المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في ظلال الهجرة النبوية الشريفة



سيفي دولتي
25-11-2011, 02:14 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

تخلت مكة عن نصرة نبي الله ، ناصبت دعوة الحق عداء مستعرا بنار العناد الكفري ، وكان لا بد من البحث عمن ينصر الدعوة ويعطيها القوة والمنعة في الأرض ، فكانت الإجابة عند أهل يثرب الذين بايعوا على الحماية والنصرة والقوة والمنعة فأذن الله لنبيه بالهجرة إلى تلك الديار .
لن نتكلم في أحداث البيعتين ولا في أحداث السفر المضني في صحراء قاحلة حرّها يكاد يفتك بكل من يسير فيها ، ولا في أحداث الغار فتلك القصة باتت محفوظة عن ظهر قلب ما أريده أن أعرضه اليوم ونحن نستظل بظلال الذكرى العطرة وفي استقبال عام 1433 هـ ما هي المعاني التي تحققت في الهجرة وماذا نستفيد منها كحملة دعوة وكيف السبيل لنعيشها واقعا حقيقيا في الأرض من جديد ؟ .

إن من الدروس التي نستفيدها في ظلال المناسبة العطرة أن لا نيأس أبدا في طلب الحق وإظهار الدعوة فلا بد لنور الحق من الظهور على ظلام الباطل ولا بد لفجر الإسلام أن يبزغ رغم حلكة ليل الكفر ، ها نحن نعيش الرأسمالية وعصرها القذر وظلامها المتبدد بعون الله وتكبرها في الأرض بغير الحق وها هم دعاتها يمارسون أبشع حملة عرفتها البشرية في الصد عن سبيل الله بنشر الديمقراطية والمبدأ الرأسمالي البغيض ، ها نحن نعيش جاهلية القرون المتقدمة ولكنها ليست كأي جاهلية سبقت أبدا لأن الجاهلية التي نعيش هي جاهلية تأتي بعد ظهور الحق ، تأتي بعد تقدم البشرية في كل المجالات العلمية والثقافية والحضارية ، جاهلية تفتك بالبشرية وترديها الهلاك ، نعيشها بكل تفاصيلها ورغم ذلك كله نحن على يقين بأننا سنزيلها بعون الله ، لنكن متيقنين من هذا واثقين بالله مستعينين به مستظلين بكتابه العزيز حين قال " إلا تنصروه فقد نصره الله .. " يا أهل الأرض مهما اجتمعت قوتكم بالعدة والعدد والعتاد لن تنصروه !! لن تصروه !! ولكن الله وحده قادر على النصرة ، هذا يقيننا على الله وهذا درس من دروس الهجرة اليقين بنصر الله ، لا بد من النصر للحق ولا بد لدين الله من الظهور على الدين كلّه ولكن الناس لا يعلمون .

من ظلال هجرة النبي الهادي أن نكون حملة دعوة حقيقيين لا محمولين على الدعوة ، لابد لنا من العمل الدؤوب المستمر بلا انقطاع في طلب النصرة ، وفي هداية الأمة فالهجرة لم تأت بعد يوم أو سنة أو سنتني من البعثة ، بل جاءت بعد ثلاثة عشر عاما بقي فيها النبي يتلقى صنافا وألوانا من العذاب هو وصحبه الطيبين الطاهرين من السابقين الأولين ، فمنهم من عذّب بالحديد ومنهم من عذّب برمال الصحراء الملتهبة ومنهم من شج رأسه ومنهم من قضى نحبه ، لم يرتدّوا ولم يقنطوا ولم يتوانوا عن النصرة وحمل الرسالة ، فلنكن أهلا لحمل الرسالة لنواصل المسير ولنكن كما كانوا فعلي كرّم الله وجهه افتدى رسول الله بنفسه حين بات في فراشه ليلة الانعتاق من مجتمع مكة ، فكان حامل دعوة ، كان صلبا لا ينكسر ولا تلين له قناة ، كما أن صهيبا باع دنياه واشترى دينه من الله فقال له النبي صلوات الله وسلاهمه عليه وعلى آله "ربح البيع أبا يحيى" وابن الخطّاب وقف مجاهرا قومه فقال "من أراد أن ييتم ولده أو تثكله أمه أو يرمل زوجه فليلحق بي خلف هذا الوادي" كانوا حملة رسالة فضحوا بالنفس والمال ووقفوا صناديد ترتعد من شجاعتهم فرائص القوم ، لنتشبّه بهم ولنكن كما كانوا حملة دعوة حقيقيين وبالله المستعان على العدو ومن خالف النهج والطريق .

إن مما تحقق في هجرة النبي الأكرم هو بناء الدولة من أول يوم حطّت في الرحال في يثرب التي غدت مدينة الرسول المنوّرة إن أول الأعمال كانت بناء البيت ، بناء المسجد في دلالة رائعة على أن صلاح بيوت الله هو صلاح الأمة وأن هذه البيوت وضعت لرسالة سامية هي بيت انعقاد البيعة وبيت تسيير الجيوش وتزويج الرعية ومناقشة شؤون المسلمين هي بيوت الله في الأرض ورسالتها تتجاوز مجرد انعقاد صلاة الجماعة ، إن رسالة المساجد اختفت في ظلام الرأسمالية وظلام حكام الطغوة والفجور فباتت المساجد تحتاج لتذاكر دخول وخروج وباتت تفتح أبوابها في أوقات محددة من اليوم والليلة لا تتجاوز الساعتين لا تقام فيها إلا الصلوات ويحرم فيها مناقشة شؤون الأمة عياذا بالله ، فلنستعد لإعادة الرسالة إلى المساجد ولنعمرها بعمارة الحق ولنتخذها منابر وحقول دعوة نعيد لها نضارتها وطرقها الذي اختاره الله لها .

في ظلال الهجرة النبوية نتذكر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ، هو درس لكل المسلمين في كل الأرض بأن الإسلام رابطة الأخوة ، فلا الدم ولا الوطن ولا الأرض ولا القومية ولا العرق من يوحد البشر إنما العقيدة هي التي تفعل الأعاجيب في صهر كل الألوان وكل الأعراق وكل الأجناس وكل الدماء فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ، يا حملة الدعوة لا تكونوا دعاة عصبية جاهلية بل كونوا دعاة حق وعقيدة أعلم أنكم أقدر الناس على فهم هذه الفقرة ولكن للتذكير فإن الذكرى تنفع المؤمنين ، فالمسلمون اليوم تفرقهم حدود الاستعمار تفصل بينهم العرقيات التي دسّها الاستعمار بينهم لا يعون حتى الان الخطر المحدق بهم فالواجب علينا أن نذكر بهذا الواجب العظيم واجب الرباط الرباني بين البشر إنه رابط العقيدة وما سواه كذب وافتراء فالفارسي سلمان والرومي صهيب والحبشي بلال والعربي محمد كانوا إخوة متحدين مترابطين برابطة العقيدة الاسلامية بينما كان محمد وأبولهب وأبوجهل وأمية أعداء رغم ما كان بينهم من صلة قرابة ودم ، الإسلام يجمعنا ولا يفرقنا الإسلام يوحدنا ويجمع رايتنا وكلمتنا فلنكن مسلمين متحدين مترابطين برابطة العقيدة .

في ظلال الهجرة لا بد لنا أن نذكر بأن الدولة الإسلامية رأت النور عقب الوصول إلى المدينة فبناء المسجد والمؤاخاة وكتابة وثيقة العهد لأهل المدينة كانت الخطوات العملية لبناء الدولة الإسلامية الأولى التي حملت رسالة الاسلام للعالم واستظل العالم بها عقودا وقرونا طويلة كانت الدولة فيها صاحبة السيادة وموضع الريادة وكانت من قدمت الحضارة الانسانية للعالم بأبهى صورها وأهى أشكالها كانت متقدمة يوم تخلف الغرب وكانت سائدة يوم تقوقع الغرب وكانت منتصرة يوم انهزم الغرب كانت تقدم للعالم الدروس في بناء المجتمعات وايجاد الحلول والمعالجات لما يعتري البشرية من مشاكل كانت دولة رعاية شؤون للبشرية كلها ولم تميّز بين مسلم وغير مسلم من الذين قبلوا بسلطانها عليهم فعاش غير المسلمين آمنين مطمئنين لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ، إن الغرب اليوم عندما يتشدّق بحماية الأقليات عليه أن يعلم بأن الأقباط في مصر والمسيحيين في سوريا ولبنان والدروز في ديارنا وكل الأقليات الموجودة لتتحسّر قبل المسلمين على فقدان الرعاية الحقة وتفتقد للدولة الاسلامية التي أظلتهم وآمنتهم وحافظت على العهود لهم وبهم ، يا حملة الدعوة المخلصين الله الله في أمتكم فهي بانتظاركم لنصب الجهود في بوتقة واحدة وبوصلة واحدة نحو ايجاد الدولة الإسلامية من جديد لا يضرنا من خالفنا ولا نستعدي من خذلنا فيقيننا على الله بالاجابة نعمل ما علينا ونبذل الوسع في طلب الغاية ولا نألو جهدا في طلب الهدف المنشود وعلى الله الإجابة والنصرة .

هذا ما رأيته وأحببت مشاركتكم فيه والله نسأل أن يعيد علينا الذكرى وقد توحدت كلمة المسلمين ورايتهم وأعز الله المسلمين بعز إسلامهم إنه القوي العزيز بارك الله لكم في ظلال الهجرة النبوية وكل عام وأنتم إلى الله أقرب ومن تحقيق غاية الدولة أعز وأمكن والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ابوعبدالرحمن حمزة
25-11-2011, 02:54 PM
امين
وبارك الله بك

بوفيصيل
26-11-2011, 01:35 AM
جزاك الله خير اخي سيفي

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ