المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دولتان لشعبين".. حل غير ممكن من منظور إسرائيلي *



مؤمن
18-03-2009, 10:46 AM
دولتان لشعبين".. حل غير ممكن من منظور إسرائيلي *




إسلامنا – تحاليل سياسية - أفرايم عنبار
مرت فكرة "دولتين لشعبين" منذ أن ظهرت بشكل رسمي في القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة (11 نوفمبر 1947)، والذي دعا إلى تقسيم "أرض إسرائيل الانتدابية" (فلسطين) إلى دولتين، يهودية وعربية، بالكثير من التطورات والمتغيرات التي كانت دائما ما ترتبط بمراحل الصراع وتطوراته.
وفي الوقت الراهن، بدأ بريق هذا الحل يخبو إلى حد كبير، لا سيما مع تجدد الصراع المسلح بين العرب وإسرائيل على إثر نشوب حرب لبنان الثانية في صيف 2006، والحرب على غزة في ديسمبر 2008، بعد أن كانت قد طرحت بشكل قوي خلال أكثر ما يزيد من عقد كامل هي فترة المباحثات السلمية في الشرق الأوسط التي انطلقت في أعقاب اتفاقي أوسلو ومدريد مطلع التسعينيات من القرن الماضي.
ومع ذلك، فقد ظلت هذه الفكرة مثار جدل في إسرائيل وانقسمت الآراء حولها ما بين مؤيد، ومعارض، وداع لإيجاد بدائل لها، أو تطويعها بشكل يخدم أمن إسرائيل في هذه المرحلة، حتى أنها كانت أحد المحاور الأساسية في الدعايات الانتخابية للأحزاب المختلفة في انتخابات 2009.
تاريخ الفكرة
ويؤصل لبداية فكرة دولتين لشعبين، ببداية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي نشب من مائة عام تقريبا، وظهرت خلاله الكثير من الأفكار لحل هذا الصراع "الإثني"، والتي تمحورت في معظمها بصورة أو بأخرى حول حل "دولتين لشعبين"، بمعنى تقسيم أرض فلسطين مثلما كانت عليه إبان الانتداب البريطاني 1917-1948 إلى دولة يهودية ودولة عربية، تعيشان في سلام إلى جانب بعضهما البعض.
وبعد ذلك مرت الفكرة بعدة مراحل:
المرحلة الأولى، تبدأ مع بدايات الصراع الذي أخذ سمة الصراع الإثني – الطائفي؛ فكل طائفة تمسكت بقطعة الأرض التي تعيش عليها وحاولت تطوير منظومتها وسيادتها عليها، وتوسيع المناطق التي تحت سيطرتها، ما أدى إلى تدهور الأوضاع في أرض فلسطين، بشكل دفع السلطات البريطانية في أغسطس 1936 إلى تشكيل لجنة رسمية برئاسة "ويليام روبرت بيل" لفحص الأوضاع على الأرض وتقديم توصيات بشأنها، حيث أوصت اللجنة في يوليو من العام 1937 بتقسيم البلاد إلى دولتين يهودية وعربية غير متساويتين في الحجم، إلا أن هذه التوصيات لم تنفذ نتيجة الصعوبات التي واجهتها على أرض الواقع من جانب، ونتيجة اعتراض العرب عليها من جانب آخر.
المرحلة الثانية، أخذ فيها الصراع طابع الصراع بين الدول الإقليمية المختلفة، وذلك بالإعلان عن إقامة دولة إسرائيل عام 1948، فقد سيطرت إسرائيل على 78% من مساحة البلاد، في حين سيطرت الجيوش العربية على ما تبقى منها، حيث سيطرت مصر على قطاع غزة الذي فضلت أن تقيم به نظاما عسكريا، أما الأردن فقد ضمت الضفة الغربية وأصبح جزء كبير من الفلسطينيين مواطنين أردنيين، في حين احتفظت سوريا بجزء صغير في الشمال.
وخلال الفترة الممتدة بين عامي 1948 و1967 لم يتم طرح فكرة دولتين لشعبين، إذ أن الدور الفلسطيني الوطني بدأ يخبو بشكل كبير، في حين أن كلا من مصر والأردن، الدولتين العربيتين المحتفظتين بجزء كبير من فلسطين، لم تطرحا بأي شكل من الأشكال هذه الفكرة، إضافة إلى أن الصراع في هذه الفترة بدأت تسيطر عليه فكرة أنه صراع بين الدول العربية والدولة اليهودية غير الشرعية.
وفي أعقاب حرب عام 1967 وما نتج عنها من إصدار القرار 242 اختفت هذه الفكرة تماما، إذ إن القرار لم يتعرض بأي شكل من الأشكال للمشكلة الفلسطينية، التي أخذت الطابع الإنساني أكثر من الطابع القومي والإثني، وخلال هذه المرحلة وما بعدها تحولت القضية الفلسطينية إلى ورقة سياسية تستخدمها الأطراف العربية المختلفة وفق مصالحها المختلفة.
المرحلة الثالثة، وتمتد بين حرب عام 1967 واتفاق أوسلو عام 1993، إذ أضيف للصراع سمات سياسية وطائفية مختلفة، ففي هذه المرحلة وقعت عدة مصادمات عسكرية بين عدة دول، مثل حرب الاستنزاف فيما بين عامي 1969-1970 ثم حرب أكتوبر عام 1973، وأخيرا حرب لبنان الأولى عام 1982 والتي شاركت فيها مجموعات محدودة من الفلسطينيين، بشكل أكدت من خلاله على الطابع الإثني للصراع.
عقب هذه التطورات المختلفة، بدأت السمات الإثنية للصراع تأخذ مكانا أكثر أهمية عن أي وقت مضى، حيث عاش الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت الحكم العسكري الإسرائيلي، ما أتاح لإسرائيل محاولة التحاور مع قيادات فلسطينية في الداخل لعقد صفقات سياسية كانت دائما ما تبوء بالفشل، وفي النهاية بدأت إسرائيل تبني ما عرف بـ" التوجه الأردني"، بمعنى طرح خطة تقسيم جديدة بالاتفاق مع المملكة الهاشمية، التي كان لها عدو مشترك مع إسرائيل، هو "الحركة الوطنية الفلسطينية"، لكن هذا التوجه أدى إلى تزايد الشكوك حول كون الأردن ممثلا أمينا للفلسطينيين.
هذه التطورات السابقة، أدت إلى ما يمكن تسميته بـ "فلسطنة" الصراع العربي- الإسرائيلي، حيث أصبح الفلسطينيون يمثلون تهديدا سياسيا متزايدا لإسرائيل، وتحولوا إلى مشكلة سياسية مطروحة على الساحة الجماهيرية بشكل قوي، ما أدى إلى ظهور فكرة "دوليتين لشعبين" مرة أخرى. ووقفت وراء هذا التغير الذي طرأ على الفكرة، عدة أسباب ومتغيرات، أولها: تبلور الهوية الفلسطينية المستقلة، التي حدثت تحت الحكم الإسرائيلي في غزة والضفة، حيث أدى التباين الإثني والديني إلى حدوث ذلك، ففي هذه الفترة حصلت منظمة التحرير الفلسطينية على اعتراف دولي، وفي عام 1974 تحولت المنظمة في القمة العربية بالقاهرة إلى "الممثل الوحيد" للفلسطينيين.
ثانيها: حصول حركة التحرر الفلسطيني ضد إسرائيل على تأييد دولي آخر عقب نشوب الانتفاضة الفلسطينية الأولى في ديسمبر 1987، والتي أكدت حقيقة أن الفلسطينيين خاضعون تحت الاحتلال الإسرائيلي، كما أكدت على أن الصراع ليس عسكريا وإنما صراع من أجل الاستقلال وتقرير المصير.
ثالثهما: تمخض الانتفاضة عن قيادات فلسطينية جديدة انضمت لجبهة الحركة الوطنية الفلسطينية، تلك القيادات التي حاربت الاحتلال الإسرائيلي من داخل الأراضي الفلسطينية، وتمكنت من الحصول على اعتراف عربي ودولي قوي بها.
المرحلة الرابعة، بدأت في سبتمبر 1993 مع التوقيع على اتفاق أوسلو، ومنذ هذا التاريخ وحتى العام 2000، مثل الاتفاق بالنسبة للإسرائيليين بداية الانفصال عن الفلسطينيين، أي "التقسيم"، وذلك مع حل مشكلة وجود "شريك" يمكن التفاوض معه، وقد رأى "رابين" أن تبادل الأراضي مقابل الأمن هو الحل، في حين طرحا (شمعون بيريز ويوسي بيلين) أفكارا تتعلق بالسلام الشامل في المنطقة كلها، ما أدى إلى ظهور فكرة دولتين لشعبين كـ"دواء ساحر" لمشاكل المنطقة، وبذلت الكثير من المحاولات لتنفيذها.

مؤمن
18-03-2009, 10:47 AM
المرحلة الخامسة، تتحدد بنشوب الانتفاضة الثانية عام 2000، حيث اتسمت هذه المرحلة بعدة توجهات متناقضة، فقد تعززت قوة فكرة دولتين لشعبين، حيث اكتسبت زخما دوليا، لاسيما عقب دعوة الرئيس الأمريكي جورج بوش عام 2001 إلى إقامة دولة فلسطينية، وتبلور توجهات استخدام العنف والقوة المسلحة، إضافة لانضمام منظمات أخرى للصراع على رأسها حماس التي وصلت للسلطة في عام 2006، والتي تعارض بالأساس إقامة دولة يهودية، ما أدى إلى تلاشي إمكانية وجود شريك ملائم لإسرائيل في العملية السلمية من جانب آخر.
فشل الفكرة
يطرح حل دولتين لشعبين فرضيتين أساسيتين لم تنفذ أي منهما، أولهما: أن المصالحة التاريخية بين الحركة الوطنية الفلسطينية، والحركة القومية الصهيونية من شأنها أن تؤدي لقيام دولة فلسطينية تعيش في سلام إلى جانب دولة يهودية، وثانيهما: إتاحة الفرصة للحركة الوطنية الفلسطينية أن تبني لنفسها دولة، إلا أن الافتراضين لم يتوافقا بأي شكل من الأشكال مع الواقع السياسي الحالي.
ومن ناحية أخرى، فإن المواقف المختلفة المتعلقة بالمسائل الخلافية الأساسية (القدس، اللاجئون، الحدود)، أدت إلى كثير من التباعد بين الأطراف، فلم يكن معقولا افتراض أن أي حكومة إسرائيلية يمكنها الموافقة على تنفيذ "مسار كلينتون" عام 2000، والذي تضمن تقسيم القدس، إضافة إلى أنه في أعقاب نشوب الانتفاضة الثانية، اتسمت المواقف الإسرائيلية بالتشدد، كما زادت عناصر "التهديد" من جانب الفلسطينيين داخل المجتمع الإسرائيلي، الأمر الذي أدى إلى انخفاض تأييد مبدأ تقديم المزيد من التنازلات للفلسطينيين، فأكثر من ثلثي يهود إسرائيل أعربوا عن رفضهم تقديم تنازلات فيما يتعلق بالقدس.
وبإطلاق "إيهود باراك" رئيس الوزراء الأسبق تعبير No Partner "لا شريك" خلال مفاوضات كامب دايفيد الثانية عام 2000، زادت شكوك غالبية الفلسطينيين في إمكانية توصل المباحثات لحل، وفي ظل غياب شريك للسلام، تحولت "الأحادية" لتكون الخيار المفضل لدى الإسرائيليين، ما أدى إلى تزايد شعبية فكرة بناء الجدار العازل، والانسحاب الأحادي الجانب من غزة عام 2005، والتي كانت بمثابة مفتاح النصر لحزب كاديما في الانتخابات العامة لعام 2006.
وفي ظل ذلك الوضع، لم يكن من المتوقع أن تؤدي "سياسات خلاقة" إلى حلول يمكنها التغلب على الخلافات، فعلى الرغم من برهنة الحكومة الإسرائيلية على قدرتها تفكيك المستوطنات في سيناء وغزة، فإن ذلك لا يعني أنها مستعدة للانسحاب إلى حدود 1967؛ لأن ذلك يعني نقل كميات بشرية يهودية كبيرة من الضفة، ومع ذلك بقيت إمكانية واحدة تتمثل في تعويض السلطة الفلسطينية بالتنازل لها عن أراضٍ في صحراء النقب بالقرب من غزة، كما أن مصير "غور الأردن" الذي يمثل 15% من مساحة الضفة، والمهم لأمن إسرائيل، ظل مثار خلاف، ما يعني أن الانسحاب لحدود 1967 يمنح للفلسطينيين 22% فقط من الأرض.
ومن خلال كل ما سبق، بدا واضحا أن "التقسيم" لا يمكنه أن يقيم دولة فلسطينية تعيش بسلام إلى جانب دولة يهودية، ففي هذه المرحلة التاريخية الحرجة، لم يكن المجتمع الفلسطيني مستعدا للتوصل إلى اتفاق تاريخي مع الحركة القومية الصهيونية (إسرائيل)، من شأنه أن يؤدي إلى إنهاء الصراع، وكانت التراجيديا الأكثر مرارة هي أنه كلما مر الوقت كلما تقلصت مساحة الأراضي التي يمكن أن تتنازل عنها إسرائيل للفلسطينيين، ما من شأنه أن يجعل من أي دولة فلسطينية بمثابة كيان سياسي منقوص، غير راض عن حدوده وفي حالة سعي دائم لاستخدام القوة لتوسيع أراضيه.
من ناحية أخرى، فإن القيادات الفلسطينية الداخلية عملت على عرقلة حل دولتين لشعبين، فمحمود عباس "المعتدل" نفسه، رفض تماما أمام مؤتمر أنا بوليس عام 2007 التعامل مع إسرائيل كدولة "يهودية"، إضافة إلى صعود حماس للسلطة التي رأت في فكرة إقامة دولة يهودية في حد ذاتها فكرة محرمة دينيا، كما أخذ الصراع شكل الحروب القومية التي يستمر كل طرف فيها الطاقة المتوافرة للاستمرار في الحرب، وتحمل المزيد من المتاعب والصعوبات من أجل تحقيق أهداف سياسية.
أما فيما يتعلق ببناء الدولة الفلسطينية، فإن هذا الأمر لم يخرج لحيز التنفيذ حتى الآن، إذ إنه لا تتوافر لكل مجموعة إثنية (يهودية، وعربية) القدرات المطلوبة لإقامة دولة، فبعد إتاحة فرصة حكم ذاتي مستقل، أقام عرفات ومنظمته منظومة سياسية فاسدة، وغير فعالة، وطاغية ولا تتمتع بسيادة القانون، فالسلطة الفلسطينية بقيادة عرفات كانت أشبه بـ"الدولة البيزنطية" التي يسيطر فيها "الرئيس" على كل شيء، وفي ظل المنافسة بين القيادات المختلفة، وعمليات الصراع والانتقام المتبادل بين المنظمات والفصائل الفلسطينية، تدهور الوضع في النهاية إلى حالة من "الفوضى"، وبالتالي فإن فشل السلطة الفلسطينية أدى إلى فشل فكرة إقامة دولة، كما أن ظهور الكثير من الميلشيات المسلحة، مثل تحديا مهما أمام السلطة المركزية، وتسبب في ظهور مجتمع فلسطيني منقسم ومحزب.
وعقب نشوب الانتفاضة الفلسطينية الثانية، انهار النظام السياسي في السلطة الفلسطينية التي تحولت إلى "دولة فاشلة"، حيث اتسمت سياساتها في هذه الفترة بعدم سيطرتها على استخدام القوة، ووجود "عدل جزئي" في منظومتها القضائية، وعدم القدرة على فرض مناخ قانوني وإداري، إضافة إلى صعوبة توفير الاحتياجات الأساسية للسكان في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية.

مؤمن
18-03-2009, 10:47 AM
ولم ينجح "محمود عباس" الذي انتخب رئيسا للسلطة في يناير 2005 في الاستفادة من الميراث السياسي لعرفات، إذ إن التأييد السياسي لعباس في أوساط الفلسطينيين كان أقل بكثير من عرفات، الأمر الذي جعله يتهرب من المواجهة مع الميلشيات المسلحة وفشل في محاولته لـ"مركزة السلطة" في رام الله، كما أن صعود حماس للسلطة زاد من حالة ضعف محمود عباس، في ظل تأييد حركات إسلامية فلسطينية لإقامة حكم إسلامي في فلسطين.
وبالتدريج أدرك المجتمع الدولي أن السلطة الفلسطينية ليست كيانا سياسيا فاعلا، الأمر الذي أثر على مستوى المساعدات الاقتصادية المقدمة للسلطة، وبدأ يظهر عن أي وقت مضى فشل إمكانية تحقيق فكرة دولتين لشعبين في الوقت الحالي.
السيناريوهات الممكنة
قبل طرح السيناريوهات المختلفة لتنفيذ فكرة دولتين لشعبين، لابد من القول إن المجتمع الدولي لا يزال يؤمن بهذه الفكرة، ويرى فيها الطريق لتحقيق السلام والاستقرار، ولا يزال المجتمع الدولي يعتقد أنه من المهم إقامة دولة فلسطينية.
وتبدو السيناريوهات المطروحة حاليا بهذا الشأن كالتالي:ـ
1- بناء دولة فلسطينية:
في الأدبيات السياسية التي تتحدث عن "دولة فاشلة"، هناك توجها واضحا للتوصية بزيادة المجهودات لبناء دولة وتعزيز سلطاتها، كوسائل ناجعة للتعامل مع هذه المشكلة، إلا أن المجهودات الدولية لاستعادة النظام والاستقرار للسلطة الفلسطينية لم تنجح في الوصول للهدف المأمول، بل والأكثر من ذلك، جاء صعود حماس للسلطة ليزيد من حالة "اللامركزية" في السلطة الفلسطينية، ما يعني أن الانتقال إلى نموذج الدولة يحتاج إلى استخدم القوة، بمعنى نشوب "حرب أهلية"، أو استخدام آخر للقوة العسكرية، يتجسد من خلاله فكرة أن الأجهزة الأمنية للدولة يمكنها أن تفرض على المنظمات الأخرى التخلي عن أسلحتها.
كما أن محاولة مساعدة الاقتصاد الفلسطيني من أجل التقليل من عبء بناء الدولة، شابته الكثير من المشكلات؛ إذ بات من المشكوك فيه أن تتمكن السلطة الفلسطينية الفاسدة حاليا من الاستفادة من هذه المساعدات الاقتصادية بشكل فاعل خلال العقد القادم.
وكذا لا يمكن للنظام الدولي الحالي أن يوفر الظروف الملائمة لبناء دولة، كما أنه من غير الواضح إذا ما كان الأمريكيون مستعدين لبناء دولة من هذا النوع أم لا، فمن الواضح أن واشنطن ستحاول أولا إنهاء ما بدأته في العراق وأفغانستان، قبل أن تواجه المشكلة الفلسطينية. كما أنه من الصعب إغراء الأمريكيين أو الأوربيين بتقديم مساعدات للسلطة الفلسطينية، فالتجربة التاريخية التي تمت فيها محاولة استقدام قوات أجنبية للحفاظ على النظام وإقرار السلام لا تشجع بتاتا على تكرارها مرة أخرى؛ إذ إن استخدام هذه القوات عادة ما يكون بعد توصل الأطراف لاتفاق تسوية.
وفي كل الأحوال، فالتوقعات المتعلقة بإمكانية الفلسطينيين بناء دولة حديثة في المستقبل القريب بمساعدة الغرب، هي توقعات تتسم بـ"السذاجة". ففي أوروبا استغرق الأمر مئات السنين لبناء دولة قومية، وكل المحاولات في الشرق الأوسط لبناء دولة حديثة باستثناء مصر التي هي دولة تاريخية، اتسمت بنجاح نسبي، فلبنان والصومال والعراق أمثلة واضحة لكيانات سياسية تواجه إشكاليات أساسية فيما يتعلق بمفهوم الدولة القومية المركزية الحديثة.
2- دولة ثنائية القومية:
هناك مدرسة فكرية أخرى، تعارض مفهوم التقسيم وفق العرق، وتقدم عدة مقترحات أخرى لإرساء الاستقرار في المناطق التي يسكن بها عدة جماعات إثنية، من خلال الحكم الذاتي أو الفيدرالية، إلا أن هذه التسويات ليست مجدية لحل صراعات إثنية دائمة كالصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.
ويزعم المعتدلون في إسرائيل وفي مناطق أخرى بالعالم أن الدولة الثنائية هي أمر لا مناص من تحقيقه في ظل استمرار الوضع الراهن، والتوجهات الديموجرافية المتعلقة بمعدلات الولادة المرتفعة في أوساط العرب، الأمر الذي يهدد بتحول اليهود إلى أقليه في مناطق غربي نهر الأردن، إضافة إلى وجود عدد كبير من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، ما يجعل من فكرة التقسيم أمرا غير ممكن.
وفي إطار ذلك، خرجت بعض الأصوات في إسرائيل تزعم أن هذه الفكرة تبشر بالحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية ثنائية قومية في نفس الوقت، وذلك انطلاقا من المخاوف المتعلقة بالاعتبارات الإقليمية.
لكن فكرة كهذه "مبالغ فيها"، أخذا في الاعتبار التوجهات الديموجرافية المنطوية عليها، فتنفيذ فكرة كهذه يلقي بالكثير من الشكوك حول جدية الحكومة الإسرائيلية في الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة وطابعها الديمقراطي، وذلك من خلال الانفصال عن المناطق السكانية العربية المحيطة بالتجمع اليهودي.
3- النظرية الإقليمية:
قادت الصعوبات التي واجهت تنفيذ فكرة دولتين لشعبين، الإسرائيليين لإعادة التفكير في كل ما يتعلق بالمشكلة الفلسطينية، ففي ظل عدم تمكن الفلسطينيين من بناء دولة، وعدم رغبة الإسرائيليين في القيام بهذه المهمة، برزت فكرة استخدام "لاعب إقليمي" يمكنه القيام بحل هذه المشكلة، في ظل أن التجربة التاريخية أثبتت أن العرب وحدهم يمكنهم السيطرة على العرب بالطريقة التي تكون مقبولة فيما بينهم، واتضح أن كلا من مصر والأردن يمكنهما القيام بهذا الدور بشكل جيد للغاية، فالدولتان وقعتا على معاهدات سلام مع إسرائيل، ويظهران قدرا كبيرا من المسئولية تجاه القضية الفلسطينية، وقبل كل ذلك فقد نجحا قبل عام 1967 في عرقلة الحركة الوطنية الفلسطينية وإحكام السيطرة على الفلسطينيين؛ وبالتالي فإن كثيرا من الإسرائيليين يرون في كل من مصر والأردن الشريكين المستقبليين لتقسيم فلسطين.
وعلى الرغم من كل التحفظات المصرية، إلا أن المصريين وصولوا إلى نتيجة مفادها أنهم بكل حال من الأحوال لا يمكنهم الانفصال عن قطاع غزة، وأن كبح جماح النظام الإسلامي الراديكالي به هو مصلحة عليا بالنسبة لهم، فقيام إمارة إسلامية في غزة – كما يطلق عليها بعض المصريين- يهدد الاستقرار الداخلي في مصر؛ لأن ذلك يعني تعزيز حركة "الإخوان المسلمين" المعارضة، تلك المخاوف التي تزايدت عقب انتهاك حماس في يناير من العام 2008 للحدود المصرية ما أعطى إشارات سلبية للقيادة السياسية المصرية.
وفي ظل كل هذه الأحداث، من المهم خلق الظروف الملائمة لتوجيه غزة نحو مصر برغم تحفظات القاهرة على ذلك، ففي مارس 2008 اقترحت مصر إرسال جنود لها إلى القطاع في إطار قوة عربية كجزء من خطة كبيرة لإعادة الاستقرار للسلطة الفلسطينية، إلا أن حماس ترفض التدخل المصري مطلقا، في حين تعرب السلطة عن استعدادها للتفكير في الدور الذي من الممكن أن تقوم به مصر في غزة.
وبالنسبة للأردنيين، فقد اعتبروا أن الهوية الوطنية الفلسطينية التي يتم تغذيتها من الضفة الغربية هي بمثابة تهديد للأردن في ظل الحقيقة الديمجرافية بأن غالبية سكان الأردن من الفلسطينيين، كما أن صواريخ الكاتيوشا التي تطلق من الضفة الغربية للنهر ويصل مداها إلى شرقه تمثل مشكلة حقيقة للمملكة الهاشمية.
من ناحية أخرى، هناك الكثير من الفلسطينيين الذين يؤيدون الخيار الأردني، ففي الآونة الأخيرة طرحت فكرة نشر قوات فلسطينية تحت قيادة أردنية في الضفة الغربية "كتيبة بدر"، كما أن هناك من الفلسطينيين من عاد ليطرح فكرة الفيدرالية بين الأردن والضفة تحت قيادة هاشمية، في نفس الوقت الذي تخلي فيه إسرائيل جزءا من مستوطناتها بالضفة، حيث يمكن للأردنيين ملأ جزء من الفراغ.
ومن الواضح أن الطريق الأكثر فعالية لمواجهة الحركة الوطنية الفلسطينية يتمثل في إعادة توجيه غزة نحو مصر وإعادة إحياء الروابط بين الضفة الغربية وشرقها؛ إذ سيكون من اليسير على مصر والأردن توسيع تدخلهما إذا ما تم هذا الأمر تحت غطاء دبلوماسي دولي، وتبرير ذلك التدخل بأنه سيكون "مؤقتا"، وبالتالي فإن النظرية الإقليمية من الممكن أن يتم إعادة صياغتها من جديد بشكل تضع معه حدا لكل أعمال العنف.
4- إدارة الصراع:
الخيار الرابع لتنفيذ الفكرة، يتمثل في "إدارة دقيقة للصراع"، فلسوء الحظ لا توجد لصراع مستمر كالإسرائيلي- الفلسطيني، حلول مؤقتة وفورية، وفي ظل غياب آمال تتعلق بالتوصل لاتفاق نتيجة للمفاوضات، فإن الإستراتيجية الأفضل هي محاولة إدارة الصراع بشكل يقلل من المواجهات المسلحة والحفاظ قدر الإمكان على البديل السياسي، بهدف كسب مزيد من الوقت على أمل أن يخرج المستقبل بحلول أخرى لهذا الصراع.
وبشكل أدق، فإن هذه هدف الإستراتيجية هو عرقلة "الإرهاب"، والحد من حجم المعاناة التي يعيشها المجتمعان الفلسطيني والإسرائيلي، ومنع التصعيد، وتفكيك المستوطنات المنعزلة، والمساعدة في تقليل الاحتكاك فيما بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
أما فيما يتعلق بمصر والأردن ودول عربية أخرى، فيمكنها مساعدة إسرائيل في الحد من الآثار السلبية للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني على المنطقة، حيث إن لهم مصلحة في عزل حماس، والحد من تأثيرها.
وخلاصة ما سبق، أن حل دولتين لشعبين يعد الآن بمثابة "هراء واضح"، فتحقيق تصالح بين الحركتين القوميتين الفلسطينية والصهيونية هو أمر صعب المنال، وبفهم متأنٍ للواقع المحيط، يتضح أن الفلسطينيين وإسرائيل وضعا حدا لإمكانية تنفيذ حل دولتين لشعبين، والتي لم تتوافر لها الآلية الممكنة للتنفيذ، ومع ذلك لا يمكن تجاهل أهميتها على الرغم من مرور وقتها؛ إذ من الصعب للغاية تقبل حل آخر في الوقت الراهن.
من ناحية أخرى، فإن المجتمع الدولي سيأخذ وقتا طويلا لتقبل فكرة آلية "النظرية الإقليمية"، وذلك على الرغم من أن الخطوط العريضة لتنفيذها موجودة بالفعل، فمصر والأردن شريكان جيدان لعملية إعادة تقسيم فلسطين، إلا أن تنفيذها من شأنه أن يأخذ مزيدا من الوقت، كما أنه من الضروري أن تطرح في مقابله الكثير من الحوافز السياسية.
وفي الوقت الذي يتضح فيه عدم وجود نهاية للصراع، فإن فكرة الإدارة الدقيقة له هي خطة تشوبها الكثير من "الضبابية"؛ إذ تحتاج لكثير من الترتيبات والتقديرات الجديدة، ومع ذلك فهي الطريق الواقعي الأكثر جدوى سواء للفلسطينيين أو للإسرائيليين.

ابو العبد
18-03-2009, 12:33 PM
الاخ الكريم مؤمن حفظه الله ورعاه

الغاية من وضع المقالات المقروئة من الصحف ومواقع النت ومن مراكز الابحاث في هذا المنتدى هى من اجل احداث نقاش فكري وسياسي في القضايا السياسية ومجريات الاحداث التي تهم المسلمين فحبذا لو تضع تعليقك على المقالات التي تضعها في المنتدى حتى تتضح الصورة اكثر

تحدثنا في المنتدى عن خيار الثلاث دول ووضحنا ما هى الابعاد السياسية من وراء طرحه وايضا تحدثنا عن جدية امريكا في حل القضية الفلسطينية وان مبداء حل الدولتين هو ضمن استراتيجية امريكا في سياستها الخارجية لمنطقة الشرق الاوسط وقبل فترة وجيزة ناقشنا موضوع اليمين الاسرائيلي ضمن مقال وضعته انت حول روئية اوباما لعدم واقعية حل الدولتين

ولكن لم نرى اى تعليق لك على ما طرح فهل انت غير مقتنع بما تم نقاشه ولك رأى اخر ؟ وان كان لك رأى اخر فأرجوا منك ان تطرحه من باب قدح الرأى بالرأى حتى تتضح الفكرة

حبذا لو توضع المقالات السياسية المنقولة عن الصحف ومواقع النت في قسم الاخبار السياسية الا في حالة الردود على نقاشات طرحت في قسم المفاهيم السياسية ويراد منها تعزيز الفكرة المطروحة او نفيها

في هذه المناسبة اقترح على القائمين على المنتدى ان يضيفوا بجانب الاخبار السياسية والقراءات السياسية

مؤمن
18-03-2009, 01:41 PM
أخي أبو العبد انا مشغول

ابو العبد
19-03-2009, 01:17 PM
الاخ الكريم مؤمن هذه الاجابة لا تليق بواحد مثلك.......

مؤمن
20-03-2009, 06:25 PM
أخي الكريم إن شاء الله أستمر معكم لا عليك و لا تحزن هي مجرد سحابة صيف ونعاد الإتصال.

بخصوص جدية أمريكا في حل القضية لا أظن أن أمريكا جادة في حل قضية فلسطين و ما ذكرته لا يدعم قولك .
معرفة الأمر أخي تتم عن طريق الإستقراء السياسي لمدة 60 عام لسياسة أمريكا تجاه فلسطين.

مؤسس الحزب تحليله كان خطا لقضية فلسطين لأنه تصور ان الإنجليز يسيطرون على اسرائيل و بالتالي هم من يقف حجر عثرة و زال الإنجليز عن العالم من حيث التأثير في الموقف الدولي.

بخصوص الرأي العام في اسرائيل و اليمين الإسرائيلي فهذا توهم لأنه لا يوجد يمين و شمال في اسرائيل فكل قادة اسرائيل يسيرون على مخطط واضح لدولة .
مثل امريكا و بريطانيا سياسة دولة هذه توضعغ و يسار عليها.
عموما إن شاء الله نتوسع في الموضوع في اقرب وقت

ابو العبد
20-03-2009, 11:59 PM
الاخ الكريم الموضوع ليس استمرارك معنا اوعدمه ولكن الموضوع الانضباط في وضع المقالات المقروئة من الصحف ومواقع النت بمعنى انه لا يجوز لنا باى حال من الاحوال ان نكون ابواق لغيرناوعلى سبيل المثال مقال الملف الساخن عن حركة حماس فمنتدانا ليس منبرا لفتح وهناك مقالات اخرى اظن انك تعرفها

بالنسبة لجدية امريكا بخصوص القضية الفلسطينية فحبذا لو نقراء ما عندك والحق احق ان يتبع
والتحليل السياسي له اسس وضوابط ويجب ان تتوفر فيه عناصر التحليل اما الحديث في العموميات والكلام العام غير مجدي فقولك بان ما ذكرته في جدية امريكا لا يدعم قولي فاظن انه كان من الاجدى ان تضع النقاط على الحروف

بالنسبة لتحليل المؤسس في القضية الفلسطينية في حينه كان صحيح لانه كان مبني على اسس وضوابط الفهم السياسي وتوفرت فيه عناصر التحليل السياسي حنى لو سلمت معك جدلا ان هناك خطاء فانه يكون في النتيجة وليس التحليل وحبذا لو ترجع الى الموضوع الذي وضعته انت في المنتدى بعنوان اسس الفهم السياسي وتعاود قراءته مرة اخرى

يبدوا ان الروئية عندك غير واضحة بالنسبة للخريطة الحزبية في اسرائيل وايضا الداخل الداخل الاسرائيلي وكيفية نظام الانتخاب
ولك مني جزيل الشكر