بوفيصيل
02-06-2012, 11:24 AM
***
في غِمار الحراك السياسي والجماهيري الذي تشْهَده بعضُ البلاد العربيَّة في الآونة الأخيرة تثور دَعوى عريضةٌ يحمل رايتَها العلمانيُّون والليبراليُّون ومَن لفَّ لفَّهم وسلك مسلَكهم، يقولون: "تطالبون بتطبيقِ الشريعة؟ تهتفون وترفعون الشعاراتِ للمطالبة بها؟ فماذا تعنون بذلك؟ ومَن قال: إنَّ الشريعة غير موجودة؟ وهل نحن كفَّار حتى تنادوا بعودةِ الإسلام للحُكم؟ فالشريعة موجودةٌ ولا خوفَ عليها مِن شيء، ولا أحدَ يهاجم الإسلام، ويمكن لأيِّ مسلم أن يقومَ بواجباته الشرعية دون أيِّ مضايقة! بل إنَّ هناك مادةً في الدستور تقول: "الإسلام هو دِين الدولة، والشريعة الإسلاميَّة هي المصدر الرئيسي في التشريع"، حسنٌ إذًا، فالشريعة موجودةٌ ولا خوفَ عليها؛ فلماذا تطالبون بها؟! أم هو مجرَّد شعار حماسيّ لا مضمونَ له ترفعه الحركاتُ الإسلامية، وتضحَك على الشعوب المشتاقة للعدْل بعدَ عهود الظُّلم والاستبداد؛ كي تصلَ إلى سدَّة الحُكم"؟!
*
هذه وغيرها مِن الدَّعاوى يطرحها العلمانيُّون؛ تلبيسًا على الناس، وإيهامًا لهم بأنَّ الشريعة مطبَّقة، وأنَّ زوال الحكَّام المستبدِّين وتطبيق نِظام ديمقراطي يضمنُ الحريَّاتِ والعدالةَ والمساواةَ هو ذاته تطبيقُ الشريعة؛ لأنَّ الشريعة تدعو لنفس المبادئ التي تَضمَنها الديمقراطية، ولا خوفَ على الشريعة حينئذٍ!
*
وكَذَبوا واللهِ! وفي مقالنا هذا سنحاول - بعونِ الله تعالى - أن نبيِّن أهمَّ الأسس والمعالِم لحقيقة "تحكيم الشريعة"، ووضعها موضعَ التنفيذ، وما يَعنيه ذلك في حقيقةِ الواقع، إذ أسهم طولُ العهد الذي نُحيِّت فيه شريعة الله عن الحُكم بإيجاد صعوبة في تصوُّر معنى تطبيقِ الشريعة عندَ الكثير من المسلمين.
*
وقبل أن نعرِض الأسس العريضة لمعنَى تحكيم الشريعة نحبُّ أن نقول كلمة موجزةً عن الحدود؛ إذ يعتقد الكثيرُ مِن الناس أنَّ تحكيم الشريعة يعني مجرَّد إقامةِ الحدود المعطَّلة في بلاد المسلمين منذُ عقود طويلة، والحدود مِن ضمن معاني تحكيمِ الشريعة، فهي أحكامٌ شرعيَّة ثابتة لا تُلغى بتغيُّر الزمان وتبدُّل المكان، تقوم الدولة بتنفيذها، ولكنَّها ليستْ هي كل معنى "تحكيم الشريعة"! وإنْ أردنا التمثيلَ: فلو شبَّهنا الشريعة ببستانٍ كبيرٍ، فإنَّ الحدود سياج هذا البستان، ولا يُقال لمن نَصَبَ سياجًا حولَ بقعة صحراوية قاحلة: إنَّه أقام بستانًا! ولذلك فإنَّ نموذج بعضِ الدول التي تُقيم الحدودَ ولا تُطبِّق معنى الشريعة الحقيقي في سائرِ الشؤون هو نموذج يحبُّ العلمانيُّون إظهارَه للتدليل على أنَّ تطبيق الشريعة ليس هو ذلك الشيء الجذَّاب، ولا هو بجالِبٍ للعدل والحرية إلى بلادِنا!
*
بعدَ هذه المقدِّمة الضروريَّة حول الموضوع، نتساءل مجدَّدا: ماذا يعني تحكيمُ الشريعة؟
*
سأتحدَّثُ عن أربعة أُسسٍ لمعنى إقامة شَرْع الله في الأرض؛ حتى يتَّضح الفارقُ الضخم بين ما يصوِّره هؤلاء العلمانيُّون مِن تلبيس في قضية تَطبيق الشريعة، وبيْن حقيقة هذا التطبيق، بل بيْن ما يَدْعُون إليه من مبادئَ وأفكارٍ ونُظم للحُكم، وبين أُسس النِّظام السياسي في الإسلام.
*
تحكيم الشريعة معناه: التشريع حقّ الله الخالص:
حين يُقام شرعُ الله، فإنُّه يتمُّ كفُّ البشَر عن التشريع بعضهم لبعض، "وجعل التشريع حقًّا خالصًا لله سبحانه وتعالى، هو الذي يَشرَع، وهو الذي يضَع المعايير، وهو الذي يُحدِّد للبشر ما يجوز لهم وما لا يجوز، بحُكم كونه - سبحانه وتعالى - هو الخالق، وهو الرزَّاق ذو القوَّة المتين، وهو الحكيمُ العليم، وهو الغني، وهو اللطيف الخبير... إلى آخِر ما يتفرَّد به الله مِن الصِّفات"[1].
*
يقول الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الأعراف: 54]، وفي ذلك يختلف النِّظامُ الإسلامي عن الأنظمةِ الوضعيَّة في الأرض جميعًا؛ إذ يقوم البشرُ بمهمَّة التشريع بشكلٍ جماعي (كما في الديمقراطية)، أو بشكل فردي (كما في الدكتاتورية)[2]، وحين يكون التشريع حقًّا خالصًا لله فإنَّه لن يكونَ هناك مصلحةٌ لمجموعة مِن البشر على حسابِ مجموعة أخرى في هذا التشريع، ولن يشوبَه عيوبُ "الجهل" و"الهوى" كما تشوب هذه العيوبُ كلَّ تشريع بشريٍّ؛ لأنّ الإنسان حين يضَع منهجًا لحياته منفردًا دون استرشاد بوحيٍ ربَّاني، فإنَّه بالضرورة "جاهل" لا يُدرك كلَّ جوانب الجزئية التي يضَع لها المنهج وارتباطاتها، وصاحِب "هوى" يَميل إلى تحقيقِ رَغباته وأهوائه ومصالحه مِن هذا التشريع، مهما زعَم مِن نزاهة وعدَالة!
تحكيم الشريعة معناه: التزام الحاكِم والمحكوم بما أنْزَل الله:
يقول تعالى: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الجاثية: 18].
*
فالحاكِم والمحكوم مُلزَمان باتِّباع شريعة الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [النساء: 58 - 59].
الحاكِم مأمورٌ بتطبيقِ شرْع الله في المحكومين؛ أي: بوضعه موضعَ التنفيذ وبالعدل المطلوبِ منه، والمحكوم مأمورٌ بطاعة هذا الحاكِم فيما يُطيع الله ورسولَه - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وفي العَلاقة بيْن الحاكم والمحكوم يتفوَّق النِّظامُ الإسلامي بدرجاتٍ على النِّظام الديمقراطي، الذي يجعل مِن محاسبة الحكام "حقًّا" يُعطَى للأمَّة، فجعل الإسلامُ محاسبةَ الحكَّام إنْ خالفوا شرْع الله (الدستور أو القانون الأساسي) "واجبًا" على الأمَّة، وليس مجرَّد حقٍّ لها! واجبًا تتعبَّد بالقيام به تُجاهَ الحاكم؛ ((إذا رأيتُم أُمَّتي تَهاب أن تقولَ للظالِم: يا ظالم، فقد تُودع منها))؛ رواه الإمام أحمد في مسنده.
((إنَّه يُستعمَل عليكم أُمراء، فتَعرِفون وتُنكِرون، فمَن كرِه فقد برِئ، ومَن أنكر فقد سَلِم، ولكن مَن رَضِي وتابع)) - أي: مَن رضي عن منكرِهم وتابعَهم فيه دون إنكار عليهم فلا بَرِئ ولا سَلِم؛ والحديث رواه مسلم.
((لَمَّا وقعتْ بنو إسرائيل في المعاصي فنهتْهم علماؤُهم، فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسِهم وواكلوهم وشارَبوهم، فضَرَب الله قلوبَ بعضهمعلىبعضٍ ولعنَهم ﴿ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [المائدة: 78]، قال: فجلس رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكان متكئًا، فقال: لا، والذي نَفْسي بيده، حتى تَأطروهم علىالحقِّ أَطْرًا))؛ سنن الترمذي.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Culture/0/34041/#ixzz1wcgKIFVt
في غِمار الحراك السياسي والجماهيري الذي تشْهَده بعضُ البلاد العربيَّة في الآونة الأخيرة تثور دَعوى عريضةٌ يحمل رايتَها العلمانيُّون والليبراليُّون ومَن لفَّ لفَّهم وسلك مسلَكهم، يقولون: "تطالبون بتطبيقِ الشريعة؟ تهتفون وترفعون الشعاراتِ للمطالبة بها؟ فماذا تعنون بذلك؟ ومَن قال: إنَّ الشريعة غير موجودة؟ وهل نحن كفَّار حتى تنادوا بعودةِ الإسلام للحُكم؟ فالشريعة موجودةٌ ولا خوفَ عليها مِن شيء، ولا أحدَ يهاجم الإسلام، ويمكن لأيِّ مسلم أن يقومَ بواجباته الشرعية دون أيِّ مضايقة! بل إنَّ هناك مادةً في الدستور تقول: "الإسلام هو دِين الدولة، والشريعة الإسلاميَّة هي المصدر الرئيسي في التشريع"، حسنٌ إذًا، فالشريعة موجودةٌ ولا خوفَ عليها؛ فلماذا تطالبون بها؟! أم هو مجرَّد شعار حماسيّ لا مضمونَ له ترفعه الحركاتُ الإسلامية، وتضحَك على الشعوب المشتاقة للعدْل بعدَ عهود الظُّلم والاستبداد؛ كي تصلَ إلى سدَّة الحُكم"؟!
*
هذه وغيرها مِن الدَّعاوى يطرحها العلمانيُّون؛ تلبيسًا على الناس، وإيهامًا لهم بأنَّ الشريعة مطبَّقة، وأنَّ زوال الحكَّام المستبدِّين وتطبيق نِظام ديمقراطي يضمنُ الحريَّاتِ والعدالةَ والمساواةَ هو ذاته تطبيقُ الشريعة؛ لأنَّ الشريعة تدعو لنفس المبادئ التي تَضمَنها الديمقراطية، ولا خوفَ على الشريعة حينئذٍ!
*
وكَذَبوا واللهِ! وفي مقالنا هذا سنحاول - بعونِ الله تعالى - أن نبيِّن أهمَّ الأسس والمعالِم لحقيقة "تحكيم الشريعة"، ووضعها موضعَ التنفيذ، وما يَعنيه ذلك في حقيقةِ الواقع، إذ أسهم طولُ العهد الذي نُحيِّت فيه شريعة الله عن الحُكم بإيجاد صعوبة في تصوُّر معنى تطبيقِ الشريعة عندَ الكثير من المسلمين.
*
وقبل أن نعرِض الأسس العريضة لمعنَى تحكيم الشريعة نحبُّ أن نقول كلمة موجزةً عن الحدود؛ إذ يعتقد الكثيرُ مِن الناس أنَّ تحكيم الشريعة يعني مجرَّد إقامةِ الحدود المعطَّلة في بلاد المسلمين منذُ عقود طويلة، والحدود مِن ضمن معاني تحكيمِ الشريعة، فهي أحكامٌ شرعيَّة ثابتة لا تُلغى بتغيُّر الزمان وتبدُّل المكان، تقوم الدولة بتنفيذها، ولكنَّها ليستْ هي كل معنى "تحكيم الشريعة"! وإنْ أردنا التمثيلَ: فلو شبَّهنا الشريعة ببستانٍ كبيرٍ، فإنَّ الحدود سياج هذا البستان، ولا يُقال لمن نَصَبَ سياجًا حولَ بقعة صحراوية قاحلة: إنَّه أقام بستانًا! ولذلك فإنَّ نموذج بعضِ الدول التي تُقيم الحدودَ ولا تُطبِّق معنى الشريعة الحقيقي في سائرِ الشؤون هو نموذج يحبُّ العلمانيُّون إظهارَه للتدليل على أنَّ تطبيق الشريعة ليس هو ذلك الشيء الجذَّاب، ولا هو بجالِبٍ للعدل والحرية إلى بلادِنا!
*
بعدَ هذه المقدِّمة الضروريَّة حول الموضوع، نتساءل مجدَّدا: ماذا يعني تحكيمُ الشريعة؟
*
سأتحدَّثُ عن أربعة أُسسٍ لمعنى إقامة شَرْع الله في الأرض؛ حتى يتَّضح الفارقُ الضخم بين ما يصوِّره هؤلاء العلمانيُّون مِن تلبيس في قضية تَطبيق الشريعة، وبيْن حقيقة هذا التطبيق، بل بيْن ما يَدْعُون إليه من مبادئَ وأفكارٍ ونُظم للحُكم، وبين أُسس النِّظام السياسي في الإسلام.
*
تحكيم الشريعة معناه: التشريع حقّ الله الخالص:
حين يُقام شرعُ الله، فإنُّه يتمُّ كفُّ البشَر عن التشريع بعضهم لبعض، "وجعل التشريع حقًّا خالصًا لله سبحانه وتعالى، هو الذي يَشرَع، وهو الذي يضَع المعايير، وهو الذي يُحدِّد للبشر ما يجوز لهم وما لا يجوز، بحُكم كونه - سبحانه وتعالى - هو الخالق، وهو الرزَّاق ذو القوَّة المتين، وهو الحكيمُ العليم، وهو الغني، وهو اللطيف الخبير... إلى آخِر ما يتفرَّد به الله مِن الصِّفات"[1].
*
يقول الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الأعراف: 54]، وفي ذلك يختلف النِّظامُ الإسلامي عن الأنظمةِ الوضعيَّة في الأرض جميعًا؛ إذ يقوم البشرُ بمهمَّة التشريع بشكلٍ جماعي (كما في الديمقراطية)، أو بشكل فردي (كما في الدكتاتورية)[2]، وحين يكون التشريع حقًّا خالصًا لله فإنَّه لن يكونَ هناك مصلحةٌ لمجموعة مِن البشر على حسابِ مجموعة أخرى في هذا التشريع، ولن يشوبَه عيوبُ "الجهل" و"الهوى" كما تشوب هذه العيوبُ كلَّ تشريع بشريٍّ؛ لأنّ الإنسان حين يضَع منهجًا لحياته منفردًا دون استرشاد بوحيٍ ربَّاني، فإنَّه بالضرورة "جاهل" لا يُدرك كلَّ جوانب الجزئية التي يضَع لها المنهج وارتباطاتها، وصاحِب "هوى" يَميل إلى تحقيقِ رَغباته وأهوائه ومصالحه مِن هذا التشريع، مهما زعَم مِن نزاهة وعدَالة!
تحكيم الشريعة معناه: التزام الحاكِم والمحكوم بما أنْزَل الله:
يقول تعالى: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الجاثية: 18].
*
فالحاكِم والمحكوم مُلزَمان باتِّباع شريعة الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [النساء: 58 - 59].
الحاكِم مأمورٌ بتطبيقِ شرْع الله في المحكومين؛ أي: بوضعه موضعَ التنفيذ وبالعدل المطلوبِ منه، والمحكوم مأمورٌ بطاعة هذا الحاكِم فيما يُطيع الله ورسولَه - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وفي العَلاقة بيْن الحاكم والمحكوم يتفوَّق النِّظامُ الإسلامي بدرجاتٍ على النِّظام الديمقراطي، الذي يجعل مِن محاسبة الحكام "حقًّا" يُعطَى للأمَّة، فجعل الإسلامُ محاسبةَ الحكَّام إنْ خالفوا شرْع الله (الدستور أو القانون الأساسي) "واجبًا" على الأمَّة، وليس مجرَّد حقٍّ لها! واجبًا تتعبَّد بالقيام به تُجاهَ الحاكم؛ ((إذا رأيتُم أُمَّتي تَهاب أن تقولَ للظالِم: يا ظالم، فقد تُودع منها))؛ رواه الإمام أحمد في مسنده.
((إنَّه يُستعمَل عليكم أُمراء، فتَعرِفون وتُنكِرون، فمَن كرِه فقد برِئ، ومَن أنكر فقد سَلِم، ولكن مَن رَضِي وتابع)) - أي: مَن رضي عن منكرِهم وتابعَهم فيه دون إنكار عليهم فلا بَرِئ ولا سَلِم؛ والحديث رواه مسلم.
((لَمَّا وقعتْ بنو إسرائيل في المعاصي فنهتْهم علماؤُهم، فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسِهم وواكلوهم وشارَبوهم، فضَرَب الله قلوبَ بعضهمعلىبعضٍ ولعنَهم ﴿ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [المائدة: 78]، قال: فجلس رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكان متكئًا، فقال: لا، والذي نَفْسي بيده، حتى تَأطروهم علىالحقِّ أَطْرًا))؛ سنن الترمذي.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Culture/0/34041/#ixzz1wcgKIFVt