سيفي دولتي
04-05-2012, 01:50 PM
د.محمد سعيد أبوجعفر
منذ 7 دقائق ·
(خطبة ساحة النخيل):
هذه خطبتي كاملة اليوم الجمعة في ساحة النخيل، وفيها توضح وتفصيل لمعاني الخيرية التي ذكرها رئيس الوزراء السابق عندما قال في نهاية كتاب استقالته: أسأل الله أن يهديكم لما فيه خيركم...وانا أقول له ولغيره لقد حدانا الله لما فيه خيرنا وبلقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لنا ما فيه خيرنا ولكننا لا نملك الارادة ولا نختار الادارة التي تحقق هذا الخير للوطن والمواطن والأمة كلها، وإليكم نص الخطبة.خيرنا
خطبة يوم الجمعة...4/5/2012م...في ساحة النخيل(عمان).
الحمد لله وفَّق وأعان على كل مَهمة، الحمد لله حفظ وحمى أمتنا وأوطاننا عند كل مُلمة، الحمد لله رفع بنا إلى ذرى القمة يوم قال لنا سبحانه: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ (آل عمران:110).
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه المجاهدين المرابطين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، سلام على من دعانا إلى الجنة وحذرنا من النار، سلام على النبي المختار، سلام على سيد المصطفينَ الأخيار.
• عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم وطاعته وأحذركم ونفسي من عصيان الله ومخالفة أمره لقوله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (آل عمران: 102)
• معاشر الموحدين:
في وقت يراد لنا فيه أن نزدري ذواتنا وأن نحقر أنفسنا حتى لا تقوم لنا قائمة كان لا بد أن ينطق المنبر مذكراً هذه الأمة المختارة بشهادة الخيرية التي وهبها لها رب العزة سبحانه يوم قال لنا: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (آل عمران:110).
فنحن خير الأمم ولا فخر ونبينا سيد ولد آدم ولا فخر.
يا خير من جاء الوجود تحية من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا
بك بشر الله السماء فزينـــت وتضوعت مسكا بك الغبـــــــــــراء
وزمن الصحابة خير القرون، روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) نحن باختصار ننتمي لسلف من الأخيار والأطهار.
انه اختيار الله لنا بأن يشملنا بخير دين إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( البقرة: 132)، وجُمعتنا التي جمَّعتنا هي خير الأيام ولا فخر، روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة".
كل هذه الخيرية والخير ويأتيك من بني جلدتك من يريد أن يبدل نعمة الله كفراً ويستبدل الذي هو شرٌّ بالذي هو خير.
• أيها الأخ المبارك:
ليس طلب الخير للوطن والناس شعاراً يُرفع من قائم على رأس وظيفته ينهب، ولا هو دعاءً جامداً من مستقيل أُقصيَ أو فقد الأمل بالإصلاح وتهرَّب، إنما الخير والخيرية للوطن والأمة بخطوات عملية صادقة وحقيقية نبلغ بها معاني الخيرية مهما كلفتنا من جهد ووقت ومال ودماء وذرية.
• أيها الأخ المبارك:
انك بمجرد أن تكون مؤمنا صادق الإيمان على خير وخيرية ، وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ (البقرة: 221) فكيف لو تقدمتَ بخطوات جريئة نحو هذه الخيرية.
طوبى لمن كانوا يسارعون للخيرات وهم لها سابقون، وليس سبب الخيرية جاه ولا مال ولا نفخة كبر تحشو بها صدرك كما الشيطان يوم اعترض على الله ورفض السجود لآدم زاعماً انه خير منه قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (الأعراف: 12) ولو كانت الخيرية بثوب نلبسه أو منصب نحوزه أو طول وعرض ونسَب لصدق إبليس في دعواه إذ النار خير من الطين ، ولكن الخيرية في ميزان الله تختلف إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (الحجرات: 13) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله و الفضل العظيم .
• أيها الأخ المصلح :
يلزمك في طريق تحصيل الخيرية أن تديم اللجوء إلى الله فهو سبحانه مالك الخيرية بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمران: 26).
وإن مراتب الخيرية إنما تبدأ من رأس النظام ومَن دونه إذ الكل مسؤول، والكل مسؤول عن رعيته.
أتدرون مَن أهل الخيرية من الملوك والزعماء والولاة والقضاة ؟ إنهم أهل العدل والإحسان ففي الحكم والقضاء روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خيركم أحسنكم قضاء" .
بل اذهب أبعد من ذلك لتعلم بدقة متناهية مَن خير الملوك في الدنيا، روى مسلم عن النبيصلى الله عليه وسلم قال:" خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم(وانتبه هنا فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: تصلون عليهم ولم يقل تصلون لهم)، وشرار أئمتكم الذين تُبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم".
والذي نفسي بيده إن أنظمة العهر والفجور تبغض كل واحد فينا، ولو أحبونا لأقاموا شريعة الله فينا، وما حرمونا من نعيم القرآن والسنة في مستويات الحياة كلها ، ولو أحبونا لما أوصلونا إلى مرحلة التسول التي نعيش، حتى صرنا نتسول رزقنا وماء وجوهنا وكرامتنا، والله المستعان.
لقد كرهونا وأبغضونا ولعنونا، ونحن نبادلهم شعوراً بشعور، فلا والله ما هم خيارنا، ولا يرقوا حتى إلى منزلة الأشرار فينا...إلا (مَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة: 39).
• أيها الحاكم والمحكوم:
إن قربك من القرآن تعلماً وتعليماً وتحاكما وتحكيما دليل على قربك من مركب الخيرية ولا فخر، روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" خيركم من تعلم القرآن وعلمه" وجزا الله خيرا القائمين على جمعيات القرآن لأن قصدهم ردّ الأمة لخيريتها المسروقة المنهوبة.
وإني أبشر كل إنسان تاب وآب بعد أن أوغل في الفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي ظلما وسكرا وزنا وعربدة وسلبا ونهبا، أبشركم أيها التائبون الجدد فأنتم على طريق الخيرية المباركة، إن سرتم في طريق المصلحين، روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا".
• معاشر الموحدين:
إن حرص المسلم على التميز والتقدم في كل ميدان من ميادين الطاعة مطلوب، فهو الأول مصليا والأول مزكيا والأول ذاكرا وهو القدوة لمن خلفه من المسلمين كل ذلك يبلغ به منازل الخيرية، فالأول خير (ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله).
روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها".
ولست أقصد أن تكون في المسجد أولا فقط وتكون أخيرا في بيتك وعند أهلك لأن هذا تناقض وانفصام لا نرضاه، إنما أنت الأول والأفضل حيثما حللت وارتحلت، ولا خير فيمن كان خيره للناس دون أهله وذويه وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه الترمذي بسند صحيح قال: (خيركم خيركم لأهله ) وكان القدوة لنا يوم قال : وأنا خيركم لأهلي، فهل خير ساستنا لأردننا أولاً، أم أن خيرهم لغيرنا، وشرهم لنا، تجدهم رحماء على الكافرين أشداء على المصلحين، أو أذلة على اليهود والمعتدين أعزة على المصلحين.
• أيها الأخوة في الله:
تخيلوا معي مجتمعا يسوده الصدق والأمانة والخلق الرفيع ، تخيلوا ملكاً صادقا يملك إرادته وإدارته، تخيلوا وزيرا أمينا، تخيلوا تاجرا صدوقا وسائقا أمينا ومعلما مخلصا وأبا رحيما وأخا كريما تخيلوا مجتمعا يحب الواحد فيه لأخيه ما يحب لنفسه ، إنه مجتمع الفضيلة والخيرية وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الترمذي بسند صحيح بقوله :" خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره " كل هذا عند الوفاق والاتفاق، أما عند الاختلاف والافتراق فتتأكد الخيرية بيننا، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه البخاري بقوله:"وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"، فنحن مجتمع واحد متآلف يجمعنا رب واحد وهمٌّ واحد ولا خير فيمن يعزز القطيعة بين شرقي وغربي ولا بين شمالي وجنوبي، ولا خير فيما يزاود على الشرف والوطنية وهو الذي يتاجر فينا لصالح أمريكا واليهود، ولا خير فيمن يقيل وزارات وحكومات، ويأتي بأخرى على حساب الوطن استرضاءً كجرعة من المسكنات، ولا خير فيمن يمثل دَور حامي العقيدة والمقدسات والساتر على الأعراض والعورات، وهو كالثعلب فينا ، مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا.
• معاشر الموحدين:
أقول للذين يشتغلون بأجر أو تطوع لصالح جهات مشبوهة هنا وهناك أقول لهم لقد حرمتم أنفسكم من شرف الخيرية يوم أرخيتم أسماعكم وحرَّكتم أقلامكم دسَّاً وجسَّاً على عورات المسلمين، لا خير فيكم حتى لو حججتم وصمتم وصليتم ، فكل عبادة لكم مغشوشة ولن ينالكم من الأطهار إلا الذم واللعنة صباح مساء، أما الخيرية فهي لمن نأمن جانبهم ويحفظون غيبتنا ، روى عن الترمذي بسند صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم من يُرجى خيره ويؤمن شره ، وشركم من لا يُرجى خيره ولا يؤمن شره".
يتبع
منذ 7 دقائق ·
(خطبة ساحة النخيل):
هذه خطبتي كاملة اليوم الجمعة في ساحة النخيل، وفيها توضح وتفصيل لمعاني الخيرية التي ذكرها رئيس الوزراء السابق عندما قال في نهاية كتاب استقالته: أسأل الله أن يهديكم لما فيه خيركم...وانا أقول له ولغيره لقد حدانا الله لما فيه خيرنا وبلقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لنا ما فيه خيرنا ولكننا لا نملك الارادة ولا نختار الادارة التي تحقق هذا الخير للوطن والمواطن والأمة كلها، وإليكم نص الخطبة.خيرنا
خطبة يوم الجمعة...4/5/2012م...في ساحة النخيل(عمان).
الحمد لله وفَّق وأعان على كل مَهمة، الحمد لله حفظ وحمى أمتنا وأوطاننا عند كل مُلمة، الحمد لله رفع بنا إلى ذرى القمة يوم قال لنا سبحانه: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ (آل عمران:110).
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه المجاهدين المرابطين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، سلام على من دعانا إلى الجنة وحذرنا من النار، سلام على النبي المختار، سلام على سيد المصطفينَ الأخيار.
• عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم وطاعته وأحذركم ونفسي من عصيان الله ومخالفة أمره لقوله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (آل عمران: 102)
• معاشر الموحدين:
في وقت يراد لنا فيه أن نزدري ذواتنا وأن نحقر أنفسنا حتى لا تقوم لنا قائمة كان لا بد أن ينطق المنبر مذكراً هذه الأمة المختارة بشهادة الخيرية التي وهبها لها رب العزة سبحانه يوم قال لنا: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (آل عمران:110).
فنحن خير الأمم ولا فخر ونبينا سيد ولد آدم ولا فخر.
يا خير من جاء الوجود تحية من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا
بك بشر الله السماء فزينـــت وتضوعت مسكا بك الغبـــــــــــراء
وزمن الصحابة خير القرون، روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) نحن باختصار ننتمي لسلف من الأخيار والأطهار.
انه اختيار الله لنا بأن يشملنا بخير دين إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( البقرة: 132)، وجُمعتنا التي جمَّعتنا هي خير الأيام ولا فخر، روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة".
كل هذه الخيرية والخير ويأتيك من بني جلدتك من يريد أن يبدل نعمة الله كفراً ويستبدل الذي هو شرٌّ بالذي هو خير.
• أيها الأخ المبارك:
ليس طلب الخير للوطن والناس شعاراً يُرفع من قائم على رأس وظيفته ينهب، ولا هو دعاءً جامداً من مستقيل أُقصيَ أو فقد الأمل بالإصلاح وتهرَّب، إنما الخير والخيرية للوطن والأمة بخطوات عملية صادقة وحقيقية نبلغ بها معاني الخيرية مهما كلفتنا من جهد ووقت ومال ودماء وذرية.
• أيها الأخ المبارك:
انك بمجرد أن تكون مؤمنا صادق الإيمان على خير وخيرية ، وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ (البقرة: 221) فكيف لو تقدمتَ بخطوات جريئة نحو هذه الخيرية.
طوبى لمن كانوا يسارعون للخيرات وهم لها سابقون، وليس سبب الخيرية جاه ولا مال ولا نفخة كبر تحشو بها صدرك كما الشيطان يوم اعترض على الله ورفض السجود لآدم زاعماً انه خير منه قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (الأعراف: 12) ولو كانت الخيرية بثوب نلبسه أو منصب نحوزه أو طول وعرض ونسَب لصدق إبليس في دعواه إذ النار خير من الطين ، ولكن الخيرية في ميزان الله تختلف إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (الحجرات: 13) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله و الفضل العظيم .
• أيها الأخ المصلح :
يلزمك في طريق تحصيل الخيرية أن تديم اللجوء إلى الله فهو سبحانه مالك الخيرية بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمران: 26).
وإن مراتب الخيرية إنما تبدأ من رأس النظام ومَن دونه إذ الكل مسؤول، والكل مسؤول عن رعيته.
أتدرون مَن أهل الخيرية من الملوك والزعماء والولاة والقضاة ؟ إنهم أهل العدل والإحسان ففي الحكم والقضاء روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خيركم أحسنكم قضاء" .
بل اذهب أبعد من ذلك لتعلم بدقة متناهية مَن خير الملوك في الدنيا، روى مسلم عن النبيصلى الله عليه وسلم قال:" خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم(وانتبه هنا فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: تصلون عليهم ولم يقل تصلون لهم)، وشرار أئمتكم الذين تُبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم".
والذي نفسي بيده إن أنظمة العهر والفجور تبغض كل واحد فينا، ولو أحبونا لأقاموا شريعة الله فينا، وما حرمونا من نعيم القرآن والسنة في مستويات الحياة كلها ، ولو أحبونا لما أوصلونا إلى مرحلة التسول التي نعيش، حتى صرنا نتسول رزقنا وماء وجوهنا وكرامتنا، والله المستعان.
لقد كرهونا وأبغضونا ولعنونا، ونحن نبادلهم شعوراً بشعور، فلا والله ما هم خيارنا، ولا يرقوا حتى إلى منزلة الأشرار فينا...إلا (مَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة: 39).
• أيها الحاكم والمحكوم:
إن قربك من القرآن تعلماً وتعليماً وتحاكما وتحكيما دليل على قربك من مركب الخيرية ولا فخر، روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" خيركم من تعلم القرآن وعلمه" وجزا الله خيرا القائمين على جمعيات القرآن لأن قصدهم ردّ الأمة لخيريتها المسروقة المنهوبة.
وإني أبشر كل إنسان تاب وآب بعد أن أوغل في الفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي ظلما وسكرا وزنا وعربدة وسلبا ونهبا، أبشركم أيها التائبون الجدد فأنتم على طريق الخيرية المباركة، إن سرتم في طريق المصلحين، روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا".
• معاشر الموحدين:
إن حرص المسلم على التميز والتقدم في كل ميدان من ميادين الطاعة مطلوب، فهو الأول مصليا والأول مزكيا والأول ذاكرا وهو القدوة لمن خلفه من المسلمين كل ذلك يبلغ به منازل الخيرية، فالأول خير (ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله).
روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها".
ولست أقصد أن تكون في المسجد أولا فقط وتكون أخيرا في بيتك وعند أهلك لأن هذا تناقض وانفصام لا نرضاه، إنما أنت الأول والأفضل حيثما حللت وارتحلت، ولا خير فيمن كان خيره للناس دون أهله وذويه وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه الترمذي بسند صحيح قال: (خيركم خيركم لأهله ) وكان القدوة لنا يوم قال : وأنا خيركم لأهلي، فهل خير ساستنا لأردننا أولاً، أم أن خيرهم لغيرنا، وشرهم لنا، تجدهم رحماء على الكافرين أشداء على المصلحين، أو أذلة على اليهود والمعتدين أعزة على المصلحين.
• أيها الأخوة في الله:
تخيلوا معي مجتمعا يسوده الصدق والأمانة والخلق الرفيع ، تخيلوا ملكاً صادقا يملك إرادته وإدارته، تخيلوا وزيرا أمينا، تخيلوا تاجرا صدوقا وسائقا أمينا ومعلما مخلصا وأبا رحيما وأخا كريما تخيلوا مجتمعا يحب الواحد فيه لأخيه ما يحب لنفسه ، إنه مجتمع الفضيلة والخيرية وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الترمذي بسند صحيح بقوله :" خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره " كل هذا عند الوفاق والاتفاق، أما عند الاختلاف والافتراق فتتأكد الخيرية بيننا، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه البخاري بقوله:"وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"، فنحن مجتمع واحد متآلف يجمعنا رب واحد وهمٌّ واحد ولا خير فيمن يعزز القطيعة بين شرقي وغربي ولا بين شمالي وجنوبي، ولا خير فيما يزاود على الشرف والوطنية وهو الذي يتاجر فينا لصالح أمريكا واليهود، ولا خير فيمن يقيل وزارات وحكومات، ويأتي بأخرى على حساب الوطن استرضاءً كجرعة من المسكنات، ولا خير فيمن يمثل دَور حامي العقيدة والمقدسات والساتر على الأعراض والعورات، وهو كالثعلب فينا ، مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا.
• معاشر الموحدين:
أقول للذين يشتغلون بأجر أو تطوع لصالح جهات مشبوهة هنا وهناك أقول لهم لقد حرمتم أنفسكم من شرف الخيرية يوم أرخيتم أسماعكم وحرَّكتم أقلامكم دسَّاً وجسَّاً على عورات المسلمين، لا خير فيكم حتى لو حججتم وصمتم وصليتم ، فكل عبادة لكم مغشوشة ولن ينالكم من الأطهار إلا الذم واللعنة صباح مساء، أما الخيرية فهي لمن نأمن جانبهم ويحفظون غيبتنا ، روى عن الترمذي بسند صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم من يُرجى خيره ويؤمن شره ، وشركم من لا يُرجى خيره ولا يؤمن شره".
يتبع