المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نعم لقد حرروه ليستعبدوه ... ؟؟



أبو أيوب
07-12-2011, 03:07 PM
نعم لقد حرروا الانسان ليستعبدوه ..
فاوهموه بالحرية ثم عادوا ليقولوا ولكن لو تركت الحرية مطلقة لانقلبت فوضى و تنازع فلابد من التنازل عن جزء من الحرية الفردية لصالح الحرية الجماعية
ثم عادوا فاوهموه انه لا يمكن ان تكون سيادة الشعب بحكم الشعب لنفسه و طرحوا التمثيل البرلماني فبدل حكم الشعب صار حكم قلة نافذة تتحكم في الاقتصاد و الاعلام و هذا معلوم لا ينكره الا حالم او جاهل
ثم عادوا فمكنوه من حرية الرأي و التعبير و لا يهم حقيقة رأيه او معارضته فليس المهم ان يسمع صوتك المهم حقيقة ان يغير صوتك .. و لكن هيهات ان يغير ما تخطه البطون الكبرى و لكم في العراق و
غزوه اكبر بيان ..


ثم حرروا الاقتصاد لا لتكون حرا بل ليتجاوزوا هم عقبة ان يكون المحتاج و الفقير و المسكين مشكلة الدولة فجعلوها للجمعيات الخيرية من جهة و ليستطيعوا بسط هيمنتهم على قطاعات هامة و كبيرة كانت حكرا على الدولة من جهة اخرى و ليتستطيعوا تحريك اموالهم متى شاؤوا الى اسواق اخرى هشة او بيد عاملة رخيصة غير مكلفة يروج لها ضعاف العقول من حكامهم انها استثمار يوفر مواطن شغل و يقضي على البطالة و المتأمل في الشركات الكبرى و المتعددة الجنسيات و المساهمة خفية العقول ليدرك حقيقة لا غبار عليها ان حرية الملكية التي دغدغت عقول الثارين الحالمين قد غيرت لباس الاقطاعيين و لم تعد توزيع الثروات او تضع حدا لاحتكار طغمة من الناس على الثروات و الارزاق

كما عادوا للدين فحرروه و كفلوا حرية المعتقد و هم ضمنا اقصوه الى غير رجعة و خصصوا له فضاءا لمن شاء ان يتعبد او يتكهنت بالاصح بالنسك و الطقوس او ملجأ للمظلوم و المحروم يتعلم الصبر على القضاء و ينسى انه فريسة البلاء و ان الله قسم اقوات الفقراء في
اموال الاغنياء فما جاع فقير قط الا بتخمة غني ..

ثم انهم قدسوا الحرية الشخصية فحرروا الانسان و حرروا الاسرة و حرروا المرأة و حرروا الطفل
فانقلبت الحرية جنسا فاحشا و الابوة عقدة اوديب و سلطة ذكورية و الامومة عيدا و ذكرى
و الطفولة حضانة و لمجة و الخيانة قلبية لا جسدية
اعود فاخص المرأة ذكرا لا حصرا فقد امتهنت فهاهي لذة و تحفة و غواية في كل مشهد اعلاني و سلعة تروج مع باقي السلع لا بل لقد صارت توضع داخل متر من العلب تباع و تشترى بل و تتموضع مائدة عارية في بعض النزل الراقية المبتكرة
و خلف صورتها الناجحة القائدة المشاركة العاملة تتكدس قضايا الطلاق و الاغتصاب و التحرش و العنف و الدعارة و الاسترقاق .. ثم مهملة في دور الرعاية و العجز

نعم لقد حرروا الانسان ليكون آلة .. أعلم من العبد و أذكى و أقدر ..
آلة تعمل و ترزح و تكدح و تنتج و ... تقتات على فتات
آلة بطاريات عقولها افكار رنانة براقة .. لم يتسنى لها ان تقف على حدودها او تبحث حقيقتها
آلة بطاريات اعمالها حشو من الرغبات و الجوعات تعمل جهات على اذكائها نارا تحرق شررا فنفكر شططا و نحب كلابا
آلة يعمل الكنترول على تحديد برمجيتها و اذواقها و موضتها و مثيراتها و قيمها و مسارح ترفيهها و الهائها فيعلمها
كيف تحب و من تحب و كيف تلبس و كيف تتزين و كيف تاكل و تشرب .. بماء اجاج كلما شربت منه زاد عطشك

و نعم لقد قيد الاسلام الانسان ... و لكن ليحرره
فقد حرره من ايمان الوجدان و الوراثة و تسلط الخرافة و العادة و حرك عقله ليعمل و يتدبر و يتفكر في حقيقته و حقيقة ما حوله طارحا امامه السؤال الاكبر : أ خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ؟
نعم هكذا دون املاء او وسطاء .. فابحث بنفسك في ضعفك و عجزك و نقصانك و محدوديتك و ما حولك فاذا فرغت فاعلم ان له الخلق و الامر و ان كل ما شهدت به من قدرة و علم و حكمة و ابداع و خلق لهو فواتير و اثباتات عليك بخضوعك و عيشك في ملكوته : أفيحق ان تقر بالملك ثم تنفي عن المالك حقه في تدبير ملكه ؟ فكما له الحق في الاختيار ( يخلق ما يشاء و يختار ) في اي صورة و اي شكل و اي وصف و اي عدد و اي تفضيل فمن باب اولى ان يكون الحكم و القضاء و التصريف و التشريع و التقنين و التقييم له وحده
فحينها لم يخضع الانسان لسلطة انسان عاجز مثله او هوى متقلب مثله او مصلحة متغايرة .. بل الى علم و عدل و رحمة و لطف و الاهم الى أحقية .. المملوك لمالكه و العبد لسيده .. ليرد الإنسان إلى ربه ، وليجعل هذه السلطة هي السلطة الوحيدة التي يتلقى منها موازينه وقيمه ، كما تلقى منها وجوده وحياته ، والتي يرجع إليها بروابطه ووشائجه ، كما أنه من إرادتها صدر وإليها يعود

ثم عاد و تكفل برزقه و نفعه و ضره و أجله و هي ابرز عقد الحياة و مشاغل الانسان فقال له : هي في كفالتي و مسؤوليتي و على عاتقي فاحسن ظنك و توكلك و دع عنك اشباه الاسياد و الكبراء و الشركاء فهم لا يملكون لانفسهم ضرا و لا نفعا و لا هديا و لا ضلالا

قال هل يسمعونكم إذ تدعون * أو ينفعونكم أو يضرون * قالوا بل وجدنا ءابائنا كذلك يفعلون * قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وءاباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين * الذي خلقني فهو يهدين * والذي يطعني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين * رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين

ثم عاد فحرره من دنيوية الدم و التربة و القبيلة و العشيرة و العرق و اللون و اعتبرها روابط حيوانية و عصبيات جاهلية
نتنة منتنة لا تليق بتكريم الانسان و تشريفه

و عاد فخلصه من سلطة كهنوتية و بابوية و وسطاء بينه و بين خالقه فلا رجال دين تكتب صكوك العفو و لا الكفر على و اهوائهم ولا حكام تحكم بحق الاهي ثيوقراطي و لا محكوم ينقطع عن الدنيا الى دور العبادة لا يفارقها و لا يقرب النساء فيها:

قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون
و لكنه ضبطها وفق مقتضيات الشريعة الاسلامية ووفق أحكامها و لم يجعلها اصلا للسعادة بحد ذاتها فمتعتها زائلة محدودة فانية و ما وعد الله به ابقى و هكذا ربط بين فطرة الانسان في سعيه لاشباع رغباته ، فلم ينكرها و لم يكبتها ، و بين تقيده باوامر الله و نواهيهه في اشباعاته بما بعد الحياة و البعث و النشور و الجزاء و الثواب و العقاب :

قال الله تعالى " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة و الأنعام
والحرث، ذلك متاع الحياة الدنيا، والله عنده حسن المآب. قل أؤنبئكم بخير من ذلكم؟للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار ، خالدين فيها، وأزواج مطهرة،ورضوان من الله والله بصير بالعباد".

و من رحمة الله بنا أنه لم ينهانا عن التمتع بتلك الشهوات بالكلية ولكنه نهانا عن أن نتعلق بها فتشغلنا عن العمل للآخرة ونهانا عن أن نؤثر حبها على حب الله والدار الآخرة فتعمي أبصارنا وتطغينا فنتجاوز حدود الله ونرتكب الآثام من أجلها ونبيع ديننا لتحصيلها.قال تعالى : " فأما من طغى وآثرالحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى".

فرج الطحان
07-12-2011, 04:13 PM
بارك الله فيك..
نقد رائع..
وأسلوب أروع..