المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم شراء المنازل بقرض بنكي ربوي للمسلمين في غير بلاد الإسلام



muslem
05-05-2012, 10:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رأيت الاتي وهي فتوى اثارت ضجه واريد رائيكم فيها و في قول صلاح الصاوي في المشاركة الثانيه حيث اعلم ان الحزب يعتبر قاعدة الضرورات تبيح المحظورات فاسدة و باطله

المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث

قرار المجلس:
نظر المجلس في القضية التي عمّت بها البلوى في أوروبا وفي بلاد الغرب كلها، وهي قضية المنازل التي تشترى بقرض ربوي بواسطة البنوك التقليدية.
وقد قُدمت إلى المجلس عدة أوراق في الموضوع ما بين مؤيد ومعارض، قرئت على المجلس، ثم ناقشها جميع الأعضاء مناقشة مستفيضة، انتهى بعدها المجلس بأغلبية أعضائه إلى ما يلي:
* يؤكد المجلس على ما أجمعت عليه الأمة من حرمة الربا، وأنه من السبع الموبقات، ومن الكبائر التي تؤذن بحرب من الله ورسوله، ويؤكد ما قررته المجامع الفقهية الإسلامية من أن فوائد البنوك هي الربا الحرام.
* يناشد المجلس أبناء المسلمين في الغرب أن يجتهدوا في إيجاد البدائل الشرعية، التي لا شبهة فيها، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، مثل (بيع المرابحة) الذي تستخدمه البنوك الإسلامية، ومثل تأسيس شركات إسلامية تنشئ مثل هذه البيوت بشروط ميسرة مقدورة لجمهور المسلمين، وغير ذلك.
* كما يدعو التجمعات الإسلامية في أوروبا أن تفاوض البنوك الأوروبية التقليدية؛ لتحويل هذه المعاملة إلى صيغة مقبولة شرعاً، مثل (بيع التقسيط) الذي يزاد فيه الثمن مقابل الزيادة في الأجل، فإن هذا سيجلب لهم عددًا كبيرًا من المسلمين يتعامل معهم على أساس هذه الطريقة، وهو ما يجري به العمل في بعض الأقطار الأوروبية، وقد رأينا عددًا من البنوك الغربية الكبرى تفتح فروعًا لها في بلادنا العربية تتعامل وفق الشريعة الإسلامية، كما في البحرين وغيرها.
* ويمكن للمجلس أن يساعد في ذلك بإرسال نداء إلى هذه البنوك؛ لتعديل سلوكها مع المسلمين.
وإذا لم يكن هذا ولا ذاك ميسراً في الوقت الحاضر، فإن المجلس في ضوء الأدلة والقواعد والاعتبارات الشرعية، لا يرى بأسًا من اللجوء إلى هذه الوسيلة، وهي القرض الربوي لشراء بيت يحتاج إليه المسلم لسكناه هو وأسرته، بشرط ألا يكون لديه بيت آخر يغنيه، وأن يكون هو مسكنه الأساسي، وألا يكون عنده من فائض المال ما يمكّنه من شرائه بغير هذه الوسيلة، وقد اعتمد المجلس في فتواه على مرتكزين أساسيين:
المرتكز الأول: قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات): وهي قاعدة متفق عليها، مأخوذة من نصوص القرآن في خمسة مواضع، منها قوله تعالى في سورة الأنعام: "وقد فصّل لكم ما حرّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه" [الآية: 119]، ومنها قوله تعالى في نفس السورة بعد ذكر محرمات الأطعمة: "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم" [الآية: 145]، ومما قرره الفقهاء هنا أن الحاجة قد تنزل منزلة الضرورة، خاصة كانت أو عامة.
والحاجة هي التي إذا لم تتحقق يكون المسلم في حرج وإن كان يستطيع أن يعيش، بخلاف الضرورة التي لا يستطيع أن يعيش بدونها، والله تعالى رفع الحرج عن هذه الأمة بنصوص القرآن، كما في قوله تعالى في سورة الحج: "وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الآية: 78]، وفي سورة المائدة: "ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج" [الآية: 6].
والمسكن الذي يدفع عن المسلم الحرج هو المسكن المناسب له في موقعه وفي سعته وفي مرافقه، بحيث يكون سكنًا حقًا.
وإذا كان المجلس قد اعتمد على قاعدة الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، فإنه لم ينس القاعدة الأخرى الضابطة والمكملة لها، هي أن (ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها)، فلم يجز تملك البيوت للتجارة ونحوها.
والمسكن ولا شك ضرورة للفرد المسلم وللأسرة المسلمة، وقد امتن الله بذلك على عباده حين قال: "والله جعل لكم من بيوتكم سكنًا" [النحل: 80]، وجعل النبي – صلى الله عليه وسلم- السكن الواسع عنصراً من عناصر السعادة الأربعة أو الثلاثة، والمسكن المستأجر لا يلبي كل حاجة المسلم، ولا يشعره بالأمان، وإن كان يكلف المسلم كثيرًا بما يدفعه لغير المسلم، ويظل سنوات وسنوات يدفع أجرته ولا يملك منه حجرًا واحدًا، ومع هذا يظل المسلم عرضة للطرد من هذا المسكن إذا كثر عياله أو كثر ضيوفه، كما أنه إذا كبرت سنه أو قل دخله أو انقطع يصبح عرضة لأن يرمى به في الطريق.
وتملّك المسكن يكفي المسلم هذا الهم، كما أنه يمكّنه أن يختار المسكن قريبًا من المسجد والمركز الإسلامي، والمدرسة الإسلامية، ويهيئ فرصة للمجموعة المسلمة أن تتقارب في مساكنها عسى أن تنشئ لها مجتمعًا إسلاميًا صغيرًا داخل المجتمع الكبير، فيتعارف فيه أبناؤهم، وتقوى روابطهم، ويتعاونون على العيش في ظل مفاهيم الإسلام. كما أن هذا يمكّن المسلم من إعداد بيته وترتيبه بما يلبي حاجته الدينية والاجتماعية، ما دام مملوكًا له.
وهناك إلى جانب هذه الحالة الفردية لكل مسلم، الحاجة العامة لجماعة المسلمين الذين يعيشون أقلية خارج دار الإسلام، وهي تتمثل في تحسين أحوالهم المعيشية، حتى يرتفع مستواهم، ويكونوا أهلاً للانتماء إلى خير أمة أُخرجت للناس، ويغدوا صورة مشرفة للإسلام أمام غير المسلمين، كما تتمثل في أن يتحرروا من الضغوط الاقتصادية عليهم، ليقوموا بواجب الدعوة ويساهموا في بناء المجتمع العام، وهذا يقتضي ألا يظل المسلم يكد وينصب طول عمره من أجل دفع قيمة إيجار بيته ونفقات عيشه، ولا يجد فرصة لخدمة مجتمعه، أو نشر دعوته.
المرتكز الثاني: هو ما ذهب إليه أبو حنيفة وصاحبه محمد بن الحسن الشيباني، وهو المُفْتَى به في المذهب الحنفي. وكذلك سفيان الثوري وإبراهيم النخعي، وهو رواية عن أحمد بن حنبل، ورجحها ابن تيمية – فيما ذكره بعض الحنابلة-: من جواز التعامل بالربا وغيره من العقود الفاسدة، بين المسلمين وغيرهم في غير دار الإسلام.
ويرجح الأخذ بهذا المذهب هنا عدة اعتبارات، منها:
(1) أن المسلم غير مكلف شرعًا أن يقيم أحكام الشرع المدنية والمالية والسياسية ونحوها مما يتعلّق بالنظام العام في مجتمع لا يؤمن بالإسلام؛ لأن هذا ليس في وسعه، ولا يكلّف الله نفسًا إلا وسعها، وتحريم الربا هو من هذه الأحكام التي تتعلّق بهوية المجتمع، وفلسفة الدولة، واتجاهها الاجتماعي والاقتصادي.
وإنما يطالب المسلم بإقامة الأحكام التي تخصه فردًا، مثل أحكام العبادات، وأحكام المطعومات والمشروبات والملبوسات، وما يتعلّق بالزواج والطلاق والرجعة والعدة والميراث، وغيرها من الأحوال الشخصية، بحيث لو ضيق عليه في هذه الأمور، ولم يستطع بحال إقامة دينه فيها لوجب عليه أن يهاجر إلى أرض الله الواسعة ما وجد إلى ذلك سبيلاً.
(2) أن المسلم إذا لم يتعامل بهذه العقود الفاسدة – ومنها عقد الربا- في دار القوم، سيؤدي ذلك بالمسلم إلى أن يكون التزامه بالإسلام سببًا لضعفه اقتصاديًا، وخسارته ماليًا، والمفروض أن الإسلام يقوي المسلم ولا يضعفه، ويزيده ولا ينقصه، وينفعه ولا يضره، وقد احتج بعض علماء السلف على جواز توريث المسلم من غير المسلم بحديث: (الإسلام يزيد ولا ينقص)(1)، أي يزيد المسلم ولا ينقصه، ومثله حديث: (الإسلام يعلو ولا يُعلى) (2)، وهو إذا لم يتعامل بهذه العقود التي يتراضونها بينهم، سيضطر إلى أن يعطي ما يطلب منه، ولا يأخذ مقابله، فهو ينفذ هذه القوانين والعقود فيما يكون عليه من مغارم، ولا ينفذها فيما يكون له من مغانم، فعليه الغُرم دائماً وليس له الغُنْم، وبهذا يظل المسلم أبدًا مظلومًا ماليًا، بسبب التزامه بالإسلام! والإسلام لا يقصد أبدًا إلى أن يظلم المسلم بالتزامه به، وأن يتركه – في غير دار الإسلام- لغير المسلم يمتصه ويستفيد منه، في حين يحرم على المسلم أن ينتفع من معاملة غير المسلم في المقابل في ضوء العقود السائدة، والمعترف بها عندهم.
وما يقال من أن مذهب الحنفية إنما يجيز التعامل بالربا في حالة الأخذ لا الإعطاء؛ لأنه لا فائدة للمسلم في الإعطاء وهم لا يجيزون التعامل بالعقود الفاسدة إلا بشرطين: الأول: أن يكون فيها منفعة للمسلم. والثاني: ألا يكون فيها غدر ولا خيانة لغير المسلم، وهنا لم تتحقق المنفعة للمسلم.
فالجواب: أن هذا غير مسلّم، كما يدل عليه قول محمد بن الحسن الشيباني في "السير الكبير"، وإطلاق المتقدمين من علماء المذهب، كما أن المسلم وإن كان يعطي الفائدة هنا فهو المستفيد، إذ به يتملك المنزل في النهاية.
وقد أكد المسلمون الذين يعيشون في هذه الديار بالسماع المباشر منهم وبالمراسلة: أن الأقساط التي يدفعونها للبنك بقدر الأجرة التي يدفعونها للمالك، بل أحيانًا تكون أقل.
ومعنى هذا أننا إذا حرّمنا التعامل هنا بالفائدة مع البنك حرَمنا المسلم من امتلاك مسكن له ولأسرته، وهو من الحاجات الأصلية للإنسان كما يعبر الفقهاء، وربما يظل عشرين أو ثلاثين سنة أو أكثر، يدفع إيجارًا شهرياً أو سنويًا، ولا يملك شيئاً، على حين كان يمكنه في خلال عشرين سنة – وربما أقل- أن يملك البيت.
فلو لم يكن هذا التعامل جائزًا على مذهب أبي حنيفة ومن وافقه، لكان جائزًا عند الجميع للحاجة التي تنزل أحيانًا منزلة الضرورة، في إباحة المحظور بها.
ولاسيما أن المسلم هنا، إنما يُؤكِل الربا ولا يَأكُلُه، أي هو يعطي الفائدة ولا يأخذها، والأصل في التحريم مُنْصَبٌ على (أكل الربا) كما نطقت به آيات القرآن، إنما حرم الإيكال سدًا للذريعة، كما حرمت الكتابة له والشهادة عليه، فهو من باب تحريم الوسائل لا تحريم المقاصد.
ومن المعلوم أن أكل الربا المحرم لا يجوز بحال، أما إيكاله (بمعنى إعطاء الفائدة) فيجوز للحاجة، وقد نصَّ على ذلك الفقهاء، وأجازوا الاستقراض بالربا للحاجة إذا سدت في وجهة أبواب الحلال.
ومن القواعد الشهيرة هنا: أن (ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، وما حرم لسد الذريعة يباح للحاجة)، والله الموفق.
القرار [2/4].
(1) أخرجَ أبو داود رقم: (2912)، ومن طريقه: البيهقي (6/205، 254-255) بإسناده إلى عبد الله بن بُرَيْدَة: أن أخوين اختصَما إلى يحيى بن يَعْمَر: يهودي ومسلم، فوَرَّثَ المسلم منهما، وقال: حدثني أبو الأسود، أنَّ رجلاً حدَّثه، أنَّ معاذًَا حدَّثه، قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "الإسلام يَزيد ولا يَنقص" . فوَرَّثَ المسلم. وإسنادُه إلى أبي الأسود صحيحٌ، وإنما هو منقطع بين أبي الأسود ومعاذ، لجهالة الراوي بينهما، ويشهد للمرفوع منه حديث عائذ بن عمرو التالي، وهو به حسنٌ لغيره.
(2) حديث حسن لغيره، أخرجه الروياني في "مسنده" رقم: (783)، وأبو نُعيم في (أخبار أصبهان) (1/65)، والبيهقي (6/205)، وفي إسناده مجهولان، لكن يشهد له حديث معاذ بن جبل المتقدم قبله، كما جاء كذلك بإسناد صحيح عن ابن عباس موقوفًا، أخرجه الطحاوي في (شرح معاني الآثار) (3/257)، وعلقه البخاري في (صحيحه) (1/454- كتاب الجنائز)، وصححه ابن حجر في "الفتح" (9/421). كما يصدِّقه والذي قبله قوله تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) [التوبة: 33، الصف: 9].

http://islamtoday.net/nawafeth/artshow-32-5520.htm

muslem
05-05-2012, 10:57 PM
يقول الشيخ د.صلاح الصاوي الذي يعيش في الغرب منذ حوالي عشرين سنة ويعرف مداخله ومخارجة مع علم جم بالشريعة..... تشيع في المجتمعات الغربية ظاهرة شراء البيوت عن طريق التمويل البنكي، وذلك بأن يتقدم طالب الشراء إلى أحد البنوك ليقرضه قيمة البيت، فيسددها إلى المشتري، ويسترد منه هذا القرض أقساطا شهرية، يتقاضى عنها فوائد ربوية، بحيث يتضاعف المبلغ في نهاية المدة إلى ثلاثة أضعاف أو أكثر بحسب مدة القرض ،فما مدى مشروعية هذه المعاملة؟ وإذا كنتم تتبنون القول بعدم مشروعيتها، فكيف تردون على من رخص في ذلك من المعاصرين؟ يدور هذا السؤال ببساطة حول مدى مشروعية القروض الربوية التي يتضاعف فيها الربا أضعافا مضاعفة! ولا يخفى أن تحريم القروض الربوية ولا سيما عندما تكون على هذا النحو مما أحكم تحريمه في الكتاب والسنة، فهي نفس صورة الربا الجاهلي الذي تنزل القرآن في تحريمه ابتداء، وأنها المقصودة في المقام الأول بمثل قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) ولهذا ظل المرخصون في ذلك من المعاصرين على تحريمه زهاء عشرين عاما من حياتهم أو يزيد! ثم أكثر عليهم المستفتون في بيان ضروراتهم وحاجاتهم وما يصيب أموالهم من الخسارة نتيجة لعقود الإيجار التي تستهلك جزءا كبيرا من أموالهم، وما يمكن أن يحققوه من مصالح لو رخص لهم في هذه المعاملة، فكان هذا التحول الذي نحاول مناقشته في الإجابة على هذا السؤال، وقد صدر لنا فيه كتاب مستقل تحت عنوان ( وقفات هادئة مع فتوى إباحة القروض الربوية لتمويل شراء البيوت في المجتمعات الغربية). نضعه تحت نظر السادة الفقهاء أعضاء المجمع. وقد اعتمد القائلون بتسويغ هذه المعاملة على مرتكزين: • الأول: ما ذهب إليه أبو حنيفة وصاحبه محمد بن الحسن من القول بجواز التعامل بالربا مع الحربيين في دار الحرب إذا كان الفضل للمسلم. • الثاني: الحاجة إلى هذه المعاملة، وما يترتب عليها من المصالح العامة والخاصة. • بالإضافة إلى بعض الاعتبارات الأخرى الثانوية التي نحيل في بيانها والتعقيب عليها إلى الكتاب المرفق وخلاصة القول في المرتكز الأول أنه إذا أقام المسلم في بلد من البلاد خارج ديار الإسلام، وكان قد دخل إليها بأمان، كما هو الشأن في الجاليات الإسلامية المقيمة في المجتمعات الغربية في هذه الأيام ،فهل يباح له أن يعاملهم بالربا ،ويأخذ الفضل من أموالهم ؟ أم أن الأحكام تتغير بتغير الأماكن ؟ جمهور أهل العلم على أن حرمة الربا لا تتغير بتغير الأماكن ،فالربا حرام فوق كل أرض وتحت كل سماء، فلا يحل للمسلم أن يعامل الحربيين بالربا أخذا أو إعطاء. وقد استدلوا على ذلك بما يلي : - إطلاقات النصوص الواردة في تحريم الربا ،والتي لم تقيده بمكان دون مكان، ولا بفريق من الناس دون فريق . - إن حرمة الربا كما هي ثابتة في حق المسلمين – ثابتة في حق الكفار، على الصحيح من أقول أهل العلم في مخاطبة الكفار بالحرمات ،قد قال تعالى : (وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل ) النساء :161. - قياس الربا بين المسلم والحربي في دار الحرب على المستأمن من الحربيين في دار الإسلام، فإن الربا يجري بينه وبين المسلم إجماعا، فكذلك إذا دخل المسلم دار الحرب بأمان، ومتى كانت المحرمات أمرا خاصا بالمسلمين في دار الإسلام، فإذا خرجوا أو أخرجوا منها استحلوا محارمهم؟ ألا يشبه هذا الموقف في هذه الحالة مسلك اليهود الذين ( قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ) ،فاستحلوا في معاملتهم مع الأميين ما حرموه في معاملاتهم بعضهم لبعض ؟ وخالف أبو حنيفة وتلميذه محمد بن الحسن فيما سبق ،وقالوا : إنه لا ربا بين المسلم والحربي في دار الحرب ،لأن أموالهم في دارهم على أصل الحل ،فبأي طريق أخذها المسلم فقد أخذ مالا مباحا مالم يتضمن ذلك غدرا بهم أو خيانة لهم، فلو دخل المسلم إلى دار الحرب فباع لهم درهما بدرهمين فلا حرج عليه في ذلك، لأن أحكام المسلمين لا تجري عليهم، فبأي وجه أخذ أموالهم برضا منهم فهو جائز . وقد استدل أبو حنيفة رحمه الله ومن معه على ذلك بما يلي : - الدليل الأول: ما رواه مكحول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "لا ربا بين مسلم وحربي في دار الحرب". وقد نوقش هذا الاستدلال بما يلي : - أن الحديث مرسل ضعيف فلا حجة فيه ،قال الشافعي : حديث مكحول ليس بثابت فلا حجة فيه. - أن الحديث على فرض ثبوته يحتمل النهي كقوله تعالى : (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) البقرة: 197 وإذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال، أو يفهم في ضوء الأدلة القاطعة بتحريم الربا، إذ لا يجوز ترك هذه الأدلة لخبر مجهول لم يرد في كتاب صحيح من كتب السنة ،.قال النووي رحمه الله: ( لو صح حديث مكحول لتأولناه على أن معناه لا يباح الربا في دار الحرب جمعا بين الأدلة). الدليل الثاني: ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع "كل ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبدالمطلب " ووجه الدلالة أن مكة كانت دار حرب وكان بها العباس مسلما –إما من قبل بدر أو من قبل خيبر- وقد كان تحريم الربا يوم فتح خيبر، ولم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان منه من ربا بعد إسلامه إلى أن ذهبت الجاهلية بفتح مكة ،ولم تكن مراباة العباس غائبة عن علم النبي صلى الله عليه وسلم في مكة قبل فتحها، ولما لم ينهه دل على أن ذلك جائز . وقد نوقش هذا الدليل بأنه ليس هناك ما يدل على أن العباس رضي الله عنه استمر على الربا بعد إسلامه ،فقد يكون الحديث عما كان له من ربا في الجاهلية قبل إسلامه ،ولو سلم استمراره عليه فقد لا يكون عالما يتحريمه فأراد النبي صلى الله عليه وسلم إنشاء هذه القاعدة وتقريرها يومئذ، ولو فهم الصحابة جواز التعامل بالربا بين المسلم والحربي لعملوا به فيما بينهم وبين أهل الحرب، ولكن ذلك لم ينقل قط، فدل على أن حديث العباس لا دليل فيه على الجواز . الدليل الثالث: أن أموال أهل الحرب على أصل الحل مباحة للمسلم بلا عقد فأولى أن تباح بالعقد الفاسد، لأن هذا على رضا منهم ولا يتضمن غدرا بهم. وقد نوقش ذلك بما يأتي : - عدم التسليم بهذه الدعوة ،لأن الحربي إذا دخل دارنا بأمان لا يجوز للمسلم أن يعامله بالربا اتفاقا. - أنه لا يلزم من إباحة أموالهم بالاغتنام إباحتها بالعقد الفاسد ،فإن أبضاع نسائهم تباح بالاغتنام ولا تباح بالعقود الفاسدة، وإن كان اللقياس هنا مع الفارق لأن الأموال تباح بالإحلال ولكن النساء لا تباح إلا من خلال الزواج أو التسري فافترقا. - أن هذا التعليل قاصر على حالة أخذ المسلم الفضل من الحربي ولا يصلح إذا عكس الأمر وكان الحربي هو الذي يأخذ الفضل من المسلم . ولا يخفى من خلال العرض السابق تهافت هذه الأدلة وعدم نهوضها لرد الأدلة القاضية بتحريم الربا بإطلاق. هذا، وقد ظل أهل الفتوى - كما سبق - على تحريم هذه المعاملة أزمنة متطاولة باعتبار أنها قرض ربوي ظاهر، وقد أجمع أهل العلم على حرمة ربا القروض، ولكن ضغوط الواقع وأثقال الإلف قد زحزحت بعض حراس الدين عن مواقعهم، وأخذوا يرخصون للناس في هذه المعاملة اعتمادا على ما ذهب إليه أبو حنيفة من جواز أخذ الربا من الحربي في دار الحرب، واستنادا إلى الحاجة إلى ذلك والتي تنزل منزلة الضرورة . ولنا على هذا التحول الخطير عدة وقفات نوجزها فيما يلي : - الوقفة الأولى: أن ما ذهب إليه أبو حنيفة من القول بجواز أخذ الربا من الحربي في دار الحرب تأسيسا على أن أموالهم على أصل الحل لا يلتقي مع هذه المسألة التي يدفع فيها المسلمون أموالهم إلى الحربيين، فالحربي هنا هو الذي يأخذ الزيادة وليس المسلم، فهي عكس ما ذهب إليه أبو حنيفة في هذا المقام ،فالاستشهاد به يعد قراءة متعجلة لما ذهب إليه الإمام . - الوقفة الثانية : إن من تبنى هذه المقولة من المعاصرين يعسر عليه أن يتبنى القول بأن المجتمعات الغربية التي تعيش فيها الجاليات الإسلامية هي ديار حرب ،وإن اعتقد ذلك في نفسه فلا يستطيع أن يرفع بها صوته في واقع تشن فيه الغارة على الإسلام في مشارق العالم ومغاربه، ويتهم أهله ودعاته بأبشع التهم والمناكر، فهل يستطيع هؤلاء الفضلاء المترخصون أن يلتزموا بأن المجتمعات الغربية تعد من قبيل دار الحرب، وأن أموال أهلها مباحة للمسلمين، وتأسيسا على ذلك فللمسلم أن ينال من أموالهم ما شاء بالعقود الفاسدة ما دام ذلك عن رضا واختيار ،وأن للمسلم أن يعاملهم بالربا فيما كان الفضل له، ولا يعاملهم بالربا فيما كان الفضل عليه ؟! - الوقفة الثالثة: ما الذي يؤمن هؤلاء المترخصين ألا يتدرج الناس من استباحة الأموال بالعقود الفاسدة إلى استباحة الأبضاع بالعقود الفاسدة ،وتوقان النفوس إلى النساء أشد من توقانها إلى الأموال ؟! حتى وإن القول إن الأمرين مختلفان من الناحية الفقهية البحتة - الوقفة الرابعة: أنه إذا ساغ القول بجواز هذه المعاملة في أحوال الضرورة والاقتهار، عندما يجد المسلم نفسه ملحا إلى ذلك، لكثرة عياله، وضيق ذات يده، وامتناع الإيجار عليه، وتعذر حصوله على القرض الحسن للشراء الحال، فإن الاقتراض بالربا تحله الضرورات، فينبغي أن نفرق بين هذا القول وبين القول بمشروعية هذه المعاملة ابتداء بناء على مشروعية الربا في دار الحرب بحيث يدخل الأمر في نسيج المشروعية الأصلية، لا فرق بين حال السعة والاختيار وبين حال الضرورة والاقتهار. - الوقفة الخامسة : إن شيوع الحاجة إلى تملك البيوت في المجتمعات الغربية لا يبرر إباحة المحرمات، وإنما يوجب تكاتف المسلمين فيما بينهم لإنشاء المؤسسات القادرة على تلبية هذه الحاجة في إطار المشروعية الإسلامية، أو على الأقل لإقناع البنوك الربوية بتعديل عقودها الربوية بما يتفق مع مقررات الشريعة، وليس ذلك ببعيد، فإن هذه المؤسسات تركض خلف الكسب أنى لاح لها بريقه، وإذا استشعرت أن خلف هذه المطالبة جاليات إسلامية كثيرة العدد فلا يضرها قط أن تغير في عقودها بما تستجلب به أموال هؤلاء . لقد ظهرت في نهاية النصف الأول من هذا القرن محاولات لتبرير فوائد البنوك بتبريرات فقهية متهافتة ،ولو استجابت الأمة لهذا التبريرات ما عرفت أرضها البدائل الإسلامية في عالم المال والمصارف، لكن الحراس ثبتوا يومئذ في مواقع الحراسة للدين وردوا هذه التبريرات ففتقت الحاجة الحيلة، وعرفت بلاد الإسلام المؤسسات المصرفية التي تعمل في إطار الشريعة لتكون بديلا من المصارف الربوية التي تعربد في ديار الإسلام بأنظمتها المحرمة، وكل يوم يمضي يتكشف للعالم كله مدى الوهم في هذه الخرافة القديمة التي تقول لا اقتصاد بلا بنوك، ولا بنوك بلا فوائد.! والذي نخلص إليه من هذا كله ما يلي : أولا : التأكيد على ما أكدت عليه الأدلة الشرعية القاطعة من حرمة الربا بنوعيه فضلا ونسيئة، وأن فوائد البنوك هي الربا الحرام ،وهو ما قررته جميع دور الإفتاء والمجامع الفقهية في مختلف أنحاء العالم الإسلامي . ثانيا : التأكيد على أن الربا لا تحله في الأصل إلا الضرورات، شأنه شأن سائر المحرمات القطعية في الشريعة، وعلى من تلبس بحالة من حالات الضرورة أن يلجأ إلى من يثق في دينه وعلمه من أهل الفتوى في تقدير ضرورته . ثالثا : أن الحاجة تنزل منزلة الضرورة في إباحة المحظور متى توافرت شرائط تطبيقها، وتتمثل هذه الشروط فيما يلي : - تحقق الحاجة بمفهومها الشرعي وهو دفع الضرار، والضعف الذي يصد عن التصرف والتقلب في أمور المعاش، واستمرار الناس على ما يقيم قواهم، وليس مجرد التشوف إلى الشيء ،أو مجرد الرغبة في الانتفاع والترفه والتنعم . - انعدام البدائل المشروعة، وذلك بأن يعم الحرام، وتنحسم الطرق إلى الحلال، وإلا تعين احتمال الكل في كسب ما يحل ،ومن بين هذه البدائل الاستئجار متى تحققت به الحاجة . - الاكتفاء بمقدار الحاجة، وتحريم ما يتعلق بالترفه والتنعم، أو محض التوسع . - انعدام القدرة على التحول إلى مواضع أخرى يتسنى فيها الحصول على البديل المشروع . رابعا : وبناء على ما سبق فإن الأصل في العاجز عن تملك مسكن بطريق مشروع لا ربا فيه ولا ريبة أن يقنع بالاستئجار، ففيه مندوحة عن الوقوع فيما حرمه الله ورسوله من الربا

muslem
05-05-2012, 10:58 PM
خامسا : إذا مثل الاستئجار حرجا بالغا ومشقة ظاهرة بالنسبة لبعض الناس، باعتبارات تتعلق بعدد أفراد الأسرة، أو لغير ذلك جاز لهم الترخص في تملك مسكن بهذا الطريق في ضوء الضوابط السابقة، بعد الرجوع إلى أهل العلم لتحديد مقدار هذه الحاجة، ومدى توافر شرائطها الشرعية، وذلك للتحقق من مدى صلاحيتها بأن تنزل منزلة الضرورة في إباحة هذا المجظور . وقد أظهرت التجربة أن اشتراط عدد معين في أغلب الأحوال أمر نظري محض، لا يهتم ملاك البيوت بالتقيد به، وإن كانوا يذكرونه للمستأجر احتراما للقانون . سادسا : التأكيد على ما أكد عليه كل المجامع الإسلامية الرسمية والأهلية من ضرورة العمل على توفير البدائل الإسلامية لمشكلة تمويل المساكن : إما من خلال إنشاء مؤسسات إسلامية وهو الأولى باعتباره الأرضى للرب جل وعلا، والأنفع لدينه ولعباده، أو من خلال إقناع البنوك الغربية بالتعديل في عقودها في تعاملها مع الجاليات الإسلامية بما يتفق مع مقررات الشريعة الإسلامية، إلى أن يتوافر البديل الإسلامي المنشود، وهو أمر ميسور في هذه المجتمعات، ولو أن ما بذل من الجهود في إقامة المؤتمرات التي تتبنى حل هذه المعاملة قد بذل في إقناع البنوك الربوية بتبني النموذج الإسلامي المنشود لتمهد سبيل إلى حل هذه المشكلة ولو بصورة مبدئية! سابعا : مناشدة القادرين في العالم الإسلامي أن يتبنوا مشروعا استثماريا يجمع الله لهم فيه بين الكسب في الدنيا والأجر في الآخرة، لتوفير مساكن للراغبين في ذلك من المسلمين المقيمين في المجتمعات الغربية، وذلك بصيغة من الصيغ الشرعية المعروفة مشاركة، أو استصناعا، أو تأجيرا منتهيا بالتمليك أو نحوه، وألا يغالوا في تقدير أرباحهم، حتى لا يكونوا فتنة تصد الناس عن التعامل ابتداء مع المؤسسات الإسلامية ،وتحملهم على إساءة الظن بالتطبيق الإسلامي كلما دعي إليه أو لاحت بوادره