المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مذكرة التوقيف الدولية وسيلة ضغط على السودان



ابو العبد
14-03-2009, 12:27 PM
مذكرة التوقيف الدولية وسيلة ضغط على السودان


مايكل غيرسون


بعد تشكيل الادارة الاميركية الجديدة، باشر فريق عمل الرئيس اوباما المسؤول عن شؤون افريقيا النظر في سياسات ادارة بوش، وتداول اسماء المرشحين الى منصب مبعوث اوباما الخاص إلى السودان ودارفور. ولكن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة اعتقال في حق الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وتواجه إدارة أوباما معضلة هي الاولى من نوعها. فهل في وسع مجرم حرب مطلوب من العدالة الدولية أن يكون شريكاً في عملية السلام بالسودان؟


ويوم شغلتُ منصباً في الإدارة الاميركية، طعنت في جدوى توجيه المحكمة الجنائية الدولية الى مسؤولين رسميين تهمة بارتكاب جرائم، في حال مثل حال السودان. فالاتهام هو عمل ديبلوماسي مباشر، وبعد توجيهه يكاد يكون التراجع عنه مقابل تقديم المتهم تنازلات، مستحيلاً. فالاتهام يحشر المتهم - القاتل في الزاوية. وعليه، يميل المتهم الى التشبث بمواقفه، ويعزف عن التفاوض، ويوجه ضربة قاسية الى المنظمات الانسانية والمدنيين. فالديكتاتور الذي لا يملك خيارات رجل خطير.
ولكنني عدلت عن رأيي في قضية البشير. فسياسة العصا والجزرة التقليدية باءت بالفشل معه. وطوال عقود، برع النظام السوداني في التوسل بالتنازلات البسيطة والمماطلة والتلاعب لصرف نظر منتقديه، وهم يفتقرون الى الحكمة وقصيرو النظر، والهاء حلفائه المتعطشين للنفط، والتمكن من استكمال الإبادة الجماعية. ويسعى، اليوم، البشير إلى جولة جديدة في هذه اللعبة.
ولا شك في أن مذكرة المحكمة الجنائية الدولية هي فرصة لتغيير قواعد اللعبة، وتحميل البشير المسؤولية عن ارتكاب الجرائم الجماعية أو عن الشروع في انتهاج إصلاحات واسعة النطاق.
وثمة ثلاثة ردود دولية محتملة على مذكرة التوقيف هذه. وأغلب الظن أن يطالب حلفاء السودان التقليديون، أي الصين وجامعة الدول العربية وجنوب افريقيا ودول اخرى من الاتحاد الأفريقي، مجلس الامن الدولي بإرجاء تنفيذ مذكرة التوقيف. وقد تفضي المفاوضات الجارية في الدوحة بين السودان ومتمردي دارفور إلى رسم اطار واضح لمحادثات السلام. وهذا التقدم قد يتوسله حلفاء السودان ذريعةً لإنقاذ البشير، ولمنحه وقتاً لالتقاط انفاسه.
وعلى خلاف هذا المعسكر، لن تتراجع بريطانيا وفرنسا، عن المطالبة بتنفيذ مذكرّة التوقيف بالقوة للحفاظ على صدقية المحكمة الجنائية الدولية. وقد تلتزم الولايات المتحدة منهجاً مختلفاً لأسباب أخرى، أبرزها معارضة القوة العسكرية الاميركية مبدأ تولي جنودها تنفيذ أوامر محاكم أجنبية. فالولايات المتحدة لم تصادق على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية. وأغلب الظن ألا تصادق عليها في ولاية أوباما. وتسعى السياسة الاميركية في التفاوض على حل ملف دارفور مع الحكومة السودانية، عوض الدفاع عن صدقية المحكمة الجنائية الدولية.
ولكن تحقيق تقدم في مسألة دارفور هو رهن تفعيل مذكرة المحكمة الجنائية الدولية، والاعلاء من شأنها. ويقوض استمهال حكومة السودان، ومنحها الوقت للنزول على التزاماتها ووعودها الفارغة، صدقية المجتمع الدولي في التعاطي مع المسألة. وإذا أراد البشير أن ينجو من المحكمة، حريّ به أن يبذل جهوداً كبيرة في سبيل تغيير الوضع بالسودان، وأن يقر طريقة للتحقق من وقف اطلاق النار بدارفور تحظى بدعم المجتمع الدولي، وتؤدي الى عودة المهجّرين، وتسديد التعويضات، ورفع القيود عن عمل الجمعيات الإنسانية، والامتثال لاتفاق السلام الشامل بين شمال السودان وجنوبه والالتزامات الدولية الأخرى.
وإذا لم يتعاون البشير مع المجتمع الدولي، ولم يقم بمثل هذه الخطوات، فينبغي أن ينبذ دولياً. وعلى ادارة أوباما أن تحمل الصين والاتحاد الأفريقي والدول الأخرى، على ادراك أن ارجاء تنفيذ مذكرة التوقيف، قبل التزام البشير مثل هذه الخطوات، غير مقبول، وأن الاتصالات الديبلوماسية المباشرة مع البشير تقتصر على مفاوضات السلام، وأن انتقام قوات الجيش والاستخبارات السودانية من المدنيين ومنظمات الاغاثة في دارفور تترتب عليها عواقب وخيمة، منها حظر الطيران على القوات الجوية السودانية، وهذه خطوة أيدها نائب الرئيس بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في الماضي.
وإذا لم يمتثل البشير، قد يشرّع إحكام العزلة الدولية عليه أبواب الضغوط الداخلية على نظام الحكم. والنظام هذا اقرب الى العصابة منه إلى النظام الاستبدادي.
وإذا رأى الجيش السوداني ان البشير منبوذ دولياً، قد يستعيض عنه بشخص يدرك اكثر من البشير قواعد اللعبة الجديدة، وهذه لا تشمل الإفلات من عقاب ارتكاب الإبادة الجماعية. وهذا الحل قد يكون بعيد المنال، ولكنه المخرج الأفضل من هذه الازمة. ولن تحمل مذكرة التوقيف الدولية هذه رياح التغيير في دارفور. فالتغيير هو رهن نشوء تحالف دولي واسع لعزل البشير وتهميشه.


(كاتب خطب الرئيس جورج بوش بين 2001 و2006 ومستشار سياسي)، عن «واشنطن بوست» الأميركية، 13/2/2009

أبو محمد
15-03-2009, 01:19 AM
وإذا رأى الجيش السوداني ان البشير منبوذ دولياً، قد يستعيض عنه بشخص يدرك اكثر من البشير قواعد اللعبة الجديدة، وهذه لا تشمل الإفلات من عقاب ارتكاب الإبادة الجماعية. وهذا الحل قد يكون بعيد المنال، ولكنه المخرج الأفضل من هذه الازمة.

لفتت انتباهي هذه الجملة حيث تشير الى حقيقة الحكم في السودان وهم العسكر.

ابو العبد
16-03-2009, 12:03 PM
بوركت اخي الكريم على دقة الملاحظة وهذا هو المطلوب ان يتمتع حملة الدعوة وابناء الامة بالوعي السياسي
وهذا لا يتاتى الا من خلال التتيع ودقة الملاحظة لكى نستطيع قراءة ما بين السطور وحبذا لو تكون المشاركة من جميع الاعضاء