khilafa
18-02-2012, 05:07 PM
إصلاح الشرطة
أندرو إكزوم وجون دانا ستوستر
أندرو إكزوم زميل رفيع المستوى وج. دانا ستوستر باحث متدرّب في شؤون الأمن القومي يشغل كرسي جوزف س. ناي جونيور في مركز الأمن الأمريكي الجديد.
16 فبراير/شباط، 2012
طوال عقود من الزمن، شكّل الجيش محور العلاقة التي نظمتها الولايات المتحدة مع تونس ومصر. فمنذ توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل في العام 1979، أصبحت ثاني أكبر متلقّي للمساعدات الخارجية الأمريكية في العالم، إذ تحصل على مساعدات عسكرية تصل قيمتها إلى حوالى 1.3 مليار دولار أمريكي في السنة. وقدّمت الولايات المتحدة أيضاً مساعدات للجيش التونسي (إنما ليس بالقدر نفسه). لكن بعد عام مضطرب ومتقلّب، تواجه الولايات المتحدة مهمّة صعبة جداً في إعادة معايرة طبيعة تعاملها مع هذه الدول؛ إذ لم يعد التركيز التقليدي على المساعدات العسكرية – والذي كان يُستخدَم كاستراتيجية ناجحة للحصول على تعهّدات من الأنظمة الديكتاتورية – نهجاً مناسباً. فالولايات المتحدة لم تعد قادرة على الاعتماد على قوى أوتوقراطية (مثل المجلس الأعلى للقوات المسلحة). ولعل إحالة 19 موظّفاً في منظّمات أمريكية غير حكومية مؤخراً إلى المحاكمة بتهمة تحريض مجموعات مناهضة للحكومة وتمويلها، هي خير دليل على أنه لم يعد بالإمكان الاعتماد على الجيش، كما أنها تكشف عن نية المؤسسة العسكرية تقويض الجهود الأمريكية لتعزيز الديمقراطية.
في مواجهة هذا الواقع، يتعيّن على الولايات المتحدة تثبيت علاقاتها مع المؤسسات الديمقراطية الوليدة مثل البرلمانات الجديدة، والشروع بما يطالب به عدد كبير من المواطنين المصريين والتونسيين وهو إصلاح القطاع الأمني. فمن أجل ترسيخ الديمقراطية، لابد من إصلاح الشرطة لتغيير طابع الأجهزة الأمنية وتحويلها من أجهزة للترهيب السياسي إلى مؤسّسات قوامها سيادة القانون.
لقد أظهرت استطلاعات الرأي العام في مصر وتونس انشغال الناس بمسائل الأمن الداخلي وعدم ثقتهم بعناصر الشرطة للحفاظ على هذا الأمن. وأشار نحو ثلثَي المصريين، في استطلاع رأي نُشِر في نيسان/أبريل 2011، أنَّ "القانون والنظام" هما أولوية لمستقبل مصر. كما خلص استطلاع رأي أُجري في آب/أغسطس الماضي إلى أن ثلاثة أرباع المصريين يتملّكهم خوف مستمرّ على سلامتهم أو سلامة عائلاتهم (اتّجاهات واسعة النطاق في المجتمع المصري. ربما تغيّرت الإحصاءات في الأشهر الأخيرة إلا أننا لم نقع على استطلاعات جديدة تعبّر عنها). ولفت المصريون أيضاً في الاستطلاع نفسه إلى أنهم يقلقون حاليّاً على سلامتهم أكثر مما كانوا يفعلون في عهد مبارك. وتثير الاضطرابات العامة قلق عدد كبير من المصريين، حيث يروون في تفاقم الأحداث دليلاً على أن الإجرام في تزايد. بيد أن تردّد الشرطة في تطبيق القانون خوفاً من التعرّض إلى المضايقات من المواطنين يسبّب مشكلة أيضاً، إذ إن غالبية المصريين المستطلَعين اعتبرت أن الشرطة تمارس تأثيراً سلبياً على البلاد. كما أعرب التونسيون عن مخاوف مماثلة في استطلاع رأي نُشِر في أيار/مايو 2011؛ فاعتبروا أن "الأمن الداخلي" هو "المشكلة الأكبر التي تواجهها تونس ككل"، وتأتي حتى قبل البطالة. ولفت التونسيون إلى أنهم يثقون بالجيش والمجموعات المدنية لحماية أحيائهم أكثر مما يثقون بالشرطة الوطنية.
من شأن بذل مجهود أمريكي لترويج إصلاح القطاع الأمني أن يتيح فرصة لإشراك السكّان في هذين البلدَين، الأمر الذي لم تفعله الولايات المتحدة من قبل. لاشك في أنها ستكون مهمّة شاقّة، ولايجب التقليل من شأن العقبات. فلطالما اعتُبِرت قوات الشرطة في مصر وتونس بأنها أداة التنفيذ في يد النظام الأوتوقراطي المخلوع. ولقد عبّر عناصر الشرطة المصريون عن خشيتهم من تعرّضهم إلى الثأر إذا ما استأنفوا عملهم في تطبيق القوانين في ظل غياب تام للمسؤولية عن رعاية المجتمع المصري؛ وعلى الرغم من أن قوات الشرطة التونسية تبدو أكثر اهتماماً بجهود الإصلاح، إلا أن هذه الجهود لاتزال حتى الآن رمزية إلى حد كبير. وسوف يكون على الولايات المتحدة أيضاً أن تتجاوز الصورة التي تربطها بدعم بن علي ومبارك، وكذلك واقع أن تاريخها في المساعدة على تدريب الشرطة في مصر وتونس ركّز على مكافحة الإرهاب.
يسلّط العنف الذي يشهده هذان البلدان منذ اندلاع الثورة (سواء الحصيلة المرتفعة للقتلى في صفوف المحتجّين في مصر، وأعمال الشغب في تموز/يوليو وتشرين الثاني/نوفمبر الماضيين في سيدي بوزيد في تونس، أو الهمجية المستهترة التي تظهرها الشرطة في سلوكها في المرحلة الانتقالية في البلدَين على السواء) الضوء على الحاجة الشديدة إلى إصلاح الأجهزة الأمنية. ويقتضي هذا الإصلاح مقاربات تتناسب مع المعطيات المحلّية ومشاركة العامّة؛ وفي هذا الإطار، نقترح نموذجاً لضبط الأمن مستنداً إلى المجتمع يقوم على تعزيز التعاون مع الأحياء، وزيادة تجاوب الشرطة مع حاجات الناس، وبناء المصداقية. ومن أجل أن تنجح الديمقراطية، يجب أن تتمتّع قوّات الشرطة في تونس ومصر بالكفاءة للحفاظ على النظام مع الإفساح في المجال أمام حرّية التعبير؛ فهي لاتستطيع أن تظلّ أداة للقمع في يد الدولة كما كان يحصل في الأعوام الماضية.
العائق الأكبر الذي تواجهه هذه الأجهزة الأمنية السلطوية هو ثقافتها التنظيمية التي تشجّع التعذيب والتوقيفات من دون سبب. لذلك، يجب إعادة تدريب العناصر على احترام حقوق الإنسان، ويجب أن يتعلّموا كيف يجرون تحقيقات من دون السعي إلى الحصول على اعترافات عن طريق الإكراه. وينبغي أيضاً تثقيف الناس عن دور الشرطة الصحيح، وعن السبيل لينخرطوا في عملية الحفاظ على الأمن بطريقة مثمرة. ويمكن أن يتم ذلك عبر سلسلة من الاجتماعات المحلية المنتظمة لتسهيل إشراك الناس في الحفاظ على الأمن ومساءلة الشرطة. ومن شأن هذا البرنامج الإصلاحي أن يختلف إلى حد كبير عن التركيز على مكافحة الإرهاب الذي كان في أساس عمل الولايات المتحدة سابقاً مع الأجهزة الأمنية في بلدان الشرق الأوسط.
ويجب أن يكون الإصلاح مؤسّساتياً أيضاً. فوزارة الداخلية في هذه البلدان مضخّمة جداً بسبب المناصب غير الضرورية التي بلغت مستويات غير قابلة للاستدامة؛ ولذلك يجب أن يشمل الإصلاح خفض أحجام هذه المؤسسات وتوفير التدريب المهني للموظّفين الذين ينتقلون للعمل في اقتصادات متعثِّرة. لكن على الصعيد المحلي، قد تكون ثمة حاجة إلى توظيف أشخاص جدد كي تعكس قوات الشرطة بدقّة ديمغرافيات المجتمعات التي تمثّلها، ومن أجل الحد من تأثير التحيّز العرقي أو المذهبي (أو النظرة إليه).
كما سيكون على الأرجح للفاعلين الدوليين دور أيضاً، مع أنه يجب ألا تنتظر الولايات المتحدة مبادرة من الآخرين كي تضغط من أجل إصلاح القطاع الأمني. وغالب الظن أنه سيكون جهداً طويلاً؛ فبرامج إصلاح الشرطة تستغرق وقتاً أطول مما هو عادةً مقرّر، وليس مستغرباً أن تستمر عقداً من الزمن. لكن هذا الالتزام يصبّ في مصلحة الولايات المتحدة وقوات الشرطة المصرية والتونسية على السواء، فهو يساهم في بناء المشاركة والعلاقات طويلة الأمد. ويجب أن تعمل الولايات المتحدة مع الإصلاحيين في الحكومات الجديدة الذين يبدون استعداداً لمحاسبة المسؤولين المتعنّتين في الوزارات. في الواقع، بدأ مكتب شؤون المخدرات الدولية وتطبيق القانون التابع لوزارة الخارجية الأمريكية بناء علاقات مع الإصلاحيين في وزارة الداخلية المصرية، لكن بعض المسؤولين من حقبة مبارك يُظهرون، في خطوة غير مفاجئة، مقاومةً للإصلاح.
سوف تشهد الأشهر والسنوات المقبلة، اختلافاً في الرأي حول أمور كثيرة بين واشنطن والقاهرة وتونس. لكن التشارك في الديمقراطية لايفترض أبداً الاتفاق في الآراء. في هذه اللحظة الحرجة، تلتقي المصالح الأمريكية مع المصالح التونسية والمصرية في موضوع إصلاح القطاع الأمني، لذلك يجب ألا نتجاهل هذا الالتقاء في المصالح أو نهمله، بل علينا أن ننتهز الفرصة ونستفيد من هذه الأهداف المتبادلة من أجل إرساء أُسُس ناجحة ومستقرّة للانتقال نحو الديمقراطية، وترسيخ العلاقات بين بلداننا وشعوبنا.
http://carnegieendowment.org/2012/02/16/%D8%A5%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%B7%D8%A9/9ofh
أندرو إكزوم وجون دانا ستوستر
أندرو إكزوم زميل رفيع المستوى وج. دانا ستوستر باحث متدرّب في شؤون الأمن القومي يشغل كرسي جوزف س. ناي جونيور في مركز الأمن الأمريكي الجديد.
16 فبراير/شباط، 2012
طوال عقود من الزمن، شكّل الجيش محور العلاقة التي نظمتها الولايات المتحدة مع تونس ومصر. فمنذ توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل في العام 1979، أصبحت ثاني أكبر متلقّي للمساعدات الخارجية الأمريكية في العالم، إذ تحصل على مساعدات عسكرية تصل قيمتها إلى حوالى 1.3 مليار دولار أمريكي في السنة. وقدّمت الولايات المتحدة أيضاً مساعدات للجيش التونسي (إنما ليس بالقدر نفسه). لكن بعد عام مضطرب ومتقلّب، تواجه الولايات المتحدة مهمّة صعبة جداً في إعادة معايرة طبيعة تعاملها مع هذه الدول؛ إذ لم يعد التركيز التقليدي على المساعدات العسكرية – والذي كان يُستخدَم كاستراتيجية ناجحة للحصول على تعهّدات من الأنظمة الديكتاتورية – نهجاً مناسباً. فالولايات المتحدة لم تعد قادرة على الاعتماد على قوى أوتوقراطية (مثل المجلس الأعلى للقوات المسلحة). ولعل إحالة 19 موظّفاً في منظّمات أمريكية غير حكومية مؤخراً إلى المحاكمة بتهمة تحريض مجموعات مناهضة للحكومة وتمويلها، هي خير دليل على أنه لم يعد بالإمكان الاعتماد على الجيش، كما أنها تكشف عن نية المؤسسة العسكرية تقويض الجهود الأمريكية لتعزيز الديمقراطية.
في مواجهة هذا الواقع، يتعيّن على الولايات المتحدة تثبيت علاقاتها مع المؤسسات الديمقراطية الوليدة مثل البرلمانات الجديدة، والشروع بما يطالب به عدد كبير من المواطنين المصريين والتونسيين وهو إصلاح القطاع الأمني. فمن أجل ترسيخ الديمقراطية، لابد من إصلاح الشرطة لتغيير طابع الأجهزة الأمنية وتحويلها من أجهزة للترهيب السياسي إلى مؤسّسات قوامها سيادة القانون.
لقد أظهرت استطلاعات الرأي العام في مصر وتونس انشغال الناس بمسائل الأمن الداخلي وعدم ثقتهم بعناصر الشرطة للحفاظ على هذا الأمن. وأشار نحو ثلثَي المصريين، في استطلاع رأي نُشِر في نيسان/أبريل 2011، أنَّ "القانون والنظام" هما أولوية لمستقبل مصر. كما خلص استطلاع رأي أُجري في آب/أغسطس الماضي إلى أن ثلاثة أرباع المصريين يتملّكهم خوف مستمرّ على سلامتهم أو سلامة عائلاتهم (اتّجاهات واسعة النطاق في المجتمع المصري. ربما تغيّرت الإحصاءات في الأشهر الأخيرة إلا أننا لم نقع على استطلاعات جديدة تعبّر عنها). ولفت المصريون أيضاً في الاستطلاع نفسه إلى أنهم يقلقون حاليّاً على سلامتهم أكثر مما كانوا يفعلون في عهد مبارك. وتثير الاضطرابات العامة قلق عدد كبير من المصريين، حيث يروون في تفاقم الأحداث دليلاً على أن الإجرام في تزايد. بيد أن تردّد الشرطة في تطبيق القانون خوفاً من التعرّض إلى المضايقات من المواطنين يسبّب مشكلة أيضاً، إذ إن غالبية المصريين المستطلَعين اعتبرت أن الشرطة تمارس تأثيراً سلبياً على البلاد. كما أعرب التونسيون عن مخاوف مماثلة في استطلاع رأي نُشِر في أيار/مايو 2011؛ فاعتبروا أن "الأمن الداخلي" هو "المشكلة الأكبر التي تواجهها تونس ككل"، وتأتي حتى قبل البطالة. ولفت التونسيون إلى أنهم يثقون بالجيش والمجموعات المدنية لحماية أحيائهم أكثر مما يثقون بالشرطة الوطنية.
من شأن بذل مجهود أمريكي لترويج إصلاح القطاع الأمني أن يتيح فرصة لإشراك السكّان في هذين البلدَين، الأمر الذي لم تفعله الولايات المتحدة من قبل. لاشك في أنها ستكون مهمّة شاقّة، ولايجب التقليل من شأن العقبات. فلطالما اعتُبِرت قوات الشرطة في مصر وتونس بأنها أداة التنفيذ في يد النظام الأوتوقراطي المخلوع. ولقد عبّر عناصر الشرطة المصريون عن خشيتهم من تعرّضهم إلى الثأر إذا ما استأنفوا عملهم في تطبيق القوانين في ظل غياب تام للمسؤولية عن رعاية المجتمع المصري؛ وعلى الرغم من أن قوات الشرطة التونسية تبدو أكثر اهتماماً بجهود الإصلاح، إلا أن هذه الجهود لاتزال حتى الآن رمزية إلى حد كبير. وسوف يكون على الولايات المتحدة أيضاً أن تتجاوز الصورة التي تربطها بدعم بن علي ومبارك، وكذلك واقع أن تاريخها في المساعدة على تدريب الشرطة في مصر وتونس ركّز على مكافحة الإرهاب.
يسلّط العنف الذي يشهده هذان البلدان منذ اندلاع الثورة (سواء الحصيلة المرتفعة للقتلى في صفوف المحتجّين في مصر، وأعمال الشغب في تموز/يوليو وتشرين الثاني/نوفمبر الماضيين في سيدي بوزيد في تونس، أو الهمجية المستهترة التي تظهرها الشرطة في سلوكها في المرحلة الانتقالية في البلدَين على السواء) الضوء على الحاجة الشديدة إلى إصلاح الأجهزة الأمنية. ويقتضي هذا الإصلاح مقاربات تتناسب مع المعطيات المحلّية ومشاركة العامّة؛ وفي هذا الإطار، نقترح نموذجاً لضبط الأمن مستنداً إلى المجتمع يقوم على تعزيز التعاون مع الأحياء، وزيادة تجاوب الشرطة مع حاجات الناس، وبناء المصداقية. ومن أجل أن تنجح الديمقراطية، يجب أن تتمتّع قوّات الشرطة في تونس ومصر بالكفاءة للحفاظ على النظام مع الإفساح في المجال أمام حرّية التعبير؛ فهي لاتستطيع أن تظلّ أداة للقمع في يد الدولة كما كان يحصل في الأعوام الماضية.
العائق الأكبر الذي تواجهه هذه الأجهزة الأمنية السلطوية هو ثقافتها التنظيمية التي تشجّع التعذيب والتوقيفات من دون سبب. لذلك، يجب إعادة تدريب العناصر على احترام حقوق الإنسان، ويجب أن يتعلّموا كيف يجرون تحقيقات من دون السعي إلى الحصول على اعترافات عن طريق الإكراه. وينبغي أيضاً تثقيف الناس عن دور الشرطة الصحيح، وعن السبيل لينخرطوا في عملية الحفاظ على الأمن بطريقة مثمرة. ويمكن أن يتم ذلك عبر سلسلة من الاجتماعات المحلية المنتظمة لتسهيل إشراك الناس في الحفاظ على الأمن ومساءلة الشرطة. ومن شأن هذا البرنامج الإصلاحي أن يختلف إلى حد كبير عن التركيز على مكافحة الإرهاب الذي كان في أساس عمل الولايات المتحدة سابقاً مع الأجهزة الأمنية في بلدان الشرق الأوسط.
ويجب أن يكون الإصلاح مؤسّساتياً أيضاً. فوزارة الداخلية في هذه البلدان مضخّمة جداً بسبب المناصب غير الضرورية التي بلغت مستويات غير قابلة للاستدامة؛ ولذلك يجب أن يشمل الإصلاح خفض أحجام هذه المؤسسات وتوفير التدريب المهني للموظّفين الذين ينتقلون للعمل في اقتصادات متعثِّرة. لكن على الصعيد المحلي، قد تكون ثمة حاجة إلى توظيف أشخاص جدد كي تعكس قوات الشرطة بدقّة ديمغرافيات المجتمعات التي تمثّلها، ومن أجل الحد من تأثير التحيّز العرقي أو المذهبي (أو النظرة إليه).
كما سيكون على الأرجح للفاعلين الدوليين دور أيضاً، مع أنه يجب ألا تنتظر الولايات المتحدة مبادرة من الآخرين كي تضغط من أجل إصلاح القطاع الأمني. وغالب الظن أنه سيكون جهداً طويلاً؛ فبرامج إصلاح الشرطة تستغرق وقتاً أطول مما هو عادةً مقرّر، وليس مستغرباً أن تستمر عقداً من الزمن. لكن هذا الالتزام يصبّ في مصلحة الولايات المتحدة وقوات الشرطة المصرية والتونسية على السواء، فهو يساهم في بناء المشاركة والعلاقات طويلة الأمد. ويجب أن تعمل الولايات المتحدة مع الإصلاحيين في الحكومات الجديدة الذين يبدون استعداداً لمحاسبة المسؤولين المتعنّتين في الوزارات. في الواقع، بدأ مكتب شؤون المخدرات الدولية وتطبيق القانون التابع لوزارة الخارجية الأمريكية بناء علاقات مع الإصلاحيين في وزارة الداخلية المصرية، لكن بعض المسؤولين من حقبة مبارك يُظهرون، في خطوة غير مفاجئة، مقاومةً للإصلاح.
سوف تشهد الأشهر والسنوات المقبلة، اختلافاً في الرأي حول أمور كثيرة بين واشنطن والقاهرة وتونس. لكن التشارك في الديمقراطية لايفترض أبداً الاتفاق في الآراء. في هذه اللحظة الحرجة، تلتقي المصالح الأمريكية مع المصالح التونسية والمصرية في موضوع إصلاح القطاع الأمني، لذلك يجب ألا نتجاهل هذا الالتقاء في المصالح أو نهمله، بل علينا أن ننتهز الفرصة ونستفيد من هذه الأهداف المتبادلة من أجل إرساء أُسُس ناجحة ومستقرّة للانتقال نحو الديمقراطية، وترسيخ العلاقات بين بلداننا وشعوبنا.
http://carnegieendowment.org/2012/02/16/%D8%A5%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%B7%D8%A9/9ofh