المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التحليل السياسي (مذكرة اعتقال البشير وتآمره مع أميركا لفصل دارفور)



مؤمن
22-03-2009, 05:12 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
التحليل السياسي

(مذكرة اعتقال البشير وتآمره مع أميركا لفصل دارفور)

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بتاريخ 4 آذار/مارس2009 مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة المسؤولية غير المباشرة في تصفية مدنيين والتهجير القسري والتعذيب والاغتصاب في إقليم دارفور، بينما نفت عنه المحكمة تهمة الإبادة الجماعية حسبما جاء في مذكرة الاعتقال. وطالبت المحكمة المجتمع الدولي بالتعاون معها في تسليم البشير للمحاكمة بموجب معاهدة روما، وأشارت إلى أنها ستحيل الموضوع إلى مجلس الأمن في حال عدم انصياع البشير إلى قرارها. إن قرار المحكمة هو فعلا قرار سياسي لأن مجلس الأمن بزعامة أميركا هو الذي أحال بتاريخ 31/3/2005 قضية اتهام عمر البشير ومسؤولين آخرين بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور. وفي 14 تموز/يوليو 2008 طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو من قضاة المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
لقد جاء هذا الطلب بعد أن رفض البشير تسليم أحمد محمد هارون (وزير الدولة بوزارة الداخلية والمسؤول التنفيذي عن ملف دارفور آنذاك ووزير الدولة للشؤون الإنسانية حاليا) وعلي عبد الرحمن كوشيب (الذي كان أميرا لمجاهدي قوات الدفاع الشعبي، وهي قوات سودانية شبه عسكرية وتتهمه المعارضة الدارفورية بأنه أحد قادة ميليشيا الجنجويد) الذين أمرت المحكمة الجنائية الدولية في آذار/مارس 2007 باعتقالهما بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور. وفي هذا الشهر وبتاريخ 4/3/2009 أصبح عمر البشير أول رئيس تصدر بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية أثناء مهامه الرئاسية وثالث رئيس تصدر بحقه هكذا مذكرة بعد رئيس ليبيريا السابق تشارلز تايلر والرئيس السابق ليوغسلافيا سلوبودان ميلوسوفيتش.
أما رد عمر البشير على مذكرة التوقيف التي أصدرتها بحقه المحكمة الجنائية الدولية فلم يتجاوز مجموعة خطابات استعراضية هاجم فيها "الاستعمار الجديد" قائلا: أن "المجرمين الحقيقيين هم رؤساء الولايات المتحدة وأوروبا" ومضيفا: "منذ عشرين عاما ونحن نخضع لضغوط الاستعمار الجديد، وأدواته مثل المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن الدولي وصندوق النقد الدولي". كما أعلن البشير عن طرد بعض المنظمات الدولية غير الحكومية الناشطة في دارفور قائلا: "سنطرد عشر منظمات غير حكومية لأنها خرقت قوانين البلاد ولم تحترم نطاق تفويضها". وذكر البشير في اجتماع حاشد في الفاشر عاصمة ولاية دارفور إن "السودان أول دولة في جنوب الصحراء تنال استقلالها ولا يمكن أن تكون أول دولة يعاد استعمارها"، وتعهد بأن يكون رده على "مزاعم ما يسمى بالجنائية الدولية هو المزيد من التنمية". ووصف البشير الغرب بأنه "غير مؤهل للحديث عن العدالة وحقوق الإنسان وعن إبادة جماعية وهم الذين أبادوا الهنود الحمر في أميركا وألقوا بالرقيق الأفارقة في البحر واستخدموا البقية في بناء الاقتصاد كما ضربوا اليابان بالقنبلة الذرية". ومضى قائلا "إذا كان الناس يريدون حربنا فليأتوا إلى هنا ويواجهوننا وجها لوجه".
أما تداعيات هذا القرار من الناحية القانونية فإن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها قوة تنفيذية لتقوم بتطبيق هذا القرار؛ ولذلك فإنها سوف تعتمد في تنفيذ أحكامها على تعاون الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وهنا يمكن للمحكمة أن تتوجه إلى مجلس الأمن لمحاولة استصدار قرار بالتوقيف أو الاعتقال‏،‏ لا سيما وأن مجلس الأمن هو الذي أحال القضية إلى المحكمة‏،‏ وفي هذه الحالة يملك مجلس الأمن أحد خيارين:
ـ

مؤمن
22-03-2009, 05:13 PM
الخيار الأول: التجميد ويتم عبر تفعيل المادة ‏16‏ من ميثاق روما والتي تعطي لمجلس الأمن الحق في إيقاف تحركات المحكمة تجاه السودان لمدة عام قابلة للتجديد دون حد أقصى لعدد مرات هذا التجديد‏.‏
ـ الخيار الثاني: إصدار أمر القبض بموجب الفصل السابع. وفي هذه الحالة فقط يكون لمجلس الأمن الحق أن يطلب من الدول أو أن يُكوّن هو قوة تنفيذ أمر القبض بكل الوسائل الممكنة بما في ذلك أعمال القرصنة والاختطاف.
إن قرار المحكمة من الناحية القانونية ليس بذي قيمة كبيرة لأن السودان ليس عضوا في المحكمة الجنائية ابتداء. لكن خطورته تكون عندما يتبناه مجلس الأمن فيصبح هذا القرار قرارا سياسيا في التنفيذ مثلما كان قرارا سياسيا في نشأته. وهنا يكون هذا القرار سيفا تسلطه أميركا على رقبة السودان وشماعة يعلق عليها حكامه الخونة تفريطهم في وحدة هذا البلد الإسلامي والقبول بتقطيع أوصاله.
إن التوقيت الذي اختارته أميركا لاستصدار هذا القرار من المحكمة الجنائية يدل على أن الحكومة السودانية برئاسة عمر البشير مقبلة على تنازلات كبيرة في قضية دارفور لما هو أكثر من اتفاقية أبوجا 2006. لقد جاء قرار توقيف البشير بعد أسبوعين فقط من توقيع الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة وثيقة تفاهم في الدوحة بتاريخ 17/2/2009. واعتبر جل المراقبين أن "اتفاق حسن النيات وبناء الثقة لتسوية مشكلة دارفور"، والذي جاء بعد ثمانية أيام متواصلة من التفاوض، دليلا على رغبة الطرفين في تحقيق السلام في دارفور وتمهيداً لجولة ثانية من المحادثات يُنتظر أن تبدأ بعد بضع أسابيع من هذا الاتفاق لصوغ "إطار" يقود إلى إقرار اتفاق نهائي لأزمة دارفور المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات.
وفي ظل هذه "الأجواء التفاؤلية"، وقبل أسبوع من صدور قرار المحكمة الجنائية قام أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني بزيارة للخرطوم في 21/2/2009 تزامنت مع إعلان الحكومة السودانية الإفراج عن 24 من عناصر حركة العدل والمساواة في خطوة تعتبر بادرة حسن نية، وفى إطار الاتفاق الذي وقع بالدوحة بين الحكومة السودانية والحركة بشأن دارفور. ومما أعلن أن الزيارة تناولت قضية مواصلة الحوار بين الحكومة والحركات المسلحة وسبل إصلاح العلاقات بين السودان وتشاد وملف المحكمة الجنائية الدولية. وفي اليوم التالي بتاريخ 22/2/2009 طار البشير على وجه السرعة إلى القاهرة لإجراء مباحثات مع حسني مبارك تناولت التطورات الحالية في السودان وجهود تحقيق السلام فى دارفور وقضية المحكمة الجنائية الدولية.
إن هذه التحركات السياسية بين الخرطوم والدوحة والقاهرة قبل صدور مذكرة الاعتقال ضد البشير لتدل على أن حكام السودان وقطر ومصر جزء لا يتجزأ من المؤامرة الأميركية بخصوص دارفور. وهذا ما سنبينه بالدليل في الأهداف التي تعمل أميركا على انجازها من وراء دفعها المحكمة الجنائية الدولية بتاريخ 4 آذار/مارس إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة المسؤولية غير المباشرة في ارتكاب "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" في إقليم دارفور.
لقد مارست أميركا وتوابعها بعد توقيع معاهدة أبوجا في نيجيريا 2006 العديد من الضغوط على الحكومة السودانية ورفعت من سقف التنازلات بخصوص دارفور. فلوحت من خلال الكونغرس الأميركي بإمكانية فرض منطقة حظر طيران للقوات الجوية السودانية على دارفور، وأوعزت للمحكمة الجنائية الدولية بتوجيه مذكرة اعتقال في حق بعض رجالات النظام. كما أصرت أميركا على نشر قوات حفظ سلام من الأمم المتحدة بجانب القوات الإفريقية وتم لها ذلك من خلال قوات الهجين (يوناميد). وأمرت أميركا فصيل عبد الواحد نور من حركة تحرير السودان بمقاطعة كل جولات المحادثات من أبوجا إلى سرت والدوحة لإبقاء مشكلة دارفور مستعرة على المستوى الدولي في الوقت الذي تحصد فيه أميركا مزيدا من التنازلات على يد بقية فصائل المعارضة باتجاه الوصول بدارفور إلى الوضع السياسي الذي وصل إليه جنوب السودان، الحكم الذاتي ثم الإنفصال تحت مسمى حق تقرير المصير. وأخيرا دفعت أميركا بالمحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة اعتقال للبشير لتكتمل حلقات

مؤمن
22-03-2009, 05:14 PM
الضغط فتحقق الأهداف التالية:
1ـ إن قرار المحكمة سوف يدفع بالتمرد والحركات المسلحة في دارفور إلى مزيد من التعنت ورفع سقف مطالبها للحصول على أكثر مما حصلت عليه في اتفاق أبوجا. ولذلك ليس غريبا أن يصرح خليل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة بالقول: "نحن آلية تنفيذ قرار المحكمة الجنائية في اعتقال البشير". فدل هذا التصريح على أن أميركا ستضغط في الجولة القادمة من مفاوضات دارفور في الدوحة للوصول إلى أكثر من "إجراء استفتاء شعبي في موعد أقصاه تموز/يوليو 2010 لتحديد ما إذا كانت دارفور ستصبح منطقة اتحادية مع إدارة منفردة"، كما جاء في معاهدة أبوجا. فبعد إصدار مذكرة الاعتقال جعلت أميركا المعارضة في موقع القوة أثناء المفاوضات بهذا الضغط الدولي على رأس السلطة في السودان وفي نفس الوقت أعطت البشير المسوغات والذرائع للتنصل من مسؤولياته والسير قدما في طريق الخيانة والتجزئة. إن المطلوب أميركيا هو إجبار الحكومة السودانية على قبول تسوية سياسية تجعل ولايات دارفور الثلاث إقليمًا واحدًا بحكومة إقليمية على غرار جنوب السودان. ومن ثم تعطى هذه الحكومة الإقليمية صلاحيات هائلة تحد من تدخل الحكومة المركزية في الخرطوم‏،‏ وتضع مقدرات الإقليم في يد العناصر التي يتم تحضيرها الآن‏ من مثل عبد الواحد محمد نور الذي اعترف على قناة الجزيرة مؤخرا بزيارته لإسرائيل ولقائه مسؤولين فيها واستعداده لفتح سفارة لها عندما يصل إلى الحكم.
2ـ أما الهدف الثاني الذي تسعى أميركا إلى تحقيقه من وراء إصدار مذكرة الاعتقال فهو يتعلق باتفاقية نيفاشا 2005 بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان. فهذه الاتفاقية تنص على إجراء انتخابات في وقت لاحق من العام الجاري تمهيدا للاستفتاء المنتظر إجراؤه بشأن انفصال الجنوب من عدمه عام 2011. وحيث أن أميركا تعمل على فصل الجنوب وربطه جيوسياسيا بمنطقة البحيرات الكبرى وهي لا تضمن حصول الانفصال عبر الاستفتاء، فإنها قد تستعمل مذكرة الاعتقال لتوتير الأجواء وتفجيرها بين الحكومة السودانية والحكومة الإقليمية في الجنوب بما يهيئ الأوضاع السياسية إلى إلغاء اتفاقية نيفاشا أو إيقاف العمل بها في مسألة الاستفتاء، ومن ثم يقوم برلمان الجنوب بإعلان الانفصال التام دون الحاجة إلى استفتاء تقرير المصير.
3ـ إن أميركا ليست جادة في اعتقال عمر البشير لأنه من أفضل عملائها في كل تاريخ السودان الحديث الذي خدمها في مسألة التقسيم والتجزئة. وإن أميركا ما زالت تحتاجه في تلبية مطالب حركات التمرد ليس في دارفور فقط بل أيضا في أقاليم أخرى في الشرق أو في إقليم كردفان حيث تعمل أميركا على تشجيعها بالانفصال أسوة بالجنوب والغرب. إن مذكرة الاعتقال هي من أفضل الوسائل الدولية التي سوف تستعملها أميركا لتفتيت السودان إلى دويلات هزيلة سياسيا ولكنها غنية بالثروات الطبيعية الأولية والحيوانية والمائية ومصادر الطاقة الضخمة. ولذلك ليس غريبا أن ترتفع أصوات صحافية وقانونية وسياسية كثيرة في أميركا وأوروبا من بينها "مجموعة الأزمات الدولية" تطالب باعتماد إجراءات بديلة عن إصدار قرار بتوقيف الرئيس السوداني في هذه المرحلة من مثل تأجيل إجراءات الاعتقال والمحاكمة مدة عام قابلة للتجديد بموجب قانون المحكمة الجنائية الدولية نفسها، وذلك من أجل تمكين البشير من تطبيق اتفاقية السلام مع الجنوب والتعاون مع الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار والمصالحة السياسية في دارفور.
وفيما يلي مزيد من الدلائل التي تؤكد مشاركة عمر البشير في جريمة تقسيم السودان عموما وتآمره مع أميركا لإيصال دارفور إلى الوضع الانفصالي الذي وصل إليه الجنوب من خلال مذكرة الاعتقال التي صدرت عن المحكمة الجنائية الدولية.
1 ـ إطلاق سراح حسن الترابي:
لقد استغرب الكثيرون من إطلاق عمر البشير سراح حسن الترابي بعد شهرين من السجن على خلفية تهم موجهة له بخصوص دارفور بمجرد صدور مذكرة الاعتقال من المحكمة الجنائية في 4 آذار/مارس. إلا أن هذا الاستغراب يزول إذا علمنا أن الترابي اعترف بأن "أصواتا من الخارج" من بينها السفارة الأميركية هي التي أسهمت في إطلاق سراحه. وقام الترابي باستقبال القائم بالأعمال الأميركي ألبرتو فرنانديز في منزله بالخرطوم بعد يوم واحد من الإفراج عنه. وصرح الرجلان عقب اللقاء إنهما بحثا معا آخر التطورات في الساحة السودانية. (الجزيرة 11/3/2009) وفوق ذلك صرح حسن الترابي بمجرد إطلاق سراحه قائلا: إن "العلاقات الدولية سوف تتحسن إذا ما سلم الرئيس السوداني نفسه للمحكمة". ومع كل هذا وذاك لم يتعرض النظام بالسوء إلى حسن الترابي.
إن إطلاق سراح الترابي في هذا الوقت ليدل على أنه كان وما يزال من أخلص عملاء أميركا مثله مثل البشير. ورغم اختلاف الرجلين سياسيا وافتراقهما حزبيا منذ عام 2000 إلا أنهما مازالا يسيران في خدمة أميركا كل من موقعه منذ انقلاب 1989. أليس الترابي والبشير معا هما اللذان زورا الاستفتاء على دستور 1998 وزعما أن الشعب السوداني وافق عليه، وضمناه الفقرة (ز) من المادة 139 التي تقول: "إن لجنوب السودان نظاما انتقاليا لأجل، يكون فيه اتحاديا وتنسيقيا للولايات الجنوبية وينتهي بممارسة حق تقرير المصير"؟؟.
2 ـ طلب مشاركة أميركا في النفط:
بعد أن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو من قضاة المحكمة في 14 تموز/يوليو 2008 إصدار مذكرة اعتقال بحق البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، كان يتوقع من البشير أن يشن حملة ضد أميركا التي تقف وراء تحركات أوكامبو. لكننا نجد أن الرئيس السوداني عمر البشير يفتح أبواب السودان أمام أميركا وشركاتها ليكون لها نصيب الأسد في بترول إقليم دارفور غربي السودان. ففي مقابلة أجرتها قناة العربية الفضائية يوم 22/8/2008 مع البشير قال فيها: "إن إقليم دارفور يطفو على بحيرة من البترول.. ولا مانع لدينا إذا رغب الأميركيون مشاركتنا في هذه الخيرات، ولكننا لا نريد أن يستحوذوا عليها بالكامل".وأشار البشير إلى أن السودان يجري محادثات مع الولايات المتحدة حول السبل الكفيلة لحل أزمة دارفور.
3 ـ عودة المفاوضات في الدوحة:
ومما يؤكد أن مذكرة الاعتقال هي من الأساليب الدولية التي اتفقت عليها أميركا مع البشير لتبرير التنازلات والخيانات بحق دارفور هو عودة المفاوضات قريبا في الدوحة بين حركة العدل والإحسان وبين الحكومة السودانية، مع أن إيقاف المفاوضات هو أبسط رد يمكن أن تتخذه حكومة البشير ضد مذكرة الاعتقال. فقد صرح وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري أحمد بن عبد الله آل محمود في الدوحة أن الجولة الثانية من مفاوضات دارفور ستبدأ قريبا، ورجح أن يكون ذلك خلال أسابيع. وقد أدلى الوزير القطري بهذا التصريح عقب اجتماع ضمه والوسيط المشترك للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة جبريل باسولي مع مندوبين عن الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة في إطار متابعة ما تم تنفيذه من إتفاق حسن النوايا الموقع بتاريخ 17/2/2009 في الدوحة. ولفت آل محمود إلى أنه بحث مع باسولي ترتيبات مشاركة أطراف أخرى أبدت استعدادها للمشاركة في المفاوضات.
أما الوسيط المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي جبريل باسولي فقال أن ممثلي الأطراف سيبقون في الدوحة للتحضير لعملية التشاور المقبلة لإنجاز اتفاق نهائي، ووصف توقيع وثيقة التفاهم بأنه خطوة مهمة سيتم البناء عليها لحل مشاكل دارفور. وأشار إلى التزام حركة العدل والمساواة بالاتفاق، وإلى أن الحكومة السودانية طلبت ضمانات بعدم عودة عناصر الحركة المفرج عنهم للقتال مرة أخرى. وأعلن جبريل باسولي أنه سيلتقي رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم في الخرطوم للاتفاق على جدول زمني لتحقيق سلام شامل في دارفور. وشدد على استمرار المشاورات مع بقية الأطراف التي لم تشارك في لقاءات الدوحة، وناشد المجتمع الدولي دعم جهود المصالحة. وفي نفس السياق قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ إن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها محكمة الجنايات الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير، من شأنها أن تعرقل جهود السلام والمصالحة في دارفور، والسودان بشكل عام.
فهل بعد كل هذه التصريحات ما زال هناك شك في أن مذكرة الاعتقال هي أسلوب إضافي من أميركا لتسريع عملية التسوية التي تعدها لدارفور بالتآمر مع حكام السودان وقطر. وإن كل الشعارات والتصريحات العنترية التي يطلقها عمر البشير من حين لآخر ليست سوى تصريحات وشعارات للاستهلاك المحلي وللتغطية والتمويه على الخيانة الكبرى التي يشاركه فيها حكام قطر ومصر بتمزيق جسد الأمة الإسلامية. فلم يكفهم تطبيق أحكام الكفر والتفريط في ثروات المسلمين وتمكين الكافر المستعمر منا حتى يزيدوا على ذلك تقطيع البلاد الإسلامية وفق "سيكس ـ بيكو" أميركي جديد.

22‏/ربيع الأول/1430هـ
‏18‏/3‏/2009م