المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انشقاق مناف: لحظة تعزز "المقاربة المصرية" بسورية



عبد الواحد جعفر
07-07-2012, 11:15 AM
تحليل سياسي

انشقاق مناف: لحظة تعزز "المقاربة المصرية" بسورية
07/07/2012
أمجد العبسي
عمان - بعد مجزرة الحولة قرب حمص انكشف أمام روسيا وإيران وبقية القوى الحليفة لبشار شكل السيطرة الذي يتمتع به الرجل في النظام الذي ورثه عن أبيه، فالرجل هو في أحسن الأحوال زعيم "شريك" في الحكم أكثر منه زعيما منفردا أو أوحد كما كان أبوه، وكما ذهبت العديد من التقارير الغربية إلى أن نظام الأسد أقرب إلى "كارتيل مافيا" منه إلى سلطة سياسية حاكمة.
انكشفت هشاشة سلطة الأسد الرئيس، كما أظهر زجاج الحولة من خلفه قيادات أمنية وكذلك طائفية ذات دور أصيل ومهم في الساحة السورية، وعليه نالت مجزرة الحولة نصيبا وافرا من التنديد من قبل روسيا وبقية حلفاء الأسد، كانت الرسالة واضحة، إما تحكمت وسيطرت وإما عزلت.
منذ ذلك الوقت، بدأت موسكو بعصف ذهني مع عدد من أقطاب المعارضة السورية وخصوصا في الداخل، وفي أحد لقاءاتها تفاجأ الوفد السوري المعارض بقائمة بأسماء المجلس العسكري الذي تقترحه موسكو لتسلم مقاليد السلطة من بشار الأسد، وبحكم خبرتها وعلاقتها الوثيقة بضباط الجيش السوري تمكنت موسكو من تحديد قائمة بمواصفاتها هي لا بمواصفات الشعب السوري، كانت أفكارا مشابهة تعصف بحلقات نقاش أخرى في الدوحة واسطنبول، لكن ذلك لم يعن إطلاقا أن أيا من تلك المشاريع سيكون موضع ترحيب من المعارضة السورية.
في الأثناء، كان وزير الدفاع الإسرائيلي يطرح مقاربة جديدة قديمة للأزمة السورية تقوم في الأساس على الوصفة اليمنية، خروج آمن للأسد وبقاء آمن للدولة والنظام أيضا.
منذ مجزرة الحولة، أي منذ شهرين جرت مياه كثيرة في وادي سورية العميق، ميدانيا استطاع الجيش السوري الحر إحداث تحولات "استراتيجية" في مواجهة القوات النظامية، أهمها على الإطلاق، إفراغ مسافة 40 كم في عمق الحدود السورية من جهة تركيا (إدلب- ريف حلب)، كما بقي محتفظا بسيطرة مهمة على العديد من أحياء حمص وريفها، وكذلك فعل في دير الزور وعلى تخوم دمشق، في الريف بل وفي قلب المدينة من خلال السيطرة على بعض الأحياء.
"المناطق العازلة" الناشئة بحكم الأمر الواقع صادقت على نبوءات الضباط المنشقين من أن المناطق الحرة من شأنها تشجيع الضباط الساخطين وخصوصا السنة على الانشقاق، وما إن تحققت المنطقة العازلة حتى أصبح حرس الحدود التركي يستقبل وفودا عسكرية منشقة ثلاث أو أربع مرات على الأقل في الأسبوع، وتضم ضباطا برتب كبيرة من بينهم ألوية وعمداء وعقداء، وهو أمر كان متعذرا وعسيرا خلال الأشهر السابقة على المنطقة العازلة الجديدة.
خارجيا، فشلت روسيا في جر تركيا إلى حرب إقليمية مع سورية حين أسقطت مضاداتها طائرة مقاتلة اخترقت الأجواء السورية، كما فشلت في الحفاظ على تماسك نظام الأسد، وبالأحرى، على الصورة النمطية التي كانت حريصة على تأكيدها دائما؛ وهي أن النظام السوري يستند إلى قاعدة شعبية سنية كبيرة من خلال التجار والضباط الكبار، لكن إضراب تجار دمشق احتجاجا على مجزرة الحولة وانشقاق عشرات الضباط السنة عبر المنطقة العازلة الواقعية والتي توجت بانشقاق مناف نجل مصطفى طلاس ربيب الأسد الأب، قلب ظهر المجن على "البروباغندا" الروسية وحلفائها.
التطورات الداخلية إلى جانب الانتصار التكتيكي الذي أحرزه الربيع العربي بفوز المرشح الإسلامي محمد مرسي على وقع مليونيات ميدان التحرير وسط القاهرة بكرسي الرئاسة في مصر، وحالة التعايش التي بدت ممكنة بين الجيش ورئيس مصر في مرحلة ما بعد الربيع العربي.. عوامل صبت في شط جديد أطلق عليه بـ"الوصفة المصرية" للأزمة السورية، التي سيبدو فيها مناف طلاس أحد أبطالها المميزين ان لم يكن نجمها الأبرز.
يقول مجند سابق في الحرس الجمهوري وقريب من مناف طلاس حين كان نقيبا في الحرس الجمهوري لـ"الغد"، "كان طلاس بسيطا ومحبا للعساكر، كان واجهة للأسد الرئيس من غير صلاحيات شأنه شأن الضباط "السنة" في الجهاز نفسه وبقية فروع الجيش السوري الضخم"، ويضيف "ميزة طلاس الأب والابن أن كليهما ساعد في التحاق وترفيع العديد من أبناء منطقة الرستن (مسقط راس طلاس) في الجيش".
في كلماته المحدودة ربما يختصر المجند مشوارا طويلا من البحث في بعض العواصم العربية والدولية التي بدأت ترى في الوصفة المصرية نموذجا مثاليا للأزمة في سورية.
"مصادر سورية" تتحدث عن "طبخة" عاجلة يجري إعدادها في بعض مراكز القرار الأمني والدبلوماسي في بعض العواصم العربية والدولية، وتحديدا في الدوحة وباريس، هذه الطبخة "يطير" فيها الأسد وعائلته إلى موسكو على الأرجح مقابل بقاء النظام وتسليم السلطة إلى مجلس عسكري يقوده ضابط سني كبير، كان حتى قبل انشقاق مناف أمرا متعذرا للغاية.
وترى هذه العواصم أن الأسد ونظامه يتهاويان بطريقة دراماتيكية، وأن البديل هو الجماعات الإسلامية المسلحة، وبالتالي لا بد من مسابقة الزمن حتى لا يفقد الجميع زمام السيطرة وتفلت سورية من النظام الإقليمي والدولي لسنوات طويلة.
والغريب أن موسكو بدأت تعلن خلال اليومين الماضيين عن مقاربة مطابقة للمقاربة الغربية والعربية، وأول من أمس سرب الكرملين الى صحيفة روسية أن فرص بقاء الأسد في السلطة لا تتجاوز 10 %.
في لحظة ما من التاريخ تتكثف الأحداث وتتقاطع مصالح قوى وعواصم كبرى في عنق شخص ما كأن يكون أسمرا مثل الرئيس الأميركي باراك أوباما
أو أكاديميا متواضعا وطيبا مثل الدكتور محمد مرسي في مصر، أو ربما ضابطا كل ما يملك هو البساطة والقرب من الأسد ومحبة العساكر الرسميين (علوييون وسنة) وجيش حر في الرستن غالبية قادته هم من الضباط الذين وقف خلفهم طلاس الابن والأب، هي "لحظة مناف" الذي بدت قصة هروبه أو تهريبه من مساكن الحرس الجمهوري المدججة بالسلاح والمخبرين، مفتاحا مهما في رحلة البحث عن قصصه "المفتعلة" حاليا لاحقا.
[email protected]