المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تطور الأحداث في لبنان



ابو اسيد
27-05-2012, 10:59 AM
تطور الأحداث في لبنان
جاء اعتقال شادي المولوي بتهمة الارتباط بتنظيم القاعدة وما تبعه من انفجار الأحداث في طرابلس وبعد ذلك في بيروت دليلاً قوياً على أن الصراع الجاري في سورية ليس صراعاً محليا بل هو صراع ذو طابع إقليمي بأجندة دولية تقودها أميركا وذلك من أجل إعادة صياغة الوضع السياسي وحتى الجغرافي في سورية مقدمة لإحداث تغيير في موازين القوى داخل لبنان. ولعل هذا الإدراك هو الذي يرجح أن يكون حزب الله وقوى الثامن من آذار هم من يقفون وراء عملية اعتقال مولوي كرسالة يريدون توجيهها للمؤيدين للثورة السورية في لبنان بأن ضعف النظام السوري أو سقوطه لا يعني ضعف أو سقوط مؤيديه في لبنان. هذا هو الهدف الأول من أحداث لبنان بشكل عام.
إن الذي قام بعملية الإعتقال هو مديرية الأمن العام المقربة بقيادتها من حزب الله، وكان ذلك في مكاتب تابعة للوزير محمد الصفدي، متعدية بذلك على صلاحيات الشرطة والأمن الداخلي. إلا أن ردة الفعل كانت قوية في طرابلس بسبب موجة الاعتقالات للسلفيين في المدينة قبل اعتقال المولوي نفسه، فقد قامت بعض الجماعات الإسلامية بالاعتصام في طرابلس مطالبة بالإفراج عن شادي، وهنا قام حزب الله بتسليح العلويين والعناصر المؤيدة للنظام السوري في منطقة جبل محسن العلوية الذين قاموا بإطلاق النار على المعتصمين. ثم تسارعت الأحداث لتصبح قتالاً بين علويي جبل محسن وبين أهالي منطقة باب التبانة وغيرها من أحياء طرابلس السنية. ثم جاء بعد ذلك مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد، المعروف بمناهضته الشديدة لقوى 8 آذار ومناصرته القوية للثورة السورية، على يد عناصر من حاجز عسكري في عكار ليزيد من صب الزيت على النار.
وهنا تعالت الأصوات وأصدرت بيانات في شمال لبنان متحدثة عن "اغتيال الشيخ عبد الواحد"، إلا أن بياناً صدر عن سعد الحريري بتاريخ 20/5 حذر فيه "أهلنا في عكار من الإنجرار إلى أي ردود فعل تستهدف نقل الفوضى إلى منطقتهم"، كما حذر من "مخطط للنيل من مناطق لبنانية بعينها واستجرار الأحداث والمشاكل إليها خدمة للنظام السوري وأدواته"، قائلاً: "أننا لا نضع عملية القتل في خانة الجيش اللبناني بالجملة وهو المؤسسة الوطنية العسكرية التي طالما وقف أهل عكار إلى جانبها وكانوا خزاناً لها"، مضيفاً: "ولكن من الواضح أن ثمة مندسين ومتورطين في هذه العملية يريدون تسخير المؤسسة ورمزيتها لاستيراد أزمة النظام السوري إلى لبنان".
أما بالنسبة لحزب الله فقد اتسم موقفه بالضبابية والغموض رغم هيمنته على الحكومة الحالية ووجوده العسكري في بيروت والبقاع والجنوب، وذلك عندما قال في بيان له بتاريخ 17/5 أن الحزب "يقدّر عالياً التعاون الذي حصل مع الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية تحقيقاً للأمن والإستقرار. إن حزب الله يدعو إلى وقفة هادئة أمام ما يجري من أحداث لاستخلاص النتائج والعبر وضمان معالجة موضوعية وجدية ومسؤولة لها، ما يستدعي البحث عن أسباب الانفجار ومعالجتها".
إن تطور الأحداث الأخيرة في لبنان من طرابلس إلى بيروت يكشف لنا أن الهدف الثاني من ورائها هو أن النظام السوري وحزب الله يريدون دفع الحكومة اللبنانية بقيادة ميقاتي إلى اتخاذ موقف داعم للنظام السوري بدل سياسة الإمساك بالعصا من الوسط ومن ثم محاربة الذين يؤيدون في لبنان الثورة السورية خاصة داخل الشارع السني، وإلا فإن لبنان مقبلة على أتون حرب أهلية أقوى من سابقتها. وهنا يمكن اسحضار ما صرَّح به المسؤول السياسي في الحزب "العربي الديمقراطي" رفعت عيد من جبل محسن عندما قال: "ليكونوا واعين جميعاً لما يحصل، فإذا ذهبنا إلى المجهول لن يكون بإمكان أحد أن يهدىء الامور في لبنان إلا بتدخل جيش عربي ولا أحد يمتلك القدرة على هذا الأمر غير سورية، وإذا سألوني عن رأيي فأنا لا مانع لدي ولا مشكلة وليكن الأمر اليوم قبل الغد".
وزيادة في التوكيد على أن حزب الله وقوى الثامن من آذار والنظام السوري وإيران من وراء ذلك هم من حرك الأحداث في طرابلس نذكر أمرين:
أولاً، أن اعتقال المولوي والذي كان بتاريخ 12/5 جاء بعد أيام من زيارة وفد أميركي برئاسة نائب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان، وعضو لجنة القوات المسلحة في الكونغرس السيناتور جوزيف ليبرمان إلى الحدود اللبنانية – السورية في منطقة الشمال حيث قاما بتفقد النازحين السوريين هناك. وقد قام عدد من أطراف قوى 8 آذار بمهاجمة زيارة فيلتمان وليبرمان إلى لبنان ولقائه رؤساء الترويكا، وهنا اعتبر نائب الأمين العام لـ حزب الله الشيخ نعيم قاسم أن فيلتمان "جاء يحرض ضد مشروع المقاومة والعلاقة مع إيران والوضع السوري ويبرر الفشل تلو الآخر لأنهم سبق أن قالوا أن الوضع في سورية سينتهي خلال سنة، ومرت السنة وبقيت صامدة وصلبة فجاء يتحدث معهم (لجماعة 14 آذار) أنه يجب أن نصبر سنوات إضافية".
ثانياً، ما أقدم عليه الجيش السوري الحر اليوم بتاريخ 22/5 من اختطاف 17 لبنانياً شيعياً في منطقة حجيج في حلب، وهم في طريق عودتهم من زيارة العتبات المقدسة في إيران. لقد حصل هذا في نفس اليوم الذي أطلق فيه سراح شادي المولوي. وهذا يدل على أن الهدف الثالث للأحداث الأخيرة في لبنان أن حزب الله والنظام السوري يعملان على الحيلولة دون تحويل شمال لبنان إلى منصة ينطلق منها الجيش السوري الحر في حربه ضد النظام ، خاصة بعد احتجاز الجيش اللبناني بتاريخ 28/4 باخرة للأسلحة قرب مرفأ طرابلس كانت قادمة من ليبيا عبر الاسكندرية وكان يتم الإستعداد لإدخالها إلى سوريا لدعم عتاد الجيش السوري الحر.
المصدر: اجوبة اسئلة / حزب التحرير
2/رجب/1433هـ
23/5/2012م