ابواحمد
24-05-2012, 08:45 PM
الحلم الإمبراطوري الأمريكي والعولمة: (3-4) منقووووول .
حلقة من سلسلة للباحث: عبد النور الصبري.
تاريخ النشر27/يوليو/2008م.
البعد الحضاري للعولمة:
العولمة وان كانت تجعل العالم كله هدفا لها، إلا أن المتتبع لحركتها ووجهتها وللزخم الامبريالي المصاحب لها سواء بنزعته التسلطية أو الاحتوائية يستطيع أن يلاحظ أنها تأخذ أطرا أقسى تجاه عالمنا الإسلامي وبصفة خاصة المنطقة العربية(1) وإذا ما عن لنا فهم هذا المنحى الذي انتهجته العولمة بأبعادها المختلفة تجاه منطقتنا وامتنا، فيمكن الإشارة لسببين:
أولاهما: اعتقاد الساسة الأمريكان بحتمية أن يمر مشروعهم الإمبراطوري من هذه المنطقة ( الشرق الأوسط) فالسيطرة على هذه المنطقة من الناحية التاريخية والواقعية تعني السيطرة على أوروبا وروسيا والصين، بل وإدخال العالم اجمع تحت الهيمنة الأمريكية. فهذه المنطقة تعد مفتاح المستقبل لكل قوة تتطلع للهيمنة، ومن يحوزها امتلك مفتح السيطرة والتحكم بالعالم.
وثانيهما: اعتقادهم أن الإسلام هو المؤهل لتشكيل البديل الحضاري الرأسمالية الديمقراطية (2) ولهذا فهم يعدونه العقبة الأخيرة التي تقف في وجه مشروعهم لعولمة حضارتهم الرأسمالية وسيادتها عالميا.
وقد زاد من رسوخ هذا الاعتقاد خلوص مجموعة دراسات شملت "الخارطة الثقافية والحضارية العالمية" أجرتها مراكز البحث في أمريكا مطلع الثمانينات من القرن المنصرم إلى نفس النتيجة، وأسفرت تلك الدراسات عن ظهور نظريتي "صدام الحضارات" لهنتنجتون، و"نهاية التأريخ" لفوكو ياما. وكلا النظريتين رشحت الإسلام عدو للحضارة الغربية بعد سقوط الإيدلوجيا الشيوعية دوليا وعالميا.
في كتابه "نهاية التأريخ والرجل الخير" الذي نشر عام 1989م وشكلت رؤيته حول الإسلام إحدى المبررات الأيدلوجية لزحف الجيوش الأمريكية على المنطقة العربية في مطلع التسعينات، كتب فوكو ياما يقول " أن التحدي الذي يواجه أمريكا اليوم أكثر من مجرد معركة مع مجموعة من الإرهابيين، فبحر المعتقدات الإسلامية يشكل تحديا أيدلوجيا أكثر من الخطر الذي شكلته الشيوعية، ولكن القوة هي التي ستحسم هذه القضية، فالقوة لها شأن كبير"
وعلى أساس من هذه الرؤية، صممت العولمة في بعدها الحضاري كما يراها الكثير هجمة تستهدف أمركة العالم وفي مقدمته شعوب الشرق الأوسط، بحيث تصبح مجتمعاته مجرد نسخ مكررة للمجتمع الأمريكي لا في النواحي المادية ولكن من ناحية القيم الأخلاقية وأنماط السلوك، حتى تستوعب هذه المجتمعات بل وكل المجتمعات في العالم الدور الأمريكي العالمي وأشكال الهيمنة الناتجة عن طبيعة مشروعها الإمبراطوري.
وهذا يستلزم هدم ثقافة الشعوب والقيم الحضارية التي شكلت شخصيتها وهوياتها، وإعادة بناء عقليتها ومنظورها الثقافي والحضاري، من خلال أساليب متعددة ومبررات مثل العصرنة والحداثة....الخ كمنتج ثقافي غربي يتم الترويج له للقضاء على الخصوصيات والهويات الثقافية للشعوب لصالح القطب الأحادي الساعي لفرض الهيمنة على العالم لقرون قادمة.
وتساوقا مع من لا يرى في العولمة إلا الناحية الاقتصادية، فمع تأكيدنا على هذا البعد إلا، انه وان كانت الناحية المادية هي الغاية من العولمة ولأجلها كانت التحركات العسكرية للسيطرة على المنطقة مطلع التسعينات، غير أن الوجود العسكري الذي كأداة لتأمين المصالح الاقتصادية، يظل من وجهة نظر صناع السياسات الاستعمارية خطوة غير مستقرة ومهددة بالزوال، بسبب الإسلام كمؤثر ثقافي وحضاري يعطي شعوب المنطقة الإرادة والقدرة على مقاومة النظام العالمي والتمرد عليه. وعلى هذا الأساس كانت الناحية الحضارية هي البعد الذي يأخذ الأولوية في صراع الغرب عموما ضد المنطقة وشعوبها وعن هذا البعد تولدت كل أشكال الصراع الأخرى سواء منها السياسي والاقتصادي والعسكري.
وفوق ذلك فإن مما يجب ملاحظة، أن إعطاء الأولوية للصراع الحضاري في مواقف السياسة الأمريكية والغربية عموما لم يكن وليد لأحداث 11/ سبتمبر كما قد ظن البعض، فظاهرة العداء للإسلام قديمة قدم الحضارة الرأسمالية ومتأصلة في جذورها المسيحية. يقول يوجين رستو رئيس قسم التخطيط في الخارجية الأمريكية في الستينات" لا تستطيع الولايات المتحدة إلا أن تقف في الصف المعادي للإسلام، والي جانب العالم الغربي والدولة اليهودية، لأنها أن فعلت عكس ذلك تنكرت للغتها وثقافتها ومؤسساتها، وان هدف العالم الغربي في الشرق الأوسط هو تدمير الحضارة الإسلامية، وان قيام دولة إسرائيل هو جزء من هذا المخطط ،وان ذلك ليس إلا استمرارا للحروب الصليبية"(2).
كما يعبر لورنس براون عن هذا الوقف العدائي تجاه الحضارة الإسلامية والخطر الذي يرونه فيها بالقول" كنا من قبل نخوف من قبل بالخطر البلشفي والخطر الأصفر، ولكن سرعان ما أدركنا أنما هم أصدقائنا. ولكن الخطر الحقيقي كامن في الإسلام وفي قدرته على التوسع، فإن الإسلام هو الجدار المنيع في وجه الاستعمار الغربي."
وفي عام 1982م أصدر الرئيس الأمريكي نكسون كتابه (نصر بلا حرب) ومما ورد فيه قوله"يبدو انه قد حان الوقت للإجهاز على ما هو اخطر على مصالحنا وتوجهاتنا، لقد آن الأوان للإجهاز على الإسلام."
وجاءت أحداث سبتمبر2001م، لتعطي دفعة قوية واسعة المدى لمسيرة الصراع الحضاري ولتعكس تحولا مهما في السياسة الاستعمارية تجاه الشرق الأوسط وفي علاقتها بدوله وشعوبه، إذ الملاحظ أنها، كانت تسير في الصراع قبل أحداث سبتمبر بشكل هادئ وخفي، حتى لا تثير الشعوب. غير أن أمريكا ربما أدركت أنها لم تحقق الكثير في معركتها الحضارية ــ لأنها واقعيا عاجزة بتصوراتها وقيمها عن الدخول في معركة صراع ثقافي حقيقي مباشر ونزيه في مواجهة حقائق الإسلام ـــ فاندفعت بتأثير من الشعور بالتفوق، وغرور القوة المادية والدعائية ــ في محاولة منها لتحقيق النصر على الصعيد الحضاري بإسقاط الإسلام بالضربة القاضية ـــ معتمدة على ما يمكن أن نسميه" إستراتيجية الاحتواء بالتشويه والدعاية." وراحت تخترع وتصنع الذرائع والمسوغات لتشويه الإسلام واحتوائه، وإرهاب المسلمين وترويعهم، مستغلة سيطرتها على وسائل الإعلام العالمية ومنها العربية، في وقت الساحة العالمية شبه خالية من منابر إعلامية إسلامية فاعلة.
وعلى هذا الأساس يمكن القول أن أحداث 11/سبتمبر كانت عملا برجماتي ذرائعي، موجها ضد الإسلام، ويندرج ضمن الإستراتيجية المشار إليها. ولقد كان من الواضح أن مدبريه، قصدوا إلي تحقيق جملة من النتائج منها:
أولا: تشويه صورة الإسلام، ووضع الحواجز النفسية بين الإنسان الغربي والإسلام.
ثانيا:استعداء شعوب ودول العالم غير الإسلامي ضد الإسلام والمسلمين وبخاصة العرب، وحشدها إلى جانب السياسة الأمريكية في حروبها ضد شعوبه.
ثالثا:فرض تحالف دولي إجباري يتجاوز إرادة الدول لمحاربة الإسلام، واتهام أي دولة لا تنخرط في هذا التحالف بدعم، أو تشجيع أو إيواء الإرهاب، تطبقا لمقولة الرئيس بوش" من ليس معنا فهو مع الإرهاب."
رابعا:إيجاد الذرائع لتغيير الأعراف الدولية المستقرة، وفرض أعراف جديدة تكون أساسا لبناء نظام دولي جديد يطلق يد أمريكا في العالم متجاوزة سيادة الدول بذريعة محاربة الإرهاب، ونشر الديمقراطية وقيمها.
خامسا: ايجاد الذرائع، للتخلص من العبء الثقافي الذي تمثله الجاليات المسلمة في مجتمعات الغرب ــ والذي تبين استعصائه على الذوبان في الثقافة الغربية ــ وتبرير انتهاك حريات المسلمين هناك ووضعهم تحت ضغوط نفسية ومعنوية تجبرهم على الانسلاخ عن قيمهم وهوياتهم الثقافية، الاندماج في مجتمعات الغرب وقيمه الثقافية العلمانية.
سادسا:تبرير وشرعنة عدوانها وحروبها في العالم واحتلال البلاد الإسلامية، كما حدث لأفغانستان والعراق.... الخ.
سابعا: مساعدة عملائها من قوى الاعتدال، على النجاح في مهمة إعادة تفسير الإسلام وصياغته على أساس الثقافة الغربية وقيمها الحضارية.
هذه هي حقيقة العولمة في بعدها الحضاري، وهذه هي صورتها وأخلاقياتها في الممارسة الواقعية للإمبراطورية الجديدة، والتي تمارس منطق الإقصاء في أبشع مظاهره وأحط وسائله في الظاهر والخفاء، وتنحوا إلي أقصى درجات التطرف في الوقت الذي تردد شعارات التعايش الحضاري واحترام الأخر. ما يؤكد أن إستراتيجيتها تقوم على البحث عن ديمومتها، لا بإصلاح الشرور والمفاسد والمظلم ــ التي ارتكبتها بحق الإنسانية وشعوب العالم، خلال قرنين من الزمن ـــ بل من خلال محاولة القضاء على البديل الحضاري الذي حتما ولابد أن يسود ارض الله وينقذ بني الإنسان من شرورها وظلمها وطغيانها، لأن سنة الله أن يذهب الزبد ويبقى ما ينفع الناس.
حلقة من سلسلة للباحث: عبد النور الصبري.
تاريخ النشر27/يوليو/2008م.
البعد الحضاري للعولمة:
العولمة وان كانت تجعل العالم كله هدفا لها، إلا أن المتتبع لحركتها ووجهتها وللزخم الامبريالي المصاحب لها سواء بنزعته التسلطية أو الاحتوائية يستطيع أن يلاحظ أنها تأخذ أطرا أقسى تجاه عالمنا الإسلامي وبصفة خاصة المنطقة العربية(1) وإذا ما عن لنا فهم هذا المنحى الذي انتهجته العولمة بأبعادها المختلفة تجاه منطقتنا وامتنا، فيمكن الإشارة لسببين:
أولاهما: اعتقاد الساسة الأمريكان بحتمية أن يمر مشروعهم الإمبراطوري من هذه المنطقة ( الشرق الأوسط) فالسيطرة على هذه المنطقة من الناحية التاريخية والواقعية تعني السيطرة على أوروبا وروسيا والصين، بل وإدخال العالم اجمع تحت الهيمنة الأمريكية. فهذه المنطقة تعد مفتاح المستقبل لكل قوة تتطلع للهيمنة، ومن يحوزها امتلك مفتح السيطرة والتحكم بالعالم.
وثانيهما: اعتقادهم أن الإسلام هو المؤهل لتشكيل البديل الحضاري الرأسمالية الديمقراطية (2) ولهذا فهم يعدونه العقبة الأخيرة التي تقف في وجه مشروعهم لعولمة حضارتهم الرأسمالية وسيادتها عالميا.
وقد زاد من رسوخ هذا الاعتقاد خلوص مجموعة دراسات شملت "الخارطة الثقافية والحضارية العالمية" أجرتها مراكز البحث في أمريكا مطلع الثمانينات من القرن المنصرم إلى نفس النتيجة، وأسفرت تلك الدراسات عن ظهور نظريتي "صدام الحضارات" لهنتنجتون، و"نهاية التأريخ" لفوكو ياما. وكلا النظريتين رشحت الإسلام عدو للحضارة الغربية بعد سقوط الإيدلوجيا الشيوعية دوليا وعالميا.
في كتابه "نهاية التأريخ والرجل الخير" الذي نشر عام 1989م وشكلت رؤيته حول الإسلام إحدى المبررات الأيدلوجية لزحف الجيوش الأمريكية على المنطقة العربية في مطلع التسعينات، كتب فوكو ياما يقول " أن التحدي الذي يواجه أمريكا اليوم أكثر من مجرد معركة مع مجموعة من الإرهابيين، فبحر المعتقدات الإسلامية يشكل تحديا أيدلوجيا أكثر من الخطر الذي شكلته الشيوعية، ولكن القوة هي التي ستحسم هذه القضية، فالقوة لها شأن كبير"
وعلى أساس من هذه الرؤية، صممت العولمة في بعدها الحضاري كما يراها الكثير هجمة تستهدف أمركة العالم وفي مقدمته شعوب الشرق الأوسط، بحيث تصبح مجتمعاته مجرد نسخ مكررة للمجتمع الأمريكي لا في النواحي المادية ولكن من ناحية القيم الأخلاقية وأنماط السلوك، حتى تستوعب هذه المجتمعات بل وكل المجتمعات في العالم الدور الأمريكي العالمي وأشكال الهيمنة الناتجة عن طبيعة مشروعها الإمبراطوري.
وهذا يستلزم هدم ثقافة الشعوب والقيم الحضارية التي شكلت شخصيتها وهوياتها، وإعادة بناء عقليتها ومنظورها الثقافي والحضاري، من خلال أساليب متعددة ومبررات مثل العصرنة والحداثة....الخ كمنتج ثقافي غربي يتم الترويج له للقضاء على الخصوصيات والهويات الثقافية للشعوب لصالح القطب الأحادي الساعي لفرض الهيمنة على العالم لقرون قادمة.
وتساوقا مع من لا يرى في العولمة إلا الناحية الاقتصادية، فمع تأكيدنا على هذا البعد إلا، انه وان كانت الناحية المادية هي الغاية من العولمة ولأجلها كانت التحركات العسكرية للسيطرة على المنطقة مطلع التسعينات، غير أن الوجود العسكري الذي كأداة لتأمين المصالح الاقتصادية، يظل من وجهة نظر صناع السياسات الاستعمارية خطوة غير مستقرة ومهددة بالزوال، بسبب الإسلام كمؤثر ثقافي وحضاري يعطي شعوب المنطقة الإرادة والقدرة على مقاومة النظام العالمي والتمرد عليه. وعلى هذا الأساس كانت الناحية الحضارية هي البعد الذي يأخذ الأولوية في صراع الغرب عموما ضد المنطقة وشعوبها وعن هذا البعد تولدت كل أشكال الصراع الأخرى سواء منها السياسي والاقتصادي والعسكري.
وفوق ذلك فإن مما يجب ملاحظة، أن إعطاء الأولوية للصراع الحضاري في مواقف السياسة الأمريكية والغربية عموما لم يكن وليد لأحداث 11/ سبتمبر كما قد ظن البعض، فظاهرة العداء للإسلام قديمة قدم الحضارة الرأسمالية ومتأصلة في جذورها المسيحية. يقول يوجين رستو رئيس قسم التخطيط في الخارجية الأمريكية في الستينات" لا تستطيع الولايات المتحدة إلا أن تقف في الصف المعادي للإسلام، والي جانب العالم الغربي والدولة اليهودية، لأنها أن فعلت عكس ذلك تنكرت للغتها وثقافتها ومؤسساتها، وان هدف العالم الغربي في الشرق الأوسط هو تدمير الحضارة الإسلامية، وان قيام دولة إسرائيل هو جزء من هذا المخطط ،وان ذلك ليس إلا استمرارا للحروب الصليبية"(2).
كما يعبر لورنس براون عن هذا الوقف العدائي تجاه الحضارة الإسلامية والخطر الذي يرونه فيها بالقول" كنا من قبل نخوف من قبل بالخطر البلشفي والخطر الأصفر، ولكن سرعان ما أدركنا أنما هم أصدقائنا. ولكن الخطر الحقيقي كامن في الإسلام وفي قدرته على التوسع، فإن الإسلام هو الجدار المنيع في وجه الاستعمار الغربي."
وفي عام 1982م أصدر الرئيس الأمريكي نكسون كتابه (نصر بلا حرب) ومما ورد فيه قوله"يبدو انه قد حان الوقت للإجهاز على ما هو اخطر على مصالحنا وتوجهاتنا، لقد آن الأوان للإجهاز على الإسلام."
وجاءت أحداث سبتمبر2001م، لتعطي دفعة قوية واسعة المدى لمسيرة الصراع الحضاري ولتعكس تحولا مهما في السياسة الاستعمارية تجاه الشرق الأوسط وفي علاقتها بدوله وشعوبه، إذ الملاحظ أنها، كانت تسير في الصراع قبل أحداث سبتمبر بشكل هادئ وخفي، حتى لا تثير الشعوب. غير أن أمريكا ربما أدركت أنها لم تحقق الكثير في معركتها الحضارية ــ لأنها واقعيا عاجزة بتصوراتها وقيمها عن الدخول في معركة صراع ثقافي حقيقي مباشر ونزيه في مواجهة حقائق الإسلام ـــ فاندفعت بتأثير من الشعور بالتفوق، وغرور القوة المادية والدعائية ــ في محاولة منها لتحقيق النصر على الصعيد الحضاري بإسقاط الإسلام بالضربة القاضية ـــ معتمدة على ما يمكن أن نسميه" إستراتيجية الاحتواء بالتشويه والدعاية." وراحت تخترع وتصنع الذرائع والمسوغات لتشويه الإسلام واحتوائه، وإرهاب المسلمين وترويعهم، مستغلة سيطرتها على وسائل الإعلام العالمية ومنها العربية، في وقت الساحة العالمية شبه خالية من منابر إعلامية إسلامية فاعلة.
وعلى هذا الأساس يمكن القول أن أحداث 11/سبتمبر كانت عملا برجماتي ذرائعي، موجها ضد الإسلام، ويندرج ضمن الإستراتيجية المشار إليها. ولقد كان من الواضح أن مدبريه، قصدوا إلي تحقيق جملة من النتائج منها:
أولا: تشويه صورة الإسلام، ووضع الحواجز النفسية بين الإنسان الغربي والإسلام.
ثانيا:استعداء شعوب ودول العالم غير الإسلامي ضد الإسلام والمسلمين وبخاصة العرب، وحشدها إلى جانب السياسة الأمريكية في حروبها ضد شعوبه.
ثالثا:فرض تحالف دولي إجباري يتجاوز إرادة الدول لمحاربة الإسلام، واتهام أي دولة لا تنخرط في هذا التحالف بدعم، أو تشجيع أو إيواء الإرهاب، تطبقا لمقولة الرئيس بوش" من ليس معنا فهو مع الإرهاب."
رابعا:إيجاد الذرائع لتغيير الأعراف الدولية المستقرة، وفرض أعراف جديدة تكون أساسا لبناء نظام دولي جديد يطلق يد أمريكا في العالم متجاوزة سيادة الدول بذريعة محاربة الإرهاب، ونشر الديمقراطية وقيمها.
خامسا: ايجاد الذرائع، للتخلص من العبء الثقافي الذي تمثله الجاليات المسلمة في مجتمعات الغرب ــ والذي تبين استعصائه على الذوبان في الثقافة الغربية ــ وتبرير انتهاك حريات المسلمين هناك ووضعهم تحت ضغوط نفسية ومعنوية تجبرهم على الانسلاخ عن قيمهم وهوياتهم الثقافية، الاندماج في مجتمعات الغرب وقيمه الثقافية العلمانية.
سادسا:تبرير وشرعنة عدوانها وحروبها في العالم واحتلال البلاد الإسلامية، كما حدث لأفغانستان والعراق.... الخ.
سابعا: مساعدة عملائها من قوى الاعتدال، على النجاح في مهمة إعادة تفسير الإسلام وصياغته على أساس الثقافة الغربية وقيمها الحضارية.
هذه هي حقيقة العولمة في بعدها الحضاري، وهذه هي صورتها وأخلاقياتها في الممارسة الواقعية للإمبراطورية الجديدة، والتي تمارس منطق الإقصاء في أبشع مظاهره وأحط وسائله في الظاهر والخفاء، وتنحوا إلي أقصى درجات التطرف في الوقت الذي تردد شعارات التعايش الحضاري واحترام الأخر. ما يؤكد أن إستراتيجيتها تقوم على البحث عن ديمومتها، لا بإصلاح الشرور والمفاسد والمظلم ــ التي ارتكبتها بحق الإنسانية وشعوب العالم، خلال قرنين من الزمن ـــ بل من خلال محاولة القضاء على البديل الحضاري الذي حتما ولابد أن يسود ارض الله وينقذ بني الإنسان من شرورها وظلمها وطغيانها، لأن سنة الله أن يذهب الزبد ويبقى ما ينفع الناس.