مؤمن
10-02-2009, 01:42 PM
أمريكا وإيران في العراق .. شركاء أم خصوم؟
إسلامنا - فارس الخطاب
يتساءل الكاتب الأمريكي جورج فرديمان: "هل تعرفون ما أهم حدث عالمي في بداية القرن الحادي والعشرين بعد إحداث الحادي عشر من سبتمبر؟ انه التحالف الأمريكي الإيراني". ويري فريدمان إن الإيرانيين حققوا عن طريق الأمريكان ما فشلوا في تحقيقه علي مدي ثمانية أعوام من الحرب ضد صدام حسين وهو ما يؤكده تصريح نائب الرئيس الإيراني السيد محمد علي ابطحي إذ يقول: "إن أمريكا لم تكن لتحلم بغزو العراق أو أفغانستان لولا الدعم الإيراني".
ويذهب كثير من المحللين السياسيين إلي إن حجم المصالح المشتركة بين إيران وأمريكا اكبر بكثير من حجم الخلافات التي يبرز في مقدمتها موضوع الملف النووي الإيراني. ولعل مما يثير الاستغراب إن تسلط وسائل الإعلام المختلفة الضوء علي نقاط الخلاف بين البلدين بينما يتم التعتيم كلياً علي نقاط التلاقي والاستراتيجيات المشتركة فيما يخص العراق والإقليم عموما.
لقد غزت أمريكا العراق بتعاون وتنسيق لا يخفي علي احد مع الأحزاب العراقية المرتبط اغلبها بإيران كالمجلس العالي للثورة الإسلامية في العراق الذي ولد وترعرع وتسلح في طهران، وحزب الدعوة وغيرها من الجماعات المرتبطة بإيران منذ ما قبل الحرب العراقية ــ الإيرانية. كما دفعت إيران بكل ثقلها من اجل إنجاح مؤتمر لندن الذي أسس لموضوع احتلال العراق ورسمت فيه القوي الرئيسة مواضيع تقسيم الكعكة في عراق بعد صدام حسين.
إن الذي لم يكن العراقيون يتحسبون له بالمطلق أن تختار واشنطن بجيشها الجرار في العراق الأحزاب والشخصيات الشيعية الإيرانية النشاة والتنظيم والهوي لتطلق يدها في العبث بمكونات دولة العراق بكل ما تعنيه من بني تحتية وهياكل تنظيمية وأدوات تنفيذية وغيرها، وظهر بشكل مفاجئ وزن مركزي لرجال دين لم يكن لهم دور يذكر قبيل الغزو كعبة للسياسيين العراقيين وقيادة القوات المركزية الأمريكية في العراق وسط تركيز إيراني واضح، وبات أية الله علي السيستاني صمام أمان العراق والعراقيين حتى اعتبرته مجلة التايم الأمريكية عام 2005 ــ 2006 واحداً من أهم مائة شخصية تحكم العالم.
وفي ما يسمي بانتخابات عام 2005 لاختيار مجلس النواب العراقي عملت أمريكا كل ما بوسعها كي تفوز بها الجماعات الموالية لإيران فأصبح الحكيم ومليشياته المتمثلة بما يسمي فيلق بدر حكاما للعراق من الناحية الفعلية وذراعا مركزية من اّذرع الاحتلال في مواجهة المقاومة العراقية وتصفية الضباط والطيارين والعلماء والصحفيين والكفاءات العراقية.
بيانات أم فتاوي ؟
لقد اعترف الاستراتيجي والسياسي الأمريكي المعروف هنري كيسنجر في مقال له "بان الوجود العسكري الأمريكي في العراق ما كان ليستمر لأسبوعين فيما لو أطلقت المرجعيات المرتبطة بإيران فتاوي بمجرد التظاهر ضد الأمريكيين" وفي هذا الصدد حدثني احد المسئولين العراقيين قبل غزو العراق بان مراجع شيعية كتبوا بيانات وبتوقيعهم تدعوا العراقيين إلي "الجهاد" ضد القوات الأمريكية فيما لو نفذت غزوها للعراق لكن السيستاني عاد وعمم شفويا من خلال أتباعه انه متنصل من هذا البيان وان فتواه لأتباعه كالآتي: "لا تقاتلوا القوات الأمريكية لأنه لا يجوز الدفاع عن حاكم جائر".
إذن إيران عاونت أمريكا علي احتلال العراق علنا وهي تحتل العراق فعليا بشكل مباشر مع الاحتلال الأمريكي عبر فيلق القدس واطلاعات وفيلق بدر إضافة إلي الأحزاب الطائفية المدعومة علنا من إيران مثل (المجلس الأعلى) وقسم من (الدعوة) و(التيار الصدري) وغيرها.
كما أن الجميع يري ويلمس توجهات أعوان وإيران الذين يسعون قدما في تفتيت العراق إلي فيدراليات وأقاليم بهدف إنهاء وجوده كدولة وهو ذات النهج الذي دعا إليه جوزيف بايدن (نائب الرئيس الحالي للولايات المتحدة) في مقترح رسمي قدمه إلي الكونغرس الأمريكي يدعو فيه إلى تقسيم العراق إلى كيانات ثلاثة استنادا إلى التعدد الطائفي والعنصري.
لقد ذكر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "جون هوبكينز"، "تريتا بارسي" في مقدمة كتابه "التحالف الغادر" أن "المسئولين الإيرانيين وجدوا أن الفرصة الوحيدة لكسب الإدارة الأمريكية تكمن في تقديم مساعدة اكبر واهم لها في غزو العراق عام 2003 عبر الاستجابة لما تحتاجه، مقابل ما ستطلبه إيران منها، علي أمل أن يؤدي ذلك إلى عقد صفقة متكاملة تعود العلاقات الطبيعية بموجبها بين البلدين وتنتهي مخاوف الطرفين".
وبعد أن يذكر هوبكينز حقائق مثيرة في العلاقات بين واشنطن وطهران يخلص إلى القول في نهاية كتابه إلي أنّ إيران ليست "خصما للولايات المتّحدة وإسرائيل كما كان الحال بالنسبة للعراق بقيادة صدّام وأفغانستان بقيادة حركة طالبان "وقد يكون هذا متطابقا مع ما أوصى وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس قبل ثلاث سنوات في دراسة كلفه بها الرئيس المنتهية ولايته جورج بوش حيث أوصى بسياسة "القفازات الحريرية مع إيران بدلاً من القوة".
إن المتابع إذا ما تجاوز القشور السطحية التي تظهر من خلال المهاترات والتراشقات الإعلامية والدعائية بين إيران والولايات المتحدة يري أن هناك تشابها مثيرا بين الدولتين في العديد من القضايا وانّ ما يجمعهما اكبر بكثير مما يفرقهما وان هناك تحالفاً من وراء الكواليس بين أمريكا وإيران وهو بالطبع ليس تحالفا استراتيجيا إذ يجب أن نعترف باختلاف استراتيجيات كل دولة لكنه مبني علي مصالح الدولتين في المنطقة كما أن الولايات المتحدة تراقب تحرك القوي ونموها في روسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابقة والصين ويهمها جدا أن لا تدفع بإيران إلى احتضان هذه القوي الصاعدة. خلاصة القول فان علم السياسة يقول إن من حق إيران أو أمريكا أو أي بلد أن يدافع عما يعتبره مصالحا حيوية بالطرق والأساليب التي يراها مناسبة ولكن في الحالة العراقية صورة لم تحضر في التجارب الدولية السابقة حيث تحالفات الأضداد وتنفيذ للاستراتيجيات دون المواجهة ويبقي للعراق وشعب العراق أن يعي أن الأمريكان والإيرانيين في العراق هم شركاء وان ليس لهم إلا خيار المقاومة الذي أقرته السنن والشرائع الدينية والدنيوية ليتخلصوا من الاحتلالين ويتركوا إيران وأمريكا ليواجهوا بعضهم في بقية قضايا المنطقة والتسلح النووي.
إسلامنا - فارس الخطاب
يتساءل الكاتب الأمريكي جورج فرديمان: "هل تعرفون ما أهم حدث عالمي في بداية القرن الحادي والعشرين بعد إحداث الحادي عشر من سبتمبر؟ انه التحالف الأمريكي الإيراني". ويري فريدمان إن الإيرانيين حققوا عن طريق الأمريكان ما فشلوا في تحقيقه علي مدي ثمانية أعوام من الحرب ضد صدام حسين وهو ما يؤكده تصريح نائب الرئيس الإيراني السيد محمد علي ابطحي إذ يقول: "إن أمريكا لم تكن لتحلم بغزو العراق أو أفغانستان لولا الدعم الإيراني".
ويذهب كثير من المحللين السياسيين إلي إن حجم المصالح المشتركة بين إيران وأمريكا اكبر بكثير من حجم الخلافات التي يبرز في مقدمتها موضوع الملف النووي الإيراني. ولعل مما يثير الاستغراب إن تسلط وسائل الإعلام المختلفة الضوء علي نقاط الخلاف بين البلدين بينما يتم التعتيم كلياً علي نقاط التلاقي والاستراتيجيات المشتركة فيما يخص العراق والإقليم عموما.
لقد غزت أمريكا العراق بتعاون وتنسيق لا يخفي علي احد مع الأحزاب العراقية المرتبط اغلبها بإيران كالمجلس العالي للثورة الإسلامية في العراق الذي ولد وترعرع وتسلح في طهران، وحزب الدعوة وغيرها من الجماعات المرتبطة بإيران منذ ما قبل الحرب العراقية ــ الإيرانية. كما دفعت إيران بكل ثقلها من اجل إنجاح مؤتمر لندن الذي أسس لموضوع احتلال العراق ورسمت فيه القوي الرئيسة مواضيع تقسيم الكعكة في عراق بعد صدام حسين.
إن الذي لم يكن العراقيون يتحسبون له بالمطلق أن تختار واشنطن بجيشها الجرار في العراق الأحزاب والشخصيات الشيعية الإيرانية النشاة والتنظيم والهوي لتطلق يدها في العبث بمكونات دولة العراق بكل ما تعنيه من بني تحتية وهياكل تنظيمية وأدوات تنفيذية وغيرها، وظهر بشكل مفاجئ وزن مركزي لرجال دين لم يكن لهم دور يذكر قبيل الغزو كعبة للسياسيين العراقيين وقيادة القوات المركزية الأمريكية في العراق وسط تركيز إيراني واضح، وبات أية الله علي السيستاني صمام أمان العراق والعراقيين حتى اعتبرته مجلة التايم الأمريكية عام 2005 ــ 2006 واحداً من أهم مائة شخصية تحكم العالم.
وفي ما يسمي بانتخابات عام 2005 لاختيار مجلس النواب العراقي عملت أمريكا كل ما بوسعها كي تفوز بها الجماعات الموالية لإيران فأصبح الحكيم ومليشياته المتمثلة بما يسمي فيلق بدر حكاما للعراق من الناحية الفعلية وذراعا مركزية من اّذرع الاحتلال في مواجهة المقاومة العراقية وتصفية الضباط والطيارين والعلماء والصحفيين والكفاءات العراقية.
بيانات أم فتاوي ؟
لقد اعترف الاستراتيجي والسياسي الأمريكي المعروف هنري كيسنجر في مقال له "بان الوجود العسكري الأمريكي في العراق ما كان ليستمر لأسبوعين فيما لو أطلقت المرجعيات المرتبطة بإيران فتاوي بمجرد التظاهر ضد الأمريكيين" وفي هذا الصدد حدثني احد المسئولين العراقيين قبل غزو العراق بان مراجع شيعية كتبوا بيانات وبتوقيعهم تدعوا العراقيين إلي "الجهاد" ضد القوات الأمريكية فيما لو نفذت غزوها للعراق لكن السيستاني عاد وعمم شفويا من خلال أتباعه انه متنصل من هذا البيان وان فتواه لأتباعه كالآتي: "لا تقاتلوا القوات الأمريكية لأنه لا يجوز الدفاع عن حاكم جائر".
إذن إيران عاونت أمريكا علي احتلال العراق علنا وهي تحتل العراق فعليا بشكل مباشر مع الاحتلال الأمريكي عبر فيلق القدس واطلاعات وفيلق بدر إضافة إلي الأحزاب الطائفية المدعومة علنا من إيران مثل (المجلس الأعلى) وقسم من (الدعوة) و(التيار الصدري) وغيرها.
كما أن الجميع يري ويلمس توجهات أعوان وإيران الذين يسعون قدما في تفتيت العراق إلي فيدراليات وأقاليم بهدف إنهاء وجوده كدولة وهو ذات النهج الذي دعا إليه جوزيف بايدن (نائب الرئيس الحالي للولايات المتحدة) في مقترح رسمي قدمه إلي الكونغرس الأمريكي يدعو فيه إلى تقسيم العراق إلى كيانات ثلاثة استنادا إلى التعدد الطائفي والعنصري.
لقد ذكر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "جون هوبكينز"، "تريتا بارسي" في مقدمة كتابه "التحالف الغادر" أن "المسئولين الإيرانيين وجدوا أن الفرصة الوحيدة لكسب الإدارة الأمريكية تكمن في تقديم مساعدة اكبر واهم لها في غزو العراق عام 2003 عبر الاستجابة لما تحتاجه، مقابل ما ستطلبه إيران منها، علي أمل أن يؤدي ذلك إلى عقد صفقة متكاملة تعود العلاقات الطبيعية بموجبها بين البلدين وتنتهي مخاوف الطرفين".
وبعد أن يذكر هوبكينز حقائق مثيرة في العلاقات بين واشنطن وطهران يخلص إلى القول في نهاية كتابه إلي أنّ إيران ليست "خصما للولايات المتّحدة وإسرائيل كما كان الحال بالنسبة للعراق بقيادة صدّام وأفغانستان بقيادة حركة طالبان "وقد يكون هذا متطابقا مع ما أوصى وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس قبل ثلاث سنوات في دراسة كلفه بها الرئيس المنتهية ولايته جورج بوش حيث أوصى بسياسة "القفازات الحريرية مع إيران بدلاً من القوة".
إن المتابع إذا ما تجاوز القشور السطحية التي تظهر من خلال المهاترات والتراشقات الإعلامية والدعائية بين إيران والولايات المتحدة يري أن هناك تشابها مثيرا بين الدولتين في العديد من القضايا وانّ ما يجمعهما اكبر بكثير مما يفرقهما وان هناك تحالفاً من وراء الكواليس بين أمريكا وإيران وهو بالطبع ليس تحالفا استراتيجيا إذ يجب أن نعترف باختلاف استراتيجيات كل دولة لكنه مبني علي مصالح الدولتين في المنطقة كما أن الولايات المتحدة تراقب تحرك القوي ونموها في روسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابقة والصين ويهمها جدا أن لا تدفع بإيران إلى احتضان هذه القوي الصاعدة. خلاصة القول فان علم السياسة يقول إن من حق إيران أو أمريكا أو أي بلد أن يدافع عما يعتبره مصالحا حيوية بالطرق والأساليب التي يراها مناسبة ولكن في الحالة العراقية صورة لم تحضر في التجارب الدولية السابقة حيث تحالفات الأضداد وتنفيذ للاستراتيجيات دون المواجهة ويبقي للعراق وشعب العراق أن يعي أن الأمريكان والإيرانيين في العراق هم شركاء وان ليس لهم إلا خيار المقاومة الذي أقرته السنن والشرائع الدينية والدنيوية ليتخلصوا من الاحتلالين ويتركوا إيران وأمريكا ليواجهوا بعضهم في بقية قضايا المنطقة والتسلح النووي.