المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إمكانية حدوث تغيير في السياسة الخارجية لفرنسا بعد وصول فرانسوا هولاند للحكم



ابو اسيد
27-05-2012, 11:06 AM
إمكانية حدوث تغيير في السياسة الخارجية لفرنسا بعد وصول فرانسوا هولاند للحكم


فيما يتعلق بسياسة فرانسوا هولاند الخارجية وإمكانية اختلافها عن سياسة ساركوزي فيكمن القول أنه لن يكون هناك اختلاف جذري على مستوى السياسة الخارجية الفرنسية وبخاصة العلاقات بين فرنسا وأميركا مع وصول هولاند إلى منصب الرئاسة. ولعل تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني للصحفيين بأن انتخاب فرانسوا هولاند رئيساً جديداً لفرنسا لن يؤثر على التحالف بين فرنسا والولايات المتحدة، موضحاً أن العلاقة بين البلدين "هي قوية اليوم كما كانت في الأسبوع الماضي" ومضيفاً "أن الرئيس باراك أوباما اتصل بالرئيس المنتخب فرانسوا هولاند لتهنئته. وفي الاتصال أعرب الرئيس أوباما عن تطلعه إلى العمل بشكل وثيق مع هولاند وحكومته على مجموعة واسعة من المسائل الاقتصادية المشتركة والتحديات الأمنية".
والآن لنرَ أهم المسائل التي قد يتصور إمكانية حدوث تغيير فيها بالنسبة للسياسة الخارجية الفرنسية في علاقتها بالولايات المتحدة.
حلف الناتو: لا يتوقع بالمرة أن يقدم هولاند على إخراج فرنسا من حلف الناتو بعد ثلاث سنوات من دخولها في القيادة العسكرية للحلف. وهذا يعني أن هولاند لن يجرؤ على مخالفة أميركا فيما يتعلق بوضع السياسة الدفاعية الأوروبية باعتبارها خاضعة ومكملة لدور الناتو في أوروبا والعالم.
روسيا والصين: سوف تستمر سياسة فرنسا منذ 2007 على حالها تجاه البلدين وإن كانت نبرة العلاقات سوف تتغير بعض الشيء، فسوف لن يعتمد هولاند لغة عدائية أو يقدم نفسه باعتباره مدافعاً عن "حقوق الإنسان" و"الحريات" في روسيا والصين كما كان سلفه ساركوزي.
أفغانستان: الخلاف الوحيد بين ساركوزي وهولاند في أفغانستان هو حول جدول الإنسحاب، فالأول يرى أن يتم ذلك في آواخر 2013 بينما الثاني يرى أن يتم الإنسحاب في أواخر 2012. ومع ذلك فإنه من الناحية التقنية - الفنية وكذا السياسية سوف تجعل من الصعب على هولاند أن يخالف الجدول الزمني المتفق عليه داخل الحلف، بل سوف يُنظر إلى هذا الأمر باعتباره مساساً بـ"كرامة فرنسا"، لأنه خروج قبل "إنهاء المهمة".
إيران: سوف يستمر هولاند بخصوص الملف النووي الإيراني في اتخاذ نفس الموقف الفرنسي مع شركائه الأوروبيين والأميركان ولكن دون مزايدة مثل سلفه ساركوزي. فسياسة العصا والجزرة أي التهديد بالحرب والحصار والعقوبات من ناحية والمفاوضات من ناحية أخرى هي الموقف المتبع أميركياً ومن ثم أوروبياً وروسيّاً في تناول الملف النووي الإيراني. ولعل ما صرح به هولاند خير دليل على استمرار نفس السياسة الفرنسية تجاه إيران عندما قال: "يتعين علينا أن نتحلى بقدر كبير من الحزم حيال إيران التى يمثل برنامجها النووى خطراً حيوياً على إسرائيل وعلى السلام فى العالم".
سورية: لن يكون هناك أي اختلاف بين هولاند وساركوزي فيما بتعلق بسورية أو بسياسة التدخل العسكري على غرار ما حصل في ليبيا التي وافق عليها الحزب الإشتراكي. وقد عبر هولاند عن ذلك صراحة عندما قال على القناة الفرنسية الأولى (TF1) في برنامج "كلمة مرشح" بتاريخ 27/2/2012: "كائناً من كان الرئيس المقبل للجمهورية، ستكون هناك مواصلة ومضاعفة للضغط على النظام السوري. إنه نظام حقير" مضيفاً "يجب أن نفرض عقوبات على سورية ونمارس ضغطاً عليها ونهدد بشار الأسد بإحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية". وأوضح هولاند أيضاً "يجب أن نتدخل في إطار مجلس الأمن الدولي. وحالياً، فإن روسيا والصين تعرقلان مجلس الأمن. لذلك فليس هناك تدخل ممكن". وقد أكد هولاند على نفس المعنى في مقابلة مع إذاعة (Europe1) بتاريخ 20 نيسان/أبريل 2012 قائلاً: إنه "في حال استلامه السلطة فإن فرنسا ستشارك حتماً في أي تدخل عسكري لإنهاء الأزمة السورية إذا جرى تحت مظلة الامم المتحدة"، وهنا رد عليه سريعاً وفي نفس الليلة وزير خارجية ساركوزي ألان جوبيه في لقاء متلفز على قناة (BFM) قائلاً: "المشكلة مع هولاند في السياسة الخارجية هو أنه يركض دائماً وراء القطار. منذ زمن بعيد موقف فرنسا معروف: إننا لا نشارك في أي عمل عسكري إلا بتفويض من منظمة الأمم المتحدة". وأضاف جوبيه موضحاً أن "فرنسا ليست متفرجاً في الأمم المتحدة، وهي لا تنتظر أن تقرر الأمم المتحدة. إنها عضو فاعل وهي تقدم الحلول. وهذا ما نواصل القيام به منذ أسابيع كثيرة فيما يتعلق بالشأن السوري"
تركيا: الاختلاف الطفيف بين ساركوزي الذي يرى أن تركيا لن تدخل أبداً إلى الإتحاد الأوروبي، وفرانسوا هولاند الذي أعلن أثناء الحملة الإنتخابية قائلاً أنه "لن تدخل تركيا الإتحاد الأوروبي خلال الخماسي القادم إذا فزت"، لن يغير في جوهر السياسة الفرنسية الرافضة لدخول تركيا للإتحاد الأوروبي وفي وجوب استمرار التعاون مع تركيا على الصعيد العسكري من خلال الناتو وعلى الصعيدين والأمني والسياسي عموماً باعتبارها طرفاً مهماً في الاستقرار والأمن في أوروبا وفي البلقان بخاصة.
وعليه فإنه لا يتصور حدوث تغيير كبير في سياسة فرنسا الخارجية وبخاصة فيما يخص العلاقات مع أميركا. أما كون أول زيارة سيقوم بها هولاند إلى الخارج ستكون إلى ألمانيا قبل أميركا فذلك بسبب أن المسألة الإقتصادية في فرنسا تحديداً وأوروبا عموماً هي أولى الأولويات في السياسات العامة بل هي التي كانت سبباً في هزيمة ساركوزي وفوز هولاند. وهو ذاهب للقاء ميركل حتى يعيد التفاوض أو على الأقل يجمد المعاهدة المالية بخصوص سياسة التقشف التي تتمسك بها ألمانيا، قائلاً في تصريح في حال فوزه لصحيفة هاندلسبلات الألمانية "إذا لم تتضمن المعاهدة إجراءات تحفز النمو، فلن أتمكن من دعم المصادقة عليها في الجمعية الوطنية. لقد وعدت الفرنسيين بذلك وسأفي بوعدي"، مضيفاً "لقد التقيت عدداً من الرؤساء الأوروبيين، ولم أجد أن الكثيرين منهم راضون عن الوضع الاقتصادي، لست وحدي".
إلا أنه قبل أن يسافر هولاند إلى ألمانيا بعد أن يتسلم منصبه رسميا يوم 15 أيار/مايو بادره ستيفن سيبتر المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مؤتمر صحافي بوضع شروط على هولاند للتفاوض حول اتفاقية الموازنة الأوروبية، بالقول "ليس ممكناً إعادة التفاوض على اتفاقية الموازنة" التي سبق أن "وقعت عليها 25 من أصل الدول ال 27 الأعضاء في الإتحاد الأوروبي" وترمي إلى تعزيز الانضباط في إدارة المالية العامة"، والسبب في ذلك أن ألمانيا لا ترغب "في نمو بالعجز، بل في نمو بإصلاحات بنيوية").
أما زيارة هولاند لأميركا فهي بدعوة من أوباما لحضور اجتماع ثنائي قبل اجتماع قادة دول مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى في كامب ديفيد يومي 18 و 19 أيار/مايو والتي سيعقبها اجتماع قمة لقادة حلف شمال الأطلسي في شيكاغو يومي 20 و 21 أيار/مايو الجاري.

المصدر: اجوبة اسئلة / حزب التحرير
2/رجب/1433هـ
23/5/2012م