ابو اسيد
10-07-2012, 04:56 PM
اختتمت في باريس الجولة الجديدة من الحرب على سورية المستقلة . واجتمع هناك في الاسبوع الماضي " اصدقاء سورية".
ولقد احسنت روسيا والصين صنعا حين لم تشاركا في هذا اللقاء " غير الاخلاقي" – باللغة الدبلوماسية لوزارة الخارجية الروسية. وأصر ابطال الحرب الغربيون في هذا اللقاء على تفسيرهم لاتفاقات جنيف التي تمت قبل اسبوع من ذلك،وهو حسب تأكيد الرئيس الفرنسي هولاند :" ان عبارة الحكومة الانتقالية على أساس الوفاق المتبادل" تعني "ان بشار الأسد يجب ان يرحل".
وتكشف الجولة المذكورة من الضغوط تكتيكين تتبعهما واشنطن هما : لعبة الكلمات ولعبة اللف والدوران حول هيئة الامم المتحدة نفسها.
أولا- الصيغة الجديدة ل" الحكومة الانتقالية". يعرف قاموس المفردات مريام-ويبستر (باللغة الانكليزية) كلمة " النظام" بأنها " الحكومة" وكلمة " التغيير" بأنها الانتقال". وهكذا فان المقصد هو تلطيف المعنى من أجل الذين يرفضون تعبير " تغيير النظام" .
ويواصل الخبير الروسي الاصل دميتري ترينين مدير مركز كارنيجي بموسكو تناول هذا الموضوع بالبحث. ففي مقالة نشرها ترينين بعنوان " سورية : الآفاق الروسية" في 28 حزيران/يونيو عام 2012 اقترح ما يلي : " يجب على روسيا ان ترحب بالتعاون مع الولايات المتحدة وغيرها من البلدان اذا ما كان الهدف هو " انتقال" السلطة وليس " تغيير النظام"- اي ما تم إنجازه في " النموذج اليمني".
ودعنا نعرفكم على المستر ترينين ، فمن هو ؟ ان هذا العقيد السوفيتي المتقاعد الباحث الاقدم في كلية الدفاع الاطلسية في روما قد جند في عام 1993 للعمل في مركز كارنيجي بموسكو الذي اسسه في العام نفسه مايكل ماكفاول دون غيره والذي يشغل حاليا منصب السفير الامريكي بموسكو . وبعد حوالي 20 عاما من خدمة الامريكيين كوفئ بمنحه هذا المنصب كمدير للمركز بدلا من المدير السابق روز غوتيمموللر التي غادرت موسكو في عام 2008 للعمل في وزارة الخارجية الامريكية حيث تشغل الآن منصبا في دائرة الرقابة على التسلح والأمن العالمي. علما ان هذا المنصب كبير بالنسبة الى المستر ترينين ، لكنهم في واشنطن يعرفون كيف يختارون الكوادر.
ويجدر بالذكر ان مؤسسة كارنيجي في واشنطن تبرز – وهذا التعبير قليل فعلا- كوفي عنان نفسه. ويوجد بين مؤسسات المانحين في وكالة " Funders and Supporters " معهد المجتمع المفتوح برئاسة جورج سوروس ومجلس المعلومات الوطني الامريكي ووكالة الاستخبارات العسكرية الامريكية ووزارة الدفاع الامريكية ومجموعة من المؤيدين الافراد والعموميين.
طبعا ان " الحكومة الانتقالية" و" النموذج اليمني" لا يعنيان سوى " تغيير النظام". حقا اننا الروس قد تربينا على تولستوي وتشيخوف ويجب ان نتمكن من تفادي الالاعيب اللفظية لمدرسة واشنطن الابتدائية.
ثانيا ، بما ان واشنطن قد فشلت في تمرير قرارات ضد سورية في مجلس الامن الدولي بسبب الاصرار الروسي والصيني المتشدد ، فانها تحشد مجموعة تضم أكثر من مائة دولة ذات ميل أكثر للأستجابة لضغوط الولايات المتحدة. ان "ائتلاف الرغبات" قد وجد سابقا ، لكن عدد البلدان في هذه المرة تجعله يبدو وكأنه اتئلاف ضد هيئة الامم المتحدة ويعمل كما لو انه بديل للجمعية العامة نفسها.
ان مثل هذال التجمع ، الذي لا يتمتع بالشرعية مطلقا، ليس مجرد ندوة لتبادل الخطب. فقال لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي في تصريح لصحيفة " لو باريزيين" ان اجتماع باريس سيمرر القرار حول البند السابع من أجل تنفيذ خطة التغيير باستعمال القوة العسكرية. علما ان البند السابع يسمح باستخدام القوة العسكرية من أجل " ضمان احلال السلام والامن في العالم".
صفوة القول ان الولايات المتحدة يمكن ان تحاول لهذا الغرض تحويل المجموعة الى آلية لفرض " الحل النهائي" على الرئيس الاسد. وفي كافة الاحوال ان الولايات المتحدة ربما ستجرب توحيد مثل هذه الهيئة في كيان من المتملقين مضاد لهيئة الامم المتحدة مستعد وراغب في تلبية أي طلب امريكي.
والآن دعنا ننتقل من التكتيك الى الاستراتيجية. ان الانسان العادي حين ينظر الى الزعماء الذين يفرضون سلطتهم في العالم العربي بدعم الولايات المتحدة تصيبه الحيرة : لماذا تعمد الولايات المتحدة بمساعدة عملائها المحليين على اقصاء الحكومات المعتدلة وتضع في الحكم بدلا منها ، في بلد بعد الآخر ، المتطرفين المتشددين – وهم من ذلك الطراز من الناس الذين نفذوا في 11 سبتمبر/ايلول 2001 اكبر مأساة في الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية ؟
حقا ، لا يمكن الاجابة عن هذا السؤال لدى الاستماع الى الحجج الرسمية الصادرة عن واشنطن. لكن دعنا ننظر الى الساسة الامريكيين وشركائهم الاوروبيين في اعوام الثلاثينيات من القرن الماضي. لقد عملت امريكا والحلفاء الاوروبيون العقلاء والمتحضرون على تقديم الدعم المالي والصناعي والسياسي الذي شجع الحزب النازي المتطرف جدا والحركات الفاشية في اوروبا. وكان مقصدهم آنذاك توجيه العنف ضد روسيا. وبموجب خطتهم كان المبتغى ان تستنزف المانيا وروسيا قواهما بغية ان تفرض الولايات المتحدة هيمنتها في العالم.
وجرى بصورة مشابهة استغلال القاعدة في افغانستان سابقا واليوم يجري تشجيع مختلف المتطرفين الاسلاميين ومنهم عناصر من " الاخوان المسملين" ضمن خطة تشكيل حركة في المنطقة يمكن توجيهها ضد ايران وروسيا والصين. وبرأيهم ان أتون الحرب والفوضى هذا في الشرق الاوسط والقوقاز وآسيا الوسطى سينهك بأستمرار هؤلاء المنافسين الاستراتيجيين الثلاثة لأمريكا ويسمح الى واشنطن بفرض الهيمنة في العالم.
يجب علينا ان نتمكن من فك رموز شيفرة ليست لغة الولايات المتحدة فقط بل استراتيجيتها ايضا.وفي اعوام الثلاثينيات كان الاتحاد السوفيتي يقف على خط الجبهة في القتال ضد الفاشية في اوروبا. واليوم يجب على روسيا المدينة الى تأريخها والى الشهداء الذين سقطوا في النضال ضد النازية ان تدرك قبل فوات الاوان مقاصد الخطط الامريكية.
يجب ان نمنع الروس وغيرهم من التورط في دخول حمام الدم والابادة المتبادلة خدمة للمصالح الجشعة لواشنطن في الهيمنة على العالم.
كتبت المقالة خصيصا من أجل "RT ": فيرونيكا كراشينينيكوفا ،وتشغل منصب المدير العام لمعهد بحوث ومبادرات السياسة الخارجية بموسكو
ولقد احسنت روسيا والصين صنعا حين لم تشاركا في هذا اللقاء " غير الاخلاقي" – باللغة الدبلوماسية لوزارة الخارجية الروسية. وأصر ابطال الحرب الغربيون في هذا اللقاء على تفسيرهم لاتفاقات جنيف التي تمت قبل اسبوع من ذلك،وهو حسب تأكيد الرئيس الفرنسي هولاند :" ان عبارة الحكومة الانتقالية على أساس الوفاق المتبادل" تعني "ان بشار الأسد يجب ان يرحل".
وتكشف الجولة المذكورة من الضغوط تكتيكين تتبعهما واشنطن هما : لعبة الكلمات ولعبة اللف والدوران حول هيئة الامم المتحدة نفسها.
أولا- الصيغة الجديدة ل" الحكومة الانتقالية". يعرف قاموس المفردات مريام-ويبستر (باللغة الانكليزية) كلمة " النظام" بأنها " الحكومة" وكلمة " التغيير" بأنها الانتقال". وهكذا فان المقصد هو تلطيف المعنى من أجل الذين يرفضون تعبير " تغيير النظام" .
ويواصل الخبير الروسي الاصل دميتري ترينين مدير مركز كارنيجي بموسكو تناول هذا الموضوع بالبحث. ففي مقالة نشرها ترينين بعنوان " سورية : الآفاق الروسية" في 28 حزيران/يونيو عام 2012 اقترح ما يلي : " يجب على روسيا ان ترحب بالتعاون مع الولايات المتحدة وغيرها من البلدان اذا ما كان الهدف هو " انتقال" السلطة وليس " تغيير النظام"- اي ما تم إنجازه في " النموذج اليمني".
ودعنا نعرفكم على المستر ترينين ، فمن هو ؟ ان هذا العقيد السوفيتي المتقاعد الباحث الاقدم في كلية الدفاع الاطلسية في روما قد جند في عام 1993 للعمل في مركز كارنيجي بموسكو الذي اسسه في العام نفسه مايكل ماكفاول دون غيره والذي يشغل حاليا منصب السفير الامريكي بموسكو . وبعد حوالي 20 عاما من خدمة الامريكيين كوفئ بمنحه هذا المنصب كمدير للمركز بدلا من المدير السابق روز غوتيمموللر التي غادرت موسكو في عام 2008 للعمل في وزارة الخارجية الامريكية حيث تشغل الآن منصبا في دائرة الرقابة على التسلح والأمن العالمي. علما ان هذا المنصب كبير بالنسبة الى المستر ترينين ، لكنهم في واشنطن يعرفون كيف يختارون الكوادر.
ويجدر بالذكر ان مؤسسة كارنيجي في واشنطن تبرز – وهذا التعبير قليل فعلا- كوفي عنان نفسه. ويوجد بين مؤسسات المانحين في وكالة " Funders and Supporters " معهد المجتمع المفتوح برئاسة جورج سوروس ومجلس المعلومات الوطني الامريكي ووكالة الاستخبارات العسكرية الامريكية ووزارة الدفاع الامريكية ومجموعة من المؤيدين الافراد والعموميين.
طبعا ان " الحكومة الانتقالية" و" النموذج اليمني" لا يعنيان سوى " تغيير النظام". حقا اننا الروس قد تربينا على تولستوي وتشيخوف ويجب ان نتمكن من تفادي الالاعيب اللفظية لمدرسة واشنطن الابتدائية.
ثانيا ، بما ان واشنطن قد فشلت في تمرير قرارات ضد سورية في مجلس الامن الدولي بسبب الاصرار الروسي والصيني المتشدد ، فانها تحشد مجموعة تضم أكثر من مائة دولة ذات ميل أكثر للأستجابة لضغوط الولايات المتحدة. ان "ائتلاف الرغبات" قد وجد سابقا ، لكن عدد البلدان في هذه المرة تجعله يبدو وكأنه اتئلاف ضد هيئة الامم المتحدة ويعمل كما لو انه بديل للجمعية العامة نفسها.
ان مثل هذال التجمع ، الذي لا يتمتع بالشرعية مطلقا، ليس مجرد ندوة لتبادل الخطب. فقال لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي في تصريح لصحيفة " لو باريزيين" ان اجتماع باريس سيمرر القرار حول البند السابع من أجل تنفيذ خطة التغيير باستعمال القوة العسكرية. علما ان البند السابع يسمح باستخدام القوة العسكرية من أجل " ضمان احلال السلام والامن في العالم".
صفوة القول ان الولايات المتحدة يمكن ان تحاول لهذا الغرض تحويل المجموعة الى آلية لفرض " الحل النهائي" على الرئيس الاسد. وفي كافة الاحوال ان الولايات المتحدة ربما ستجرب توحيد مثل هذه الهيئة في كيان من المتملقين مضاد لهيئة الامم المتحدة مستعد وراغب في تلبية أي طلب امريكي.
والآن دعنا ننتقل من التكتيك الى الاستراتيجية. ان الانسان العادي حين ينظر الى الزعماء الذين يفرضون سلطتهم في العالم العربي بدعم الولايات المتحدة تصيبه الحيرة : لماذا تعمد الولايات المتحدة بمساعدة عملائها المحليين على اقصاء الحكومات المعتدلة وتضع في الحكم بدلا منها ، في بلد بعد الآخر ، المتطرفين المتشددين – وهم من ذلك الطراز من الناس الذين نفذوا في 11 سبتمبر/ايلول 2001 اكبر مأساة في الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية ؟
حقا ، لا يمكن الاجابة عن هذا السؤال لدى الاستماع الى الحجج الرسمية الصادرة عن واشنطن. لكن دعنا ننظر الى الساسة الامريكيين وشركائهم الاوروبيين في اعوام الثلاثينيات من القرن الماضي. لقد عملت امريكا والحلفاء الاوروبيون العقلاء والمتحضرون على تقديم الدعم المالي والصناعي والسياسي الذي شجع الحزب النازي المتطرف جدا والحركات الفاشية في اوروبا. وكان مقصدهم آنذاك توجيه العنف ضد روسيا. وبموجب خطتهم كان المبتغى ان تستنزف المانيا وروسيا قواهما بغية ان تفرض الولايات المتحدة هيمنتها في العالم.
وجرى بصورة مشابهة استغلال القاعدة في افغانستان سابقا واليوم يجري تشجيع مختلف المتطرفين الاسلاميين ومنهم عناصر من " الاخوان المسملين" ضمن خطة تشكيل حركة في المنطقة يمكن توجيهها ضد ايران وروسيا والصين. وبرأيهم ان أتون الحرب والفوضى هذا في الشرق الاوسط والقوقاز وآسيا الوسطى سينهك بأستمرار هؤلاء المنافسين الاستراتيجيين الثلاثة لأمريكا ويسمح الى واشنطن بفرض الهيمنة في العالم.
يجب علينا ان نتمكن من فك رموز شيفرة ليست لغة الولايات المتحدة فقط بل استراتيجيتها ايضا.وفي اعوام الثلاثينيات كان الاتحاد السوفيتي يقف على خط الجبهة في القتال ضد الفاشية في اوروبا. واليوم يجب على روسيا المدينة الى تأريخها والى الشهداء الذين سقطوا في النضال ضد النازية ان تدرك قبل فوات الاوان مقاصد الخطط الامريكية.
يجب ان نمنع الروس وغيرهم من التورط في دخول حمام الدم والابادة المتبادلة خدمة للمصالح الجشعة لواشنطن في الهيمنة على العالم.
كتبت المقالة خصيصا من أجل "RT ": فيرونيكا كراشينينيكوفا ،وتشغل منصب المدير العام لمعهد بحوث ومبادرات السياسة الخارجية بموسكو