عبد الرحمن اسعد
13-12-2011, 09:34 PM
السلام عليكم ورحمة الله.
في الاسبوع الماضي قابلت بعض انصار النهضة واتباع القرضاوي والغنوشي وتجاذبنا اطراف الحديث عن فرية الجبالي عن " الخلافة السادسة " فانطلقت قرائح البعض منهم لتعتبر ذلك فلتة لسان مقصودة في سياق الحديث وما الى ذلك حتى وصل الامر باخدهم لشرح ان الخلافة ليست سوى شكلا تاريخيا من اشكال الحكم ليس فيها نص شرعي . المهم هذه االامور معروفة ومطبوعة ومنشورة. الذي كاد يفلقني هو التالي : ولهذه الغاية اسجل الاحرف هذه للتذكر والتنبيه والتحذير بغية عدم الوقوع فيما يقع بعض الناس عن جهل او حسن نية او سوء.
****
هالني ان اسمع ولاول مرة في حياتي قوله التالي في شرحه وتبريره لموضوع الخلافة وانها ليست مطلبا للنهضة :
قال الشقي ان سيدنا عمر قال التالي :
إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ، ألا وإنها قد كانت كذلك ، ولكن الله وقى شرها
وكدت افلق فعلا فقلت له : هل تاكدت منها قال نعم وفي البخاري ومسلم وهو حديث صحيح وووووو ولما لم يكن اثبات ذلك ممكنا وعلى " الواقف " كما يقولون افهمته مسالة الحكم الشرعي وان الخلافة عمل لا عقيدة . ولما لم يكن الحكم الشرعي اصلا مهما بالمرة عندهم واعتبار الامر مجرد شكل للحكم!!!_ ( لايدركون او لايردون ان يدروكوا واقع الخلافة والرئاسة والامارة مع انهم شر من يطلبونها طلبا ولغايتها لا لواقعها االامس واليوم بين الناس وقد وصلوا لها فعلا بامر امريكي علني ...)_ بناء على السياق التاريخي للفترات التي مرت بها الخلافة الى ولاية العهد الى الحكم الجبري فالعضوض وانتهائها في الاستانة .1909 ... فذلك كله عبارة عن مراحل تاريخية للقيادة . لاعلاقة فيها للدستور الناظم للامة خلالها !!!
المهم والمختصر هو تقولهم على سيدنا عمر وهو ما اثارني فعلا ودفعني لهذه الاسطر:
اقول لكم : بحث عن المسالة ومصدرها فوقعت على التالي :
رأي عمر بن الخطاب في بيعة ابوبكر بن ابي قحافه
أخرج البخاري في صحيحه ، وأحمد في مسنده ، والحميدي والموصلي في الجمع بين الصحيحين وابن أبي شيبة في المصنف وغيرهم عن ابن عباس في حديث طويل أسموه بحديث السقيفة ، قال فيه عمر : إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ، ألا وإنها قد كانت كذلك ، ولكن الله وقى شرها . . . من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا
صحيح البخاري 8 / 210 الحدود ، باب رجم الحبلى من الزنا ، 4 / 2130 ح 6830 . مسند أحمد بن حنبل 1 / 323 ح 391 . الجمع بن الصحيحين للحميدي 1 / 104 . الجمع بين الصحيحين للموصلي 1 / 260 . المصنف 7 / 431 ح 37031 ، 37032 .
وفي رواية أخرى : ألا إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ، وقى الله المؤمنين شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه . وذكر هذا الحديث من علماء أهل السنة : السيوطي في تاريخ الخلفاء ، وابن كثير في البداية والنهاية ، وابن هشام في السيرة النبوية ، وابن الأثير في الكامل ، والطبري في الرياض النضرة ، والدهلوي في مختصر التحفة الاثني عشرية ، وغيرهم
تاريخ الخلفاء ، ص 51 . البداية والنهاية 5 / 215 . السيرة النبوية 4 / 657 . الكامل في التاريخ 2 / 326 . الرياض النضرة 1 / 233 . مختصر التحفة الاثني عشرية ، ص 243 .
يقول ابن كثير في البداية والنهاية 5/215 عن حديث عمر ( إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت ألا وإنها كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها ) يقول ان له طرق
تأملات في الحديث : قول عمر : إن بيعة أبي بكر كانت فلتة . قال ابن منظور في لسان العرب : يقال : كان ذلك الأمر فلتة ، أي فجأة إذا لم يكن عن تدبر ولا ترو ، والفلتة : الأمر يقع من غير إحكام .
لسان العرب 2 / 67 .
ويبدو ولست متاكدا ان مثل هذا الموقع وصاحب الموضوع هم من نشروا ذلك في المنتديات عن لؤم ومكر!!!
http://www.fajrbh.com/vb/showthread.php?p=241561
ثم وجدت ان الحديث هذه مقطوع !!!!!!!!!!!!!!! بخبث ولؤم : على مبدأ : ولا تقربوا الصلاة ...!!!!!!!
اي كما قال الشقي صاحب النص ... حديث ورد فيه ........ ما فلقني !!!!
اي ان فكرة الكذب على سيدنا عمر هنا هي التي ينشرها هؤلاء .
وعندما بحثت في البخاري ومسلم وجدت التالي :
روى البخاري بإسناده إلى ابن عباس قال:- كنت أقرئ رجالاً من المهاجرين منهم عبدالرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى، وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها إذا رجع إلي عبدالرحمن فقال: لو رأيت رجلاً أتى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلاناً، فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت، فغضب عمر ثم قال: إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم، قال عبدالرحمن: فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير، وأن لا يعوها وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكناً، فيعي أهل العلم مقالتك، ويضعوها على مواضعها فقال عمر: أما والله -إن شاء الله- لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.
قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة. فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زاغت الشمس حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالساً إلى ركن المنبر فجلست حوله، تمس ركبتي ركبتيه، فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلاً قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف، فأنكر علي وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله! فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال:
أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت راحلته، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي:- إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها، وعقلناها، ووعيناها، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل، والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على كل من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف.
ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم -أو أن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم- الا ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [لا تطروني كما أطري عيسى بن مريم، وقولوا عبدالله ورسوله]، ثم أنه بلغني أن قائلاً منكم يقول: والله لو قد مات عمر بايعت فلاناً، فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن وقى الله شرها، وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلاً من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا، وأنه قد كان من خيرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا، واجتمعوا وخالف عنا علي والزبير، ومن معهما، واجتمع إلي أبي بكر، فقلت لأبي بكر يا أبا بكر، انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار، فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم، اقضوا أمركم. فقلت: والله لنأتينهم. فانطلقنا حتى أتينا في سقيف بني ساعدة، فإذا رجل مزمن بين ظهرانيهم، فقلت من هذا؟ فقالوا: هذا سعد بن عبادة فقلت ما له؟ قالوا يوعظ. فلما جلسنا قليلاً تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام؟ وأنتم معشر المهاجرين رهط، وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا، وأن يَحْضُنُونَا من الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم -وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر- وكنت أداري منه بعض الحد، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك. فكرهت أن أغضبه، فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قاله في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم -فأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا- فلم أكره ممن قال غيرها، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي، لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، اللهم إلا أن تسول إلى نفسي عند الموت شيئاً لا أجده الآن، فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب. منا أمير ومنكم أمير يا معشر المهاجرين، فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف، فقلت أبسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته، وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة، فقلت: قتل الله سعد بن عبادة.
قال عمر: وأنا والله ما وجدنا فيما حضرنا أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم، ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلاً منهم بعدنا، فأما بايعناهم على ما لا نرضى، وإما أن تخالفهم فيكون فساداً، فمن بايع رجلاً على غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو والذي بايعه تغرة أن يقتلا.
وهذا الأثر العظيم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وتلك الخطبة التاريخية فيها كثير من الفوائد والأصول لسنا بصدد التعرض لها الآن ولكننا سنناقش فقط مكان الشاهد من هذه الخطبة على ما نحن بصدده ألا وهو اختيار الحاكم فعمر يعلن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى منبره، أن أمر بيعة الحاكم يجب أن تسبقها الشورى، وأن من تعجل البيعة قبل الشورى فإنه لا يتابع في بيعته، لا الذي بايع، ولا من بويع، ويقول هذا الكلام بالنص الصريح الواضح:
.
في الاسبوع الماضي قابلت بعض انصار النهضة واتباع القرضاوي والغنوشي وتجاذبنا اطراف الحديث عن فرية الجبالي عن " الخلافة السادسة " فانطلقت قرائح البعض منهم لتعتبر ذلك فلتة لسان مقصودة في سياق الحديث وما الى ذلك حتى وصل الامر باخدهم لشرح ان الخلافة ليست سوى شكلا تاريخيا من اشكال الحكم ليس فيها نص شرعي . المهم هذه االامور معروفة ومطبوعة ومنشورة. الذي كاد يفلقني هو التالي : ولهذه الغاية اسجل الاحرف هذه للتذكر والتنبيه والتحذير بغية عدم الوقوع فيما يقع بعض الناس عن جهل او حسن نية او سوء.
****
هالني ان اسمع ولاول مرة في حياتي قوله التالي في شرحه وتبريره لموضوع الخلافة وانها ليست مطلبا للنهضة :
قال الشقي ان سيدنا عمر قال التالي :
إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ، ألا وإنها قد كانت كذلك ، ولكن الله وقى شرها
وكدت افلق فعلا فقلت له : هل تاكدت منها قال نعم وفي البخاري ومسلم وهو حديث صحيح وووووو ولما لم يكن اثبات ذلك ممكنا وعلى " الواقف " كما يقولون افهمته مسالة الحكم الشرعي وان الخلافة عمل لا عقيدة . ولما لم يكن الحكم الشرعي اصلا مهما بالمرة عندهم واعتبار الامر مجرد شكل للحكم!!!_ ( لايدركون او لايردون ان يدروكوا واقع الخلافة والرئاسة والامارة مع انهم شر من يطلبونها طلبا ولغايتها لا لواقعها االامس واليوم بين الناس وقد وصلوا لها فعلا بامر امريكي علني ...)_ بناء على السياق التاريخي للفترات التي مرت بها الخلافة الى ولاية العهد الى الحكم الجبري فالعضوض وانتهائها في الاستانة .1909 ... فذلك كله عبارة عن مراحل تاريخية للقيادة . لاعلاقة فيها للدستور الناظم للامة خلالها !!!
المهم والمختصر هو تقولهم على سيدنا عمر وهو ما اثارني فعلا ودفعني لهذه الاسطر:
اقول لكم : بحث عن المسالة ومصدرها فوقعت على التالي :
رأي عمر بن الخطاب في بيعة ابوبكر بن ابي قحافه
أخرج البخاري في صحيحه ، وأحمد في مسنده ، والحميدي والموصلي في الجمع بين الصحيحين وابن أبي شيبة في المصنف وغيرهم عن ابن عباس في حديث طويل أسموه بحديث السقيفة ، قال فيه عمر : إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ، ألا وإنها قد كانت كذلك ، ولكن الله وقى شرها . . . من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا
صحيح البخاري 8 / 210 الحدود ، باب رجم الحبلى من الزنا ، 4 / 2130 ح 6830 . مسند أحمد بن حنبل 1 / 323 ح 391 . الجمع بن الصحيحين للحميدي 1 / 104 . الجمع بين الصحيحين للموصلي 1 / 260 . المصنف 7 / 431 ح 37031 ، 37032 .
وفي رواية أخرى : ألا إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ، وقى الله المؤمنين شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه . وذكر هذا الحديث من علماء أهل السنة : السيوطي في تاريخ الخلفاء ، وابن كثير في البداية والنهاية ، وابن هشام في السيرة النبوية ، وابن الأثير في الكامل ، والطبري في الرياض النضرة ، والدهلوي في مختصر التحفة الاثني عشرية ، وغيرهم
تاريخ الخلفاء ، ص 51 . البداية والنهاية 5 / 215 . السيرة النبوية 4 / 657 . الكامل في التاريخ 2 / 326 . الرياض النضرة 1 / 233 . مختصر التحفة الاثني عشرية ، ص 243 .
يقول ابن كثير في البداية والنهاية 5/215 عن حديث عمر ( إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت ألا وإنها كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها ) يقول ان له طرق
تأملات في الحديث : قول عمر : إن بيعة أبي بكر كانت فلتة . قال ابن منظور في لسان العرب : يقال : كان ذلك الأمر فلتة ، أي فجأة إذا لم يكن عن تدبر ولا ترو ، والفلتة : الأمر يقع من غير إحكام .
لسان العرب 2 / 67 .
ويبدو ولست متاكدا ان مثل هذا الموقع وصاحب الموضوع هم من نشروا ذلك في المنتديات عن لؤم ومكر!!!
http://www.fajrbh.com/vb/showthread.php?p=241561
ثم وجدت ان الحديث هذه مقطوع !!!!!!!!!!!!!!! بخبث ولؤم : على مبدأ : ولا تقربوا الصلاة ...!!!!!!!
اي كما قال الشقي صاحب النص ... حديث ورد فيه ........ ما فلقني !!!!
اي ان فكرة الكذب على سيدنا عمر هنا هي التي ينشرها هؤلاء .
وعندما بحثت في البخاري ومسلم وجدت التالي :
روى البخاري بإسناده إلى ابن عباس قال:- كنت أقرئ رجالاً من المهاجرين منهم عبدالرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى، وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها إذا رجع إلي عبدالرحمن فقال: لو رأيت رجلاً أتى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلاناً، فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت، فغضب عمر ثم قال: إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم، قال عبدالرحمن: فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير، وأن لا يعوها وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكناً، فيعي أهل العلم مقالتك، ويضعوها على مواضعها فقال عمر: أما والله -إن شاء الله- لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.
قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة. فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زاغت الشمس حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالساً إلى ركن المنبر فجلست حوله، تمس ركبتي ركبتيه، فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلاً قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف، فأنكر علي وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله! فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال:
أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت راحلته، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي:- إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها، وعقلناها، ووعيناها، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل، والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على كل من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف.
ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم -أو أن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم- الا ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [لا تطروني كما أطري عيسى بن مريم، وقولوا عبدالله ورسوله]، ثم أنه بلغني أن قائلاً منكم يقول: والله لو قد مات عمر بايعت فلاناً، فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن وقى الله شرها، وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلاً من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا، وأنه قد كان من خيرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا، واجتمعوا وخالف عنا علي والزبير، ومن معهما، واجتمع إلي أبي بكر، فقلت لأبي بكر يا أبا بكر، انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار، فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم، اقضوا أمركم. فقلت: والله لنأتينهم. فانطلقنا حتى أتينا في سقيف بني ساعدة، فإذا رجل مزمن بين ظهرانيهم، فقلت من هذا؟ فقالوا: هذا سعد بن عبادة فقلت ما له؟ قالوا يوعظ. فلما جلسنا قليلاً تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام؟ وأنتم معشر المهاجرين رهط، وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا، وأن يَحْضُنُونَا من الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم -وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر- وكنت أداري منه بعض الحد، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك. فكرهت أن أغضبه، فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قاله في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم -فأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا- فلم أكره ممن قال غيرها، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي، لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، اللهم إلا أن تسول إلى نفسي عند الموت شيئاً لا أجده الآن، فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب. منا أمير ومنكم أمير يا معشر المهاجرين، فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف، فقلت أبسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته، وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة، فقلت: قتل الله سعد بن عبادة.
قال عمر: وأنا والله ما وجدنا فيما حضرنا أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم، ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلاً منهم بعدنا، فأما بايعناهم على ما لا نرضى، وإما أن تخالفهم فيكون فساداً، فمن بايع رجلاً على غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو والذي بايعه تغرة أن يقتلا.
وهذا الأثر العظيم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وتلك الخطبة التاريخية فيها كثير من الفوائد والأصول لسنا بصدد التعرض لها الآن ولكننا سنناقش فقط مكان الشاهد من هذه الخطبة على ما نحن بصدده ألا وهو اختيار الحاكم فعمر يعلن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى منبره، أن أمر بيعة الحاكم يجب أن تسبقها الشورى، وأن من تعجل البيعة قبل الشورى فإنه لا يتابع في بيعته، لا الذي بايع، ولا من بويع، ويقول هذا الكلام بالنص الصريح الواضح:
.