مشاهدة النسخة كاملة : تفصيلات متعلقة بالحاكم من حيث الكفر و الظلم و الفسوق
حبيبي محمد
28-06-2012, 04:14 PM
السلام عليكم ......
الحاكم حسب الآيات فس سورة المائدة ,,
اما ان يكون كافرا و أما أن يكون ظالما و أما أن يكون فاسقا !!!
بالنسبة لكفر الحاكم فهذه مفهومة بالنسبة لي ,,,
سؤالي متعلق بالظلم و الفسوق : فهل هناك فرق بين ان يكون الحاكم ظالما أو فاسقا أم انهما نفس الشيء ؟؟
ان كان هناك فرق فما الدليل على التفريق بينهما ؟؟
سهل ممتنع
28-06-2012, 04:39 PM
السلام عليكم ......
الحاكم حسب الآيات فس سورة المائدة ,,
اما ان يكون كافرا و أما أن يكون ظالما و أما أن يكون فاسقا !!!
بالنسبة لكفر الحاكم فهذه مفهومة بالنسبة لي ,,,
سؤالي متعلق بالظلم و الفسوق : فهل هناك فرق بين ان يكون الحاكم ظالما أو فاسقا أم انهما نفس الشيء ؟؟
ان كان هناك فرق فما الدليل على التفريق بينهما ؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول عز وجل (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة5: 44)، ويقول (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (المائدة5: 45)، ويقول (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (المائدة5، 47)، ثلاثة أوصاف وصف الله بها من لم يحكم بكتابة وسنة نبيه، وهي كالآتي:-
1. الكافرون: والكفر عكس الشكر، يقول عز وجل (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (الإنسان76: 3)، فالأصل شكر نعم الله بما يرضاه الله، فإن لم نشكر هذه النعم ندخل في دائرة الكفر، والكفر مداه عريض، يبدأ الإنسان بأعمال كفرية بسيطة ثم تزداد هذه الأعمال وتزداد حتى يصبح الإنسان كافراً، بمعنى أن الكفر أصبح صفته وليس فقط عمله الكفر، وللاسف فإن أكثر الناس تختلط أعمالهم بالكفر، فيخلطون الأعمال الصالحة بأعمال كفرية، يقول عز وجل (قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ) (عبس80: 17)، نسأل الله الهداية والصالح لما خلطوا عملا صالحا بآخر سيئ، يقول عز وجل (وَءَاخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِم خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَءَاخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة9: 102).
2. الظالمون: كل عمل كفري هو ظلم يظلم به الإنسان نفسه، يقول عز وجل (وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِن أَنفُسَهُم يَظْلِمُونَ) (آل عمران3: 117)، ويقول (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُم يَظْلِمُونَ) (الأعراف7: 160)، ويقول (وَمَا ظَلَمْنَاهُم وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) (الزخرف43: 76)، وهذا كثير في القرآن الكريم.
3. الفاسقون: والفسق هو الإنسلاخ من رحمة الله، وفي هذه الحالة من دينه وحكمه وأمره، كما يفقس الصوص من البيض فيخرج منها، يفسق الفاسق من الدين فيخرج منه.
لن أطيل عليك، ولكن من هذا الترتيب الرباني أفهم أن الإنسان وهنا أقصد (الحاكم) يبدأ بأعمال كفرية، تراها الناس وتسكت عليها إما خوفا أو طمعا أو لامبالاة، فيستحسن الحاكم هذه الأعمال ويزداد بها ويزيد عليها، فيبدأ الظلم يحل بالناس الذين سكتوا عليه من بداية الأمر، فيظلم الحاكم نفسه بظلمه للناس، ويظلم الناس أنفسهم بسكوتهم عليه، ثم تسكت الناس على الظلم فيزيد الظلم فقد سكتت عما هو أكبر، سكتت عن حكم الحاكم بما لم ينزل الله، فيستمر الحاكم بأعماله الكفرية وبظلمه للناس، حتى تصبح صفته الكفر ويطبع على قلبه بهذا الكفر، ويصل لدرجة الفسق والعياذ بالله، ومما نراه فإن معظم حكام العرب وللأسف وصلوا لهذه المرحلة.
أولا: نسأل الله لكل مسلم في كل بقاع الأرض الصبر على مصائبه وإبتلاءات وبالأخص من كان منهم مظلوما قابعا في غيابات السجون. ونسأل الله أن يصبر أهلهم وذويهم وأحبابهم وأصحابهم ومعارفهم.
ثانياً: نسأل الله أن يقوي قلوبنا لأن نقول للظالم، (هذا ظلم ولن نقبله) مع أول فعل كفري يقوم به ومع كل فعل كفري يأتيه، وأن يقوي قلوبنا للوقوف بوجه الظالم غضبةً لله وليس لحاجة في أنفسنا.
ثالثاً: نسأل الله الهداية لكل ظالم ونقول له (إنتبه فأنت تظلم نفسك في ظلمك للناس قبل أن تظلم الناس)، والله يقول (وَلَو يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُم إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُم لَا يَسْتَئْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) (النحل16: 61)، يا ظالم تذكر أنك ستقف بين يدي الله وسيسألك عن كل عمل كفري قمت به وظلمت به أحد، يقول عز وجل (وَقِفُوهُم إِنَّهُم مَسْئُولُونَ) (الصافات37: 24)، فماذا لديك لتقوله لله رب العزة سبحانه وتعالى.
رابعاً: نقول لكل مظلوم، إصبر فهذا قضاء الله وقدره عليك، وأنت تؤمن بالقضاء والقدر، إصبر وإحتسب أجرك على الله، الذي يقول (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت41: 35).
فحسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون
للشيخ خالد المغربي مدرس في المسجد الاقصى المبارك
حبيبي محمد
29-06-2012, 12:00 AM
[color="blue"]
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول عز وجل (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة5: 44)، ويقول (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (المائدة5: 45)، ويقول (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (المائدة5، 47)، ثلاثة أوصاف وصف الله بها من لم يحكم بكتابة وسنة نبيه، وهي كالآتي:-
جزاك الله كل خير اخ سهل ممتنع على الاجابة ,,,
و لكن هناك اجابة للشيخ تقي على هذا الموضوع بالذات تختلف عن اجابتك ,,,
ارجوا ممن عنده تفسير الشيخ تقي لهذه الايات {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، {الظالمون}، {الفاسقون} ان يتحفنا بها و له الشكر الجزيل ,,,
ابو كفاح
30-06-2012, 12:53 PM
[size="1"][size[size="6"]="7"][size="7"][size="5"][size="7"]
[size="6"]جزاك الله كل خير اخ سهل ممتنع على الاجابة ,,,
و لكن هناك اجابة للشيخ تقي على هذا الموضوع بالذات تختلف عن اجابتك ,,,
ارجوا ممن عنده تفسير الشيخ تقي لهذه الايات {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، {الظالمون}، {الفاسقون} ان يتحفنا بها و له الشكر الجزيل ,,,
بسم الله الرحمن الرحيم
نعم هناك فرق بين وصف الذي يحكم بغير ما انزل الله بالكفر او الفسق او الظلم ، وهي الفاظ لها معاني مختلفه وهي ليست من المعاني المترادفه ، وعند الحديث عن هذه المعاني لا بد ان تفسر بمعناها اللغوي ان لم يكن لها معنى شرعي ، وهذه الالفاظ لها معاني شرعيه ، ولذلك لا تفسر الا بهذه المعاني الشرعيه او هذه المعاني الاصطلاحيه ، ولا يجوز ان يقتصر على بيان المعاني اللغويه في مثل هذه الحاله ، لان المعنى الشرعي مقدم على المعنى اللغوي .
ان معنى الكفر شرعا هو الخروج من دائرة الاسلام الى دائرة الكفر ، اي هو الارتداد عن الاسلام ،والانسان لا يكغر الا اذا كان هناك دليل قطعي على كفره ، ولا يكفر الانسان بناء على الظن مطلقا،بدليل حديث الرسول عليه السلام (الا ان تروا كغرا بواحا عندكم من الله فيه برهان) والانسان يكفر باربع حالات لا داعي لذكرها في هذا الموضوع ،اما الايات التي جاءت تصف الحاكم بالكفر والفسق والظلم ، وهي وان جاءت بحق غير المسلمين ،ولكن كونها عامه وكون هناك قرائن تدل على اننا مخاطبين بها ، كانت الاوصاف التي وردت بها تنطبق على المسلمين ،ووصفها الحاكم تارة بالكفر وتارة بالظلم وتارة بالفسق هو بحد ذاته تفرلفرق بين الظلم والفسق هو ان الظلم يزيد عن الفسق بظلم الرعيه ، هذا مع العلم ان هناك اجوبه تغصيلييق بين تلك المعاني ،فالذي يحكم بالكفر معتقدا صلاحه وعدم صلاحية الاسلام يكفر ، اما الذي يحكم بغير ما انزل الله دون الاعتقاد بعدم صلاحية الاسلام لا يكفر ، وينطبق عليه معنى الظلم والفسق ، واه في هذا الموضوع .
أبو فارس
30-06-2012, 02:02 PM
في الواقع الألفاظ الثلاثة تعني "الكفر" المخرج من الملة، لأنّ المناط هنا هو مناط الحديث عن عدول عن شرع الله إلى غيره من الشرائع وقد نزلت الآيات في أهل الكتاب (اليهود والنصارى). ومن أدق وأروع شروح هذه الآيات هو ما وجدته عند الشهيد العلامة سيد قطب رحمه الله في كتابه "مقومات التصور الإسلامي"، وكذلك شقيقه العلامة محمد قطب.
يقول العلامة الأستاذ محمد قطب في كتابه "هذا هو الإسلام" بعد أن أورد سياق الآيات الكامل (من الآية 44 حتى الآية 50 من سورة المائدة):
"وواضح من هذه الآيات المحكمات أن الأوصاف الثلاثة المذكورة فيها، وهي "الكافرون" و"الظالمون" و"الفاسقون" هي أوصاف على درجة واحدة لمن لم يحكم بما أنزل الله وليست درجات مختلفة. فلفظ "من" حين يطلق يفيد العموم، أي كل من يتأتى منه عمل معين أو يتصف بصفة معينة. كما أن وصفين من الثلاثة وردا بشأن جماعة واحدة تقوم بعمل واحد محدد، وهم اليهود الذين لا يحكمون بما أنزل الله، ولا يعقل أن تكون جماعة واحدة تقوم بعمل واحد معين تكون مرة من الكافرين ومرة أخرى من الظالمين غير الكافرين، كما أراد بعض الناس أن يفسّروا الآيات، مستندين إلى قول ابن عباس رضي الله عنه: "كفر دون كفر"!
إن الذين تشير إليه الآيات هو الإعراض عن شريعة الله وإحلال شرائع البشر محلها، وهو كفر في جميع الحالات، وظلم في جميع الحالات، وفسق في جميع الحالات على مستوى واحد. أما الذي أشار إليه ابن عباس رضي الله عنه، وقال عنه إنه كفر دون كفر، فشيء مختلف، وهو الإقرار بما أنزل الله مع الالتواء في التطبيق لسبب من الأسباب. أما حين يحكم التتار بالياسق بدلا من شريعة الله فقد أجمع العلماء على أن عملهم هذا كفر مخرج من الملة، لا يندرج تحت مقولة ابن عباس.
وواضح كذلك من الآيات أن الله جعل الحكم نوعين اثنين لا ثالث لهما، إما حكم الله، وإما حكم الجاهلية، ثم أنكر على من يبتغي حكم الجاهلية بديلا من حكم الله". انتهى كلام الأستاذ محمد قطب.
والحق أنه يمكن فهم ذلك بأن الظلم من مستلزمات الكفر وكذلك الفسق من مستلزمات الكفر. بل وإن الظلم نفسه جاء بمعنى "الشرك" كقول الله عز وجل "إن الشرك لظلم عظيم" على لسان العبد الصالح لقمان. وكذلك جاءت أوصاف الكفار في كتاب الله بالفسق.
على سبيل المثال: قال تعالى عن بعض الأقوام الذين عذبهم: "فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ".
وهذه الأوصاف متكررة في كتاب الله. والله أعلم.
ابو كفاح
30-06-2012, 10:37 PM
في الواقع الألفاظ الثلاثة تعني "الكفر" المخرج من الملة، لأنّ المناط هنا هو مناط الحديث عن عدول عن شرع الله إلى غيره من الشرائع وقد نزلت الآيات في أهل الكتاب (اليهود والنصارى). ومن أدق وأروع شروح هذه الآيات هو ما وجدته عند الشهيد العلامة سيد قطب رحمه الله في كتابه "مقومات التصور الإسلامي"، وكذلك شقيقه العلامة محمد قطب.
يقول العلامة الأستاذ محمد قطب في كتابه "هذا هو الإسلام" بعد أن أورد سياق الآيات الكامل (من الآية 44 حتى الآية 50 من سورة المائدة):
"وواضح من هذه الآيات المحكمات أن الأوصاف الثلاثة المذكورة فيها، وهي "الكافرون" و"الظالمون" و"الفاسقون" هي أوصاف على درجة واحدة لمن لم يحكم بما أنزل الله وليست درجات مختلفة. فلفظ "من" حين يطلق يفيد العموم، أي كل من يتأتى منه عمل معين أو يتصف بصفة معينة. كما أن وصفين من الثلاثة وردا بشأن جماعة واحدة تقوم بعمل واحد محدد، وهم اليهود الذين لا يحكمون بما أنزل الله، ولا يعقل أن تكون جماعة واحدة تقوم بعمل واحد معين تكون مرة من الكافرين ومرة أخرى من الظالمين غير الكافرين، كما أراد بعض الناس أن يفسّروا الآيات، مستندين إلى قول ابن عباس رضي الله عنه: "كفر دون كفر"!
إن الذين تشير إليه الآيات هو الإعراض عن شريعة الله وإحلال شرائع البشر محلها، وهو كفر في جميع الحالات، وظلم في جميع الحالات، وفسق في جميع الحالات على مستوى واحد. أما الذي أشار إليه ابن عباس رضي الله عنه، وقال عنه إنه كفر دون كفر، فشيء مختلف، وهو الإقرار بما أنزل الله مع الالتواء في التطبيق لسبب من الأسباب. أما حين يحكم التتار بالياسق بدلا من شريعة الله فقد أجمع العلماء على أن عملهم هذا كفر مخرج من الملة، لا يندرج تحت مقولة ابن عباس.
وواضح كذلك من الآيات أن الله جعل الحكم نوعين اثنين لا ثالث لهما، إما حكم الله، وإما حكم الجاهلية، ثم أنكر على من يبتغي حكم الجاهلية بديلا من حكم الله". انتهى كلام الأستاذ محمد قطب.
والحق أنه يمكن فهم ذلك بأن الظلم من مستلزمات الكفر وكذلك الفسق من مستلزمات الكفر. بل وإن الظلم نفسه جاء بمعنى "الشرك" كقول الله عز وجل "إن الشرك لظلم عظيم" على لسان العبد الصالح لقمان. وكذلك جاءت أوصاف الكفار في كتاب الله بالفسق.
على سبيل المثال: قال تعالى عن بعض الأقوام الذين عذبهم: "فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ".
وهذه الأوصاف متكررة في كتاب الله. والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ الكريم ابو فارس السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الايات الثلاث وردت في سورة المائدة بحق اليهود والنصارى , ولما كانت تدل الايات على العموم كنا مخاطبين بها , وهي بذلك من الاحكام الشرعية وليست من شرائع الامم السابقة التي يكون بحقها انها من شرع من قبلنا , ولما كانت كذلك لا بد من دراستها ومن دراسة واقعها اي مناطها لادراك معنى هذه الالفاظ (الكفر والفسق والظلم) هل هي الفاظ مترادفة لها نفس المعنى ام هي الفاظ تدل على معان مختلفة , اي انها ليست بنفس المعنى كذلك ليس الامر متعلق بقول ابن عباس بان هناك كفر دون كفر , وانما الموضوع ان هذه الايات جاءت ابتداءا بحق اهلها ووصفتهم بهذه الالفاظ الشرعية , فوصفت من جاءت بحقهم تارة بالكفر وتارة بالفسق وتارة بالظلم , فوصف الكفر هو غير الظلم وغير الفسق , فالكفر معناه عدم الايمان بالاسلام وهو هنا ان من يحكم بغير ما انزل الله من المسلمين يكون كافرا اي مرتدا عن الاسلام , وحيث ان الحاكم هو الذي يطبق الاسلام من ناحية تنفيذية , والقاضي هو الذي يفصل بين الناس على اساس الاسلام , كان الذي يحكم معتقدا عدم صلاحية الاسلام قائلا بصلاحية غيره يكفر , سواءا اكان حاكما ام قاضيا
اما الذي لا يحكم بالاسلام دون الاعتقاد بعدم صلاحية الاسلام لكل زمان ومكان فلا يكفر وذلك لكونه يقر بصلاحية الاسلام , ولكن المعيق للتطبيق اما تحكم الكفار او ظنه بعدم القدرة على التطبيق او معصة لله ولرسوله , فمن يكون واقعه كذلك لا يكفر وانما يوصف بالظلم او الكفر .
اما قولك في تفسير الاية الكريمة (ان الشرك لظلم عظيم) فالاية تدلل على ان الشرك كفر وتدلل على انه ظلم ولا تدلل على ان كل ظلم كفر , ولذلك لا يصح اعتبار هذه الالفاظ بعنى واحد او انها جاءت في صعيد واحد , بل يجب انزال التفريق بين هذه الالفاظ حسب تفريق الاسلام لها .
اما ما ورد من ايات تدلل في بعض الاحيان ان الفسق كفر فنقول ان الفسق هو الخروج على احكام الله , فليس كل خروج يعد كفرا , اما اذا كان الخروج اي الفسق من الخروج المكفر فيكون عندها كفرا وليس مجرد فسوق .
هناك جواب سؤال حول الايات صادر سنة 1961 الرجاء ممن يستطيع نسخه ولصقه وضعه ضمن المشاركات
السلام عليكم
هذا ما ورد من كلام للشيخ تقي عن معنى الايات :
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤال
السؤال
إن الله تعالى يقول: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)، فهذا حكم من الله على من لم يحكم بما أنزل الله بالكفر، ولم يذكر الاعتقاد ولا سواه بل أطلق الحكم ولم يقيده، فعلى أي أساس يقول الحزب بأن من يحكم بغير ما أنزل الله مسلم إذا لم يعتقد بالكفر ولا يكفر إلاّ إذا اعتقده؟
الجواب
هذه الآية وآية (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) وآية (فأولئك هم الفاسقون) نزلت في حق الكفار ولم تنزل في حق المسلمين. إلاّ أنه لما جاء لفظ (مَن) عاماً وهو من ألفاظ العموم ثم لكونها ختمت الآية بما يفيد العموم فإن ذلك يدل على أنه يدخل فيها المسلمون، فتشملهم، ولا تكون من قبيل شرع من قَبلنا ليس شرعاً لنا، فإن ما جاء في القرآن مما هو لمن قبلنا إذا وجدت معه قرينة تُبين أنه لنا فإنه يكون من شرعنا ولو نزل على أنه من شريعة من قَبلنا، وهنا جاء التعميم قرينة على أنه لنا نحن المسلمين كما هو لمن قَبلنا فهو من شرعنا ولذلك ينطبق على المسلمين كما ينطبق على الكفار. إلاّ أن كون من يحكم بغير ما أنزل الله من المسلمين لا يكفر إلاّ إذا اعتقد به وإذا لم يعتقد به لا يكفر فإن هناك قرائن تدل على أن الاعتقاد بغير ما أنزل الله هو الذي يجعله كافراً لا مجرد الحكم، على أن الاعتقاد بغير ما أنزل الله هو الذي يجعله كافراً لا مجرد الحكم، فأولاً: أن الآيات الثلاث نزلت في حادثة واحدة، فكونه قال: (فاسقون) و(ظالمون) قرينة تدل على أن قوله (كافرون) يراد منه من يعتقد الكفر، فالموضوع واحد وهو الحكم بغير ما أنزل الله والموصوف متعدد وهو الكفر والفسق والظلم، فلا شك أن لكل وصف من هذه الأوصاف الثلاثة حالة تحصل في الموضوع فيوصف حينئذ بها. فالاعتقاد حالة إذا وُجدت مع الحكم بغير ما أنزل الله كان الحاكم كافراً، وإذا لم توجَد كان فاسقاً أو ظالماً. فإذا حكم بغير ما أنزل الله غير معتقد به وأعطى ذا الحق حقه كان فاسقاً لأنه حكم بغير ما أنزل الله ولم يكن كافراً ولا ظالماً. وإذا حكم بغير ما أنزل الله ولم يعتقد به ولكنه لم يعط ذا الحق حقه كان فاسقاً وظالماً، فاسقاً لارتكابه معصية بالحكم بغير ما أنزل الله، وظالماً لأنه ظلم صاحب الحق. فتعدد الموصوف لموضوع واحد قرينة على أن قوله: (فأولئك هم الكافرون) أي إذا اعتقد بذلك، ونظيره قول الرسول صلى الله عليه وسلم في تارك الصلاة: (ومن تركها فقد كفر) ومع ذلك فتارك الصلاة لا يكفر إلاّ إذا تركها غير معتقد بوجوبها.
وثانياً: أن الآيات الثلاث نزلت في الكفار وجاءت بعد وصف كفرهم، فالتعميم يكون على مثل هؤلاء لا على جميع الناس لأن قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب مقيدة في الموضوع الذي نزلت به لا عموم ما تنطبق عليه، والموضوع هنا رد الكفار لما أنزل عليهم وعدم حكمهم به فكفروا بذلك أي كفروا بما أنزل إليهم، فكونهم كفروا بما أنزل اليهم وحكموا على خلافه معتقدين بما حكموا به فصاروا بذلك كفاراً، فيكون من لم يحكم بما أنزل الله راداً له فإن هؤلاء هم الكافرون، ولا يقال إن الموضوع هنا هو عدم الحكم بما أنزل الله، لأن هذا يخالف الحادثة التي نزلت فيها الآية، فالحادثة نزلت في رد اليهود لرجم الزاني المحصَن وحكمهم عليه بخلاف ذلك وهو الجلد. فالموضوع أمران: أحدهما رد ما أنزل الله عليهم لأنهم يرونه غير صالح والثاني حكمهم بخلافه، ولذلك كان الرد لما أنزل الله شرطاً أساسياً في اعتبارهم كافرين إذا حكموا بغير ما أنزل الله.
وثالثاً: أن الحكم فعل وليس اعتقاداً، والفعل إن كان مخالفاً لما أمر الله به كان معصية ولم يكن كفراً إلاّ أن يكون العمل ذاته كفراً، أو ذلك أن العمل إما أن يكون لما أمر الله به من الأحكام أو مخالفاً لما أمر الله به من الاعتقاد، فإن كان مخالفاً ما أمر الله به من الأحكام كان معصية ولا يكون كفراً إلاّ إن جاء نص قطعي الدلالة قطعي الثبوت على أنه كفر، فطاعة الوالدين قد أمرنا بالقيام بها ولا يتضمن الأمر أمراً بالاعتقاد، ولهذا فإن عاقّ والديه عاصٍ وليس بكافر بخلاف السجود لله فإنه قد أمرنا بالاعتقاد به وأمرنا بالعمل به تبعاً لذلك الاعتقاد، ولهذا لو سجد مسلم للصنم أو صلى بالكنيسة فإنه يكفر لأن معنى (لا إله إلاّ الله) التي أمرنا بالاعتقاد بها، لا معبود إلاّ الله، ومن هنا كان القيام بخلافه كفراً، لكن لو كان ترك عمل من أعمال الصلاة كترك القنوت فإنه لا شيء فيه ولو ترك السجود لم تصح صلاته، فمخالفة أوامر الله لا تكون كفراً إلاّ إذا كانت مصحوبة بالاعتقاد بعدم صلاحها أو بعدم الاعتقاد بها، فالشرع أمر بالاعتقاد وأمر بالعمل، ويختلف حكم مخالف الأمر بالاعتقاد عن حكم مخالف الأمر بالعمل، ولما كان الحكم بغير ما أنزل الله مخالفاً للأمر بالعمل وليس مخالفاً للأمر بالاعتقاد فقد كان معصية ولم يكن كفراً. على أن واقع الحكم بغير ما أنزل الله ليس عمل كفر وذلك لسببين أحدهما: أن الشرع لم يقل عنه إنه كفر ولذلك لا يعتبر عمل كفر، ويؤيد هذا أن معاوية أخذ البيعة ليزيد بالإكراه على مرأى ومسمع من الصحابة وهو حكم بغير ما أنزل الله ولا نعلم أن أحداً قال إنه كفر بذلك، والسبب الثاني: هو أن الحكم بغير ما أنزل الله ليس فرعاً عن عقيدة كالسجود للصنم والصلاة مع النصارى، ولذلك لم يكن عمل كفر، فهو من نوع مخالفة ما أمر الله به وليس من نوع ما أمر بالاعتقاد به، فلو أن حاكماً حابى أحد أقربائه وهو سارق فحكم عليه بالسجن ولم يقطع يده فهذا عاصٍ وليس بكافر بخلاف ما لو حكم على سارق بالسجن دون القطع راداً حكم القطع معتقداً خطأ قطع اليد وصواب الحكم بالسجن، فهذا كافر، فكلا الحاكمين حكم بغير ما أنزل الله، وكلا الحُكمين حُكم بغير ما أنزل الله ولكن قد فرق بينهما فكان أحدهما عاصياً وكان الآخر كافراً. والتفريق بينهما إنما جاء بالاعتقاد، فلو كان الحكم بغير ما أنزل الله عمل كفر لكان حكمهما واحداً. ولهذا فإن الحكم بغير ما أنزل الله لا يعتبر عمل كفر بل هو عمل كسائر الأعمال التي تعتبر معصية. على أن الحاكم لو حكم بغير ما أنزل الله ولم يعتقد به لأنه ظني الثبوت أو ظني الدلالة لا يكفر وإنما يكفر إذا كان ما حكم به ولم يعتقد به قطعي الثبوت قطعي الدلالة، وهذا دليل على أن الحكم بغير ما أنزل الله وحده لا يكفر فاعله إلاّ إذا صحب ذلك الاعتقاد وكان الاعتقاد برد ما هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة.
على أن الحكم بغير ما أنزل الله من قِبَل الحكام المسلمين يحتمل التأويل، فيحتمل أن يكون الحاكم حكم لأنه يرى أنه لا يخالف الإسلام، وهذا موجود عند جمهرة المسلمين، أو حكم لأنه يرى أن الإسلام يريد المصلحة وهذا مصلحة المسلمين، أو حكم لأنه لا يستطيع أن يظل على كرسي الحكم لو حكم بالإسلام إما خوفاً من الكفار أو خوفاً من المسلمين لمخالفة الإسلام لمصالحهم في المجتمع الرأسمالي الذي يعيشون فيه كالربا مثلاً أو كإبطال عقد التأمين أو غير ذلك. فهنا يوجد احتمال تأويل العمل فيخرج عن كونه عمل كفر يكفر فاعله. وعليه فإن معنى الآية يكون: ومن حَكم بغير ما أنزل الله راداً له كما فعل اليهود الذين نزلت في حقهم هذه الآية حين حكموا بغير ما أنزل الله عليهم رادين له غير معتقدين بصلاحه لهم فهو كافر، ومفهوم المخالفة له أن من حكم بغير ما أنزل الله غير راد له فليس بكافر. وهذا الرأي في فهم هذه الآية هو رأي كبار المفسرين. قال الطبري في تفسيره: (حدثني المثنى قال: حدثنا عبدالله بن صالح قال: حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) قال: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق، ثم قال ما نصه: فإن قال قائل: فإن الله تعالى ذِكره قد عمّ بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله فكيف جعلته خاصاً؟ قيل: إن الله تعالى عمّ بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم بكتابه جاحدين فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرون. وكذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به هو بالله كافر كما قال ابن عباس لأنه بجحوده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه نظير جحوده نبوة نبيه بعد علمه أنه نبي، وقال أبو عبدالله محمد القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن ما نصه: قوله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) و(الظالمون) و(الفاسقون) نزلت كلها في الكفار، ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث البراء وقد تقدم وعلى هذا المعظم، فأما المسلم فلا يكفر وإن ارتكب كبيرة، وقيل فيه: ومن لم يحكم بغير ما أنزل الله رداً للقرآن وجحداً لقول الرسول عليه الصلاة والسلام فهو كافر، قال ابن عباس ومجاهد: فالآية عامة على هذا. قال ابن مسعود والحسن: هي عامة في كل من لم يحكم بغير ما أنزل الله من المسلمين واليهود والكفار أي معتقداً ذلك ومستحلاً له، فأما من فعل ذلك وهو معتقد أنه راكب محرم فهو من فساق المسلمين وأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
وقال ابن عباس: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فقد فعل فعلاً يضاهي أفعال الكفر). وعلى هذا فإن كل حاكم يحكم بغير ما أنزل الله إذا لم يعتقد بأحكام الكفر راداً القرآن فإنه مسلم قد ارتكب معصية ولا يكفر، أمّا من حكم بغير ما أنزل الله راداً للقرآن أي لأحكام الإسلام معتقداً بالكفر فهو كافر ولا شك.
22 ربيع الثاني 1381
2/10/1961
لي سؤال وهو ما ضبط وصف اطلاق فاسق على المسلم ؟ لانه يترتب على ذلك عدم قبول شهادته .
أبو فارس
01-07-2012, 07:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ الكريم ابو فارس السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الايات الثلاث وردت في سورة المائدة بحق اليهود والنصارى , ولما كانت تدل الايات على العموم كنا مخاطبين بها , وهي بذلك من الاحكام الشرعية وليست من شرائع الامم السابقة التي يكون بحقها انها من شرع من قبلنا , ولما كانت كذلك لا بد من دراستها ومن دراسة واقعها اي مناطها لادراك معنى هذه الالفاظ (الكفر والفسق والظلم) هل هي الفاظ مترادفة لها نفس المعنى ام هي الفاظ تدل على معان مختلفة , اي انها ليست بنفس المعنى كذلك ليس الامر متعلق بقول ابن عباس بان هناك كفر دون كفر , وانما الموضوع ان هذه الايات جاءت ابتداءا بحق اهلها ووصفتهم بهذه الالفاظ الشرعية , فوصفت من جاءت بحقهم تارة بالكفر وتارة بالفسق وتارة بالظلم , فوصف الكفر هو غير الظلم وغير الفسق , فالكفر معناه عدم الايمان بالاسلام وهو هنا ان من يحكم بغير ما انزل الله من المسلمين يكون كافرا اي مرتدا عن الاسلام , وحيث ان الحاكم هو الذي يطبق الاسلام من ناحية تنفيذية , والقاضي هو الذي يفصل بين الناس على اساس الاسلام , كان الذي يحكم معتقدا عدم صلاحية الاسلام قائلا بصلاحية غيره يكفر , سواءا اكان حاكما ام قاضيا
اما الذي لا يحكم بالاسلام دون الاعتقاد بعدم صلاحية الاسلام لكل زمان ومكان فلا يكفر وذلك لكونه يقر بصلاحية الاسلام , ولكن المعيق للتطبيق اما تحكم الكفار او ظنه بعدم القدرة على التطبيق او معصة لله ولرسوله , فمن يكون واقعه كذلك لا يكفر وانما يوصف بالظلم او الكفر .
اما قولك في تفسير الاية الكريمة (ان الشرك لظلم عظيم) فالاية تدلل على ان الشرك كفر وتدلل على انه ظلم ولا تدلل على ان كل ظلم كفر , ولذلك لا يصح اعتبار هذه الالفاظ بعنى واحد او انها جاءت في صعيد واحد , بل يجب انزال التفريق بين هذه الالفاظ حسب تفريق الاسلام لها .
اما ما ورد من ايات تدلل في بعض الاحيان ان الفسق كفر فنقول ان الفسق هو الخروج على احكام الله , فليس كل خروج يعد كفرا , اما اذا كان الخروج اي الفسق من الخروج المكفر فيكون عندها كفرا وليس مجرد فسوق .
هناك جواب سؤال حول الايات صادر سنة 1961 الرجاء ممن يستطيع نسخه ولصقه وضعه ضمن المشاركات
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي أعلم أننا مخاطبين بهذه الآيات وهذا ما قلته
وأعلم أنها أحكام شرعية .. ولكن المناط واحد وكان الوصف متعددا .. ولذلك يُفهم من السياق أن الحكم بغير ما أنزل الله عدولا إلى غير شريعة الله هو كفر مخرج من الملة كما فعل اليهود والنصارى .. وهذا الكفر يوصف بأنه "ظلم" ويوصف بأنه "فسق" .. تماما كما وصف الله سبحانه وتعالى أعمال الكفر التي قام بها الكفار في غير موضع بأنها من "الفسق" كإبليس حين قال عنه "ففسق عن أمر ربّه" وكذلك لفظ الظلم والأمثلة كثيرة في كتاب الله .. راجع المناط الذي نزل فيه الحكم وكلام الأستاذ محمد قطب واضح ومحكم ولا إشكال فيه ..
أما تأويلك للظلم والفسق وأنه يكون لمن لا يكفر ويحكم بغير ما أنزل الله ... كما ذكرت ... هذا التأويل ليس عليه دليل شرعي .. ولكن يقال كفر دون كفر كما قال ابن عباس حين لجأ إلى الدلالة الاستعمالية للفظ "الحكم" غير الدلالة التي نزلت فيها الآيات .. ردّا على من أسقط الآيات على بني أمية وهم لم يكونوا كفارا بظلمهم وجورهم
وأنقل لك كلاما أصوليا ثمينا لفضيلة العلامة عبد المجيد الشاذلي في ذلك:
النواقض مكفرة بتنزيل الحكم على مناطه، ويراعى في ذلك ضوابط تحقيق المناط، وتنقيح المناط، وتنزيل الحكم على مناطه، وتحديد كون الحكم مما ينقل أو لا ينقل.
• ولنبـدأ بتحقيـق المنـاط:
مثال ذلك قولـه تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).
الدلالة الشرعية الاصطلاحية لكلمة يحكم: يشرع.
والدلالة الاستعمالية قد تكون: يشرع أو يقضي(فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط) أو يجتهد(وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ تفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين)، حسب السياق.
والدلالة اللغوية: مَن خُيِّر فاختار فقد حُكِّم فحَكم.
فيكون معنى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ): مَن لم يشرع للناس ما شرعه الله لهم ليقضي به في مواضع النزاع، فيحل حلاله ويحرم حرامه فأولئك هم الكافرون.
أولئك: تعريف، هم تعريف، ال: تعريف، فالكفر هنا ينقل عن الملة.
والوصف تجرد عن مزاحمة أوصاف أو خصوصية محل فيكون منقحًا وهو محقق أيضًا ولبيان ذلك نقول:
• تنقيـح المنـاط:
الحكم في قوله تعالى: (يسارعون في الكفر)، ينصبُّ على محل هو اليهود متصف بعدة أوصاف هي: سمَّاعون للكذب، أكَّالون للسحت، يُحرفون الكلم عن مواضعه، لم يطهر الله قلوبهم وأراد فتنتهم، يتولون عن حكم الله في التوراة إلى غيره مما يدَّعون عدم الإيمان به، إيمانهم زعمٌ باللسان دون موافقة القلب، فهنا يوجد محل مع مزاحمة أوصاف، فلا ندري هل يختص هذا الحكم بوصف من الأوصاف دون غيره أو ببعض هذه الأوصاف دون غيرها أو يختص بها في حالة الاجتماع دون الافتراق أم يختص بكل وصف منها في حالة الانفراد والاجتماع، وهل للمحل تأثير بحيث لو وجدت هذه الأوصاف في غير هذا المحل لم يختص بهذا الحكم، إلى أن يأتي موضع النص من السياق فيتجرد الوصف عن المحل وعن مزاحمة الأوصاف في قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ) ، وهو مناسب يدرك العقل مناسبته ويعتبر الشرع مثله، ويؤثر بحرف الفاء فيكون مناطًا كما سبق بيانه ثم في التحقيق كما مرَّ بتقديم الدلالة الاصطلاحية على إرادة الدلالة الاستعمالية أو القياسية اللغوية الإفرادية ثم الدلالة الاستعمالية في السياق تتفق مع الدلالة الاصطلاحية على إرادة معنى يشرع من لفظ يحكم، وليس معنى يقضي أو يجتهد.
ولكن هناك قاعدة أن الدلالات الإفرادية والاستعمالية يكون لها حظ من الحكم، وإن لم تكن مرادة، إذا كانت الدلالة الشرعية الاصطلاحية هي المرادة، وعليه قيل كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، للجور في القضاء، والجرأة على الاجتهاد، ومطلق المخالفة الشرعية مع بقاء الالتزام بشرع الله.
(من كتاب "وصية لقمان" لفضيلة الشيخ عبد المجيد الشاذلي).
ولمعرفة المناطات المكفرة في قضية الحكم يراجع كتاب "وصية لقمان" لفضيلة الشيخ، ففيه الكثير من الفائدة.
وبخصوص كلام الشيخ تقي الدين النبهاني فهو قريب جدا مما ذكرته ومما قال به الشيخ محمد قطب والشيخ عبد المجيد الشاذلي، إلا أنه من الواضح وجود الغبش عند الشيخ تقي في قضية الحكم وأنه يميل إلى القول بالباعث على الحكم بدلا من القول بالمناط، والقول الثاني أصوب، وهو ما قال به الشيخ عبد المجيد الشاذلي، ولمزيد من الفائدة في قضية الباعث والمناط اقرأ هذا المقال من كتاب "البلاغ المبين": http://alshazly.org/article/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%80%D9%88%D9%84-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%80%D8%A7%D8%B9%D8%AB-%D8%A8%D8%AF%D9%84%D8%A7%D9%8B-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D9%80%D8%A7%D8%B7
وفي الرد على شبهة "أن الحكم بغير ما أنزل الله لا يكون مكفّرا إلا بالجحود" كتب فضيلة الشيخ عبد المجيد الشاذلي هذا: http://alshazly.org/article/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B4%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A8%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%A7-%D8%A3%D9%86%D8%B2%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D9%83%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%83%D9%81%D8%B1%D8%A7%D9%8B-%D8%A5%D9%84%D8%A7-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AD%D9%88%D8%AF
vBulletin® v4.0.2, Copyright ©2000-2025, Jelsoft Enterprises Ltd.