الأوراسي
30-01-2012, 08:30 PM
... حتى لا ننخدع بظاهر الأشياء
ابراهيم العجلوني
دخل كعب الاحبار, وهو, المصدر الرئيس لكثير من «الاسرائيليات» التي نجدها في كتب التفسير والقصص, فضلاً عن تأثر ابن عباس وابي هريرة رضي الله عنهما به, دخل هذا الرجل الاسلام وهو في حدود الثانية والثمانين من عمره, وكان ذلك في خلافة ابي بكر, واستطاع (بلياقته وذكائه وسرعة بديهية وغزارة معلوماتة» كما يقول الدكتور مصطفى الشكعة أن يأسر ألباب كثير من المسلمين الذين لم يرتابوا في مسألة اسلامه على الرغم من أنه كان (كما يقول ابن سعد في حلقاته) يجلس في المجلس وأمامه اسفار التوراة يقرؤها غير متحرج من ذلك..
وإن مما له دلالته أن كثيراً من علماء الاسلام أخذوا رواياته بحذر شديد وحيطة, وان بعضهم مثل ابن قتيبة والنووي امتنعوا عن الرواية له. ونحن لا نعدم انتباه عدد من الصحابة الطيبين لخطر اسرائيلياته, ولكونه قد دخل الاسلام بأخرة من عمره, وقد اشرب قلبه هذه الاسرائيليات وما يبتعثها في نفسه من يهودية راسخة.
كان مجتمع الاسلام سمحاً بالغ السماحة ازاء كعب الاحبار, على الرغم من أن قراءة أولية في حادث اغتيال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه, قراءة مستبصرة, قد تشير باصبع الاتهام الى «مؤامرة» كان كعب الاخبار أحد اركانها..
لقد روي أن كعب الاحبار قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه:
- إنك ميّت بعد ثلاثة أيام.
قال عمر: وما ادراك؟
قال: أجده في كتاب الله عز وجل في التوراة.
قال عمر: وإنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة؟
قال: اللهم لا, ولكني اجد صفتك وحليتك وأنه قد فني اجلك..
وإذا كان لا يعلم الغيب الا الله سبحانه وتعالى, وكان من مجافاة العقل أن نصدق كلام كعب الاحبار حول موت (اغتيال) خليفة الاسلام الثاني, فإن مما لا يستبعده المحقق المدقق أن ثمة علماً مؤكداً عند كعب الاحبار بأن الخليفة سيقتل, وذلك ما توقف عنده بعض الدارسين, وحق لهم, بل هو واجب كل باحث عن حقيقة هذا الرجل الذي اغفل المسلمون الاوائل عن تورّطه في اغتيال الفاروق, وعُمّر بين ظهرانيهم حتى بلغ المائة والاربع من السنين, شأنه في خفاء امره هو شأن كثير ممن اتسعت لهم مجتمعاتنا, واثّروا فينا على نحو أو آخر, ثم تبيّن بعد زمن مديد أنهم كانوا فينا «طابوراً خامساً» كما يقال أو عيوناً للآخرين المتربصين بنا, أو أصحاب ثارات كامنة, أو أصحاب مهمات محددة..
روى لي أحدهم أن واحداً من أقاربه وكان مسجوناً في اسرائيل ذهب الى احدى دول الخليج العربي, باحثاً عن عمل, وأنه فوجئ بأن من يلقي الدرس الديني في أحد المساجد هو الضابط الاسرائيلي الذي كان يعذبه في السجن, وأنه حين سأله: ألست أنت فلان؟ قال له مهدداً: أنت مجنون, ويبدو أنك ستسفّرُ من قريب أو سيكون من أمرك ما لا تحب.
ويقول صاحب الرواية ان قريبه قد سُفّر (طرد) من تلك الدولة في اليوم التالي..
ومهما يكن امر هذه الرواية من الصدق أو يكن مبلغها من المبالغة, فهي في كلتا الحالين لا تخلو من الدلالة. ونحن نكون قوماً ساذجين إن نحن استبعدناها من الامكان, وإن كنا لا نأخذها بحذافيرها..
خلاصة ما ننبه وعينا اليه أن الحذر واجب ديني وقومي ووطني وان علينا أن لا ننخدع بظاهر الامور, وأن ندرك أن اعداء أمتنا قد تمرسوا بألوان التمويه, وانهم يرصدوننا ليل نهار, توطئة ليوم موقوت في حساباتهم وسيناريوهاتهم.. فهل نسمع أو نعقل.. أم نظل غافلين (طيّبين!) ساذجين, فنحسب في الهالكين؟؟
http://www.alrai.com/article/15119.html
ابراهيم العجلوني
دخل كعب الاحبار, وهو, المصدر الرئيس لكثير من «الاسرائيليات» التي نجدها في كتب التفسير والقصص, فضلاً عن تأثر ابن عباس وابي هريرة رضي الله عنهما به, دخل هذا الرجل الاسلام وهو في حدود الثانية والثمانين من عمره, وكان ذلك في خلافة ابي بكر, واستطاع (بلياقته وذكائه وسرعة بديهية وغزارة معلوماتة» كما يقول الدكتور مصطفى الشكعة أن يأسر ألباب كثير من المسلمين الذين لم يرتابوا في مسألة اسلامه على الرغم من أنه كان (كما يقول ابن سعد في حلقاته) يجلس في المجلس وأمامه اسفار التوراة يقرؤها غير متحرج من ذلك..
وإن مما له دلالته أن كثيراً من علماء الاسلام أخذوا رواياته بحذر شديد وحيطة, وان بعضهم مثل ابن قتيبة والنووي امتنعوا عن الرواية له. ونحن لا نعدم انتباه عدد من الصحابة الطيبين لخطر اسرائيلياته, ولكونه قد دخل الاسلام بأخرة من عمره, وقد اشرب قلبه هذه الاسرائيليات وما يبتعثها في نفسه من يهودية راسخة.
كان مجتمع الاسلام سمحاً بالغ السماحة ازاء كعب الاحبار, على الرغم من أن قراءة أولية في حادث اغتيال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه, قراءة مستبصرة, قد تشير باصبع الاتهام الى «مؤامرة» كان كعب الاخبار أحد اركانها..
لقد روي أن كعب الاحبار قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه:
- إنك ميّت بعد ثلاثة أيام.
قال عمر: وما ادراك؟
قال: أجده في كتاب الله عز وجل في التوراة.
قال عمر: وإنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة؟
قال: اللهم لا, ولكني اجد صفتك وحليتك وأنه قد فني اجلك..
وإذا كان لا يعلم الغيب الا الله سبحانه وتعالى, وكان من مجافاة العقل أن نصدق كلام كعب الاحبار حول موت (اغتيال) خليفة الاسلام الثاني, فإن مما لا يستبعده المحقق المدقق أن ثمة علماً مؤكداً عند كعب الاحبار بأن الخليفة سيقتل, وذلك ما توقف عنده بعض الدارسين, وحق لهم, بل هو واجب كل باحث عن حقيقة هذا الرجل الذي اغفل المسلمون الاوائل عن تورّطه في اغتيال الفاروق, وعُمّر بين ظهرانيهم حتى بلغ المائة والاربع من السنين, شأنه في خفاء امره هو شأن كثير ممن اتسعت لهم مجتمعاتنا, واثّروا فينا على نحو أو آخر, ثم تبيّن بعد زمن مديد أنهم كانوا فينا «طابوراً خامساً» كما يقال أو عيوناً للآخرين المتربصين بنا, أو أصحاب ثارات كامنة, أو أصحاب مهمات محددة..
روى لي أحدهم أن واحداً من أقاربه وكان مسجوناً في اسرائيل ذهب الى احدى دول الخليج العربي, باحثاً عن عمل, وأنه فوجئ بأن من يلقي الدرس الديني في أحد المساجد هو الضابط الاسرائيلي الذي كان يعذبه في السجن, وأنه حين سأله: ألست أنت فلان؟ قال له مهدداً: أنت مجنون, ويبدو أنك ستسفّرُ من قريب أو سيكون من أمرك ما لا تحب.
ويقول صاحب الرواية ان قريبه قد سُفّر (طرد) من تلك الدولة في اليوم التالي..
ومهما يكن امر هذه الرواية من الصدق أو يكن مبلغها من المبالغة, فهي في كلتا الحالين لا تخلو من الدلالة. ونحن نكون قوماً ساذجين إن نحن استبعدناها من الامكان, وإن كنا لا نأخذها بحذافيرها..
خلاصة ما ننبه وعينا اليه أن الحذر واجب ديني وقومي ووطني وان علينا أن لا ننخدع بظاهر الامور, وأن ندرك أن اعداء أمتنا قد تمرسوا بألوان التمويه, وانهم يرصدوننا ليل نهار, توطئة ليوم موقوت في حساباتهم وسيناريوهاتهم.. فهل نسمع أو نعقل.. أم نظل غافلين (طيّبين!) ساذجين, فنحسب في الهالكين؟؟
http://www.alrai.com/article/15119.html