بتسجيل الأفكار التي تسيطر عليهم أو رصد موقفهم من الأفكار الموجَّهة إليهم ينبغي عدم التجريد أو التعميم أو القياس الشمولي.
على أن الاتصال الحي بالناس يبقى هو حجر الزاوية في معرفة الرأي العام، سواء من حيث الشمولية أو من حيث الدقة في الوقوف على الأفكار الطاغية في المجتمع. والاتصال الحي بالناس يُرى أن لا وجود لأي فكر مؤثر في المجتمع غير أفكار الإسلام. لذلك نجد أن وسائل الإعلام العالمية والإقليمية صارت ترتكز في التعامل مع الرأي العام في العالم الإسلامي وفي مخاطبته على أساس أنه رأي عام إسلامي.
أما طريقة قياس المشاعر في المجتمع فتكون بتحديد العامل المثير لها سواء كان واقعا محسوسا يثير المشاعر للإشباع أو كان فكرا من الأفكار التي تعبر عن وقائع تثير المشاعر، فإذا رضي المسلمون بما يرضي الله، أو سخطوا بما يسخط الله كانت مشاعرهم حينئذ مشاعر إسلامية، وأما إذا رضوا بما يسخط الله أو سخطوا لما يرضي الله كانت مشاعرهم حينئذ مشاعر غير إسلامية.
وحتى تدرك المشاعر الموجودة في المجتمع لا بد إدراك الوسائل والأساليب التي يتم بواسطتها تعبير الناس عن المشاعر المتيقظة لديهم عن مصالحهم. والمشاعر إما أن يظهر أثرها في الجو العام للجماعة أو يظهر أثرها في سلوك الجماعة، إذ يمكن إدراك الشعور بالرضى أو الفرح أو الشعور بالطمأنينة، كما يمكن إدراك الشعور بالغضب أو الحزن أو الشعور بالقلق من ملاحظة ما تحدثه هذه المشاعر من أثر في الأجواء العامة التي تخيِّم على مجموع الناس، فكل شعور جماعي يفرض جوا خاصا به أو يترك أثرا متميزا عن غيره على أجواء جماعة الناس.
وأما الأثر الذي تحدثه المشاعر في سلوك الجماعة فهو تعبير الجماعة بالأقوال أو الأعمال عن المشاعر المتيقظة لديها عن مصالحها كالتذمر العام أو تشكيل الوفود أو الخروج بمظاهرات أو القيام بمسيرات أو عقد المؤتمرات أو القيام بإضراب أو اعتصام في مكان عام للتعبير عن الرفض أو التأييد أو برفع الشعارات أو اللافتات أو العرائض أو بأية وسيلة من الوسائل.
والمتتبع للواقع الذي وصلت إليه الأمة والمجتمع يدرك أن المشاعر التي باتت تسيطر على الأمة هي مشاعر إسلامية وأن معظم المشاعر غير الإسلامية التي استولت عليها قد أو ضعف تأثيرها في النفوس. إذ أن المشاعر التي تتحرك في الأمة بتأثير من الوقائع الجارية أو بتأثير من الأفكار هي مشاعر إسلامية، أما تأثر المسلمين بالوقائع الجارية فواضح في غضبهم من المجازر الوحشية التي ارتكبها الكفار بحق المسلمين في البوسنة والهرسك وبلاد الشيشان وأفغانستان. وفي حرب الخليج الثانية وجدنا أن مشاعر السخط والغضب قد تحركت لدى المسلمين في كل مكان بسبب احتلال الغرب الكافر بلاد الإسلام واعتدائه الوحشي على المسلمين في العراق، وقد كانت المساجد في معظم أنحاء العالم الإسلامي منطلقا للتعبير عن مشاعر الغضب طوال مسلسل الأزمات المفتعلة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، والتي كان آخرها الهجوم العسكري الأمريكي البريطاني على العراق في كانون أول سنة 1998م وفي المغرب وحدها خرج نحو مائة ألف مسلم في مظاهرة عارمة تعلوها المصاحف.
وأما أثر أفكار الإسلام الأساسية في المشاعر فإنه يظهر في ارتباط شعور الأمة بفكرة الحكم بما أنزل الله، وبأخوة الإسلام، كما اهتز لنداء الجهاد ونداء " الله أكبر ". كما أن غالبية المسلمين تشعر بالسخط من الكيفية التي تجري على أساسها رعاية مصالحهم، وتشعر بالغضب والكراهية للسلطات التي بيدها صلاحية رعاية هذه المصالح.
والأمثلة التي تدل على تجاوب مشاعر الأمة مع أفكار الإسلام الأساسية كثيرة كموقف الأمة من الثورة في إيران التي رفعت شعار التغيير على أساس الإسلام سواء شعار تطبيق الإسلام أو تصدير الثورة، وكذلك موقف الأمة من الانتخابات النيابية التي أجريت في أكثر من بلد من بلدان العالم الإسلامي، وموقف أبناء الأمة من الغزو السوفياتي لأفغانستان والروسي لبلاد الشيشان، والأرمني لأذربيجان، والصربي للبوسنة والهرسك. وفي هذا كله دلالة على أن مشاعر الإسلام قد وجدت عند المسلمين في رعاية شؤون الحياة الدنيا.
وفي مقابل ذلك نجد أن معظم المشاعر غير الإسلامية قد زالت أو ضعف أثرها من النفوس كالوطنية والقومية إذ لم يعد يهز المسلمين نداء الوطن ولا نداء القومية، فلم تعد ألفاظ العرب والعروبة تثير المشاعر ولم يعد للأفكار القومية القدرة على تحريك جمهرة الناس أو هز مشاعرهم، مثل الجامعة العربية، أو الوحدة العربية، أو النهضة القومية، أو التحرر القومي، والمشاعر التي كانت موجودة لأفكار التحرر والاشتراكية لم يعد لها تأثير على الناس.
إلا أن الانقلاب الشعوري في المجتمع لم يصل بعد في شموله وقوته إلى نفس الدرجة التي تحقق بها الانقلاب الفكري، بمعنى أن تأثير الانقلاب في فكر المجتمع لم يؤثر في شعوره تأثيرا شاملا لكل فكرة من الأفكار التي حدث فيها الانقلاب، وأن المشاعر التي تأثرت بهذه الأفكار أو تجاوبت معها لم تُحدِث أثرا قويا في النفوس، ولم يحصل التجاوب معها بدرجة كافية تؤدي إلى دفع الأمة بمجموعها للتعبير عن سخطها أو غضبها كلما بدر من السلطة الحاكمة ما يمس مصالحها أو مبدأها.

عبد الواحد جعفر
24-07-2012, 12:50 PM
<< تابع

ثانيا: توحيد هدف الأمة وتوحيد عقيدتها السياسية ووجهة نظرها في الحياة:
لقد دلت الوقائع والحوادث الجارية خاصة البارزة منها على تجاوب مشاعر المسلمين مع أفكار الإسلام الأساسية عن الحياة مما يعني أن الأمة الإسلامية قد تقبلت مجموع المفاهيم والمقاييس والقناعات الإسلامية، أي دلت هذه الحوادث على توحيد هدف الأمة وتوحيد عقيدتها السياسية ووجهة نظرها في الحياة.
ومن الأمثلة على ذلك موقف الأمة الذي عبَّرت عنه في الانتخابات النيابية في أكثر من بلد كما في الجزائر أو الأردن أو مصر أو تركيا، إذ أن الانتخابات لها دلالة سياسية، وكون المسلمين ينتخبون المرشح الذي يرفع شعار الإسلام، أو شعار الإسلام هو الحل، فإن هذا يدل على أن العقيدة الإسلامية قد ارتبطت بأفكار الحياة وأنظمة التشريع أي أصبحت عند المسلمين عقيدة سياسية لا عقيدة روحية فحسب، وقاعدة فكرية تُبنى عليها الأفكار وتنبثق عنها الأنظمة، لأن انتخاب النائب يعني اختيارا لأفكار الحكم وليس اختيارا لإمامة الصلاة في المسجد، ولأن شعار الإسلام هو الحل يعني أن الإسلام هو العلاج لكل مشاكل الحياة، ولا يعني قصره على أحكام العبادات، بل إن أحكام العبادات لا تحتاج إلى نائب يمثل الأمة في البرلمان. وهذا دليل على أن مفهوم فصل الدين عن السياسة أو عن الدولة لم يعد هو الأساس في النظرة إلى المصالح. وهذا كله يصلح مؤشرا على أن الأمة صارت تثق بما ينبثق عن عقيدتها من نظم تعالج مشاكل الحياة.
ومن الأمثلة على ذلك موقف الأمة الإسلامية من الثورة في إيران سنة 1979م، فقد تحرك الشارع في إيران للإطاحة بحكم الشاه تحت قيادة الخميني باسم الإسلام، وانطلقت المظاهرات والمسيرات في كبريات العواصم في بلاد الإسلام لإعلان التأييد، وصارت هذه الثورة محط أنظار المسلمين في العالم الإسلامي كله كأمل لتحرير فلسطين من رجس اليهود. والثورة " الإسلامية " في إيران ثورة سياسية شعارها الإسلام، وهدفها المعلن تطبيق الإسلام في الحكم على أنقاض حكم الشاه وتصدير الثورة. وموقف الأمة هذا فيه دلالة على أن العقيدة الإسلامية قد ارتبطت برعاية شؤون الحياة الدنيا، وأنها صارت تنظر إلى الإسلام بوصفه دينا منه الدولة، وهذا أيضا مؤشر على وجود الثقة لدى المسلمين بالنظام المنبثق عن عقيدتهم.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن موقف المسلمين في الانتخابات النيابية وموقفهم من في إيران يدل كذلك على أن الحكم بما أنزل الله صار هدفا للأمة الإسلامية، وذلك لأن تطبيق الشريعة الإسلامية كان هو شعار الثورة في إيران، وقد رفع الخميني شعار تصدير الثورة، مما أوجد الأمل في نفوس المسلمين بإمكانية التخلص من أنظمة الكفر المطبَّقة عليهم، ولذلك تجاوبت الأمة بإعلان التأييد في مظاهرات عارمة في جميع العالم الإسلامي. وأما شعار الإسلام هو الحل، فإن الناس لا تفهمه إلا على أساس أن الإسلام هو العلاج لكافة نواحي الحياة، أي رعاية مصالح الناس على أساس الإسلام، وهذا الواقع وإن لم يعبَّر عنه باسم الخلافة أو الدولة الإسلامية، إلا أنه يعبِّر عن واقع الخلافة، حتى وإن لم يَقصد رافعو شعار " الإسلام هو الحل " تطبيقه بالفعل كما فهم الناس أو لم يقصدوا تطبيقه بحسب الواقع الذي يدل عليه.
ومن المؤشرات التي تدل على وحدة هدف الأمة بأنه إقامة الخلافة أن الحركات الإسلامية التي تهدف إلى أخذ قيادة جمهرة المسلمين صارت ترفع شعار الخلافة الإسلامية، أو شعار الإسلام هو الحل، بغض النظر عن مدى إخلاص القائمين على هذه الحركات. حتى أن الحركات الإسلامية التي ظهرت في البلاد الإسلامية التي كانت خاضعة للحكم الشيوعي فيما كان يُعرف بالاتحاد السوفياتي سابقا، رفعت هي الأخرى شعار الخلافة ونادت به، وكان شعار الذين قتلوا الخائن السادات ( الخلافة أو الموت ).
أما ارتباط مشاعر المسلمين بأخوة الإسلام، فإن تجاوب المسلمين في جميع أرجاء العالم الإسلامي مع الأحداث البارزة التي حصلت في مختلف البلاد الإسلامية ليدل على أن الأمة الإسلامية مجموعة إنسانية واحدة تربطها عقيدة واحدة ينبثق عنها نظامها. ففي حرب الخليج الثانية خرجت المسيرات وعمت المظاهرات وعقدت الندوات وألقيت المحاضرات في أنحاء العالم الإسلامي تطالب الحكام بإعلان الجهاد ضد الكفرة المعتدين، وقد انهالت المساعدات، وهبَّ الآلاف من أبناء هذه الأمة متطوعين للجهاد.
وحمل الدعوة هو الأساس الذي تقوم عليه علاقة الأمة الإسلامية بغيرها من الشعوب والأمم وطريقة تنفيذه الجهاد، وقد أكدت الحوادث الكثيرة حقيقة الأمة الإسلامية أنها أمة مجاهدة وأنه يوجد عندها الاستعداد للتضحية والعطاء، وأن الشهادة في سبيل الله أغلى أمنية عند المسلمين في كل مكان. وعلى الرغم من أساليب التضليل التي مورست على الأمة عشرات السنين فيما يتعلق بحل مشكلة احتلال اليهود لفلسطين إلا أن الوقائع الجارية تدل على أن مشاعر الأمة الإسلامية إنما تتجاوب مع النداء للجهاد ولا تتجاوب مع الصلح مع إسرائيل، فقد أعربت الأمة بأسرها عن مشاعر البهجة والسرور لمقتل الخائن السادات على يد نفر من أبناء هذه الأمة بسبب ارتكابه جريمة الصلح مع إسرائيل، وقد تكرر موقف الأمة بالتأييد والمؤازرة لما قام به سليمان خاطر في مصر ولما قام به أحمد الدقامسه في الباقورة في الأردن، فالأمة تؤيد كل عمل وموقف يتخذ في معاداة اليهود كما تنبذ كل حاكم يعلن الولاء أو يظهر الذل والاستخذاء أمام اليهود.
جميع هذه الوقائع والحوادث تدل على أن العقيدة الإسلامية قد أصبحت بالنسبة للمسلمين عقيدة روحية سياسية لا عقيدة روحية فقط، وأن الإسلام قد أصبح عند المسلمين دينا منه الدولة لا مفصولا عنها، فالمسلمون اليوم ما عادوا يرون فصل أفكار الإسلام ووجهة نظره عن شؤون الحياة الدنيا، ولا يرون فصل التشريع الإسلامي عن الدولة، ولم يعودوا يعتبرون هذا الفصل للأفكار والتشريع ضرورة حياتية يقتضيه وجودهم وتقدمهم بين الناس، أي أن ثقة المسلمين بما ينبثق عن عقيدة الإسلام من أفكار عن الحياة ونظم لتنظيم العلاقات قد عادت فعلا.
كما أن الوقائع سالفة الذكر تدل على أن الأمة قد تم تنقيتها من كثير من الأدران التي أدت إلى انحطاطها أو التي تولّدت عندها أثناء انحطاطها ولا سيما أساس فكرة الغرب عن الحياة. فمفاهيم " فصل الدين عن الحياة " أو " الجهاد حرب دفاعية وليس حربا هجومية " أو " الحياد " أو " اشتراكية الإسلام " أو " السياسة كذب ودجل " أو " الاحتكام إلى أنظمة العصر " أو " الخلافة بابوية " أو " استحالة قيام الخلافة " أو " مرونة الإسلام " أو عصرنة الإسلام " و " ديمقراطية الإسلام " أو " الوطنية والقومية " لم تعد هي المفاهيم السائدة بين الناس.

عبد الواحد جعفر
24-07-2012, 12:51 PM
<< تابع

ثالثا: بدء تحول فكرة إيجاد الإسلام في واقع الحياة من قوة روحية في الأمة إلى قوة مادية:
هناك عدد من المؤشرات التي تدل على أن فكرة إيجاد الإسلام في واقع الحياة قد بدأت بالتحول فعلا من قوة روحية إلى قوة مادية، أي أن الفكرة الإسلامية بوصفها فكرة سياسية صارت قوة تقف في مواجهة القوى الأخرى المعادية. واستكمال هذا التحول هو الذي ينقل الفكرة الإسلامية إلى التطبيق الفعلي في واقع الحياة.
ويمكن إجمال الأعراض التي تشير إلى حصول هذا التحول بما يلي:
1ـ الغالبية العظمى من أبناء المسلمين باتوا يؤمنون بأن عقيدتهم لا تعني مجرد الانتماء إلى دين وإنما تفرض عليهم أن يعيشوا على أساسها، وأن يعملوا على إيجادها في معترك الحياة، فلا يكاد بلد إسلامي يخلو من حركة تدعو إلى تطبيق الإسلام، بينما لم يعد للحركات أو التكتلات التي لا تقوم على الإسلام القدرة السابقة على استقطاب جمهرة الناس.
2ـ أما الخلافة فإنها أصبحت تترد على ألسنة غالبية المسلمين، وتشكلت حركات جديدة تدعو إلى إقامة الخلافة، وقد بلغت قوة الرأي العام للخلافة الحد الذي اضطرت معه الحركات التي لم تعنَ يوما بالخلافة إلى تملّق الرأي العام عند الحاجة.
3ـ وبالنسبة للجهاد فإنه نتيجة تعطيل الحكام لهذا الفرض، قامت حركات تنادي بالجهاد، وتقوم بأعمال ضد الكفار باعتبارها جهادا، ووُجد لهذه الحركات تأييد واسع بين المسلمين.
4ـ والدلائل على أن الأمة بجملتها باتت ترى ضرورة الاحتكام إلى الإسلام وتريد العيش على أساسه كثيرة لدرجة أن الكفار بدأوا بوضع الخطط وتنفيذها لمحاربة الإسلام، ووصم المتمسكين به والمنادين بتطبيقه بأوصاف مثل التطرف والتشدد والإرهاب والأصولية وغيرها، كما أنهم أوعزوا إلى عملائهم بالتصدي لكل مخلص لقضية الإسلام. وراحوا يشوّهون صورة الإسلام عن طريق ربطه وربط حملة دعوته بسفك الدماء وقتل الأبرياء، بل وهتك الأعراض كما يصوَّر الوضع في الجزائر، وعن طريق تسليط الأضواء على الدول التي تدّعي تطبيق الإسلام والتي يقف الغرب الكافر وراءها ـ كما هو حاصل الآن في أفغانستان، وإيران، والسودان، أو السعودية وباكستان.
5ـ وإدراكا من حكام بلاد المسلمين لحقيقة أن الأمة لا يرضيها إلا الإسلام صاروا يتقربون إليها بإظهار أن سياساتهم لا تتعارض مع الإسلام مستعينين في ذلك بعلماء السلاطين.
وحين نشبت أزمة الخليج، تحول حاكم العراق بين عشية وضحاها من بعثي لا يؤمن بالإسلام، إلى " مؤمن!! " يضع عبارة " الله أكبر " على علم العراق ويتحدث عن " جمع المؤمنين " و " جمع الكفار ".
6ـ والكفار الغربيون يدركون حقيقة أن الرأي العام في المنطقة بأسرها إلى جانب الإسلام، وأن أي عمل سياسي في العالم الإسلامي حتى ينجح لا بد أن يتم إسناده بالإسلام سواء في إيصال العملاء إلى الحكم أو تثبيتهم في سدة الحكم أو في تنفيذ خططهم في بسط النفوذ والسيطرة، بينما لم يكونوا يفكرون في استخدام الإسلام لهذا الغرض أيام عبد الناصر على سبيل المثال، لأن الرأي العام لم يكن للإسلام في ذلك الوقت، بل كان إلى جانب أفكار القومية والتحرر والاشتراكية.
7ـ وقد أصبح الغرب الكافر يلجأ إلى تسويق أفكاره في بلاد المسلمين على اعتبار أنها أفكار إسلامية أو لا تخالف الإسلام، فيروّج للديمقراطية على أنها الشورى، أو أنها ضد القمع والاستبداد، ولا يجرؤ أن يروّج لها باعتبارها تعطي حق التشريع للإنسان وتنكره على خالق الإنسان، كما اندفع الغرب بقوة في محاولة تمييع المجتمع من ناحية الإسلام حتى يتمكن من إخراج الإسلام من المجتمع، فإلى جانب الديمقراطية صار يروج عن طريق عملائه تحت اسم الإسلام لفكرة وحدة الأديان، والتسامح الديني، والوسطية الإسلامية، والتعددية السياسية، وكذلك لمّا أدرك الغرب الكافر أن الأمة قد توحّد هدفها بأنه الحكم بما أنزل الله، لجأ إلى تمييع هذا الهدف سواء عن طريق بث فكرة التدرج في تطبيق الشريعة الإسلامية أو المشاركة في الحكومات القائمة في العالم الإسلامي، أو عن طريق إظهار بعض الدول أنها تطبق الإسلام كما في الباكستان وفي إيران وفي السودان.
8ـ وفي بداية الثمانينات راحت الدوائر الغربية تهيئ رجالها وبرامجها لاحتواء الخطر الذي بدأ الغرب يستشعره من الإسلام وصار يجري تسليط الأضواء على عدد من المثقفين وبعض رجالات الحركة الإسلامية ليقوموا نيابة عن الغرب بحرف حركة الوعي الحاصلة في الأمة الإسلامية نحو التيه والضياع مدّعين أنهم قادة لما يسمى بالصحوة الإسلامية وصاروا يلجأون إلى تأليف الكتب التي تتحدث عن بنية العقل العربي والعقل السياسي العربي وتجديد العقل العربي، لتشكل حاجزا يمنع الأمة الإسلامية من أن ترى الحقيقة وهي: أنها لا نهضة لها إلا بالإسلام بعد سقوط القومية والاشتراكية والرأسمالية في بلاد المسلمين. كما صارت تُلقي المحاضرات وتعقد الندوات وتعد الدراسات لبحث واقع وأبعاد ما يسمى "الصحوة الإسلامية" ومن ذلك الندوة التي عقدها منتدى الفكر العربي في عمّان عام 1987م تحت عنوان "الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي" وقد ضمت هذه الندوة أكثر من خمسين مشاركا من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية، وما هذه الأعمال إلا من أجل رصد الاتجاهات في العالم الإسلامي حتى يجري احتواؤها وتطويعها.
وما كانت الدوائر الغربية لتقوم بما قامت به لولا أن الإسلام بوصفه عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام للحياة صار هو الفكرة الوحيدة التي تشكل تهديدا حقيقيا للأنظمة القائمة في العالم الإسلامي، وأن تيار الإسلام بوصفه تيارا سياسيا قد فرض وجوده.
9ـ من جانب آخر فإن الغرب الكافر وعلى رأسه أميركا هو الذي يقف اليوم وراء الحرب الشرسة التي تشن على الإسلام والمسلمين، وهو الذين يطلقون ـ ولو على ألسنة عملائه ـ صرخات التحذير من خطر ما يسمى " بالأصولية " على المنطقة برمتها وعلى العالم بأسره، للوقوف في وجه تيار الإسلام ومقاومته بإعلان الحرب على حملة الدعوة الإسلامية في كل مكان وتأليب الرأي العام العالمي على الإسلام والمسلمين باسم " محاربة التطرف والإرهاب " أو عن طريق الأعمال السياسية.
ففي الجزائر بلغ حقد الفئة العلمانية الحاكمة مداه متمثلا بأعمال القتل وسفك الدماء وهتك الأعراض بوحشية لم يسبق لها مثيل، وفي مصر لم تكتف السلطة بملاحقة حملة الدعوة الإسلامية وزج الآلاف منهم في السجون والمعتقلات، بل أعطت الأوامر لأجهزتها الأمنية بإطلاق النار على حملة الدعوة في الشوارع والطرقات، وقامت بإعدام الكثيرين منهم.
أما في تركيا فقد صرح العسكريون أن إصرارهم على تطبيق الحظر الذي فرضوه على ارتداء الحجاب في الجامعات إنما هو من أجل حماية العلمانية بكل أشكالها ومظاهرها، ولأن الحجاب يُعَد ـ على حد تعبيرهم ـ مظهرا من مظاهر عودة الإسلام للحياة السياسية، وأكثر من ذلك فقد طالب العلمانيون بتتريك قراءة القرآن في الصلاة وبتتريك الأدعية التي يدعى بها للميت حتى يتأتى للميت فهم هذه الأدعية!! هذا إلى جانب عمليات الإقالة الجماعية من الجيش التي تطال منذ سنوات من تصفهم المؤسسة العسكرية بأنهم ذوو ميول أصولية.
وفي إيران ينشب صراع حاد بين الفئة العلمانية الحاكمة المدعومة من الغرب وبين تيار الإسلام الذي يقف بقوة في وجه التحول نحو العلمانية باسم الانفتاح الحضاري أو الانفتاح على الثقافات الأخرى.
وما الاجتماع الدوري الذي يعقده وزراء الخارجية العرب لوضع الخطط ورسم الأساليب للحيلولة دون عودة الإسلام إلى معترك الحياة تحت شعار ( مكافحة التطرف والإرهاب ) إلا عمل من أعمال هذه الحرب الشرسة.
هذه المؤشرات البارزة تدل بشكل واضح على أن فكرة إيجاد الإسلام في واقع الحياة قد بدأت بالتحول فعلا من قوة روحية في الأمة إلى قوة مادية، وأن تيار الإسلام أصبح يقف في وجه القوى الأخرى المعادية، وأن الإسلام أصبح عند المسلمين دينا منه الدولة، والعقيدة الإسلامية في نفوس المسلمين ارتبطت بأفكار الحياة وأنظمة التشريع، أي أصبحت العقيدة الإسلامية في نفوس المسلمين عقيدة سياسية. فما على الحزب إلا أن يعمل على استكمال هذا التحول حتى يتم نقلها إلى التطبيق الفعلي في واقع الحياة.

عمر1
25-07-2012, 12:30 PM
السلام عليكم

بارك الله بك اخي جعفر ،

اريد ان اسئل مايلي :

ورد في الكلام :

والأفكار هي حكم على واقع، والمشاعر هي إحساسات الطاقة الحيوية ويثيرها إما أفكار تتداعى عن الشيء الذي يثير المشاعر للإشباع أو واقع محسوس يثير المشاعر للإشباع، وأما المفاهيم فهي أفكار ارتبط التصديق بها بمشاعر الناس، وبتعبير آخر هي الأفكار التي لها واقع مُتَصوَّر في ذهن الناس ويصدقونها، فلا تخرج عن كونها أفكارا ومشاعر لذلك لم تدخل في تعريف الرأي العام. والفكر حتى يصير فكرا عاما لا بد أن يكون الواقع الذي عبَّر عنه واقعا محسوسا من قِبَل المجموع لا من قِبَل فرد أو أفراد أو جماعات معيَّنة، بغض النظر عن تفاوت المجموع في دركات الإحساس، وكما لا بد أن يكون هذا الفكر مُعبِّرا عن مصلحة من مصالح المجموع لا عن مصلحة خاصة لفرد أو أفراد أو جماعات معيَّنة فقط. وما ينطبق على الأفكار ينطبق كذلك على المشاعر.

هذه الفقرة تتحدث عن الفكر الذي يصلح لان يكون راء عام ، ولكن في الحقيقة لم افهم ، هل هنالك فكر يكون له راي عام و اخر لا يكون له راي عام ؟؟ وما الضابط في ذلك ؟؟ ومن اين اتى هذا التفصيل مع ان الحزب يقول انه يجب ان يكون للاسلام راي عام و الاسلام فكر ولم يفصل الحزب بين فكر وفكر اخر ؟

ورد في الكلام ايضا :

هناك عدد من المؤشرات التي تدل على أن فكرة إيجاد الإسلام في واقع الحياة قد بدأت بالتحول فعلا من قوة روحية إلى قوة مادية، أي أن الفكرة الإسلامية بوصفها فكرة سياسية صارت قوة تقف في مواجهة القوى الأخرى المعادية. واستكمال هذا التحول هو الذي ينقل الفكرة الإسلامية إلى التطبيق الفعلي في واقع الحياة.

وقد تحدث الحزب عن القوى الروحية و المادية في التكتلية و قال :

أما تحول هذه القوة الروحية إلى قوة مادية، فإن معنى ذلك أنها توضع في مواجهة قوى كبيرة وكثيرة في الداخل والخارج، قوى الدجل الديني، وقوى الدجل السياسي، وقوى أفكار الكفر المسيطر جوها على المجتمع، المسيطرة على أدمغة الكثيرين. وهذه كلها تتمثل في قوى مادية تملك جميع وسائل الصراع. وقبل ذلك وبعد ذلك قوى الدول الكافرة المستعمِرة، وقوى الدول الكافرة الطامعة. ولذلك لا بد أن ندرك ضرورة تحول القوة الروحية إلى قوة مادية، وأن يدرَك في نفس الوقت معنى هذا التحول.
الحقيقة انني لم افهم ما معنى ان تتحول القوى الروحية الى قوى مادية مع ما قاله الحزب :
فما هي القوى الروحية و ما المقصود بها ؟
وما هي القوى المادية و ما المقصود بها ؟
وما معنى التحول من قوى روحية الى قوى مادية ؟
هل يعني ذلك القتال و استعمال القوة ؟
وهل تحول القوى الروحية الى قوى مادية شرط لاخذ الحكم و لبناء الدولة ؟
لوماذ قال الحزب بضرورة تحول القوى الروحية الى قوى مادية ؟

ارجوا ان يتم الاجابة على اسئلتي .

وشكرا

عمر1
02-10-2012, 10:03 AM
للرفع ....

ابو كفاح
10-10-2012, 08:16 PM
للرفع ....

الاخ

عمر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
التذكير بالرفع يطول كثيرا ، الاصل الاجابه ممن هو مظنة القدره على ذلك ، وكذلك الابتعاد عن النسخ عند الاجابات

عمر1
10-10-2012, 08:19 PM
اهلا بالاستاذ الغالي

لم افهم قصدك بالجملة التالية


التذكير بالرفع يطول كثيرا ... وكذلك الابتعاد عن النسخ عند الاجابات

ابو كفاح
10-10-2012, 08:31 PM
اهلا بالاستاذ الغالي

لم افهم قصدك بالجملة التالية

بسم الله الرحمن الرحيم
التذكير بالرفع بطول حيث ان السؤال قد وضع في شهر سبعه والرفع لعدم الاجابه كان في 2/ 10
وللآن لم يتطرق احد للاجابه ، فهذا لا داعي له على المنتدى , وخاصة وان بعض الاجابات هي نسخ لما هو موجود في الكتب دون التكلف لغير هذا ، وبعد ذلك يترك الموضوع للرفع والتذكير

عمر1
10-10-2012, 08:36 PM
اخي الكريم انا لم اضع الرفع الا لشدة حاجتي لفهم الموضوع وليس الا

وكلي امل في ان يجاب على سؤال مع انه سؤال في الثقافة وليس خارج .

وتقبل تحياتي .