المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مجلة صوت الأمة.. العدد 13



عبد الواحد جعفر
29-04-2012, 09:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الافتتاحية
منذ مطلع الثمانينات والأمة الإسلامية تتطلع إلى الإسلام عقيدة ونظاماً، وترنو إلى العيش على أساسه، وأصبح الرأي العام في العالم الإسلامي يميل بشكل واضح للإسلام، وغاضت من حياة الناس القومية والوطنية والاشتراكية والرأسمالية، وظلت أميركا بوصفها الدولة الأولى في العالم، وبوصفها المهيمن على منطقة العالم الإسلامي وصاحبة النفوذ فيه، تراقب منطقة العالم الإسلامي وما يطرأ عليه من تحولات، والأفكار التي غاضت منه، والأفكار التي أصبحت طاغية فيه.
فأدركت أميركا أن الإسلام هو عدوها الأول وخصمها الأوحد في المنطقة، وأنه يشكل خطراً على وجودها ويضرب مصالحها، فحملت حملته، وأخذت تحارب فيه عن طريقين؛ الأول طريق تشويهه، وربطه بالإرهاب، ووصمه بالتطرف والتشدد، وادعاء عجزه عن حل جميع مشاكل الحياة، والتشكيك في نظام الحكم، ونظامه الاقتصادي، وضرب مفاهيم وقيم نظامه الاجتماعي. أما الثاني: فقد قادت حملة لتركيز مفاهيم الحضارة الغربية لدى المسلمين، واعتبارها البديل لما يحملون من أفكار وأحكام الإسلام. فنشطت إعلامياً عبر الماكينة الإعلامية التي تسيطر عليها، ونشطت فكرياً عن طريق مراكز الدراسات والأبحاث، ونشطت سياسياً عن طريق ما أسمته المنظمات غير الحكومية، والتي عرفت فيما بعد بمنظمات المجتمع "المدني" في تركيز أفكارها، ونشرها بين المسلمين. وحتى تنجح في تمرير أفكارها التي تناقض الإسلام عمدت إلى مقابلتها بما يكرهه الناس من أفكار تروج لعظيم ضررها وخطئها، أو بإيجاد دعاية لأفكار أخرى وتوجد لها جواً عند المسلمين مما يمكن من النجاح في فرض فكرتها.
ومن أهم الأفكار التي دعت وتدعو لها هي فكرة الديمقراطية التي تعني حكم الشعب للشعب، غير أنها أخذت تدعو لها بديلاً عن الاستبداد والظلم والقهر الذي تمارسه أنظمة المنطقة. كما عمدت إلى الدعوة للتعددية السياسية، واعتبار وجود أحزاب سياسية متنوعة، سواء أكانت تحمل الإسلام "المعتدل" أم تحمل الاشتراكية أم الرأسمالية، أم تمثل الأقليات العرقية أو الطائفية، اعتبار وجود هذه الأحزاب والمنظمات أمراً حتمياً، وهذا يستدعي أن يقوم نظام الحكم على التعددية، وليس على حكم الحزب الواحد، كما هو حاصل فعلاً في البلاد العربية. ثم أخذت تدعو لـ"حقوق الإنسان" وأخذت تشكل منظمات دولية وأخرى أهلية بمتابعة جميع أشكال الاعتداء على "حقوق الإنسان" والتي تركز فيها على حق الإنسان في اختيار دينه، وحقه في التعبير عن رأيه، وحقه في حرية التملك، وحقه في حريته الشخصية. واتخذت مسألة "حقوق الإنسان" ذريعة للتدخل في شؤون الدول، وفرض املاءاتها عليها، وإصدار تقارير سنوية لبيان مدى التزام هذه الدول بمعايير "حقوق الإنسان". ومن الأفكار التي أخذت تدعو لها فكرة "السوق الحر" لتركيز مفاهيم الاقتصاد الحر، الذي يقوم عليها الاقتصاد الغربي. وبذلك تضمن أميركا إبعاد الناس عن الإسلام واعتناقهم لفكرتها، وعيشهم على حضارتها.
ومن أهم الأفكار التي تدعو أميركا لها فكرتا "المجتمع المدني" و"الدولة المدنية"، وهذان المصطلحان غربيان، ولم يستعمل المسلمون هذه المصطلحات في حياتهم، حتى نشطت أميركا وأدواتها في نشر هذه المصطلحات، وهي تعني المجتمع أو الدولة التي تفصل الدين عن الحياة، وهي تريد تعزيز منظومتها الفكرية في منطقة العالم الإسلامي بتأكيد فصل الدين عن الحياة، أي إبعاد الإسلام عن شؤون الحكم والدولة. وحتى تنجح في ذلك أخذت تعقد المقارنات والمفاضلات بين الدولة المدنية الحديثة في أوروبا، وبين الدولة الدينية التي كانت سائدة في العصور الوسطى، رغم أن صورة الدولة الدينية الاوروبية في العصور الوسطى لم يعرفها المسلمون ، والاسلام لا توجد به سلطة زمنية وأخرى روحية ، والخليفة لا يشبه الباباوات ، فهو لا يشرع وانما ينفذ تشريع الله ، ولكن المقصود تضليل المسلمين عن صورة الدولة في الاسلام ، ولتنفير المسلمين من جعل الإسلام أساس الدولة وأساس حياتهم.
ومن جانب آخر أخذت تمرّر هذا المصطلح على المسلمين على اعتبار أن الدولة المدنية تقابل الدولة المتخلفة، والدولة العسكرية، حتى تخدعهم ليطالبوا بالدولة المدنية.
والإسلام كما أنه ليس دولة دينية "ثيوقراطية" فإنه كذلك ليس دولة "مدنية"، والدولة في الإسلام هي كيان تنفيذي لمجموعة القناعات والمفاهيم والمقاييس التي يحملها المسلمون، وبمعنى آخر: هي
كيان سياسي تنفيذي لتطبيق أحكام الإسلام وتنفيذها، ولحمل دعوته رسالة إلى العالم بالجهاد.
وهي ليست إلهية ولا مقدسة، وتستمد سلطتها من الأمّة؛ لأن السيادة وإن كانت للشرع ولكن الحكم والسلطان للأمّة تنيب عنها به الدولة وهي منفِّذة للشرع وليست حاكماً مقدساً، فإن لكل مسلم محاسبتها فيما تقوم به من أعمال. وأوامر الدولة الإسلامية هي مع كونها أحكاماً شرعية تتبناها من الفقه الإسلامي فإنها ليست مقدسة لا تقبل جدلاً بل هي آراء وأفكار وأحكام إسلامية تقبل المناقشة، بل هي قابلة للتغيير والتعديل والإلغاء باجتهاد صحيح.
وهي ليست دولة مدنية تفصل الدين عن الحياة، ولا دولة دينية بالمفهوم الغربي للدولة الدينية؛ ذلك أن الإسلام دين ومنه الدولة، والأحكام التي جاء بها هي معالجات لجميع نواحي الحياة، فهي لا تقتصر على علاقة العبد بربه، وإنما تتجاوز ذلك إلى كل جزئية من جزئيات الحياة، تعالجها علاجاً صحيحاً.
والسيادة في الدولة الإسلامية هي للشرع، وليس للإنسان، فالنظام يؤخذ من الشرع، ولا يضع الإنسان نظامه مطلقاً، وطبيعة الإنسان تقضي بأنه لا يستطيع أن يضع نظامه؛ لأنّ عقله عاجز وناقص ومحتاج، وفهمه لتنظيم إشباع حاجاته وغرائزه عرضة للتفاوت والاختلاف والتناقض والتأثّر بالبيئة التي يعيش فيها، فإذا ترك ذلك له كان النظام عرضة للتفاوت والاختلاف والتناقض، وأدى إلى شقاء الإنسان، فلا بدّ أن يكون النظام من الله تعالى. ولا يكون النظام من الله تعالى إلا إذا كانت السيادة للشرع، وليس للإنسان. ولذلك كانت الدولة الإسلامية دولةً السيادة فيها للشرع وليس للإنسان.
وهي دولة سياسية، ليست لها قداسة ولا لرئيسها صفة القديسين. فهذا عمر يقول للناس من رأى فيّ اعوجاجا فليقوّمه، فيجيبه أحدهم لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بحد سيوفنا. فلا يزيد عمر على أن يقول، الحمد لله الذي جعل في أمة محمد من يقوم اعوجاج عمر بحد السيف. فأي قداسة لهذا الخليفة مع أنه عمر بن الخطاب؟!
ومن هنا نجد أن الإسلام نظام للحياة كامل متكامل. ونظام الحكم فيه فريد لا يشبه غيره، ولا غيره يشبهه، لأنه نظام يقوم على أساس روحي، وهو أحكام شرعية مستنبطة من أدلتها التفصيلية، وقد جعلت الدولة فيه هي الطريقة لتنفيذ أحكامه، وحفظ أهدافه العليا لصيانة المجتمع. فهو حين يخاطب كل فرد بعينه، فعلى الفرد أن يقوم بما خوطب به، قيامَ المؤمن بدينه، المتقي لربه، ولكنه حين يخاطب المسلمين بوصفهم جماعة، ويطلب منهم القيام بعمل بوصفهم جماعة لا بوصفهم أفراداً، كقوله تعالى: (السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) فإن هذا الخطاب موجه للمسلمين بوصفهم جماعة، وعليهم جميعاً يقع إثم تعطيل هذا الحكم، وكذلك الخطاب الموجه للرسول بصفته رئيس دولة، أو قائداً للجيش، أو راعياً للأمة فهو خطاب للمسلمين بوصفهم جماعة، وكذلك بقية الأحكام المتعلقة بالحكم والسياسة والاقتصاد والاجتماع ورعاية الشؤون والعقوبات وغيرها فإن إثم تعطيلها يقع على عامة المسلمين الذين لا يعملون جدّياً إلى تطبيقها. لذلك كان لا بد من أن ينيب المسلمون عنهم من يقوم بهذه الفروض وينفّذ هذه الأحكام، فيسوس الأمّة، ويرعى الرعية، ويحمي بيضة الإسلام، ويقيم الحدود، ويحمي الثغور، ويحمل رسالة الإسلام إلى العالم، ويتعامل مع الشعوب والأمم الأخرى تبعاً لهذه الأحكام والقواعد التي جاء بها الإسلام.

عبد الواحد جعفر
29-04-2012, 09:50 PM
اليمن ونهاية الانتفاضة

رغم دعوات الحوثيين وبعض فصائل الحراك الجنوبي وجزءٍ من شباب الانتفاضة بمقاطعة الانتخابات في اليمن إلا أن أميركا نجحت في حشد الرأي العام الداخلي والخارجي بالمشاركة في انتخاب نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيساً توافقياً لليمن مدة سنتين يُصاغ خلالهما دستور ونظام انتخابي جديدان، وتجرى خلالهما انتخابات تشريعية. إن نتائج الانتخابات سواء شارك فيها الناس أم قاطعوها هي مجرد تحصيل حاصل لما أرادته أميركا من خلال المبادرة الخليجية للمحافظة على مصالحها في اليمن ودول الخليج وعلى رأسها السعودية. لقد نجحت أميركا من خلال هذه المبادرة وما ترتّب عليها من قانون الحصانة والإنتخابات في إنهاء "انتفاضة اليمن" بعدعام من انطلاقها.
فرغم كل الخسائر في أرواح الناس الذين قضوا أثناء المظاهرات والإعتصامات، كشفت تلك الإنتخابات أن القادة الفعليين للإنتفاضة سواء من الشباب أو الأحزاب كانوا مجرد أدوات في يد أميركا مثلهم في ذلك مثل نظام علي صالح. فهذه توكّل كرمان التي كرَّمها الغرب بجائزة نوبل للسلام وأحد ما يسمى بزعماء الثورة وعضو سابق في جماعة الاخوان المسلمين، وفي حزب الإصلاح دعت للمشاركة في الإنتخابات وترشيح الرئيس هادي بدعوى القضاء على حكم صالح. وهذا اللواء علي محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية في الجيش اليمني والذي انشق عن صالح "لحماية الثوار" أعلن تأييده للمرشح الرئاسي منصور هادي، داعياً اليمنيين إلى انتخابه. وقبل ذلك دعت التنسيقية العليا للثورة اليمنية التي تضمّ عدداً كبيراً من ائتلافات الانتفاضة بتاريخ 6 شباط/فبراير إلى التفاعل الإيجابي مع الانتخابات الرئاسية المبكرة باعتبارها تحقّق الهدف الأول من الثورة وتكفل إزاحة نظام الرئيس علي عبد الله صالح عن الحكم وإلى الأبد بطريقة سلمية تجنّب اليمن مخاطر الانزلاق في حرب أهلية.
هذا في الداخل أما في الخارج فقد سبق وأن أصدر سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والخليج العربي أوائل شهر ؟؟؟ ، بيانا يدعو صنعاء إلى مطالبة اليمنيين بإنجاح الاقتراع. وتعهد الاتحاد الأوروبي بإرسال 9.2 ملايين دولار لدعم العملية الانتخابية، وبحشد بعثة خبراء مستقلين لمراقبتها. أما السفير الأميركي في اليمن جيرالد فايرستاين فقد ذكر خلال مؤتمر صحفي الخميس 16/2/2012 قائلاً: "إن مقاطعة الحوثيين والحراك الجنوبي لن تؤثر على العملية الانتخابية". وتابع بالقول أن "إعاقة الناس عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية دليل على الضعف وليس على القوة". وأضاف بأن الانتخابات تعدّ واحدة من"الإنجازات الإيجابية" في سبيل تنفيذ اتفاق المبادرة الخليجية وآليتها. وأكّد السفير أن الانتخابات ستكون بداية المرحلة الانتقالية وليس نهايتها وبأنّ "هناك التزامًا إقليميًا ودوليًا بإنجاح الانتخابات الرئاسية المبكرة، ونعمل مع حكومة الوفاق في سبيل إنجاحها وضمان مشاركة أكبر قدر ممكن من الناخبين في عملية التصويت يوم الاقتراع".
ومن جانبه وصف سفير الاتحاد الأوروبي ميكيلي سيرفينه دورسو مقاطعة فصائل في الحراك الجنوبي للانتخابات بـ"الخطأ" وأعلن عدم القبول بفرض القوة لمنع الانتخابات وقال أن القضية الجنوبية هي إحدى القضايا الرئيسية في عملية الحوار الوطني التي ستلي الانتخابات، وأكد وقوف المجتمع الدولي مع الحكومة "لكي تكون عملية الحوار الوطني ذات مصداقية ولكي تؤخذ وجهات النظر بعين الاعتبار". وأشار إلى أن قوى الحراك الجنوبي قوى مبعثرة و"لا توجد مجموعة منفردة في الجنوب لتتحدث باسمه". وقال أيضاً "إذا ذهبت إلى المحافظات الجنوبية سواء في عدن أو الضالع أو حضرموت فلن تجد رؤية موحدة".
هذا قبل الإنتخابات، أما بعدها فقد رحبت الولايات المتحدة الأميركية بسير الإنتخابات الرئاسية اليمنية، مؤكدة استمرارها والمجتمع الدولي في دعم اليمن فيما يعمل على تطبيق الإصلاحات ومواجهة التحديات. وأصدرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بياناً قالت فيه "باسم الولايات المتحدة، أود أن أهنئ الشعب اليمني على الإنتخابات الرئاسية الناجحة". وأضافت كلينتون "هذه خطوة مهمة أخرى على طريق عملية الانتقال الديمقراطي. واستمراراً للعمل المهم من أجل الإصلاح السياسي والدستوري". وشدّدت على أن هذه الانتخابات "توجه رسالة واضحة بأنّ الشعب اليمني يتوق لمستقبل ديمقراطي". لكنّ وزيرة الخارجية الأميركية أكّدت أنه "لا يزال ثَمّةَ عمل لا بد من القيام به، وسيجتمع اليمنيون في مؤتمر حوار وطني لمعالجة المسائل الحساسة المتعلقة بالوحدة الوطنية والتركيبة الأساسية للحكومة والمجتمع اليمني، في ظل اتخاذ خطوات لمعالجة التحديات الإقتصادية والإجتماعية والإنسانية الملحّة".
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا هو: ما الذي مكّن أميركا من إسدال الستار على "انتفاضة اليمن" ووضع حد لها بعد كل تلك الخسائر في الأرواح والأموال؟
في الواقع هناك عوامل عديدة سهّلت لأميركا التحكّم بداية ونهاية بمجريات "الثورة في اليمن"، نذكر أهمها كالتالي:

1) منذ بدء أحداث انتفاضة اليمن أظهرت أميركا تمسّكها بنظام علي صالح إلى أن وقعت مجزرة 18 آذار/مارس 2011 وما تبعها من انشقاقات كبيرة في الجيش والحزب الحاكم وعلى مستوى القبائل وبخاصة قبيلة حاشد. ومنذ ذلك الوقت تخلت أميركا عن عبد الله صالح لكنها كانت تبحث عن مخرج آمن له وانتقال سلمي وسلس للسلطة. فكانت مبادرة صالح ثم المبادرة السعودية وأخيراً المبادرة الخليجية التي هرعت إليها أحزاب اللقاء المشترك وعلى رأسها حزب الإصلاح، فقصمت أميركا بذلك ظهر التحركات الشعبية وأعطت متنفساً للنظام حتى يرتب أوراقه. فقد كان أكثر ما تخشاه أميركا هو دخول اليمن في حالة من الصراع العسكري على الأرض والنفوذ بين ما يسمى بمجاهدي القاعدة وتيار الحوثيين في الشمال وميليشيات الحراك الجنوبي، مدعومين جميعاً بقبائلهم المسلحة. وما يعنيه ذلك من إمكانية حدوث حرب أهلية أو انفصال يهدّد الإستقرار الذي تريده أميركا بل يبدو أنها تراه ضرورياً في الوقت الحالي وخلال الفترة الإنتقالية للحفاظ على مصالحها في اليمن ودول الخليج. ولذلك ضغطت أميركا على النخبة الحاكمة في اليمن وعلى رؤساء الأحزاب والقبائل وقادة الجيش وزعماء الإنتفاضة مباشرة أو عن طريق السعودية وأفهمتهم أن قضية الإستقرار في اليمن خطّ أحمر لا يمكن تجاوزه.
وبناء عليه تعدّ هذه الإنتخابات الرئاسية طوق النجاة بالنسبة للمصالح الأميركية في اليمن والخليج. فقد نقلت صحيفة الحياة عن مسؤول أميركي رفيع لم تسمّه قائلاً: إن هناك فرصة حقيقية لانتقال نوعي وبمساعدة آلية الدول العشر ومجلس التعاون الخليجي والدعم الروسي. وعن المرحلة الانتقالية، ذكر المسؤول أن آلية الدول العشر لمساعدة اليمن "فاعلة جداً اليوم" وسيكون لها دور في استكمال بناء الشراكة ودعم مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في مرحلة ما بعد الانتخابات. وشدّد المسؤول على أن واشنطن تريد انخراطاً والتزاماً منهجياً في مساعدة اليمن، وليس انتظار أزمة أخرى للتحرك. وردّاً على سؤال حول الدعم الروسي للمبادرة اليمنية ومساعدتها في المرحلة الانتقالية، قال المسؤول الأميركي "نتوقع من روسيا أن تكون داعمة. إن خوف الروس الأكبر هو من حصول تدخل عسكري خارجي أو تغيير للنظام أو فرض حلّ على اليمنيين، وهذا لم يحصل اطلاقاً". وأضاف إن "الحل (في اليمن) هو تفادى العنف الذي نراه في سورية اليوم. وهذه العملية صنعت في اليمن". أما فيما يتعلق بالأطراف التي تتصارع على الأرض عسكرياً وسياسياً مع النظام فقد أبدى المسؤول الأميركي قلقه أولاً من تنظيم "القاعدة" بعد "توسيع التنظيم رقعة امتداده مستفيداً من الاضطرابات"، ومضيفا أن التنظيم يحاول إفشال مرحلة الانتقال السياسي وأن "القضاء عليه سيأخذ وقتاً"، ومنوهاً بالتعاون الاستخباراتي "الممتاز" بين واشنطن وصنعاء حتى في غياب صالح.
ثانياً يرى المسؤول أن مسألة المتمردين الحوثيين في الشمال "يمكن حلّها عبر التفاوض، وليس باستمرار النزاع" .
وثالثاً يشير المسؤول إلى أن الانتخابات الرئاسية تتيح "فرصة حقيقية للعيش في يمن موحّد، وربما ذي طابع فدرالي أكثر، بشكل يوفّر التوازن بين مجموعاته وتطلعاتها".

2) ـ السعودية: تمتلك السعودية تأثيراً كبيراً في اليمن داخل كل من النظام الحاكم وأحزاب المعارضة وبخاصّة حزب الإصلاح مادياً ومعنوياً وبوسائل متعددة أهمها نفوذها بين زعماء القبائل والعشائر. إن السعودية تخشى دائماً من أي نظام في اليمن لا يمكنها التحكم فيه عبر رؤساء الأحزاب وقادة العشائر، والذي يخشى منه آل سعود أكثر هو أن يمتدّ زخم "انتفاضة اليمن" إلى تحريك الأوضاع السياسية الراكدة في الداخل السعودي. ولذلك عملت السعودية جاهدة بدعم من الولايات المتحدة على ضبط إيقاع التحركات الشعبية وتصرفات النظام والجيش في اليمن لضمان قيام سلطة منبثقة من هذه الإنتخابات ترضي الإحساس بالتغيير عند الناس وتضمن الحفاظ على مصالح أميركا وفي نفس الوقت تحدّ من حركة الحوثيين المرتبطين بإيران والذين يتردد صداهم في الأوساط الشيعية السعودية. ولذلك ليس غريباً أن تقوم السعودية بالتدخّل عسكرياً في البحرين من خلال قوات درع الجزيرة بدعم من أميركا كحركة استباقية تحول دون سقوط أسرة آل خليفة، باعتبارها أضعف الأسر الحاكمة في دول الخليج كلّها.

>>> يتبع

عبد الواحد جعفر
29-04-2012, 09:50 PM
<<< تابع

3) ـ النظام اليمني: رغم الإنقسام الذي حدث في داخل نظام علي صالح على مستوى حزب المؤتمر الشعبي الحاكم والمؤسسة العسكرية إلا أنه استطاع أن يصمد الوقت الكافي حتى يُعدّ خليفةً له على مستوى هرم السلطة. ويرجع الفضل في ذلك زيادة على الدعم الأميركي والسعودي إلى تماسك أهم أجهزة الأمن والمخابرات وقوات الحرس الجمهوري التي يسيطر عليها أقارب علي صالح. فنجل الرئيس أحمد علي عبد الله صالح هو قائد قوات الحرس الجمهوري، أما أخ الرئيس غير الشقيق محمد صالح الأحمر فهو قائد القوات الجوية، كما أن الأخ الثاني غير الشقيق للرئيس علي صالح الأحمر يشغل منصب مدير مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة ويشرف بشكل مباشر على عمليات قوات الحرس الجمهوري منذ بداية الإحتجاجات في شباط/فبراير من العام الماضي، ويشغل يحيى محمد عبد الله صالح، ابن شقيق الرئيس، منصب رئيس أركان حرب قوات الأمن المركزي والمسؤول الأول عن قوات مكافحة الإرهاب التي تلقت دعماً مادياً وتدريباً عسكرياً أميركياً عالي المستوى على مدى السنوات العشر الماضية. كما يدير شقيقه طارق القوات الخاصة المنضوية ضمن قوات الحرس الجمهوري، ويعتبر شقيقهما عمار محمد عبد الله صالح وكيل جهاز الأمن القومي المسؤول الأول عن ملف التعاون الاستخباراتي بين الحكومتين اليمنية والأميركية في مجال مكافحة الإرهاب.

بالإضافة إلى هذه السيطرة الأمنية، فإن عائلة صالح من أنسابه وأقاربه تدير عدداً من مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والاقتصادية والمدنية، وتتحكم بمفاصل كثيرة في الإقتصاد وبنفوذ قبليّ كبير مثل توفيق صالح عبد الله، أحد أبناء إخوة الرئيس علي صالح، الذي يدير شركة التبغ والكبريت الرسمية ذات الدخل الإنتاجي العالي. ولذلك فمن المتوقع أن تحتفظ أسرة علي صالح ومناصروه السياسيون والقبليون بوجودٍ قويّ في اليمن وسيلعبون على الأرجح دوراً مهمًا في كل ما ستسفر عنه نتائج الإنتخابات. ولقد أدرك علي صالح أن المبادرة الخليجية تمثّل طوق نجاة بالنسبة له ولأسرته ونفوذهما في اليمن، مستغلاً في ذلك مخاوف السعودية من الحوثيين وتأثير ثورتهم مجدداً على شيعة السعودية .
وبالنظر إلى تلك المراكز الحساسة التي يسيطر عليها أقارب علي صالح فإن مسألة إقالة هؤلاء إضافة إلى اللواء المنشقّ عن الجيش علي محسن الأحمر وإعادة هيكلة الجيش والمؤسسات الأمنية وفقاً لأسس وطنية ومهنية بعيداً عن النفوذ الأسري والقبلي هو التحدي الأكبر أمام المبادرة الخليجية.

4) ـ الأحزاب: بعد انطلاق المظاهرات التي كان يقودها شباب يدعون فيها للإطاحة بنظام علي صالح وعائلته ونجاحهم في كسب قاعدة عريضة من التأييد والمساندة الشعبية في ظرف وجيز، استشعرت الأحزاب السياسية وخاصة "أحزاب اللقاء المشترك" أن فرصتها في الخروج من هيمنة علي صالح وحزبه وعائلته تكمن في ركوب هذه "الثورة الشبابية". فقد كان أقصى ما طالبت به تلك الأحزاب في السابق هو عدم ترشّح صالح لانتخابات 2013 أو ترقية ابنه أحمد للرئاسة. وبمجرد اندلاع أحداث الإنتفاضة هرولت هذه الأحزاب وبخاصّة أكبرها وهو حزب الإصلاح في تأييد ومساندة التحركات الشعبية وذلك حتى تستفيد من المكاسب والإنجازات التي سوف تنجز من وراء تضحيات ودماء الناس. وما إن دفعت أميركا بالمبادرة الخليجية للوجود حتى تمسكت بها أحزاب اللقاء المشترك في الوقت الذي ظلّ علي صالح يراوغ في قبولها حتى حققت له مراده في الحصانة القانونية من أية ملاحقات وعدم المساءلة عن ممتلكاته بينما رأت هذه الأحزاب أنها قد نجحت في التخلّص من شخص الرئيس علي صالح وتحديد موعد لانتخاب رئيس توافقي.
إن موقف الأحزاب السياسية في اليمن ليؤكّد أنها مرتهنة لأميركا من خلال النفوذ السعودي عليها، مثلها في ذلك مثل نظام علي صالح. وإذا كان هذا الأخير قبل بالمبادرة الخليجية لإنقاذ نظامه من التهاوي والسقوط على يد التحركات الشعبية فإن أحزاب اللقاء المشترك قد قبلت بالمبادرة للمشاركة في الحكم على حساب دماء وتضحيات الذين سقطوا على يد النظام طوال عام كامل.

5) ـ الجيش: كانت مذبحة المحتجين في 18-3-2011 من قبل قوات تابعة لصالح والتي تسببت في قتل 52 شخصاً نقطة تحوّل في موقف أميركا من بقاء علي صالح في الحكم لفترة أطول، وهنا أوعزت إلى السعودية باستعمال نفوذها في اليمن لمنع خروج الأحداث عن السيطرة أو تحول البلاد إلى الإقتتال الداخلي بسبب الولاءات القبلية وثقافة الثأر. وبالفعل أعلن اللواء علي محسن الأحمر في 21 آذار/مارس من العام الفائت انشقاقه ودعمه وحمايته للمحتجين الذين يسعون إلى إزالة الرئيس من السلطة. ثم كان انضمام كبير مشايخ "اتحاد قبائل حاشد" صادق الأحمر إلى دعم المحتجين، كل ذلك من شأنه أن يسحب فتيل إمكانية توجه اليمن نحو الصراع القبلي أو الإحتراب الداخلي.
إن المتابعة الدقيقة لأحداث "انتفاضة اليمن" تظهر بجلاء أن أميركا قد وضعت خطة للتحكم بمسار الأحداث وباشرت السعودية في تنفيذه من خلال نفوذها القوي في الأحزاب والقبائل والسلطة اليمنية وعبر المبادرة الخليجية وذلك بغية تثبيت المصالح الأميركية مع إدخال مسحة من التغيير عبر رحيل صالح من السلطة. أما حيثيات هذه الخطة فهي أن يقوم علي محسن الأحمر بانشقاق عسكري شكلي ويعلن انضمامه للثورة بحجة حمايتها فيما يتزعم حميد الأحمر (حزب الإصلاح) صدارة المعارضة ويقفز على الإنتفاضة. والغاية من وراء ذلك هو كسب ثقة المحتجين والمتظاهرين ومن ثم السيطرة على القرار في الشارع وساحات الإعتصام وجرّهم في آخر المطاف إلى اتفاق تقاسم السلطة بين المعارضة وما تبقى من نظام صالح. وذلك مقابل حصول علي عبد الله صالح وأفراد عائلته على ضمانات من أية محاكمة أو حجز لثرواتهم.
إن أهم التحديات التي تواجه أميركا في اليمن هو أن يتمكن الرئيس الجديد من تطهير المؤسسات الأمنية والعسكرية من أقارب صالح أو ما سمّته المبادرة الخليجية بإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية. إلا أنه ليس من السهل أن يتخلى أقارب صالح عن امتيازاتهم العسكرية والأمنية والإقتصادية. ولذلك فأغلب الظن أن اليمن سيشهد موجة احتجاجات ومظاهرات أخرى عاجلاً أو آجلاً بعد أن يكتشف عامّة الناس، والشباب منهم بخاصة، أنهم قد استعملوا وقوداً لخطط أميركا في ربيعها العربي. ولتفادي ذلك وحفاظا على الاستفرار المطلوب في المرحلة الحالية، فإنه من المتوقع أن تعالج أميركا هذه المشكلة بإلقام قادة الحراك الجنوبي طعم الفدرالية للجنوب وإدماج الحوثيين والحركات السلفية "الجهادية" في الحياة السياسية وعلى مستوى الإدارات المحلية. أما عامّة الشعب فستغدق عليهم أميركا وعوداً بمشاريع الإستثمار في البنية التحتية ومكافحة الفقر، أسوة بالوعود التي قطعتها لأهل العراق وأفغانستان والصومال. وهذا مصداقاً لقوله تعالى: {وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا}.

عبد الواحد جعفر
29-04-2012, 09:52 PM
الفدرالية والإسلام
الفدرالية شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستورياً بين حكومة مركزية (أو حكومة فيدرالية أو اتحادية) ووحدات حكومية أصغر (الأقاليم، الولايات)، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة معتمد أحدهماً على الآخر وتتقاسمان السيادة في الدولة. أما ما يخص الأقاليم والولايات فهي تعتبر وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذيه والقضائية ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصاً عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية.
والفدرالية التي يجري الترويج لها بالتلازم مع ما يسمى بثورات الربيع العربي، إنما هي استكمال لصورة النظام الأميركي الديموقراطي العلماني الفدرالي.
والاتحادات، إما اتحاد شخصي، وهو أن تشترك دولتان فأكثر في شخص رئيس الدولة، وهذا النوع من الاتحاد لا وجود له عملياً منذ عقود طويلة، ولا يوجد ما ترتبط به دول الاتحاد سوى شخص رئيس الدولة الذي يوقع مراسيم كل دولة على حدة، ولذلك لا أثر له عملياً في الربط بين الدول.
والنوع الثاني هو الاتحاد الكونفدرالي (التعاهدي) وهو يربط بين دولتين وأكثر وأثره يظهر في (التنسيق) بين دول الاتحاد في السياسة الخارجية والدفاع، وهو يلي الاتحاد الشخصي من حيث ضعف أثره في الربط بين دول الاتحاد، وتمثل الجامعة العربية مثالاً للاتحاد التعاهدي (الكنفدرالي).
أما النوع الثالث فهو الاتحاد الفدرالي (الفعلي أو الحقيقي)، وهو يربط بين دولتين أو إقليمين أو أكثر في السياسة الخارجية والدفاع بحيث يكون لدول الاتحاد وزارة واحدة للخارجية، وجيش اتحادي واحد، ويتم تقاسم السيادة فيما عدا ذلك بين مركز الاتحاد والأقاليم، فهناك دستور وقوانين اتحادية ودستور وقوانين للإقليم، ولا يوجد في العادة تعارض بينهما، وذلك لأن أيهما يوضع أسبق يترك باقي الصلاحيات للآخر، وفي العادة يجري وضع دستور للإتحاد وتسن قوانين له، ثم تترك باقي الصلاحيات للأقاليم، ويجري وضع دستور للأقاليم وتسن قوانين بوساطة مجالسها التشريعية بما لا يتعارض مع قوانين الإتحاد. وتمثل الولايات المتحدة الأميركية مثالاً على الاتحاد الفدرالي، كما تمثل دولة الإمارات العربية مثالاً للاتحاد الفدرالي في المنطقة العربية.
وتطرح أميركا الفدرالية مؤخراً للرأي العام في منطقة العالم الاسلامي على أنها حل لمشكلة المركزية وتغوّل العاصمة على حساب الأطراف، ولكن الحقيقة إنها إنما تريد أن تزرع الإنقسام والإنفصال بين المسلمين، فهي تغذي الناحية المذهبية والعرقية، وترمي بأخوة الإسلام بعيداً عن أنظارهم، ثم تدلس على الناس بأحلام تداعب مفهوم الوحدة بين المسلمين مضللة إياهم بالدعوة لاتحادات فدرالية.
إلا أن الحقيقة التي يجب إظهارها وكشفها للأمة من الناحية الشرعية أن الفدرالية حرام شرعاً. فنظام الإسلام لا يقر الاتحادات بأشكالها كافّة؛ ذلك لأن نظام الإسلام إنما هو نظام وحدة وليس نظاماً اتحادياً، فدولة الخلافة لها رئيس واحد، ودستور واحد، وقوانين واحدة، والوالي في ولايات الدولة يستمد صلاحياته من الخليفة، والقضاة في الولايات يحكمون بقوانين الشرع، وأمن الولاية هو جزء من أمن الدولة الواحدة.
أما طرح الفدرالية من الناحية السياسية فهو بذرٌ لبذور الإنفصال بين أبناء الأمة الإسلامية الواحدة، حيث أن الإسلام يحدد ولاء من ينتمي إليه للعقيدة الإسلامية، ويحارب الولاء للعرق أو اللون ولا يجيز العداء بين اتباع المذاهب الإسلامية؛ لذلك فهي خطوة نحو الإنفصال التام كما حصل في جنوب السودان. هذا مع إدراك الفارق بين الواقع الجيوسياسي لدولة جنوب السودان وربط أميركا لها بمنطقة البحيرات الكبرى، ولذلك اغتالت أميركا جون غرنق بالتعاون مع يوري موسيفيني في يوغندا لأنه رفض الانفصال التام وكان يفضل النظام الفدرالي.
وفي بلاد المسلمين تحذر أميركا من طرح الانفصال بشكل مباشر، وذلك نظراً لحساسية قضية الانفصال.
فضلاً عن أن درجة الوعي السياسي والشرعي تمنعان أميركا من السير في الانفصال التام وتفضل السير في الفدرالية لأنها لا تستفزّ مشاعر المسلمين بشكل ظاهر في وحدة الأمة. وهذا هو الذي تكتفي به ما دام يحقق لها قدرة أكبر في التحكم في المسلمين وثروات بلادهم وتحقيق امتيازات عسكرية لها على الأرض ويشتت عمل الأمة نحو التخلص من نفوذ الكفار وإقامة الإسلام في واقعي الدولة والمجتمع.
وعليه فإن من مخططات أميركا في العالم العربي نشر الفدرالية، وهذا حكمه من الناحيتين الشرعية والسياسية حكم الانفصال.
وأكبر مثال على نتائج الدعوة للاتحاد الفدرالي هو بروز حكومة كردستان العراق وحكومتي بونت لاند وصومالي لاند. وهذا هو ما تسير فيه أميركا في قضية الصحراء الغربية وجنوب اليمن وكذلك في ليبيا التي وبعد عدة اجتماعات عقدها بعض مشايخ قبائل الشرق وزعماؤهم السياسيون يوم 6 آذار/مارس 2012 تم إعلان الفدرالية في إقليم برقة بحجة تهميش الأطراف وتغول المركز.
فهل بعد ذلك يسمح مخلص لنفسه بتأييد ما تطرحه أميركا والغرب الكافر بالدعوة للفدرالية وتمزيق المسلمين؟!

عبد الواحد جعفر
29-04-2012, 09:54 PM
"ثقافة المواجهة" في مواجهة "ثقافة الخوف"

الخوفُ إحساسٌ كامنٌ في الإنسان؛ خوفٌ من الموت، خوفٌ على الرزق، خوفٌ من المجهول... الخ. ويتجسد الخوف على هيئة مشاعر تموج داخل النفس الإنسانية، وبازديادها تتراجع الجرأة والشجاعة، فإذا طغت على النفس البشرية سيطر على الإنسان الرعب، فتُشلّ حركته ويعجز تفكيره.
ولأن الثقافة السائدة في المجتمعات هي أساس التصرفات والممارسات فيها، فإن الخوفَ يصبح "ثقافة" في المجتمع عندما تتضافر عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية وفكرية؛ فالقمع والاستبداد والتضييق في العيش عندما تبلغ درجات قصوى، ينتشر الخوف في المجتمع، وتصبح ثقافة الخوف هي الطاغية على الأفراد والجماعات، إذ تنتشر بعض العبارات المدمرة في المجتمع مثل"حط راسك بين الروس وقول يا قطّاع الروس"، وهناك من يروي هذا المثل بصيغة أخرى هي(حط راسك بين التيوس وقول يا قطّاع الروس)، و"امش الحيط الحيط وقل يا رب الستر"، "الحيطان لها آذان"، "عِيشة كَدَر ولا نُومة تحت الحجر".. الخ، مُشكِّلة ثقافة جديدة.
ولأن الخوف ثمرة خبيثة من ثمار القمع الخبيثة كلها، فإن الشعوب تبرّر لنفسها هذا الخوف، وبخاصة في ظلّ أنظمة مجرمة بكل معنى الكلمة، لا تتورع عن ارتكاب أحط أنواع الجرائم والإذلال والبطش ضد جميع أفراد الشعب، دفاعاً عن جبّار الأرض، فيلجأ معظم الناس لاتقاء (الشر) باتباع أسلوب "التَّقِيَّة" فيُعلِنون غير ما يُبطِنون، ويمجّدون من يحتقرون ، ويصفّقون لمن يَكرهون، ظناً منهم –عن حسن نيّة- أو قُل عن قلّة وعي، أنهم انما ينقذون انفسهم وأموالهم وأهليهم ، وأنهم بنفاقهم هذا للمجرِمين يبعدون عنهم أذاهم أو ينالون رضاهم وعطاياهم.
هكذا، وبهذه الثقافة؛ ثقافة الخوف، تترعرع أدوات النفاق؛ من مفكّرين وسياسيّين وكُتّاب ومعلّمين وإداريين... إلخ. وتُحكِم الأنظمة المجرِمة قبضتها وسيطرتها على الشعوب.
لقد عالج القرآنُ هذه المسألة، فوجّه نظر الإنسان باتجاه الذي يستحق حقاً أن يُخشى، وهو الله تعالى.
فالقرآن لم يُعِب الخوف الموجود في الإنسان، ولم ينتقد الخوف لذاته، ذلك أن الله تعالى يعلمُ مَن خَلَق، فهو خلق الإنسان وأوجد فيه غريزة البقاء، والخوف مظهر من مظاهر هذه الغريزة، أي أن الله أوجد في الإنسان الخوف، لهذا لم يَطلُبِ اللهُ منه أن يلغيها، وإنما طلب منه أن يوجِّه بوصلة الخوف نحو الاتجاه الصحيح؛ ألا وهو: الخوف من الله (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ) [التوبة: آية 13]، (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ) [الأحزاب: آية 37]
أي أن العلاج يكمن في عقيدتنا الإسلامية، العقيدة العظيمة التي أنزلها ربّ العالمين، العقيدة التي تربط الإنسان بخالقه وتخوّفه منه ومن عذابه. العقيدة التي تسمو بالمسلم وترتقي به من دَرَكات الدنيا إلى ملكوت السماء.
فالعقيدة الإسلامية تملأ النفس المؤمنة بالطمأنينة (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا) وتصنع منها خلقاً آخر أثبت من الجبال (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا).
فكان واجباً أن تستبدل الأمة الإسلامية ثقافة المواجهة بثقافة الخوف، وذلك بالوعي على آيات الله وأحاديث رسول الله_صلى الله عليه وسلّم_ التي تبين ذلك وتدعو له ؛ وعيًا يؤثر في المشاعر باستهداف غاية الغايات عند المسلم وهي رضا الله تعالى ويخوف من عذاب الله وسخطه، يغذي فيهم الشوق إلى الجنة وحبّ لقاء الله، حتى يصبح المسلم طاقة مؤثرة فيمن حوله حين تتّحد مشاعره بأفكاره مظهرة بجلاء، واقع الشخصية الإسلامية المتميزة عمّن سواها.
لقد عالج رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ الخوفَ عند أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه "بقوله يا أبا بكر ما ظنّك باثنين الله ثالثهما"؛ لنجد أروع ثمرات هذه المعالجة في حروب الردّة عندما قال أبو بكر: والله لأقاتلنّ من فرّق بين الزكاة والصلاة. فقيل له: ومع من تقاتلهم؟ قال: وحدي ، حتى تنفرد سالِفَتي.
وهاهو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يغذّي في المسلم حبّ لقاء ربّه راجياً الكرامة العظيمة التي أعدّها الله له، فيقول: "سيّد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب ورجلٌ قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله"، ويشوّقه لنعيم الآخرة بقوله: "طوبى للغرباء. قيل: من الغرباء يا رسول الله؟ قال: أناس صالحون في أناسِ سوءٍ كثير، من يَعصِِِيهم أكثر ممن يُطيعُهُم".
بل وكان ممّا أخذه عليه الصلاة والسلام على صحابته الكرام في بيعته لهم "وأن نقول الحق حيثما كنّا لا نخاف في الله لومة لائم".
ومن روعة البيان في القرآن أننا نراه يكرر وصفاً رائعاً .. يصف فيه من يقف الموقف الحق بأنه "رجل"، فيقول تعالى في سورة يس: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)، وفي سورة القصص يذكُر الله رجلاً لم يقُم إلا بعملٍ عظيم وإنما قام بالنصح والتحذير: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ)، وفي سورة غافر (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ)، وتكون الذروة في المدح بقوله سبحانه: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)
هذه هي العقلية التي يحتاجها المسلمون ، عفلية تنطق بالعقيدة أساسا لكل تصرف ، وهذه هي المشاعر التي يلزم وجودها عند المسلمين؛ مشاعر جيّاشة للقاء ربها، مشتاقة لنعيم الآخرة ، إلى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. فينطق المسلم بالحق لا يخشى في الله لومة لائم ، وتهبّ الأمة في وجه الظالم لتقوّم اعوجاجه ، لتأطره على الحق أطرا ، وتقصره عليه قصرا .
فالأمّة ينبغي أن تُدرِك أن هناك من اعتدى على سلطانها هي، وأن حقها أن تضرب على يده، فتُذَكَّر بقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: "لتأخذنّ على يد الظالم ولتأطرنّه على الحق أطرا ولتقصرنّه على الحق قصرا أو ليضربنّ الله قلوب بعضكم ببعض ثمّ يلعنكم كما لعنهم"، وأنها إن لم تفعل ذلك سينطبق عليها ما قاله الله تعالى في حقّ فرعون وقومه: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ) مع أن استخفاف الإنسان بآخر يجعل المستخَف به يتّخذ موقفاً عدائياً تُجاه من يَستخِف به، ولكنّ رضوخ وخنوع المستخَفِ به يوصله إلى مرحلة إلغاء كرامته حتى يصل إلى (فأطاعوه).
كما يذكَّر المسلم أن التزامه وطاعته الفردية لا تنجيه من العذاب الذي سيعُمّ الناس جميعاً، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب مثلاً رائعاً في هذا الجانب بقوله: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا. فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا" ففي هذا الحديث ترهيب صريح بتعذيب العامة بذنوب الخاصة.
وأمّا الطاعة التي أمر الله بها في الآية 59 من سورة النساء بقوله عزّ مِن قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)، فإنها مشروطة بطاعة الله ورسوله، إذ عَطَف الله طاعة أولي الأمر على طاعة الله ورسوله، ثم إن تتمّة الآية تُجْلي الأمر لمن عَمِيَ عليه (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) أي في أمر ما أو إجراء ما بينكم وبين أولي الأمر (فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) أي إلى المرجعية الوحيدة للمسلمين: الله ورسوله صلى الله عليه وسلم (ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا).
والرسول صلى عليه الصلاة والسلام يركّز هذا المعنى في نفوس المسلمين بقوله: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
لذلك، نجد هذا الفهم يتجلّى في خطبة أبي بكر الأولى عندما تولّى الخلافة، إذ خاطب الناس بقوله: أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله، فلا طاعة لي عليكم.
ولذلك ينبغي أن ينطلق الناس في محاسبة كل مَن عَلا شأنه دون خوف، وتبصيرهم بتاريخ أمّتهم؛ لأنّ العمل على تحويل هذه المحاسبة إلى نَفَس جماهيري، يقف سداً منيعاً أمام الظالم والمتجبّر لتكسِرَ جبروته، ولتقوّم اعوجاجه، لا تهاب إلا الله، ولا تبتغي إلا مرضاة الله، موقِنة أنّ ما أصابها لم يكن ليخطئها، وأنّ ما أخطأها لم يكن ليصيبها، ومُدرِكة أنّ عزّتها تبرز بمواقف العزّة والكرامة التي تقفها لا بمواقف الضعف والاستكانة.
نعم، هذه هي العقلية التي نحتاج لإيجادها في الأمّة، عقلية تنافي العقلية التبريرية، عقلية تدفع قدر الله بقدر الله وتفرّ من قدر الله إلي قدر الله.
وما أجمل ما قاله الشاعر محمد إقبال: المؤمن الضعيف يحتجّ بقَضاء الله وقَدَره، والمؤمن القوي يرى أنه قَدَرُ الله الذي لا يُغلب وقضاؤه الذي لا يُرَدّ.
هذا هو السبيل.. ونحن هم الرجال.. فهلمّ نعمل؟ (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [التوبة: آية 105] ..

عبد الواحد جعفر
29-04-2012, 09:55 PM
قراءة في كتاب
السنة والشيعة أمة واحدة
المؤلف: السيد علي الأمين.
نبذة عن المؤلف: السيد علي الأمين، مواليد 1952، وهو مفتي صور في لبنان، تتلمذ منذ صغره على كبار علماء النجف، وأجيز بالإجتهاد، و هو بارع في أصول الفقه، حيث كان والده رحمه الله من كبار علماء المذهب الجعفري، ومن المتقنين لعلم أصول الفقه.
الكتاب: صدر الكتاب في طبعته الأولى سنة 2011م ، وهو ثمرة حوارات تمت على شاشة فضائية المستقلة حيث أدار الدكتور محمد الهاشمي الحوار والذي نتج عنه تسطير الشيخ السيد علي الأمين هذا الكتاب.
وقد أجاب الكتاب على مجموعة واسعة من الاستفسارات حول أشهر المسائل التي خالف فيها بعض أتباع المذهب الجعفري مدلول النصوص الشرعية المأخوذة من الكتاب والسنة مثل مسألة الأئمة الإثني عشر ومعرفتهم الغيب، وكفر من لا يؤمن بإمامتهم، والولاية التكوينية لهم، ومسألة الإمامة (الخلافة) وغصبها من قبل الخلفاء الراشدين الثلاثة، والرأي في الصحابة رضي الله عنهم جميعاً، والرأي في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ....الخ. وقد كانت إجابة السيد علي الأمين واضحة مشفوعة بما يفهمه من الكتاب والسنة، وما يقبله العقل السليم من المقولات الملصقة أو التي يقول بها بعض علماء المذهب الجعفري. وقد أتبعَ نص الكتاب إجابات العلامة السيد علي الأمين على مجموعة وافرة من الأسئلة وكانت الإجابات صريحة وواضحة ومفصحة كذلك عن اعتقادات السيد واجتهاده ومحاكمته العقلية للمسائل التي تحتاج إلى حكم العقل.
وكأنموذج على إجاباته التي وردت في كتابه فإنه يصف حكم الشيخ المفيد _أحد علماء المذهب_ ومن تبعه ((بخلود الخلفاء الراشدين في النار والحكم بارتداد الصحابة لمخالفتهم لنص حديث الغدير، والحكم بعدم إيمان منكر الإمامة أو كفره)) بقوله بأنها من (الآراء التي تخص أصحابها القائلين بها وليست أساساً من أسس المذهب الشيعي) ويؤكد على الفصل بين الأحكام الشرعية ومسائل التاريخ، بل يقول (.. إن الآراء التي تحكم على أشخاص معينين أو جماعة خاصة تكون معدودة عند الفقهاء من الموضوعات التي لا يتعين على أهل التقليد الأخذ بها فضلاً عن غيرهم من أهل الإجتهاد ..). وهو يرد على دعوى الخلود في النار بقوله (..فهي مجازفة كبرى ورجم بالغيب واتباع للظن وكيف يصح الحكم على شخص بالخلود في النار بادعاء مخالفته نصوصاً اختلف المسلمون على تأويلها مع اختصاص العقاب في الآخرة بالله تعالى فهو يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء)، ويقول في أحد أجوبته: (أن منطق التكفير للمسلمين هو منطق مرفوض ولذلك قد نقل الإجماع عن علماء المسلمين قاطبة أنه لا يجوز تكفير أهل القبلة فكيف يجوز التطاول بالتكفير على أئمة المسلمين والخلفاء الراشدين؟!)، ويستشهد بقول الإمام علي كرم الله وجهه في موضع آخر عن الموقف من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حيث قال الإمام عن أم المؤمنين بعد معركة الجمل في البصرة (ولها بعد حرمتها الأولى والحساب على الله) يقول السيد علي الأمين تعليقاً على قول الإمام (فهو تعامل معها من منطلق بقاء مكانتها من رسول الله (ص) وأن لها حرمتها التي كانت على عهد رسول الله وهي زوج رسول الله وهي أم المؤمنين بنص القران الكريم وهو عنوان لا يقبل الزوال أو الإلغاء. وبذلك أغلق الباب أمام كل التأويلات والمزاعم والإدعاءات الباطلة التي تسيء إلى رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام خصوصاً ما سمعناه أخيراً عن بعضهم ممن لا اعتبار لقوله من التعرض لها بالقذف والاتهام بالسوء وهو من كبائر المحرمات والإثم الذي يستحق صاحبه إقامة الحد الشرعي عليه في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك القول الباطل بالإفك وهو الصادق المصدق من عند الله فويل لمن كذب القرآن وخالف أحكامه اللهم إنا نبرأ إليك من هذه الفرية النكراء والبهتان العظيم...).
ويجيب عن المسائل الأخرى وبالدليل والبرهان، فهو يرى أن الإيمان بالأئمة ليس من أصول الإيمان، وأنهم كغيرهم من البشر لا يعلمون الغيب الذي لم يطلع الله عليه حتى النبي الكريم، وهو لا يؤمن بالولاية التكوينية للأئمة وأنهم خلقوا قبل خلق العالم، وأن لهم السيطرة على ذرات الكون...، ويتحدث في ذات الصدد عن عقدة التفضيل والغلو في وصف الأئمة ويقول (إن كان في الجانب الشيعي بعض الغلاة في(أئمتهم) ففي أهل السنة أيضاً بعض الغلاة في (اوليائهم) الذين يزعمون بأنهم يجلبون الضر والنفع وهم في قبورهم).
وهو ينفي بشدة النقص في القرآن، ويرد على استنتاج الولاية السياسية وجوباً للإمام علي، ويوجب له الولاية الدينية، مؤكداً أن الولاية السياسية لا تتم إلا برضا المسلمين واختيارهم، ويقر بخلافة الخلفاء الراشدين ويترضى عنهم وعن الصحابة الكرام، ويرد على مسألة الولاية الواردة في حديث الغدير، ويفسر أحاديث الدار والمنزلة وكثير مما طرح عليه من مسائل.
والخلاصة أن الكتاب مفيد في نفي كثير مما علق في الأذهان من أحكام تم تعميمها على أتباع المذهب الجعفري من غير وجه حق، مما باعد عن الأذهان الصورة الحقيقية لواقع المذهب وأتباعه.
لقد كان واضحاً وبشكل جلي وخلال السنوات القليلة الماضية أن أميركا والغرب الكافرين استغلا مواضع الخلاف بين المذهب الجعفري والمذاهب الإسلامية الأخرى وتم استخدام كثير من المسلمين المخلصين عن حسن نية للوقوع في توسيع شقة الخلاف وتكفير بعضهم بعضاً، دون أن يعلموا أن ذلك يقع ضمن مخططات الكفار لتقسيم بلاد المسلمين مذهبياً وعرقياً فضلاً عن التقسيم الجغرافي ضمن ما أصبح يطلق عليه بخطة مشروع الشرق الأوسط الكبير.

عبد الواحد جعفر
29-04-2012, 09:58 PM
دور خطباء المساجد في تغيير حال الامة
لقد كان للكلمة _ولا يزال_ أثرها الفاعل، وقيمتها الكبرى، ودورها الحاسم في عمليات التغيير الإنساني على صعيد الدين، والعلم، والفكر، والسياسة، والاقتصاد، والاجتماع.. فالكلمة هي وعاء المعنى، ورسوله إلى القلوب والعقول، وهي القناة التي يتفاهم من خلالها البشر، ويتناقلون الآراء والأفكار.
وخطبة الجمعة تُعد من أبرز قنوات الاتصال التي تنفرد بها الأمة الإسلامية، وقد نشأت مع بزوغ نور هذه الدعوة، ولعبت دوراً كبيراً في المسيرة الإسلامية الطويلة، فمن خلال هذا المنبر طرحت مفاهيم العقيدة، وأحكام الشريعة، وِسيرُ الأنبياء والصالحين والمجاهدين.. ومن خلال هذا المنبر الحي المتجدد عولجت المشاكل التي كانت تستجد في كل عصر ومصر، وطرحت الحلول المناسبة لها.. واستطاع الخطباء البارعون الصادقون أن يبعثوا في النفوس روح الجهاد ضد الغزاة والمارقين الذين عانت الأمة منهم عبر تاريخها الكثير.
واستمرت صلاة الجمعة وخطبتها عبر القرون شعيرة خالدة ومعلماً بارزاً من معالم المجتمع الإسلامي، حافظ على ديمومته في أسوأ الأيام التي مرت بعالمنا الإسلامي، حتى في هذا العصر الذي انحسر فيه مدّ الإسلام وتخلف فيه المسلمون، وغابت منه الخلافة الإسلامية.
والمنبر مسؤولية وأمانة يجب أداؤها على الوجه الأكمل، والله تبارك وتعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم..}. فهو موقع توجه منه الأمة، وتحرك نحو المواقف التي تمليها عليها شريعتها ويشكل من خلاله الرأي العام في المجتمع الإسلامي، ويُحافظ بواسطته على هوية الأمة وحضارتها، كما أنه يُسهم في معالجة مشكلاتها وقضاياها في ضوء الإسلام.
إن الأزمات التي تمر بها الأمة الإسلامية متنوعة وعديدة سواء كانت في المجال الاقتصادي أو السياسي أو التعليمي أو الأخلاقي ... واليوم، تشهد المنطقة الإسلامية وبخاصة البلاد الناطقة بالعربية منها مخاضاً عسيراً، ستكون نتائجه فاصلة إما لصالح الأمة الإسلامية، وإما لصالح الكفار بقيادة أميركا لا قدر الله. وصعيد المعركة الحقيقي ثقافي؛ أي معركة أفكار، أو ما أطلقت عليه أميركا (معركة كسب العقول والقلوب)، وقد استخدم الكفار آلتهم الإعلامية الضخمة، وسخروا إعلام أتباعهم وأذنابهم من زعماء العصابات الذين مكنتهم من الحكم في بلاد المسلمين في المعركة ضد الإسلام. فأمام هذا الواقع، ثمّة سؤال يطرح نفسه بإلحاح، هو:
ما دام أن المعركة التي رسمت معالمها أميركا ومن ورائها الغرب الكافر هي معركة أفكار, فأين إذاً دورُ أصحاب الفكر وقادته من علماء الدين ومنهم خطباء ومدرسي المساجد في توجيه الأمة وحل قضاياها؟
أين دور خطباء المساجد من هذه الأوضاع المتردية التي يعاني منها المسلمون؟
أين دورهم في الارتقاء بمستوى جماهير أبناء الأمة للأخذ بأيديهم في طريق الخلاص المنشود؟ هل يتم توظيف خطبة الجمعة التوظيف المطلوب لخدمة الإسلام خدمة حقيقية بتوعية الأمة على رسالته نقية صافية _دون تلويثها بفكر دخيل أو طمس معالمها بقصرها على الجوانب التعبدية الفردية، والصفات الأخلاقية وقطع صلتها بالدولة وعلاقات المجتمع_ أي بما يساعد الأمة في الوصول إلى استئناف حياتها من جديد على أساس الإسلام وإعادة الحكم بشرائعه؟
أم أنه سيكون لها نتائجها العكسية لا قدر الله باستسلام المسلمين من جديد لهجمة الكفار على فكر الأمة وتركيز إحلال الفكر الغربي العلماني مما يترتب عليه تركيز الولاء للفكر الغربي وتسهيل استقرار الأمر للكفار المستعمرين في بلادنا؟.
إن خطباء المساجد، يمتلكون تأثيراً قد يوازي أو يفوق الآلة الإعلامية الخطرة التي يمتلكها الحكام واسيادهم أعداء الامة ولها دور خطير في توجيه الرأي العام، وهم الأقدر على مقاومة تأثير أدوات الحاكم الكثيرة والمتفاوتة في خطرها، وعلى إحباط مشاريع الغرب الكافر، ذلك لأن صدق تعبيرهم عما يريده الإسلام يحدث تجاوباً حقيقياً يستقر في عقول وقلوب أبناء الأمة.
من هنا، كان من الخطر أن ينسى أو يتناسى خطباء المساجد وعلماء الأمة دورهم وقدراتهم في التأثير على نهضة الأمة وتغيير حالها. ويكفي للدلالة على خطر دورهم أن يعمد الحكام بشكل دائم إلى محاولة كسبهم لصفه، وترغيبهم أو ترهيبهم ليكونوا إلى جانبه في معسكر الشيطان، وضد أمتهم التي حملت أمانة رسالة الإسلام لإخراج الناس من الظلمات الى النور فضلاً عن إخراج أنفسهم من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام وعدله.
ولكن ما الذي يؤثر على أداء بعض الخطباء ومدرسي المساجد لأدوارهم ومنه ما يتوجب عليهم من حماية فكر الأمة وصياغته لتنهض ويتغير حالها؟
إن سيطرة الخوف من بطش الحاكم، وطغيان الدنيا وزخرفها، هما سبيلا الانحراف الرئيسيان للخطيب أو العالم وأكثر ما يؤثر على أدائهم لأدوارهم التي يطلبها الإسلام منهم، ومن يستجيب لأي منهما أو لكليهما فإنما يرمي يقينه وثقته بالله بأسهم جارحة إن لم تكن قاتلة والعياذ بالله.
وعدم إدراك الخطيب أو العالم لموقعه وواقعه باعتباره قدوة ومعلماً في فهم الإسلام أمام الناس، يجعله يحمل أوزار ما يصنعه في عدم الوقوف سداً منيعاً أمام أفكار الكفر لحماية أمته وإنقاذها ، بل هو يحمل وزر كل من قال أو فعل متأثراً بأفكار الكفر التي كان له دور في نفاذها لفكر الأمة ما دام قادراً على الصدِّ والذبِّ عن الإسلام وأهله "أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك".
ولذلك ينبغي أن يستحضر الخطباء والعلماء الخوف من الله لا الخوف من الناس مهما علا شأنهم. وأن يستيقنوا أن العاقبة للمتقين.
أما من يدركون منهم دورهم الحقيقي فهم الموعودون بإذن الله بالسعادة في الدارين، ويكفي أن يكون أجر من يقتل منهم من أجل كلمة الحق أمام ذي سلطان جائر منزلة سيد الشهداء وأنعم بها من منزلة، وإن له بما أرشد إليه من هداية وخير أو احقاقٍ للحق ثواب ما فعل، وثواب من انتفعوا من قوله أو فعله إلى يوم القيامة لا ينتقص من أجورهم شيء.
لذلك كان أهم ما ينبغي أن يتجنبه خطباء ومدرسو المساجد مما يؤثر سلباً على نهضة الأمة وتغيير حالها إلى ما يطلبه الشرع بضعة قضايا أبرزها ما يلي:
أولاً: تشخيص بعض الخطباء الداء وعدم وصف العلاج إما خوفاً أو جهلاً، وذلك يظهر إما عجز الإسلام عن العلاج، أو وصف علاج لا علاقة له بحقيقة الداء.
فالخطيب أو العالم الذي يطرح علاجاً لا يناسب المشكلة، هو بالضبط كالطبيب الذي يصف دواءً لا يناسب المرض، ولذلك قد يزيد في ألم المريض بل قد يقتله.
فتجد خطيباً يشخص المشكلة تشخيصاً دقيقاً، فإن كان العلاج أو جزء منه يتعلق بتقصير الحاكم أو خيانته للأمة تجنب ذكر العلاج الصحيح ووصف علاجاً لا يناسب المشكلة، بل الأسوأ أنه قد يلجأ إلى تبرير تقصير الحاكم، وأحياناً يلصق التقصير بالأمة، أو يعلق المسألة على حل يتعلق بالغيب.
فإن هاجم الكفار بلاد المسلمين مثلاً اكتفي بعض الخطباء بالطلب من الناس الإخلاص في الدعاء لرد الكافرين، ويتناسون قوله تعالى {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة...}، ويتناسون أن للأمة جيوشاً جرارة ينبغي أن تقوم بدورها الذي وجدت من أجله وهو القتال والجهاد، وأنه ينبغي دعوة الأمة للضغط على الحكام من أجل دفع تلك الجيوش للقيام بواجباتها تجاه من ينكل بهم أعداء الله من أطفال وشيوخ ونساء لا يجدون ناصراً ولا منقذاً. وتجاه مقدسات المسلمين وبلادهم التي يدنسها وجودها تحت سيطرة الكفار وهو بتجاهله لما ينبغي أن يبرئ ذمته أمام الله بالنصح الحقيقي للمسلمين، إنما يضلل الأمة عن واجبها، ويمكن الكفار من رقاب المسلمين.
والداهية الدهياء أن يتلو الخطيب خطبة من أوراق سلمها إليه أعوان الحاكم تبعد دائماً صلة الحاكم بالحدث ومسؤوليته عنه، ومع ذلك ينصاع ذلك الخطيب لإملاءات الحاكم ولو خالفت شرع الله المؤتمن على تبليغه للناس، ومن يفعل ذلك لا يختلف عن إبليس الذي أضل الناس على علم. أما التذرع بالوظيفة وكسب العيش مقابل إضلال المسلمين فهو كمن يعمد إلى السرقة بذريعة التصدق على الفقراء.

عبد الواحد جعفر
29-04-2012, 09:59 PM
<<< تابع

ثانياً: يتجاهل بعض الخطباء مشكلات الناس وقضايا المجتمع وينصب حديثهم في قضايا نظرية أو مسائل مكررة ملّ الناس من كثرة الحديث عنها.
وهم يساهمون في ذلك من حيث لا يشعرون في تخدير الأمة واستمرار أزماتها وتخلفها. وهم يبعدونها كذلك عن إبصار مكمن الداء، والتفكير بالعلاج.
فمن الخطباء من لاحديث له إلا عن الاخلاق أو الصلاة او مواضيع لا صلة لها بما يجري للمسلمين، أو يعطي درسا عن بر الوالدين لمجموعة من كبار السن بعد صلاة العصر – وقد حدث - اويخطب عن النساء، والتبرج، والعري، والسفور، بمناسبة وغير مناسبة، وإذا لاحظ توجه الدولة التي هو موظف عندها لتبني مقررات مؤتمر بكين أو اتفاقية سيداو بخصوص المرأة، وطلب منه مهاجمة تلك المقررات وضرورة رفضها مر كأن لم يخطب يوماً عن الشرف والأعراض، وتناول الحديث عن السواك، وأخذ يسرد حوادث عن حياة الصحابة عليهم رضوان الله.
ويدخل في إطار تجاهل مشكلات الناس من يخطبون نقلاً حرفياً عن كتب الخطب المنبرية فيتناول على مدى 52 أسبوعاً نفس الخطب في كل عام. وكأنهم لم يسمعوا يوما بحديث رسولنا الكريم "ومن بات ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".

ثالثاً: شرود بعض الخطباء بأذهان الناس نحو غيبيات لا علاقة لها بعلاج واقعهم بأحكام الإسلام.
ومن يفعل ذلك إنما يخدر الامة كذلك عن العمل لتغيير حالها كمن يدعو الناس الى إنتظار ظهور المهدي بدل دفع الناس للعمل بالأحكام الشرعية التي لا تجيز السكوت عن المنكر والباطل في بلاد المسلمين.
إن من يفعل ذلك قصداً أو يقترف ذلك جهلاً فإن عليه أن ينجو بدينه ويظفر بالآخرة، وينبغي لمن يقف على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقدر أن أبصار الناس وأسماعهم ترقب وتأخذ ما ينطق به باعتباره ديناً يريدون أن يتعبدوا الله به.
رابعاً: عدم تقدير بعض الخطباء لمسؤوليتهم عن الكلمة أي الفكرة التي يطرحها وتبعات ما يحدثون الناس به، وما يخلفه ذلك على واقع المسلمين وتغيير حالهم.
فمنهم من يكفر الناس أو يؤثمهم دون أن يتحفظ أو يقدر مسؤوليته عما قال أو أفتى، فإن خالفه أحدهم في شيء من فروع العقائد نطق بكفره، وأدار معركة داخلية بين المسلمين وأشغلهم عن العمل الجاد للتخلص من أفكار الكفر وسيطرتها وتحكمها بالمجتمع. وقد يشغل الناس برأي شرعي أجاز الشرع ابتداءً الاختلاف حوله، فيجعل من حرمة حلق اللحية أو مضغ القات، أو شرب الدخان قضيته، فيضلل الناس عن معركتهم الحقيقية مع فكر الكفر وسيطرة الكفار على المسلمين ومقدرات بلادهم، وفوق ذلك يعتبر رأيه هو فقط رأي الشرع أو حكم الإسلام الذي لا يوجد سواه وليس رأياً شرعياً باعتبارعدم قطعية دلالة النص موضع الخلاف، فيشغل الناس بدوام تكراره لذات القضايا، ويصرفهم عن التركيز على قضايا الأمة الأساسية، وقضيتها المصيرية وهي عودة الإسلام لحكم المسلمين.
خامساً: ومن أشد ما يؤثر على أداء كثير من خطباء المساجد ومدرسيها وعلماء الشرع بخاصة هو ضعف الوعي السياسي.
ويبدو أن ذلك ناتج عن استبطان بعضهم لفكرة خطيرة وهي ضرورة ابتعادهم عن فهم السياسة رغم أنهم الأكثر التصاقاً بجمهور الناس، والأشد حاجة لفهم ما يجري على الناس لينبهوا عقولهم ويحذروهم وليكونوا لهم كالنذير العريان مما قد يداهمهم من أخطار، ويبثوا لديهم الوعي على ما يجري باعتبارهم حملة رسالة إلى العالم كله.
وإذا كان من يفزع إليه الناس ليعلمهم وينبههم ويحل مشاكلهم غير قادر على تمييز الواقع الذي تحياه الأمة، فما حال من يتقصدون أخذ رأيه.
ولذلك لم يكن مستغرباً أن يستغل الحكام وأذنابهم هذه الثغرة عند الكثيرين من علماء الشرع وخطباء ومدرسي المساجد ويتخذوا منهم أدوات يستعينون بها في تنفيذ مؤامراتهم على الأمة، ويضللوها لتكون مسخرة للكافر الأجنبي باسم الدين.
ففجأة يشن الخطباء في بلد ما حملة على حاكم بلد مجاور بحجة أنه بعثي، أو بحجة أنه علوي أو بحجة أنه شيعي أو سني؛ لأن الخطيب يضطر أحيانا أن يكون له موقف مما يجري، فهو وإن لم يوجهه الحاكم أو أدواته تراه لقلة وعيه على الأحداث ومن يقف خلفها يخبط خبط عشواء ويرى في النهاية أن الأسلم له ان يأخذ موقف البلد الذي هو منه. ولإدراك مدى خطورة ذلك على الأمة نضرب مثلاً بالوعي على مشروع أميركا لبلاد المسلمين والذي يطلق عليه مشروع الشرق الأوسط الكبير.
فأميركا تريد ضمن ما رسمته زيادة تقسيم بلاد المسلمين وتفتيتها، ولكن تركز على التقسيم على أساس عرقي ومذهبي، ولذلك افتعلت ما يثير مثلاً من يطلق عليهم بأهل السنة ضد من يطلق عليهم الشيعة، ولو كان هناك إدراك للبعد السياسي الذي تريد أن تقطف ثمرته أميركا والغرب الكافر بزيادة إضعاف المسلمين وإبقاء المنطقة لقمة سائغة لهم لما هب آلاف خطباء المساجد ليكفروا ويحرضوا على أخوتهم لمصلحة الكفار.
وخلاصة الأمر فإن على الخطيب المخلص الناجح أن يفتح العيون إذا أغمضت، والآذان إذا أغلقت، وأن ينير الطريق لسالكيه حتى يميِّزوا الحق من الباطل، والحقيقة من الوهم، والنظام من الفوضى، والعدل من الجور، واللص من الشريف، والجهل من العلم...أما ضرب الصفح عن ذلك كله، فهو مسلك الكسالى و العجزة المتخاذلين الحريصين على متاع الدنيا والسمعة الكاذبة، والشُهرة العاجلة، والنفع القريب. وليس ذلك مسلك من يحرص على اداء الامانة وحمل الرسالة ممن يبتغون رضا الله والنجاة من النار.
إننا نريد لخطبة الجمعة أن تعود لسالف عهدها، وتالد مجدها، فتؤدي دورها في إنهاض الأمة، والبناء الفكري، والإعلام السياسي، وصناعة الوعي وتوجيه الرأي العام في المجتمع... بتعبير فصيح، ولغة واضحة، ولهجة صادقة... حتى يكون المبدأ الإسلامي هو إحساس الأمة الداخلي، فتعمل الأمة بعد ذلك على نقله إلى الدور العملي أي إلى معترك الحياة باستئناف الحياة الإسلامية وحمل الدعوة إلى العالم
أما من خشوا أن يجهروا بكلمة الحق حسب ما أمرهم الشرع به، فلا أقل من أن يصمتوا، وهو قطعاً خيرٌ من أن يُضلوا الناس على علم، قال عليه السلام "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".

عبد الواحد جعفر
29-04-2012, 09:59 PM
هل يجوز استعمال مصطلح "الدولة المدنية"
يستعمل كثير من الناس مصطلح الدولة المدنية، بل ويطالبون أن تكون الدولة "دولة مدنية"، ويجازف كثيرون بالادعاء أن الدولة الإسلامية هي في حقيقتها "دولة مدنية" وحيث أن هذا المصطلح لم يرد في لغة العرب، ولم يستعمله الإسلام ولم يعرفه المسلمون إلا في هذا العصر الذي تهيمن عليه الرأسمالية الغربية، كان لا بد من معرفة واقعه ومدلوله. فالغرب استعمل مصطلح secular State ويعني "الدولة المدنية" مقابل مصطلح Ecclesiastical state ويعني دولة الكنيسة أو "الدولة الدينية"، ومعنى لفظ secular في اللغة الإنجليزية هو: نزع الصفة الدينية عن الدولة؛ أي علماني. وبناء على ذلك فإن المعنى الذي استخدم فيه الغرب هذا المصطلح، مصطلح "الدولة المدنية"؛ هو فصل الكنيسة عن الدولة وشؤون الحكم؛ إذ أن الكنيسة في الغرب كانت ‏هي راعية الدين والممثلة له، وهي قد استغلت هذا للتحكم في شؤون أتباعها جميعاً من حاكم ومحكوم، مما جعل علاج هذا التحكم هو إبعاد الكنيسة كممثل لهذا التحكم وأرادوا قياس الإسلام على ذلك.
فاستقلال "الدولة المدنية" عن تدخل الكنيسة ووضعها للقوانين حسب ‏المصالح، معناه عند القوم استقلالها عن الدين وهو ما يعني أن الدولة المدنية هي الدولة العلمانية؛ أي الدولة التي تفصل الدين عن الحياة.
وإذًا كان مدلول ومفهوم مصطلح "الدولة المدنية" هو الدولة التي تفصل الدين عن الحياة وبالتالي تفصله عن الدولة، فهل يجوز استعمال هذا المصطلح؟ وهل يجوز وصف الدولة الإسلامية بأنها "دولة مدنية"؟
والجواب على ذلك أن الألفاظ الأجنبية التي لها معان اصطلاحية، إن كان اصطلاحها يخالف اصطلاح المسلمين فإنه لا يجوز استعمالها، مثل كلمة الديمقراطية فإنها تعني حكم الشعب للشعب، وهذا المعنى غير موجود في الإسلام، بل إن الإسلام يعتبر أي تحاكم لغير الشرع تحاكم إلى الطاغوت، وهذا المعنى يصادم فكرة الحاكمية في الإسلام، إذ أن الحاكمية في الإسلام هي لله وحده، ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يتحاكم لغير الشر ع، قال الله تعالى {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}، فكون كلمة الديمقراطية لها معنى يخالف ما جاء به الإسلام مخالفة تامة؛ لذلك فإنه لا يجوز استعمال هذه الكلمة، ولا يصح الدعوة لها، ومن الجريمة وصف الإسلام بأنه ديمقراطي، وهو يعتبر التحاكم لغير الشر ع تحاكم إلى الطاغوت.
أمّا إن كانت الكلمة تعني اصطلاحا موجوداً معناه عند المسلمين فيجوز استعمالها، مثل كلمة ضريبة، فإنها تعني المال الذي يؤخذ من الناس لإدارة الدولة، ويوجد لدى المسلمين مال تأخذه الدولة لإدارة المسلمين، ولذلك صحّ أن نستعمل كلمة ضرائب.
أما مصطلح "الدولة المدنية" فإنه يدل على الدولة التي تفصل الدين عن الحياة والدولة، فالدولة هي كيان تنفيذي لمجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات التي تقبلتها الأمة، والدولة الإسلامية هي كيان تنفيذي لمجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات التي جاء بها الإسلام، وهذا يعني أن الإسلام هو أساس الدولة ومن عقيدته انبثق دستورها وقانونها ونظامها. ويعتبر الإسلام أن أخذ أي شيء يتعلق بالدستور أو القانون أو النظام من غير الإسلام هو أخذ من الكفر؛ لذلك، فالدولة الإسلامية هي الدولة التي تجعل العقيدة الإسلامية أساس الدولة، بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها أو كل ما يتعلق بها، إلا بجعل العقيدة الإسلامية أساساً له. والعقيدة الإسلامية هي أيضاً أساس الدستور والقوانين الشرعية ولا يسمح الإسلام بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية.
والإسلام بهذا الفهم ليس ديناً كهنوتياً، كالدين الذي عرفته أوروبا في العصور الوسطى، وسعى فلاسفتها ومفكروها إلى فصله عن الحياة، وإنما هو الدين الذي أنزله الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لتنظيم علاقات الإنسان، ومعالجة مشاكله، فهو لا يقتصر على تنظيم علاقة الإنسان بربه، بل يتعدى ذلك إلى تنظيم جميع علاقات الإنسان، من علاقته بربه، وعلاقته بنفسه وعلاقته بغيره. وقد جاء الإسلام لمعالجة مشاكل الإنسان كافةً مهما تجددت وتنوعت؛ لأن أحكامه حين تعالج مشاكل الإنسان إنما تعالجه بوصفه إنساناً لا بأي وصف آخر، وبغض النظر عن اختلاف الزمان والمكان.
والمسلمون لم يعرفوا فكرة فصل الدين عن الحياة إلا بعدما هدمت دولة الخلافة، وجزّئت بلاد المسلمين، وحكمت بغير الإسلام، وفرض الكافر المستعمر على بلاد المسلمين عقيدته؛ عقيدة فصل الدين عن الحياة. ولذلك كان فصل الدين عن الحياة أخطر جريمة لحقت بالمسلمين. وكان الهدف منها إبعاد الإسلام عن حياة المسلمين. حقيقة دعوى "الدولة المدنية" هو إبعاد الإسلام نهائياً عن حياة المسلمين، وهذا المعنى هو المقصود من فكرة الدولة المدنية؛ أي الدولة التي تفصل الدين عن الدولة، بحيث أصبح مرادفاً لمصطلح "الدولة المدنية"، وهذا الغالب في استعمالها. وبناء على ذلك فأنه يحرم على المسلمين استعمال هذا المصطلح، سواء كان هذا الاستعمال يتعلق بمعناه الذي استعمله أهله وهو فصل الدين عن الدولة، وهو الغالب في استعمال هذا المصطلح، وقد جاء هذا الاستعمال التفافاً على استعمال كلمة علمانية حينما أصبح الأخير ينفر منه المسلون لمخالفته الإسلام، أم استعمل في غير معنى الدولة التي تفصل الدين عن الحياة، كمن يستعمل لفظ "الدولة المدنية" مقابل الدولة العسكرية، أو مقابل الدولة المتخلفة. فاستعمال هذا المصطلح لأي غرض لا يجوز؛ لأن هذا المصطلح وضعه أصحابه لمعنى يخالف الإسلام؛ لذلك كان استعماله حراماً لا يجوز.

عبد الواحد جعفر
29-04-2012, 10:01 PM
تحليلات سياسية
1) كانت موافقة بشار الأسد على البنود الستة التي عرضها عليه كوفي عنان والتي تم التصويت عليها بالإجماع في مجلس الأمن مؤشراً واضحاً على تراجع موقفه والسير نحو تنازلات أخرى سيقدمها لاحقاً.
ولم يكن غريباً على بشار الذي يدرك أنه راحل وأنه لا مستقبل له في حكم سورية حتى لو قضى في الحكم أشهرَ أخرى أن يوافق على مثل هكذا قرار، وذلك أن البديل هو استحداث المنطقة العازلة على الحدود التركية التي قد تجعل الانهيار سريعاً ومدوياً وخطراً على أمنه الشخصي وأمن طائفته.
ويمكن لبشار من خلال تطبيق البنود الستة أن يأخذ وقتاً مناسباً لترتيب خروج آمن من السلطة وبأقل الخسائر له ولطائفته، في الوقت الذي ستوفر البنود الستة قدرة أعلى للمعارضة على توسيع نشاطاتها وبخاصة تنظيم التظاهرات الضخمة التي ستحظى بمراقبة دولية، مما يعني إعطاء المعارضة سقفاً أعلى من المطالب التي ستصل إلى تحديد مصير بشار الذي لن ينفعه أية محاولات للتخلص من تطبيق القرار الدولي.

2) قبل أيام نقلت صحيفتا تركيا وميليليت تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان المتمثلة في قوله "لم يعد بإمكان من يستيقظ مبكراً القيام بانقلاب عسكري في البلاد" ولقد سبق هذه التصريحات بعدة أشهر استقالة كل من رئيس الأركان عشق كوشناير ورفاقه الجنرالات قادة جيوش البر (الذي ينص العرف على ترقيته دائماً لمنصب رئيس الأركان – قائد الجيش) والجو والبحر وأطلقت عليه وسائل الإعلام التركية في حينه "زلزال النجوم الأربعة " ولقد سارع أردوغان بتسمية قائد الدرك الجنرال نجدت أوزل قائداً جديداً للأركان ومن المعروف أن نجدت أوزل ابن 61 عاماً الآتي من قيادة الشرطة التركية إلى رئاسة الأركان في ظروف استثنائية يعتبر من مؤيدي خضوع المؤسسة العسكرية للسلطات السياسية بحسب صحيفة توداى زمان المقربة من الحزب الحاكم العدالة والتنمية وتصفه الصحف التركية أنه رجل "لا سياسي يحرص على حيادية مسيرته العسكرية المهنية" هذا بالإضافة إلى علاقاته الجيدة مع محافظ ديار بكر والسلطات المدنية في المنطقة. وعلاقته الإيجابية نسبياً مع الأكراد تُرجمت برضاه الضمني عن “المبادرة الكردية” التي أطلقتها حكومة أردوغان في العام 2009 وعارضها رئيس الأركان في حينها إلكر باسبوغ.

إن هذه الإستقالات وما عقبها من تعينات في قيادة الأركان وتلك التصريحات هى بمثابة إعلان واضح وصريح لإذعان المؤسسة العسكرية في تركيا للسلطة المدنية المدعومة أميركياً وبهذا تكون قد نجحت أميركا بالسير قدماً في مشروعها شرق أوسط كبير حيث أن تطبيق المشروع الأميركي "شرق أوسط كبير" يتطلب أدوات جديدة وسياسات مختلفة متصلة بقوى سياسية محددة في تركيا وفي المنطقة هذا بالإضافة إلى أن المجىء بنجدت أوزل على رأس المؤسسة العسكرية سيساهم كثيراً في حل قضية أكراد تركيا حلاً سياسياً بحسب المشروع الأميركي ولعل هذا ما دفع بحزب السلام والديمقراطية الكردي أن يعرب عن سعادته باستقالة رئيس الأركان عشق كوشانر ورفاقه الجنرالات وتعيين نجدت أوزل قائداً للأركان.

3) منذ وصول نيكولا ساركوزي إلى الحكم في فرنسا عام 2007 وما نتج عن ذلك من توافقه مع أميركا على مستوى السياسات الدولية والإقليمية خاصة في أوروبا وإفريقيا، لم تعد فرنسا تزاحم أميركا بل صارت ترضى بالسير في مخططاتها مقابل حصولها على الحضور الدولي، إشباعاً لشعور العظمة، ومقابل توليها قيادة أوروبا تحت ظل حلف شمال الأطلسي، ومقابل حصولها على الصفقات الاقتصادية الكبرى إشباعاً لنهم شركاتها. ولقد أدى هذا التغيير الجذري في السياسة الفرنسية إلى توافق وتعاون وثيق في السياسات الأميركية والفرنسية على حل مشاكل مناطق النفوذ والصراع بينهما بما يخدم السياسات العامة والخطط الإستراتيجة بين الدولتين. ومن الأمثلة الصارخة والدالة على ذلك ما حصل مع إدريس ديبي في تشاد ومع لوران غباغبو في ساحل العاج وكذلك تعاونهما في ليبيا لإسقاط القذافي وتعاونهما المشترك ضد النظام في سورية، وأخيراً وليس آخراً تعاونهما في التخلص من عبد الله واد في السنغال وأمادو توري في مالي.
وبإيجاز نقول أن الإنقلاب الذي حصل في مالي كان بتدبير محكم من فرنسا وأميركا لتحقيق الأهداف التالية:
1ـ إقامة دولة للطوارق في شمال مالي فيما يعرف باسم أزواد وهي المنطقة التي تضم كلاً من تمبتكو، غاوه، وكيدال. ولذلك فمن المتوقع قريبا أن تبدأ مفاوضات بين الحكومة الإنتقالية تحت رعاية العسكر مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد.
2ـ إيجاد قاعدة عسكرية في منطقة أزواد تكون في قلب صحراء الساحل بحجة محاربة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وهنا دخلت أفريكوم على الخط في تعاون لم يسبق له مثيل مع المخابرات العسكرية الفرنسية.
3ـ تمكين الشركات الأميركية والفرنسية من السيطرة على آبار النفط ومعادن الذهب في شمال مالي وما جاورها وقد بدأ البحث والتنقيب على قدم وساق من قبل سوناتراك الجزائرية ونورث أتلانتيك الكندية.
4ـ تحقيق الإستقرار الإقليمي في منطقة الساحل وخاصة في الدول المحاذية لشمال مالي والتي تعاني من مشكلة اللاجئين والجريمة المنظمة وعمليات اختطاف السياح الأجانب.

*) ـ أما فيما يخص سقوط عبد الله واد في الإنتخابات فكان بتحريض فاضح ومشترك من أميركا وفرنسا ضده، إلى درجة أن فرنسا حذرت واد أنه إذا حاول البقاء في السلطة بالقوة مستنداً إلى قرار المحكمة الدستورية فإن الجيش السنغالي لن يتبعه في ذلك. وتنقم أميركا وفرنسا على واد ضعف إدارته لشؤون البلاد الإجتماعية والإقتصادية وعدم تعاونه معهما في المسائل الأمنية على الحدود السنغالية الموريتانية وتقديم مصالح عائلته على حساب المصالح الإستراتيجية للمنطقة كما يراها البلدان. وهذا ما يفسر ترحيب أميركا وفرنسا بفوز ماكي سال باعتباره من جيل السياسيين الجدد.

عبد الواحد جعفر
29-04-2012, 10:02 PM
الثورات العربية والإصبع الأميركي
لقد مر أكثر من عام على ما سماه الغرب "الربيع العربي" وصفاً للثورات التي افتعلت في بعض بلاد المسلمين بدءاً من تونس ومصر ومروراً باليمن وليبيا والبحرين ووصولاً الى سورية.
وقد بدا واضحاً منذ عقد من الزمان أن أميركا والغرب الكافرين ينسجون خيوط المؤامرة هذه على أبناء الأمة الإسلامية كما ينسج العنكبوت خيوطه, فراحت أميركا تبشر أهل المعمورة بمشروعها "الشرق الأوسط الكبير" استكمالاً واستمراراً لمشاريعها الخبيثة وجرائمها النكراء التي تسعى من خلالها لجعل الرأسمالية مبدأً لكل أمم وشعوب الأرض، وبخاصة الأمة الإسلامية التي ما زالت تقاوم اعتناق دين أميركا الجديد. حيث أن الأمة الإسلامية وحدها بين أمم العالم غير الرأسمالي التي لديها مبدأ تعتنقه رغم أنها لا تعيش عليه ولا تحمله للعالم في الوقت الحاضر.
وعليه فإن المشروع الأميركي "الشرق الأوسط الكبير" يقوم على عدة ركائز أهمها وأبرزها ضرب ما تبقى من المنظومة الثقافية عند أبناء المسلمين وبخاصة ما يتعلق بنظام الحكم من خلال حملة شرسة على الإسلام وأهله، ومن أبرز شعارات هذه الحملة "الدولة المدنية" و"الديمقراطية" و"التعددية" و"حقوق الانسان" وغيرها من مفاهيم الكفر.
أما الركيزة الثانية في هذا المشروع الأميركي فهى تغيير الجغرافيا السياسية في هذه منطقة على أسس طائفية وإثنية من خلال الترويج "للفدرالية" الوجه الآخر للتقسيم، و"حق تقرير المصير" و"الفوضى الخلاقة" التي تغرق من خلالها بعض بلاد المسلمين في آتون حروب أهلية على أسس طائفية وأثنية، وكذلك إطلاق العنان لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في إثارة الأحقاد الطائفية والإثنية بين أبناء المسلمين.
أما ثالثة الركائز فهى تغيير النظم السياسية في منطقة العالم الاسلامي _والتي لا يخفى على أحد أن هذه الأنظمة مجرد أدوات بيد الغرب الكافر_ بنظم سياسية شعبوية وظيفتها ترويض وتدجين أبناء المسلمين لاعتناق دين أميركا الجديد وتمزيق بلاد المسلمين على أسس طائفية واثنية, وإمعانا في تضليل أبناء المسلمين حتى يسيروا في تنفيذ المشروع الأميركي "الشرق الأوسط الكبير" انتهجت أميركا أسلوباً خبيثاً في تنفيذ مشروعها من خلال دفع الشعوب للمطالبة بمشاريع الغرب الكافر وكأنها مطالب الشعوب، كالدولة المدنية والديمقراطية والفيدرالية، وراحت تنفذ ما تسعى لتحقيقه عبر ما يسمى ثورات الربيع العربي، حيث تم تدريب الشباب في الكثير من دول المنطقة في المنظمات والمؤسسات الأميركية وعلى رأسها "الفريدوم هاوس" أو ما يسمى "بيت الحرية" وبسخاء مالي كبير، وتدريب مستمر تم على خطوات ومراحل، وهذا ما يفسر تشابه الشعارات والأساليب والمراحل في كل الدول التي انطلقت فيها هذه الثورات هذا بالإضافة إلى تشجيع أميركا لصعود العلمانيين الجدد بثوب إسلامي كحزب النهضة في تونس والأخوان المسلمين في مصر من أجل المشاركة في الحكم تحت شعار الإسلام؛ ولكنه إسلام بالإسم وأفكار كفر بالفعل كما هو الحال في تركيا، وهذا بدا واضحاً في تصريحات ريتشارد هاس مدير إدارة التخطيط السياسي "إن الولايات المتحدة لا تخشى وصول تيارات إسلامية إلى السلطة لتحل محل الأنظمة القمعية العربية التي تتسبب بتكميمها الأفواه في اندلاع أعمال الإرهاب ولكن شريطة أن تصل للحكم بوسائل ديمقراطية".

عبد الواحد جعفر
29-04-2012, 10:03 PM
قبضة الغرب الكافر
• بعد سقوط الخلافة الإسلامية أحكم الغرب قبضته على بلاد المسلمين.
• عمل الغرب على بقاء تلك القبضة مشدودة بالحرص على تعيين نواطير حراسة لنفوذه ومصالحه.
• نواطير الحراسة أولئك هم أدوات الغرب الكافر التي لا يستغني عن وجودها.
• قد يستبدل الغرب الكافر تلك الأدوات بعد استهلاكها أو نفاد مدة صلاحيتها.
وفي هذه الأيام (ثورات الربيع العربي) يعطي الغرب الكافر رؤوس تلك الأدوات مكافأة للشعوب مقابل:
_ تمسك الشعوب بوجهة نظر الغرب عن الحياة (فصل الدين عن الحياة) الدولة المدنية، والديموقراطية.
_ ترك المطالبة بتطبيق الإسلام في واقع الحياة واستبداله بالعلمانية بلباس اسلامي
_ استبدال الرؤوس التي اعطيت مكافأة للشعوب لتمسكها بشعارات الغرب برؤوس جديدة من مستودعات الغرب
• النتيجة ثورات تكرس احكام قبضة الغرب الكافر على بلاد المسلمين في هذا القرن (الأميركي)
{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}

عبد الواحد جعفر
29-04-2012, 10:14 PM
لمراسلة المجلة، والمشاركة، وكتابة الموضوعات،، يرجى التواصل عبر البريد الإليكتروني التالي:

[email protected]

ابوخيرالله
08-05-2012, 09:14 PM
حقيقة مؤتمر الحوار الوطني، والموقف الواجب على كل المسلم في اليمن.

عقب تسلمه لمهام منصبه رسمياً صرح الرئيس المنتخب أن أولويات برنامجه هو إجراء حوار وطني موسع تشارك فيه كل الأطراف في البلاد ودون استثناء.
كما حث الرئيس الأميركي أوباما في تهنئته الرئيس هادي على الدعوة لعقد مؤتمر الحوار الوطني لحل القضايا السياسية. وقبل ذلك كان المبعوث الأممي جمال بن عمر قد تحدث في حواره مع صحيفة "المصدر" عن أهمية مؤت...مر الحوار ووصفه بأنه مناسبة تاريخية لتأسيس عقد اجتماعي جديد لليمن حول طبيعة الحكم وتركيبة الدولة وشكل الحكم السياسي في المرحلة المقبلة.".
هذه التصريحات وهذا الاهتمام الخارجي والداخلي بمؤتمر الحوار المزمع عقده، وما يجري بشأن عقده وبشأن مشروع التعديلات الدستورية _المطلوبة لتسوية سياسية لما يسمى قضايا وطنية_ من تحركات وراء الكواليس للأطراف المحلية والإقليمية والدولية لا شك أن لذلك كله دلالات وأبعاد مهمة وخطرة على حاضر اليمن ومستقبله بل وعلى المنطقة برمتها.
ويمكن القول على ضوء تلك التصريحات والوقائع أن الأجندة التي يجري التحضير لبحثها في مؤتمر الحوار الوطني المرتقب، والتي تريد الأطراف الدولية والأطراف الإقليمية الممثلة للإرادة الأميركية أن يبحثها المؤتمر هي القضية الجنوبية، وقضية الحوثيين، وملف ما يطلقون عليه (الإرهاب) في اليمن.
أما الملفات المتعلقة بالفقر والبطالة واستعادة الثروات العامة التي نهبتها ولا تزال شركات المستعمر ووكلائه المحليين، وكذا الملفات المتعلقة بتطهير أجهزة الدولة جميعها من الفساد والظلم، فليست بالأمر الوارد في برنامج هذا الحوار الوطني، وحتى إن تم التعرض لهذه الملفات فهو من باب ذر الرماد في العيون.
أما الأبعاد المهمة والخطرة على حاضر اليمن ومستقبله بل ومستقبل المنطقة برمتها فإن أبرزها:
أولاً: إن الإساس الذي يُراد بناء اليمن الجديد عليه، والذي أخرج باعتباره مطلباً شعبياً هو نفس الأساس السابق ولكن بثوب جديد (الدولة المدنية)، فاليمن كان نظامه منذ ما يسمى بالإستقلال قائماً على أساس فصل الدين عن الدولة (العلمانية)، وهو ذات الأساس الذي يتم المطالبة بتجديد بناءً الدولة عليه. وبذلك يتم ضمان تبعية البلاد لأميركا والغرب الكافرين.
ثانياً: إن قضيتي الجنوب والحوثيين قد وضع علاجهما سلفاً بالترويج للفدرالية وإيجاد رأي عام لتقبلها؛ ليكون ذلك مقدمة لتقسيم البلاد.
ثالثاً: ما يسمى بـ"الإرهاب"، وهو قضية جرى ويجري الاستفادة من إبقائها قائمة؛ للتذرع بتواجد عسكري أميركي حول مضيق باب المندب وجنوب البلاد لخدمة أهداف السياسة الخارجية الأميركية في منطقة القرن الإفريقي بشكل أساسي، ولتوسيع شقة الخلاف المذهبي في البلاد، وتنفير الناس من حكم الشريعة بعد رسم الإعلام لصور منفرة عن ممارسات باسم الإسلام الذي يتوقون لتطبيقه في واقع حياتهم.
رابعاً: أما تأثير نتائج الحوار المرتقبة على خارج اليمن، فهي إضافة نجاح جديد لمشروع أميركا (الشرق الأوسط الكبير) ليكون أنموذجاً جديداً في تجديد العلمانية، وتقبل الفدرالية تمهيداً لتقسيم بلدان المنطقة على أسس مذهبية وطائفية. ولعل المملكة السعودية ستكون أكثر الدول التي سينعكس عليها ما حدث في اليمن من فدرلة وعلمنة.

أيها المسلمون من أبناء اليمن
إن أميركا والغرب الكافرين يريدون لأهل اليمن المسلمين أن يعتنقوا الفكر الغربي القائم على عقيدة فصل الدين عن الحياة، والتي أصبح يطلق عليها (الدولة المدنية) إيهاما للناس بأنها النقيض للدولة البوليسية أو الدولة الدينية بالمفهوم الغربي للدول التي كانت قائمة في العصور الوسطى في أوروبا.
ولا يغيب عن نباهة أبناء المسلمين في هذا البلد الذين وصفهم رسولنا الكريم بالإيمان والحكمة أن الإسلام دين ومنه الدولة، وهو ليس كالنصرانية التي تقتصر على العقيدة وبعض التعاليم، فهو عقيدة تنبثق عنها شريعة كاملة للحياة، وسبق أن طُبِّقت عملياً لقرون طويلة، وهي وحدها التي تصلح لمعالجة مشاكل الإنسان معالجة صحيحة، ومن يعتقد بأنها لا تصلح للتطبيق في كل زمان ومكان فإنه يحكم على نفسه بالخروج من ملة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
إن الغرب الكافر الذي يتمسك بعقيدته "فصل الدين عن الحياة" يريد منا أن نجعل أساس الدولة عقيدته تلك؛ لأنه بذلك يضمن ولاءنا وتبعيتنا له، ويستطيع بذلك أن يفرض علينا أنظمته، بعد أن يضع في فم بعض أبنائنا المتأثرين بثقافته مطالبه التي سيجري إقرارها في مؤتمر الحوار الوطني مصوراً تلك المطالب بأنها مطالب لأبناء اليمن كافة.
إن أساس الدولة الذي ينبغي أن يُطالب بأن تبنى عليه الدولة كجزءٍ من بلاد المسلمين إنما هو العقيدة الإسلامية، والمصدر الوحيد للتشريع ينبغي أن يكون الكتاب والسنة وما أرشدا اليه، ولذلك لا يصح أن يكون لنا مرجعية في الدولة وعلاقات المجتمع سوى العقيدة الإسلامية.
هذا من حيث الأساس الذي ينبغي أن تبنى عليه الدولة. أما قضيتا الجنوب والحوثيين، فإن تحويل اليمن إلى جمهورية فدرالية هو حل يتناسب مع من غذى الأحقاد بين أبناء المسلمين في اليمن ومع أدواتهم فيه الذين يخدمون أهدافه سواء أدركوا ذلك أم لم يدركوا.
فالفدرالية شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستورياً بين حكومة مركزية وأقاليم يتم تقاسم السيادة والصلاحيات بينهما، وتعتبر الأقاليم وحدات دستورية لكل منها دستورها الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، كما يكون للحكومة المركزية دستور وقوانين اتحادية.
وفي العادة يجري وضع دستور للإتحاد وتسن قوانين له، ثم تترك باقي الصلاحيات للأقاليم، ويجري وضع دستور للأقاليم وتسن قوانين بوساطة مجالسها التشريعية بما لا يتعارض مع قوانين الإتحاد.
وتطرح أميركا الفدرالية مؤخراً للرأي العام في منطقة العالم الاسلامي على أنها حل لمشكلة المركزية وتغوّل العاصمة على حساب الأطراف، ولكن الحقيقة إنها إنما تريد أن تزرع الإنقسام والإنفصال بين المسلمين، فهي تغذي الناحية المذهبية والعرقية، وترمي بأخوة الإسلام بعيداً عن أنظارهم، ثم تدلس على الناس بأحلام تداعب مفهوم الوحدة بين المسلمين مضللة إياهم بالدعوة لاتحادات فدرالية.
إلا أن الحقيقة التي يجب الالتفات إليها أنه برجوعنا إلى الإسلام فإننا نجد أن الفدرالية والدعوة لها حرام شرعاً. فنظام الإسلام لا يقر الإتحادات بأشكالها كافّة؛ ذلك لأن نظام الإسلام إنما هو نظام وحدة وليس نظاماً اتحادياً، فالدولة في الاسلام لها رئيسٌ واحدٌ، ودستورٌ واحدٌ، وقوانينُ واحدةٌ، والوالي في ولايات الدولة يستمد صلاحياته من أمير المؤمنين، والقضاة في الولايات يحكمون بقوانين الشرع، وأمن الولاية هو جزء من أمن الدولة الواحدة.
وعليه فإن طرح الفدرالية انما هو بذرٌ لبذور الإنفصال بين أبناء الأمة الإسلامية الواحدة، حيث أن الإسلام يحدد ولاء من ينتمي إليه باعتناقه العقيدة الإسلامية، ويحارب الولاء للعرق أو اللون او المنطقة الجغرافية، ولا يجيز العداء بين اتباع المذاهب الإسلامية؛ لذلك فهي خطوة نحو الإنفصال التام كما حصل في جنوب السودان، وكما يراد له أن يحصل في ليبيا.
أما الملفات التي سيمر عليها المؤتمرون مروراً، وهي معاناة الناس من الفقر والبطالة والفساد المستشري في أجهزة الدولة كافة، وضياع مقدرات البلاد وثرواتها ...إلخ فإن سوء علاجها وسوء القائمين على تنفيذ تلك المعالجات سيستمر لأن طريقة التفكير للعلاج غير صحيحة، والصحيح أن يجري التفكيرمثلا بالسبب الذي جعل الفساد ظاهرة في المجتمع فقد يكون الأساس الذي تبنى عليه معالجات قضايا البلاد أساساً فاسداً.
واذا اختلفت طريقة التفكير فمن الطبيعي ان يختلف العلاج. فوجود الفساد ممكن في كل المجتمعات، والعلاج يمكن أن ينصب على محاسبة الفاسدين (من أين لك هذا؟) وتنحيتهم من مناصبهم ومحاكمتهم، ولكن انتشاره ليصبح ظاهرة لا ينفع فيه التنحية والمحاسبة والمحاكمة، بل ينبغي ان ينصب العلاج على سبب وجود الفساد كظاهرة.
والحقيقة التي توصلت لها منظمتنا بعد الدراسة والفكر والبحث أن الأساس العلماني الذي تقوم عليه البلاد أساسٌ فاسدٌ ولا ينسجم مع العقيدة التي يعتنقها من يطبق عليهم النظام، ولذلك فإن العلاج الصحيح أن يتغير الفكر الذي تقوم عليه الدولة ويرجع إليه في معالجة مشاكل البلاد.
والفكر الإسلامي النقي هو الفكر الوحيد الذي يمكن أن ينهض بأهل اليمن باعتبارهم جزءاً من الأمة الإسلامية، وهو الذي يستطيع حل قضايا البلاد ومشاكلها، وهو الفكر الذي لا تُنبت تربته المفسدين، بل تنبت السياسيين الأتقياء المخلصين الذين لا يرضون بالتبعية لأعداء الأمة فضلاً عن أن يرضوا ذلك لأمتهم.
والفكر الإسلامي النقي لن ينبت الإحساس بالإنفصال مثلاً لأنه إن طُبق تطبيقاً كاملاً وسليماً فلن ينتج عنه ظلم للناس وتمييز بعضهم على البعض الآخر، فيندفع الناس في الخضوع لأحكامه شعوراً منهم بعدالته، فضلاً عن تحريمه للنزعات العصبية والجهوية والمعاقبة عليها.

يا أبناء المسلمين في اليمن
إنه مما يتوجب علينا جميعاً أن ندفع الأطراف المحلية المشاركة في المؤتمر إلى الآتي:
أولاً: رفض رعاية الدول الاجنبية للمؤتمر وكذلك أدواتهم من دول مجلس التعاون الخليجي، وترك المؤتمرين يبحثون مشاكل البلاد وقضاياها فيما بينهم وبشكل ذاتي؛ لأن تلك الدول الراعية إنما تريد تنفيذ أجنداتها، ورعاية مصالحها هي، ونحن نملك عقولاً نفكر فيها لبحث قضايانا وإيجاد الحلول الصحيحة لها لو صدقنا الله في التفكير الصحيح في قضايانا والحلول الصحيحة لها.
ثانياً: التفكير قبل كل شيء في المرجعية المناسبة التي ينبغي الرجوع إليها في حل مشاكل البلاد، والتي ينبغي أن تبنى عليها الدولة، وينبغي أن ينصب التفكير على أن يكون الفكر الإسلامي هو المرجع المناسب باعتباره عقيدة أهل البلاد، وأن لا نتخذ لنا ديناً جديداً (العلمانية ) لا ينسجم مع معتقدات الناس ليكون مرجعاً لهم وللدولة التي يُراد تجديد بنائها وحل مشاكلها.
ثالثاً: رفض فكرة الفدرلة والتصدي لمن يروجون لها، فضلاً عن رفض أي شكل من أشكال الإنفصال وتحذير الأحزاب والسياسيين والعلماء والزعامات القبلية من إيقاع الناس في هذا الفخ الرهيب، ورفض كل ما يمس بالوحدة تحت أي مسمىً كان، وكذلك التصدي لدعاة المذهبية والطائفية والمناطقية وكل ما يبث الفُرقة بين إخوة العقيدة.
ولنعلم جميعاً أننا نستطيع أن نفشل كل ما يخططه أعداء الأمة ضدنا إن استطعنا أن نتخطى التضليل، وأن يتعاون وجهاءُ البلاد ومثقفوها وكلُّ المؤثرين على نشر الوعي على ما يكيده الكفار وادواتهم لها وضرورة العمل الجاد على ما ينقذ البلاد والعباد، ومنه الامساك بتلابيب كل من يسعى إلى دفع الأمة وباسمها إلى أحضان أميركا والغرب الكافرين.
(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم، واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون، واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب)

ابو العبد
11-05-2012, 05:47 PM
حقيقة مؤتمر الحوار الوطني، والموقف الواجب على كل المسلم في اليمن.

عقب تسلمه لمهام منصبه رسمياً صرح الرئيس المنتخب أن أولويات برنامجه هو إجراء حوار وطني موسع تشارك فيه كل الأطراف في البلاد ودون استثناء.
كما حث الرئيس الأميركي أوباما في تهنئته الرئيس هادي على الدعوة لعقد مؤتمر الحوار الوطني لحل القضايا السياسية. وقبل ذلك كان المبعوث الأممي جمال بن عمر قد تحدث في حواره مع صحيفة "المصدر" عن أهمية مؤت...مر الحوار ووصفه بأنه مناسبة تاريخية لتأسيس عقد اجتماعي جديد لليمن حول طبيعة الحكم وتركيبة الدولة وشكل الحكم السياسي في المرحلة المقبلة.".
هذه التصريحات وهذا الاهتمام الخارجي والداخلي بمؤتمر الحوار المزمع عقده، وما يجري بشأن عقده وبشأن مشروع التعديلات الدستورية _المطلوبة لتسوية سياسية لما يسمى قضايا وطنية_ من تحركات وراء الكواليس للأطراف المحلية والإقليمية والدولية لا شك أن لذلك كله دلالات وأبعاد مهمة وخطرة على حاضر اليمن ومستقبله بل وعلى المنطقة برمتها.
ويمكن القول على ضوء تلك التصريحات والوقائع أن الأجندة التي يجري التحضير لبحثها في مؤتمر الحوار الوطني المرتقب، والتي تريد الأطراف الدولية والأطراف الإقليمية الممثلة للإرادة الأميركية أن يبحثها المؤتمر هي القضية الجنوبية، وقضية الحوثيين، وملف ما يطلقون عليه (الإرهاب) في اليمن.
أما الملفات المتعلقة بالفقر والبطالة واستعادة الثروات العامة التي نهبتها ولا تزال شركات المستعمر ووكلائه المحليين، وكذا الملفات المتعلقة بتطهير أجهزة الدولة جميعها من الفساد والظلم، فليست بالأمر الوارد في برنامج هذا الحوار الوطني، وحتى إن تم التعرض لهذه الملفات فهو من باب ذر الرماد في العيون.
أما الأبعاد المهمة والخطرة على حاضر اليمن ومستقبله بل ومستقبل المنطقة برمتها فإن أبرزها:
أولاً: إن الإساس الذي يُراد بناء اليمن الجديد عليه، والذي أخرج باعتباره مطلباً شعبياً هو نفس الأساس السابق ولكن بثوب جديد (الدولة المدنية)، فاليمن كان نظامه منذ ما يسمى بالإستقلال قائماً على أساس فصل الدين عن الدولة (العلمانية)، وهو ذات الأساس الذي يتم المطالبة بتجديد بناءً الدولة عليه. وبذلك يتم ضمان تبعية البلاد لأميركا والغرب الكافرين.
ثانياً: إن قضيتي الجنوب والحوثيين قد وضع علاجهما سلفاً بالترويج للفدرالية وإيجاد رأي عام لتقبلها؛ ليكون ذلك مقدمة لتقسيم البلاد.
ثالثاً: ما يسمى بـ"الإرهاب"، وهو قضية جرى ويجري الاستفادة من إبقائها قائمة؛ للتذرع بتواجد عسكري أميركي حول مضيق باب المندب وجنوب البلاد لخدمة أهداف السياسة الخارجية الأميركية في منطقة القرن الإفريقي بشكل أساسي، ولتوسيع شقة الخلاف المذهبي في البلاد، وتنفير الناس من حكم الشريعة بعد رسم الإعلام لصور منفرة عن ممارسات باسم الإسلام الذي يتوقون لتطبيقه في واقع حياتهم.
رابعاً: أما تأثير نتائج الحوار المرتقبة على خارج اليمن، فهي إضافة نجاح جديد لمشروع أميركا (الشرق الأوسط الكبير) ليكون أنموذجاً جديداً في تجديد العلمانية، وتقبل الفدرالية تمهيداً لتقسيم بلدان المنطقة على أسس مذهبية وطائفية. ولعل المملكة السعودية ستكون أكثر الدول التي سينعكس عليها ما حدث في اليمن من فدرلة وعلمنة.

أيها المسلمون من أبناء اليمن
إن أميركا والغرب الكافرين يريدون لأهل اليمن المسلمين أن يعتنقوا الفكر الغربي القائم على عقيدة فصل الدين عن الحياة، والتي أصبح يطلق عليها (الدولة المدنية) إيهاما للناس بأنها النقيض للدولة البوليسية أو الدولة الدينية بالمفهوم الغربي للدول التي كانت قائمة في العصور الوسطى في أوروبا.
ولا يغيب عن نباهة أبناء المسلمين في هذا البلد الذين وصفهم رسولنا الكريم بالإيمان والحكمة أن الإسلام دين ومنه الدولة، وهو ليس كالنصرانية التي تقتصر على العقيدة وبعض التعاليم، فهو عقيدة تنبثق عنها شريعة كاملة للحياة، وسبق أن طُبِّقت عملياً لقرون طويلة، وهي وحدها التي تصلح لمعالجة مشاكل الإنسان معالجة صحيحة، ومن يعتقد بأنها لا تصلح للتطبيق في كل زمان ومكان فإنه يحكم على نفسه بالخروج من ملة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
إن الغرب الكافر الذي يتمسك بعقيدته "فصل الدين عن الحياة" يريد منا أن نجعل أساس الدولة عقيدته تلك؛ لأنه بذلك يضمن ولاءنا وتبعيتنا له، ويستطيع بذلك أن يفرض علينا أنظمته، بعد أن يضع في فم بعض أبنائنا المتأثرين بثقافته مطالبه التي سيجري إقرارها في مؤتمر الحوار الوطني مصوراً تلك المطالب بأنها مطالب لأبناء اليمن كافة.
إن أساس الدولة الذي ينبغي أن يُطالب بأن تبنى عليه الدولة كجزءٍ من بلاد المسلمين إنما هو العقيدة الإسلامية، والمصدر الوحيد للتشريع ينبغي أن يكون الكتاب والسنة وما أرشدا اليه، ولذلك لا يصح أن يكون لنا مرجعية في الدولة وعلاقات المجتمع سوى العقيدة الإسلامية.
هذا من حيث الأساس الذي ينبغي أن تبنى عليه الدولة. أما قضيتا الجنوب والحوثيين، فإن تحويل اليمن إلى جمهورية فدرالية هو حل يتناسب مع من غذى الأحقاد بين أبناء المسلمين في اليمن ومع أدواتهم فيه الذين يخدمون أهدافه سواء أدركوا ذلك أم لم يدركوا.
فالفدرالية شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستورياً بين حكومة مركزية وأقاليم يتم تقاسم السيادة والصلاحيات بينهما، وتعتبر الأقاليم وحدات دستورية لكل منها دستورها الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، كما يكون للحكومة المركزية دستور وقوانين اتحادية.
وفي العادة يجري وضع دستور للإتحاد وتسن قوانين له، ثم تترك باقي الصلاحيات للأقاليم، ويجري وضع دستور للأقاليم وتسن قوانين بوساطة مجالسها التشريعية بما لا يتعارض مع قوانين الإتحاد.
وتطرح أميركا الفدرالية مؤخراً للرأي العام في منطقة العالم الاسلامي على أنها حل لمشكلة المركزية وتغوّل العاصمة على حساب الأطراف، ولكن الحقيقة إنها إنما تريد أن تزرع الإنقسام والإنفصال بين المسلمين، فهي تغذي الناحية المذهبية والعرقية، وترمي بأخوة الإسلام بعيداً عن أنظارهم، ثم تدلس على الناس بأحلام تداعب مفهوم الوحدة بين المسلمين مضللة إياهم بالدعوة لاتحادات فدرالية.
إلا أن الحقيقة التي يجب الالتفات إليها أنه برجوعنا إلى الإسلام فإننا نجد أن الفدرالية والدعوة لها حرام شرعاً. فنظام الإسلام لا يقر الإتحادات بأشكالها كافّة؛ ذلك لأن نظام الإسلام إنما هو نظام وحدة وليس نظاماً اتحادياً، فالدولة في الاسلام لها رئيسٌ واحدٌ، ودستورٌ واحدٌ، وقوانينُ واحدةٌ، والوالي في ولايات الدولة يستمد صلاحياته من أمير المؤمنين، والقضاة في الولايات يحكمون بقوانين الشرع، وأمن الولاية هو جزء من أمن الدولة الواحدة.
وعليه فإن طرح الفدرالية انما هو بذرٌ لبذور الإنفصال بين أبناء الأمة الإسلامية الواحدة، حيث أن الإسلام يحدد ولاء من ينتمي إليه باعتناقه العقيدة الإسلامية، ويحارب الولاء للعرق أو اللون او المنطقة الجغرافية، ولا يجيز العداء بين اتباع المذاهب الإسلامية؛ لذلك فهي خطوة نحو الإنفصال التام كما حصل في جنوب السودان، وكما يراد له أن يحصل في ليبيا.
أما الملفات التي سيمر عليها المؤتمرون مروراً، وهي معاناة الناس من الفقر والبطالة والفساد المستشري في أجهزة الدولة كافة، وضياع مقدرات البلاد وثرواتها ...إلخ فإن سوء علاجها وسوء القائمين على تنفيذ تلك المعالجات سيستمر لأن طريقة التفكير للعلاج غير صحيحة، والصحيح أن يجري التفكيرمثلا بالسبب الذي جعل الفساد ظاهرة في المجتمع فقد يكون الأساس الذي تبنى عليه معالجات قضايا البلاد أساساً فاسداً.
واذا اختلفت طريقة التفكير فمن الطبيعي ان يختلف العلاج. فوجود الفساد ممكن في كل المجتمعات، والعلاج يمكن أن ينصب على محاسبة الفاسدين (من أين لك هذا؟) وتنحيتهم من مناصبهم ومحاكمتهم، ولكن انتشاره ليصبح ظاهرة لا ينفع فيه التنحية والمحاسبة والمحاكمة، بل ينبغي ان ينصب العلاج على سبب وجود الفساد كظاهرة.
والحقيقة التي توصلت لها منظمتنا بعد الدراسة والفكر والبحث أن الأساس العلماني الذي تقوم عليه البلاد أساسٌ فاسدٌ ولا ينسجم مع العقيدة التي يعتنقها من يطبق عليهم النظام، ولذلك فإن العلاج الصحيح أن يتغير الفكر الذي تقوم عليه الدولة ويرجع إليه في معالجة مشاكل البلاد.
والفكر الإسلامي النقي هو الفكر الوحيد الذي يمكن أن ينهض بأهل اليمن باعتبارهم جزءاً من الأمة الإسلامية، وهو الذي يستطيع حل قضايا البلاد ومشاكلها، وهو الفكر الذي لا تُنبت تربته المفسدين، بل تنبت السياسيين الأتقياء المخلصين الذين لا يرضون بالتبعية لأعداء الأمة فضلاً عن أن يرضوا ذلك لأمتهم.
والفكر الإسلامي النقي لن ينبت الإحساس بالإنفصال مثلاً لأنه إن طُبق تطبيقاً كاملاً وسليماً فلن ينتج عنه ظلم للناس وتمييز بعضهم على البعض الآخر، فيندفع الناس في الخضوع لأحكامه شعوراً منهم بعدالته، فضلاً عن تحريمه للنزعات العصبية والجهوية والمعاقبة عليها.

يا أبناء المسلمين في اليمن
إنه مما يتوجب علينا جميعاً أن ندفع الأطراف المحلية المشاركة في المؤتمر إلى الآتي:
أولاً: رفض رعاية الدول الاجنبية للمؤتمر وكذلك أدواتهم من دول مجلس التعاون الخليجي، وترك المؤتمرين يبحثون مشاكل البلاد وقضاياها فيما بينهم وبشكل ذاتي؛ لأن تلك الدول الراعية إنما تريد تنفيذ أجنداتها، ورعاية مصالحها هي، ونحن نملك عقولاً نفكر فيها لبحث قضايانا وإيجاد الحلول الصحيحة لها لو صدقنا الله في التفكير الصحيح في قضايانا والحلول الصحيحة لها.
ثانياً: التفكير قبل كل شيء في المرجعية المناسبة التي ينبغي الرجوع إليها في حل مشاكل البلاد، والتي ينبغي أن تبنى عليها الدولة، وينبغي أن ينصب التفكير على أن يكون الفكر الإسلامي هو المرجع المناسب باعتباره عقيدة أهل البلاد، وأن لا نتخذ لنا ديناً جديداً (العلمانية ) لا ينسجم مع معتقدات الناس ليكون مرجعاً لهم وللدولة التي يُراد تجديد بنائها وحل مشاكلها.
ثالثاً: رفض فكرة الفدرلة والتصدي لمن يروجون لها، فضلاً عن رفض أي شكل من أشكال الإنفصال وتحذير الأحزاب والسياسيين والعلماء والزعامات القبلية من إيقاع الناس في هذا الفخ الرهيب، ورفض كل ما يمس بالوحدة تحت أي مسمىً كان، وكذلك التصدي لدعاة المذهبية والطائفية والمناطقية وكل ما يبث الفُرقة بين إخوة العقيدة.
ولنعلم جميعاً أننا نستطيع أن نفشل كل ما يخططه أعداء الأمة ضدنا إن استطعنا أن نتخطى التضليل، وأن يتعاون وجهاءُ البلاد ومثقفوها وكلُّ المؤثرين على نشر الوعي على ما يكيده الكفار وادواتهم لها وضرورة العمل الجاد على ما ينقذ البلاد والعباد، ومنه الامساك بتلابيب كل من يسعى إلى دفع الأمة وباسمها إلى أحضان أميركا والغرب الكافرين.
(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم، واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون، واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب)

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

احسنت اخي الكريم

ادرك اليقين1
13-05-2012, 07:19 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأخ الكريم ابو خير الله، بارك الله فيك على نقل الموضوع ، ولكن وحيث أنك نقلت الموضوع من الفيس بوك للمنتدى ، فقد كان من الواجب الاشارة وذكر الجهة المصدر. دمتم

ابو ابراهيم
24-07-2012, 06:14 PM
بارك الله فيك اخي الكريم
هل يوجد عندك باقي الاعداد " ليس على شكل اكروبات او بي دي اف" ولكن على شكل وورد او تكست

نائل سيد أحمد
21-11-2012, 03:53 PM
للتذكير والرفع من جديد ....